صدام: قتلنا الإيرانيين كما الجراد

abu ali

صقور الدفاع
إنضم
21 نوفمبر 2013
المشاركات
11,282
التفاعل
33,356 83 1
الدولة
Saudi Arabia
1167421372.jpg


أفرج الأرشيف الوطني البريطاني عن وثائق ومراسلات بين رئيسة الحكومة مارغريت تاتشر وعدد من زعماء العالم بين العامين 1983 و1984.

ادعى صدام حسين خلال الحرب مع ايران انه يدافع عن السيادة العراقية وسيادة دول الخليج والمصالح الغربية في المنطقة في وجه المد الخميني الذي يحاول السيطرة على النفط واخضاع المنطقة.

وكان يروج عبر الاعلام الذي يغذيه بانه واجهة الدفاع عن العالم الحر الذي يحارب عباءة الخميني الدينية وسيطرة رجال الدين على الفكر وجعل قم محجاً للمسلمين.

وبين الوثائق التي افرج عنها الارشيف البريطاني تقرير من السفارة البريطانية في بغداد عن لقاء صدام مع النائب المحافظ جوليان آمري يرافقه الكولونيل البريطاني نيل ماكلين. والكولونيل، وفق معلومات حصلت عليها القبس عبر البحث عن هويته، ضابط استخبارات سابق قاد قوات الصاعقة البريطانية في البانيا اثناء الحرب العالمية الثانية بعدما خدم في فلسطين مع الجيش البريطاني فترة سنتين، وبعدها في سوريا ومصر، مما جعله يكتسب خبرة في العالم العربي وشؤونه اعتباراً من 1939 ثم ما لبث ان اصبح عضواً في مجلس العموم البريطاني عن ايرلندا الشمالية.

ومن بين ما ورد عن ماكلين انه لم يكن معجباً بشخصية الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وايّد حرب السويس لاسقاطه، كما عمل مع الامام محمد البدر ضد عبدالناصر الذي ارسل قوات مسلحة للدفاع عن الثورة اليمنية.

ولم يُعرف ما اذا كان صدام، الذي شبه نفسه بعبد الناصر، وكال لنفسه الكثير من المديح عرف شخصية الكولونيل مسبقاً او تلقى موجزاً عن سيرته قبل استقباله، لكن ما تبين من الوثيقة عن اللقاء ان صدام ناقش الكولونيل في مسألة الجبهة العراقية والحرب على ايران.



كولونيل منافق

الكولونيل كان «منافقاً» امام صدام وقال ما اراد الرئيس العراقي ان يسمعه عن «ان زيارة ناحية صغيرة من الجبهة جعلتني لا اريد ان اكون ضابطاً ايرانياً اقاتل القوات العراقية».

تبدأ الوثيقة بوصف ل‍ «القاعة الواسعة» حيث استقبل صدام وهو بالزي العسكري ويحمل مسدساً في وسطه الوفد البريطاني بحضور مترجمه مازن الجهاوي، بينما بقي الحراس المسلحون بالرشاشات الخفيفة «بعيداً خارج الغرفة» من دون استطاعتهم سماع اي شيء مما يدور داخلها. وتحدث الضابط عن اعجابه باداء الجنود العراقيين، وبالوضع الذي يعيشونه في الجبهة من دون ان ينقصهم شيء من الغذاء او السلاح او الدعم خصوصاً مع تمركزهم في منطقة حساسة مقابل جبهة «مجنون». وابلغ صدام الوفد انه منذ انسحابه من المحمرة (خرمشهر) في 1982 أصبحت قواته في أمان ولا يستطيع الإيرانيون اختراق الجبهة ودخول الأراضي العراقية على الاطلاق.

وحاول الرئيس اقناع ضيفيه بان العراق بلد متقدم وليس من دول العالم الثالث مثل إيران، وانه قادر على جعل قواته المدربة جداً تتقدم وفق الأوامر السياسية، وان تنسحب عند الضرورة من دون أي مشكلة.

وشدد صدام على انه لم يهدف إلى احتلال أي أراض إيرانية ولا إلى تحرير عربستان، بل ان هدفنا من الحرب كان للرد على العدوان الإيراني.

وادعى ان طهران فسرت انسحابه من المحمرة وكأنه ضعف، وحاولت مراراً دخول الأراضي العراقية، لكن تم ردها على الفور وبقوة. وتحدث عن هجوم شنه الإيرانيون في فبراير 1984 عندما «أرسلت طهران موجات بشرية تشبه موجات الجراد تم التعامل معها كالجراد عبر قصفها واحراقها كما يحرق المزارع موجات الجراد».

وتحدث التقرير عن ان صدام شاهد بنفسه فيديو عن عملية القتل الجماعية التي تم تصويرها ووعد بإرسال نسخة فيديو إلى لندن.



أنابيب العقبة

وتحدث صدام بكل قوة وفخر ان الإيرانيين بعد أربع سنوات من الحرب لم يستطيعوا تغيير النظام المنبثق من الشعب. وذكر ان الاقتصاد قوي جداً وان الأوضاع ستتحسن بعد بدء تصدير النفط عبر خطوط أنابيب تمتد الى ينبع والاسكندرون ومن ثم الى العقبة، التي ينتظر افتتاحها بعد الحصول على ضمانات اسرائيلية بعدم قصفها وأنا متفائل بذلك.

وأبدى صدام عدم معرفته الأكيدة بمن زرع الألغام في البحر الأحمر، لكنه دلل على ان من وراء ذلك قد تكون إيران أو ليبيا لانهما يهمهما ايذاء العراق عبر عرقلة الملاحة عند أبوابه الخلفية، ومن ثم منع ميناء العقبة من استقبال البضائع المتوجهة إلى العراق.

ورداً على سؤال من النائب عن امكانية خسارة إيران الحرب، ومن ثم انهيار النظام قال صدام انه قبل الإجابة عن السؤال يجب علينا ان نعرف ان بغداد لم تبدأ الحرب في 22 سبتمبر 1980.انها إيران التي بدأت منذ زمن بارسال مرتزقة للتخريب في العراق، كما كانت وراء اغتيال وزيرين وتفجير قنابل عدة دعت عبر إعلامها الرسمي الى اسقاط النظام، كما قصفت المدفعية الإيرانية خطوط أنابيب النفط وعطلتها في أكثر من موقع داخل العراق.



تشجيع السعودية

وقال صدام انه بعد حوادث عدة في ربيع عام 1979 زاره الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية في تكريت وابلغه بمعلومات عن استعداد القوات الإيرانية للاعتداء على العراق.

وشدد صدام على انه أبلغ السعوديين انه يريد علاقات سلمية مع إيران «.. وهذا ما أريده الآن» عندما تنتهي هذه الحرب.

وتحدث عن الضعف الذي أصاب إيران بعد رحيل الشاه من الحكم، وقال انه يجب عدم السماح لإيران باستعادة قوتها السابقة لأنها ستصبح خطراً على المنطقة والاستقرار في العالم. وأشار الى ضرورة وقف الحرب كي لا تحمل اذا طالت «مفاجآت خارجية».



لعبة الحرب

وأشار الى ان لعبة تشجيع ايران والعراق على الاستمرار في الحرب خطرة جداً، وقد تنقلب اللعبة على اللاعبين.

ورداً على سؤال عما اذا كان يمكن اقناع ايران بالتفاوض قال صدام «لا اعتقد بإمكانية اقناع نظام الخميني بالتفاوض.. ان رجال الدين في قم يتعشقون الى السلطة، لكنهم قد يفعلون مصلحتهم الذاتية، كما فعلوا مع الرهائن الاميركيين عندما اطلقوهم بعدما حققوا المكاسب التي يريدونها».



الغرب يموّل الحرب

وأشار الى ان الدول الاوروبية لا تتعاون لوقف الحرب. وهي تموّل الحرب الايرانية عبر شرائها النفط الايراني نقداً، ما يسمح للنظام في طهران بالاستمرار في عدوانيته.

وأعرب عن اعتقاده بأنه يمكن اقناع طهران بوقف الحرب خطوة خطوة. كما ابدى استغرابه لمشروع بيع ايران عبّارات برمائية، منتقداً ما تقوله لندن ان ايران تعهدت بعدم استخدامها في الحرب.

وتساءل: «بماذا يمكن استخدامها اذن؟».

وحض الغرب على التعامل بقسوة مع النظام الايراني ما قد يسمح للمعتدلين بالوصول الى السلطة.



شيعة العراق

ومع ان صدام اتفق مع النائب البريطاني على اهمية استمرار العلاقات الاوروبية مع طهران، الا انه شدد على ان التعامل التجاري معها يجب ان يشترط وقف الحرب.

وفي النهاية حض صدام النائب البريطاني على تفهم موقفه، ومن ثم زيارة اي ناحية يريدها في العراق، خصوصاً منطقة النجف الشيعية ليرى بنفسه ان شيعة العراق يؤيدون النظام.



هضم لبنان

وكان صدام تحدث عن العلاقات مع الاردن ومصر وسوريا، التي قال ان اركانها منشغلون بهضم لبنان الذي ابتلعوه (...) الأمر الذي رحبت به اسرائيل لمعرفتها بأن نظام الاسد لا يحارب.

وسبق الاجتماع مع صدام لقاء النائب البريطاني والكولونيل مع وزير الخارجية طارق عزيز، الذي تحدث طويلاً عن الحرب، مركزاً على الدور السعودي. واعتبر ان الخميني وصل الى الحكم بسبب اخطاء الشاه، ليس محبة بالملالي، وبعدما وجد الناس ضالتهم في رجال الدين.

ولاحظ طارق عزيز ان الخميني ربط مصير النظام بالحرب، وان عدم تحقيقه النصر قد يؤدي الى سقوط النظام او تغيير شكله.



إخضاعهم صعب

وتطرق النقاش الى ما اذا كان الاتحاد السوفيتي سيكون اكثر المستفيدين من انهيار النظام، وما اذا كانت ايران ستتحول لاحقاً الى «ايرانستان» تابعة لموسكو. وشدد طارق عزيز على ان الايرانيين من الصعب اخضاعهم الى قوة خارجية، ومن ثم من الصعب حكمهم بالعصا فقط.

وشدد على ان دولة تطرد وزير دفاعها وعدداً من كبار القادة والوزراء اثناء الحرب. يعني انها تعيش انقساماً كبيراً في الرأي.

واستبعد طارق عزيز عودة الشاه راكباً على حصان ابيض في حال سقوط نظام الخميني، وقال «اعتقد ان نظاماً من المعتدلين قد يحاول وقف الحرب ومن ثم التوصل الى اعادة بناء البلاد ومن ثم التصالح مع الجيران».



في البصرة ومجنون

لكن عزيز شدد على ان الملالي لا يزالون يتمتعون بالتأييد الشعبي، خصوصاً ان العقيدة الشيعية تلزم معتنقيها بالايمان بزعيمهم الديني.

وابلغ عزيز الوفد ان الرئيس سيستقبلهما بعدما يزوران البصرة ومنطقة مجنون ومنطقة في الجبهة.

وأعطى النائب انطباعات عن لقائه مع جنود وضباط في الجبهة او بين بغداد والبصرة، وقال ان معنوياتهم جيدة واوضاع معيشتهم لا بأس بها، ولديهم مراوح لترطيب الهواء، وتلفزيونات للاطلاع على آخر الاخبار ومشاهدة افلام. ولاحظ ان الجنود يخدمون ثلاثة اسابيع في الجبهة ويرتاحون بعدها ويخدمون في الحرب مداورة.



خطط الطوارئ

بعد الهجوم الذي شنه الإيرانيون على الأراضي العراقية، وفشله في تحقيق أهدافه باحتلال أجزاء كبيرة من الأراضي المحاذية عُقد اجتماع رفيع في لندن بتاريخ 28 فبراير 1984، حضره عن الجانب البريطاني وزير الدفاع مايكل هيزلتاين ورئيس الأركان الفيلد مارشال ادوين برومول وعدد من المسؤولين في الاستخبارات ووزارتي الدفاع والخارجية وعن الجانب الأميركي وزير الدفاع كاسبار واينبرغر والسفير تشارلز برايس والجنرال ملون باول وعدد من المسؤولين في الاستخبارات ووزارتي الدفاع والخارجية.

وفي الوثائق تقرير رفعته وزارة الدفاع البريطانية إلى رئاسة الحكومة، عما جرى في الاجتماع.

تركز البحث في خطط طوارئ لمنع إغلاق مضيق هرمز أمام حركة ناقلات النفط.

وشدد واينبرغر على أهمية اتخاذ قرار وتنفيذه بسرعة، كي لا تتعقد الامور ويصعب لاحقاً الحفاظ على حرية الملاحة في المضيق او عرقلتها والاضطرار الى عملية عسكرية اكبر.

وفي التقرير اشارة الى ان الاميركيين كانوا على اتصال وثيق مع دول في المنطقة (لم يسمها التقرير) تعتقد ان الخميني يريد نشر الدعوة الشيعية الأصولية (...) في مختلف أنحاء الخليج.

وقال واينبرغر إن دولاً في المنطقة تعتقد أن انتشار الأصولية الشيعية أخطر بكثير من انتصار اي من طرفي الحرب على الآخر، في حين أن الولايات المتحدة تخشى استغلال الاتحاد السوفيتي للوضع لإيجاد ارضية له في منطقة آبار النفط الحيوية.



خوف من التمدد الشيعي

واثار رئيس الاركان البريطاني مسالة خسارة العراق الحرب ومن ثم انتشار الاصولية الشيعية وتمددها نحو السعودية والأردن ووصولها الى اسرائيل. ورد واينبرغر بالقول «انه السيناريو الذي يحذر منه الاردن».

ولاحظ انه اذا حدث ذلك الامر فسيكون مناسباً للاتحاد السوفيتي الذي له وجود عسكري في سوريا، مما سيساعده في إعادة رسم استراتيجيته بأفضل الصور.

لكن وزير الدفاع البريطاني قال «إن انتشار الاصولية الشيعية قد لا يناسب الاتحاد السوفيتي الذي لديه نسبة كبيرة من المسلمين، الذين سيتحركون للحصول على ما يرونه مناسباً، ومحاولة تأسيس دولة اسلامية مستقلة في الاتحاد السوفيتي. ورد واينبرغر بأن موسكو تستطيع الرد بطريقتها أكثر من الحكومات التي عليها استشارة الرأي العام.

واتفق الجميع على ضرورة وضع هدف محدد منذ البداية، خصوصاً ان اي اجراء عسكري لابقاء المضيق مفتوحاً أمام الملاحة الدولية افضل من محاولة محاربة الاصولية الشيعية التي ضربت في بيروت مصالح اميركية وفرنسية اكثر من التجمعات العسكرية الاسرائيلية.

وسبق اللقاء الاميركي - البريطاني اجتماع عُقد في 10 داوننغ ستريت، في السابع عشر من فبراير للبحث في الاخطار على المصالح البريطانية وامدادات النفط والانظمة الصديقة في الخليج نتيجة تطورات الحرب العراقية - الإيرانية.

ووفق التقويم الذي قدمه مسؤول في رئاسة الحكومة «لا تبدو ايران قادرة على حسم الحرب لمصلحتها او احتلال اراض عراقية يمكن ان تقوي مركزها وتجبر الحكومة العراقية على التنازل ودفع تعويضات».

وافادت الاستخبارات ان الاهداف الايرانية غير واضحة، لكن يمكن تقدير ان القوات الايرانية تحاول قطع الطريق بين البصرة وبغداد في اقرب فرصة، ومن ثم عزل مناطق واسعة عن السلطة المركزية.



قلق شركات النفط

وتحدث وزير الطاقة البريطاني عن قلق الشركات النفطية في المنطقة من ان تُصاب آبار النفط والمنشآت في العمليات الحربية، وقال انه يتم تصدير ما يصل الى تسعة ملايين برميل نفط يومياً من المنطقة. واستمع المجتمعون الى تقويم الاستخبارات والخارجية من ان ايران اعلنت انها ستغلق مضيق هرمز، اذا وجدت نفسها غير قادرة على تصدير النفط، لكن لا يمكن لاقتصاد ايران ان يتحمل توقف الصادرات واغلاق المضيق لفترة طويلة.

وناقش المجتمعون ان التدخل الاميركي العسكري سيكون ضرورياً لاعادة فتح مضيق هرمز، او حتى منع اغلاقه على الاطلاق، خصوصاً انها وحدها القادرة على ذلك. على الرغم من ان اي تدخل اميركي عسكري في المنطقة قد يثير حنق الاتحاد السوفيتي.

وشدد وزير الخارجية البريطانية على اهمية منع دفع الايرانيين الى شفير الهاوية واغلاق المضيق أمام الملاحة الدولية.

واقترح ان تحاول الولايات المتحدة التأثير على قيادة صدام حسين للجم العمليات العسكرية للجيش العراقي، ومنع استهداف النفط الايراني او ناقلات تحمل العلم الايراني او المحملة بنفط ايراني.

ولاحظ مسؤول في الاستخبارات ان الحكومة البريطانية يجب ان تنصح دول صديقة في المنطقة بمنع الطائرات العراقية من الانطلاق من مطاراتها أو منع تحليقها في أجوائها خلال توجهها في مهام فوق الاراضي الايرانية.

يُشار الى ان الحكومة العُمانية عارضت استصافة كاسحة ألغام يمكن ان ترسل الى المنطقة، كي لا تنغمس في الحرب، وكي لا تتحمل دفع التكاليف المتوجبة على دول المنطقة.

ومن بين الوثائق برقية حملت تاريخ 23 فبراير من السفارة البريطانية في واشنطن، تناولت تقويماً اميركياً بان ايران ستشن هجوماً رئيسياً على العراق في مدى اسبوع الى 10 ايام، مما قد يستدعي رداً عراقياً قد يستخدم هذه المرة اسلحة كيماوية لرد الايرانيين.
 
عودة
أعلى