استخـدام الفضاء في المجالات العسكرية

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,251 0 0
cd67cc109c2d6715411fb07bfaecbd83.jpg


يقصد بالاستخدام العسكري للفضاء الخارجي إطلاق المركبات الفضائية أو الأقمار الصناعية ذات المهام المتعددة، وبعض نظم التسليح النووية أو التي تعمل بأشعة الليزر إلى الفضاء الخارجي في صورة قنابل مدارية أو صواريخ طوافة ذات رؤوس نووية وغيرها.

وقد شهد العصر الحديث تغيراً كبيراً في أساليب الصراع وأدواته، فمن الحروب التقليدية المحدودة التي تدور بين القوات النظامية لدولة أو أكثر ضد دولة أو أكثر، وتستخدم فيها الأسلحة والأدوات التقليدية، إلى الحروب والاستراتيجيات النووية التي تستخدم فيها الأسلحة النووية والذرية، إلى الحروب الفضائية «السبرانية» التي تعتمد على أدوات البعد الفضائي والوسائل التكنولوجية وشبكات المعلومات بشكل أساسي، كالأقمار الاصطناعية والمدن الفضائية واللواقط الكهرومغناطيسية والحشرات الروبوتية وموجات المايكروويف وتقنيات الليزر والبلازما وغيرها من أدوات حروب المستقبل. وقد انتقلت الاستراتيجية العسكرية من الاستراتيجية التقليدية إلى الاستراتيجية النووية وتتجه حالياً نحو الاستراتيجية الفضائية، كما تغيّرت طبيعة الحرب بتغير وسائل الصراع المسلّح وأساليبه، وبعد أن كان الاشتباك بالأسلحة التقليدية، تطورت وسائل القتال من الدبابة والطائرة والغوّاصة، إلى الصواريخ، والأسلحة النووية، ومركبات الفضاء، والأقمار الاصطناعية. ويعد الفضاء مسرحاً للأقمار الاصطناعية التي توفر كثيراً من المزايا العسكرية على الأرض، مثل التجسس أو بث بيانات النظام العالمي لتحديد المواقع.
وتنقسم حروب الاستراتيجيات الفضائية إلى قسمين: الأول هو الحروب الكونية المباشرة. أما القسم الثاني فهو الصراعات الفضائية غير المباشرة، التي تستخدم فيها الحواسيب العملاقة وشبكات المعلومات والتكنولوجيا المتقدمة كأدوات للصراع العالمي والتنافس الكوني.

وإذا كان الفضاء سيصبح منطقة محتملة جديدة للصراع، فإن التحدي الرئيسي للقتال في الفضاء يكمن في الانتقال إلى الفضاء أساساً. وتبلغ تكلفة إطلاق أي شيء إلى الفضاء بواسطة مكوك فضائي نحو 9100 دولار لكل رطل. وعليه، إذا كان النظام مأهولاً، فسيصبح إرسال البشر وما يحتاجونه من ماء وطعام وأكسجين للبقاء على قيد الحياة أمراً مكلفاً. وقد تعطي روبوونRobo-one، وهي مناسبة للنزالات الروبوتية التي تُعقد سنوياً في اليابان، فكرة عما هو قادم. وقد أعلن منظمو المسابقة عن خطط لدوري جديد في عام 2010: قتال الروبوتات في الفضاء. وسيقوم قمر اصطناعي صغير يحمل روبوتات تشبه البشر بالانطلاق إلى الفضاء. «وبمجرد دخول القمر مداره بأمان سيطلق مسافريه الروبوتيين الذين سيشرعون في التقاتل في الفراغ الفضائي».

بداية الانطلاق نحو الفضاء
يُعدُّ عقد الأربعينات من القرن العشرين الانطلاقة الأولى لمحاولة اختراق المجال الأرضي إلى الفضاء الخارجي، أو ما يُطلق عليه اليوم في الاصطلاح العسكري «حروب الفضاء»أو «عسكرة الفضاء»، وذلك من خلال مغادرة أول صاروخ تطلقه الولايات المتحدة الأمريكية على ارتفاع 80 كم، تلاه إطلاق صاروخ ثنائي المراحل في العام 1949م. وشكّل عقد الخمسينيات الانطلاقة الحقيقية لتلك الحروب العسكرية الفضائية بشكلها الاستراتيجي، حيث اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك التنافس نوعاً من أشكال إظهار القوة والهيمنة أمام خصمها التقليدي في ذلك الوقت، الاتحاد السوفيتي، فكانت البداية بإطلاق أول صاروخ من المطار الفضائي في رأس كانافيرال بفلوريدا في العام 1950م،وردّ عليه الاتحاد السوفيتي بإطلاق أول صاروخ بالستي استراتيجي ذي تحكم يعتمد على السوائل، وذلك عام 1956م. وفي عام 1957م أطلق السوفييت أول صاروخ بالستي متعدد المراحل في العالم أعقبوه بعدد من الإنجازات، كإطلاق أول قمر صناعي ووضعه في مدار حول الأرض، فإطلاق قمر آخر بعد شهر واحد فقط حمل معه الكلبة الشهيرة لايكا، فيما أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كل قوتها وأسست عام 1958 وكالة الأبحاث الفضائية ناسا، لتكون فاتحة انطلاق الإنجازات الفضائية الأمريكية.

الأقمار الصناعية والحروب الحديثة
تعدّ حرب الخليج الثانية البداية لعصر المعلومات، فقد استخدمت قوات التحالف وسائل متطورة لجمع المعلومات وتحليلها كان العنصر الأساسي فيها الأقمار الاصطناعية، بما حققته من مراقبة مستمرة واستطلاع لمسرح الحرب ومسرح العمليات،بالإضافة إلى أقمار الاتصالات، وأقمار تحديد الموقع (الملاحة).

التطبيقات العسكرية باستخدام الأقمار الاصطناعية في الحروب الحديثة
يمكن تصنيف التطبيقات العسكرية لبرامج الفضاء إلى تطبيقات دفاعية وأخرى هجومية، وتُستخدم الأقمار الاصطناعية العسكرية في الحروب في التطبيقات الآتية:
-الإنذار المبكر: من خلال الكشف المبكر الصواريخ العابرة للقارات، كالصواريخ (البالستية)، والصواريخ التي تطلقها الغواصات التي تحتاج إلى عدة دقائق لبلوغ وإصابة الهدف.
- تقدير الأضرار الناجمة عن القصف الجوي أو النووي.
- الاستطلاع الإلكتروني: إذ يتم تحديد مواقع الدفاع الجوي ورادارات الصواريخ الدفاعية للدول المعادية، مثل أقمار فريت FERRET الأمريكية لأغراض الاستطلاع الإلكتروني، وهي على ارتفاع يراوح بين 250 و400 كم.
- التنصّت على اتصالات العدو العسكرية من خلال أقمار الاستطلاع الإلكتروني.
- تأمين الاتصالات اللاسلكية المشفرة بعيدة المدى بين مراكز القيادة والسيطرة وقادة الوحدات الميدانية في مسارح العمليات، مثل VSATالمستخدم في سلاح الإشارة.
- تقييم العمليات الهجومية للقوات البرية وإدارة الضربات الدقيقة البعيدة المدى.
- تصوير الأهداف العسكرية الأرضية MASINT وIMINT، وتحديد بصماتها.
- توفير المعلومات الاستخبارية في الأزمات. وتوفير معلومات تحديد الموقع (GPS) والملاحظة والملاحة والأرصاد الجوية.
- مراقبة الالتزام بالمعاهدات المتعلقة بالحد من التسلح ونزع السلاح.
- استخدام الذخائر الموجهة بالأقمار الصناعية.

الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية
أ. الأقمار الانتحارية: وهو نهج تركز عليه روسيا وتسعى إلى تطويره بعد نجاح تجاربها على أقمار كوزموس، وبنية القمر من هذا النوع لا تختلف عن بنية الأقمار الأخرى، لكنه مزود بعبوة متفجرة شديدة الانفجار، وكاميرات حساسة تتيح له تصوير الأقمار الأخرى عن بعد وإرسالها بسرعة فائقة إلى الأرض.
ب. الصواريخ المضادة: في عام 2001، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية أنها قد نجحت في تصنيع صواريخ خاصة مضادة للأقمار الصناعية تطلق من طائرات F-15، وهي تحلق على ارتفاعات عالية وتوجه بالأشعة تحت الحمراء، وتستطيع إصابة أي قمر مستهدف.
ج. أشعة الليزر: يعلق العسكريون آمالاً واسعة على استخدام أشعة الليزر كأهم سلاح للأقمارالاصطناعية، وقد رصدت وزارة الدفاع الأمريكية ميزانية ضخمة لبعض المؤسسات المتخصصة بتطوير استخدامات أشعة الليزر Space – born laser لتدمير الأقمار، والدراسات الحالية تهدف بشكل رئيس إلى تصنيع أجهزة تتيح وضع مكونات الليزر في المدار بواسطة مكوك، ثم تجميع هذه الأجهزة لتصبح سلاحاً فعالاً في قتل الأقمار المعادية.
د. المضخات النووية: تقوم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بتجارب على سلاح «المضخات النووية»، وهو سلاح يتركز أداؤه على توجيه حزم من الأشعة السينية فوق شعاع الليزر لإحداث انفجار نووي محدود في الفضاء، ليطيح بالصواريخ المعادية على الارتفاعات العالية.
هـ. سلاح الصواعق: تقوم فكرة هذا السلاح على توليد شعاع من الجسيمات المشحونة بشحنات عالية الطاقة من مصادر معلقة في الفضاء، وإذا وجهت نحو الأهداف المعادية فإنها تحدث فيها عند ملامستها مثل ما تحدثه الصواعق الجوية من انفجار عند وصولها للأرض.
و. أجهزة التشويش على الأقمار الاصطناعية المعادية: وذلك من خلال وضع هذه الأجهزة في طائرات والطيران بها فوق المنطقة المراد حمايتها من رصد الأقمار المعادية، وهو برنامج تتبناه بحماس الآن القوات الجوية الأمريكية من خلال مختبر الليزر المحمول (All)، والموجود في طائرة اختبار من نوع Poing NKC-135.

آفاق عسكرة الفضاء الخارجي والبرامج الفضائية لأبرز الدول
على الرغم من أن الفضاء الخارجي لم يشهد بعد حرباً بالمعني التقليدي، فإن هناك اتجاهاً قوياً لعسكرة الفضاء وتحويله إلى ساحة حرب في المستقبل. ولم يعد الهدف من سباق الفضاء مجرد السيطرة على القمر أو استكشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية، كما لم يعد مقصوراً على دولتين فقط - الولايات المتحدة وروسيا - بل تشترك فيه العديد من الدول في آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. ويشهد الفضاء الخارجي تزايد عدد الأقمار الاصطناعية لدرجة غير مسبوقة، فضلاً عن اعتماد البرامج الفضائية على السرية في شقيها المدني والعسكري، وعلى التقدم في مجال أجهزة الكمبيوتر الفائقة. ويشكل تنامي الاستخدامات العسكرية في مجال الفضاء ضرراً على دول العالم بشكل عام. ونحاول هنا تسليط الضوء على البرامج الفضائية لعدد من الدول:

- الولايات المتحدة وروسيا
تمتلك الدولتان أقماراً صناعية متقدمة في جميع المجالات، وصواريخ عملاقة، ولهما نشاط فضائي بارز أكبر من أن يحاط به في هذه المقالة، ولكن تجدر الإشارة إلى أن كلاً منهما ينفرد في اتجاه يختلف عن الآخر، فالولايات المتحدة الأمريكية اتجهت إلى امتلاك المركبات المتعددة الاستخدام، لتحقيق أكبر عائد مادي من استخدامها تجارياً، بينما اتجه الاتحاد السوفيتي إلى امتلاك المحطات المدارية نظراً لعدم اتجاهه أسلوب الاستخدام التجاري، إلا انه اضطر إلى الاشتراك في اتفاقية المحطة المدارية الدولية لمحاولة استثمار ما يملك من تقنية للحصول على العملة الصعبة، لتنفيذ خططه الفضائية المستقبلية.

إنجلترا وألمانيا
على الرغم من النشاط الفضائي للمملكة المتحدة وألمانيا فإن هاتين الدولتين تميلان إلى أن يكون دورهما هامشياً في التسلح الفضائي، إذ أوقفت بريطانيا برامج الصواريخ الخاصة بها بعد فشلها مرتين متتاليتين في تجارب الإطلاق. كما أن ألمانيا، بالرغم من امتلاكها أقماراً صناعياً متطورة واشتراكها في كل المشاريع الفضائية الدولية بدور فعال، فإنها لم تحاول تصنيع صاروخ خاص بها تجنباً لمخاوف الدول الأوروبية من عودة النشاط العسكري الألماني.

فرنسا
حاولت فرنسا اقتحام الفضاء منذ البداية لإثبات تفوقها التقني وتعزيز أمنها القومي، بعيداً عن سيطرة القوتين العظميين، وسعت إلى تطوير صواريخها ذاتياً، ودخلت في برامج مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، وأصبح برنامجها من البرامج الفضائية القوية.

الصين
أكدت الصين في وثيقة أصدرتها عام 2002 أن برنامجها الفضائي يهدف إلى الحفاظ على مصالحها القومية، وتنفيذ استراتيجيتها في التنمية، وتنفيذ سياسة دفاعية قوية، واستكشاف الفضاء لتوظيفه لخدمة الأغراض السلمية، والخوف من تمكن الولايات المتحدة من الاستعداد لحروب الفضاء في المستقبل. وقد أثار قيام الصين في عام 2007 بتدمير القمر الصناعي الصيني «فنج يون 1سي» المخصص لأبحاث الأحوال الجوية في الفضاء الخارجي مخاوف اليابان والولايات المتحدة وتايوان وروسيا والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من تأكيد الصين الالتزام بالتجارب السلمية لتطوير أبحاث الفضاء الخارجي، فإن برنامجها يخضع لسيطرة جيش التحرير الصيني. ويقدر أن تتمكن الصين من إرسال رواد فضاء للقمرعام 2025.

الهنــد
يشهد برنامج الفضاء في الهند تقدماً واضحاً يجعلها ضمن الدول الرائدة، وقد وقعت الهند اتفاقاً استراتيجياً مع الولايات المتحدة في المجالات النووية والفضائية والصاروخية، كما تتعاون مع روسيا وإسرائيل في هذا المجال. وقد حققت الهند نجاحات في تطبيقات الفضاء، وعلى الرغم من تأكيد الهند أن تقدمها في مجال الصواريخ وتكنولوجيا الأقمار الصناعية لن يُستثمر عسكرياً، فإنها حققت تقدماً في التطبيقات العسكرية كمهام الاستطلاع، ودعم برنامج الصورايخ البالستية المتوسطة المدى. وترتبط منظمة الفضاء في الهند بوزارة الدفاع الهندية.

اليابان
تم إنشاء برنامج الفضاء الياباني في عام 2003، وتبلغ ميزانيته السنوية 2.5 مليار دولار أمريكي. وقد أدانت اليابان بشدة تجربة الصين في تدمير قمر صناعي عام 2007، وهو ما دفعها لإطلاق أربعة أقمار صناعية للتجسس في منطقة آسيا والمحيط الهادي لمدة أربع وعشرين ساعة في اليوم، بعد فترة لا تتعدى شهراً من التجربة الصينية.

في 21 مايو 2008، وافق مجلس الشيوخ الياباني على قانون لائحة الفضاء الأساسية(The Basic Space Bill) والتي تدعو للعمل على دعم أمن اليابان بتنمية استخدام الفضاء الخارجي، ومساندة كل أنشطة البحث والتطوير المتعلقة به، ودعم تنمية الصناعات الفضائية، وتحديد السياسة الفضائية، ومنع عسكرة الفضاء الخارجي.

إسرائيل
بدأت إسرائيل نشاطها الفضائي بداية متواضعة في عام 1959، ثم ركزت هذا النشاط في أعقاب حرب عام 1967، حيث خصصت ميزانية صغيرة لغرض تطوير قمر صناعي إسرائيلي للاستطلاع. وحظي البرنامج الإسرائيلي العلمي للفضاء بدعم قوي فيعام 1974،وأعلنت إسرائيل، في عام 1983، إنشاء وكالة الفضاء الإسرائيلية «إيسا ISA»،هيئة تابعة لوزارة البحث العلمي لتنسيق أنشطة البحث العلمي في الفضاء، حيث وُلد برنامج القمر الصناعي «أفق»، الذي اتخذ وسيلة لبناء قدرات إسرائيل في مختلف مجالات الفضاء.

تنظيمات غير حكومية
من اللافت للنظر أن جهات غير حكومية باتت تتطلع إلى الفضاء بوصفه ساحة جديدة من ساحات القتال غير المأهولة. ففي عام 2007، أصبحت مجموعة نمور التاميل بسريلانكا هي المجموعة الإرهابية الأولى، التي تنقل عملياتها إلى الفضاء، حيث خطفت الإشارة من أحد أقمار إنتلسات الاصطناعية، واستخدمت القمر الاصطناعي التجاري لبث رسائلها إلى الأرض. كما أن الشركات الخاصة مثل بلاك ووتر دخلت مرة أخرى لعبة الصراعات على ظهر هذا الكوكب .

 
عودة
أعلى