محتويات هذا المقال ☟
كشفت مجلة (دير شبيغل) الألمانية، هذا الأسبوع، أنّ السبب الرئيسي الذي يقف خلف محاولة إيران إعدام عدد من نشطاء البيئة، هو اكتشافهم لمركز سري للصواريخ بعيدة المدى والمتطورة للحرس الثوري، في محميات بيئية.
وأوضحت المجلة الأسبوعية، في تقرير لها اطلعت عليه (جيرون)، أنّ هؤلاء النشطاء اكتشفوا مركزًا سريًا تابعًا للحرس الثوري، في محمية “خارتوران” الوطنية الطبيعية الواقعة شرقي محافظة سمنان، شمال شرق إيران.
ووفقًا لصور الأقمار الصناعية، بيّنت الصحيفةأنّ الحرس الثوري، الذي تصنفه أميركا بكامل تشكيلاته (منظمة إرهابية)، “يعمل منذ سنوات عديدة على تطوير صواريخ بعيدة المدى، في منشآت بناها داخل هذه المحمية الطبيعية، بهدف إبعاد أنظار أجهزة التجسس الغربية عنها”. وأضافت المجلة أنّ “أحدث الصور التي التقطت بالأقمار الصناعية تظهر تزايدًا كبيرًا في عدد المباني والأنشطة في هذا المركز السري، خلال الفترات الأخيرة”. والحرس الثوري هو المسؤول عن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وبرنامجها النووي.
وينتهك نظام الملالي في طهران، من خلال قيامه بالتجارب الصاروخية، الاتفاقيات الدولية التي تمنعه من ذلك، حيث يشدد المسؤولون الإيرانيون على أنّ برنامجهم الصاروخي غير قابل للتفاوض، وأنه جزء من السيادة الوطني. وطالب قرار للأمم المتحدة عام 2015 طهران، بالإحجام لثماني سنوات عن تطوير الصواريخ الباليستية المصممة لحمل أسلحة نووية، وذلك في أعقاب اتفاق مع ست قوى عالمية.
ولطالما اعتمدت الأمم المتحدة على سلسلة إرشادات بخصوص التكنولوجيا الصاروخية الحساسة، التي وضعتها مجموعة من 34 بلدًا معروفة باسم “نظام تقييد التكنولوجيا الصاروخية”، بغية فرض قيود لتصدير أيّ معدات تُستخدَم للأسلحة النووية أو أيًّا من أسلحة الدمار الشامل، وطبقًا للنظام فإنّ أيّ صاروخ باليستي يصل مداه إلى أكثر من 300 كيلومتر، وحمولة أكثر من 500 كيلوغرام، هو صاروخ قادر على حمل رأس نووي.
ووفقًا لتقديرات الخبراء العسكريين الغربيين، فإنّ البرنامج الصاروخي الإيراني المُتسارع والمُتنامي يُشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، وسببًا للقلق لدى دول الجوار القريبة والبعيدة على حد سواء، وقد أعادت الدوائر الدبلوماسية والاستخباراتية الغربية عمومًا والأميركية خصوصًا، التركيز على الخطر الإيراني وتداولت معلومات مثيرة للقلق حول القدرات التسليحية غير التقليدية الإيرانية، التي تنطوي على امتلاك تكنولوجيا الصواريخ البعيدة المدى، إلى جانب التحكم في المواد الانشطارية التي يستلزمها إنتاج القنبلة النووية.
تكذيب استخبارات الحرس الثوري
قالت الصحيفة إنّ السلطات الإيرانية اعتقلت، منذ أكثر من عام ونصف، ثمانية من نشطاء البيئة، واتهمت ما يسمّى “محكمة الثورة الإسلامية” أربعة منهم بـ “الإفساد في الأرض”، وهي التهمة التي تترتب عليها عقوبة الإعدام في إيران، ووجهت تهمتي “التجسس” و”التآمر على الأمن القومي”، للأربعة الآخرين، ويترتب على ذلك الحكم بالسجن مددًا طويلة.
وأفادت المجلة الألمانية أن النشطاء الثمانية -على العكس مما أعلنته “محكمة الثورة الإسلامية” وجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري عن التهم الموجهة لهؤلاء النشطاء- كانوا يعملون على كيفية الحفاظ على المحمية والحياة البرية فيها، بالتنسيق مع منظمة حماية البيئة الإيرانية الحكومية.
وكان رئيس كتلة البيئة في مجلس النواب الإيراني محمد رضا تابش قد أكد أنّ وزارة المخابرات الإيرانية رفضت اتّهام جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري نشطاء البيئة بالتجسس لصالح الأجانب. ومن بين هؤلاء الثمانية امرأتان، هما سبيدة كاشاني ونيلوفر بياني، اللتان أضربتا عن تناول الطعام في السجن، بسبب التعذيب والظروف القاسية للسجن. بحسب ما ذكرت مجلة (دير شبيغل).
خط أحمر في طريق مسدود
طهران كانت قد كشفت أيضًا، الثلاثاء السادس من الشهر الحالي، عن ثلاثة صواريخ موجّهة جديدة بالغة الدقة، مثبتةً بذلك أنها مستعدة للدفاع عن نفسها في مواجهة “خبث ودسائس” الولايات المتحدة، وفق قول وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي.
حاتمي دشنّ المنظومة الصاروخية الدفاعية من طراز (باور 373) البعيدة المدى، بمناسبة يوم “التصنيع العسكري” في بلاده، وكان أن دُشنت هذه المنظومة مرتين من قبل، إذ أُعلن في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2011 عن تصنيع (باور 373) بدلًا من منظومة (إس 300) التي تأخرت موسكو في تسليمها لإيران. وفي 21 آب/ أغسطس 2016 قام الرئيس الإيراني حسن روحاني بزيارة معرض لتدشين (باور 373)، وزعمت وسائل الإعلام في طهران، حينذاك، أنّ هذه المنظومة الدفاعية الصاروخية من الصنع المحلي بواسطة “منظمة الجوفضائية” لوزارة الدفاع الإيرانية.
وكانت إيران أبرمت في عام 2008 صفقة مع روسيا لاستيراد منظومة (إس 300) وتدريب عسكريين إيرانيين على استخدامها، ولم تسلم هذه المنظومة لطهران بسبب العقوبات الدولية، حيث علق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصفقة، ولكن بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، وافقت روسيا على تسليم صواريخ (إس 300) إلى طهران.
وبخصوص مواصفات (باور 373) الإيرانية الصنع، ذكرت وكالة (تسنيم) للأنباء القريبة من الحرس الثوري أنّ “منظومة (باور 373) تُعدّ أهم منظومة دفاعية صاروخية تصنع محليًا، حيث بدأ تصنيعها قبل أعوام وبإمكانها ضرب عدّة أهداف في ارتفاعات عالية”.
وقالت الرئاسة الإيرانية، في 17 من الشهر الماضي، إنه “لا تفاوض بشأن منظومتنا الدفاعية وقدراتنا الدفاعية خط أحمر”. وذلك بعد يوم من تصريحات لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، قال فيها إنّ إيران مستعدة للتفاوض حول برنامجها الصاروخي.
من جهته، أكّد المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة علي رضا مير يوسف أنّ “برنامج طهران للصواريخ الباليستية غير مطروح للتفاوض مع أيّ شخص أو أيّ دولة”.
وفي السياق، رأت صحيفة (جلوبال تايمز) الصينية، نهاية تموز/ يوليو الماضي، أنّ الإدارة الأميركية وطهران أمام طريق مسدود، فهما لا تريدان الحرب ولكن الطريق إلى المفاوضات عسير وشائك. وتستفيد إيران شأن واشنطن من هذه الحال؛ فأميركا ترتجي فائدة من الخطر الإيراني: رص صفوف الحلفاء في الشرق الأوسط والحفاظ على النفوذ الأميركي في المنطقة. أما إيران، فوقوفها في وجه أميركا وأوروبا يعزز قبضة النظام في الداخل، ويرص صفوفه ويشتت الانتباه عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة. وعلى الرغم من غياب رغبتهما في الحرب، فإنهما تسعيان إلى الحفاظ على توازن القوى في الخليج، في وقت تقف المنطقة على شفير الخطر.
المصدر : ديرشبيغل