الرئيس الألماني يطلب الصفح من البولنديين على جرائم النازية

طلب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الصفح من البولنديين الذين سقطوا ضحايا لجرائم فظيعة ارتكبها الجيش الألماني، أثناء الحرب العالمية الثانية.

وجاء طلب شتاينماير أثناء خطاب ألقاه اليوم الأحد بمدينة فيلون البولندية الصغيرة التي ألقيت عليها أولى قنابل الحرب العالمية الثانية سنة 1939.

وقال شتاينماير باللغة الألمانية بحضور نظيره البولندي، أندريه دودا: “أنحني لضحايا هجوم فيلون… وضحايا الطغيان الألماني على البولنديين الذين أطلب الصفح منهم”.

وكان شتاينماير قد وصل إلى بولندا والعديد من رؤساء الدول والحكومات لإحياء الذكرى الـ80 لضحايا الحرب العالمية الثانية.

وبدأت المراسم عند الساعة 04:40 من فجر اليوم، وهو نفس التوقيت الذي أسقطت فيه أولى قنابل الحرب العالمية الثانية على مدينة آمنة لم تكن تشكل أي أهمية عسكرية وقتها، ما أسفر عن مقتل ألف و200 شخص.

جرائم الالمان ضد بولندا في الحرب العالمية الثانية

ارتكبت ألمانيا النازية والقوات المُحالفة جرائم ضد الأمة البولندية خلال غزو بولندا، جنبًا إلى جنب مع الكتائب المساعدة خلال فترة احتلال بولندا اللاحق في الحرب العالمية الثانية. تضمن ذلك قتل الملايين (غير اليهود) من ذوي الأصول البولونية، والإبادة المنهجية للبولنديين اليهود، وقد برر الألمان هذه الإبادة الجماعية بالاعتماد على النظرية العنصرية النازية، التي صوّرت اليهود كتهديد دائم، واعتبرت أن البولنديين وغيرهم من الشعوب السلافية (الصقالبة) من الأعراق الدنيا (أونترمينشن).

بحلول عام 1942 كان النازيون ينفذون خطتهم لقتل كل يهودي في الأجزاء التي تحتلها ألمانيا من أوروبا، كما وضعوا خططًا آنذاك للقضاء على الشعب البولندي، من خلال القتل الجماعي، والتطهير العرقي، والاستعباد، ولم يختاروا سوى أقلية صغيرة من البولنديين لدمجهم في الهوية الألمانية باعتبارهم قيّمين عرقيًا.

خلال الحرب العالمية الثانية، لم يقتل الألمان ملايين البولنديين من اليهود وغير اليهود فحسب، بل قاموا أيضًا بالتطهير العرقي للملايين من ذوي الأصول البولونية عبر الترحيل القسري، لإفساح المجال للمستوطنين الألمان المتفوقين عرقيًا.

أودت عمليات الإبادة الجماعية بحياة 2.7-2.9 مليون يهودي بولندي، و 1.8-2.77 مليون بولندي غير يهودي، وذلك وفقًا لمعهد إحياء الذكرى الوطني (IPN) التابع للحكومة البولندية وبحسب عدة أكاديميين، كما يشهد على سياسات الإبادة الجماعية الموجهة ضد البولنديين، أعداد القتلى هذه الكبيرة جدًا، وغياب وجود عدد وفيات هام للمدنيين غير اليهود في البلدان المحتلة “المتفوقة عرقيًا” مثل الدنمارك وفرنسا.

كانت سياسات الإبادة الجماعية لخطة الحكومة الألمانية الرئيسية لاستعمار الشرق (جنرالبلان أوست)، هي منطلق جرائم الحرب التي ارتكبتها ألمانيا ضد الأمة البولندية وضد الإنسانية في الأعوام 1939-1945، حيث اقتضت الخطط النازية الطرد والإبادة الجماعية لنحو 85% (أكثر من 20 مليونًا) من مواطني بولندا ذوي الإثنية البولندية، مع إجبار الـ 15% المتبقية على العمل القسري (استعباد).

عُهِد إلى معهد إحياء الذاكرة الوطني مهمة نشر المعرفة حول جرائم الحرب العالمية الثانية التي ارتكبتها النازية والستالينية في بولندا بموجب قانون للبرلمان البولندي صدر عام 2000. كانت قد شُكِّلَت هذه الهيئة في وارسو قبل عامين من ذلك.

اعتزمت ألمانيا منذ بداية الحرب ضد بولندا تحقيق خطة أدولف هتلر المنصوص عليها في كتابه “كفاحي”، وذلك لإيجاد مساحة معيشية (ليبنسراوم) للمستوطنين الألمان في الشرق، حيث جمعت خطة هتلر بين الإمبريالية الكلاسيكية والإيديولوجية العرقية النازية، وفي 22 آب/أغسطس 1939، أعطى هتلر -قبيل غزو بولندا- إذنًا صريحًا لقادة جيشه بقتل كل الرجال، والنساء، والأطفال ذوي الأصول البولندية أو المتحدثين باللغة البولندية.

كان التطهير العرقي يتم بشكل منهجي ضد الشعب البولندي، فقد صرّح راينهارد هايدريش في 7 أيلول/سبتمبر 1939 أن جميع النبلاء ورجال الدين واليهود البولنديين سيقتلون، كما أضاف فيلهلم كايتل في 12 أيلول/سبتمبر المفكرين البولنديين إلى القائمة، وفي 15 آذار/مارس 1940، أعلن هاينريش هيملر رئيس وحدات إس إس (شوتزشتافل ): «سيتم استغلال جميع المتخصصين البولنديين في مجمعنا الصناعي العسكري، ولاحقًا سيختفي جميع البولنديين من هذا العالم. من الضروري أن تعتبر الأمة الألمانية العظيمة القضاء على جميع الشعب البولندي مهمتها الرئيسية»، وفي نهاية عام 1940، صدّق هتلر على خطة تصفية “جميع العناصر الرائدة في بولندا”

خسائر الحرب العالمية الثانية

كانت الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات العسكرية دموية على مر التاريخ والذي قُدّر إجمالي عدد ضحاياها بأكثر من 60 مليون قتيل مثلوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي كما توضح الجداول أدناه الخسائر البشرية التي عانتها لكل دولة من دول العالم على حدى.

ختلف التقديرات النهائية لإجمالي عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية وإن تراوحت جميعها بين 50 مليون إلى أكثر من 10 مليون في حين تشير المصادر الموجودة بهذا المقال إلى أن إجمالي عدد الضحايا يتراوح ما بين 62 وحتى 78 مليون قتيل مما يجعل الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات العسكرية دموية على مر التاريخ بحسب لإجمالي عدد القتلى وليس بنسبة القتلى من إجمالي عدد السكان.

كما يتم إعطاء نطاق محدد للضحايا وذلك عند اختلاف المصادر العلمية في تحديد عدد قاطع للضحايا في أي بلد كان مما يلفت نظر القارئ إلى أن الأعداد المذكورة لا تزال محل شك، ومع ذلك فإن أعداد الضحايا من المدنيين تتراوح ما بين 40 وحتى 52 مليون نسمة؛ 13 وحتى 20 مليون منهم لقوا حتفهم نتيجة أمراض أو مجاعات ذات علاقة مباشر بالحرب في حين تراوحت الخسائر في صفوف العسكريين ما بين 22 وحتى 25 مليون فرد بما في ذلك قرابة 5 ملايين أسير ماتوا في الأسر أثناء الحرب.