محتويات هذا المقال ☟
قال جنرال إسرائيلي إن “الجيش الإسرائيلي ما زال غير جاهز للحرب القادمة، وإن الصدمة النفسية التي عاشتها إسرائيل عقب حرب 1973 لن تساوي شيئا أمام صدمة الحرب القادمة، رغم أن هذه التصريحات أثارت علي القيادة العسكرية في الجيش، إلى الدرجة التي بات يعتبرني فيها العدو الأول للمنظومة الأمنية والعسكرية”.
وأضاف يتسحاق بريك الرئيس السابق لشعبة شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي، في حوار مطول مع صحيفة مكور ريشون، ترجمته “عربي21” أن “استخلاصاتي القاسية هذه جاءت بعد تحقيقات مستمرة تواصلت لمدة عقد كامل، رغم أن ما أعلنته تسبب بغضب هيئة الأركان، واستفزاز قائد الجيش، وتلقيه جملة انتقادات وهجمات غير مسبوقة، لكني لم أتنازل قيد أنملة عن تقييماتي المهنية”.
“فقدان السيطرة”
وبريك يحوز خبرة عسكرية طويلة، فقد كان قائد الدبابات في حرب 1967، وخاض معركة الكرامة في 1968، وتلقت كتيبته ضربات مؤلمة في حرب 1973، وانخرط في حرب لبنان الأولى 1982.
يقول بريك: “خلال عقد كامل تنقلت بين أكثر من 1600 جولة في وحدات الجيش المختلفة: الجوية والبرية والبحرية، وأسفرت جولاتي الميدانية هذه عن استخلاصات مقلقة”.
وشرح قائلا: “رأيت انكسارا واضحا في القضايا اللوجستية والتكنولوجية والبنية التحتية والعملياتية، والقيم القتالية في الجيش الإسرائيلي تشق طريقها نحو التدمير، رغم أن هناك من يتهمني بالمبالغة، لكن الجيش يتم تهيئته لمواجهة جبهتين قتاليتين فقط، ولا يأخذ بعين الاعتبار أي تغيرات متوقعة في الشرق الأوسط، فالسوريون قد يعودون للواجهة، والمصريون قد ينقلبون علينا، أين الكابينت، وأين لجنة الخارجية والأمن”.
وأكد أن “الثقافة العسكرية اليوم في الجيش الإسرائيلي قائمة على التواصل عبر البريد الالكتروني والجوالات الذكية، وهذا أمر يجب التحذير منه، لأنه في المستقبل البعيد سيجعلك تفقد السيطرة على باقي أركان الجيش، اليوم الهواتف الذكية موجودة في كل المواقع العسكرية، في الدروس والمحاضرات والتدريبات بالنار الحية والمواقع العسكرية”.
وأشار أن “حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014، شهدت إدخال مئات الهواتف الذكية مع الجنود في قلب العملية العسكرية، بما يخالف التعليمات العسكرية، ولذلك فإن الجيش مطالب بإصلاح الأخطاء والثغرات، مراقب وزارة الدفاع أصدر في العامين الأخيرين أربعة تقارير عن أربعة مفاصل في الجيش ليست جاهزة للحرب، والفضيحة اليوم أن القيادة العسكرية العليا في الجيش لا تقرأ هذه التقارير”.
تردي القيم القتالية
وزاد قائلا أن “مكتب رئيس هيئة الأركان ونائبه وباقي الجنرالات لا يقرأون، ولا تجري جلسات نقاش لتقييم هذه التقارير، بل إن القيادة العسكرية العليا تتجاهل التقارير التي تتحدث عن عدم جاهزية الجيش للحرب، رغم وجود بعض المظاهر الغريبة عن الجيش الإسرائيلي، مثل عدم إجراء فحص دوري للسلاح، وإنهاء التدريبات دون أن ينظفون أسلحتهم، لا يعقل أن يحصل شيء كهذا في الجيش”.
وأوضح أن “هناك تقليصات متلاحقة في قوات الجيش الإسرائيلي، ومعداته اللوجستية، وهذا يتسبب بإخفاقات كبيرة في التدريبات، لأن الجيش في هذه الحالة سيتدرب على شيء فارغ، نحن نجد أنفسنا اليوم أمام أحد الأزمات الكبيرة في تاريخ الدولة والجيش الإسرائيلي منذ تأسيسه، خلال عامين لن تكون لدينا قدرة على حيازة الوسائل القتالية في مخازن الطوارئ، فالتقليصات ساهمت بالإضرار بهذه المسألة على وجه الخصوص”.
وأشار أننا “فقدنا القاعدة المهنية في القتال، والقدرة على التنفيذ، يحدث لدينا اليوم شيء خطير، هناك أمر لا يعلم به الرأي العام الإسرائيلي، وهو تراجع القابلية لدى الإسرائيليين للانخراط في الوحدات القتالية في الخدمة العسكرية بنسبة 14%، حيث كانت في السابق 78% واليوم 64%”، في السنوات الأخيرة نشأ وضع من نقص أعداد الجنود الذين يمتلكون القابلية للعمل في الوحدات القتالية، وهذا مس خطير بالجيش النظامي”.
وأضاف أن “لدينا مشكلة أكبر في جيش الاحتياط، وهجرة تدريجية لمئات الضباط النوعيين من الخدمة الدائمة بسبب انعدام حالة اليقين من كفاءة الجيش، واليوم هناك تقليصات في موازنة الجيش من جهة، وتفكير بتقليل مدة الخدمة النظامية إلى عامين ونصف، هذه ضربة كبيرة للجيش، الذي يجد نفسه في أزمة عملياتية، وسيجد نفسه عاجزا عن القيام بواجبه لحفظ أمن الدولة”.
وتنبأ أن “الصدمة النفسية التي رافقت إسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973 قد تتكرر في الحرب القادمة، وحينها ستكون أضعافا مضاعفة، لأنه بعد حرب لبنان الثانية 2006 تولدت قناعة لدى القيادة العسكرية الاسرائيلية مفادها أنه لن تنشب حروب كبيرة بعد اليوم، وهذا أمر بحاجة إلى نقاش وتوقف”.
مصر وسوريا
وشرح قائلا أن “مصر تعيش حالة سلام مع إسرائيل، رغم أن الجيش المصري يعيد بناء قوته ليكون الأكبر في الشرق الأوسط، لكنهم في إسرائيل لا يتطرقون له إطلاقا، ومع الأردن نعيش بسلام، والسوريون لا يفكرون بإسرائيل أبدا، هذه القناعات الغريبة في أوساط الجيش الإسرائيلي تجعلهم يسارعون في تقرير حقيقة مفادها أنه لا يوجد تهديد وجودي على اسرائيل، ولا حروب تقليدية واسعة”.
وأكد أن “الانطباع السائد في القيادة الإسرائيلية أن ما يوجد فقط أمامنا هي عمليات مسلحة في غزة ولبنان، إذن تعالوا نبني جيشا يتصدى فقط لهاتين الجبهتين، لأن سلاح البر والجو يستطيعان مهاجمة حماس في غزة وحزب الله في لبنان، مع أن الفهم السائد في الجيش يبدي اعتقاده أن سلاح الجو لا يستطيع وقف أي هجوم خارجي، إلا من خلال الاستعانة بسلاح المشاة، وفي حال هاجمنا جبهة واحدة، فإن الجبهة الثانية قد تهاجمنا”.
وأضاف أن “اللافت ان إسرائيل تبني جيشها دون الأخذ بعين الاعتبار أي تغييرات محتملة في الشرق الأوسط، مع ان الطريقة المثلى لبناء الجيوش يجب ان تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المحتملة لثلاثين سنة قادمة، فربما سوريا تعود للواجهة، وقد ينقلب المشهد في مصر، تعالوا نتوقع سيناريو أكثر سوء يتمثل في عودة السوريين إلى المواجهة، والإيرانيون من خلفهم، والضفة الغربية لم تعد مستقرة، وفجأة يجد الجيش نفسه أمام أربع جبهات”.
وأوضح أن “البيئة المحيطة بإسرائيل توجد منظومات صاروخية ثقيلة العيار تقدر بمائتي ألف صاروخ، والخبراء العسكريون يتحدثون عن سقوط 1500-2000 صاروخ يوميا على إسرائيل، هذا يعني سقوط 500-600 كغم من المتفجرات بمديات بعيدة، وليس بالضرورة أن تكون دقيقة”.
التهديد الوجودي
وأشار أن “صاروخا واحدا يسقط في تل أبيب من شأنه ان يحدث دمارا كبيرا، مع قتلى إسرائيليين، ووقف هذا الدمار يبدو صعبا جدا، القبة الحديدية معدة للصواريخ الصغيرة، أنت تريد قبة حديدية تشمل كل أرجاء إسرائيل، وهي ليست بحوزتنا اليوم، ليس هناك من حلول للصواريخ الثقيلة والكبيرة، مع أن لدينا منظومة حيتس ومقلاع داوود للصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى”.
وختم بالقول أن “كل صاروخ حيتس يكلفنا ثلاثة ملايين دولار، ولا تملك إسرائيل بنية تحتية اقتصادية تؤهلها لدفع كل هذه التكاليف المالية، لذلك نحن نريد إجابة استراتيجية أمام هذه التهديدات، وهي غير متوفرة حتى الآن”.
وتهكم الجنرال عمن يهدد من الإسرائيليين بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، قائلا:” وماذا لو استطاع اللبنانيون بصواريخهم إعادة تل أبيب إلى ذات العصر، التهديد الوجودي لا يعني أن يتم احتلال إسرائيل، يجب النظر من زاوية أخرى نهائيا، فحين تسقط آلاف الصواريخ في قلب إسرائيل، وتتسبب بسقوط قتلى بأعداد غير مسبوقة، وأضرار اقتصادية، ودمار نهائي، ماذا سيتبقى للإسرائيليين كي يواصلوا الحياة هنا”.
وأشار أن “الصدمة النفسية التي عشناها في حرب أكتوبر 1973، ستكون مثل جنة عدن مقابل الصدمة التي سنعيشها في الحرب المقبلة، سنكون أمام مشهد من الانكسار الكامل، وهذا ما سيتسبب بدمار للدولة، هناك أمر يجب القيام به”.