مدخل إلى الحرب الإلكترونية

إنضم
30 سبتمبر 2014
المشاركات
797
التفاعل
1,214 0 0
vol-34-44b.jpg


لقد تعددت طرق خوض الحروب وأشكالها و مسمياتها منذ العصور القديمة إلى يومنا هذا، ابتدأ من القتال بالسيف والرمح إلى اكتشاف البارود واستخدام البنادق وتصنيع الدبابات والمدفعية والطيران، وبدأت تتطور هذه الوسائط شيئاً فشيئاً إلى اختراع اللاسلكي وبث الإشارات اللاسلكية والتواصل عبر هذه الاتصالات إلى غيرها من الوسائط الأخرى التي أسهمت في قتل الإنسان وتدمير الأوطان والاستيلاء عليها ونهب ثروات الشعوب وتجويعها

ومع تطور هذا السلاح وظهور الحواسيب وشبكات التواصل أصبحت الحرب الجديدة لا تقل أهمية عن تلك الحروب ذات الطابع القتالي والفتك والتدمير، إنها الحرب الاقتصادية و الحرب الإعلامية التي تتصدر الآن كافة الحروب على الواجهة السياسة العالمية .وكنتيجة لهذا التطور ودخول الإلكترونيات في كافة مشتملات الحياة والآلات وقيادة كافة الأسلحة بالوسائط الإلكترونية ظهر نوع آخر من الحروب، وهو الحرب الإلكترونية. وقبل الحديث عن هذه الحرب علينا أن نعرف ما هي مكونات هذه الحرب وتقسيماتها.

تتكون الحرب الإلكترونية من:

  1. الإسناد الإلكتروني (التصنت).
  2. الإجراءات الإلكترونية المضادة.
  3. الإجراءات الإلكترونية المضادة المضادة.
وقد سبق الحديث عن تلك المواضيع في مقالات سابقاً، ولكن سنربط بعض هذه المكونات بما يتماشى مع الموضوع، ولكي نذكر القارئ الجديد أو من لم يطلع على المقالات السابقة بذلك وماهي الحرب الإلكترونية بمفهومها الشامل:إن الحرب الإلكترونية عبارة عن مجموعة من الإجراءات التنظيمية والفنية الرامية إلى معرفة العدو أو الخصم، وكشف و تحديد مكان تواجده وتتبع خطواته وتحركاته ومنعه من التواصل مع بعضه، والتأثير عليه وتدميره وخلق الإجراءات الإلكترونية المضادة لمنعه من التأثير علي قواتنا.
ولتنفيذ هذه الإجراءات لا بد من توفر عدة أمور وتقنيات وإجراءات تنظيمية وفنية وإمكانيات مادية وبشرية وقاعدة صلبة يتم الانطلاق منها على أسس علمية صحيحة تنطلق بمراحل تطورية تقود إلى الأفضل.
إذاً الحرب الإلكترونية عبارة عن تضافر كل الجهود التي تتمثل في الإجراءات التنظيمية في كيفية التنظيم والتخطيط لها من حيث التدريب وتوزيع الوسائط الإلكترونية وطرق استثمارها والاستفادة منها إضافة للجهود الفنية التي تتمثل في الأجهزة ومنظومات القيادة والتي يجب أن تكون جاهزة وباستمرارللعمل والصيانة الدورية وتطوير الأجهزة والوسائط الإلكترونية، ومن خلال الإجراءات التنظيمية والفنية لا بد من اكتساب الخبرة في تنظيم وطرق استمرار هذه الأجهزة، والطرق التي يمكن بها السيطرة على الطيف الكهرومغناطيسي الذي يقوم بتحديد ثوابته وتحليله والتأثير عليه بالإبطال الإلكتروني أو بإجرات إلكترونية أخرى مضادة تعكس هذه الثوابت إلى إجرات مضادة مضادة هو الذي سيتمكن في النهاية من الإمساك بزمام الأمور والتأثير على العدو، وكسب النصر في المعركة .وليكن معلوماً لدينا أن كافة الأجهزة الإلكترونية التي تصدر منها إشارات هي مصدر للحصول على المعلومات بواسطة أجهزة إلكترونية أخرى تقوم بالتصنت على تلك الأجهزة حيت يتم الحصول على هذه المعلومات عن طريق تحليل ومعالجة الإشارات الملتقطة من أجهزة إلكترونية تسمى بأجهزة التصنت والمراقبة، ناهيك عن المعلومات الأخرى التي يتم الحصول عليها من طرق أخرى مختلفة مثل الصحف والمجلات وأخبار عامة الناس والإذاعة والتلفزيون والصور وما يتم الحصول عليه من باقي المصادر الأخرى الاستخباراتية المتخصصة في ذلك، كل هذه المعلومات مع تحليل عمل مختلف الوسائط الإلكترونية والرادارية والعاملة بالأشعة تحت الحمراء والأشعة الليزرية المستخدمة في قيادة وأنظمة القوات وتحديد أماكن صدور هذه الإشارات وتحديد إحداثياتها، وتستطيع من خلال ذلك معرفة العدو ونواياه و تحركاته ومراقبته، وبذلك نكون معه في كافة أنشطته وأهدافه، ونستطيع إبطال تلك المخططات وتفادي ضرباته والتصدي لها والقيام بالأعمال المضادة تجاهه، وإعطاء الإندار المبكر، وبالاعتماد على الوسائط الإلكترونية والأقمار الصناعية والتواصل عبر الشبكة العنكبوتية ووسائط التواصل الأخرى وظهور الحكومات الإكترونية وربط حركة التسوق ومولدات الطاقة والمواصلات والوسائط الإستراتجية للدولة بالوسائط الألكترونية والحواسيب مما أدى إلى ظهور هذا الصراع الجديد، وهو الحرب الإلكترونية التي تشن يومياً.والمتتبع للأحداث يرى أن الصراع الإلكتروني أو الحرب الإلكترونية على اشتباك مستمر على كافة المستويات والاتجاهات، ويتم ذلك عن طريق الاختراق والدخول على هذه الشبكات وسرقة المعلومات أو تخريب هذه المنظومات، وعن طريق نشر الفيروسات وتدمير وتعطيل الوسائط الإلكترونية، وهذه الإجراءات التي تتم الآن حلت مكان الحرب الباردة أيام الصراع ما بين المعسكرين الشرقي والغربي، وكل ما يجري الآن في الساحة الدولية ما هوإلا جزء بسيط جداً من الصراع، وذلك بأنه لم تتم حرب إلكترونية إلى حد الآن بين طرفين.لو حصلت حرب إلكترونية بين روسيا والصين والولايات المتحدة واليابان أوروبا، ودخلت هذه الدول في صراع إلكتروني فيما بينها من تدمير منظومات قيادة وأقمار صناعية فإن العالم قد يعود إلى عصور ما قبل اختراع الوسائط الإلكترونية وانقطاع العالم بعضه عن بعض، والرجوع إلى الحمام الزاجل والتأشير المنظور.
ذلك بأنه سيتخلل هذه الحرب تفجيرات نووية في طبقة اليونسفير تؤدي إلى عدم انتشار الموجات الكهرومغناطيسة، وتودى إلى عدم التواصل.ومن النتائج الإيجابية لهذا التقدم التقني التواصل عبر هذه الشبكات إلى اجتياز حدود الدولة السياسية، وكسر الإعلام الموجه الذي كبل المواطن عدة عقود، وفتح الأبواب على مصراعيه لتشكيل كتل بشرية من مناطق بعيدة وأناس غير أصدقاء للتلاقي في هدف واحد، ولعل بزوغ الفجر الجديد (الربيع العربي) في بلداننا الذي أسقط الدكتاتوريات والطغاة، وفتح آفاقاً جديداً للحريات هو من إيجابيات هذا التطور في تقنية المعلومات.

internet1.733726.jpg


في بداية القرن العشرين وبعد بدء استخدام وسائط الاتصال اللاسلكية في صنوف القوات لأعمال القيادة والسيطرة بشكل واسع، بدأت الأعمال المعاكسة مثل الاستطلاع اللاسلكي والتشويش اللاسلكي تنفذ في الأعمال القتالية للقوات، وبعدها بدأ استخدام وسائط الكشف الراداري ووسائط الملاحة اللاسلكية وأنظمة توجيه وقيادة الأسلحة وقيادة هذه الأنظمة إلكترونياً، فقد بدئ باستخدام الاستطلاع اللاسلكي والمعاكسة الإلكترونية وعند البدء باستخدام الوسائط الكهروضوئية والوسائط التلفزيونية و الليزرية والصوتية المائية ، فقد ظهرت أعمال المعاكسة على هذه الأنظمة وتطورت وسائل الاستطلاع والمراقبة والمعاكسة لهذه الأنظمة .

وفي الوقت نفسه بُدئ بوضع الإجراءات الخاصة بتأمين السرية ومعاكسة الاستطلاع اللاسلكي والحفاظ على قدرة عمل الوسائط اللاسلكية في ظروف تأثير التشويش المقصود وفي ظروف إستخدام الأسلحة الموجهة ذاتياً، وفي هذا المجال الإلكتروني نشبت معارك حقيقية أخذت فيما بعد تسمية الصراع الإلكتروني أو الحرب إلالكترونية وتطورت حالياً إلى الشكل المركب وأخذت التسمية اليوم (المعركة الإلكترونية) وساعد إستخدام وسائط الحرب الالكترونية على تحقيق نجاح الأعمال القتالية على اليابسة وفي الجو والبحر.

لقد أصبحت المعدات والأجهزة الالكترونية جزءاً هاماً في معظم أنظمة التسليح والعتاد العسكري وكذلك في الأنظمة الآلية للاستطلاع وجمع المعلومات عن العدو وكذلك لأنظمة القيادة والسيطرة والاتصال وجمع المعلومات (C³-I)، ورفعت هذه المعدات والإمكانات القدرة القتالية لوسائط الصراع المسلح وساعدت على القيادة والسيطرة على القوات والأسلحة.

وبسبب هذه التطورات الإلكترونية فقد برز دور الحرب الالكترونية وانبثق عنها عدد من الإجراءات الهامة مثل:
1. التجسس على الإشارة SIGINT.
2.التجسس الالكتروني ELINT .
3.إجراءات المعاكسة الالكترونية ECM .
4.إجراءات معاكسة المعاكسة الإلكترونية ECCM .
5.أعمال الدعم الالكتروني ESM 6.أعمال الدعم بالأشعة تحت الحمراء IRSM.
7.أعمال المعاكسة للأنظمة العاملة بالأشعة تحت الحمراءIRCM.
8.أنظمة استطلاع ومعاكسة الأسلحة والأنظمة العاملة بالليزر والأجهزة الكهروضوئية.
وتبع ذلك تطورات هامة في التكتيك المستخدم في الحروب والمعارك بشكل يتناسب مع تطور الأسلحة والمعدات ووسائط الحرب الإلكترونية حتى أدى إلى تغيير نظريات الحرب.
برز دور الحرب الإلكترونية في الحروب التي نشبت في كوريا وفيتنام وفي الحروب العربية الإسرائيلية سنة 1967م وحرب أكتوبر سنة 1973م وفي معظم النزاعات الدولية والحروب المحلية وتلا ذلك الدور الهام للحرب الإلكترونية في حرب الفوكلاند وحرب البلقان.

لقد أدى التزايد الكبير في دلائل فعالية الحرب الإلكترونية على جميع المستويات إلى إجبار القوات المسلحة في مختلف الدول لإعادة النظر جدياً في تقييم الحرب الإلكترونية وتنظيمها وتطويرها في مختلف ظروف المعركة واعتبارها سلاحاً أساسيا وليس تأمينياً فقط .
إن الاعتماد الكلي على الطيف الكهرومغناطيسي في تأمين الاتصال والقيادة والسيطرة ساهم في تطوير وسائط كشف الأهداف وقيادة الأسلحة وتوجيهها وخلق المناخ المناسب والشروط الملائمة لتطوير الحرب الإلكترونية ومعداتها خلال السنوات القليلة الماضية والمقبلة.
إن شبكات الاتصال والرادارات وكواشف وأنظمة الأشعة تحت الحمراء وأجهزة الليزر وأنظمتها والأنظمة التلفزيونية وأجهزة التسديد الإلكترونية كلها تستخدم جزءا معينا من الطيف الكهرومغناطيسي، كما أن جميع أنظمة الأسلحة الحديثة الموجودة والمخطط لإنتاجها مستقبلاً تعتمد على هذه الأنظمة الكهرومغناطيسية.

إن منطقة العمليات والمعارك مليئة الآن بآلاف الإشارات والنبضات نتيجة لعمل هذه الأنظمة الإلكترونية، لذلك كان هدف الحرب الإلكترونية هو استغلال هذه الظروف الإلكترونية والمواقف الالكترونية المعقدة واستخدامها إلى أبعد الحدود وهذا ما يسمى اليوم (المعركة الإلكترونية).
تستخدم تقنية الحرب الإلكترونية السلبية وأعمالها عادةً للحصول على المعلومات القيّمة عن مواصفات وطبيعة عمل أنظمة العدو، فمثلاً عند مراقبة شبكات الاتصال المعادية فهذا يعني الحصول على المعلومات المفيدة عن الحالة الراهنة أو المستقبلية المخططة لنشاط العدو.
كما إن الكشف السليم لرادارات العدو وكشف إشعاعات الأشعة تحت الحمراء والإشعاعات الليزرية للعدو يمكن أن تعطي إنذاراً مبكراً عن المعلومات الضرورية عن أنظمة وتسليح العدو وتمكن من اتخاذ الإجراءات المضادة المناسبة في الوقت المناسب .

أما إجراءات الحرب الإلكترونية الإيجابية وتقنياتها فتستخدم عندما تظهر الضرورة لإبطال الاستخدام الفعلي للطيف الكهرومغناطيسي من قبل العدو ، فمثلا يستخدم التشويش الضجيجي والخداعي لتحييد أو إبطال أو الحد من فعالية استخدام العدو لأنظمة القيادة والسيطرة والمراقبة وجميع المعلومات (1- C³ ) و كذلك لتحييد وإبطال الأنظمة الرادارية للعدو.
أما رقائق التشاف والكرات الحرارية ومقذوفات الأشعة تحت الحمراء والمقذوفات الدخانية والكيميائية فتستخدم لتضليل العدو وخداعه، أو لإبطال الباحثات الرادارية والحرارية والليزرية والكهروضوئية .
لقد ازداد تدفق الأسلحة الحديثة والمتطورة إلى دول العالم الثالث والدول الأخرى إلى حد جعل استخدام الحرب الالكترونية ضرورة ملحة ومفيدة، وفرض التطور السريع والحاد في متطلبات إنتاج معدات الحرب الإلكترونية وأنظمتها.
لقد بينت الحروب المحلية الأخيرة والنزاعات التي حصلت في أنحاء العالم أن اليد الطويلة في هذه الأعمال القتالية كانت للحرب الإلكترونية وإن استخدام معدات الحرب الإلكترونية بشكل صحيح وفي الوقت الحقيقي قد مكّن من تغيير وترجيح كفة الموازين العسكرية للجهة التي خططت ونفذت الحرب الإلكترونية بصورة صحيحة ونجاح كامل.

كما دلت الخبرات والتجارب أيضاً إنه يمكن ضياع هذه القدرة العالية و الفعالة للحرب الإلكترونية وتشتيتها بسهولة في حالة عدم توفير نظام دقيق وصارم لاستخدام وسائل الحرب الإلكترونية بشكل صحيح ومنسق مع صنوف القوات المسلحة الأخرى في المكان والزمان والوقت الحقيقي وحسب مراحل المعركة أو العملية، وهناك مثال حي عن نتائج عدم التنسيق في أعمال الحرب الالكترونية:
1. حصل في أثناء حرب الفوكلاند عام 1982 عندما قامت الطائرات الأرجنتينية (سوبراتاندارد) بإطلاق صواريخ (الاكزوسيت) (Exocet-AS.39) على حاملة الطائرات البريطانية (هيرمز) حيث استخدمت هذه الأخيرة التشويش السلبي وذلك بإطلاق قذائف (التشاف)(CHAFF) لتضليل وخداع الرأس الباحث للصاروخ (اكزوسيت) المنطلق باتجاه الحاملة، ولكن هذا الإجراء لم يكن مدروساً ومنسقاً مع الوحدات والسفن البريطانية الأخرى الموجودة في منطقة حاملة الطائرات (هيرمز) مما أدى هذا التشويش إلى انحراف الصاروخ عن مساره المقرر نحو الحاملة ولكنه أصاب السفينة البريطانية الأخرى (اتلانتك كونفيور) .
2. حصل في حرب أكتوبر 1973م عندما قامت وحدات الحرب الإلكترونية الإسرائيلية بتنفيذ التشويش السدي على شبكات الاتصال اللاسلكي العربية دون تنسيق مما أدى إلى التأثير والتشويش وإبطال الشبكات اللاسلكية الإسرائيلية نفسها بالإضافة إلى الشبكات العربية .
إن التطور الحالي في معدات الحرب الإلكترونية وأنظمتها يتجه نحو تصميم وإنتاج أنظمة حرب إلكترونية متكاملة وآلية تتضمن مجموعات حرب إلكترونية سلبية وإيجابية مع إمكانية ربطها وتوصيلها مع جميع الوسائط الالكترونية الأخرى المتوفرة ومع جميع أنظمة الأسلحة عن طريق نظام آلي لنقل المعطيات والأوامر تستخدم فيه الحواسيب الإلكترونيـة وتقـاد وينسـق عملهـــا من قبـل مراكـــز قياده واحـدة C1C
Command Information and Control center وبالتنسيق الفوري والمباشر مع صنوف القوات المسلحة الصديقة الأخرى المتواجدة في المنطقة الواحدة.
لقد تميز العصر الراهن بسمة التقدم التقنى الكبير الذى حدث بصفة خاصة فى المجال العسكرى حيث ظهر التطور واضحا فى المجال التقنى مما أدى إلى ظهور معدات وأنظمة حربية متطورة وكان للحاسوب دور هام فيها.

ومن أهم الأنظمة الحربية المتطورة:

- الصورايخ الباليستية عابرة القارات الحاملة للرؤوس النووية الإسترايجية والتكتيكية بعيدة ومتوسطة المدى والتى تحملها الطائرات والسفن الحربية والغواصات والتى تطلق من القواعد الأرضية.

- الصورايخ الموجهة (إلكترونيا أو حراريا) أرض/أرض، أرض/جو، جو/جو، أرض /سطح، سطح/جو سطح/سطح، وكذلك الصواريخ تحت السطح/سطح إلى الصورايخ والقنابل الذكية.

- التطور الكبير فى أسلحة الدقة العالية والتى منها:
1. منظومات السطح الضارب.
2. منظومات الكشف البعيد.
3. منظومات السيطرة على الدفاع الجوى لحاملات الطائرات.
4. منظومات السيطرة على مجمعات الصورايخ .
5. المنظومات التلفزيونية لقيادة أسلحة الدقة.
6. القنابل الفراغية والقنابل الهدامة للتدمير الشامل.
7. التطور فى أسلحة التفجير والتى أهمها التفجير الحجمى V D W
أو مايسمى قنبلة الوقود الغازى 8.التطور فى قنابل الملاجئ الحصينة 9.التطور فى قنبلة الإشعاع الحرارى

10.التطور فى القنبلة المضادة للإلكترونات.

11. التطور فى قنابل امتصاص الأكسجين.
12.التطور فى القنابل الموجهة لشل قدرات الرادارات وأجهزة التشويش المضادة له.
13.التطور الكبير فى الطائرات المسيرة بدون طيار عن بعد للاستطلاع والقنص.
14.التطورات الكبيرة فى التقنيات والمعدات والأنظمة الإلكترونية مثل الرادار (أرضي .جوى.بحري) والحواسيب الإلكترونية واستخداماتها الواسعة فى المجالات العسكرية وخاصة فى أنظمة القيادة والسيطرة وتوجيه الأسلحة وفى الاتصالات اللاسلكية ذات التقنية العالية والأنظمة الكهرومغناطيسية وأنظمة الأشعة تحت الحمراء وأنظمة وأسلحة الليزر.
15 . التطور الكبير فى صناعة الطائرات والدبابات والغواصات وتجهيزاتها الإلكترونية والأسلحة التقليدية الأخرى بصفة عامة.
16. التطور الكبير فى الأجهزة المسيرة عن بعد والروبرتات للتحرك فى أى مكان من ساحات القتال وفى المدن(من روبورتات على هيئة آليات صغيرة، أو حشرات أو ثعابين أو على هيئة أسماك للعمل ضد السفن وغيرها)

وأدي هذا التطور السريع إلى البحث المستمر لاكتشاف ووضع أساليب وطرق استخدام وقيادة هذه الأنظمة والمعدات الحديثة فى الصراعات العسكرية وهكذا نشأت أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات وجمع المعلومات وباستخدام الحاسوب أيضا ( C4I ـ C3I ) وإرباك نظم السيطرة للقوات المعادية بأعمال التشويش الإلكتروني وأعمال التدمير بوسائل النيران المختلفة.
وقد ظهر أخيرا مصطلح جديد يسمى حرب المعلومات ( I W ) INFORMATION WARFARE فتبنته الدول المتقدمة وسعت إلى تطبيقه فى المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية ثم تطور وظهر مصطلح أوسع من حرب المعلومات وهو مايسمى بالعمليات المعلوماتية I . O INFORMATION OPERATION ونتيجة للتطورات السريعة في بنية الصراع فقد أدى هذا إلي تطبيق العمليات المعلوماتية فى المجال العسكرى كنتيجة لـ:
1. انتشار أنظمة الأسلحة والأجهزة العسكرية التي تعتمد فاعليتها على دقة وحداثة المعلومات المستخدمة. 2.اعتماد أنظمة الأسلحة والأجهزة العسكرية على أنظمة معلومات عالمية تسيطر عليها دول أخرى مثل النظام الملاحة العالمي( GPS - أنظمة الاستطلاع والاتصالات بالأقمار الصناعية).
3. استخدام العمليات المعلوماتية كسلاح ردع من قبل الدول التي تمتلك المعلومات التقنية وتسيطر على أنظمة المعلومات العالمية.
4. ضعف السيطرة على انتشار المعلومات.
5 . مخاوف الدول المتقدمة تقنياً والتى تعتمد بناها التحتية كثيراً على أنظمة المعلومات من تعرض أنظمة معلوماتها للتخريب .
وبربط المفاهيم بين الحرب الإلكترونية وحرب المعلومات والعمليات المعلوماتية فأنه يمكن تحقيق مايلى:
1. منع تدفق المعلومات بين قادة العدو ووحداتهم.
2. تشويه معلومات العدو عن ميدان المعركة .
3. منع الدول من الحصول على معلوماتنا .
وفي هذه المقالات سنتناول التعريف بالحرب الاليكترونية الجوية كسلاح تأمين (معاون) على القتال وتوضيح الدور المطلوب من باقي الأسلحة والقوات لتنسيق التعاون لتحقيق أكبر فائدة من استخدام الحرب الإليكترونية.

فجر الحرب الالكترونيه:

vol-41-58b.jpg


كان النمساويون أول من أدرك أن ( التنصت ) واستقبال الرسائل اللاسلكية هما من أنجح وسائل التجسس للاطلاع على الوضع السياسي والعسكري للعدو.. تلك المهمة الصعبة والشاقة التي كانت تسند سابقا إلى العملاء والجواسيس ومحاولاتهم الخطيرة والمكلفة.

وعندما نشأت الأزمة السياسية مع إيطاليا قام النمساويون بالتنصت واستقبال الاتصالات اللاسلكية الإيطالية ونجحوا في فك رموزها واستخدموا التجسس الالكتروني في صياغة سياستهم الخارجية، وفي عام 1911 وخلال الحرب التركية الإيطالية أعطى النمساويون مثالا أخر على قدرة أنظمتهم على التجسس، ولاهتمامهم بالسياسة الايطالية الخارجية والعسكرية فقد قام النمساويون باستقبـال جميع الرسائل اللاسلكية المرسلة بين روما وطرابلس (غرب ليبيا) وبذلك استطاعوا الحصـول على المعلومات عن تحرك القطع الإيطالية وسير المعارك ونتائجها اليومية، وكان ذلك وبدون شك أول مرة تستخدم فيها الوسائط التقنية (الراديو) بدلا من الوسائط التقليدية كالجواسيس والعملاء والكشافة والمراقبين الذين كان عليهم تتبع الحملات العسكرية أو السياسية ومرافقتها مئات الكيلومترات خطوة بخطوة.لحكومة الفرنسية هي مثال لبلد آخر غير النمسا استخدم الحرب الإلكترونية لأغراض التجسس، حيث في الأعوام التي سبقت الحرب العالمية الأولي كانت المخابرات الفرنسية تقــوم بالتنصت واستقبال وتسجيل جميع اتصالات السفارات الأجنبية في باريس مع حكوماتها بالإضافة إلى جميع الرسائل الدبلوماسية القادمة من الخارج إلى هذه السفارات، ومن أبرز الأمثلة علــى التجسس الالكتروني الفرنسي هو استقبال رسالة لاسلكية طولة أرسلت من وزارة الخارجية الألمانية إلى السفير الألماني في باريس تحتوي على إعلان الحرب، ليقوم السفير بتقديمـه إلى الحكومة الفرنسية واستطاع الفرنسيون حل شفرة الرسالة ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بتشويش الرسالة بحيث لم يستطع السفير الألماني فهم أي شي منها في البداية، بينما ربح الفرنسيون الوقت الثمين للقيام بتعبئة وتحضير قواتهم. خلال الحرب العالمية الأولى وصل التنصت أو استقبال الرسائل اللاسلكية للبعثات الدبلوماسية إلى مستوى عال جدا واستطاعت المخابرات البريطانية حل الشفرات الألمانية ذات السرية العالية، ولمدة ثلاث سنوات كان الإنجليز قادرين على استقبال وفك رموز جميع الرسائل التي كانت ترسلها وزارة الخارجية الألمانية إلى سفاراتها في الخارج، واهتم الانجليز بالإبقاء على هذا السر ولم يطلعوا عليه سوى حلفائهم الأمريكيين بينما كان الألمان غير شاعرين بهذا الشرخ الكبير في نظام اتصالاتهم.. ولذلك فإنه من وجهة نظر الخبراء تكون الحرب العالمية الأولى قد حدث بها عـــدة حوادث يمكن اعتبارها البدايات الحقيقية لفجر الحرب الالكترونية.
لقد وقعت حادثه هامـة بعد إعلان بريطانيا الحرب مباشرة على ألمانيا (عام 1914م ) وذلك عندما شاهد طراد بريطاني كان مبحرا في البحر المتوسط طرادين ألمانيين، حيث كانت مهمة الطراد البريطاني الإبلاغ لاسلكيا عن جميع تحركات السفن الألمانية إلى قيادة البحرية البريطانية في لـندن لتعطي بدورها الأوامر إلى أسطول المتوسط لاعتراض وتدمير الطرادين الألمانيين.
لكن لسوء الحظ لم يكن لدى الانجليز أي فكرة عن وجهة الطرادين اللذين يمكن أن يتجها إلى إيطاليا التي كانت محايدة في ذلك الوقت أو إلي ميناء تركي صديق، وتم التقاط الاتصالات اللاسلكية بين الطراد البريطاني وقيادة البحرية البريطانية من قبل الطرادين الألمانيين اللذين قررا في اللحظة المناسبة التخلص من المطاردة وذلك بالدخول على الاتصالات المعادية، حيث قاما بإرسال تشويش ضجيج على التردد المستخدم نفسه من قبل الانجليز وحاول البريطانيون تغيير ترددهم عدة مرات ولكن دون جدوى، وفجأة غيرت السفينتين الألمانية وجهتيهما وانطلقتا بكامل سرعتهما إلي المياه التركية الصديقة.
لقد اعتبر هذا التشويش على الاتصالات الإنجليزية أول عمل حقيقي للحرب الالكترونية حيث تم لأول مرة في التاريخ استخدام الأمواج الكهرومغناطيسية ليس الأغراض الاتصال فقط ولكن للتشويش على الاتصالات المعادية، وهكذا دخلت الحرب الالكترونية على الجبهات الداخلية ولو بشكل غير ظاهر، حيث شكل النمساويون والفرنسيون قبل عدة أعوام من نشوب الحرب العالمية الأولى وحدات خاصة للتنصت واستقبال الرسائل اللاسلكية العسكرية، بينما قامت ألمانيا بتشكيل مثل هذه الوحدات بعد بدايــة الحرب بعدة شهور إلا أنه من المستغرب جدا أن النمساويين قاموا بتزويد المخابرات الألمانية بكامل المعلومات التي تم الحصول عليها من وحدات التنصت واعتراض الاتصالات اللاسلكيـة العسكرية.
ولنكون عادلين فان هناك دولا كثيرة متقدمة تقنيا مثل ألمانيا قد تأخرت في إدراك أهمية التنصت واستطلاع الاتصالات اللاسلكية المعادية، لدرجة أنه كان في اعتقاد الروس في بدايـة الحرب أنه لا يمكن لأحد استقبال رسائلهم اللاسلكية حتى ولو كان يعمل ويسمع على التردد نفسه، ولكن عندما ساهم التنصت الألماني على الرسائل اللاسلكية الروسية مساهمة كبيرة في النصر الذي حققه الألمان على الروس عندها أدرك الروس مدى ضرورة وأهمية إرسال رسائلهم بشكل مشفر، ومع هذا تمكن النمساويون المهرة من فك الشفرة الروسية وتحليل جميع الرسائل، وتابع الألمان استقبال المعلومات يوميا عن تحركات الروس على الجبهة الشرقية.
ولتحسين استقبال الاتصالات المعادية فقد تم تزويد منظومات الاستقبال برادارات خاصة يستخدم فيها الصمام الالكتروني (صمام التكبير)، وللقبض واستقبال الاتصالات المعادية فان أول شيء يجب عمله هو اكتشاف التردد الذي يقوم العدو بالإرسال عليه والذي يتغير أثناء الحرب ويبقى ســرا، ولذلك صدرت تعليمات خاصة إلى عمال التنصت بالتحلي بالصبر الطويل وهم يقومـون بتوليف أجهزتهم لإيجاد التردد, وعند تحديد هذا التردد تقوم الشبكات المكلفة باستقباله وتسجيله إلى أن يغيره العدو.
لقد أفلح الفرنسيون كذلك في تنظيم نشاطاتهم في هذا المجال وكانوا قادرين على استقبال وفك شفرة الاتصالات اللاسلكية المرسلة من قبل الألمان الذين ارتكبوا أخطاء مشابهة لأخطاء الروس في الجبهة الشرقية في استخدام أجهزتهم اللاسلكية بعد ذلك الحين أصبح جميع القادة العسكريين وأركاناتهم يدركون أهمية التنصت على الاتصالات اللاسلكية المعادية، وأصبحت لديهم القـدرة على فهم وتقدير الايجابيات والفوائد التي يمكن الحصول عليها من التنصت واستطلاع الاتصالات المعادية، وبدئوا يطلبون الدعم في هذا المجال وهنا كانت ولادة التجسس الاليكتروني وازدادت فعالية هذا الموضوع بشكل كبير ولعب دورا أساسيا في الحروب الحديثة.
خلال الأعوام الأولى للحرب العالمية الأولى كانت الترددات المستخدمة في الاتصالات يمكن أن تحدد مواصفات وطبيعة الإرسال اللاسلكي المستخدم وخصوصا مسافات الاتصـال حيث كان معلوما أيضا انه كلما ارتفع التردد صغرت العناصر المكونة لأجهزة الاتصال وبعبارة أخرى فإن مواصفات وإبعاد الأجهزة المستخدمة تعتمد على التردد المستخدم وقد استخدم التردد العالـي في حالات عديدة للحصول على أجهزة لاسلكي صغيرة الحجم بغية تركيبها علي الطائرات .
لقد كانت الاتصالات السلكية معرضه أيضا للتنصت من قبل العدو، فعلى مستوى الجهات الصديقـة كان الهاتف يستخدم بشكل واسع ، واستنبطت فكرة طمر الخطوط الهاتفية داخل أخاديد أرضية لإخفائها .
وخلال حرب الخنادق اعتمدت القوات الشبكات الهاتفية باستخدام سلك واحد والخط الأخر عن طريق الأرض ( خط أرضي ) وحيث أن الخط الواحد يقع ضمن الأرض الصديقــة فقد كان القادة العسكريون على قناعة تامة بأن العدو لا يستطيع التنصت والاستماع إلى محادثهم إلا إذا دخـل علي الخط مباشرة، ولذتك لم يتخذوا أي احتياطات خلال ذلك ، وتبيين بعد ذلك أن هذه القناعـة غير صحيحة .
كان أول درس حول هذا الموضوع هو أن قوات المحلة البريطانية لفرنسـا اكتشف في وقف مبكر أن الألمان استطاعوا أن يكتشفوا خططهم ويحبطوها عن طريق استقبال نسخة من الأوامر المتعلقة بخطط الدفاع البريطانية ، وذلك لان الألمان كانوا قد قاموا ببناء جهاز يستطيع التقـاط اصغر التيارات المتولدة في الشبكات الهاتفية الأرضية للبريطانيين عن طريق استخدام شبكات من الأسلاك النحاسية والقطبان المعدنية تطمر تحت التراب ، وتوضع علي اقرب مسافة ممكنـه من الخطوط الهاتفية المعادية تقوم بالتقاط جميع التيارات المتولدة ، حيث كانت هذه التيارات المتسربة تلتقط وتكبر برادارات خاصة وبذلك استطاع الألمان وبشكل غير محدود الدخول على شبكات العدو الهاتفية والتقاط اتصالاته الهاتفية عبر الأرض، وحالما اكتشف البريطانيون هذا النظام قاموا بتصميم نظام حمايـة خاص أطلق عليه ضـد النبضة التلغرافية ANTI DOTE وهو عبارة عن جهاز يقوم بتحديد وحصر انتشار الصوت عبر الأرض ضمن نصف قطر محدود من مصدر الإشعاع.
إن هذا الاختراع الجديد لم يضع حدا لاستقبال العدو للاتصالات الهاتفية فحسب بل قاد أيضا إلي تطوير نظام جديد لاستقبال الاتصالات الهاتفية عبر الأرض حيث استخدام هذا النظام بشكل واسع في السنوات الثانية وأمكن من استقبال المكالمات الهاتفية من مسافة 4000 إلى 5000 متر وخلال العامين الأخيرين من الحرب كانت أنظمة الاستقبال الهاتفية قد أصبحت ذات فاعلية عالية أدركها معظم القادة العسكريين علي الجبهات بمساوي استخدام وحظر استخدامه ضمن اعتبارات محددة .
منذ بداية الحرب كان المهندسون الحربيون والفنيون يبذلون قصارى جهدهم من أجل بنـاء أجهزة متطورة ليس لتحسين وضع الاتصال بين وحداتهم ولكن أيضا لكشف وتحديد أماكن تمركز محطات الاتصال اللاسلكية المعادية، حتى أصبح ذلك ممكنا عندما تم تصميم نظام لتحديد الاتجاه مصدر الإشعاع الكهرومغناطيسي (غنيومتر) حتى أصبح مثاليا لكشف اتجاه محطــات الإرسال اللاسلكي العاملة على الأمواج الطويلة والمتوسط وتحديد موقعه وأصبح تحديد الاتجاهD F أداة ثمينة ودقيقة في عالم التجسس الالكتروني من أجل الحصول على المعلومات عن العدو .
لم يكن استخدم اللاسلكي في الجيوش في ذلك الحين واسع الانتشار وكان ذلك يقتصـر على مستوى الوحدات الكبير والقيادات ولذلك فقد كان تحديد موقع محطة لاسلكية معادية يشير دائما إلى وجود وحدات عسكرية ضخمة في تلك المنطقة بالإضافة إلى أن توزيع المحطات اللاسلكية على خطوط الجبهة كان يعطي فكرة واضحة عن تنظيم الجبهة المعادية، كما أن تغيير مواقــع المحطات اللاسلكية يعطي أيضا صورة واضحة عن تحركات الوحدات .
لقد أثبت جهاز تحديد الاتجاه نجاحاً كبيراً في معظم العمليات البحرية خلال الحرب العالمية الأولى، وبالتحديد فقد سجل الانجليز نجاحا في تحديد تحركات الغواصات الألمانية التي كانت مجبـرة على الصعود إلى سطح الماء لإرسال المعلومات إلى قيادتها حيث كانت هذه الرسائل نمطيه مما سهل على العمال الانجليز فك شفراتها وتحديد الاتجاهات وأماكن هذه الغواصات بدقة.
وبعد حدوث التقدم والتطور التقني في مجال الراديو أمكن تصميم أجهزة تحديد اتجاه صغيرة الحجم يمكن استخدامها بشكل محمول بواسطة العملاء السريين، وعندما بدأ الألمان بقصـف مدينة لندن ليلا استغل الألمان هذه الميزة حيث أرسلوا عملائهم السريين إلى انجلترا وزودوهم بمرشدات لاسلكية محمولة PORTABLE ADI BEACONE وتم تمركزهم في منازل تقع خارج مدينة لندن وبذلك أصبح الألمان قادرين على توجيه مناطيدهم إلى أهدافها بدقة كافية حتى في حالات الضباب والليل، ولكن وجود إشارات كهرومغناطيسية غريبة في الجو تبدأ عملـها تماما قبل القصف أثار شكوك المخابرات البريطانية مما جعلها تستخدم راشداتها المحمولة علـى العربات (أجهزة تحديد الاتجاه) للبحث عن مصادر هذه الإشعاعات.
لقد ارتكب الألمان عدة أخطاء فنية باستخدامهم اللاسلكي على المناطيد مما أدى إلى كشف التردد والشفرة نفسها عند اتصالها بالمحطات الأرضية بالإضافة إلى الطيران بسرعات منخفضة مما سهل على البريطانيين معرفة أوقات الغارات على لندن كما استطاع البريطانيون بسهولة تحديد مواقع الأبنية المستخدمة من قبل العملاء الألمان الذين تم القبض عليهم وبدلاً من أن يقوم البريطانيون بفك هذه المحطات فقد قاموا باستخدامها في الليالي اللاحقة لتضليل الألمان وقيادة وتوجيه المناظير الألمانية إلى مناطق غير مأهولة بالسكان، حيث كانت المقاتلات البريطانية بانتظارها لتكون النتيجة تدمير المناطيد المغيرة ، لقد كانت هذه أنجح عملية نفذتها شبكات تحديد الاتجاه البريطانية.
ولمنع شبكات تحديد الاتجاه البريطانية هذه من كشف تاريخ مغادرة الأسطول الألماني للمواني قرر الألمان تضليل القيادة البريطانية باستخدام (الخداع الالكتروني) حيث قاموا قبل عدة أيام من الإقلاع بتغيير الرمز الكودي لسفينة القيادة برمز ميناء أخر والذي كان ميناء قاعدة الأسطول الألماني (ق2) وبهده الطريقة سيعتقد البريطانيون الذين كانوا يستقبلون إشارة سفينة القيادة بأن الأسطول الألماني لازال في قاعدته الأصلية (ق1).
ومع مرور الأيام لاحظ عمال المراقبة والتصنت البريطانيين ازدياد مفاجئا في عدد الرسائل اللاسلكية المرسلة من قبل سفن غير معروفة في الميناء ( ق2) والتي تطلب فيها تجهيــز كاسحات الألغام والتزود بالوقود بالإضافة إلى عدد من الأوامر، وقد دلت هذه الرسائل على أن الأسطول الألماني يقوم بالتحضر لعملية بحرية هامة، وأعطيت التعليمات لجميع المحطات على الساحل البريطاني بأن تكون على حذر وأن تراقب ما يحصل في الميناء ( ق2).
كانت البحرية البريطانية واثقة من معلومات أجهزة التنصت وتحديد الاتجاه والرسائل اللاسلكية العديدة التي استقبلت من السفن الألمانية المختلفة والتي أظهرت أنها غيرت مواقعها، واقتنعت قيادة البحرية بأن كامل الأسطول الألماني قد غادر قواعده وإنه يخطط لقصف أهداف بريطانية، لهذا أعطت قيادة البحرية البريطانية أوامرها الفورية إلى قائد الأسطول البريطاني بالإبحار بأقصى سرعة ممكنة لملاقاة الأسطول الألماني.
وبينما كان الأسطولان الألماني والبريطاني يبحران بالسرعة القصوى كل منهم باتجاه الأخر أرسل الألمان مناطيد لكشف المنطقة البحرية ولكن هذا الاستطلاع لم يحقق نتائجه المرجوة في حين استطاعت محطات إيجاد الاتجاه البريطانية الموجودة على الساحل الفرنسي التقاط إشارات المناطيد الألمانية مما أكد لهم أن الأسطول الألماني قد خرج إلى البحر.
اعتبرت هذه المعركـة من أهم المعارك فـي تاريـخ البحرية استخدمت فيها الحـرب الإلكترونية والتي كانت نتائجها معتمدة اعتمادا كليا على استخدام أجهزة التنصت الإلكتروني وأجهزة إيجاد الاتجاه البريطانية.

 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى