مناورات مشتركة بين سيئول وواشنطن تغضب بيونغيانغ

تبدأ اليوم الاثنين، مناورات عسكرية مشتركة بين سيئول وواشنطن، على الرغم من تحذيرات بيونغيانغ، التي تعتبر تلك التدريبات مهددة لمفاوضات الملف النووي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.

وتأتي المناورات بعد إجراء بيونغيانغ اختبارات على مقذوفات قصيرة المدى في الأيام الماضية، اعتبرت أحدها “تحذيرا رسميا” إلى سيئول من مغبة القيام بالتمارين التي تتضمن في معظمها محاكاة على الكمبيوتر مع واشنطن.

وقال مسؤول وزاري للصحفيين “يتم الآن التحضير للقيام بتماريننا المشتركة للتحقق من قدرات (سيئول) لاستعادة زمام السيطرة العملانية المتوخاة في زمن الحرب”.

وبموجب معاهدة أمنية أمريكية كورية جنوبية، يتولى جنرال أمريكي قيادة القوات المشتركة في حال الحرب، لكن سيئول طالما سعت لعكس ذلك.

ويقول المحللون إن النشاطات العسكرية للجانبين يمكن أن ترجئ المحادثات بشأن برامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية — التي فرض عليها مجلس الأمن الدولي مجموعة من العقوبات — حتى وقت لاحق هذا العام.

وبعد سنة من التهديدات المتبادلة والتوتر المتصاعد، عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قمة تاريخية في سنغافورة العام الماضي، وقع خلالها كيم تعهدا غير واضح بالعمل نحو “نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية”.

وانتهت قمة ثانية بينهما في هانوي في شباط/ فبراير الماضي وسط خلاف حول تخفيف العقوبات والتنازلات التي على كوريا الشمالية تقديمها.

واتفق ترامب وكيم على استئناف المحادثات النووية خلال لقاء لم يكن مقررا مسبقا في المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين، لكن الحوار على مستوى فرق العمل لم يبدأ بعد.

 

العلاقات الكورية الكورية

بعد تقسيم كوريا في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى بلدين هما جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية)، سيطر النزاع الكوري والجهود المبذولة من أجل الوحدة على العلاقات بين الكوريتين.

الحرب الكورية

غزت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية في 25 يونيو، 1950، وتمكنت من اجتياح معظم البلاد. في سبتمبر 1950، تدخلت قوة الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة لحماية الجنوب، وتقدمت بسرعة إلى داخل الأراضي الكورية الشمالية.

وبينما كانت القوات الأممية تقترب من الحدود الصينية، انضمت الصين للقتال، لتتحول دفة الحرب مرة أخرى. انتهى القتال في 27 يوليو، 1953 بهدنة استعادت تقريبًا نفس الحدود السابقة بين الشمال والجنوب. رفض سينغمان ري التوقيع على الهدنة، لكنه وافق على مضض على التقيد بها.

أدت الهدنة إلى وقف رسمي لإطلاق النار لكنها لم تؤدي إلى معاهدة سلام. تأسست المنطقة الكورية منزوعة السلاح، وهي منطقة عازلة بين الجانبين، تتقاطع مع خط 38 لكنها لا تتبعه.

نزح الكثير من الناس عن موطنهم نتيجة لهذه الحرب، تقسمت أسر كثيرة بسبب الحدود التي أعيد رسمها. في 2007، قُدر أن هناك 750,000 شخص افترقوا عن أقربائهم، وأصبحت اجتماعات لم شمل الأسر المشتتة أولوية دبلوماسية.

الحرب الباردة

أصبح التنافس بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية عنصرًا أساسيًّا في عملية اتخاذ القرار في الدولتين. على سبيل المثال، إنشاء مترو بيونغيانغ حفز إنشاء مترو في سيئول.

تصاعدت التوترات في أواخر عقد 1960 في سلسلة من الاشتباكات المسلحة منخفضة المستوى، عُرفت باسم نزاع المنطقة الكورية منزوعة السلاح. في هذه الفترة، شنت كوريا الجنوبية عدة غارات سرية على الشمال. وفي 21 يناير، 1968، هاجمت فرقة مغاوير كورية شمالية القصر الرئاسي في كوريا الجنوبية والمسمى بالبيت الأزرق. كذلك وقع اختطاف لطائرات ركاب جنوبية في 11 ديسمبر، 1969.

خلال التحضيرات لزيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى الصين في 1972، شرع الرئيس الكوري الجنوبي بارك تشانغ-هي في الاتصال سرًّا بالرئيس الشمالي كم إل سونغ. في أغسطس 1971، عُقدت أولى محادثات الصليب الأحمر بين الكوريتين. كان العديد من المشاركين إما مسؤولين في الحزب أو المخابرات.

في مايو 1972، قابل لي هو-راك، مدير المخابرات المركزية الكورية، كم إل سونغ في بيونغيانغ. واعتذر كم إل سونغ على الغارة على البيت الأزرق، منكرًا موافقته عليها. وفي المقابل، زار النائب باك سونغ-تشول سيئول سرًّا. صدر البيان الكوري الجنوبي-الشمالي في 4 يوليو، 1972.

أعلن البيان المبادئ الثلاثة لإعادة التوحيد: أولًا: يجب حل قضية التوحيد باستقلالية دون تدخل أو اعتماد على القوى الأجنبية؛ ثانيًا: يجب تحقيق إعادة التوحيد بسلمية دون استخدام القوى المسلحة؛ وأخيرًا، إعادة التوحيد تتجاوز الاختلافات الأيديولوجية والمؤسساتية من أجل تعزيز توحيد كوريا كمجموعة إثنية واحدة. أدى هذا الإعلان أيضًا إلى إنشاء أول خط ساخن بين الجانبين.

علَّقت كوريا الشمالية المحادثات في 1973 بعد اختطاف زعيم المعارضة الكوري الجنوبي كم داي-يونغ على يد المخابرات المركزية الكورية. إلا أن المحادثات عادت مرة أخرى، وبين 1973 و1975 اجتمعت لجنة التنسيق الجنوبية-الشمالية 10 مرات في بانمونجوم.

في نهاية عقد السبعينيات، قدَّم الرئيس الأمريكي جيمي كارتر مقترحًا لإحلال السلام في كوريا، إلا أن خططه لم تثمر النتيجة المرجوة نتيجة للاعتراض المثار على مقترحه الذي تضمن سحب القوات.

في 1983، قدَّمت كوريا الشمالية مقترحًا لإجراء محادثات ثلاثية مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وهو ما توازى مع محاولة اغتيال الرئيس الكوري الجنوبي. لم يفسَر هذا السلوك المتعارض قط.

في سبتمبر 1984، أرسل الصليب الأحمر الكوري الشمالي إمدادات طوارئ للجنوب بعد فيضانات هائلة. تواصلت المحادثات في اجتماعات لم الشمل الأولى للأسر المفرقة في 1985، بالإضافة إلى سلسلة من التبادلات الثقافية. إلا أن الأجواء توترت على أثر التدريبات العسكرية الأمريكية الكورية المشتركة في 1986.