لماذا أُسْقِطَ النظام الملكي بالعراق , ومن كان وراء ذلك ؟/وسام الشالجي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,473
التفاعل
17,600 43 0
لماذا أُسْقِطَ النظام الملكي بالعراق , ومن كان وراء ذلك ؟

وسام الشالجي


1- الاتجاه نحو التحالف مع الولايات المتحدة . اول الاسباب التي دفعت الى اسقاط النظام الملكي في 14 تموز عام 1958 هو محاولته الخروج من نطاق السيطرة البريطانية وعقد تحالفات قوية جديدة مع دول اخرى . ظل العراق مكبلا بالهيمنة البريطانية لعدة عقود , ولم يفلح استقلال البلاد عام 1932 في اخراجه من هذه الهيمنة . وللخروج من هذا الوضع فكر الملك الجديد الشاب فيصل الثاني وبدعم من خاله الامير عبد الاله ورجل الدولة القوي نوري سعيد بالتوجه الى الولايات المتحدة بصفتها القطب الدولي الذي يلوح مستقبل الهيمنة على العالم اليه , ومحاولة كسب صداقتها وعقد الاتفاقيات معها . كان هذا تفكير حكيم , وحتى فيه قراءة ممتازة للمستقبل , والدليل ان كل دول العالم ظلت تغازل اميركا وتسعى لارضائها وكسب صداقتها خلال العقود الماضية بما فيهم بلدنا العراق . كانت اولى هذه المساعي ممثلة بقيام حضرة صاحب الجلالة الملك فيصل الثاني وخاله سمو الامير عبد الاله بزيارة موسعة ومطولة للولايات المتحدة الاميركية عام 1957 . وقد اطلع جلالته على معالم التطور والتقدم والتحضر التي كانت سائدة في اميركا وقال في حينها قولته المشهورة "ساسعى بكل قوتي لجعل بلدي ووطني بمثل ما وصلتم اليه من تقدم وتطور" . لم يرق لبريطانيا هذه التوجه وبدأت تتأمر وتخطط للتخلص من هذا النظام ومن رموزه الثلاثة الكبار فيصل , عبد الاله , نوري السعيد .

2- اقامة علاقات قوية مع المملكة العربية السعودية . كان من ضمن جهود التقرب من الولايات المتحدة الاميركية التفكير باقامة علاقات قوية ومتينة بين العراق والمملكة العربية السعودية , والتي كانت واحدة من اكبر حلفاء اميركا في المنطقة والعالم . ولتحقيق هذا دعى جلالة الملك فيصل الثاني العاهل السعودي الملك سعود بن عبد العزيز لزيارة العراق عام 1957 . كان هذا مؤشر جديد لمساعي العراق التي لم تعجب بريطانيا التي كانت اميركا قد خطفتها من اأيديها منذ ثلاثينات القرن الماضي . وأدناه تسجيل لزيارة الملك السعودي للعراق .


3- اعلان الاتحاد العربي . السبب القوي الثاني الذي ادى الى اسقاط النظام الملكي هو اعلان الاتحاد الهاشمي . ففي 14 شباط سنة 1958 اعلن عن قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن تحت تسمية (الاتحاد العربي) , ودعى بقية الدول العربية للانضمام اليه بغض النظر عن النظام الذي يحكمها . كان هذا العمل في نظر بريطانيا احياء لمشروع المملكة العربية الذي طرحه الشريف حسين ايام الثورة العربية الكبرى والذي يضم في اجزاؤه كل البلدان العربية التي تقع في اسيا (الجزء الشرقي من الوطن العربي) . ومن المعلوم ان بريطانيا اقالت الشريف حسين عن الحكم لسببين , الاول هو رغبته بتوحيد البلدان العربية في مملكة كبرى واسمى نفسه (ملك العرب) . والثاني هو اعلان نفسه خليفة للمسلمين . ليس هناك شيء بالدنيا يزعج بريطانيا اكثر من رغبة العرب بالتوحد , وهي مستعدة لعمل اي شيء ضد هذه الرغبة . لذا فان اعلان الاتحاد الهاشمي كان بنظر بريطانيا خطوة بهذا الاتجاه , فلم يبقى امامها غير العمل على اجهاض هذا المشروع وتصفية رجاله .



4- المطالبة بضم الكويت الى الاتحاد الهاشمي . من الاسباب القوية التي دعت الى اسقاط النظام الملكي بالعراق هو ان نوري سعيد طلب من بريطانيا رسميا , بصفته رئيس الاتحاد الهاشمي , ضم الكويت التي كانت تحت الحماية البريطانية الى الاتحاد . كان الباشا يعلم بان الكويت كانت بالماضي جزء من العراق وان بريطانيا وبعد ان احتلت كل سواحل الخليج العربي منذ نهاية القرن الثامن عشر فصلتها عن الدولة العثمانية . كما ان الباشا كان يعلم بانه ليس من العملي ان يطالب بالكويت كجزء من العراق ففكر بان يلتف على هذا الموضوع ويضمها كدولة ثالثة للاتحاد العربي . كان هذا تفكيرا ذكيا من الباشا , لكنه لم يكن يدرك بان هذا سيقوده الى حتفه . لم يعجب بريطانيا هذا , كما لم يعجبها انبثاق الاتحاد الهاشمي من الاساس , مما اضاف عاملا جديدا للتفكير بالتخلص من الحكم الملكي ورجاله بالعراق .



5- المشاركة بحرب فلسطين عام 1948 . ليس هناك من شك في ان من صنع اسرائيل هي بريطانيا , لذا فان اي دولة كانت ضد هذا المشروع ستكون بالضرورة ضد بريطانيا ايضا . وبعد اعلان قيام دولة اسرائيل عام 1948 تحركت بعض الدولة العربية وارسلت جيوشها لاجهاض هذا المشروع , ومن بين هذه الدول العراق . حاربت الجيوش العربية في فلسطين وقامت بكل ما يمكنها ان تعمله من اجل منع قيام اسرائيل , لكن المؤامرات وقوة العدو لم يمكنها من تحقيق شيء . لم تنسى بريطانيا ابدا هذا الموقف ووضعت العراق وقادته على قائمة الانتقام والتصفية .





6- تقوية وتسليج الجيش العراقي . كان الجيش العراقي جيشا ضعيفا , وقد اثبتت حرب فلسطين عدم فاعلية هذا الجيش بالرغم من بطولات واستبسال ابنائه في تلك الحرب . وكان السبب في ابقاء الجيش العراقي ضعيفا هو رغبة بريطانيا المستمرة بعقد معاهدات الحماية التي كانت تفرضها على العراق . ولخروج من هذا الوضع فكرت المملكة العراقية جديا في تطوير الجيش العراقي وتقويته وتسليحه باحدث الاسلحة . وفي عام 1958 تكامل تشكيل اربع فرق عسكرية في الجيش العراقي بينها فرقة مدرعة . وبعد اعلان حلف بغداد اتجهت القيادة العراقية نحو توقيع عقود مع الولايات المتحدة لتجهيز الجيش العراقي بطائرات ودبابات ودروع امريكية كاسرا بذلك الحكر الذي فرضته بريطانيا في تسليح الجيش العراقي . لم يكن ما يجري يعجب بريطانيا , لذا اصبح لزاما في نظرها بضرورة تبديل هذا الحال واسقاط هذا النظام الذي ظل منذ اول يوم لتأسيسه يسعى للخروج من الهيمنة البريطانية . كل هذا يدفع الى الشك بان ملوك العراق الهاشميين الثلاثة قد قتلوا بتدبيرات من بريطانيا لان جميعهم سعوا للخروج على السيطرة الاستعمارية البريطانية . وهذه صور لاستعراض بعض وحدات الجيش العراقي امام الملك سعود بن عبد العزيز اثناء زيارته للعراق عام 1957







7- الدعوة للوحدة العربية وتقوية الجامعة العربية . كما قلنا سابقا بان لا شيء بالدنيا يزعج بريطانيا اكثر من دعوات الوحدة الوطنية وتقوية الجبهة العربية المواجهة لاسرائيل . وقد كان النظام الملكي متمثلا برموزه الثلاثة الكبار , فيصل الثاني , عبد الاله , نوري السعيد , من المتواصلين بهذه الدعوات والذين يخطون خطوات جدية بهذا الاتجاه . الصورة التالية مثال بسيط على مثل هذه الدعوات والتي نرى من خلالها كيف كان المرحومين عبد الاله ونوري السعيد يسعيان لتشكيل حلف عربي يصبح جبهة عربية موحدة مواجهة لاسرائيل .



8- خطبة الملك فيصل الثاني للاميرة فاضلة . يعرف الجميع بان الملك فيصل الثاني رحمه الله خطب الاميرة فاضلة بنت الامير محمد علي وحيد الدين بن إبراهيم الذي يرجع نسبه الى محمد علي باشا الكبير والي مصر وملكها فيما بعد , ووالدتها هي الأميرة خان زادة حفيدة الخليفة العثماني السلطان عبد المجيد . ومن المعروف ان الشريف حسين بن علي شريف مكة وملك الحجاز كان قد اعلن نفسه خليفة للمسلمين عام 1924 بعد الغاء الخلافة الاسلامية في تركيا . كان هذا الزواج لو تم سيخلق نسب بين عائلتين كلاهما ترجع اصوله الى الخلافة الاسلامية , ويمكن ان يجعل من اي مولود ذكر الحق في اعلان نفسه خليفة للمسلمين لانه وريث لهذا الحق من الاب والام . ان اي متتبع للتاريخ يعرف الجهود التي مارستها الماسونية العالمية والصهيونية في محاربة الخلافة الاسلامية والسعي لالغائها , وكيف كان الماسوني كمال اتاتورك هو الذي حقق لها هذا الهدف . لذا فان اي استذكار لهذه الخلافة واحيائها لابد وان يكون خطر كبير يجب النصدي له والقضاء عليه وهو في مهده .




9 -اعمار العراق . بعد نجاح الحكومة العراقية في الحصول على 50% من ايرادات النفط المصدر الى الخارج من قبل شركات النفط العاملة بالعراق شرعت الحكومة بأعمار البلد من خلال انشاء (مجلس الاعمار) . وقد شرع قانون هذا المجلس من قبل المجلس النيابي في 25 أبريل 1950 وبمقترح من الوزارة التي كان يرأسها توفيق السويدي . وقد صار مجلس الإعمار المذكور بعد مباشرة أعماله في سنة 1952-1953 مضرب الأمثال في الجد والتنظيم وانجازاته التي كانت اكبر قفزة عمرانية تتحقق في احد بلدان الشرق الأوسط في حينها . ونص قانون المجلس على تخصيص إيرادات النفط كلها لمشاريع الإعمار , على اعتبار ان عائدات الدولة من الزراعة والتجارة والضرائب وغيرها كانت تكفي لتغطية الميزانية العامة للدولة . وخلال دورتين من عمره حقق المجلس مشاريع غاية في الاهمية شملت مشاريع الري والسدود والجسور والمستشفيات والمصانع ومشاريع الاسكان وغيرها . وقد خطط المجلس لمشاريع كثيرة لم يتمكن من تنفيذها لقصر عمره , لكنها نفذت بعد الغاؤه بعشرات السنين . وقد الغي المجلس بعد حركة تموز 1958 على اساس ان منجزاته لا تخدم الا الاستعمار . وبعد فترة من انشاء مجلس الاعمار تم تأسيس وزارة للاعمار , كما تم تخصيص اسبوع يجري الاحتفال به باسم (اسبوع الاعمار) . بعد اكثر من 50 عام على تأسيسه , لا زالت الى الان تستخرج المشاريع التي يراد تنفيذها من ملفات مجلس الاعمار ويستفاد من الدراسات والخطط التي وضعها ويجري تنفيذها كما وضعت دون تغيير .





10 - القضاء على كل بقايا العائلة المالكة في الحجاز . ظل الامير عبد الاله بصفته ولي عهد مملكة الحجاز يصبوا الى اعادة تحرير بلده من السيطرة السعودية واستلامه عرش تلك الدولة مرة اخرى . كان الامير عبد الاله يصرح بذلك في العلن باستمرار وظل يدعوا الحكومة البريطانية الى مساعدته في استعادة عرش مملكة الحجاز دون ان يدرك بان اكثر دولة كانت تحول دون ذلك هي بريطانيا نفسها . لقد كان في اسقاط الحكم الملكي والقضاء على العائلة المالكة , بما فيها الفرع الذي يعود نسبه الى الملك علي بن الحسين متمثلا بالامير عبد الاله والملكة نفيسة زوجة الملك علي والاميرة عابدية بنت علي سيجعل بريطانيا تستريح من هذه الطلبات وينهي الى الابد احلام عودة مملكة الحجاز التي تشكل اهمية خطيرة لدى العالم الاسلامي لانها تضم مكة المكرمة والمدينة المنورة مما يؤهلها لزعامة العالم الاسلامي باستمرار .



يتبع
 
11- الحملة العدائية الكبيرة من قبل مصر ضد النظام الملكي في العراق . من الطبيعي ان لا تكون العلاقة ودية بين المملكة العراقية والجمهورية المصرية بعد اسقاط النظام الملكي فيها . وقد ظلت هذه العلاقة باردة في السنوات الاولى , ولم تظهر بوادر العداء بين الدولتين الا بعد اعلان قيام حلف بغداد عام 1955 . فقد قامت مصر بحملات سياسية كبيرة ضد هذا الحلف واتهمت نوري السعيد بانه عقده لغرض عزل مصر وتطويق النظام الثوري فيها . وبعد قيام حرب السويس عام 1956 تحول العداء الى حملات أعلامية واسعة ومنظمة , بالرغم من وقوف العراق ضد هذه الحرب ومطالبة بريطانيا وفرنسا واسرائيل بالانسحاب من الاراضي المصرية التي احتلوها . وقد اشتدت الحملات الاعلامية ضد النظام الملكي مع مرور الوقت , وكانت هناك برامج منظمة تذاع من اذاعة صوت العرب المصرية موجهة الى العراقيين تدعوهم للثورة على حكومتهم واقامة الحكم الجمهوري . وقد شملت الحملات المصرية دعوات صريحة للضباط العراقيين الى تشكيل تنظيم معادي للحكومة يشابه تنظيم الضباط الاحرار في مصر . كما ان شخصية الرئيس المصري جمال عبد اناصر وخطاباته الثورية الحماسية التي كان يرتجلها استقطبت قلوب العراقيين ونالت اعجابهم الشديد بالنظام الجديد في مصر . لم يكن هناك في العراق من يستطيع ان يجاري عبد الناصر في دعواته وخطاباته الثورية , كما لم تكن هناك حملات اعلامية من اذاعة بغداد معدة لمواجهة الحملات المصرية . ويمكن القول بان النظام الملكي لم يكن بمستوى الحرب المشنة ضده , فقد كان نوري السعيد لا يؤمن باهمية الإعلام وينظر اليه على انه نوع من التهريج الرخيص الذي يدغدغ عواطف الجماهير . المرة الوحيدة التي خاطب فيه الجماهير هي تلك الكلمة اليتيمة التي خاطب فيها العراقيين من خلال الإذاعة حين القى كلمة روتينة رتيبة في عام 1956 وختمها بالهوسة العراقية التي تقول (دار السيد مأمونة) مشيرا الى ان ما من خطر موجود على الحكم الملكي . وعلى العكس من ذلك كانت الماكنة الدعائية المصرية الجبارة الموجودة انذاك تزمجر وتدعو العراقيين الى الثورة هلى حكامهم , وهذا ما حدث فعلا في الاخر . كان نوري السعيد على خطأ كبير في اطمئنانه على الوضع في العراق , وقد دفع هو والنظام برمته ثمنا غاليا لخطأه ذاك .









12- السياسة النفطية العراقية في العهد الملكي . حين تم توقيع عقود استثمار الثروات النفطية العراقية بين الاعوام 1925-1932 كان العراق تحت الانتداب البريطاني ولم يكن له يد تستطيع التدخل بها . كما ان العراق كان بلد متخلف ويعيش في عالم اشبه بعالم القرن التاسع عشر . لكن مع مرور الوقت وتطور العراق وتخرج المهندسين والكفاءات وتنامي المقدرة الفنية اخذ العراق يسعى الى تعديل الحقوق المغبونة في تلك العقود . اول شيء فعله العراق هو دفع الشركات لزيادة صادرات النفط العراقي التي كانت لا تزيد عن 50 الف برميل يوما حتى عام 1950 لتأمين موارد كافية للبلاد . وبالفعل ازدادت الصادرات من حقول كركوك والبصرة حتى وصلت الى نصف مليون برميل عام 1958 (كان سعر النفط في حينها لايتجاوز دولارين للبرميل الواحد) . وقد اتاحت هذه الزيادة انشاء مجلس الاعمار والبدأ باعمار البلد وفق خطة نهضوية لم يشهدها اي بلد في الشرق الأوسط . الشيء الثاني الذي عمله النظام الملكي هو الطلب من الشركات النفطية العاملة بتعريق الكوادر العراقية العاملة فيها واقتصار العمالة الاجنبية على الاختصاصات الغير متوفرة بالعراق . زاد هذا القرار من العراقيين العاملين في شركات النفط , خصوصا الايدي العاملة والتي اصبحت معظمها من العراقيين . الامر الثالث هو اجراء مفاوضات مع شركات النفط لتقاسم الارباح , فاخد البلد يحصل على 50% من العائدات كاملة دون ان يتحمل كلفة الانتاج . واخيرا , وهذا ما لا يعرفه الكثير من العراقيين هو ان مسودة القانون رقم 80 الذي شرعه المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم خلال العهد الجمهوري الاول , والذي يسترجع الاراضي الغير مستثمرة من الشركات النفطية ويجعل حق استثمارها بيد الحكومة العراقية , كانت قد اعدت مسودته خلال الحكم الملكي , وبالذات من قبل نوري السعيد . فقد بين بعض كبار الموظفين في العهد الملكي (مثل نايف برنوطي , محمد حديد , نديم الباججي) بان مسودة هذه القانون وضعت في مكتب نوري السعيد اوائل عام 1958 وانه كان يستعد لتقديمه لمجلس النواب لاقراره . وذكروا ايضا بان رئيس الوزراء كان يخشى خشية شديدة من تسرب المعلومات عن هذا القانون الى بريطانيا خشية اجهاض المشروع برمته . ويبدوا بان المشروع لم يجهض فحسب بل اطاح برأس الباشا ايضا .



13- الفقر . كانت نسبة الفقر بين افراد الشعب العراقي في العهد الملكي تصل الى حوالي 56.8% من عدد السكان الذي بلغ في عام 1957 حوالي سبعة ملايين نسمة . وقد اتهم العهد الملكي ظلما بانه كان وراء هذا الفقر على اساس ان العراق كان دولة نفطية غنية وان سوء الادارة كان السبب في جعله دولة فقيرة . في الواقع ان هذا كان منتهى الاساءة لذلك النظام وفيه الكثير من المغالطة التاريخية وتشويه المعلومات , لان العراق لم يكن دولة نفطية بالمعنى الصحيح طيلة العهد الملكي , ولم يبدأ بالاستفادة الفعلية من العائدات النفطية بشكل ملموس الا في اواسط الخمسينات . كانت ميزانية الدولة حتى مطلع عقد الخمسينات تعتمد تماما على الزراعة والتجارة والضريبة وبعض الصناعات , اما الواردات النفطية فقد كانت قليلة وتوجه كلها نحو بناء البنى التحتية وتطوير البلد . لم تبدأ الميزانية العراقية بالتمتع بشيء من الموارد النفطية الا بعد عام 1955 , حيث اصبحت الميزانية تحصل على 30% من الموارد النفطية , والباقي كان يذهب كله لمشاريع مجلس الاعمار . وكانت ميزانية العراق التشغيلية في سنة 1958 تبلغ حوالي ثمانية ملايين دينار فقط . ومن هذه الموارد المتواضعة بدأ النظام الملكي بتحسين احوال الشعب وتطوير ظروفه المعاشية والاجتماعية . فقد جرى فتح مستشفى عام باسم المستشفى الفيصلي في كل مركز لواء (غير الاسم الى المستشفى الجمهوري بعد حركة 14 تموز) , كما فتحت المستوصفات العامة في معظم الاقضية والنواحي . وكانت المدارس تبنى وتفتح في كل مكان والتعليم المجاني متاح للجميع , وكانت البعثات الدراسية ترسل الى الخارج بشكل منظم . وكان برنامج التغذية المدرسية المجاني للطلاب يتبع في جميع مدارس البلد , كما كانت الرعاية الصحية والفحوص الطبية تجري للطلاب بشكل دوري . كما بدأت الدولة بفتح مشاريع الاسكان لذوي الدخل المحدود , وما من محافظة بالعراق لا تحتوي اليوم على حي يسمى (حي الاسكان) وهي مشاريع سكنية فتحت في العهد الملكي . لم يكن الفقر في ذلك الوقت سببه سرقة او فساد او خيانة او سوء ادارة , لسبب بسيط هو عدم توفر الموارد المالية اصلا حتى تسرق او تهدر . وكان العراق يعتمد في احتياجاته الاقتصادية على موارده الذاتية غير النفطية . ولم تكن خيرات البلد تسرق من قبل (المستعمر) كما اصبح يقال فيما بعد , بل بالعكس فان المساعدات المالية التي كان العراق يتلقاها من الدول (الاستعمارية) كانت تفوق عائداته النفطية . وحتى هذه كانت تصرف في تطوير البنى التحية التي يحتاجها البلد , مما جعل العراق يحتل المرتبة الاولى في الشرق الاوسط من ناحية النمو والتطور والعمران والمستوى المعيشي . يمكن لنا ان نتصور ماذا سيكون حال الشعب العراقي لو توفرت لحكومات العهد الملكي نفس الاموال التي توفرت للدولة العراقية اثناء العهود الجمهورية اللاحقة .


14- وجود الاقطاع . من الاسباب التي دفعت الى اسقاط النظام الملكي هو وجود الاقطاع بالرغم من ان هذا الاخير كان موجودا قبل انشاء النظام الملكي بعشرات السنين . ففي بداية القرن التاسع عشر اخذت الحكومة العثمانية تدفع العشائر الى امتهان الزراعة والاستقرار في الارض لكي يسهل السيطرة عليها . وبالفعل , اخذت العشائر تستوطن في المناطق التي تتوفر فيها المياه والاراضي الزراعية . وبعد استحداث مبدأ التسجيل العقاري (الطابو) في العهد العثمانيالأخير تشكل نمط جديد من انماط الملكية الزراعية لم يكن موجودا بالسابق هو النظام الإقطاعي , وتحولت بعض بيوت رؤساء العشائرالى بيوت اقطاعية كبرى . كان السبب في هذا قيام رؤساء العشائر بتسجيل الاراضي الزراعية باسمائهم مستحوذين على كل اراضي التي تزرعها العشيرة . ادى هذا الامر الى تغير طابع العلاقة بين رئيس العشيرة وابن العشيرة حيث تحول رئيس العشيرة الذي استفاد من قانون الطابو العثماني واخذ يتملك الاراضي الى اقطاعي بينما ظل ابن العشيرة العادي معدما , وبذلك اصبحت العلاقة هي علاقة الفلاح المعدم بالمالك الغني . ومع ذلك فإن الأغلبية من العشائر حافظت على العلاقة مبنية على اساس صلة الرحم والدم وابناء العمومة بين ابن العشيرة وشيخ العشيرة على الرغم من امتلاك الأخير للأرض . وحين تكون النظام الملكي لم يتعرض للملكيات الزراعية التي كانت موجودة لسببين اولها اعتماده لنظام الاقتصاد الحر (اقتصاد السوق) , والثاني ايمانه بان العراق بلد زراعي وان الزراعة هي عصب اقتصاده وان اي تطوير لاقتصاده يجب ان يكون مستندا الى هذه الحقيقة . وحين حاول النظام الملكي دعم الزراعة وتطويرها وجد نفسه من دون ان يشعر يدعم الاقطاعيين وليس الفلاحين . وقد كان لدعم القطاع الزراعي نتائج باهرة, اذ اصبح العراق خلال العهد الملكي مصدرا لجميع انواع المحاصيل الزراعية بما فيها الحنطة والشعير . غير ان النظام الاقطاعي كان فيه ظلم كبير سببه يعود الى جشع رؤساء العشائر الذين اخذوا يمتصون دماء الفلاحين ويعتصرون حياتهم للحصول على اعلى الارباح والفوائد . ادى هذا الظلم الى هرب الكثير من الفلاحين الى المدن وامتهانهم مهن لا تمت بصلة الى مهنهم الاصلية . ظل الناس يتهمون النظام الملكي بمساندة الاقطاع وعدم اتخاذ اجراءات حاسمة لرفع الظلم والحيف عن كاهل الفلاحين , لكن النظام لم يفعل شيئا فتحمل بذلك وزر اعمال هؤلاء الاشخاص الجشعين .


يتبع
 
15- اتهام النظام الملكي بالعمالة للاستعمار . تكون العهد الملكي والعراق خاضع للانتداب البريطاني , ولم ينل البلد استقلاله الا بعد حوالي 11 سنة من تتويج الملك فيصل الاول . وبسبب الانتداب وتبعاته ظل العراق تحت الهيمنة البريطانية لفترة طويلة حتى بعد استقلاله . لم يكن هذا الامر بالشيء الغريب , فقد مرت بهذا الحال معظم الدول التي خضعت للاستعمار . ومن جملة نواحي السيطرة التي ظلت بريطانيا تكبل العراق بها هي المعاهدات المتتالية التي جعلت البلد غير مستقل تماما من النواحى السياسية والعسكرية والاقتصادية . فطن الى هذا الحال جميع ملوك العراق , لكن لم يكن بمقدورهم عمل شيء قوي ومباشر تجاهه فلم يكن معهم غير بلد ضعيف متخلف خارج من احتلالات متتالية استمرت لمدة 800 سنة . وابتداء من الملك فيصل الاول , بدأ التفكير بالتخلص من الهيمنة البريطانية وفق خطوات حكيمة ومدروسة يأخذ مجراه , لكن شيئا فشيئا . لم تكن بريطانيا غبية بحيث لا تشعر بهذا , وفي كل مرة تحس بان الملك , او اي من اعوانه يحاول فك البلاد من السيطرة البريطانية حتى تبدا بحياكة المؤامرات والدسائس للتخلص من هؤلاء . ولانهم جميعا مضوا بذلك بالخفاء , فان ملوك العراق الثلاثة قد لقوا حتفهم غيلة بسبب ذلك , ولا يمكن ابدا تبرئة بريطانيا من دمائهم . من ناحية اخرى , فقد تأسست في فترات الثلاثينات والاربعينات والخمسينات في العراق والدول العربية المجاورة الكثير من الاحزاب والحركات السياسية التي تنادي بالوطنية . وكانت كافة ادبيات هذه الاحزاب والحركات تتهم النظام الحاكم بالعراق بالعمالة لبريطانيا والاستعمار والخضوع للاجنبي لانها لم تكن تنظر غير الظاهر ولا تدري بما يجرب الخفاء . لم تكن تلك الحركات مخلصة في طروحاتها هذه ولم تكن تنظر بعمق الى الخطوات المتأنية التي يقوم بها رجال الحكم للتخلص من السيطرة الاحنبية . وبدلا من النظرة الموضوعية المخلصة كانت تلك الحركات تؤجج نار الحقد على النظام في نفوس الجماهير وتحثهم على الانتفاض والثورة . ولو نظرنا بحيادية وعقلانية الى تلك الحركات لوجدناها نفسها غير بعيدة عن ما تتهم النظام الملكي فيه , ققد اثبت التاريخ اللاحق بانها نفسها كانت عميلة للاجنبي وتأتمر بأوامره . فالحزب الشيوعي كان غارقا لاذنيه بالتبعية للاتحاد السوفيتي , وحزب البعث كان يحظى باعتراف قادته بدعم امريكي , وبعض الحركات القومية كانت تقيم الروابط والاتصالات مع المانيا . وبالمقابل , لم تكن ماكنة العهد الملكي الاعلامية والسياسية بمستوى المعركة للاستحواذ على عقول الجماهير وعواطفها , ولم تستطع الحد بشكل مضاد من حملات غسيل الدماغ التي تخضع لها جموع الشعب . كان هذا قصور كبير من قبل النظام الملكي ورجاله مما جعل رأس السلطة في واد والجماهير في واد اخر . استمرت هذه الاوضاع لسنين طويلة بالتأصل والتفاقم مسببة نوع من الاحتقان والتأزم في الشارع مما سهل في الاخر عملية الثورة والانقضاض على نظام الحكم عسكريا وجماهيريا .




16- عدم عراقية العائلة المالكة : حين جرى البحث عن ملك للعراق ترشح ثلاثة اشخاص لهذا المنصب , الامير فيصل بن الحسين من الحجاز , الامير خزعل الكعبي من امارة الاحواز , طالب النقيب من البصرة . السؤال المهم الذي يجب الاجابة عليه هنا قبل الخوض في هذا الموضوع هو : لماذا ترشح لعرش العراق اشخاص غير عراقيين ؟ الجواب على هذا السؤال هو ان العراق بهويته الجغرافية الحالية لم يكن موجودا اصلا , وما كان له وجود طيلة الاربعة عشر قرنا الماضية, ولم يكن هناك شيء اسمه عراقيين وغير عراقيين كجنسية . كانت تسمية العراق تطلق على اراضي ما بين النهرين , وهي دائما كانت ضمن امبراطوريات كبيرة تضم مساحات شاسعة . لم يكن ابدا هناك هوية عراقية خاصة بمن يقطنون اراضي ما بين النهرين , بل كانوا رعايا للأمبراطوريات التي كانت تضم تلك الاراضي حالهم حال الساكنين في اراضي اخرى . وخلال الثورة العربية الكبرى كانت نظرة الشريف حسين بن علي الى جميع الاراضي العربية الواقعة في اسيا بانها تعود لمملكة العرب والتي طالب بريطانيا بمنحها الاستقلال بعد انتزاعها من الامبراطورية العثمانية . غير ان بريطانيا نكثت بكل عهودها للشريف حسين وتقاسمت ممتلكات الدولة العثمانية مع فرنسا لكونهما القوتين المنتصرتين في الحرب العالمية الاولى . وحين تم البدأ بتشكيل الكيانات السياسية في المنطقة تم في مؤتمر القاهرة الذي عقد في مارس 1921 دمج ولايات الموصل وبغداد والبصرة العثمانية (والتي كانت مستقلة تماما عن بعضها اداريا وسياسيا واقتصاديا) في كيان واحد سمي العراق ومن ثم اختير الامير فيصل ملكا لهذا الكيان في اب عام 1921 بعد اجراء استفتاءء عام . لم تكن الجنسية العراقية قد منحت لاحد بعد من الساكنين في المملكة العراقية الجديدة , لكن تقرر البدأ بمنحها بعد اول احصاء رسمي جرى في العراق عام 1927 . كان هناك شرطين للحصول على الجنسية العراقية , اولا ان يكون يحمل الجنسية العثمانية , الثاني ان يكون ساكنا دائميا في العراق . ولان فيصل نفسه كان يحمل الجنسية العثمانية , لان مملكة الحجاز كانت جزءا من الدولة العثمانية تماما مثل ولايات الموصل وبغداد والبصرة , ولانه كان في حينها من الساكنين الدائميين في اراضي المملكة العراقية الجديدة فقد منح الجنسية العراقية كاي مواطن عراقي اخر . عليه فان الادعاء بعدم عراقية العائلة المالكة هو ادعاء باطل جملة وتفصيلا لان الملك فيصل الاول (ابو العائئلة المالكة العراقية) منح الجنسية العراقية في نفس الوقت الذي منحت فيه هذه الجنسية لجميع الساكنين في المملكة العراقية الوليدة , ولم يمنح منفردا او لاحقا من باب التجنيس . غير ان الحركات السياسية المعادية للعهد الملكي والتي كانت تجاهد لاسقاطه اطلقت هذه الكذبة المفترية ومررتها في عقول العراقيين البسطاء , وظلت ابواقها تدق عليها وتؤكدها حتى اصبحت وكانها حقيقة ثابتة في نظر البعض . ثم ان الكثير من الحكام الذين حكموا العراق خلال القرون الماضية لم يكونوا عراقيين ولم يولدوا في الارض العراقية اصلا , فلماذا لم يقال في التاريخ بانهم لم يكونوا عراقيين وما كان يحق لهم حكم العراق . السبب في هذا هو انهم جميعا كانوا مواطنين لنفس الامبراطوريات التي كانت تضم العراق كما تضم الدول الاخرى , لذلك لم يكن في حكمهم للعراق اي مشوبة تعارض هذا .



17- تطبيق النظام الاقتصادي الحر (اقتصاد السوق) . بعد تأسيس الدولة العراقية تم تطبيق النظام الاقتصادي الحر فيها . ما من شك بان النظام الاقتصادي الحر هو افضل نظام معروف في ادارة العجلة الاقتصادية في اي بلد , وقد اثبتت السنين والعقود اللاحقة من عمر الدولة العراقية بانه فعلا نظام جيد ساهم في بناء الدولة وتطويرها . فقد تحولت الدولة العراقية خلال سبعة وثلاثين عاما من دولة تعيش في القرون الوسطى الى دولة متقدمة تضاهي حتى الدول الاوربية في الكثير من مرافقها . غير ان النظام الاقتصادي الحر لا يخلو من عيوب كثيرة لم تجعل منه النظام النموذجي الباهر في العالم . فالنظام الحر اذا طبق من دون ضوابط يؤدي دائما الى تنامي الجشع والرغبة بالاثراء على حساب مصالح الاخرين من الفقراء والبسطاء . وهذا ما حصل فعلا في العراق خلال العهد الملكي , وقد ظهرت نتائجه جليا في مفصلين مهمين هما الزراعة والصناعة . ففي الزراعة لاحظنا في فقرة سابقة كيف كان النظام الاقطاعي يمتص حياة وجهود الفلاحين ويجعلهم يعملون دون مقابل , اللهم الا ما يعطى لهم لقاء استمرارهم بالعيش . وفي الصناعة قام بنفس الشيء بعض اصحاب رؤوس الاموال , حيث كان العمال يعملون لساعات طويلة لقاء اجور متدنية , ولم يكن هناك انظمة للضمان الصحي والاجتماعي ولا يوجد نظام تقاعدي ولا نقابات تدافع عن العمال . وحين كان يلجأ العمال للاضراب للمطالبة بتحسين أحوالهم المعيشية كان اصحاب رؤوس الاموال يفصلونهم من العمل او يستدعون قوات الشرطة لقمع تظاهراتهم وتجمعاتهم وانهاء اضراباتهم . كما ان الاثرياء كانوا يصلون بسهولة الى اعلى المناصب لانهم صاروا هم الطبقة الظاهرة في المجتمع , لذلك نجدهم هم من يرشحوا لشغل مقاعد البرلمان وهم الذين يفوزون بها , وهم من يصبحون الوزراء والمدراء والمتصرفين وغيرها من المناصب المهمة . ادى هذا الوضع الى انتشار الفقر وتفشي البطالة وتنامي سخط شرائح واسعة في المجتمع على الدولة وحكوماتها , خصوصا من العمال والفلاحين والكسبة . واعتبرت حكومات العهد الملكي المتتالية ليس غير حكومات اغنياء تعمل من اجل الاغنياء لتحقق الارباح للاغنياء . وكان من نتائج هذا أنتشار المظاهرات والاعتصامات والتي كانت في بعض الاحيان تصل الى درجات يضطر معها الى استخدام القوة لقمعها مما كان يزيد من تفاقم الاوضاع . من الاكيد بان النظام الملكي لم يكن يقصد هذا لان ما من حكومة في العالم تتعمد في ايذاء شعبها ومواطنيها لكن هذا ما حدث , والامر يعود كله الى قصور في الرؤيا من قبل المسؤولين وحكومات العهد الملكي المتتالية لانها كانت تنظر الى الاوضاع من زاوية واحدة , هي زاوية الاسراع بتحقيق التنمية في البلد دون النظر الى مصالح من يعمل لتحقيق هذا . كان هذا واحد من اهم الاسباب التي جعلت طبقات واسعة من الشعب تنقم على العهد الملكي وتتمنى اسقاطه وزواله .







18 – صعوبة حكم الشعب العراقي . يعتبر الشعب العراقي من اصعب شعوب العالم في حكمها , ويكاد العراقيين لا يرضون على حاكم مهما كانت صفاته . فهم لم يرضوا على حكم الامام علي (ع) الذي كان ينزل عند كل طلباتهم حتى قال فيهم قولته المشهورة (لقد ملئتم قلبي قيحا ايها العراقيين) . وهم لا يرضون ايضا على الحاكم السمح والبسيط فيستضعفونه ويستقوون عليه يثورون ضده وحتى يقتلونه . كما انهم لا يرضون على الحاكم الصارم الذي يبطش بهم ويحكمهم بسياسة الحديد والنار فيتذمرون منه ولا يمنعهم مانع في ان يستنجدوا حتى بالعدو او الاجنبي للخلاص منه . ومنذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا مر بالعراق مختلف الحكام الذين تباينوا بصفاتهم واخلاقهم , لكن العراقيين لم يرضوا على اي واحد منهم , والدليل على ذلك انهم جميعا اما قتلوا او تمت الثورة عليهم . كما ان جميعهم قد طعن بوطنيتهم وباخلاصهم بعد زوالهم مهما فعلوا من أشياء مفيدة للبلد . وقد ادركت كل الدول التي اخضعت العراق تحت سيطرتها هذه الميزة الموجودة في الشعب العراقي , وارتأت بان لا تتورط بحكم العراق بشكل مباشر بل السيطرة عليه بالنيابة , اي الاتيان بحاكم من العراقيين انفسهم مع السيطرة عليه بوسيلة او بأخرى . وكما هو الحال بالنسبة لجميع من حكموا العراق , فان الحال كان نفسه مع ملوك العائلة المالكة الذين حكموا العراق بعد تأسيس الدولة العراقية . فالعراقيون لم يرضوا عن اي واحد فيهم وثاروا وانتفضوا عليهم جميعا ولمرات عديدة حتى نجحوا في اقصائهم . لقد ادركت العائلة المالكة هذه الحقيقة , لذا فانها كانت على استعداد في يوم 14 تموز على ترك الحكم والرحيل عن البلد . لكن حقد الحاقدين وغدر الغادرين لم يعطهم حتى هذه الفرصة البسيطة وجرى استئصال هذه العائلة الشريفة برمتها رجالا ونساءا , فضرب العراقيين بذلك مثلا صارخا امام العالم كيف ان العراق وشعبه لا يؤتمن ابدا على من يرعاهم , ولا يسلم من نارهم مطلقا من يحكمهم , وليعتبر من هذه الحقيقة من يعتبر .


يتبع
 
19- الديمقراطية العرجاء . اقتداء ببقية بلدان العالم المتحضرة فانالمملكة العراقية ومنذ بداية تأسيسها بالعصر الحديث تبنت مبدأ الديمقراطية كوسيلة للحكم . لقد كان الحكم في العراق اثناء العهد الملكي نظام حكم ملكي دستوري وكان رئيس الوزراء هو الحاكم الفعلي للبلاد . لكن الدستور والقوانين السارية لم تجعل من الملك واجهة رمزية تمثل سيادة البلاد فقط , بل ابقت بيده سلطات كبيرة اهمها امكانية تدخله لأقالة رئيس الوزراء وحل البرلمان عندما تقتضي المصلحة العامة ذلك . كانت هذه الصلاحية سيف ذو حدين , فهي من جانب اعطت للملك القوة في ان يتدخل في اي شيء يخص الحكم حين تستدعي الضرورة , ومن ناحية اخرى سهلت امكانية الضغط على الملك لاقالة اي رئيس وزراء لا تتفق مسيرة حكمه مع القوى التي تحاول السيطرة على البلاد . لهذا نجد بان هذه الصلاحية قد استخدمت لمرات عديدة خلال العهد الملكي , حتى وصل الامر في بعض الاحيان ان تقال الوزارة بعد يوم واحد من تشكيلها . المشكلة الرئيسية في هذه الثغرة الدستورية هي في وقت وكيفية استخدامها , فبمجرد ان ترى بريطانيا بان الوزارة واجراءاتها تسير بعكس ما تريد حتى تسارع الى الضغط على الملك لاقالة تلك الوزارة وتعيين رئيس وزراء جديد او حل البرلمان برمته ان استدعى الامر ذلك . واذا لم يذعن الملك لذلك , او حاول المماطلة فما اسهل على تلك الدولة العظمى في ان تحيك المؤامرات وتدس الدسائس لوضع الملك في احرج المواقف . وان لم يفد هذا واستدعى الامر اجراءات اكثر فما اسهل عندها من التخلص من الملك نفسه بطريقة او باخرى , ولنا في استشهاد ملوك العراق الثلاثة خير دليل . لقد كانت هذه النقطة من اكبر المثالب التي اخذت على النظام الملكي برمته وجعلت الديمقراطية التي يتبعها تبدوا كسيحة وعرجاء امام كل ناظر , كما قال في ذلك الشاعر الرصاقي (علم ودستور ومجلس امة ... كل عن المعنى الصحيح محرف) . ومن الطبيعي ان تؤدي هذه الاحوال الى تذمر جموع الشعب من النظام وكره الناس للرموز الحاكمة التي كانت تتبادل الادوار والمناصب . كما جعل هذا الوضع النظام الملكي يبدوا خاضعا للقوى الاجنبية , واخذ الناس يتهمون الملك ورجاله بانهم ليسوا غير مطايا بيد القوى الاستعمارية الخارجية التي ظلت تسعى للتسلط على البلاد والتحكم بها . وبرغم كل هذه السلبيات والمساويء يمكن القول , وككلمة حق يجب ان تقال , فان الديمقراطية بالعراق اثناء العهد الملكي وبالرغم من بعض قصورها الا انها كانت في اعلى وافضل حالاتها منذ ان تأسست الدولة العراقية عام 1921 واستقلالها عن بريطانيا عام 1932 حتى يومنا هذا .



20- موقف المرجعيات الدينية من العهد الملكي . كما هو معروف فان اهم المرجعيات الدينية التي كانت موجودة عند تأسيس الدولة العراقية عام 1921 هي المرجعيات الشيعية التي كانت تتمركز في النجف الاشرف وكربلاء والكاظمية وسامراء . وكانت هذه المرجعيات ترى في ضرورة منح الاستقلال للعراق قبل التفكير بايجاد ملك له . اما من ناحية شكل النظام فان تلك المرجعيات كانت ترتأي في ان يكون العراق دولة عربية ذات حدود طبيعية تحكمها حكومة اسلامية تمثل الاغلبية . وحين ترشحت شخصيات لشغل منصب ملك العراق وبدأت الرياح تميل الى جانب الامير فيصل باعتباره الشخصية التي يمكن ان تحوز على رضا جميع الاطراف لم يحض هذا بذات القبول من قبل رجال الدين الذين نظروا إليه نظرة شك وارتياب خصوصا في أنه لا يمثل أغلبية السكان . بعد فترة انقسمت المرجعيات اعلاه الى معسكرين , اولهما معسكر كربلاء والنجف بقيادة الأصفهاني والنائيني الذي كان يعارض هذا الاختيار , بينما ذهب تيار آخر إلى تأييده هو تيار سامراء وكربلاء الذي يقوده مقتدى الصدر ومهدي الخالصي , وإن كان الأخير قد ربط هذا الاختيار والبيعة للامير فيصل ببعض الشروط . ويمكن القول بأن هذا الاختلاف قد عكس آثاراً جانبية فيما بعد على الجبهة الشيعية برمتها أدت إلى تضعضع هذه الجبهة ويسرت فيما بعد الجهود المبذولة لاختيار فيصل ملكا على العراق ، هذا الاختيار الذي كان معارضاً لأحلام زعماء الشيعة الدينية في إقامة دولة إسلامية , وعلى الأخص دولة شيعية . ونتيجة لاختيار فيصل الاول ملكا على العراق فقد دعت المرجعيات الدينية في النجف وكربلاء الى مقاطعة هذه الدولة وعدم الانخراط في مؤسساتها وعدم المشاركة في اي انتخابات تنظمها . ظل هذا الموقف ثابتا طيلة العهد الملكي بالرغم من محاولات الملوك ورجال الدولة باستمالة المرجعيات الدينية وارضائها بشكل او بأخر . وبعد 14 تموز وحصول التغيير من العهد الملكي الى العهد الجمهوري اعلنت المرجعيات الدينية وبصراحة عن تأييدها لهذا التغيير ومساندتها للوضع الجديد بالرغم من ان الشروط السابقة التي وضعت لشكل العراق كدولة لم تتحقق حتى في النظام الجمهوري فيما بعد . يمكن القول نتيجة لهذا الموقف بان نسبة كبيرة من المواطنين الشيعة بالعراق لم يكونوا راضين عن العهد الملكي ولم يكونوا يحبون الملوك الذين توجوا على العراق بالرغم من محاولاتهم المستمرة لكسب حب هذه الطائفة ونيل تأييدها , وربما لازال هذا الوقف موجودا وثابتا لحد الان .







21 - الامير عبد الاله . كان الامير عبد الاله واحد من اهم الاسباب التي دفعت الى اسقاط النظام الملكي بالعراق . والامير عبد الاله هو ابن الملك علي بن الحسين – ملك الحجاز الذي اقصي عن الحكم عام 1925 بعد سيطرة مملكة أل سعود على جميع اراضي الحجاز وضمها لمملكتهم بدعم وتأييد من بريطانيا . وقد لجأ الملك علي الى العراق هو وعائلته التي تضم زوجته الملكة نفيسة وبناته عابدية وعالية وجليلة وبديعة بالاضافة الى ولي عهده الامير عبد الاله . توفي الملك علي في بغداد عام 1935 ودفن في المقبرة الملكية بالاعظمية , بينما تزوجت الاميرة عالية من ابن عمها الملك غازي عام 1935 . كان الامير عبد الاله يتنقل بين مصر والعراق ولم يتجنس بالجنسية العراقية لانه ظل يتأمل بان تعيد اليه بريطانيا عرش مملكة الحجاز . وفي عام 1939 قتل الملك غازي بحادث سيارة ظلت الشكوك تحوم حوله , وادعت الملكة عالية في شهادة لها امام مجلس النواب بان الملك الراحل قال لها في مرات عديدة بانه اذا تعرض الى اي شيء يسبب وفاته فانه يوصي بان يكون عبد الاله الوصي على ولده الامير فيصل حتى يبلغ سن الرشد . عندها قرر مجلس النواب اختيار الامير عبد الاله وصيا على العرش لان الملك فيصل الثاني الذي توج ملكا على العراق لم يكن قد بلغ الخامسة بعد , وكان في حينها اصغر ملك بالعالم . ولحل مشكلة الجنسية , اصدر وزير الخارجية ناجي شوكت قرار بمنح الجنسية العراقية للامير عبد الاله . ظل عبد الاله وصيا لغاية عام 1953 حيث توج الملك فيصل الثاني رسميا واصبح بعدها عبد الاله وليا للعهد . وقد سلم الامير عبد الاله المملكة العراقية بعد 14 سنة من وصايته على عرشها وقد اصبحت دولة معتبرة تزخر بالعمران والتطور والتقدم في شتى الميادين مقارنة بما استلمه عام 1939 . غير ان كل هذه الافعال المخلصة لم تشفع لعبد الاله وظل مكروها من قبل العراقيين لاسباب عديدة ,
اول هذه الاسباب هو الشكوك التي حامت حول عبد الاله في حادثة مقتل الملك غازي والتي اتهمت بريطانيا بتدبيرها لان الملك غازي كان يميل الى المانيا ويسعى لاقامة علاقات قوية معها .
السبب الثاني هو موقف الامير عبد الاله من حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 , فبعد سقوط تلك الحركة وفشلها وعودة عبد الاله الى السلطة تمت محاكمة ثوار تلك الحركة غيابيا وصدرت بحقهم احكام بالاعدام . وفي السنوات اللاحقة تم القبض على هؤلاء ونفذ بهم الحكم من غير اعادة للمحاكمة , كما علقت جثة صلاح الدين الصباغ في مدخل بوابة وزارة الدفاع مما اثار غضب العراقيين من الامير عبد الاله .
السبب الثالث هو موقف الحكومة من انتفاضة الجسر (الوثبة) والتي كانت ضد معاهدة بورتسموث والتي جوبهت بالرصاص الحي مما ادى الى مقتل ستة من المتظاهرين . كما حدثت لاحقا في عام 1952 انتفاضة شعبية اخرى قام على اثرها عبد الاله بالاستعانة بالجيش لقمعها واعلان الأحكام العرافية لاعادة النظام والسيطرة على الاوضاع بالبلاد .
لقد تركت هذه الاحداث في نفوس العراقيين الاما كبيرة وموقفا كارها من الوصي والرغبة بالانتقام منه . ما من شك بان تلك المواقف كانت مؤلمة وغير مبررة , لكن الذنب لا يجب ان يلقى دائما من خلال الرؤية الظاهرية للامور فنحن لا نعلم التفاصيل الدقيقة للظروف المحيطة بتلك الاحداث , ولو اتيحت لعبد الاله محاكمة عادلة لعرفنا الكثير من التفاصيل المخفية عنا وقد تتغير نظرتنا عن هذا الرجل . كما ان اي استعراض لما جرى في العراق خلال العهود الجمهورية ومواقف الحكام من الرجال الذين حاولوا اسقاط نظام الحكم يجعل مما فعله عبد الاله بالاشخاص المماثلين مواقف بسيطة تكاد لا تقارن في ظلمها وقسوتها عن ما جرى لاحقا . وفي كل الاحوال فان من الخطأ اقران سمعة عهد كامل بمجرد افعال شخص واحد , او القيام باعمال مشينة لا تليق بسمعة شعب تمتد حضارات لألاف السنين . ان الطريقة البشعة التي جرى فيها الانتقام من الامير عبد الاله كانت حدثا يعتبر عارا في جبين الانسانية وتكاد تأنف من فعله حتى الوحوش الحيوانية . الرحمة للأمير عبد الاله , والرحمة لكل افراد العائلة المالكة.










22- كره النظام الملكي بشكل عام . لم يرى العراقيون في النظام الملكي غير كونه نظام حكم وراثي مما يعتبرونه نظام غير مقبول , بينما لم يروا فيه الكثير من المحاسن الاخرى اهمها انه يوقف تماما اي اطماع في الوصول الى السلطة . وبهذه النظرة وهذه الرؤيا يثبت العراقيين بانهم فعلا شعب يمتاز بالازدواجية لان كل شيء في حياتهم يأخذ طابع التوريث . فقد اثبتت العهود الجمهورية بان اغلب الرؤساء الذين وصلوا للسلطة فكروا بتوريث الحكم لابنائهم او على الاقل لافراد في اسرهم . ليس هذا فقط بل انتقلت فكرة التوريث حتى الى الاحزاب والحركات السياسية والكثير من الفعاليات الاخرى , ولا نريد ان نجلب هنا امثلة ملموسة عملا بالمبدأ الذي وضعناه لانفسنا بان لا نمس أي شخصية عامة مرت بالبلد . من ناحية اخرى فان العائلة المالكة العراقية حاولت تطبيق جميع التقاليد والمراسيم التي تمارسها العائلة المالكة البريطانية , مثل مراسيم التتويج والمواكب الملكية والقصور والحياة الملكية . لقد كانت هذه الفعاليات غريبة على العراقيين ولم يرونها من قبل مما جعلتهم يتصورون بان العائلة المالكة تعيش في عالم اخر يشابه العوالم التي قرأوا عنها في الاساطير مملوء بالغنى والكنوز والجواهر والبدلات الفخمة والابهة والفخفخة والتعالي , وانها لا تعيش حياتهم وما موجود فيها من فقر وجوع وتخلف ولا تفهم اوضاع البلد ولا تتصورها . لقد جعلت هذه التصورات العراقيين ينقمون على الاسرة المالكة وعلى النظام الملكي ككل , وتمتليء صدورهم بالغيرة والحقد على هذا النظام وافراده . كانت تلك النظرات خاطئة تماما ومن وحي الخيال , فالعائلة المالكة كانت بسيطة في كل شيء , بمعيشتها وبملابسها وحتى في ثرواتها . فبعد كل الجرودات التي اجريت بعد حركة 14 تموز لم يعثر لدى العائلة المالكة لا على كنوز ولا اراضي ولا حسابات بنكية ولا ثروات خاصة . فالقصور كانت حكومية وقد عادت للدولة بعد زوال العهد الملكي , والاثاث كان ملك الدولة , والملابس كانت تشترى اما من تخصيصات العائلة المالكة اذا كانت ملابس رسمية , او من رواتبهم اذا كانت ملابس خاصة . وحتى السيارات , فهناك وقائع كثيرة تروي بان السيارات الملكية كانت اما هدايا من دول اخرى او مشتراة من رواتب الملكو انفسهم . الشيء الوحيد الذي عثر عليه هي بعض الحلي والجواهر النسائية لا تختلف كثيرا عن معظم ما تملكه العراقيات من ذهب وحلي وجواهر . رحم الله ملوكنا وافراد اسرهم البسطاء النجباء , فقد كانوا مثال النزاهة والبساطة والشرف .











انتهى الموضوع
 
موضوع دسم جدآ وكانت اكبر كارثه على العراق عندما اطاحو بالملكيه وتحويلها الى جمهوريه ولو استمر النظام الملكي بحكم العراق لربما نشاهد الأن مملكه متحده بين العراق والأردن تحت مسمى المملكه الهاشميه المتحده

وكانت اكبر غلطه قتل العائله المالكه بطريقه يندى لها الجبين

منذ فترة دخلت الى الصغحات السياسيه العراقيه النشطه على الفيس بوك وكان هناك اقتراع هل تؤيد ان يرجع العراق الى النظام الملكي
كانت النتيجه ساحقه بمعنى الكلمه بتأييد ان يكون العراق دوله ملكيه وكانت معظم الأصوات من الشيعه والسنه وفقط اقليه قليله جدا من الاصوات كانو من الاكراد يرفضون هذ الأمر رفضآ قاطعا

ما اجمل العراق عندما كانو السنه والشيعه وبقية الأقليات قد ذابو بمجتمع ودوله لا يظلم بها احد
 
شكرا اخي على موضوعك الغني والرائع
الجميل ان الأسره المالكه كانت محدوده الصلاحيات
حتى اني سمعت سابقا ان وزارة الماليه اوقفت الأنفاق
على علاج احد افراد الاسره المالكه بعد وصلت النفقه لحد معين

اعتقد زوال اكثر الملكيات العربيه
سببها بغض العرب لحكم الملوك
والخضوع لعائله منذ ايام الجاهليه
حتى الأن والسبب أنفة العرب
والتنافس بين العائلات الكبرى
حتى مكه كان يحكمها مجموعه من وجهاء قريش
 
موضوع ممتاز والواحد لما يقرأه بيتحسر على ما آل له العراق الجميل بلد الفن والحضارة والادب
ان شاء الرحمن يرجع العراق افضل من الاول بعد زوال الطائفية والعنصرية والثيوقراطية
 
موضوع مليء بالمغالطات ولم يكتب بحيادية ووجهة نظر كاتبه أثرت في كتابته للتاريخ ..

المملكة العربية السعودية لم تكن لبريطانيا لتأخذها أمريكا .. المملكة العربية السعودية بنيت بسواعد أبناء جزيرة العرب وقاتلت البريطانيين والعثمانيين ورسم ابنائها حدودها بالدم ولم تكن خاضعة لمستعمر او مندوب سامي ولم يرسم حدودها مؤتمر لمستعمرين .. والسعودية هي من أخرجت بريطانيا من مستقبل المنطقة عبر فض التفاهم معها وعقدت حلف مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا نتيجة استقلاليتها الشيء الذي لم تستطع كثير من دول المنطقة فعله بسبب تأثير الاستعمار السياسي والاقتصادي على تلك الكيانات اللتي هي من رسم الاستعمار ..

تسمية الكاتب للدولة العثمانية بالخلافة وهذا خطأ لم تكن خلافة إسلامية ولا دخل لها بالإسلام بل كان إحتلال تركي ممنهج لأراضي عربية سعى هذا الإحتلال التركي لتدمير هويتها وإغراقها بالتخلف والجهل وعزلها وكان أجدادنا في قتال دائم ونضال كبير ضد هذا الإحتلال البغيض .. وسنبقى أوفياء لدمائهم
 
التعديل الأخير:
الهاشميين جائو بالخيانة و الانقلاب و انتهوا بالخيانة و الانقلابات لادئاني @لادئاني



قرأت مذكرات - سامي جمعة - ضابط المخابرات السورية الشهير خلال أربعينات وخمسينات ومطلع ستينات القرن الماضي ..وهو يشرح كيف تم التنسيق بين عبدالسلام وعارف وعبدالكريم قاسم مع المخابرات السورية - المصرية بقيادة عبدالحميد السراج لاسقاط الملكية بالعراق وقتل نوري السعيد وعبدالاله ..

بالبداية يذكر كيف تم الالتقاء بين هؤلاء الضباط العراقيين مع ضباط سوريين بالأردن 1956 خلال انتشار الجيشين في الأردن أثناء العدوان الثلاثي على مصر وكان ذلك على يد ضابط عراقي كان هارب من العراق ويعمل مدرباً ومحاضراً بالكلية العسكرية في سورية وكانت له صداقة مع قاسم وعارف حيث بدأت بوادر الصلة والاتصال بينهم وتعززت لاحقا؟ً عبر جاسوس عراقي داخل سفارة العراق بدمشق 1956 و1957و1958 جنده مدير المخابرات السورية عبد الحميد السراج وأصبح فيما بعد شيوعيا ومديراً للشرطة بموقع بغداد بعد الانقالاب ..فكان ينقل للسراج كل تحركات الملحق العسكري العراقي بدمشق صالح مهدي السامرائي وأنصاره ..

ثم تحول لصلة الوصل ونقطة الاتصال السرية بين قاسم وعارف من جهة وبين السراج من جهة ثانية



الموظف العراقي داخل السفارة العراقية بدمشق 1957 والمجند لصالح المخابرات السورية كان اسمه - خلوق ابراهيم زكي - وكان شيوعي وله ابن عم عندئذ ضابط شيوعي بالجيش العراقي وكانو همزة الوصل والاتصال بين المخابرات السورية مع قاسم وعارف...

مطلع 1958 أوفد مدير المخابرات السورية عبد الحميد السراج ضابط مسرح من الجيش السوري (( الملازم أول طلعت صدقي)) كان يعمل في شركة مدنية حصر التبغ والتنباك السورية وعينه بالسفارة السورية ببغداد كملحق عسكري باسم طلعت نابلسي وتم اطلاعه على مهامه تقديم الدعم والمشورة لقاسم وعارف لتنفيذ انقلاب عسكري وتهيئة الظروف والتنسيق والاتصال بينهم مع سورية..

بعد نجاح الانقلاب عين خلوق ابراهيم زكي في منصب مدير شرطة بغداد واستمر بالاتصال بالسوريين الى أن حدث انفصال قاسم عن عارف وكان أخر خدمة أداها لصالح المخابرات السورية الكشف عن خفايا زيارة قائد الجيش السوري الشيوعي عفيف البزرة الى العراق والاجتماع مع قاسم لدعم الشيوعيين السوريين..

بعد نجاحه بمهمته أعيد الملازم طلعت صدقي الى سورية ورفع الى رتبة مقدم واستلم فرع الشؤون العربية بالمخابرات السورية واستمر به حتى انفصال سورية عن مص1961 حيث هرب الى مصر وعمل بالنشاط التجاري بين بغداد والقاهرة
 
عودة
أعلى