صادق مجلس الأمن الاتحادي في ألمانيا المعني بقرارات صادرات السلاح على توريد أسلحة مجددا للسعودية بعد أقل من أسبوعين من تخفيف حظر تصدير المعدات العسكرية لأكبر مصدر للنفط في العالم.
ووقفت وراء التراجع الألماني عن قرار الحظر ضغوط داخلية وأوروبية على برلين فضلا عن اعتبارات اقتصادية تتعلّق بالتنافس الشرس على أسواق السلاح العالمية.
وذكر وزير الاقتصاد بيتر ألتماير في خطاب للجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الألماني (بوندستاغ)، أن الصفقة تتعلق بتكنولوجيا تصنيع العربات نصف المقطورة لشركة كاماج الألمانية. ووافق المجلس، الذي يعقد جلساته سرا ويضم المستشارة أنجيلا ميركل وعددا من الوزراء، في اجتماعه الأخير على 9 صفقات تصدير أسلحة لست دول.
وبدأت ألمانيا بالتلويح بإمكانية التراجع عن سياسات بيع الأسلحة خاصة المتعلقة بالسعودية الشهر الماضي بعد أن باتت تهدد دورها في مشاريع تصنيع الأسلحة الأوروبية إثر ضغوط من فرنسا وبريطانيا وبقية الشركاء الأوروبيين للتراجع عن تلك السياسات.
ونسبت وكالة الأنباء الألمانية للوزير قوله في الخطاب إن أجزاء المقطورات التي سيُجرى إنتاجها في مصنع كاماج في ألمانيا وستُنقل بعد ذلك إلى فرنسا لإتمام تصنيعها لتكون وجهتها الأخيرة إلى السعودية.
وكانت ألمانيا فرضت حظرا على تصدير الأسلحة للرياض منتصف نوفمبر الماضي، لمزاعم تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وأثار القرار علامة استفهام حول طلبيات عسكرية بالمليارات من بينها صفقة قيمتها 10 مليارات دولار لبيع 48 مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون، التي تصنعها شركة بي.أي.إي سيستمز البريطانية للعتاد الدفاعي، للرياض.
وقالت السفيرة الفرنسية لدى ألمانيا آن ماري ديكوت في تقرير سابق للأكاديمية الاتحادية للسياسة الأمنية، إنّ “مسألة صادرات الأسلحة يتم التعامل معها غالبا في ألمانيا على أنها موضوع سياسي داخلي بصفة خاصة، في حين أن لها عواقب وخيمة بالنسبة لتعاوننا الثنائي في قطاع الدفاع وكذلك بالنسبة لتعزيز السيادة الأوروبية”.
وأشارت السفيرة إلى أنّ “عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الألمانية في مجال صادرات الأسلحة لا يسري فقط على الدول المشاركة في حرب اليمن، وإنما يتعلق أيضا بالهند وإندونيسيا والنيجر”، مؤكّدة “ذلك يعزز الانطباع بأن النظام الألماني للرقابة على الصادرات ليس تقييديا، فحسب، وإنما لا يمكن التنبؤ به أيضا”.
وعمليا دفع قرار الحظر الألماني بعض الشركات مثل إيرباص إلى استبعاد مكونات ألمانية من بعض منتجاتها وقررت إعادة تصميم طائرة النقل العسكرية سي 295 لإبدال مصابيح الملاحة الألمانية الصنع التي تمثل حوالي أربعة بالمئة من الطائرة.
ويؤكد محللون أن القيود التي فرضتها ألمانيا على صادرات الأسلحة تمثل مجازفة بأن تصبح برلين طرفا منبوذا في صناعة السلاح الأوروبية، الأمر الذي يهدد التعاون المستقبلي في تطوير الأسلحة ويقوض مساعيها لتطوير صناعة سلاح أوروبية مشتركة.
وينص الاتفاق الفرنسي الألماني المبرم في عام 1972 على التشاور في صادرات السلاح بما يمنع طرفا من حظر صادرات الطرف الآخر. غير أن خلافات في المواقف العامة فرضت ضغوطا على هذا الحل الوسط بمرور الوقت وأدت سلسلة من المشروعات الجديدة إلى دعوات لإعادة النظر في الأمر.
ولا تمثل صناعة السلاح الألمانية سوى أقل من 2 بالمئة من مجمل الواردات السعودية من الأسلحة، لكن دورها في تصنيع مكونات تدخل في صادرات دول أخرى يتيح لها إفساد مشروعات أوروبية مربحة.
وإلى جانب عقد الطائرة يوروفايتر عطل الحظر الألماني على مبيعات السلاح للسعودية شحنات من صواريخ جو جو من طراز ميتيور، التي تصنعها شركة أم.بي.دي.أي، التي تملكها إيرباص وبي.أي.إي سيستمز وليوناردو الإيطالية، لأن نظام الدفع في الصواريخ ورؤوسها الحربية تصنع في ألمانيا.
وتسعى السعودية للدخول في شراكات لتطوير صناعة الدفاع المحلية وتستهدف توجيه نصف إنفاقها العسكري إلى مصادر محلية بحلول عام 2030.
وبالتزامن مع رفع الحظر على توريد الأسلحة الألمانية للسعودية، وافق المجلس أيضا على 3 صفقات توريد أسلحة للإمارات.
وستحصل الإمارات الآن على 3 أنظمة رادارية لرصد مصادر نيران المدفعية من طراز كوبرا، وهي إنتاج ألماني فرنسي يشمل المركبات الحاملة والملحقات، بالإضافة إلى 55 قطعة غيار وبرمجيات للنظام.
وإلى جانب السعودية والإمارات، وافق المجلس على توريد 92 محركا كهربائيا لتسليح مدرعات النقل من طراز فوكس للجزائر و18 ألف مُفجر لقذائف هاون لإندونيسيا و3 مركبات مدرعة من طراز دينجو و168 رأسا حربيا لصواريخ لقطر، و3 آلاف أسلحة مضادة للدروع لسنغافورة.