ديالى وليست الانبار

الراية

عضو مميز
إنضم
14 ديسمبر 2011
المشاركات
12,947
التفاعل
25,371 23 10
سر المؤامرة

على محافظة ديالى


د. طه الدليمي


قبل أسبوعين أوعزت لأحد الأصدقاء بكتابة شيء عن المؤامرة الجارية على ديالى، من أجل اعتماده أساساً لبحث تفصيلي عن هذا الموضوع الخطير، وكنت أنوي كتابة دراسة ميدانية معمقة. يبدو أنه ليس لدي من وقت لإنجاز هذا الهدف الكبير؛ فقد طال نوم مكتوب الصديق بين ملفاتي حتى فقدته؛ فاحتجت إلى استدعائه منه مرة أُخرى!

يوم أمس أثار شجوي ما علقه (بغدادي حر) على صفحتي في (تويتر) تحت عنوان رأيته يضرب في الصميم: "ديالى وليس الأنبار.. افهموا قبل أن تندموا". فعملت له إعادة، وفي عيني وقلبي الخنجر الذي غرسته المليشيات الشيعية قبل ثلاثة أيام في صدر (بهرز) هذه الناحية السنية المنكوبة في ديالى بمشاركة القوات الحكومية.

لقد وضع الرجل يده على العلة، وملخصها: لو قارنا بين الأنبار وديالى من حيث الخطر الذي يتهدد كل واحدة منهما، تكون ديالى قضية طارئة لا تحتمل التأجيل وإلا التهمها الشيعة واحتلتها إيران، أمام قضية عاجلة لكنها ليست طارئة. ولا أقل من إعطاء كل قضية مستحقها مع مراعاة الأولوية والتوقيت.



ديالى بالمنظور الشيعي الإيراني

قال مرشد إيران علي خامنئي لرئيس وزراء العراق نوري المالكي: "إن محافظة ديالى هي خاصرة الشيعة التي يجب أن تكون شيعية، وهي كعبة الشيعة والطريق الأقصر لإيران"! ولم يكن علي السستاني بعيداً عن المؤامرة، بل هو في صلبها؛ لذا فهو على اتصال دائم مع ممثليه في ديالى، ورأيه فيها أنها (جمجمة العراق بالنسبة للشيعة)، وأسس في المحافظة غرفة عمليات خاصة لمتابعة (الإرهاب)!

وفي يوم 7/7/2013 عقد ممثل المالكي مؤتمراً في محافظة ديالى انكشفت فيه الكثير من الأمور وافتضحت الكثير من الأعمال. إذ اعترف بأن المالكي "خولهم كل الصلاحيات لكي تكون محافظة ديالى شيعية، تنفيذاً لما قاله علي خامنئي في طهران"! وانصبت مقررات المؤتمر على تنفيذ الخطة عن طريق الدهم المتواصل والضغط المستمر لتهجير السنة، وتسليح الشيعة بالأسلحة الخفيفة والقنابل والقاذفات، وتشكيل وحدات مليشية مسلحة قامعة، وتجنيس عشرة آلاف إيراني بالجنسية العراقية من أجل توطينهم في محافظة ديالى! ودعا أحد المؤتمرين إلى تهجير العشائر، التي لا تؤمن بالعملية السياسية، والضغط عليها بالدهم الليلي والنهاري لترك منازلهم ودفعهم إلى مناطق أخرى. وفي المؤتمر المذكور هدد هادي العامري مسؤول منظمة بدر الإرهابية عناصر المؤتمر وأنبهم على تقاعسهم بقوله: "يتوجب عليكم عدم التفريط بـمحافظة ديالى لأهل السنة".

وما قيل في (المؤتمر) يجرى تنفيذه على الواقع. فقد اعترف قائد عمليات ديالى بأنه عمل على "إصدار أوامر دهم يومي عشوائي بدون مذكرات قضائية؛ من أجل استمرار الضغط لتهجير السنة إلى أماكن أخرى". واعترف قائد شرطة المحافظة بأنه "ينتزع الاعترافات من المعتقلين بالتعذيب". واعترف حسن السنيد رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب بأنه "كان يحجب تقارير تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في محافظة ديالى دفاعاً عن الشيعة". وأكد محافظ ديالى السابق أنه عمل على "تفعيل (600) ألف مذكرة قبض ودهم لضباط الجيش العراقي السابق والبعث وشيوخ العشائر والوجهاء والمختارين، وبعض الضباط في الجيش والشرطة الحاليين من السُنًة والذين لم ينفذوا الأوامر)([1]).


المخطط الشيعي الايراني

اتبع المخطط الإيراني كل الخطوط لتشييع محافظة ديالى واختراقها، ومنها الخط السياسي، وأوله منع تحويل ديالى إلى إقليم. ثم العمل على تغيير القيادات السنية التي تسنمت مناصبها طبقاً لصندوق الانتخاب؛ وإحلال قيادات شيعية محلها، أو آخرين من السنة أقرب إلى الانصياع للتعليمات. علماً أن ديالى محافظة سنية بفائق يتجاوز نسبة الـ(85٪)؛ فمن غير الممكن أن لا يكون الفائزون في معظمهم سنة .

dyala1.jpg


وسار المخطط قدماً فتم تغيير المحافظ ونائبه ورئيس مجلس المحافظة متهَمين رسمياً بالفساد. وذلك من أجل السيطرة على القرار السياسي في المحافظة وجعل البوصلة بيد الشيعة وإيران لتوجيهها بالاتجاه الذي يخدم اطماعهم في المحافظة.

أما المخطط العسكري والأمني فقد تم تسليم جميع المناصب الأمنية والعسكرية الكبرى إلى أيد شيعية. ما أدى إلى انكشاف ظهور السنة وتعرضهم إلى حملات فظيعة من قتل واعتقال وتعذيب واغتصاب وخطف وتهجير أدى إلى تفريغ كامل لمدن وقرى من ساكنيها، وقصف عشوائي وتفجير وهدم مساجد ومجازر جماعية، كان آخرها مجزرة ناحية بهرز قبل ثلاثة أيام، وما زالت مستمرة، دون أدنى حماية تنفذها القوات العسكرية الرسمية والمليشياوية في ظل تعتيم إعلامي محلي وعربي وعالمي. كل هذا من أجل تغيير ديمغرافية ديالى لصالح الأقلية الشيعية فيها.



دور ( الشيعة العرب ) .. بنو تميم مثالاً

صدع الوطنيون رؤوسنا بـ(الشيعة العرب الأقحاح) و(عشائر الجنوب العربية الأصيلة). وهاكم مثالاً على تفاهة هذا الفكر وكذب هذه الدعوى قبيلة بني تميم. لقد لعبت هذه القبيلة في ديالى الدور الأبرز في قتل وتهجير أهل السنة هناك. حيث انضم أبناؤها بقيادة شيخهم بلاسم حميد يحيى الحسن إلى منظمة بدر ومليشياتها، بعد أن كان معظمهم، وعلى رأسهم شيخ القبيلة حميد يحيى الحسن، والد شيخ القبيلة الحالي، بعثيين في زمن الرئيس صدام حسين، الذي كان بسبب فكره الوطني البعيد عن الواقع مخدوعاً بهم وبالشيعة عموماً. وكان ينعم عليهم وعلى شيخهم بالعطايا والأموال. لكنهم ما إن احتل العراق في نيسان 2003 حتى غيروا جلدهم فعملوا في بادئ الأمر أدلاء ومترجمين للجيش الامريكي .

dyala2.jpg


ثم انضموا إلى الميليشيات الشيعية، خاصة منظمة بدر التي يقودها هادي العامري. ثم انضموا إلى حزب الدعوة بعد تسلم نوري المالكي رئاسة الحكومة. وأعلن الشيخ بلاسم الحسن أمام مندوب المالكي في مؤتمر مجالس إسناد حزب الدعوة الشيعية في محافظة ديالى، الذي عقده رئيس الحكومة نوري المالكي تعهده وأفراد عشيرته بالتعاون مع قوات الجيش الحكومي والأجهزة الأمنية الحكومية للقضاء على معارضي الحكومة. في إشارة واضحة إلى القبائل والعشائر والبيوتات السنية في المحافظة. بل كونوا ميليشيا خاصة بالقبيلة يقودها المدعو مثنى التميمي، القيادي في منظمة بدر، ورئيس اللجنة الأمنية السابق في مجلس المحافظة، يعاونه ابن عمه فرات التميمي، نائب المحافظ السابق، والعقيد وسام التميمي، والدكتور علي التميمي.



سر المؤامرة على محافظة ديالى

إذا كانت السياسة لا تنفصل عن الجغرافيا فيمكنني القول: إن في جغرافية ديالى تكمن معرفة السر الأكبر وراء ما يجري، وجرى من قبل، على هذه المحافظة المنكوبة. إن نظرة أولية على الخريطة تكشف أسراراً مهمة، وتجيب عن أسئلة كبيرة.

تقع محافظة ديالى في وسط العراق على مسافة (60) كم إلى الشرق من العاصمة بغداد. تبلغ مساحتها (19000) كم2 أي ضعف مساحة دولة قطر تقريباً. وعدد سكانها حوالي (1,250,000). يمر بها نهر ديالى الشهير الذي يصب في نهر دجلة. وتشتهر بزراعة الحمضيات، لذلك تلقب بـ(مدينة البرتقال).

ويمكن إجمال أهمية وخطورة موقع ديالى الجغرافي بما يلي:

dyala3.jpg


•ديالى هي المحافظة العربية الوحيدة ذات الأغلبية السنية المتاخمة لإيران. فمن بين المحافظات العراقية الست ذات الحدود مع إيران هناك ثلاث ذات أغلبية شيعية هي البصرة وميسان والكوت إلى الجنوب من ديالى، واثنتان كرديتان هما السليمانية وأربيل إلى الشمال منها.

•تمثل ديالى أقرب الطرق المؤدية إلى العاصمة بغداد من جهة إيران، وذلك عبر منفذي مندلي وبدرة. إذ ليس بين إيران والعاصمة العراقية أكثر من 60 كم عن طريق ديالى!

•تمثل ديالى أقصر طريق بري من إيران إلى سوريا؛ لهذا يستعمله وزير النقل هادي العامري في نقل الأسلحة وعناصر الحرس الإيراني إلى سوريا عبر العراق. لا سيما وأن مرور إيران إلى سوريا عبر المحافظات الشيعية في الجنوب يصطدم بعقبة الأنبار، التي تساوي مساحتها مساحة الأردن مرة ونصف المرة. وهي عقبة حقيقية يصعب تجاوزها، خصوصاً وأنها محافظة سنية بحتة، وليست كمحافظة صلاح الدين التي فيها تجمعات شيعية في بلد والدجيل والدوز يمكن أن يحموا الطريق المختصر من ديالى إلى سوريا عبرها. فكيف لو تحولت الأنبار إلى إقليم؟! وهذا أحد أسباب سعي إيران لمنع تكون الأقاليم في العراق.

•سيطرة إيران على ديالى يهدد بغداد ودمشق سياسياً وعسكرياً وديمغرافياً!

•بالسيطرة على ديالى يكتمل ظهور (الهلال الشيعي)، لمحاصرة الأردن ولبنان ودول الخليج والمنطقة ككل. لا سيما والمؤامرة الإيرانية الشيعية جارية على قدم وساق في اليمن وتتمدد في الكويت والسعودية وغيرها من دول الخليج لإحكام الطوق وتحقيق الحلم الفارسي باحتلال مكة واستعادة الإمبراطورية الفارسية.

هذا هو سر البلاء الذي ينهمر على رؤوس أهل ديالى؛ فإيران عملت على تشييع المدن المتاخمة لها فصارت قناطر للعبور إلى العراق إلا ديالى؛ فلا بد من دعس هذه الشوكة السنية وإعادة تشكيلها شيعياً تحضيراً لهضمها في المعدة الإيرانية من أقرب نقطة. وعلى هذا الأساس فإيران جادة في البحث عن وسائل معينة تسيطر بها على هذه المحافظة. لهذا جن جنونها يوم أعلن مجلس محافظة ديالى ذهابه إلى خيار (الإقليم)؛ لأن هذا يجعل المحافظة خارج مرمى المؤامرة. وبهذا يتبين أن رافضي الإقليم شركاء لإيران والشيعة في هذه المؤامرة الخطيرة، وعليهم أن يتحملوا مستقبلاً مسؤولية تواطئهم وحمقهم؛ فالجهل في مثل هذه الأمور جريمة وليس خطأً؛ ما الذي نستفيده فيما لو ضاعت ديالى ثم قال بعضهم: لم نكن نعلم؟! الذي لا يعلم عليه أن يكرمنا بسكوته؛ فهذه أمور خطيرة تبنى عليها مصالح الناس في دينهم ودنياهم معاً، وهي أخطر مئات المرات من الكلام في فقه الفروع الذي هو - في معظمه - فقه فردي، لا يتأثر به مصير المجموع.

أظن أن عبارة المدعو (بغدادي حر) على (تويتر): "ديالى وليس الأنبار.. افهموا قبل أن تندموا" هي حقاً وفعلاً في الصميم.

 
اعادة امبراطورية فارس امر منشود لدى الايرانيين .. يعملون بنفس النهج الصهيوني لاسرائيل الكبرى ..

لكن كلاهما نسي .. هذه امة محمد :)
 
عودة
أعلى