برلمان تركيا يدرس قانون لنشر قوات تركية في ليبيا

أعلن متحدث باسم الرئاسة التركية، اليوم الثلاثاء، أن برلمان بلاده يعكف حاليًا على إعداد مشروع قانون يتيح نشر قوات في ليبيا.

وقال إبراهيم كالين، في أنقرة بعد اجتماع لمجلس الوزراء، إن تركيا ستواصل تقديم الدعم اللازم لحكومة فائز السراج، التي مقرها طرابلس.

وتابع: ”ربما تكون هناك حاجة لمشروع قانون يتيح نشر قوات في ليبيا، والبرلمان يعمل على ذلك“.

وأضاف ”سنستمر في دعم حكومة الوفاق. هذا الدعم قد يكون على شكل تدريبات عسكرية أو في مجالات أخرى مثل الدعم السياسي“.

وذكر تقرير لخبراء من الأمم المتحدة الشهر الماضي أن تركيا أرسلت بالفعل إمدادات عسكرية لحكومة السراج، رغم حظر تفرضه الأمم المتحدة على إرسال أسلحة لليبيا.

وكان اتفاق وقع نهاية الشهر الماضي بين تركيا وحكومة الوفاق قد أثار موجة استياء واسعة من دول إقليمية، انتقدت بشدة سعي أنقرة للتوسع عبر المتوسط من خلال هذا الاتفاق الذي وُصف بالغامض.

وفي أعقاب ذلك نسبت وسائل إعلام إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إنه يعتزم إرسال جنود أتراك إلى ليبيا، إذا طلبت حكومة الوفاق هذا الأمر من أنقرة.

طبيعة الدعم العسكري التركي

تواردت أنباء أن تركيا ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس، حال طلبت حكومة الوفاق إرسال قوات تركية إلى الغرب الليبي بحلول 20 فبراير/شباط المقبل.

وفي هذا السياق، قال مصدر خاص من دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية إن أنقرة لن تنشئ قاعدة عسكرية في غرب ليبيا، ولن تنشر قوات كبيرة هناك على المدى المنظور، لأن هذه الخطوة تصعيد كبير مع الولايات المتحدة وروسيا، خاصة في ظل وجود المرتزقة الروس التابعين لشركة “فاغنر” في ليبيا، والتي تقدم الدعم لقوات خليفة حفتر، فضلا عن الدعم العسكري المصري والإماراتي.

وأضاف “لدينا خلافات مع واشنطن وموسكو في سوريا، ولا نريد أن نفتح جبهة جديدة معهما في ليبيا”.

وكشف المصدر أن الوفد التركي الذي يزور روسيا سيسعى للاتفاق مع المسؤولين الروس على منع قوات حفتر من الهجوم على طرابلس، وإفشال المخطط المصري الإماراتي للسيطرة على الغرب الليبي، إضافة إلى فسح المجال أمام السفن التركية للتنقيب عن الغاز شرق المتوسط.

وشدد المصدر في رئاسة الجمهورية على أن تركيا سترسل مستشارين عسكريين ومعدات وأسلحة دفاع جوي متطورة وأعدادا قليلة من القوات إلى ليبيا، كما يجري الآن دراسة إرسال بوارج من السلاح البحري للمياه الإقليمية الليبية، تجنبا لخسارة حكومة الوفاق طرابلس بالحد الأدنى.

 

وأشار إلى أنه في حال تدخلت مصر أو الإمارات عسكريا لحسم الأمر على الأرض في ليبيا، فستشارك قوات خاصة تركية مع معونات متقدمة لصد هذا التدخل.

الوجود العسكري التركي في ليبيا

تقول الصحافة التركية باستمرار إن قاعدة “الخادم” في الشرق الليبي تسيطر عليها دولة الإمارات وتديرها عصابات أمنية لصالح حفتر، وقد تحولت قاعدة “محمد نجيب” في الصحراء الغربية بمصر إلى قاعدة إمداد، ورغم ذلك هناك تجاهل دولي لهذه التدخلات، وحين يلوح بتواجد عسكري داعم للحكومة نجد اهتماما دوليا، وهذا هو الكيل بمكيالين.

من جهتها، ذكرت صحيفة “جمهوريت” التركية أن ستمئة من عناصر الجيش الليبي التابع لحكومة فائز السراج موجودون حاليا في تركيا لتلقي العلاج بعد إصابتهم في الاشتباكات بليبيا، مضيفة أن هذه العناصر تتلقى العلاج في مستشفيات تحت إشراف الحكومة التركية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المصابين الليبيين أن “الحرب ثقيلة جدا في ليبيا، والعديد من الناس يفقدون حياتهم، وهناك كثير من الجرحى، وقد وصلنا إلى تركيا من أجل العلاج بواسطة القنصلية الليبية في إسطنبول”.

ويرى مراقبون مقربون من الحكومة التركية أن الوجود العسكري التركي في ليبيا يعزز نفوذها وموقفها أمام روسيا، ويحقق نوعا من توازن القوى في المنطقة. مشيرين إلى أن مثل هذا التدخل ربما يكون فرصة لتسوية الوضع في ليبيا وإنهاء حرب بالوكالة، عن طريق الاتفاق بين أنقرة وموسكو، على غرار اتفاقهما بشأن سوريا.

 

وهو بالفعل ما أشار إليه أردوغان في كلمته التلفزيونية، إذ قال إنه لا يريد “ملفا سوريا جديدا مع روسيا”، مضيفا أنه يتوقع “مراجعة روسيا لموقفها من حفتر بسبب غياب أي جانب قانوني في موقفه، فحفتر غير شرعي، وأي دعم له سيظل في هذا السياق من غياب الشرعية”.

أسباب وتوازنات

من جهته، قال الكاتب الصحفي التركي طه عودة أوغلو إن “ليبيا ستشهد تعاونا عسكريا تركيا بما يسمح بخلق توازن وصد العدوان على طرابلس، ومنعها من السقوط في أيدي القوى المهاجمة، وهذا التوازن سيكون بمباركة من القوى العظمى خاصة روسيا وبغض طرف من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه إقناع الأطراف أنه لا حسم ولا حل عسكريا، وأن السبيل الوحيد هو طاولة المفاوضات واستئناف العملية السياسية”.

 

وأرجع عودة أوغلو الأسباب التي تجعل تركيا لا ترسل قوات عسكرية كبيرة، إلى اختلاف التدخل في ليبيا عن عملياتها العسكرية في سوريا من حيث الحدود الجغرافية البرية وتأمين القوات ومدى توحد الجبهة التركية الداخلية خلفها، فضلا عن التحديات القانونية والسياسية لمذكرة التفاهم بين الدولتين.

ولفت الكاتب التركي إلى أن مستوى دعم أنقرة مرشح للتغير بالتوازي مع التطورات السياسية والميدانية في ليبيا.