العلاقات العسكرية "الإسرائيلية"-الصينية تحت المجهر

DOOM

عضو
إنضم
11 أبريل 2011
المشاركات
737
التفاعل
1,363 9 0
الدولة
Saudi Arabia
يشير بعض الباحثين إلى أن مدينة "هاربين" الصينية كانت تضم أعداداً كبيرة من اليهود في النصف الأول من القرن العشرين، حيث كان هؤلاء يعدون المدينة بمثابة ملاذ لهم في وسط الفوضى والحروب والثورات التي شهدها العالم في تلك المدة.

ويقول (نائب رئيس مركز الأبحاث اليهودية في أكاديمية هيلوجيانج للعلوم الاجتماعية) لي شو كسياو: إنّ اليهود قدموا إلى الصين منذ عام 1899 على الأرجح، وذلك وفق ثلاث موجات أو مراحل من الهجرات حيث كانت الموجة الثانية من المهاجرين عام 1917 إثر الثورة البلشفية في روسيا، أما الموجة الثالثة بعد ذلك بـ12 عاماً إثر نزاع صيني روسي على الحدود فيما قدّر عدد اليهود آنذاك بـ20 ألف يهودي.

بداية العلاقات الصينية-"الإسرائيلية":
و يقول بان جوانج (أستاذ التاريخ في معهد الدراسات الأوروبية والآسيوية في مدينة شنغهاي): إن معظم اليهود الروس قدموا إلى الصين أصبحوا فيما بعد عماد الطبقة الوسطى بعد أن آتت جهودهم أكلها، لكن الأوضاع والتطورات السياسية التي سادت بعد ذلك جعلت من العسير على اليهود مواصلة الحياة في الصين، مما أدى إلى خروجهم من جديد في أوائل الخمسينات.

وعلى الرغم من هذا الوجود اليهودي في الصين إلا أنّ الصين كانت من أكثر الدول مقاطعة لـ"إسرائيل" على كافّة الأصعدة، حيث كانت الصين تعد "إسرائيل" نموذجاً لزرع كيان إمبريالي يروّج لقيمها، وبقيت هذه النظرة إلى "إسرائيل" إلى مدة السبعينات، حيث حصلت تطوّرات عربية تجاه "إسرائيل" دفعت الصين إلى إعادة النظر بعلاقاتها معها، وبذلك خسر العرب كعادتهم استثمار الصين إلى جانبهم وهو ما حصل مع العديد من الدول التي كانت مقاطعة لـ"إسرائيل" ثمّ ما لبثت أن غيّرت موقفها لتحقيق مصالحها وبسبب الإهمال العربي لتنمية العلاقات معها.

العلاقات العسكرية الصينية – "الإسرائيلية" بدأت أواخر السبعينات:
كانت أول صفقة للصين في التعامل مع "إسرائيل" في العام 1985 حينما باعت "إسرائيل" أسلحة ومعدات للصين واستهدفت هذه الصفقة تحديث الدبابات الميدانية من طراز F62 السوفييتية الصنع كما شملت الصفقة أجهزة اتصال رادارية ونظماً دفاعية خاصة بالصواريخ جو - جو وأجهزة إطفاء الحرائق وأجهزة الليزر والأشعة فوق الحمراء للرؤية الليلية، وكذلك الأنظمة البالستية التي تعمل بالكمبيوتر لتحديد الهدف، ليس هذا فحسب، بل يقال: إن الفنيين "الإسرائيليين" وفروا فيما بعد التقنية اللازمة لقذائف الدروع القادرة على اختراق الواجهة الأمامية للدبابة السوفييتية "تي 72".

وفي أواخر العام 1987 ذكرت مجلة "جينز" العسكرية الأسبوعية أن الصين و"إسرائيل" قد توقعان قريبا صفقة بمليارات الدولارات تقوم "إسرائيل" بمقتضاها بتزويد الصين بكميات كبيرة من العتاد الحربي وتقنية صناعة السلاح مقابل حصولها على الفحم والحرير الصيني وأضافت أن الصين تعتقد بأن "إسرائيل" هي أنسب دولة لمساعدتها في تحديث جيشها وفي إقامة صناعة حربية دون أن تكتسب “إسرائيل” نفوذا في السياسة الداخلية الصينية.

العلاقات العسكرية الصينية-"الإسرائيلية" تثير غضب أمريكا:
هذا وتعد "إسرائيل" حالياً وحسب تقارير الكونغرس ثاني أكبر مصدّر للسلاح للصين منذ العام 1993 بصفقات تتعدى المليار دولار سنويا، فيما تقول "إسرائيل" إنّ ذلك غير صحيح وإنّ جميع صفقاتها لا تتعدى الـ20 مليون دولار.

هذا وترى الصين أنّه لا بد من الاستفادة من "إسرائيل" للولوج إلى التكنولوجيا الأمريكية العسكرية المتطورة خاصّة وأنّ الاعتكاف عن التعاون العسكري مع "إسرائيل" سيؤدي إلى زيادة التعاون الوثيق أصلاً بين "إسرائيل" (تعد الدولة الأولى في التعاون العسكري مع الهند) من جهة والهند (لها مشاكل عديدة مع الصين) من جهة ثانية، وعندها سيصبح التفوق العسكري الإقليمي لصالح الهند عدا عن قيام "إسرائيل" بإمكانية بيع أسلحة لتايوان بهدف الكسب المادي، وقطعاً لتلك الطرق كان يتوجب على الصين الاستفادة قدر الإمكان من التقنيات الأمريكية في الأسلحة "الإسرائيلية".

وقد نجحت الصين في إقناع "إسرائيل" في عهد "حكومة باراك" ببيعها عدداً من الطائرات العالية التطور والتقنية "فالكون" وهي طائرات بدون طيّار مقابل صفقة قدّرت قيمتها آنذاك بحوالي 250 مليون دولار، إلا أنّه وفور اكتشاف الولايات المتّحدة لهذه الصفقة أبلغت (رئيس الوزراء) إيهودا باراك باستحالة الموافقة عليها، ممّا اضطرّه إلى إلغائها.

ثمّ ما لبثت الولايات المتّحدة أن اكتشفت قيام "إسرائيل" ببيع هذا النوع من الطائرات إلى الصين قبل عدّة سنوات، وعندما استوضحتها أنكرت الأمر جملة وتفصيلاً، وسرعان ما افتضح أمرها عندما أعلنت الصين أنها تمتلك هذه الطائرات وأنها أعادتها إلى "إسرائيل" لصيانتها ثمّ استلمتها الصين مجدّدا، وقد أدت هذه الفضيحة إلى إشعال غضب عارم في صفوف المحافظين الجدد المعروفين أصلاً بدعمهم اللا محدود لـ"إسرائيل" لدرجّة أنّهم وجهوا رسالة قاسية (على رأسهم فايث ورئيسه بول وولفويتز نائب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد) إلى المسؤولين "الإسرائيليين" أبلغوهم فيها أنّهم قد "ملّوا ألاعيبهم ودسائسهم".

وعلى حد وصف دوغلاس فايث الصهيوني اليهودي الأمريكي فإن «شعر رأسه وقف إثر الكشف عن صفقة الطائرات الصينية». وقامت جلسة في الكونغرس الأمريكي آنذاك لبحث التسلح الصيني، شهدت هجوماً و"بألفاظ فظة" على قادة في "البنتاغون"؛ لأنهم "لا يفعلون ما يتوجب فعله لكبح "إسرائيل" التي لا تأخذ احتياجات الولايات المتحدة القومية في الاعتبار"، وأشار المتحدثون إلى أنّ "إسرائيل" تجاوزت الحدود.

التعاون الصيني-"الإسرائيلي" أكبر من ذلك:
و قد أدت هذه الفضيحة إلى سلسلة أخرى من الفضائح تمّ الكشف فيها عن بيع "إسرائيل" صواريخ وأسلحة هجومية إلى الصين، وقد ظهر ذلك عرضاً عندما قامت إحدى الطائرات الهجومية الصينية المقاتلة باعتراض طائرة تجسس أمريكية كبيرة دأبت الولايات المتّحدة من خلالها على مراقبة الصين والتجسس عليها، وهي طائرة عالية التطور وبحجم طائرة الركاب العادية، وعند مشاهدة الأمريكيين لفيلم التسجيل، حيث اعترضت المقاتلة الصينية طائرة التجسس الأمريكية، وجد الأمريكيون أن الطائرة الصينية كانت مزودة بصواريخ هجومية "إسرائيلية"!!

وقد اعترفت "إسرائيل" فيما بعد أن الصين نجحت في عقد عدّة صفقات معها ما بين توريد أسلحة وتدريب مقاتلين وطيارين، ومنها صفقة أبرمتها شركات "إسرائيلية" عام 1999 شملت 100 عجلة دفع رباعية إلكترونية من نوع "هاربي" قدرت وقتها بنحو 70 مليون دولار، وتشمل الصفقات كذلك تدريبات خاصة يخضع لها قادة الطائرات الحربية الصينية وتشرف عليها عناصر من الجيش "الإسرائيلي"، ورغم أن "الإسرائيليين" يقولون بأنها صفقة وانتهت في حينها إلا أن الجانب الأمريكي يصر على أن "الإسرائيليين" بصدد إرسال فرق صيانة وطاقم ميكانيكيين لتحديث تلك المعدات وصيانتها، وكما في المثال السابق فقد أنكر "الإسرائيليون" صحة هذا الحديث لكن البنتاجون هذه المرة كان حاداً في تعليماته لـ"إسرائيل" منذراً حكومتها بين اختيار الصين أو الولايات المتحدة كحليف دائم ومستمر.

العلاقات الصينية-"الإسرائيلية" مسمار جديد في النعش العربي:
على الرغم من أنّ الصين قد حافظت تقليدياً على سياستها الخارجية الداعمة للقضايا العربية، إلاّ أنّ النفوذ السياسي الصيني على الصعيد العالمي يكاد لا يرى إذا ما تمّت مقارنته بنفوذها الاقتصادي، وكعادة العرب في إهمال المكاسب وتوسيع دائرة صداقاتهم ومصالحهم للضغط على "إسرائيل" فإنّ العرب أهملوا الصين التي كانت حتى أواخر السبعينيات أبرز مقاطع عالمي لـ"إسرائيل" على كافة الأصعدة.

فيما عكست نظرة "إسرائيل" الاستراتيجية لتطورات العالم اتّجاها جديداً يقضي بتوسيع دائرة أصدقائها حلفائها والتغلغل في مناطق النفوذ والقرار، فإذا لم تكن الصين ذات تأثير سياسي عالمي اليوم فإنّها حتما ستكون في الغد وعليه فإنّ "إسرائيل" لا توفّر فرصة لمد نفوذها نحو روسيا والهند والصين وأوروبا عدا عن أمريكا وبريطانيا حيث قواعدها التقليدية، فيما تبدو السياسة العربية كما المنطقة العربية في حالة تجمّد وموت حيث لا يتغيّر شيء في الميت سوى أنّه يتحلّل ويندثر بعد حين، فهل سيأتي الوقت لنرى العرب كذلك؟
 
القوة الاقتصادية والعلمية ستجعل مصالح القوة الكبرى والصاعدة كالصين والهند ودول شرق آسيا معنا أكبر من مصالحها مع الكيان الصهيونى. التعاون الأخير بين الإمارات والهند قد يكون مثالا على ذلك.
 
عودة
أعلى