تاريخ الحرب العراقية الايرانية-حصريا للموقع- الحرب الجوية

فرسان طيران الجيش في معركة الفاو10/9 شباط 1986

بقلم فارس من طيران الجيش
تقديم الدكتور علوان العبوسي


يكلفني اخواني وابنائي واصدقائي ابطال سلاحنا الجوي احياناً بالمساهمة معهم في سرد او تاطير ذكرياتهم البطولية بلمسات مهنية عملية تبلورت لدي من خلال خدمتي الطويلة في القوة الجوية والدفاع الجوي العراقي ، ولا اخفيكم اكون سعيد بهذا التكليف واتفاعل معه لتعايشي معها عملياً ومهنياً طوال خدمتي هذه .

معركة الفاو 9/10 شباط 1986 من المعارك التي بوغتت بها قواتنا المسلحة ثم دافعت عن هذه الارض العزيزة دفاعاً مستميتاً خاصة دور سلاحنا الجوي في هذه المعركة واخص بالذكر منه فرسان طيران الجيش بطائراتهم السمتية والمقاتلة والساندة ،التي قامت بادوارها على اكمل وجه بملاحم بطولية قل مثيلها في تاريخ الاستخدام القتالي لهذا النوع من الطائرات ، وانت عزيزي القارئ ستقرأ وتقرر بنفسك اي بطولة قام بها هؤلاء الابطال في الدفاع عن جزء عزيز من عراقنا الحبيب ضد قوى الشر الصفراء التي ارادت للعراق منذ وقت طويل الرضوخ لارادتها ، لقد احتل الفرس ارض الحناء ولكن كان لاستعادتها شان آخر قد نستوضحه في مناسبة اخرى اعطى الفرس درساً لاينسوه ابد الدهر واليكم سرد تفاصيل دور فرسان طيران الجيش في هذه المعركة كتبها فارسنا (..... )احد فرسان طيران الجيش:

التحسب والاستحضارات
قبل نهاية عام 1985 بدأت ملامح عدوان ايراني واسع يعده العدو على اراضينا في المنطقة الجنوبية ، وقد بدأت الاستحضارات لهذا العدوان وسخرت كافة امكانيات الدولة لصد الهجوم المعادي وتدمير امكانياته ومن جملة الاستحضارات حملة قص القصب في الهور وتهيئة ساحة الحركات لمدى رؤيا مناسب وهو ما تميزت به امانة بغداد وبعض دوائر الدولة الاخرى .

BO.105.1.JPG


وقد شملت هذه الاستحضارات السرب 106 المجهز بطائرات BO-105 الذي انتمي اليه ، منذ بداية شهر كانون اول (ديسمبر) 1985 خصصت مجموعة صغيرة من الطيارين على استخدام النواظير الليلية التي تمكننا من الطيران الواطيء ليلا لتفادي الرادارات المعادية وتنفيذ واجبات بعمق العدو (وسياتي الحديث عنها لاحقا انشاء الله تعالى ) ووصلنا بهذه المجموعة الى مرحلة متقدمة من التدريب .ساهم معنا مهندسي وفنيي الاسلحة الجوية.

Madfa.23ML.JPG


المدفع 23 ملم (كشة )
تم تحوير وتركيب مدفع 23 ملم (كشة )المحمول على طائرات الميج/ 17 الخارجة من الخدمة على طائرتنا وتمت تجربته من قبلي في ميدان رمي العزيزية ( بسماية ) بتاريخ 5 كانون اول 1985 وبحضور ضابط اسلحة مديرية طيران الجيش وكان تاثير الرمي يشكل خطورة على الطائرة فسرعة الرمي عالية مما ادى الى توقف منظومة الهيدوليك وتطلب اعادة تشغيلها وتشقق في بدن الطائرة ....اعيدت التجربة لمرتين بعد محاولة تلافي التاثير الجانبي دون جدوى وزاد التاثير على هيكل الطائرة مما ادى الى الغاء هذا التسليح .

SR.C5K0.JPG


صواريخ جو - ارض C5KO
بجهود المهندسين والفنيين ايضاً تم تحوير منصات تحميل الصواريخ لتسليح جديد من صواريخ جو - ارض ( C5KO) التي تحملها الطائرات المقاتلة ثابتة الجناح وتمت تجربة الرمي بنجاح وتدرب عدد من منتسبي السرب على الرمي بهذه الصواريخ .
وقد سبق ان تسلمنا مدفع 20 ملم يُحمل على مقدمة الطائرة وفشل في التجارب وتم استلامه لظروف خاصة (سناتي على ذكرها لاحقا ان شاء الله تعالى ) ورغم ذلك تم التدريب على استخدامه وسبق ان تمت تجربته بشكل عملي في 23 تشرين اول 1985 في هور الحويزة ضد مواقع العدو حيث يتم الرمي فوق الهدف لتنفجر الاطلاقة قبل ملامستها الارض وتصيب الشظايا الساقطة الهدف من الاعلى .

الصواريخ 81 ملم
كنا بانتظار وصول صفقة صواريخ بعيارات اكبر من صواريخنا المستخدمة وذات مدى ابعد لتجربتها والتدريب على استخدامها في حال نجاحها وهي صواريخ 81 ملم تم تحوير حمالات اطلاقها من الطائرة بجهود ابطال هندسة الاسلحة الجوية وفنييها...ولكن لم تصل الا قبل بداية المعركة بقليل واخذت على عاتقي تجربتها في المعركة بدلا من ميدان الرمي وكان تاثيرها فعال جدا واعتمدت الصواريخ كسلاح رئيسي للسرب .

رفد السرب بطيارين جدد
تم اكمال تدريب عدد من الطيارين الاحداث في دورة تعبوية داخل السرب واعتبارهم طيارين اوائل ((فعالين ) لرفد السرب بمقاتلين جدد .
(هذه كانت استحضارات شهر كانون اول 1985)،اما في شهركانون ثاني 1986 فقد تم التدريب على رمي الصواريخ باستخدام النواظير الليلية في ميدان الرمي وبحضور مدير حركات طيران الجيش العميد الطيار الركن سعدي عبد الرزاق (رحمه الله) للاشراف على جاهزيتها .


استطلاع قواطع العمليات
جرى استطلاع قواطع العمليات للفيالق 3و4و6 في العمارة والبصرة التي كانت ضمن احتمالات تعرضها للعدوان المرتقب للايام 19 و 20 و21 من هذا الشهر.

Alsamtia.M8.JPG



حادث اغتيال الامير السعودي
ليلة 10/ 11 من هذا الشهر تم اغتيال احد الامراء من السعودية في مخيمه اثناء رحلة صيد في الصحراء بين تكريت والرمادي وسرقة امواله من قبل بعض اللصوص..وكلفت بتشكيل بصحبة طائرة مي/ 8 تحمل مجموعة من عناصر الامن الخاص بتتبع الجناة (ولهذه الحادثة رواية اخرى سياتي دورها انشاء الله تعالى ) استمرينا بالتدريب والاستطلاع مع التركيز على الرمي الليلي بمختلف الاسلحة المتوفرة بواسطة النواظير الليلية المشار اليها آنفاً وبدونها.

واجبات استطلاع مهمة وراي وزير الدفاع
يوم 1 شباط قمت بصحبة مدير الحركات باستطلاع هور الحمار وانتخاب منطقة غير مأهولة للتدريب العملي على رمي الصواريخ باستخدام النواظير الليلية ثم عدنا الى بغداد على ان نكمل تجارب الرمي الليلي في اليوم التالي ومن بعدها القيام باستطلاع قواطع العمليات الجنوبية في 2 شباط ( فبراير) 1986 وبصحبة مدير الحركات مع طائرة ثانية من نوع غزال بقيادة امر سرب (متدرب على النواظير الليلية ) توجهنا الى مقر جناح طيران الجيش الرابع في مطار الميمونة في العمارة وبعد الايجاز تم استطلاع قاطع الفيلق الرابع ثم العودة الى مطار الميمونة،في المساء تم تنفيذ طلعتين للرمي بواسطة النواظير الليلية بتشكيل من الطائرتين في منطقة الهور وتمت اصابة الاهداف .

في ذات الوقت أثناء تنفيذنا الرمي كان هناك اجتماع للقيادة العامة للقوات المسلحة براسة وزير الدفاع نائبا عن رئيس الجمهورية وبحضور مدير طيران الجيش ( ح ح ع ) يصحبه احد ضباط ركن الحركات( أ ع ا) الذي نقل لنا ما ياتي اثناء الاجتماع ( قبل انهاء اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة اوضح مدير طيران الجيش بان في هذا الوقت ونحن مجتمعين توجد لدينا طائرات في العمارة تقوم بالترتيبات التدريبية النهائية وتنفيذ الرمي الفعلي باستخدام النواظير الليلية وهذه المعلومة لا تعلم بها القيادة وتتمكن هذه الطائرات وباستخدام هذه النواظير من اختراق خطوط العدو والعمل خلف قطعاته ومباغتت قياداته ووووو.. ويقول ضابط ركن الحركات باني بقيت مشدوها لما يقوله والمبالغة في الكلام...وهنا تدخل وزير الدفاع وقال لمدير طيران الجيش (تمهل مع جماعتك ولا تحملهم اكثر من طاقتهم!!!! )

يوم 3 شباط توجهت وبصحبة مدير الحركات الى محافظة البصرة وسلكنا الحافات الامامية لقطعاتنا لغرض اكمال الاستطلاع وكانت أستحضارات ألمعركة عالية المستوى والمواقع الدفاعية رصينة وخطوطها مترابطة مع بعضها . اكملنا الاستطلاع لغاية مطار البصرة مقر الجناح الثالث ، بعد اخذ قسط من الراحة تم استطلاع قاطع الفيلق الثالث بصحبة احد امري اسراب الغزال المتواجد في الجناح الثالث في تشكيل من طائرتين مع توضيح كافة المعالم ، في اليوم التالي استطلعنا قاطع الفيلق السابع وعلى طول شط العرب وعند وصولنا الى مدينة الفاو وبالتحديد منطقة المعامر شاهدنا دبابة غارزة في الوحل وتقوم اخرى بسحبها ولاحظنا بساطة وضعف المواقع الدفاعية وبشكل لا يوحي بصلابة الموضع فاشرت الى مدير الحركات وقلت له لو كنت مكان العدو لما اخترت غير هذه االمنطقة للهجوم فالدفاعات ضعيفة ونحن لدينا التفوق بالدروع ولديهم التفوق بالمشاة وها انت ترى المنطقة غير جيدة لاستخدام الدروع مما يجعلها قليلة التاثير ولذلك فانا ارشح هذه المنطقة لتعرض العدو المرتقب وليس القواطع الاخرى الرصينة ، استمرينا الى راس البيشة والتي هي اخر منطقة يابسة من العراق ثم توجهنا على الطريق الساحلي الى ام قصر وكانت جزيرة وربة الى يسارنا وبشكل غريب ان لا تكون ضمن سيادة العراق من حيث قربها من سواحلنا ثم عدنا الى مطار البصرة وعصر ذلك اليوم رجعنا الى مطار الميمونة لنصله مساء يوم 4 شباط.
قضينا تلك الليلة مع امر الجناح الرابع وعدد من امري الاسراب وناقشنا نتائج الاستطلاعات ووافقني امر الجناح الرابع (م ح ) بان التعرض المعادي لا يمكن ان يكون على قاطع الفيلق الرابع او السادس متفقا معي بان التعرض سيكون في قاطع الفاو...وفي صباح 5 شباط عدنا الى مقراتنا الاصلية كلاً لمزاولة عمله .

بدء التعرض الايراني على الفاو
ليلة 9/10 شباط كانت ليلة ممطرة والجو رديئ للغاية كنت في سهرة عائلية في نادي السياحة في بغداد وعلق ابن صديق يحضر الحفلة وسأل والده كما اخبرني (اني ارى العم فلان وهو يقصدني في اغلب الحفلات فكيف تقول بانه طيار؟) ضحكنا على الكلام واكملنا السهرة لساعة متأخرة وعندما عدت الى البيت وجدت رسالة تطلب التحاقي بالسرب والتوجه قبل الضياء الاول الى محافظة البصرة لحصول تعرض كبير عليها مع ملاحظة ان ضابط خفر السرب بلغ بقية الطيارين بالتواجد في السرب والتوجه الى البصرة حسب التشكيلات المقررة ، وفعلا نمت لساعتين فقط والتحقت قبل الفجر الى السرب ورغم رداءة الجو والمطر الشديد انطلقنا ب4 تشكيلات كل تشكيل من طائرتين الى البصرة ثم ام قصر...


ووصلتها قبل الساعة العاشرة صباحا حيث تواجد وزير الدفاع الشهيد الفريق الاول الركن عدنان خير الله طلفاح ومدير طيران الجيش وتلقيت خبر اسقاط طائرة امر السرب/ 66 المقدم الطيار قصي بدر الدين وتم انقاذه والطيار الثاني من قبل الطائرة الثانية قرب مشروع صواريخ سطح - بحر .


ثم وصلنا خبر اسقاط طائرة غزال وانقاذ الطيارين ايضا من قبل الطائرة الثانية... وصل قائد الطائرة المصابة المقدم (ع ع ) الى ام قصر وبحضور وزير الدفاع ومدير طيران الجيش وكان يحمل بيدة (الهيد فون ) او (الهلمت ) وقد اصيب باطلاقة مباشرة مما ادى الى تحطمه ..ويعرف الجميع موقع الهيدفون من الرأس...فتلقاه وزير الدفاع وهنئة بالسلامة وقال له مازحا (كم هي حسناتك في الدنيا كي تنجو من هكذا اصابة ؟...اعطني هذا الهيدفون ليوضع في المتحف العسكري) وترجاه الطيار الاحتفاظ به ليبقى وساما يعتز به ولده الوحيد ثم احفاده ...وهذا ما حصل حيث يحتفظ به الى الان ، وبحدود الساعة العاشرة صباحا نفذت اول واجب في جبهة الفاو و كان العدو قد تجاوز الفاو بامل التقدم نحو ام قصر على المحور الساحلي الخالي من قطعات الجيش والدفاعات سوى من مشروعين لصواريخ سطح - بحر وحماياتها وقاطع للجيش الشعبي ( وهنا تذكرت تعليق ابن صديقي يوم امس في السهرة..فها قد مرت اقل من 10 ساعات وقد تغير مكاني من السهرة الجميلة الى خضم المعركة ومن بغداد الى البصرة والى اقصى جنوب العراق ) علما بان الفاو ترتبط بالطريق الاستراتيجي الموازي لشط العرب مع البصرة قرب جسر الزبير وطريق قديم اقرب الى شط العرب يبدا من ابو الخصيب وطريق ساحلي موازي لخور عبدالله الى ام قصر والمعظلة هي للوصول الى هذا الطريق يجب عبور خور الزبير العريض وبواسطة العبارة ولا يوجد جسر يربطه بام قصر وهذا ما عرقل واخر اندفاع قطعاتنا للدفاع او الهجوم المقابل لعدة ايام كنا نقاتل العدو بواسطة السمتيات وبدون اية معلومات استخبارية او معرفة مواقعه التي تتغير ليلا مستغلا الظلام الدامس وعدم امكانية رصده ومقاومته ليلا ولم يكن عملنا اسناد القطعات الارضية كما هو واجبنا الطبيعي لانها اصلا لم تكون موجودة وانما ادينا دور جندي المشاة من حيث القتال والالتحام المباشر مع العدو ..وضعنا سياق لعملنا لادامة الضغط على العدو وعدم منحة وقت لالتقاط انفاسه واستمرار الطرق على راسهم ومنعه من تحصين مواضعه بان تكون هناك طائرة غزال يقودها طيار ذو خبرة جيدة منذ الضياء الاول ولغاية الغروب يكون دليل لطائرات القصف واستطلاع دائم لرصد اية تغييرات على الموقف و يتم تبديله كل 90 دقيقة وبرصد مستمر للقاطع، بالاضافة الى تشكيلين بصورة دائمة من اربع طائرات محملة بصواريخ مضادة للاشخاص تديم قصف مواضع العدو على مدار الساعة وتشكيلين بالطريق الى الهدف وتشكيلين بطريق العودة وتشكيلين تتهيأ للاقلاع من مطار ام قصر مع وجود طائرات اخرى على الاستعداد لاي طاريء ... وهذا جهد كبير وشكل اعباء كبيرة على ادامة تواجد العتاد الذي تم تامينه وبدون خلل طيلة ايام المعركة بتظافر جهود جميع منتسبي طيران الجيش والقوة البحرية ومخازن العتاد والتموين والنقل واما الامور الادارية والخدمات فقد تم تامينها من القوة البحرية وبتعاون جميع صنوف الجيش الخدمية... استمرينا بالتعرض على العدو وبشكل متواصل لمنعه من التقدم لعدم وجود قطعات ارضية تواجهه وكان تنفيذ الواجبات من قبل الطيارين الاقدمين فقط في اليوم الاول لخطورة الموقف وعدم معرفة خطوط العدو الامامية ولتثبيته واستطلاع تفاصيل المنطقة فقد كان الموقف خطيرا وغامضا مما ادى الى اصابة طائرتين صباح ذلك اليوم وباسلحة العدو الخفيفة. جر اليوم التالي 11 شباط قمت بتنفيذ اول الواجبات ومعي كطيار ثاني المقدم الطيار ( ا م ) مع طائرة غزال مسلحة تحمل مسددة يمكن من خلالها كشف الاهداف المعادية بصورة جيدة ومكبرة وحسب السياقات تم تحديد الحافات الامامية للعدو وكانت كما تركناها خلال الطلعة الاخيرة ليوم امس وعدت الى ام قصر لاوجز الموقف للطيارين وارسال نتيجة الاستطلاع فورا الى مقر الجناح الذي يمرره بدوره الى القيادة العامة لاتخاذ الاجراءات المناسبة وبقيت طائرة الغزال كدليل للتشكيلات التي باشرت طلعاتها القتالية.

قدمت التقرير المفصل لتواجد العدو الى مقر الجناح ليمرر الى القيادة العامة واستمرينا بالضغط على اهداف العدو بمواصلة رمي قطعاته بالصواريخ المضادة للاشخاص لعدم وجود اهداف الية او مدرعة.....حضر مدير الحركات العميد الطيار الركن سعدي عبد الرزاق قبل الغروب و طلب مني ابقاء احدى الطائرات مع طيار في ام قصر لوجود واجب بامر القيادة العامة لادامة اللواء المحاصر والمتجمع في ملعب الفاو لكرة القدم بالامور الادارية بعد حلول الظلام تعزيزا لصمودة لحين القرار حول مصيره ويكون التموين بواسطة طائرة مي/ 8 ولاجل تنفيذ واجب التموين فانه سيقوم بالوصول الى الملعب والنزول به بواسطة طائرة من السرب/ 106 مخترقا دفاعات العدو لتامين نزول طائرة التموين وعدم تركه لتنفيذ المهمة لوحده ، اجبته باني ساكون معك في الطائرة لتنفيذ الواجب علما بان اغلب الطيارين يتهربون من الطيران معه في الواجبات لجرأته وشجاعته التي تفوق الحدود دون الحساب لمنصبه او رتبته !! ، بعد حلول الظلام وبحدود الساعة التاسعة مساءا اقلعنا من مطار ام قصر الى ملعب الفاو تتبعنا طائرة المي/ 8 مستغلين الظلام الدامس وبدون مصابيح الملاحة وبالاتصال مع ذبذبة قاطع الدفاع الجوي الثالث ، وعلى مشارف مدينة الفاو طلب منا قاطع الدفاع الجوي الغاء الواجب والعودة مباشرة الى مطار البصرة لنبلغ بان ما بقي من اللواء قد تم اسره من قبل العدو. في اليوم الثالث لمعركة الفاو وخلال تنفيذ الواجب حاولت التقرب على مواضع العدو من جهة خور عبدالله لتامين استطلاع افضل على طول الطريق الواصل بين الفاو والمملحة التي لم يصلها العدو لحد اليوم.. شاهدت اعداد كبيرة من المشاة تتقدم من الساحل باتجاه الطريق الساحلي اخبرت طائرة المراقبة لمعرفة ملامحهم بواسطة السدادة المكبرة مع تواصلي معهم بالتقرب منهم ثم الابتعاد لارى رد فعلهم هل هو انزال بحري معادي ام قطعاتنا منسحبة من راس البيشة وابلغنا قاطع الدفاع الجوي لايصال المعلومة بشكل فوري وبعد عدة تقربات منهم ومراقبة طائرة المراقبة والدلالة ظهر بانهم من قطعات الفوج البحري منسحب من راس البيشة فقمنا بتامين الحماية لهم لحين وصول (الحوامات البحرية ) لتلتقطهم وتؤمن وصولهم الى القاعدة البحرية ، اثناء ذلك وصلت طائرتين من السرب الخاص على متن احداها وزير الدفاع اندفع باتجاه خور عبدالله ولم يستجيب لتحذيراتنا بانه قريب جدا من قطعات العدو ومع ذلك اندفع الى الخليج العربي وخلال العودة فتحت عليهم نيران الاسلحة المعادية لتصاب الطائرة الثانية واصيب الملازم االطيار (خلف محمد سليمان ) في حنكه اصابة مباشرة مما استدعى ارساله الى خارج الوطن للعلاج وترميم حنكه المحطم ليعود للطيران نهاية السنة نفسها ويستشهد بحادث طيران في منطقة عكاشات بسبب سوء الاحوال الجوية .

في اليوم الرابع للمعركة وصلت احدى طائرات السرب/ 106مسلحة بالصواريخ الجديدة 81 ملم ذات المدى البعيد والتاثير الاشد واقترحت تجربتها في ميدان المعركة بدلا من ميدان الرمي وفعلا اصطحبت معي احد الطيارين القدامى وطيارين حدثين في الطائرة الثانية لاقوم بالرمي باتجاه مدينة الفاو مع الطلب من طائرة المراقبة تقييم الاداء وبعد تجاوز الحافة الشرقية للمملحة بحوالي 9 كم اطلقت الصواريخ باتجاه الفاو لتصيبها في تقاطع الطرق بوسطها حسب مراقبة النتيجة من طائرة المراقبة والدلالة وبذلك نجحت التجربة و تم التعاقد على شراء هذا النوع من الصواريخ واستلامها في ايطاليا من قبل مهندس الاسلحة وضابط ركن طيار(وهناك موقف محرج جابههم سياتي الحديث عنه لاحقا )..استمرينا بالتعرض على العدو لعرقلة تقدمه حيث كان يستغل الليل للتقدم ونقوم بمعرفة مكان وصوله خلال الطلعة الصباحية الاولى لنقدم التقرير الى مقر الجناح فور الانتهاء من الطلعة الاولى ومن الجناح الى المراجع العليا لاتخاذ الاجراءات وتثبيت الموقف.

Sadam.JB.3.JPG


رئيس الجمهورية في ارض المعركة
في اليوم السادس من المعركة وصل رئيس الجمهورية بواسطة الطائرات السمتية الى مقر الفيلق السابع في ابو الخصيب وفور وصوله دخل الى الملجأ ومقر الفيلق وبقي الطيارين لتامين الطائرات ثم الدخول الى الملجأ لتسقط رشقة من مدفعية العدو وتصيب منطقة هبوط الطائرات والمنطقة المحيطة بها بعد ثواني من دخول رئيس الجمهورية الى الملجأ مما ادى الى اصابة بعض الطيارين ويستشهد النقيب الطيار لؤي حقي ويجرح عدد من الطيارين احدهم اصابته خطيرة جعلته معوقا لحد الان ..ومع ذلك فقد زارنا رئيس الجمهورية في ام قصر واشاد بعملنا وقال بانه يعلم ويتابع عملنا على الطريق الساحلي الخالي من القطعات الارضية... وكذلك زارنا في اليوم التالي وزير الدفاع ....ولحد الان لم يصاب او يستشهد اي من طياري الاسراب السمتية المقاتلة مما جعلنا وعلى سبيل المزاح ان نقول لطياري الاسراب الخاصة بان (هذا دوركم الان في الاصابات لكونهم لم يشاركو في الطلعات القتالية سابقا )..وخلال الايام السابقة كان تركيز القيادة على معارك الطريق الاستراتيجي البصرة الفاو لخطورته على الموقف العام وكان الاسناد من قبل السمتيات المفرزة للفرق المقاتلة يتم من مقرات الفرق بدون تداخل معنا .اثناء سير المعركة تم ارسال عدد من فعاليات الدولة والمنظمات المدنية وفتحت مخيمات على طرق مسار القطعات العسكرية ومسارات المجازين والمصابين من قطعاتنا المقاتلة ومن ضمنها مخيم هيئة السياحة والشركات السياحية واشترك في المخيم عدد ممن كانوا حاضرين الحفل المشار اليه سابقا ومن ضمنهم شقيقي الاكبر ونسيبي ووالد الصبي الذي علق بكيف اكون طيار واحضر اغلب الحفلات !! ودعوتهم في احد الليالي الى جزيرة السندباد حيث مقر سكننا وكان قصف المدافع النمساوية المنطلق من جزيرة السندباد يهز الشقة السكنية التي كنا بها والصوت العالي للرمي جعلهم يرتعبون وتعجبوا كيف يمكنكم الراحة مع هذه الاصوات والاهتزازات !!

سير العمليات على الطريق الساحلي
يمتد الطريق الساحلي من نقطة في شرق خور الزبير وللوصول اليها يتوجب عبور الخور من ميناء ام قصر بواسطة العبارة عبر جزيرة( حجام ) ثم يمتد الطريق بموازرة الساحل لمسافة 30 كم الى منطقة المملحة وهي عباره عن احواض متعددة تصب الواحدة بالاخرى يحدها من الشمال الشرقي الطريق الستراتيجي بصرة – فاو ومن الجنوب الشرقي الطريق الساحلي ام قصر – الفاو ويتم تغذيتها بماء الخليج من خلال قناة تغذية قبل الحافة الغربية للمملحة بمسافة 2كم وتوجد قنطرة او جسر صغير على القناة لعبور العجلات وبعد الجسر بحوالى 5كم يوجد معمل للاسفلت متروك استخدم كاحدى نقاط الدلالة ثم بعده بحوالي5كم تاتي النهاية الشرقية للمملحة التي تبعد عن الفاو 15 كم ثم يستمر الطريق باتجاه الفاو مع وجود مشروعين لصواريخ سطح - بحر ثم الى مدينة الفاو وفي منتصف قناة التغذية توجد سفينة حفر متوقفه هناك لا نعلم سبب وجودها واحواض المملحة مقطعة بواسطة قواطع مع بوابات يتم اغلاقها لغرض عملية التبخر وترسب الملح. وتقاطعات الاحواض اسميناها عقد ..تم ترقيمها من قبلنا للدلالة وعممت على الخرائط وكانت اشهر عقدة هي العقدة 15 ودارت عليها معارك شرسة للسيطرة عليها وكذلك على الجسر الصغير الذي احتفظت به قواتنا بقتال مستميت لكون فقدانه يعني فقدان المملحة بكاملها ويبلغ طول المملحة 8 كم بموازاة الساحل وعرضها 5كم بين الطريق الساحلي ام قصر الفاو والطريق الستراتيجي البصرة - الفاو والخريطة المرفقة توضح طبيعة المنطقة وتفاصيلها علما بان الخريطة هي لعام 1987 اي بعد ا لانتهاء من المواضع الدفاعية لنا وللعدو .وقد نصب الجانب الكويتي خيمة في النهاية الشرقية لجزيرة وربة لغرض مراقبة الموقف ولم تكن هذه الخيمة موجودة في اليوم الاول للمعركة .


سرية دبابات من الحرس الجمهوري
صباح اليوم التالي كانت قطعات العدو قد وصلت الى الحافة الشرقية للمملحة وعبرنا الموقف للقيادة العامة واستمرت التشكيلات بمقاتلة العدو ومراقبته دون انقطاع ، مع ضحى ذلك اليوم وصلت سرية دبابات من الحرس الجمهوري وبدات عملية عبور الدبابات بواسطة العبارة الوحيدة البطيئة لتصل الدبابات واحدة واحدة الى الضفة الشرقية وتجمعت بعد وقت طويل 10 او 12 دبابة وتبدأ بالتقدم نحو المملحة عصر ذلك اليوم ونحن فرحين بوصول اولى قطعاتنا الارضية لتتولى الدفاع عن المنطقة ومع الغروب اخذت مواقعها داخل المملحة وانفتحت دون تحصين الموضع لعدم مرافقة (شفلات )لحفر المواضع بمعنى انها كانت مكشوفة لا يسترها سوى قواطع الاحواض ...اشرنا لهم لتوديعهم على امل ان نلقاهم صباح اليوم التالي ولتعزيزهم بقطعات اخرى تتولى مسك الموقع الدفاعي او القيام بالهجوم المقابل على العدو لازاحته عن المناطق التي وصل اليها.

صباح اليوم التالي ومع الضياء الاول وحسب السياق اليومي وصل الى المنطقة التشكيل الاول من طائراتنا السمتية المقاتلة ليرى ماساة هذه السرية فكانت جميع الدبابات تحترق ومدمرة ولم ينجو احد من طواقمها فقد هاجمتها قطعات العدو ليلا مما جعلها هدفا سهلا للقاذفات المضادة للدروع لعدم تخندقها ، كان موقفا محزنا ومحبطا للمعنويات التي ارتفعت عصر امس مع وصول هذه الدبابات ، بدات طلائع قطعاتنا تعبر خور الزبير بواسطة العبارة اليتيمة وتتجمع في الضفة الاخرى وكانت من صنوف المشاة والمشاة الالي والهندسة العسكرية وباعداد كبيرة نرافقها الى المملحة لتتوغل فيها وتحصن مواضعها الدفاعية وتقوم طائراتنا بتنفيذ الطلعات لتثبيت العدو ومنعه من التدخل ومشاغلته ، في الليلة الماضية وصل العدو ليلا الى معمل الاسفلت وتحصن به بعد ان نفذ الغارة على سرية الدبابات المشار اليها آنفاً .

اول شهداء طيران الجيش في معركة الفاو
في ظهر يوم 18 شباط قام امر السرب/ 66 طائرة مي25 المقدم الطيار قصي بدر الدين علي(وهو متعدد المواهب رسام وخطاط وميكانيكي ونجار و و )باسناد قطعاتنا في المملحة وكان حينها يقوم برسم احد طيارينا ونلقبه تحببا (كشوان ) برسم كاركتيري جالس يحمل عصاة الكشوانية الطويلة ليستلم الاحذية وقبل اكمال الرسم سلمه الى الطيار المعني بالرسم على امل اكمال الرسم بعد العودة من الواجب ، وخلال تنفيذه للواجب وقرب الدبابات المحروقة اصيبت طائرته اصابة مباشرة ليتمكن من الهبوط بها وترجل مع الطيار الثاني راكضا الى الخلف لمنطقة امنة تستطيع الطائرة الثانية في التشكيل من التقاطه لتنصب عليه وعلى زميله اسلحة العدو وتصيبهما بمقتل ويستشهدا دون ان يتمكن احد من الوصول اليهما وكل ذلك بمراقبة طائرة المراقبة والدلالة ليستشهد البطل قصي ويلحق بوالده متصرف (محافظ )اربيل الذي اغتيل امام ولده قصي عندما كان طفلا من قبل العصاة وكانا اول شهيدين من طياري الاسراب السمتية المقاتلة في هذه المعركة وفي نفس اليوم اصيبت طائرة غزال من السرب/ 21 وتحطمت واستشهد قائدها النقيب الطيار عماد فاضل ...... وفي ضحى نفس اليوم وخلال توجهي الى المملحة لتقديم الاسناد لقطعاتنا وادامة التعرض على قطعات العدو ولكثافة الطائرات كنا نسلك يمين الطريق الساحلي في الذهاب والاياب شاهت طائرة مقاتلة اتية من اتجاه الشعيبة وتجاوزتنا وبقية الطائرات الذاهبة والعائدة من الواجب واعتقدت بانها احدى طائراتنا بسبب اتجاهها والسرعة البطيئة والارتفاع الواطيء وخط طيرانها الذي كان باتجاه المملحة وفوق الطريق الساحلي وتكلمت مع الطيار الثاني وكان الشهيد الملازم احمد محمود بانها طائرتنا وستضرب تجمعات العدو في المملحة وبقينا نراقبها لتلقي حمولتها من القنابل محاولة اصابة الجسر الصغير المشار اليه آنفاً داخل المملحة ثم فتحت الحارق الخلفي للهروب بعد انكشافها لتشتعل السماء باسلحة مقاومة الطائرات وتهبط جميع طائراتنا على الارض تفاديا للاسلحة المضادة لحين توقفها واستمرينا في الواجب لنرى بان الجسر لم تتم اصابته ، ومع الغروب عثر احد طيارينا على جثة لاحد الضفادع البشرية في مدخل قناة التغذية تبين بعد انتشالها بانها عائدة الى العدو تم اخلاءه الى مستشفى البصرة وسلمت للمختصين .ويتبين من الحدثين اهمية الجسر على قناة التغذية فقد كانت الطائرة المعادية تستطيع ان تصيب عدد من طائراتنا ولكن واجبها كان الجسر وكذلك احتمال ان يكون واجب الضفدع البشري المعادي هو تفجير الجسر ولكنه لم يتمكن من الوصول اليه .


عن موقع الجاردينيا

يتبع
 
معركة الجسر وقناة التغذية
مع صباح اليوم التالي وقبل تنفيذ الطلعة الصباحية الاولى اوجزنا بان قطعات العدو استطاعت احتلال الجسر على قناة التغذية بعد ازاحة الفوج المدافع امامه ، وعند وصول طائرات الطلعة الاولى شوهدت قطعاتنا صامدة وتقاتل امام الجسر وبمعركة شرسة دائرة مع العدو الذي يحاول الوصول الى الجسر وصمود بطولي وفورا تم تبليغ الموقف بواسطة قاطع الدفاع الجوي ومباشرة الى مقر الجناح وبدات الطائرات بشكل مكثف تقديم الاسناد الى الفوج المدافع وكنا نتخذ من سفينة الحفر في قناة التغذية كساتر ضد مقاومات العدو باتجاهنا حيث كنا نرى قذائفه الموجهة على طائراتنا تتفجر على السفينه بكثافة ، استمرت المعركة بكل شراسة لنبلغ بوصول طائرت مي/ 8 تنقل لواء 66 قوات خاصة تم نقلهم من جزيرة ام الرصاص بعد تطهيرها من العدو وتم نزول طائرات الصولة قرب قناة التغذية وقذائف الهاونات واسلحة الاسناد المعادية تصيب منطقة الانزال والطائرات مفتوحة الابواب الخلفية لتامين سرعة انزال المقاتلين ومغادرتها للمنطقة التي تم استهدافها بالهاونات المعادية وفور انزال كل دفعة تتجمع و تتقدم نحو الجسر لتعزيز الفوج المدافع ولحين حسم الموقف لصالح قطعاتنا وابعاد العدو عن الجسر وتمركزه في معمل الاسفلت وخلال انزال مقاتلي اللواء اصيب امر اللواء الشهيد البطل بارق الحاج حنطة فور ترجله من الطائرة بقذيفة هاون مع استمرار تقديمنا الاسناد لقطعاتنا وكانت هذه واحدة من اعنف واحرج المعارك التي خضناها في معركة الفاو..وخلال خوضنا لهذه المعارك كانت وحدات الهندسة العسكرية واالخدمات المتجحفلة معها تواصل الليل بالنهار وبجهود جبارة لفتح طرق التعاون لتامين مرونة حركة القطعات وقدماتها الادارية للوصول الى الطريق الساحلي دون اللجوء الى عبور خور الزبير ويوما بعد يوم تم ترصين دفاعاتنا ليقل الزخم علينا سوى طائرة المراقبة وتامين الاسناد عند الطلب .

اصابة طائرة التصوير الجوي واستشهاد طاقمها
يوم 20 شباط فقدنا الرائد الطيار محمود راضي والنائب الضابط تصوير جوي حميد قدوري حيث اصيبت طائرة التصوير الجوي في قاطع الفرقة الخامسة واستشهد طاقمها .... مع وصول القمر الى الثلث الاول باشرنا ادامة التدريب على النواظير الليلية (لكون الرؤيا بالنواظير تتطلب وجود قدر معين من ضوء القمر) من شقة نزول طلحة قرب القرنة وكان التدريب يجري بعد عودتنا من تقديم الاسناد النهاري لقطعاتنا ونتوجه الى الهور للتدريب مع خطورة الطيران فوق الهور لوجود المتمردين يطلقون النار على الطائرات واستمرينا بالقتال والتدريب وكنا نعود بعد الظهر لاخذ قسط من الراحة ثم التدريب الليلي.

يوم 18 اذار(مارس)1986 استدعيت الى المديرية لواجب اداري واستغليتها للدوام في السرب ، وبعد حين في يوم 22 آذار استدعيت للتوجه الى البصرة ، ووصلتها ظهر يوم 23 منه يصادف 12 رجب وسيكون حجم القمر مناسب لاستخدام الناظور الليلي وكلفت بتنفيذ واجب باستخدام الناظور الليلى بطائرتين وهو اول واجب قتالي ينفذ باستخدام النواظير ، تم إجراء الاستحضارات اللازمه للتنفيذ بطائرتين احداها من سربنا 106 والثانية غزال يقودها امر السرب المقدم الطيار (و ي )المدرّب على استخدامها ويقوم بتدريب الطيارين عليها ومعه ايضا طيار قديم كطيار ثاني ، الواجب بُلغت به من قبل مدير الحركات العميد سعدي عبد الرزاق بان اقوم بالطيران الى مدخل شط العرب من جهة راس البيشة ومراقبة الجسر العسكري المعادي الذي اقيم اقصى جنوب شط العرب واشعار العدو بوجودنا ثم العودة. والواجب بامر ومتابعة وزير الدفاع شخصياً،(وهو مخالف لتعليمات استخدام النواظير ) حيث يمنع الطيران فوق المسطحات المائية والاراضي المسطحة المستوية اي يجب ان تكون هناك تضاريس مختلفة لاجل تامين الرؤيا..لم اعترض على هذا المنع ولكن بما اننا سنصل قرب الجسر فيمكننا ضرب الاهداف المعادية على الجسر او مقترباته باستخدام مبدء المباغتة وننسحب قبل ان يفيق العدو من المفاجاة....لم تحصل الموافقة ولا يحق لنا النقاش ، بعد ان وصل القمر الى الثلث الاخير من شروقه لتامين عدم استمكاننا من العدو نفذنا الطيران من مطار البصرة ودعنا مدير الحركات الى الطائرتين وهو ياسف لعدم السماح له بمرافقتنا متمنيا لنا سلامة العودة واصر امر السرب 84 المقدم الطيار (ح م ع ) بان يرافقنا بطائرة الاسعاف على ان يبقى فوق جزيرة بوبيان تحسبا لاي طاريء وفعلا نفذنا الواجب كما هو مخطط وبارتفاع 25 متر لتفادي الكشف الراداري المعادي وبقينا على ذبذبة قاطع الدفاع الجوي للاتصال اللاسلكي وبصمت لاسلكي تام وخلال الطيران طلبت من الطيار الثاني المقدم ( ا م )ان يترك الناظور ويستخدم الرؤيا الاعتيادية لمراقبة الارتفاع بواسطة مؤشري الارتفاع الضغطي والراديوي لخطورة وصعوبة تقدير الارتفاع فوق المسطحات المائية ودخلنا الى شط العرب عبر خور عبدلله من خلال قناة (الروكا )التي عرفنا اسمها حديثا بواسطة كتابات الدليل البحري والكاتب الرائع الاستاذ كاظم فنجان الحمامي...وتقربنا من الجسر الذي كانت تعبره اليات العدو وتجمعاته على طرفي الجسر ووصلنا الى مسافة معينة من الجسر وبعد مراقبة الجسر وتقرباته استدرنا للخروج من شط العرب والعودة بدون اي تدخل من مقاومات العدو..استغرقت العملية اكثر من 70 دقيقة وبصمت لاسلكي وخلال رحلة العودة نفذ صبر قائد طائرة الاسعاف وناداني بانفعال (اين انت ؟) فاجبته خرجت من شط العرب وبطريق العودة وبعد تقربي من الطريق الساحلي اضئت مصابيح الملاحة ليراني ونعود الى مطار البصرة لاجد مدير الحركات وامر الجناح وعدد من الطيارين باستقبالنا بعد انتظار مقلق لكون الواجب ينفذ لاول مرة وبطيران ليلي واطيء لم نعتاد عليه اتصل بي مدير طيران الجيش هاتفيا من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة المتقدم مستفسرا عن نتيجة المهمة فاوجزتها له ، كتبت تقرير المهمة والتهيؤ ليوم اخر من القتال....بعدها بدات احدى ماسي هذه المعركة الطويلة فقد اتخذ قرارالقيادة بالسيطرة على العقدة 15 في المملحة وكانت بيد العدو واستعادتها تجبره الخروج من مواضعه داخل المملحة...قامت قطعاتنا بعدة محاولات لاستعادتها دون جدوى مع تقديم التضحيات الجسيمة دون تحقيق النتيجة.

تعبئة جديدة وغريبة في الاستخدام القتالي
تقرر ان يقوم امر لواء يتم استدعائه من بقية قواطع العمليات خاصة في شمال الوطن ليقوم بقيادة فصيل مشاة يقوم بالاغارة على العقدة لاستعادتها قبلها يقوم قائد الفيلق السابع بمواجهته وحثه على التنفيذ مشبهاً واجبه هذا بالدفاع عن شرفه الشخصي وبكلام محرج وجارح للغايه حاثه (وبطريقة التهديد )باعادة العقدة او الاستشهاد دونها حيث لا مجال للعودة بدون تحريرها ويذهب الضابط المعني ويستشهد مع فصيله دون الوصول الى نتيجة ، كنا ننقلهم بطائراتنا وياخذون قسط من الراحة معنا قبل ان يتوجهون الى مصيرهم المحتوم وتكرر الامر مع عدد آخرين من الضباط امري الالوية نودعهم بكل اسى لاننا نعلم مصيرهم الى ان توقفت محاولات استعادة العقدة 15 وتم تحصين المواضع الدفاعية وتوقفت احدى الماسي.

Nadur.LL.JPG


تصرف غير مسؤول ولامقبول
يوم 29 اذارعدت بعد الظهر من ام قصر لادامة التدريب على النواظير الليلية ، بعد عودتي تم طلب تعزيز طائرة BO- 105 من ام قصر الى مقر الفرقة الخامسة على الطريق الاستراتيجي بصرة – فاو وتم تكليف طيارين حدثين ممن اكملو الدورة التعبوية قبل شهرين بنقل الطائرة وبصحبتهم عريف فني من السرب وخلال الر حلة اتصل بهم قائد احدى الطائرات من نفس السرب واجبه من الفرقة الخامسة وليس من ام قصر بتنفيذ ضربة على العدو في المملحة دون ان يعلم بان واجبهم نقل طائرة وفعلا توجهوا وبدون تردد الى الهدف وتمت اصابته بدقة حسب تقييم طائرة المراقبة وعند الدوران للعودة اصيبت الطائرة اصابة مباشرة لتتحطم ويستشهد الطيارين الشابين الملازمين احمد محمود ومحمد فرحان ونجاة العريف الفني باعجوبة..وهذا الحادث هو نتيجة خطا حيث لا يجوز تنفيذ اي واجب دون ايجاز عن الواجب ومعرفة منطقته تم تشييعهم في اليوم التالي الى بغداد.
يوم 1نيسان (ابريل) 1986 استدعيت الى المديرية في بغداد استغليتها لحضور مجلس فاتحة الشهيد احمد محمود قرب جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني..لاعود مرة اخرى يوم 2 نيسان الى البصرة وبعدها بيومين اصيبت طائرة مي 25 قرب الساحل لخور عبدالله ولم يستطيع قائد الطائرة الثانية من التشكيل من الوصول الى مكان نزولها وكان الاعتقاد باستشهاد طاقمها ليظهر بان العدو تمكن من اسرهما كون منطقة سقوط الطائرة تحت سيطرته وهما الرائد الطيار (م ج )والنقيب الطيار (ج ا ) وعادا الى الوطن خلال تبادل الاسرى ....استمر وصول قطعاتنا وفتح الطرق الجديدة وتم تجسير خور الزبير لبناء موضع دفاعي رصين لحين القرار على التحرير..وتم سحب التعزيزات من الاسراب وعدت الى مقر السرب يوم 5 نيسان وانتهت اطول معركة شاركنا بها.

امور عامة وذكريات
هناك بعض الامور احاول ايجازها مرت علي خلال مشاركتي في هذه المعركة وهي بعد ان هدات الامور وقل زخم الطلعات الجوية تذكرت حادثة شاركت بها عندما كنت في صنف الدروع قبل الانتقال الى القوة الجوية وهي عملية (مخفر الصامتة )..فقد كنت منتسب الى كتيبة الدبابات الخامسة ومقرها معسكر الدريهمية في الزبير بالبصرة وكانت واجباتنا قوة هجوم مقابل على منطقة شط العرب وتوجد لدينا سرية لحماية ميناء ام قصر.. ظهر يوم 19 اذار 1973 وعلى مائدة الغذاء طلب امر الكتيبة المرحوم المقدم الركن عبد الغني الامام ارسال ضابط الى السرية في ام قصر سدا للنقص لتكليفها بواجب يوم غد..تطوعت فورا ووصلت عصر ذلك اليوم الى ام قصر والتحقت بالرعيل الذي نسبت له...اوجزنا بالواجب وهو وجود طريق امداد للقاعدة البحرية العراقية يجري فتحه لتجنب المرور بميناء ام قصر ويجب ان يمر خلف مخفر الصامتة الذي اقامته الكويت على اراضينا وعلى مرتفع مشرف على ميناء ام قصر والقاعدة البحرية و الكويت ترفض اكمال شق الطريق و المقاول المكلف بفتح الطريق متوقف عن العمل لحين حل الاشكال الذي طال امده..لذا سيقوم الفوج الالي بازالة هذا المخفر وواجبنا ان نكون قوة اسناد في حالة تطور الموقف ، في الساعة الثالثة صباحا تم ازالة المخفر من قبل الفوج الالي وانسحاب افراد المخفر الكويتيين ....وكانت الخسائر 4 شهداء اثنان من الفوج الالي استشهدو نتيجة تصادم ناقلتين فور تحركهما وشهيدين من افراد المخفر الكويتي..تحركنا صباحا الى المخفر وباشر المقاول اكمال فتح الطريق واكمل العمل مساء نفس اليوم وانسحب الفوج الالي من منطقة المخفر الذي ازيل اي اثر له ورفعت انقاضه...اذيع بيان من الحكومة العراقية بان قواتنا تعرضت الى اطلاق نار من قوة كويتية خلال قيام قطعاتنا بالقيام بتمرين او مناورة ليلية مما اضطرنا الى الرد بالمثل...بعد يومين بلغنا بالعودة الى مساكن ضباط القاعدة البحرية وكانت اغلبها قيد الانشاء .وصلت لجنة من الجامعة العربية للاستطلاع والتحقيق في الحادث بواسطة طائرة سمتية وكانت الكويت قد حشدت قطعات مدرعة كبيرة امامنا ..وكان الفوج الالي يتخذ من غابة صغيرة قرب ام قصر مقرا له فكانت اللجنة تشاهد الحشود الكويتية دون ان تلاحظ اية حركة منا.. بعدها انتهى الواجب وعدت الى الزبير...وكما اسلفت بعد ان قل زخم الواجبات بدات اسال عن مخفر الصامته واستعيد ذكرياتي وموقع المخفر ومنطقة انفتاحنا الليلي والغابة وسكن الضباط فلقيت الجواب بان لم يعد هناك وجود لمخفر الصامتة وان سكن الضباط بعيد جدا عن المطار وكذلك الغابة ولم استطيع تصور المنطقة لاتساعها وتطورها.

والامر الاخر ففي احد الايام بلغنا بالبحث عن احد زوارقنا التابع للقوة البحرية فُقد في الخليج العربي مقابل جزيرة بوبيان والتي كنا نحلق فوقها عند تكليفنا بواجبات في الخليج العربي حيث كنا نتخذ من منطقة (راس الكايد )على الطرف الجنوبي للجزيرة كنقطة انطلاق الى مينائي البكر والعميق او اية واجبات نكلف بها في مياه الخليج العربي..كلفت احد الطيارين القدماء في السرب لتنفيذ الواجب وانطلقنا سوية انا الى المملحة وهو الى جزرة بوبيان وقبل وصوله الى راس الكايد لمح زورق على ساحل الجزيرة وهبط قربه وارسل الطيار الثاني لمعاينته في مكان يبعد عن الطائرة حوالي 200م خلالها وصلت دورية مسلحة كويتية الى مكان الطائرة وطلبو من قائد الطائرة مرافقتهم الى داخل الكويت اتصل بي بواسطة اللاسلكي فقلت له ليصعد احد الضباط معك ونفذ ما يطلبونه منك... واتصل بعد ذلك وقال بانه يتجه الى داخل الكويت والطيار الثاني برفقة الدورية والجو ودي جدا مع الضابط المرافق...عدت الى ام قصر وبلغت بالحادث...ومن الطريف ان هذا الطيار من هواة التسوق وكنا نتندر بانه سيعود محملا بالبضائع من الكويت وبقينا ننتظره لساعات الى ان عاد خالي من البضائع وقال انه ياسف لعدم تمكنه من التسوق كونه ذهب الى منطقة عسكرية تمت اصول الضيافة له وللطيار الثاني معه ثم عاد الينا..

الامر الاخر كان معنا طيار برتبة مقدم اعفي من الطيران منذ فترة طويلة بسبب حادث طيران ثم عاد الى ممارسة الطيران وتدرب معي في سربنا قبل حوالي سنة .. شارك في بعض الطلعات في هذه المعركة كمشاركة اولى له ..قدم مراسل ومصور صحفيين وطلبا الطيران معنا وتصوير الرمي وكتابة تقرير صحفي حول واجباتنا فرافقوه في الطائرة واشترك في التشكيل الذي قدته الى المملحة وتم تصوير المنطقة والرمي من الطائرة وخلالها سقطت رشقة مدفعية معادية قرب طائرته مما ادى الى فقدان السيطرة عليها لثوان واصيبت ببعض الشظايا التي لم تؤثر على طيرانها ولاحظنا الاصابة وكذلك قائد طائرة المراقبة التي انتهى واجبه مع انتهاء واجبنا وعدنا الى المطار وخلال الترجل اقتربنا من الطائرة المصابة لتفقدها وكان الصحفيين بحالة ذهول وكذلك الطيار فهزج لهم طيار طائرة المراقبة (يردس حيل الماشايفهه والشايفهه يلعب بيهه ) وهذه المرة الاولى التي اسمع بهذه الاهزوجة تندرا بالطيار لكونه يمر بهذه الحالة للمرة الاولى مما جعل الصحفيين يغضبون ويمتعضون (كدنا نقتل وانتم تمزحون)..

قبل المعركة كلفت براسة لجنة تخص جميع مراتب جناح الطيران الثاني الذي انتمي اليه وفي كتاب التكليف امر مدير طيران الجيش بعدم السماح باي سهو او خطا في نتيجة عمل اللجنة ويتحمل رئيس اللجنة المسؤولية ....اكملت اللجنة عملها في بداية شهر اذار وفي قلب المعارك وصل عضوي اللجنة مع نتيجة عملهما الى البصرة حيث وثقت باللجنة بانها اكملت عملها بشكل دقيق لمئات من المنتسبين ولم يتح لي الوقت لتدقيق مئات الاضابير والاسماء فوقعت على قرار اللجنة وبعدها باسبوعين تبين عدم ادراج اسم احد المراتب في قرار اللجنة...ولم يُقدر مدير طيران الجيش الحالة التي انا فيها واهتمامي بالمعركة وعدم تواجدي في الجناح لتتم معاقبتي من قبله (وتقبلت الامر دون اعتراض لكون الامر واضح بتحمل المسؤلية )وهذه احدى المشاكل التي تواجهنا عدا خطورة ومسؤولية عملنا

في 20 شباط اصيبت طائرة التصوير الجوي واستشهد طاقمها واخلي الطاقم من قبل احد افواج الفرقة الخامسة...وكان قائدها الشهيد محمود راضي يحمل معه خارطة المنطقة العائدة الى النقيب الطيار (ر .ي ) وكان شقيقه من منتسبي ذلك الفوج فاعتقد امر الفوج بان (ر . ي ) هو قائد الطائرة الذي استشهد فاستدعى شقيقه ومنحه اجازة دون ان يعلمه بالحادث ..وبعد انتهاء الاجازة علم سبب منحه الاجازة واخبر امر الفوج بان شقيقه على قيد الحياة وكان الشهيد محمود يحمل خارطة شقيقه لكونهم من نفس السرب .

ظهرت في معركة الفاو العديد من الدروس المستنبطة والمفاررقات ولكل من شارك فيها قصص لو رويت لملات مجلدات والمهم انتهت المعركة لنعود الى مقراتنا ونتهيا الى معارك قادمة لكل واحدة رواياتها منها المفرحة والحزينة ولا ننسى هنا الجهود والتضحيات الجبارة التي قامت بها كافة صنوف الاسناد الاداري والتموين والنقل لادامة نقل العتاد والهندسة والقوة البحرية ومهندسي فنيي ومراتب طيران الجيش ومخازن عتاد القوة الجوية وتامين الغطاء الجوي لنا من قبل مقاتلات الدفاع الجوي وقواطع الدفاع الجوي الابطال وغيرها لتامين ادامة طائراتنا واستمرارها بالطرق على رؤوس العدو.

الخاتمة
في شباط عام 1986 تمكن الإيرانيون من احتلال قاطع الفاو ، وكانت الفرقة 26 العراقية تدافع فيه بقيادة العميد الركن ماجد السامرائي ضمن قاطع عمليات الفيلق السابع العراقي بقيادة الفريق الركن شوكت أحمد عطا الصميدعي ،وهذا الهدف كان ضمن خطة هجوم إيرانية طموحة لاحتلال البصرة من الاتجاه الجنوبي ،وبجهد ثانوي من الاتجاه الشرقي ( ضمن قاطع الفيلق العراقي الثالث الذي كان يدافع في شرق البصرة بقيادة اللواء الركن ماهر عبد رشيد )، لكن هذا الهجوم الكبير صد من قبل كافة صنوف القوات العراقية في قاطعي الفيلقين آنفاً وحالا دون احتلال البصرة ،لقد شكل سقوط قاطع الفاو بيد الإيرانيين وضعا إستراتيجيا ونفسيا صعب جدا على القيادة العراقية وعلى الجيش العراقي بل على الشعب العراقي بأكمله ،وذلك لأسباب عديدة منها عزل العراق عن موانئه وعن دول الخليج العربية ابتداء من الكويت ،وشكل هذا الاحتلال أهانه كبيرة لشرف العراق ،فكانت عمليات الهجوم المقابل العراقية فاشلة في معظمها وعليه تكبدت عشرات من تشكيلات المشاة العراقية خسائر كبيرة جدا ضمن هذه المعارك بلغت حتى موعد تحريرها ما يزيد عن 51 ألف شهيد وما يقرب من 250 ألف جريح .

لقد شارك طيران الجيش بكل ثقله في معركة الفاو (9/10 شباط 1986)ومن الاسراب المشاركة ( 4 اسراب من طائرات الغزال المقاتلة وسربي مي /25 المقاتلة والسرب 106 – BO-105 ، والسرب 84 للاستطلاع والانقاذ ، بالاضافةالى اسراب مي /8 ، وسرب 107 - PC7، بالاضافة طائرة مي /2 للحرب النفسية لاذاعة الاغاني ولاناشيد الوطنية لرفع الروح المعنوية للمقاتلين في القطعات الامامية ، بالاضافة الى بث رسائل صوتية باللغة الفارسية للتاثير على معنويات العدو بادارة العقيد سعد العبيدي.


عن موقع الكاردينيا (توجد تعليقات ومشاركات تخص الموضوع)
 
صورة من بطولات فرسان طيران الجيش

الرائد الطيار (...) احد فرسان طيران الجيش



بتاريخ 30 تشرين ثاني 1981 ليلا كلف السرب 30 ( الوت /3 ) في جناح طيران الجيش الثاني ( k1 ) بمحافظة التاميم كركوك بواجب مؤلف من (4 طائرات الويت/3 مسلحة بمدفع 20 ملم جانبي) التنقل الى مطار الميمونة في محافظة العمارة (ميسان ) حيث كانت تدور معركة البسيتين الشهيرة....

Shahid.Tag.1.jpg


التي حدثت فيها جريمة اعدام اسرى الجيش العراقي وخلدت الجريمة باتخاذ هذا اليوم رمزاً ليوم الشهيد العراقي في 1 كانون اول من كل عام تخليدا لشهدائنا الذين تمت الجريمة بحقهم في ذلك اليوم واستمر الاحتفال الرسمي بهذه المناسبة لحين الاحتلال الامريكي وحلفاءه للعراق حيث الغي الاحتفال الرسمي واستمر الاحتفال الشعبي بهذه المناسبة ...

Samtiaa.26.JPG


كنت برتبة رائد طيار بمنصب امر رف ومعلم طيران في السرب ، استلمت امر التكليف بدون اخبار امر السرب(لاني كنت اعلم بممانعته ذهابي الى مثل هذه الواجبات التي تتطلب الابتعاد عن السرب لفترة طويلة ولم يعلم بالواجب الا صباحا وبعد اقلاعنا الى الواجب )،في الحال قمت باختيار الطيارين والمقاتلين الجويين ومفرزة ادامة لصيانة الطائرات أثناء الواجب .
في صباح الاول من كانون الاول اقلعنا باتجاه مطار التاجي ومن هناك تزود التشكيل بالوقود واكملنا الرحلة باتجاه منطقة الواجب ، ولكون الاجواء كانت رديئة قررت النزول في قاعدة ابي عبيدة (الكوت) الجوية للتزود بالوقود حيث وصلنا الى القاعدة ظهر ذلك اليوم وفوجئت بوجودامر القاعدة العميد الطيار خالد شفيق في استقبالنا بساحة وقوف الطائرات ورحب بنا بطريقته المميزة وابتسامته الجميلة وبخلقه العالي (اهلا بمعلم الطيران ) وهو يقصدني دون ان يتذكر اسمي حيث كنت تلميذاً في دورة معلمي الطيران (FIS) انهيتها قبل عام وكان حينها برتبة رائد طيار امراً لهذه الوحدة ، رجوته التزود بالوقود سريعا لاكمال رحلتي الى مطار الميمونة باسرع ما يمكن وقد اصر سيادته على دعوتنا لتناول الغذاء بضيافته ولم تجدي توسلاتي باعفائنا واخبرته باننا مطالبين بسرعة الوصول الى الميمونة واثناء تناولنا الغذاء وصلت عدة طلبات تسال عن سبب تاخرنا اجابهم العميد خالد باننا سنغادر المطار فوراً ...

وبعد اكمالنا الغداء اصر على مرافقتنا الى الطائرات وودعنا واقلعنا لاكمال الرحلة الى الميمونة......رحم الله تعالى هذا الانسان الرائع وقد التقيته بعد الاحتلال لعدة مرات في منطقة الميدان في بغداد حيث كنت اعمل في مجال الانتيكات ولدي محل هناك في خان المدلل ..

وكان للمرحوم هواية الانتيكات ويتواجد في هذا الخان باستمرار وكنا نلتقي وادعوه الى محلي حيث نقضي اوقاتاً سعيدة مبهجة مع هذا الرجل الرائع من رواد الطيران الاوائل من الدورة الخامسة في القوة الجوية العراقية .

المهم وصل تشكيلنا الى مطار الميمونة وهو عبارة عن شقة نزول تخلو من العديد من خدمات الطيران لعدم تشكيل جناح طيران الجيش الرابع بعد ، قمت بالبحث عن مدير الحركات او اي شخص اقابله لاعرف الواجب الذي جئنا من اجله ولم اجد اي جواب ! وانتظرت لحين المغرب حيث عادت كافة الطائرات المكلفة بالواجبات من مخفر الرشيدية (المقر المتقدم للفيلق الرابع) بعد الانتهاء من تقديم الاسناد لقطعات الفيلق .

مساء ذلك اليوم ارسل مدير طيران الجيش المرحوم العميد الطيار الركن خالد نصيف جاسم بطلبي لمواجهته لايجاز الواجب وذهبت اليه وكان معه مدير الحركات العميد الطيار قوات خاصة محمد عبدالله الشهواني (الذي شغل منصب مدير جهاز المخابرات بعد الاحتلال) وسالني عن سبب التاخير فاجبته ...وكذلك سالني عن الطيارين الذين معي فاجبته انا ومعي النقيب سعد واثنان من الطيارين الاحداث فابدى امتعاضه وسالني لماذا لم تصطحب معك طيارين قدامى بدلا من هذين الطيارين الحدثين؟؟؟

فاجبته ان في هذه المعارك ننفذ الواجب الاول نحن الطيارين الاقدمين بالتشكيل الاول ثم نصطحب الطيارين الحدثين كل مع الطيار الاقدم في الواجبات اللاحقة وهذا سياق عملنا والا كيف نعدهم الى خوض المعارك في المستقبل فاقتنع بوجهة نظري ثم اوجزني بالواجب وهو مراقبة حافة الهور ومعالجة اي تسلل من العدو بواسطة المدفع الجانبي على ان لا يكون ارتفاعي اكثر من 50 متر كي لا اتقاطع مع مسار المدفعية او اكون هدف لاسلحة العدو ، اعترضت على الواجب حيث ان المدفع الجانبي يحتاج الى الارتفاع المناسب ليتناسب الارتفاع مع زاوية الرمي وكلما زاد الارتفاع زاد المدى حسب وضعية المدفع وموقع الرامي ليتمكن من الرمي والمعالجة وكل ما يقل الارتفاع تقل الزاوية ويقل مدى المعالجة او يجب ان ادخل الى الهور بارتفاع واطيء والبحث والتفتيش والمعالجة وبعد نقاش قال لي اذهب وارتاح ولا تخشى الواجب وان احتمال تكليفك بالواجب ليس مؤكد!!!! ، اغضبني هذا الكلام جدا فلست ممن يخشون الواجبات واديت التحية وخرجت من الغرفة.

Samtiaa.27.JPG


وزعت الواجبات ليلا بتكليف طائرتين الويت/3 فقط للواجب مع الطائرات الاخرى الموجودة في مطار الميمونة .
اقلعنا بطائرتين انا والنقيب سعد صباح اليوم الثاني 2-12 الى مخفر الرشيدية المقر المتقدم للفيلق وهناك كُلفنا مع طائرة مي /25 بقيادة الملازم الاول فتاح الدوري ومعه الملازم الاول الطيار مؤيد كطيار ثان ورامي في اول واجب من ذلك الصباح للاستطلاع ومعالجة اية اهداف تواجهنا ثم رفع تقرير عن الواجب الى الفيلق وحسب السياقات المتبعة ،في الطلعة الجوية الاولى ولعدم معرفتي بالمنطقة تم التنفيذ بقيادة التشكيل لطائرة مي/25 رغم فارق الرتبة بيني وبين قائد التشكيل ، اقلعنا ودخلنا الهور وتوغلنا به وكان قائد التشكيل على معرفة جيدة بالمنطقة وبعد التوغل اصبحنا خلف مدينة البسيتين التي تم احتلالها من قبل العدو الايراني قبل يومين واجتزنا الهور ودخلنا الارض اليابسة وفوجئت امامي بعشرات الامتار مدرعتين وعجلة معادية وبتصوري كانت تقوم بواجب الدورية لمراقبة حافة الهور لعدم اكمال الموقع الدفاعي لقطعاتهم اخبرت قائد التشكيل وارتفعت الى 20 متر فوق الاهداف مع الايعاز للمقاتل بفتح النار وقصف المدرعتين والعجلة وقد فوجئت القوة المعادية بوجودنا فوقهم مباشرة وتم قصفها بالمدفع 20 ملم واحراقها وتفجرت الاهداف الثلاثة ثم انسحبنا بسرعة من المنطقة وعدنا الى الهور مع ملاحظة ان العدو لم يكن له تواجد في اليوم السابق بهذه المنطقة كما اخبرني قائد التشكيل....

وخلال الاستطلاع والتفتيش في الهور وليس بعيدا عن قطعاتنا اتصل بي قائد التشكيل وطلب مني الابتعاد عنه حيث تم له الكشف عن مجموعات مشاة معادية سيقوم بمعالجتهم بالمدفع الامامي لطائرته والح علي بالابتعاد كون الرمي المعادي كثيف بالاسحة الخفيفة التي لا تؤثر على طائرته كونها مدرعة وطائرتي لا يوجد بها تدريع والمقصورة من الزجاج ...استمر بالمعاجة واثناء الدوران فقدنا الرؤيا معه وناديته ولم يجبني واستفسرت من الطائرة الثانية عن مشاهدته للطائرة فاجابني بالنفي حاولت الوصول الى اخر مكان رايته به واذا بالرمي الخفيف المعادي يملئ السماء ولم استطيع التقرب رغم المحاولات العديدة وتاكد لي سقوطه في الهور ولم تنفجر طائرته ولم تحترق وبعد ان فقدت الامل من الوصول اليه قررت العودة مع الطائرة الثانية الى مخفر الرشيدية لتقديم التقرير وايجاد حل للطائرة مي /25 المفقودة وطاقمها .

Ad.S.UD.JPG


اخبرت المجس الجوي لمقر الفيلق بالحادث وبعد النزول في مقر الفيلق واثناء ترجلي تجمع حولي الطيارين للاستفسار عما حدث وفي هذه الاثناء خرج رئيس الجمهورية الذي كان متواجدا في مقر الفيلق من المخفر ليتوجه الى عجلته فشاهد تجمع الطيارين حولي فاقبل علينا وبعد اداء التحية لسيادته تحدث معنا وطلب عدم الاندفاع الزائد اثناء تنفيذ الواجبات وان المعركة طويلة وهو على اطلاع بكافة التقارير ويجد فيها مجازفة واندفاع كبير لامبرر له احياناً قد يوقع خسائر لا يستوجب التضحية بها وهنا تدخل النقيب سعد واخبره بسقوط الطائرة مي /25 أثناء تنفيذها للواجب وعدم تمكننا من الوصول اليها لمعرفة مصير الطيارين الذين هم فتاح ومؤيد ، التفت الى مرافقه الرائد صباح ميرزا وقال له من هم الطيارين فاجابه سيدي فتاح الدوري ذو العيون الخضراء الذي تكلمت معه في الامس ، وهنا انهى الرئيس كلامه وعاد ادراجه الى مقر الفيلق واصدر امره بمنح رتبة لكل من ياتي باي معلومة عن الطائرة المفقودة عندها شكلت مجموعات للبحث من مقر الفيلق انطلقت بالعجلات المدعمة الى منطقة سقوط الطائرة المفقودة..
(لقد اعتبرنا حديث السيد الرئيس وهو يطلب من المقاتلين عدم الاندفاع الزائد الغير مبرر اثناء تنفيذ الواجبات بمثابة وسام شرف يقلد به صنف طيران الجيش بمدولاته الحقيقية والانسانية وهو يعترف باندفاعهم بتنفيذ الواجبات الموكلة اليهم .)
في ذات الوقت وصل مدير طيران الجيش ومدير الحركات الى مقر الفيلق واعلموا بالاحداث فطلب مني مدير الحركات مرافقة القوة المكلفة بالانقاذ لاجل الحماية والدلالة على ان اكون ضمن تشكيل بقيادته حيث كان يقود طائرة غزال واثناء التنقل للوصول الى الهدف اتصل بي وسالني عن الاهداف التي اصبتها خلال الواجب فاشرت اليها بانه ذلك الدخان المتصاعد في الافق البعيد فلم يجيبني واستمرينا لحين دخول بداية الهور ومحاولة الوصول الى المنطقة التي كانت طائرةالملازم الاول فتاح الدوري فيها لاخر مرة مع محاولة القوة المكلفة بالانقاذ الوصول اليها بدلالتي ودلالة القطعات الارضية ولكن شدة النيران المعادية منعت الجميع من الوصول الى مكان سقوط الطائرة وهذا متبع لدى العدو حيث يحيل مكان سقوط الطائرة الى كمين لاصابة الذين يحاولون الوصول اليها وكذلك اذا ما حاول طاقم الطائرة الانسحاب في حالة عدم استشهادهم... وبعد ان فقدنا الامل في الوصول الى الطائرة عدنا الى مقر الفيلق في مخفر الرشيدية.....وخلال الترجل من الطائرة ناداني مدير الحركات العميد محمد عبدالله وقال لي بغضب:

كيف تصل الى هذا العمق ومن امرك بذلك الم نوجزك امس بان واجبك يكون على حافة الهور فقط ؟ وكم كان ارتفاعك عن الهدف وما هي المسافة بينكم؟

فاجبته باني كنت فوق الهدف مباشرة وبارتفاع لا يتجاوز 20 متر وهذا ما حاولت ايصاله لكم يوم امس ولكن جوابكم كان بطريقة توحي بانني خائف من تنفيذ الواجب لذلك لم اناقشكم كثيرا وقررت تنفيذ الواجب حسب امكانية الطائرة واسلوب الرمي من المدفع الجانبي،عندها اجابني لن تقوم باي واجب اليوم وتعود بعد انتهاء الواجبات الى الميمونة وغدا يصل آمر سربك وتعود الى كركوك ولا اريد ان اراك هنا...

اجبته امرك سيدي واديت التحية وانسحبت وفوجئت بتكريمي ومن معي بسنتين قدم ممتاز من قبل رئيس الجمهورية وهو الوسام الشخصي الثاني ذلك اليوم....ولم انفذ اي واجب ذلك اليوم والايام التي تلته ....

في مساء نفس اليوم وصل آمر سربنا (؟) الى الميمونه وفورا قابل مدير طيران الجيش ومدير الحركات ليستفهم عن الاحداث ثم قابلني ليخبرني بالوسام الثالث لهذا اليوم وهو اشادة مدير الحركات العميد محمد عبدالله باني كنت اسمع عن وجود رجال في السرب /30 ولم يخطر ببالي ان يكونوا بمثل هذا الطيار لذلك ارجعه الى كركوك حفاظا عليه .. وطلبت من امر السرب بان ابقى في الميمونة لحين انتهاء المعركة ثم العودة الى مقر السرب وهذا ما حدث وعند العودة الى مقر السرب وجدت اخبار الاحداث قد وصلت الى امر الجناح معلمي واستاذي واخي الكبير العقيد الطيار ابو زينب وهو يستقبلني بفرح غامر مفتخراً بما قمنا به ... ومنذ ذلك الواجب اخذ العميد محمد عبدالله يكلفني بعدة واجبات خارج قياسات المعركة .

يتبع الجزء الثاني

عن موقع الكاردينيا (توجد تعليقات ومشاركات تخص الموضوع)
 
صورة اخرى من بطولات فرسان طيران الجيش

يرويها احد فرسانه .... الجزء الثاني



بعد انتهاء عملية (تحدي) الاسم الرمزي لملحمة كردمند وهي أجرأ واصعب عملية انزال بواسطة السمتيات حيث تم الانزال الرأسي المباشر على قطعات العدو في قمة جبل كردمند يوم 28 – 7 - 1983 بعد فشل القطعات الارضية في استعادة القمة المشرفة على محور (جومان-كلالة- حاج عمران ) بسبب وعورة المنطقة (وسيأتي الحديث عن العملية في وقت لاحق انشاء الله ).
عُدت الى مقر السرب 106(BO105 )في التاجي يوم 30/7/1983 مع ابقاء مفرزة من طائرتين في مطار كي – 1 بكركوك للقيام بالواجبات التي قد تكلف بها في قاطع الفيلق الاول شمال العراق .
قام العدوالايراني بالتعرض على قطعاتنا في قاطع اللواء417 في بدرة وجصان حيث تمكن من محاصرة الفوج الاول لهذا اللواء في منطقة مخفر الجبل وصمد الفوج ببطولة وشهامة في مواضعه ورفض التسليم للعدو رغم انقطاع جميع المسالك مع قطعاتنا .

Mai.25.1.JPG



شاركت مفرزة من السرب/106 المتواجدة في معسكرالمنصورية (الفيلق الثاني ) مع بقية مفارز الاسراب للطائرات السمتية الغزال ومي/ 25 ومي/8 في تقديم الاسناد لقطعات هذا الفيلق ولحين احتواء الهجوم لتنصب اهتمامات القيادة بفك الحصار عن الفوج البطل الصامد في مواضعه رافضا نداءات العدو بالتسليم ، حيث قامت قواتنا بالتعرض على قطعات العدو لفك الحصار دون جدوى لوعورة المنطقة .
صدرت الاوامر لادامة تموين الفوج المحاصر بالعتاد والمواد الغذائية لتعزيز صموده لحين التمكن من تأمين المسالك للوصول اليه بغية سحبه الى المناطق الامنة ..

T.Adnan.1.JPG


قامت وحدة الادامة الجوية للقوات الخاصة بالتعاون مع القوة الجوية بتنفيذ طلعة بطائرة (اليوشن/76 ) لالقاء مواد الادامة الى الفوج المحاصر بواسطة المظلات ليلا حسب السياقات المتبعة وبعد تنفيذ الواجب اخبر الفوج المحاصر بان الرياح ابعدت المظلة وسقطت مواد التموين خارج موقع الفوج .
اصرت القيادة العامة للقوات المسلحة على ادامة تامين الفوج المحاصر وقد اقترح مدير حركات طيران الجيش العميد الطيار محمد عبدالله الشهواني بان ينفذ الواجب بواسطة طائرة مي/ 8 لنقل الحمولة ترافقها طائرة / BO-105 من السرب 106 تكون في المقدمة كونها مجهزة باجهزة ملاحية متطورة حينها تتمكن من الوصول الى الهدف بدقة وينفذ الواجب ليلا بعد اخبار الفوج المحاصر ببدأ التنفيذ كي يكون على استعداد لاستلام الحمولة وفعلا نفذ الواجب من قبل الطيارين (أ) و(ر) بطائرة بي او 105 والطيار(ع) والطيار (؟) بطائرة مي/8 على ان تلقى الحمولة بدون مظلة لتفادي انحرافها بتاثير الريح وتم الوصول الى المنطقة المطلوبة رغم المقاومة الكثيفة من اسلحة مقاومة الطائرات المعادية التي كانت ترمي عشوائيا باتجاه صوت الطائرات كون مصابيحها الملاحية غير مناره وهذا ايضا يشكل خطورة على التشكيل....وفعلا عندما اشر مؤشر (الدوبلر )لجهاز الملاحة بالوصول الى النقطة (صفر ) فوق مقر الفوج اوعز لطيار طائرة المي/8 بحساب الوقت الملائم حسب الايجاز المسبق لالقاء الحمولة وتم التنفيذ والقيت الحمولة وعادت الطائرتين الى بدرة بسلام....الا ان الفوج ايضاً نفى وصول الحمولة !!

في اليوم التالي صدرت اوامر رئيس الجمهورية بحجز الطيارين المنفذين لواجب إيصال الحمولة مع بعض ضباط القطعات الارضية احدهم امر لواء من الالوية التي حاولت فك الحصار عن الفوج المحاصر وفشلت محاولته بالاضافة الى عدد من ضباط اللواء المكلف بالدفاع عن المنطقة الذي كان الفوج المحاصر ضمن قطعاته .

BO.105.JPG


في صباح هذا اليوم فقدنا الشهيد النقيب الطيار سحاب سيد وادي الذي اصيب اصابة مباشرة وسقطت طائرته (BO-105) لكونه كان يقوم بالواجب منفردا دون طيار ثاني وصلني الخبر صباح يوم 4 – 8 -1983 فقررت الذهاب الى بدرة مستصحبا طائرة اخرى لتعويض طائرة الشهيد سحاب ، وبعد التعرف على المشاكل التي حدثت وتقوية معنويات الطيارين المحتجزين عُدت الى التاجي بعد ترك الطائرة الثانية لتعويض الطائرة المفقودة علما بان المفرزة كانت بطائرتين وبذلك لا داعي لتواجدي في بدرة فلدي عدد من المفارز في كركوك والعمارة والبصرة تستدعي ادامتها.
يوم 6– 8 تقرر القيام بالتعرض لفك الحصار وتم تعزيز الطائرات السمتية الساندة باربع طائرات من سربنا( السرب106 المجهزبطائراتBO-105 ) فذهبت الى بدرة مع التعزيز ووصلتها مع الضياء الاول ليوم 6 – 8 وبعد معركة شرسة لم تتمكن قطعاتنا المهاجمة من الوصول الى الفوج المحاصر ، لتصدر الاوامر بوجوب ايصال الادامة الى الفوج المحاصر باي ثمن تعزيزا لصموده ، فتقرر ان يكون التموين نهارا وبطائرة مي /8 والقبول بالخسائر المحتملة والتي هي شبه اكيدة....تم تحميل الطائرة بقيادة الملازم الاول الطيار البطل مصطفى عيسى الحديثي وتوجه الى الهدف بارتفاع عالي لتفادي الاسلحة الارضية الخفيفة والمتوسطة وبكل اقدام وبطولة استمر برحلته ونحن نراقب النار الكثيفة التي فتحت عليه والانفلاقات حوله حيث ان المنطقة ليست بعيدة جدا وعند وصوله فوق الهدف دخل في الدوران الذاتي كي يتمكن من الهبوط راسيا وسريعاعلى الهدف مباشرة ثم القى الحمولة وعاد للتسلق الراسي فوق الهدف كونه منطقة امنة بسيطرة الفوج المحاصر ولحين الوصول الى الارتفاع المقرر ليبدأ رحلة العودة التي لم يكملها فقد اصيب اصابة مباشره واشتعلت النيران بطائرته مما ادى الى استشهاده مع الطاقم المرافق له واخبرنا شاهد عيان من القطعات الارضية الامامية بان احد افراد الطاقم القى بنفسه من الطائرة ليسقط على الارض شهيدا رحم الله تعالى ابطال هذه الطلعة الاستشهادية (اذكر ان الواجب كان بطائرتين مي / 8 ولكن بعض التاكيدات تقول طائرة واحدة وكما اذكر ان الطائرة الثانية عادت بسلام ) المهم هنا ان الواجب نفذ وخسرنا طائرة واحدة مع طاقمها ،استمرينا في عملية مشاغلة العدو بالطائرات وبقية الاسلحة لذلك اليوم واليوم التالي لاجل الضغط على العدو وعدم تعرضه على الفوج المحاصر.
يوم 8 – 8 -1983 مع الضياء الاول قمت بتنفيذ الطلعة الاولى حسب السياقات اليومية المتبعة بتشكيل من طائرتين( BO- 105) من السرب 106 ومعي في الطائرة الثانية الطيار (ح) مع تشكيل اخر بطائرتي غزال بقيادة الطيار (م) كل في منطقة غير بعيدة عن الاخر للاستطلاع ومعالجة اية اهداف قد تصادفنا...
وعند المراقبة وبسرعة قليلة وارتفاع واطيء فتحت علينا النيران من مسافة قريبة مع سقوط رشقة من المدفعية قريبة جدا من طائرتي مما ادى الى سقوطها وارتطامها بالارض بشدة دون ان افقد السيطرة عليها ونجحت بالارتفاع بها عن الارض مع فقدان عمل منظومة الهيدروليك ومحور السيطرة على المروحة الخلفية وامتلاء المقصورة بالدخان وكنت اقود الطائرة منفردا واسمع صوت قائد الطائرة الثانية (ح) المضطرب مستفسرا عن حالتي وبعد ان اطمأنيت على حالة الطائرة وسيطرتي عليها بشكل جيد اجبته بان الامور تحت السيطرة و قررت التخلص من الصواريخ التي احملها والعودة الى بدرة مع الحذر الشديد من تطور الحالة واما حالة فقدان السيطرة على المروحة الخلفية وعطل منظومتي الهيدروليك حيث حاولت تشغيل المنظومة الاحتياطية وكانت ايضا مصابة فهذه الحالة الاضطرارية قد تدربت ودربت عليها الطيارين بعشرات المرات فلا خطورة منها....

خلال العودة طلبت من تشكيل الغزال مرافقتي ومراقبة طائرتي من الجهة المخالفة لموقع طائرة التشكيل الثانية وهنا اخبرني (م) بان زلاقات النزول للطائرة (سكدات ) من جهة هابطة والاخرى مرتفعة نتيجة الارتطام الشديد بالارض وهنا مكمن الخطورة فلا يمكن النزول وملامسة الارض بها في الحالات الاعتيادية بسبب الميلان الشديد وحتمية انقلابها فما بالك وعطل المروحة الخلفية والتي توجب الهبوط بسرعة امامية وعدم امكانية التعلق واستخدام قوة عالية لكون استخدامها يجعل الطائرة تدور بسرعة حول محورها العمودي وفقدان السيطرة عليها وسقوطها وحتمية تحطمها ، طلبت من المسيطرالجوي الطيار (ر) في شقة نزول بدرة ان يهيء لي صنايق عتاد فارغة يرصفها بطبقتين في الجهة اليسرى جهة ارتفاع الزلاقة (السكد)الايسر مع مراعاة اتجاه النزول واتجاه الريح وبطول كافي للمناورة على مدرج النزول كي استطيع الهبوط بالطائرة على الزلاقتين ومعالجة ارتفاع الزلاقة اليمنى بالاستناد على الصناديق للجهة اليسرى وهي مهمة صعبة جدا ولكن لا حل سوى هذه المجازفة بعد ان اعلمته بالاضرار التي اصابت الطائرة (كونه احد الطيارين ويستطيع تفهم الحالة التي انا بها وكان ممنوع من الطيران لاسباب صحية فساهم كمسيطر جوي في المعركة).
خلال رحلة العودة استذكرت هيكل الطائرة وطريقة ربط زلاقات النزول ( سكدات) للطائرة بجسم الطائرة فاستذكرت بانهما مربوطتين بمحور واحد اي انهما يرتفعان وينخفضان سوية ... لذا قررت المجازفة بالهبوط القاسي على الارض املا في ان يؤدي ارتطام الزلاقة العالية بعد ملامستها الارض اولا اعادة الزلاقة الواطئة الى حالتها الطبيعية او قريب منها وهذا الحل هو اسلم من الحل الاول (صناديق العتاد الفارغة) وفعلا وبعد تهيئة عجلة الاسعاف والحريق والرافعة التي امنها مشكورا رفيق السلاح (ر) قمت بهذه العملية وملامسة الارض بشدة وبسرعة امامية قليلة لتامين قوة رفع تغنيني عن تغيير قوة الرفع ودوران الطائرة(علما بان هناك فرصة واحدة فقط للنزول ولا يمكن اعادة محاولة النزول مرة اخرى ) وحدث ما توقعته فحال ارتطام زلاقة النزول اليمنى بالارض بشدة عادت الزلاقة اليسرى الى حالتها الطبيعية وتم تعديل زلاقات النزول وملامسة الارض بسلام وسارعت الى اطفاء المحركات.....

وهنا توضح لي الفرق بين الطيار وسائق الطائرة(حيث ان الطيران علم متكامل )وكذلك التاكيد على الدرجة الكاملة لاجتياز اختبار الحالات الاضطرارية واهمية فسحة الوقت للتفكير.
في اليوم التالي وفي منطقة مخفر الدراجي اصيبت طائرة معاون امر السرب 106 (أ) وسقطت قرب المخفر وتم انقاذه من قبل الطائرة الثانية بقيادة الطيار( ع ف )وتم سحب الطائرة بواسطة ناقلة الدبابات وتم بعدها شحن الطائرتين الى الشركة المصنعة في اسبانيا ....وبعدها بسنتين ذهبت الى اسبانيا لفحص الطائرتين واستلامهما بعد تصليحها واوجزت مع الشريط الفديو الذي عرض علي بما حصل للطائرتين وخطورة الاصابات التي اصابتهما (ولهذا الايجاز والشريط حكاية اخرى سياتي ذكرها لاحقاً ).
وبعد ذلك بدات اشعر بالم شديد في ظهري نتيجة الحادث ولكني فظلت البقاء في بدرة لحين انتهاء المعركة دون ان انفذ اي واجب لحين عودتي الى السرب يوم 10 -8 ...


بعد انتفاء الحاجة من التعزيز وخلال خط الرحلة و قبل الغروب فوق جزيرة بغداد السياحيةالتي كانت مكتضة بالعوائل سالني الطيار الثاني النقيب الطيار ياسين جاسم العبود السامرائي الذي وصل بعدها الى عميد ركن ومعلم طيران وهو من الابطال المرموقين في السرب (هل يعلم هؤلاء الناس بما نحن فيه وهل يشعرون بالمخاطر التي مرينا بها خلال الايام السابقة؟ )اجبته نعم فمن الممكن بعد وصولي الى البيت بعد ساعة من الان ان يطلب مني اولادي الذهاب الى مدينة الالعاب في هذه الجزيرة فاكون هناك وقبلها بساعات كنت في ميدان المعركة وهكذا هي الحياة!! توفي هذا الطيار البطل الشهم في عام 1995 نتيجة مرض عظال رحمه الله تعالى .
ونتيجة الفحص الطبي والاشعة ظهر وجود كسور في الفقرات القطنية للعمود الفقري مما استدعى رقودي في المستشفى للعلاج ومنحي اجازة مرضية ثم منع طيران لغاية منتصف شهر تشرين الثاني وعدت الى مزاولة الطيران بعد اصراري على العودة للطيران بسبب وصول مدفع 20 ملم بلجيكي للتركيب على الطائرة وعلي فحصه واستلامه فقد سمح لي بالطيران (وللمدفع وفحوصة رواية اخرى سياتي ذكرها في وقتها) .

Mai.8.1.JPG


نعود الى مصير الفوج المحاصر والطيارين المحتجزين فخلال احتجازالطيارين مع ضباط القطعات الارضية في غرفة واحدة استدعي ضباط القطعات الارضية المحجوزين ونفذ بهم قرار الاعدام امامهم مما ادى الى اصابتهم بالرعب عانى احد الطيارين منه لسنوات طويلة بعدها ، ونتيجة لوساطة ورجاء مدير الحركات العميد محمد عبدالله الشهواني وقربه من وزير الدفاع الفريق الاول الركن عدنان خير الله طلفاح حينها تم ارسالهم الى مقر السرب ومعهم طياري المي/8 واحتجزوا هناك بانتظار القرار حول مصيرهم وتحملت مسؤليتهم وساعدتهم بالنزول الى عوائلهم منفردين بحجة مراجعة مستشفى القوة الجوية والمبيت عند عوائلهم وكانو ومنتسبي السرب على قدر عالي من المسؤولية من حيث الكتمان ..من جانبهم كان الطيارون المحتجزون يلتزمون بالتوقيتات وغالبا ما كنت ارسلهم بالعجلة العسكرية المخصصة لي لتكون بخدمتهم واستعمل عجلتي المدنية بدلا عنها...بقي الطيارون المحتجزون لحين صدور قرار باحالتهم على التقاعد لنتنفس الصعداء فقد كنا نخشى ان ينفذ بهم الاعدام ، وبعد اقل من سنة اعيدوا الى الخدمة في اسرابهم بعد جهود العميد محمد عبدالله ووزير الدفاع كون مدير الحركات محمد عبدالله شعر بانه هو من كلفهم بهذا الواجب وكان على يقين بتنفيذهم الواجب بشكل صحيح وشجاعة نادرة وكذلك كان يقدر فعاليات السرب وله علاقة جيدة معنا.

اما مصير الفوج المحاصر فبعد فشل جميع محاولات الوصول اليه وفك الحصار عنه تقرر ان يقوم بالانسحاب من خلال المعركة وتم له ذلك بعد ان قدم خسائر جسيمة خلال الانسحاب ورفض التسليم للعدو وعاد عدد قليل من منتسبي هذا الفوج البطل واستشهد اكثرهم بموقف بطولي يفوق الخيال ، وخلال التحقيق مع الناجين من ضباط الفوج ظهر ان جميع الحمولات المرسلة اليهم جوا كانت تصلهم وكانوا ينكرون استلامها املا في المزيد!!!!! وهذا ما دعى الى عدم اعدام الطيارين واحالتهم الى التقاعد ثم اعادتهم للخدمة وبذلك انتهت معركة ومواقف متميزة لابطال الفوج و من قدم لهم الاسناد وعاش ايام صعبة جدا قلقا عليهم وتقديرا لصمودهم والتضحيات التي قدمت من اجلهم لتعزيز صمودهم وليكونوا عبرة لغيرهم بان القيادة لن تألو جهدا في انقاذهم وهذا ما حصل مع اللوء المكلف بقاطع الفاو في معركة الفاو عام 1986 الذي صمد ورفض التسليم رغم محاصرته وتجاوز قطعات العدو للمدينة ... وكلفت بعد تطوعي لارشاد طائرة نقل المؤونة مي8 والنزول قبلها في ملعب الفاو الذي يتواجد به مقر اللواء باستخدام جهاز الملاحة (الدوبلر )لايصال المؤن للواء المحاصر ليلا يوم 11- 2- 1986 (وهذه رواية اخرى سياتي دورها ان شاء الله تعالى).

في عام 2000 وفي لقاء لرئيس الجمهورية مع عدد من المقاتلين تم استذكار صمود هذا الفوج البطل الفوج الاول لواء 417 فاوعز الى تكريم الفوج واعادة تشكيله اعتزازا بصمود ابطاله الاحياء والشهداء..

عن موقع الكاردينيا (توجد تعليقات ومشاركات تخص الموضوع)
 
لم تكن هناك أية طائرات ميراج مصرية في العراق
إشترى العراق في بداية الحرب طائرات سوخوي 7 من مصر

لا يا اخي
مصر ارسلت الي العراق طائرات ميراج 5 مزود ببودات تشويش متقدمة طراز Selenia ALQ-234 ECM pod
وكانت تابعة للسرب 69 المصري "مكان تمركزه في مصر قاعدة طنطا الجوية في محافظة الغربية "


Egyptian-Mirage-in-iraiq-service.jpg

An Egyptian Mirage 5-SDE on an Iraqi airfield partaking in special combat (electronic warfare) operations against Iranian forces at Fao in 1986. Note that the Egyptian markings have been removed (Picture Source: Cooper & Bishop, 2003, pp.243).

وقد اشتركت في القتال بالفعل
واسقطت طائرة منها واصيبت واحدة اخري علي يد الطائرات الايرانية في 14 مارس سنة 1986


1395841885871.jpg


 
التعديل الأخير:
لا يا اخي
مصر ارسلت الي العراق طائرات ميراج 5 مزود ببودات تشويش متقدمة طراز Selenia ALQ-234 ECM pod
وكانت تابعة للسرب 69 المصري "مكان تمركزه في مصر قاعدة طنطا الجوية في محافظة الغربية "




وقد اشتركت في القتال بالفعل
واسقطت طائرة منها واصيبت واحدة اخري علي يد الطائرات الايرانية في 14 مارس سنة 1986


1395841885871.jpg


أشكركم جزيل الشكر وسأحاول التأكد من الموضوع
 


اللواء فوزي البرزنجي



مقالة الأخ سيف الدين الألوسي عن حادثة طيران الخطوط الجوية العراقية في سنة 1966 في بغداد بعنوان ( الطيار الذي طار ... ورجع ماشيا ) حفزت ذاكرتي عن حوادث طيران عشتها شخصيا عندما كنت أحد منتسبي الفوج الأول لواء الأول خلال أشتراك الفوج في حرب حزيران سنة 1967 في سيناء على قناة السويس في مصر العروبة

ANITOV.1.JPG


طائرات النقل العسكرية نوع أنتينوف ذات أربع محركات (أوكرانيا )

وصف الطائرة من الداخل
أولا.كابينة القيادة // يوجد فيها ثلاث مقاعد الأمامي في النوز مخصص الى الملاح الجوي ومقعدين خلف المقعد الأول مخصصة لقائد الطائرة ومساعده

ثانيا. كابينة الراحة // توجد كابينة ثانية خلف الأولى مفتوحة على كابينة القيادة فيها مصطبتين متقابلة تتسع لنوم شخص على كل مصطبة أوجلوس 4 أشخاص على كل مصطبة الكابينتين مصممة أسوة بطائرات الركاب الأعتيادية من ناحية تأمين الهواء ، يوجد باب يفصل الكابينتين عن باقي جوف الطائرة

ثالثا.جوف الطائرة الخلفي// يتسع كما أتذكرالى 76 شخص يجلسون على كراسي متقابلة علىشكل صفين // يختلف تصميم جوف الطائرة عن طائرات الركاب الأعتيادية عند التحليق يجب أن يرتدي الجنود جهاز رأس مع كمام لغرض التنفس يتصل بأنبوب مطاط مربوط ببدن الطائرة

طاقم الطائرة
يتألف طاقم الطائرة من قائد الطائرة ومساعده والملاح الجوي مع عنصر فني في كابينة القيادة مع عنصرين أو ثلاثة عناصرفي جوف الطائرة الخلفي
زمن رحلات الطيران
أولا.بعد حرب 5 حزيران 1967 غلقت الأجواء العربية خاصة ( مصر – الأردن – سوريا – العراق ) بوجه الطيران الدولي لفترة أكثر من شهر ونصف
ثانيا.بعد أنفراج الموقف فتحت الأجواء وتم تحديد مواعيد ثابتة لنقل مجازي الفوج من مصر الى العراق وبالعكس هي كل يوم 1 من الشهر طيران من بغداد الى القاهرة يوم 2 من الشهر العودة من القاهرة الى بغداد يوم 15 من الشهرطيران من بغداد الى القاهرة يوم 16من الشهر العودة من القاهرة الى بغداد
ثالثا.عند الطيران من بغداد مواعيد الأقلاع ثابته 8 صباحا من قاعدة الرشيد الجوية عند العودة من القاهرة مواعيد الأقلاع غير ثابتة لأن الأخوان الطيارين يقضون ليلة راحة في شارع الهرم
رابعا.يتواجد المجازين في مطار القاهرة الدولي القسم العسكري أعتبارا من الساعة 7 صباحا حتى يفرجه الله

خط طيران الرحلات
بغداد - الأراضي السعودية - البحر الأحمرجنوب خليج العقبة 50 كيلومتر- الأقصر- في صعيد مصر- القاهرة - وبالعكس - تستغرق الرحلة أحيانا 5 ساعات

الحادثة الأولى
في أحد الرحلات أقلعت الطائرة من مطار القاهرة الدولي بعد الساعة الرابعة عصرا وصلت الى الأقصر ثم أنعطفت شرقا بأتجاه البحر الأحمر ننظر من نوافذ كابينة الراحة الى الأرض أوشكت الطائرة عبور البحر الأحمر يوجد في كابينة الراحة وقب صوت ( سماعة أذن ) لنقل المحادثات بين قائد الطائرة ومساعده والملاح الجوي والمطارات أغلب الأحيان نضع سماعة الصوت في الأذن لنسمع المحادثات صادف أن كنت واضع سماعة الصوت في أذني أسمع قائد الطائرة يطلب المساعدة من مطار جدة في السعودية
حوار قائد الطائرة مع مطار جدة الدولي يقول له (أمرجنسي) المطار طلب رقم الرحلة ونوع الطائرة رد عليه قائد الطائرة أنتينوف 24 روسية الصنع أجاب المطار لايوجد لدينا مهندسين وفنيين على هذا النوع من الطائرات / أستادرت الطائرة 180 درجة وأتجهت بأتجاه الغرب بعد أجتياز البحر الأحمر و وصولها الى اليابسة أسمع حوار بين قائد الطائرة ومطار الأقصر 900 كيلومتر جنوب القاهرة يقول البطاريات تكفي طيران 10 دقائق فقط وأنظمة الكهربائية متوقفة تماما أخبرت زملائي في الكابينة لم يصدقوا الخبر

الطائرة تعود الى مطار الأقصر والفني يحضر مظلات النجاة

توجد باب أسفل أرضية قمرة القيادة شاهدنا العنصر الفني يقوم بتهيأة مظلات النجاة للطيارين من ضمن المجازين النقيب طلال محمد على ذهب الى قائد الطائرة قال له تنزلون بالمظلات وتعوفونا (أي تتركونا) ...أجلب (أي أتعلق) بركبتك (رقبتك) وأنزل وياك (معك)
لم يجاوبه قائد الطائرة كان هادئا لأن الموقف تحت السيطرة الوقت على وشك أن يحل الظلام (أحد زملائنا من الضباط الأحتياط قصير القامة بدين القوام يرتدي نظارات طبية جعب بطل أصابه الأرتباك مزحنا معه والطائرة على وشك أن تعمل تج على أرضية مدرج مطار الأقصر قلنا له هبوط أضطراري في أحد مطارات سيناء تحت سيطرة أسرائيل أخذ ينظر من النافذة ويصيح مدشفون لابسين كلابيات مصرية ووجهة صار بلون الطماطة ضحكنا / كال بالموت وتشاقون) حطت الطائرة على أرض مطار الأقصر بسلام ترجلنا من الطائرة وجاء الفنيين لفحص الطائرة وبعد عملية الفحص ظهر أن الشخص الفني من دون أن يعلم عامل (سويج أوف )لأحد الأزرار في اللوحة الكائنة خلف قمرة القيادة / تم أعادة تفويل الوقود والأوكسجين أقلعت الطائرة بالساعة 9 ليلا من مطار الأقصر


الطائرة تحلق فوق بغداد ليلا ومطارالرشيد مغلق
كانت لاتزال حالة الأنذار قائمة والطائرة يجب لاتتأخر عن الساعة السادسة مساءا الى مطار الرشيد بينما وصلت فوق بغداد بعد الساعة 12 ليلا المطار المدني مغلق ومطار الرشيد مغلق والطائرة تحوم فوق بغداد قائد الطائرة أتصل بقاعدة دولية للأتصالات في البحرين وطلب أتصال بمطار الكويت عن طريق التلفون الأرضي مطار الكويت أتصل بمطار البصرة مطار البصرة أتصل بمطار بغداد مطار بغداد أتصل بضابط خفر قاعدة الرشيد أكملت الطائرة أكثر من أربع دورات فوق بغداد حتى فتحت أضواء مدرج قاعدة الرشيد ترجلنا من الطائرة بالساعة 1 ليلا بعد منتصف الليل أحد سواق عجلات الريو التي تقوم بنقل المجازين الى ساحة التحرير سئل الضابط الذي يجلس بجوار السائق ليش أتخرت الطائرة جوابه الزيل صار بي عطل بالطريق!!!أستغرب السائق كله شنو؟؟

كله هاي الطائرة الروسية تشبه عجلة زيل بس يطير بالجو!!

الحادثة الثانية
نهاية أجازة ثانية أقلعت الطائرة من بغداد بالوقت المحدد كان معنا أمر الفوج المرحوم المقدم الركن طارق محمود جلال وعند أجتيازها البحر الأحمر أستدارت الطائرة الى جهة اليمين متجه نحو الشمال المفروض تستدير الطائرة عندما تصبح فوق نهر النيل لأتخاذه علامة أرضية دالة يستند عليها ملاح الطائرة لتوجهيها نحو الأتجاه الصحيح لأن الطائرة غير مزودة بأجهزة الملاحة الحديثة حين ذاك...
بعد وقت ليس طويل كنت جالس على المصطبة اليمنى والى جواري جالس أمر الفوج نظرت من النافذة الى الأسفل شاهدت البحيرات المرة أستغربت لأن هذا ليس خط مسار الطائرة!!!

الطائرة تحلق فوق خط النار على قناة السويس!!
أخبرت أمر الفوج قلت له الطائرة تسير فوق قناة السويس نظر من النافذة الى الأسفل تأكد من صحة كلامي قفز الى كابينة القيادة وصاح بأعلى صوته على قائد الطائرة أنت أعمى وين دتمشي فوق خط النارالجيش الأسرائيلي هسه يوكعون الطائرة؟؟!!!

دهش قائد الطائرة عندما رأى صحة كلام أمر الفوج لأن الطيار يعتمد على ملاح الطائرة وغيرأتجاه مسار الطائرة 60 درجة الى جهة اليسارلحين شاهدنا نهر النيل أسفل الطائرة فعدل مسارها وعند وصولها الى مطار القاهرة الدولي أقتربت الطائرة من مدرج الهبوط وعلى وشك أن تعمل أطاراتها الخلفية تج بأرض المدرج أرتفعت ثانية ولانعرف

بوابة العجلات لاتنفتح والطائرة على وشك أن تهبط كراش
السبب الى أن وصل أرتفاعها 500 متر أو أكثر فجأة شعرنا أن الطائرة هوت الى الأسفل شعرنا أن أمعائنا خرجت من أفواهنا يوجد نافذة زجاج على شكل دائرة قطرها 15 سم في الباب الذي يفصل الكابينة الثانية عن جوف الطائرة الخلفي أنظر من خلالها أشاهد الجنود في الجوف الخلفي معظمهم تقيؤا من أثر الهوة وتكررت هذه العملية ثانية حيث سمعنا صوت أسفل الطائرة كأنه باب كراج واحد ضرب الأخر بعدها عادت الطائرة بأتجاه المدرج وهبطت بشكل طبيعي وعند نزولنا أستفسرأمر الفوج من قائد الطائرة عن هذه الحالة قال له برج المراقبة أخبرنا بعدم نزول عجلات الطائرة من مكانها لعدم أنفتاح باب العجلات لكن المؤشرات كانت تؤشر بنزول العجلات لو لم يكن برج المراقبة منتبها لعملت الطائرة كراش على المدرج يودي الى أحتراقها عند وصولنا معسكر الفوج أمر الفوج أمر المساعد بذبح 7 خرفان فجران دم على سلامة المجازين..

عن موقع الجاردينيا
 


الدكتور علوان العبوسي


K.J.0.JPG


أبطال ومواقف...


سبق ان طلب مني الشيخ جلال چرمگا استذكار بعضاً من الادوار البطولية لعدد من ابطال وشهداء القوة الجوية العراقية الذين استشهدوا ودافعوا من اجل العراق العظيم لنشرها في الكاردينيا الثقافية .

وتلبيتاً لطلبه ساذكر قصة موجزة في كل مرة عن احد الابطال والشهداء ممن عايشتهم في القادسية الثانية اثناء الحرب مع ايران ولحالات مميزة جداً ، وقبل ذلك اليكم هذا المدخل الموجزعن الطيار المقاتل وكيف يتم اعداده وتربيته وتعويده على تلقي الشهادة بكل رحابة صدر في كل الظروف سواء اثناء القتال اوالتدريب دون ان يكون لديه رد فعل سلبي تجاه اية مهمة مهما بلغت صعوبتها .

في الحقيقة أن طياري المقاتلات القاذفة (الهجوم الأرضي) بشكل خاص يتعرضون أكثر من غيرهم من الطيارين إلى اصابه أو تدمير طائراتهم من قبل اسلحة الدفاع الجوي المعادي تبعاً لطبيعة واجباتهم وقساوتها وقد حددت الدراسات الاستراتيجية في الحرب العالمية الثانية نسب معينة في خسائر طائرات المقاتلات القاذفة في حرب بين دولتين ذات قوتين جويتين متعادلتين ودفاعات جوية فعالة بلغت 2/3 طائرات الدولة المهاجمة لفترة محددة وبزخم طيران عالي (هذه النسبة تشمل الاصابات والتدمير والاعطال والاضرار البسيطة وكل ما يمنع الطائرة من الطيران).

Miraj.00.JPG


في حربنا مع ايران اختلفت هذه الدراسات بعد التخطيط والمباغته والعزم لقواتنا الجوية والدفاع الجوي كونها تهدف الى انهاء حالةمعينة وهي اعادة الحق الى نصابه وفرض أمر واقع وذلك عندما قامت قواتنا المسلحة للفترة من22 أيلول1980 وحتى 5 ت1 1980 تحقيق الهدف القومي للحرب المحدد من قبل القيادة السياسية وهو (استعادة كافة الاراضي المحتلة من قبل ايران ثم التوصل الى تسوية عادلة ومشرفة للنزاع العراقي الايراني) فمنذ الايام الأولى للحرب عرض العراق السلام على ايران وابدى استعداده الكامل للانسحاب من الاراضي الايرانية واقامت علاقات طبيعية معها كما وافق العراق على قرار مجلس الأمن رقم 479 في 28 ايلول (سبتمبر)1980 لوقف القتال واعلن من جانبه وقفاً لاطلاق النار ، من29 منه ولمدة ثلاث ايام الا ان ايران ارادتها حرباً طويلة كان العراق فيها أكثر اقتداراً من ايران فبدلاً من استنزاف لقواتنا الجوية كان هناك بناء جديد لهذه القوات واصبحت خلال سنوات الحرب بوضع أفضل مما كانت عليه قبل الحرب وبذلك ارتفعت كفاءتها النوعية واصبحت معادلة للقوة الجوية الايرانية ثم تفوقت عليها للفترة 1984-1988 هذا لا يعني عدم وجود خسائر بالطائرات أو الطيارين ولكن كان هناك تعويض أكثر من الخسائر سواء بالطيارين أو الطائرات اضافة الى أسلوب القيادة والسيطرة على استخدام القوة الجوية الذي كان يُحسم من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة بعد التنسيق مع قيادة القوة الجوية مما حافظ على جهدنا الجوي لفترة طويلة وعلى العكس من ذلك فقد خسرت ايران معظم جهدها الجوي في هذه الحرب بحيث اصبحت طائراتنا تتعرض للاهداف الايرانية الاستراتيجية والعسكرية بحُرية تامة مؤكدة تفوقها الجوي على القوة الجوية الايرانية.

كان نهج عملنا مع الاسراب المقاتلة عموماً ينصب على هذا الاساس فالطيار الهاوي المحب للطيران يتفوق دائماً على الطيار الذي يتقدمللقوة الجوية لايجاد فرصة عمل معينة لأن الطيران المقاتل يتجسد فيه العلم والفن والاحترام والحرص والمتابعة والتضحية بكل المنافع الشخصية ونكران الذات فضلاً الى عدم امتهان العمل بالمفهوم التقليدي لكنه يجب أن يكون ممزوجاً مع الهواية ... وبذلك أقول بدون تحفظ وفق هذه المفاهيم قد نجحت اسرابنا المقاتلة والقاصفة وطيران الجيش محققة أفضل النجاحات في المعارك كافة التي خاضتها سواء على المستوى القومي أو الوطني ومنها حربنا مع ايران حيث برهن ابطالها على اصالتهم العالية في الذود عن حياض الوطن مضحين في الغالي والنفيس في سبيله... ولنا مع عدد من هؤلاء الابطال قصص لا تنسى لفترة اشتغالي في القوة الجوية يفتخر بها بطلها شخصياً مع عائلته ونفتخر بها نحن كآمرين وقادة لهؤلاء الابطال وسأتناول بعضاً من هؤلاء الابطال .

K.J.2.JPG


الشهيد البطل النقيب الطيار هاتف مدلول حمد

النقيب الطيار هاتف مدلول حمد احد افراد السرب الخامس سوخوي/22 شارك معي في بناء السرب الخامس (مقاتلات قاذفة) عام 1976 وكان مثال الضابط الطيار الهادئ الملتزم الخلوق المحب للطيران والرياضي الاول ضمن فريق القوة الجوية لكرة السلة والطائرة مستواه عالي في الطيران نفذ العديد من الواجبات القتالية في ايران منذ بدايتها في 22 ايلول(سبتمبر)1980 ، وبالنظرلزخم الطيران العالي فقدنا العديد من طياري الهجوم الارضي سواء طياري ( السوخوي او الميج/ 23 ، او الميراج ف1، والقاصفات وحتى احياناً من طياري المتصديات الابطال بطائراتهم الفير مخصصة لمثل هذه الواجبات التي كنا نكلفهم بها ) معظمهم من الطيارين الجيدين كآمري الاسراب والرفوف وطياري الرف،منهم بطلنا النقيب الطيار هاتف مدلول ،

Sochoy.22.JPG


كان المومى اليه في السرب الخامس وقد تم استخدامه في السرب/44 بقاعدة تموز(الحبانية) الجوية لتدريب وإعداد الطيارين الاحداث على الطائرة سوخوي/22 لغرض رفد هذه الاسراب التي تعاني نقصها منهم باستمرار ، شاءت الظروف ان المومى اليه قد قرر عقد قرانه وسبق لآمر سربه منحه اجازة في بغداد لاتمام مراسيم زواجه كان ذلك في مايس 1982 ، في هذه الأثناء طلبت قيادة القوة الجوية ان يقوم الضباط الطيارون الذين سبق لهم تنفيذ عدد من المهام علىجزيرة خرج تكرار تنفيذ احد هذه المهام ، كان أحدهم النقيب الطيار هاتف مدلول مما اُجبر آمر سربه ان يستدعيه من الاجازة لتنفيذ واجب معين ، لكنه قبل ان يمتثل للامر اتصل معي من داره في بغداد يتوسطني بينه وبين القيادة والسرب لاختيار طيار آخر بدلا عنه لتنفيذ الواجب ،كوني كنت اتابع ضباطي في حل مشاكلهم الشخصية والانسانية خاصة انه قد اكمل كافة الترتيبات اللازمة لعقد قرانه والذي يصادف في اليوم نفسه الذي استدعي فيه ، وقد اقتنعت بوجهة نظره كعامل انساني مقبول ، في حينها اتصلت بالعميد الطيار الركن سالم سلطان عبد الله البصو مدير الحركات الجوية آنذاك ورجوته اختيار طيار آخر بدلاً من المومى اليه واوضحت له ان زواجه سيتم هذا اليوم واعتقد ان من الجانب الانساني ان نبارك له هذه الخطوة ، سيما انه من الطيارين الجيدين ولم يتأخر يوماً عن تنفيذ أي واجب قتالي ومن المحتمل جداً ان تنفيذه الواجب لايكون بالمستوى المطلوب ، لكنه لم يقتنع بوجهة نظري وطلب مني الايعاز له بالغاء اجازة عقد القران والالتحاق فوراً الى قاعدة تموز ومنها يطير بطائرة سوخوي/22 للسرعة الى قاعدة الوحدة الجوية( الشعيبة) لتنفيذ الواجب على ان يتم مراسيم الزواج لاحقاً، ومع ذلك اتصلت
بآمر قاعدة تموز المقدم الطيار الركن مظهر محمد الفرحان وطلبت منه التدخل بالموضوع لكنه اوكل الامر الى آمر جناح طيران القاعدة وهذا الرجل لم يفعل شيئاً واعتبر الامر منتهي ، اتصلت بالنقيب هاتف في داره واعتذرت منه عن عدم تمكني من تلبية طلبه وقد شكرني على ما قمت به من جهود واخبرني بانه سيلتحق فوراً بالقاعدة لتنفيذ الامر ، ومنها طار باحدى طائرات السرب/ 44 الى قاعدة الوحدة( الشعيبة ) الجوية مؤجلاً موضوع زواجه لوقت آخر...

K.J.1.JPG


واشترك في تنفيذ الواجب وكان من الواجبات الصعبة ضد جزيرة خرج الايرانية بتشكيل مؤلف من 4 طائرات سوخوي22 بقيادة الرائد الطيار محمود رشيد البياتي الذي حضر هو الاخر من قاعدة الحرية (كركوك ) الجوية وعضوية كلا من النقيب الطيار هاتف مدلول رقم (3) والنقيب الطيار محمد راجح رقم (2)والملازم الاول الطيار باسم رقم (4) ، يذكرالنقيب الطيار محمد راجح ، انه قبل وصول التشكيل جزيرة خرج هاجمتهم طائرتين ايرانيتين نوع ف/14 مما اضطر التشكيل الى الانحدار الى أمتار قليلة فوق سطح البحر كي يُفشلوا الهجوم المعادي الذي اطلق صواريخه باتجاههم دون ان تصيب اعضاء التشكيل ، كان مدى الرؤيا قليل بسبب الضباب الاشعاعي الذي تكوّن على سطح البحر شاهد طائرة المومى اليه تلامس سطح الماء بشكل تدريجي ثم ترتطم به دون ان يقذف منها ويقول لقد ناديته ولم يتخذ أي اجراء مما يدل على انه كان في حالة من التعب او الارهاق التي قد تصيب الطيار ادت الى استشهاده في الحال ،كما يذكر الطيار محمد راجح تمكن الطيار المعادي من اصابة وتدمير طائرة قائد التشكيل وهو يهاجم الجزيزة ادى الى ارتطامها بالجزيرة ، ثم القينا انا ورقم 4 اسلحتنا على الجزيزة دون تركيز بسبب الارباك الذي سببته لنا طائرات ف /14، وعليه اعتبرت المهمة شبه فاشلة ولم تحقق غرضها مع خسائر طائرتين سوخوي /22 بطياريها وعودة اعضاء التشكيل الاخرين بشكل منفرد الى القاعدة ، هكذا هم ابطال الهجوم الارضي يتعرضون للمخاطر اكثر من غيرهم بحكم طبيعة واجباتهم رحم الله شهداؤنا الابرار واسكنهم فسيح جناته.

ان الدروس والعبر التي نستنبطها في مثل هذه المواقف عظيمة في معانيها كبيرة في تضحياتها قل مثيلها في التاريخ المعاصر... من الناحية الاخرى ان الطيار حالة خاصة يستوجب العناية به وعدم تركه للظروف او اهماله لان العمل الذي يقوم به ليس عملاً تقليدياً سهلاً وانما يحتاج إلى تفهم خاص لمشاكله وظروفه والانطلاق منها هذا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار انه يقود الطائرة لوحده دون مساعد وان أي خطأ بسبب حالته الصحية او النفسية قد يؤدي بحياته والطائرة ، فعندما منح طيارنا الشهيد اجازة الزواج ينبغي على الآمر ان يكون لديه الحل البديل اذا ما طلب منه تنفيذ واجب بمستوى واجب جزيرة خرج وظروفه الصعبة ، كان يتطلب من الآمر المباشر ان يبادر فوراً بتحمل مسؤولية الواجب وايجاد البديل وترك موضوع زواج النقيب هاتف مدلول ان يتم لاسيما ان هناك استحضارات لهذا الزواج وفرح وبهجة وسرور انقلبت فجأةً الى حزن عميق اثر فينا جميعاً في حينه بشدة فكيف مع اهله واحبائه واصدقائه قد ينعكس ذلك سلباً على باقي الطيارين ويفقدهم ثقتهم بآمريهم وبقيادتهم، وقد يكون نفس السبب في استشهاد قائد التشكيل الرائد الطيار محمود البياتي وهو الطيار الكفوء في اداءه لمهامه وهو بمستوى آمر سرب مقاتل حضر لتنفيذ الواجب من كركوك ولا نعرف ظروفه الخاصة وزج به مباشرةً في هذا الواجب هذه دروس وعبر كتبت بالدماء الزكية لطياري المقاتلات القاذفة الشجعان ، يجب ان نقف عندها ونتأملها طويلاً ونتعض منها للمستقبل نتجنب تكرارها خاصة ان الطائرات الشرقية بمعداتها التقليدية لاتساعد الطيار اثناء الملاحة والوصول للهدف ثم التسديد عليه وتجنبه العديد من الاخطاء التي قد يقع بها الطيار المقاتل .


عن موقع الكاردينيا (توجد مشاركات حول الموضوع)
 
أبطال ومواقف .... النقيب الطيار صالح عياش

الدكتور علوان العبوسي



KJ.Io1.JPG



Sochoy.22.JPG


صالح عياش أحد طياري السرب الخامس الابطال سوخوي /20 و 22 ، كنت آمره في السرب المذكور منذ عام 1976 عندما كان في دورة تحويلية على الطائرة سوخوي/ 20 بقاعدة تموز (الحبانية ) الجوية ، بعد مضي سنة على التحاقه واكماله الدورة في عام 1977 حدث له حادث جوي خطير سببه انخفاض دورات محرك طائرته الى الدوران البطيئ(47% RPM) وبالتالي ينخفض سحب المحرك كثيراً ولا يقوى على استقرار الطائرة في الجو بطيران افقي مستقيم يمهد للطيار الهبوط بسلام ،المشكلة في هذا العطل عدم تثبيته في سجل الحالات الاضطرارية وعدم تمكن الطيار من زيادتها عن هذا المعدل وعليه يتسبب ذلك في انخفاض سرعة الطائرة الى أقل من الحدود الدنيا لطيرانها (سرعة الانهواء) ، ولغرض المحافظة على سرعة مقبولة للطيران يتطلب فقدان الارتفاع ، كنت أثناء الحادث في طلعة تدريبية مع احد الطيارين أخبرتني السيطرة الجوية بأن الملازم صالح لديه عطل وهو يطلبني على قناة التقرب العام الراديوية ، وبسرعة تم التحويل على هذه القناة وبدأ الملازم صالح يشرح العطل والذي مضمونه (فقدان سحب المحرك) ، كان ارتفاعه ( 5000 ) خمسة الاف متر والطائرة في حالة فقدان سريع للارتفاع للسبب المذكور اعطيته اجراء معين الا ان هذا الاجراء لم يجد نفعاً لكونه يحتاج الى وقت أطول أوعزت له باطفاء وتشغيل المحرك ففعل ولكن السحب لم يتغير وظل ثابتاً على الدوران البطيئ ، في ثوانٍ قليلة بلغ ارتفاعة (1000 ) متر والطائرة في حالة انحدار والمفروض في مثل هذه الحالات أن يغادر الطيار طائرته عند تجاوزها (3000) ثلاثة الآف متر لكن صالح يرغب أن يحاول مرة أخرى لعل محاولته تنجح ، بعد أن أجتاز ارتفاع (1000) متر ناديته بصوت عال جداً أن يغادر الطائرة ( Bellout ) ولكن صالح لا يرغب بالقذف خوفاً على طائرته التي أحبها وهو ينوي الهبوط بها في ارض مستوية قرب القاعدة (( والهبوط بمثل هذه الحالات ممنوع والطائرة ستتحطم بسبب شدة الارتطام ويقتل الطيار حتماً نتيجة زيادة (ج – )حيث تتقطع احشاؤه ويموت )) وهكذا أصبح ارتفاعة 500 متر كل هذا في الحقيقة تجاوزاً للخطوط الحمر التي لايفترض أن يتجاوزها الطيارو معدل انحدار الطائرة عالي جداً يبلغ أكثر من 60- 80 م/ثانية )،بعد محاولات عديدة غادر صالح الطائرة في اللحظات الأخيرة ولهذا السبب كان سقوطه قريباً من الطائرة وارتطامه بالارض مع المظلة كان شديداً بسبب قلة ارتفاع القذف مما أحدث لديه انكباس بالفقرات العنقية والقطنية اُرسل على اثرها الى مستشفى القوة الجوية للعلاج وبعد اجازة مرضية قصيرة عاد سليماً معافى يمارس الطيران مع زملاءه برغبة شديدة.

KJ.I.2.JPG


شارك في الحرب مع ايران بالعديد من الطلعات القتالية كان خلالها خير مثال للطيار المقاتل الذي يذود عن حياض الوطن بكل غال ونفيس .. صادف أن استخدم النقيب الطيار صالح عياش في قاعدة فرناس (الموصل ) الجوية مع السرب الخامس ، في الساعة 1730 يوم 17/تشرين الأول1980 آثناء تنفيذه لأحد المهام القتالية في العمق الايراني القريب من الحدود اصيبت طائرته السوخوي /22 نتيجة كمين من وسائل الدفاع الجوي الايراني قرب منطقة (زيوه) قذف على اثره بسلام قرب المثلث العراقي التركي الايراني ، وللمقاتل صالح قصة طريفة بعد أن لامست قدماه الارض واعتقد شاهدنا ذلك من خلال شاشة التلفزيون للفلم الذي امر بأنتاجه رئيس الجمهورية والذي مثل دور البطولة فيه النقيب صالح شخصياً وملخص ذلك ان المومى اليه بعد قذفه من الطائرة في المنطقة المنوه عنها آنفاً وجد نفسه وحيداً والساعة قاربت السادسة والنصف مساءً استمر في سيره بأتجاه الغرب 270درجة ريثما يصل الى منطقة قريبة من مناطقنا الحدودية حيث صادفه عدد من الاكراد اوصلاه الى موقع محدد وتركاه وحيداً ثم ...

Hawraman.1.JPG


صادفه آخر كاكه محمد عبدالله حيث آواه في داره حتى صباح اليوم التالي وقبل ذلك سأله ليتأكد من هويته ( انت كاكه صدام لو خميني!!؟؟ ) يقول المقاتل صالح كنت حائراً في جوابي ماذا اقول له وانا لااعرفه وقررت ان اترك ذلك على الله وعلى الحظ وقلت له كاكه صدام وانا حذر من رد فعله ولكن فجأة تبدلت ملامحه ورحب بي وبعد يومين من الراحة في داره اوصله الى القاعدة الجوية في الموصل ومنه الى قاعدتنا في كركوك حيث اُستقبل استقبالاً حاراً ومنح اجازة للراحة واجراء بعض الفحوصات الطبية الضرورية.
بعد ان استقر الحال بالنقيب صالح واخذ قسطاً من الراحة اُرسل خارج القطر ( جيكوسلوفاكيا ) للعلاج وبعد شهرين عاد سليماً معافى ومارس الطيران بصورة طبيعية مع توصية من لجنة الفحص بعدم اشراكه بالواجبات القتالية التي يزيد فيها السحب عن ( 3 GN ) ولاسيما في المواقف المحرجة كالمطاردة او القصف بزوايا حاده (وهذا يحث بشكل طبيعي في المهام القتالية) .
صادف ان نقل السرب الخامس الى قاعدة الوحدة( الشعيبة ) الجوية في محافظة البصرة لكي يستبدل السرب/ 109 سوخوي /22هناك لاعادة تنظيمه ، وفي هذه الاثناء اشترك السرب المذكور بمعارك الشوش في اذار1982 وهكذا شارك النقيب صالح عياش في العديد من الطلعات القتالية رغم تحديدات الطيران المفروضة عليه راجياً آمر سربه ان يسمح له بالطيران وكان دوره مميزاً فيها وكما عهدناه دائماً ، في يوم 23اذار1982 واثناء تنفيذه لواجب قتالي ضد القوات الايرانية المهاجمة اُسقطت طائرته في المناطق القريبة من قطعاتنا وتمكن من النجاة باستخدام كرسي القذف وقد حاول المومى اليه الهرب بأتجاه قطعاتنا ورغم التغطية له من قبل قطعاتنا في هذا القاطع الا ان تواجد حرس خميني بكثافة بالمنطقة القريبة منعه من ذلك وطاردوه واطلقوا النار عليه واصابوه في منطقة الحوض وحملوه معهم داخل ايران وهكذا تمكن العدو من اسر هذا البطل المقاتل الفذ بعد ان نفذ العديد من الطلعات بلغت ( 65 طلعة قتالية ) في فترة قصيرة من الحرب ،
لقد قضى المقاتل صالح 7سنوات عجاف في الاسر عاد بعدها الى الوطن وقد زارني في داري مع بعض الطيارين الذين كانو معاه في الاسر( محمد حميد طه ومحمد طاهر وفائز فتحي وغيرهم ) وكان هو صالح عياش لايزال يبحث عن الطيران ويريد ان يطير رغم العوارض التي تركت آثارها على جسمه …

Mzahim.S.H.1.JPG


قابلني عندما كنت معاون قائد القوة الجوية يريد ان يتوسطني لدىقائد القوة الجوية الفريق الطيار الركن مزاحم صعب حسن لكي يعيده الى الطيران ولكن لظروفه الصحية منع من مزاولة الطيران المقاتل ومع ذلك لاتزال لديه الرغبة في الطيران وكان يقول (سيدي لم اشبع رغبتي من الطيران بعد) ومع ذلك فقد سمح له بممارسة الطيران الخفيف في نادي الشهيد عدنان (نادي فرناس الجوي) وعندما تسأله لم كل هذا يجيبك سيدي الوطن اغلى منا جميعاً والدفاع عنه شرف ما بعده بشرف وانا فداء لهذا الوطن ... كنت دائماً التقي بهذا البطل وهو يعمل في ورشة حدادة ورثها عن والده رحمه الله في بغداد ، وقد فكر ان يسافر خارج القطر للممارسة الطيران ولكن ظروف العراق بعد الاحتلال الامريكي الايراني حال دون تحقيق رغبته هذه ... بارك الله بالبطل صالح عياش وجميع ابطال المقاتلات الابطال الشجعان ، وليهنئ العراق برجاله الشرفاء ممن تسعى لاغتيالهم يد الاعداد من فرس وصهاينة ولكن يبقى العراق هو العراق وستعود الايام الى سابق عهدها بعون الله فما بني على باطل فهو باطل ، في هذا المجال انصح من هم يدعون الشرف في الجيش الجديد ان يتعلموا من دروس قواتنا المسلحة السابقة دروسها في حب الوطن والدفاع عنه مهما بلغت التضحيات دون تفريط بحقوق المواطنة..

عن موقع الكاردينيا (توجد مشاركات حول الموضوع)

 


كتابة : الصقر


Alouwet.1.jpg




AL.Samtiaa.3.JPG


دورة معلمي الطيران والعودة الى السرب

نهاية عام 1979 انهيت دورة معلمي الطيران التي استمرت سبعة اشهر ونصف ثم التحقت مع المعلمين الذين انهوا هذه الدورة معي في السرب 22 للتدريب الاساسي ..

Alouweet.2.JPG


ولم يطول بقائي في هذا السرب طويلاً بعدها عدت الى سربي السرب 30 بطائراته الالويت 3 في شهر مايس 1980 (هي طائرة مسلحة بمدفع رشاش جانبي عيار 20 ملم كسلاح رئيسي) لاباشر عملي في السرب كمقاتل ومدرب طيران ، وقد سبق التحاق ضباط طيارين احداث الى هذا السرب للمرة الاولى كمثل العائلة التي يولد لهم طفل!!حيث كانوا محط اهتمام الجميع لكون جميع منتسبيه برتب رائد او نقيب ، ومصادفة وجودهم وعودتي الى السرب كمعلم طيران عامل مهم لتغيير الحياة الروتينية المملة لسنوات من العمل بنفس النهج القتالي اليومي.

باشرنا بالتدريب لمنتسبي السرب القدامى لاعادة معلوماتهم النظرية والعملية الملتزمة بنظامات واسس الطيران الصحيحة وللطيارين الاحداث لاعدادهم كطيارين فعالين لكون الطائرة المسلحة بالمدفع الرشاش يقودها طيار واحد تحتاج الى الدقة في الطيران وتحمل المسؤولية كاملة في خصوصيات طيران الجبال والسهول على السواء وكذلك الطيران القتالي فهو يختلف عن الطيران الاعتيادي من حيث الالتزام بنظم وضوابط الطيران كافة .

بدأ الاحدات والمناوشات ثم الحرب مع ايران

بعد احداث 4 ايلول 1980 والمناوشات مع ايران وما تبعها من احداث ادت الى رفع درجات الاستعداد القتالي لكافة اسلحة الجو وتوقف الاجازات الدورية والتحسب لاحداث مستقبلية ، استمرت فعالياتنا للطيران العملي والتعبوي واكمل الطيارين الاحداث فترة اعدادهم كطيارين فعالين ينفذون الواجبات البسيطة (رقم 2 في التشكيلات القتالية ) وطيارين ثواني في واجبات الاستطلاع او نقل القادة في الطائرات الغير مسلحة .

MI.8.1.JPG


في 16 ايلول(سبتمبر) 1980 التحقت ضمن مفرزة في السليمانية بمطار (شيخ وصال) لتبديل المفرزة السابقة هناك التي انهت المدة المحددة لها باسبوعين حيث يجري تبديلها باخرى ، وهكذا حسب السياقات نفذنا عدد من واجبات اسناد القطعات المحمولة بواسطة طائرات مي /8 السمتية واخرها تفتيش حوض قرة داغ كان يوم الاثنين 22 ايلول 1980 ، أثناء تواجدنا في مقر اللواء هناك اذاع راديو بغداد بالانتباه لبيان هام سيذاع بعد قليل .

عند اذاعة بيان مجلس قيادة الثورة الذي يشير الى تفاصيل الضربة الجوية الشاملة العراقية تجاه اهداف ايرانية منتخبة ومباشرة القطعات الارضية التقدم بجبهات القتال ، صدر الامر لطائرات المي/8 بالتوجه لاعادة القوات المحمولة التي تقوم بواجب التفتيش المذكور آنفاً ومرافقتها لتامين الحماية والاسناد المسلح، بعد اكمال هذا الواجب عدنا الى مطار شيخ وصال في السليمانية مع مراعات انتشار الطائرات داخل المطار لتامينها من احتمال الغارات الجوية المعادية ، بعد عودتنا الى اماكن الاستراحة ومتابعة الاحداث من خلال الاذاعة وصلتنا الاوامر بالعودة سريعا الى مطار(k1) في كركوك

اقلعنا بطائراتنا الالوت /3 الى كركوك ومعنا طائرات مي/8 بتشكيلات متفرقة و باوقات متفاوتة لتجنب الاضرار في حالة وجود طيران معادي ، وصلنا المطار قبل الغروب بقليل وتوجهت الى مقر السرب لاجد ان اغلب الطائرات تم تفريقها الى مطاري الرياض ( قرب الحويجة ) و اربيل في عين كاوه مع طياريها وهناك اعمال لحفر الملاجيء والاحترازات الامنية لتامين المطار من الغارات الجوية المعادية ، وكان كل شيء غريب حيث لم نمارس مثل هذه التجربة سابقا وكذلك وجدنا امر السرب ومعه اثنين من المنتسبين قد التحقوا الى السرب من دورة كلية الاركان بعد تاجيل الدورة بسبب ظروف الحرب، وجرى توزيع الاسلحة الشخصية (كلاشنكوف ) واقنعة الوقاية الكيمياوية مع العتاد لكل طيار وتوزيع اقراص التعريف المعدنية التي تحتوي على الرتبة والاسم والديانة وفصيلة الدم وترتدى على شكل قلادة .

مساءً تم توزيع الواجبات لليوم التالي حيث طلب توجه 4 طائرات الويت/ 3 مسلحة بمدفع جانبي الى معسكر المنصورية لاسناد الفيلق الثاني ، وتم القرار بان يكون التنفيذ بطائرتين من مطار (k1) وطائرتين من مطار اربيل وعند تعيين اسماء الطيارين لتنفيذ الواجب قلت لامر السرب عليك تكليف ثلاث طيارين فقط لكون الرابع هو انا ، وقد رفض امر السرب وقال لي بانك عدت من المفرزة اليوم ولا يمكنني ارسالك لمفرزة اخرى غدا اخبرته بان هذه المفرزة تختلف والان نحن في حالة حرب ويجب ان اكون اول من ينفذ الطلعات القتالية،اخيراً وافق امر السرب وتم اختيار الطيار الاخر على ان يتم تبليغ الطيارين في اربيل بان تحضر طائرتين الى المطار غدا صباحا للتوجه سوية الى المنصورية .

في المساء قلت لامر السرب غدا سيكون الطيارين فلان وفلان سيعودون الى المطار للتوجه الى المنصورية وفعلا في الصباح الباكر وصل نفس الطيارين الذين توقعتهم الى المطار، طلبنا الموافقة بالطيران من قاطع الدفاع الجوي الرابع وخلال انتظار الموافقات الاصولية اعلنت صافرات الانذار بوجود غارة جوية معادية على كركوك وبعدها الغي الواجب وبقينا في كركوك وبدات سلسلة الغارات المعادية على كركوك وقاعدة الحرية ومنشآت النفط ومطار k1 واستمرت على طول الايام اللاحقة بعدة غارات يومية ( كانت قاعدة كركوك نشطة بفعالياتها الجوية ضد اهم الاهداف في العمق الايراني عليه كثف العدو غاراته على هذه القاعدة البطلة لشل هذه الفعاليات )

N.Alshahid.2.JPG


اول الشهداء من الجناح الاول

عصر يوم 23-9 وصلنا خبر اسقاط طائرة مي/8 تابعة للسرب الرابع من الجناح الاول خلال تنفيذ واجب نقل واستطلاع رئيس اركان الفرقة الثانية العميد الركن الشهيد عدنان شريف وضباط ركنه في قاطع بدرة جنوب مخفر الزيادي بنيران قطعاتنا الارضية (عن طريق الخطأ ) وتحطمها واستشهاد طاقمها وركابها جميعا وكانت الطائرة بقيادة الملازم الاول الطيار الشهيد صباح جسام والملازم الاول الطيار محمود شكر ونائب ضابط براد جوي وبذلك يكون هذا الطاقم اول شهداء الجناح خلال الحرب مع ايران ، استمرت الغارات الجوية على كركوك ولم يكلف السرب باي واجب لغاية يوم 9-10-1980....

تشويش الكتروني وانزال جوي وهمي

في يوم 24-9 -1980 ومع الغروب اذاعت الاذاعة الداخلية للجناح تحذيرا بوجود اعداد كبيرة من السمتيات المعادية تقترب من المطارواحتمال انزال قوات محمولة بواسطة السمتيات المعادية لاحتلال المطار وعلى منتسبي الاسراب ووحدات الجناح الانتشار وحسب القواطع (بدون خطة مسبقة) على محيط السياج الخارجي للمطار للتصدي للانزال المعادي وحماية المطار لعدم وجود قطعات مكلفة بواجب حماية المطار...

وفورا تم توزيع الاسلحة الخفيفة و الواجبات وتامين الدفاع عن المطار والتخندق في الخنادق المعدة سابقا للاحتماء بها من الغارات الجوية المعادية وبدأ الترقب والاذاعة الداخلية تعطي التعليمات للدفاع عن المطار وتتاكد من تامين الدفاع من كافة الاتجاهات واعطاء التوجيهات بضبط النار والاقتصاد بالعتاد والالتزام باوامر الرمي،وبعد ترقب بدأت المقاومات الارضية المدافعة عن كركوك بالرمي الكثيف مع انطلاق صواريخ ارض جو التابعة للواء 195 صواريخ ارض جو ، وهنا اعلنت الاذاعة الداخلية بان الانزال المعادي قد بدأ والسماء تشتعل بنيران المضادات والصواريخ التي كان قسم منها يسقط حول المحيط الخارجي للمطار وكل صاروخ يسقط تعلن الاذاعة الداخلية باصابة وسقوط طائرة معادية وكان عددها اكثر من 20 (طائرة ) ،لا زلنا متاهبين بسلاحنا الخفيف للاشتباك مع العدو الذي تمكن من الهبوط حول المحيط الخارجي للمطار كما تم الاعلان من الاذاعة الداخلية للجناح ، كان مكان سربنا وتخندقنا بالقرب من الطريق القادم من مدينة كركوك ومعمل تركيز النفط وكنا متاهبين للرمي دفاعا عن المطار، في هذا الوقت شعرنا بحركة كثيفة لاشخاص بدات بالاحاطة بالمطار ونسمع الاوامر والتعليمات باللغة العربية وباللهجة البغدادية الدارجة واخذو ينادوننا ويسالون عن هويتنا و بعد ان اجبناهم عرفوا عن هويتهم بانهم من القوات الخاصة او مغاوير الفيلق الاول ،ولا زال كلانا متشكك بالاخر ، مع استمرار الرمي الكثيف للمضادات والصواريخ ، اقترب امر القوة من السياج الخارجي من جهتنا (مسؤلية السرب) وعرف عن نفسه وبالمصادفة تعرفت عليه شخصيا انه النقيب سعد (دورة 47 كلية عسكرية )وصديق قبل دخولنا لهذه الكلية ، اقتربت منه وعرفته بنفسي واخبرت امر السرب وبقية المنتسبين وهو بدوره ابلغ منتسبيه بان القاعدة سالمة وغير محتلة!!!! ومن خلال السياج الخارجي ابلغنا بان واجبه كان التعرض على القطعات المعادية التي احتلت المطار وتحريره وبسرعة تم تبليغ امر الجناح الذي اصدر اوامره بواسطة الاذاعة الداخلية بعدم الرمي وان القطعات التي تحيط بالمطار هي قوات صديقة من الفيلق الاول ،وتم انتشار القوة المرسلة من الفيلق حول المطار لتامين الحماية مع بقائنا في الخنادق والتنسيق مع قوة الحماية لحين انتهاء الرمي المضاد للجو وهدوء الجو،في الحقيقة كادت ان تحدث مجزرة بيننا وبين قوة الحماية لكوننا كنا متاكدين من الانزال المعادي والقوة القادمة من الفيلق عندها المعلومات بان المطار تم احتلاله من القوة المحمولة المعادية وعليهم معالجة القوات المعادية داخل المطار .

بعد انجلاء الموقف تبين بانه كانت هناك عملية معادية شملت المناطق كافة بالتشويش على شبكة الرادارات لتؤشر بوجود اعداد كبيرة من الاهداف الجوية تهاجم العراق وبسرعة بطيئة مما يوحي بانها طائرات سمتية تتقرب الى كركوك ، وفي نفس الليلة هبت عشائر الحويجة برجالها وهي تحمل السلاح وبمختلف العجلات وتوجهت الى كركوك للدفاع عنها بعد انتشار خبر الانزال السمتي المعادي واحتلالها من قبل العدو وعادت الى الحويجة بعد انتفاء الحاجة وجلاء الموقف ، وكانت ليلة صعبة مرينا بها لكوننا في بداية الحرب ولم نكن معتادين على مفاجئاتها .

تواتر الاخبار بان قاعدة الحرية (كركوك) الجوية قد احتلت من قبل العدو الايراني ، وبغرض تكذيب هذه الاخبار ونقل الصورة الواضحة الى القيادة السياسية في بغداد أجري لقاء تلفزيوني على الهواء مباشرةً مع آمر القاعدة وأمر جناح طيرانها وآمري الاسراب والطيارين بالصوت والصورة حيث تم شرح الموقف بكل امانة بان اللذي جرى هو عبارة عن تشويش الكتروني على كافة المواصلات والاجهزة الالكترونية اربكت لواء الصواريخ 195 الذي بدوره اطلق كل مالدية من الصواريخ ارض – جو تسبب كل هذه الفوضى وتبين عدم اسقاط اي طائرة معادية كما صرح بذلك آمر اللواء المذكور

اول واجبات السرب /30 الوت /3

باستمرار الغارات الجوية المعادية على المطار وتكدس طياري السرب بعد توقف الاجازات وسحب الدورات ولغرض السلامة تم تقسيم طياري السرب لثلاثة اقسام الثلث الاول يتواجد في المطار لتامين الواجبات وثلثين يكون تواجدهم في دور السكن لقاعدة كركوك الجوية والنادي العسكري ويتم استبدالهم في كل يوم ، استمرت الحالة وبدون واجبات لسربنا الى يوم 9-10 حيث كلف السرب بواجب من طائرتين مسلحة بصواريخ ( S A 12 ) وطائرتين مسلحتين بالمدفع الرشاش 20 ملم الجانبي بالتوجه الى المنصورية (الفيلق الثاني )وكانت المفرزة بقيادة امر السرب الملتحق من كلية الاركان وكنت احد الطيارين المكلفين بالواجب مع كلا من النقيب (ع ر ج) و(ح و ع ) وطيارين اخرين وكان هذا اول واجب يكلف به السرب خلال الحرب ، لم نتدرب ولم نتعرف على الصواريخ التي سنستخدمها في الواجب سابقا!! سوى عدد قليل من الطيارين تدربوا قبل اسابيع قليلة على استخدامها ( رافقنا اثنان منهم في هذا الواجب كطيارين ثواني ورماة للصواريخ ) ، وصلنا الى مهبط الطائرات في المنصورية والتحقنا بالمفرزة المتواجدة قبلنا هناك والمتكونة من طائرتين مي/25 وعدد من طائرات مي8 .

واجب على سربيل زهاب واسقاط احدى طائراتنا

يوم 10-10 لم نكلف بواجب ويوم 11 -10 تناولنا طعام الغذاء مع قائد الفيلق الفريق الركن عبدالله عبداللطيف الحديثي ، وخلال الغذاء تحدث النقيب الطيار الشهيد جميل عبد درويش معاون امر السرب/ 66 مي/25 امر مفرزة طائرات مي/ 25 مع قائد الفيلق حول الواجبات السابقة واستفسر عن عدم وجود واجبات قتالية نكلف بها منذ عدة ايام اجابه قائد الفيلق بان الواجبات قادمة وكثيرة فلا تتعجل الامور، واشتكى الشهيد من ان اسلحة مقاومة الطائرات الميدانية الصديقة اصابة واسقطت عدد من طائراتنا وطلب ايجاد حل لهذه المعظلة واما العدو فنحن كفيلين به فطمأننا قائد الفيلق بانه اعطى اوامره المشددة بتقييد كافة اسلحة مقاومة الطائرات عند تكليف الطيران بواجب في الجبهة ، وبعد الانتهاء من الغذاء ودعنا السيد قائد الفيلق متمنيا لنا السلامة.

في اليوم التالي 12-10 بعد الظهركُلفنا بواجب معالجة تجمع لدروع العدو في منطقة سربيل زهاب وتم تخصيص طائرتي مي/ 25 بقيادةالشهيد النقيب الطيار جميل عبد درويش والشهيد الملازم الاول الطيار فائز عزاوي السامرائي والطائرة الثانية بقيادة الشهيد النقيب الطيار غسان عبد الحميد عزت (استشهد بتاريخ 10 -4-2003 خلال مقاومته الانزال الجوي الامريكي على الطريق السريع في الغزالية )والملازم الاول الطيار (ش م ر ) وطائرتي الويت 3 مسلحة بصواريخ ( SA- 12 )المضادة للدروع والمنعات بقيادة امر السرب القديم (ص ح ع ) و النقيب الطيار الشهيد محمود راضي (استشهد في معركة الفاو 1986 ) والطائرة الثانية بقيادتي (بعد ا ن اصريت على تنفيذ الواجب كي اتعرف على المنطقة وقيادة اي تشكيل اخر يكلف بالواجب مستقبلا )ومعي النقيب (ح و ع ) وكلا الطيارين الثواني متدربين على العمل على منظومة رمي الصواريخ الموجهة من خلال اشتراكهم في دوره قبل اسابيع ، كان توقيت التنفيذ بعد الظهر كي تكون الشمس خلفنا لتامين عدم تاثيرها علينا وتؤثر سلبا على العدو ، انطلق التشكيلين طائرتي مي/ 25 اولا لمعرفتهم بالمنطقة ثم تشكيلنا ،وفي المراحل الاخيرة من التقرب على العدو فتحت على تشكيل طائرتي مي/25 نيران مقاوماتنا الارضية بشكل كثيف مما ادى الى اصابة الطائرة الاولى مي/25 اصابة مباشرة ادت الى احتراقها وسقوطها وتحطمها واستشهاد طاقمها على الفور وتمكن تشكيلنا وطائرة مي/25 الثانية من التملص بصعوبة وتفادي المقاومات التي استمرت بملاحقتنا رغم النداء مع المجس الارضي لقطع الرمي والتعريف بهويتنا ، اجبرنا على ترك الواجب والعودة الى مقر الفيلق في المنصورية ، وكتبنا تقرير المهمة والتفاصيل وذهبنا الى بهو ضباط الفيلق وخلال تواجدنا وعدد من ضباط مقر الفيلق الذين تواجدوا لمواساتنا بالحادث والتهنئة بسلامتنا وفي ذروة الانفعالات والحزن على فقدان رفاقنا ..وصلنا خبر اسقاط احدى طائراتنا المقاتلة في نفس القاطع وايضا بنيران مقاوماتنا الارضية وهي بقيادة الرائد الطيار الشهيد (سعد عبد المحسن الاعظمي )صديق الطفولة والشباب ، وقد شارك مع ابطال قوتنا الجوية في حرب تشرين (رمضان )1973 على الجبهة السورية واسقطت طائرته وتم اسره في فلسطين المحتلة وعاد الى ارض الوطن خلال تبادل الاسرى ، اثناء تنفيذه لطلعته الجوية الاخيرة زار رئيس الجمهورية قاعدة ابي عبيدة( الكوت) الجوية التي نفذ منها الشهيد واجبه واستفسر عن الطيارين في الواجب وورد اسمه بانه ينفذ الواجب حينها امر السيد رئيس الجمهورية بعدم تكليفه باية واجبات قتالية اخرى لكونه ادى واجب عظيم وتم اسره في فلسطين المحتلة ، ولكنه لم يعود من هذا الواجب ، بعدها لم نكلف بواجب اخر في هذا القاطع.

من المفيد ذكره في بداية الحرب مع ايران كانت الدفاعات الجوية الميدانية العراقية غاية في الارباك وعدم تمكنها من تمييز العدو من الصديق تسبب عنه اسقاط حوالي 16 طائرة مقاتلة بالاضافة للطائرات السمتية الجاري الحديث عنها ، هذا الارباك سببه فقدان القيادة والسيطرة على الوسائل الميدانية لتوغلها العميق داخل ايران وضعف عام في ثقافة الدفاع الجوي الميداني لدى قواتنا البرية وقد جرى السيطرة عليه من خلال تخصيص ممرات تسلكها طائراتنا في الذهاب والعودة حيث يتم تقييد اسلحة الدفاع الجوي الميداني فيها

التوجه الى البصرة قاعدة الشعيبة الجوية والعودة الى المنصورية

صدر لنا امر بالتوجه الى البصرة (قاعدة الشعيبة الجوية) صباح يوم 15 -10 (طائرات السرب/30 الويت 3 ) ، وصلناها عصر ذلك اليوم وفي يوم 16 10 طلبت القيام بواجب استطلاع مسلح مع احدى طائرات مي/ 25 وكانت بقيادة المرحوم الرائد (سعدي عبد الرزاق ) للتعرف على قواطع العمليات وتنفيذ الواجبات مستقبلا في حالة تكليفنا باي واجب وتم استطلاع منطقة المحمرة والكارون وبقية القاطع والعودة الى مطار الشعيبة بانتظار تكليفنا بالواجبات ، ولكن لم نكلف باي واجب لنبلغ بالعودة الى المنصورية يوم 19-10 واقلعنا بتشكيلين كل تشكيل من طائرتين مع تبادل الرؤيا الى قاعدة ابي عبيدة(الكوت) الجوية ومنها الى المنصورية مباشرة وخلال الطيران وقرب منطقة (الامام البجلي) وهي منطقة خالية من القطعات الارضية ومنطقة اختراقات الطائرات المعادية عند استهدافها بغداد او الكوت كونها خالية من الرقابة لاحظنا فوقنا طائرتين مقاتلتين ميزناها بانها ميك 21 تقوم بواجب الدورية في المنطقة وكنت قائد التشكيل الاول فاخذت اميل بالطائرة يمينا وشمالا لابين للدورية باننا طائرات صديقة وهنا اخذت الطاترتين المقاتلتين وضعية هجومية باتجاهنا رغم حركتنا التعريفية فناديت قاطع الدفاع الجوي واخباره بموقعنا وحالة الطائرات المقاتلة فوقنا لاخبارهم باننا طائرات صديقة واوعزت للطائرات الاخرى بالتفرق والمناورة لتفادي احتمال اصابتنا من قبل الطائرات المقاتلة مع استمرارنا بمراقبة الطائرات المقاتلة للتعرف على نواياهم ولتفادي الاصابة في حالة مهاجمتنا من قبلهم .. الى ان قام قائد تشكيل المقاتلات بميلان الطائرة يمين وشمال متزامن مع نداء قاطع الدفاع الجوي بان الطائرات المقاتلة اصبحت على علم باننا طائرات صديقة فاطمانينا وعدنا الى التشكيل الاعتيادي ومواصلة الرحلة الى معسكر المنصورية مقر الفيلق الثاني ...وفي اليوم التالي وصل طيارون بدلاء لنا لنتمتع باول اجازة خلال الحرب بعد اكثر من شهر ونصف والتنقل والعمل في مختلف القواطع الشمال والوسط والجنوب .


عن موقع الكاردينيا (توجد مشاركات حول الموضوع)
 



الدكتور علوان العبوسي


Tayaraa.IR.12.JPG




Tayareen.3A.JPG


هو أحد طياري المقاتلات القاذفة من السرب الأول الابطال التحق في السرب المذكور بقاعدة كركوك منتصف عام 1977 وكان منذ صغر سنه ورتبته مثالاً للخلق والالتزام والشجاعة وحب الطيران ، في احد المهام التدريبية ونتيجة لعطل في محرك طائرته ( سوخوي 20 ) ادى به الى القذف من الطائرة بسلام وتم اخلاؤه الى القاعدة المذكورة ، وبعد فترة زمنية قصيرة عاود الطيران ثانية بهمة عالية ، كان مميزاً بين أفراد دورته مما كان يوحي بالثقة التامة في الطيران وتحميله مسؤوليته كباقي زملاؤه المنتخبين لهذا النوع من الطائرات .

Tayaraa.IR.11.JPG


اثناء الحرب مع ايران في 23 ايلول 1980 كلف بواجب التعرض لقاعدة تبريز الجوية ( تقع شمال ايران ) ضمن تشكيل مؤلف من ست طائرات ( سوخوي 22 ) يقودة الرائد الطيار محمد حميد طه آمر السرب الخامس والملازم الاول الطيار صالح عياش والملازم الاول الطيار عبد السلام النعيمي والملازم الاول الطيار داود سلمان والملازم الطيار هاشم فزع ، كانت الحماية الجوية والارضية في هذه القاعدة كثيفة جداً ، بعد وصول التشكيل وانفتاحه لمعالجتها اصيبت طائرتا قائد التشكيل الرائد محمد حميد طه و الملازم الطيار هاشم فزعاصابات قاتلة ، قذفا على اثرها من طائرتيهما في محيط القاعدة وتم اسرهما لدى ايران اعتباراً من ذلك التاريخ ثم عادا بعد انتهاء الحرب عام 1989 ، في الوقت نفسه كانت هناك طائرة ( ف /5 ايرانية ) تطارد طائرة الملازم الأول عماد عبد الرحمن (الرقم 5 من التشكيل) وترشقه بوابل من نيران مدافعها الرشاشة اصيبت على اثرها طائرته ولكنها لم تكن قاتله ، كان الموقف يحتاج الى قرار سريع من الملازم الاول عماد لكون طائرته لا تزال بحمولتها الكاملة والهدف امامه هل يقذف حمولته خارج الهدف ويشتبك مع الطائرة المعادية أم يستمر باتجاه القاعدة المعادية وينفذ واجبه ثم يشتبك معها فكان قراره هو الأخير وفعلاً بعد أن القى حمولته من القنابر شديدة الانفجار زنه 500 كغم ،اخبر باقي اعضاء التشكيل بان موقفه صعب مما يضطره الدفاع عن نفسه ومن بعدها قام بحركة دفاعية سريعة (دوران سريع مع تسلقhard turn) ومعه الملازم الاول عبد السلام النعيمي قلل قليلاً من سرعته ودخلا في اشتباك جوي مع الطائرة المعادية ( نحن نطلق عليها في مجال القتال الجوي حركة المقص -scissors) وهي حركة يتمكن الطيار المدافع من افشال هجوم الطائرات المعادية وتغيير وضعها من الهجوم الى الدفاع لكي يسهل معالجتها ، وفعلاً تمكن هذا الطيار بعد حركتين سريعتين يسار ويمين جعل طائرة الخصم أمامه وقام بنفس الوقت تجهيز مدافع طائرته من عيار30 ملم للرمي ،

KJ.I.1.JPG


وعندما أصبحت الطائرة المعادية في مرمى طائرته وخلال ثوان قليلة طوقها بمسددة الطائرة وفتح النار عليها بمسافة قليلة لا تتجاوز (500-800 متر) وهو المدى المثالي للقتل شاهد اطلاقات طائرته وهي تلتهم الطائرة المعادية وتشعل النيران فيها وتسقطها فوق قاعدة تبريز محققاً انتصاراً لم يسبق أن قام به طيار من قبل في مثل تلك الظروف الصعبة (وقد وثق ذلك بفلم تصوير مسددة الطائرة )لاسباب عدة اهمها:-

* الطائرة سوخوي 22 هي طائرة مقاتلة قاذفة (هجوم أرضي) وليست متصدية ، مع ذلك استطاع الطيار بايمانه وخبرته وشجاعته اسقاط طائرة مخصصة للدفاع الجوي باشتباك جوي وفي ارض العدو .

* كان الموقف العام ليس لصالح طائراتنا المهاجمة كونها لم تكن مهيأة ومسلحة بأسلحة الدفاع الجوي (جو- جو) وانما للقصف الأرضي.

في طريق العودة طاردت احدى الطائرات المعادية من طراز (ف/5) التشكيل واستهدفت هذه المرة طائرة الملازم الأول عبد السلام النعيمي وشعر الملازم اول عماد بالخطر الذي يهدد زميله فما كان منه الا ان يسحب طائرته خلف الطائرة المعادية جاعلا منها بوضع ( ساندوش )محاولاً اسقاطها بعد رشقها بوابل من نيران مدافعه الرشاشه هرب الطيار المعادي على اثر ذلك وتسلل تشكيلنا عائداً إلى ارض الوطن.

عاد التشكيل من الضربة الجوية بقوة اربع طائرات فقط وقبل وصول القاعدة بـ 10 دقائق تعرضت قاعدة كركوك إلى ضربة جوية معادية ادت إلى تعطيل وغلق مدرج المطار الرئيسي وسببت بعض الاضرار بالقاعدة... ولهذا السبب اضطررنا الى توجيه الطائرات الى مطار الرياض الثانوي( 80 كلم غرب كركوك قرب منطقة الحويجة )ولكن وقود طائرة الملازم اول عماد لم يعد كافياً للوصول الى هذا المطار مما اضطره النزول على طريق الدرج الضيق بين شظايا القنابر بعد ان هيأنا له متطلبات الهبوط الامين ، المومى اليه شارك بالعديد من المهام الجوية الناجحة واستمر عمله في القوة الجوية لحين ترقيته الى رتبة لواء طيار ركن وشغل منصب قائد لاحد القواعد الجوية في القوة الجوية السابقة وهو باندفاعه وحبه للواجب والوطن كانت لنا معه العديد من اللقاءات الرسمية وشبه الرسمية في مجال تطوير اعمال القوة الجوية نستذكر معه ذلك الموقف الذي اضطره للدفاع عن نفسه تجاه عدو غادر لاتنفع معه لغة الحوار الصادق ، هكذا هم طياروا المقاتلات القاذفة قد تربوا على الايثار بارواحهم مهما كانت التضحيات وعليه فقد حققوا انتصاراتهم على ايران بصورة مطلقة بعد عام 1983 واصبحت الاجواء الايرانية ملعباً لصقورنا البواسل دون منازع محققة نتائجها النهائية التي اطرها السيد رئيس الجمهورية بان 50% من نتيجة انتصار العراق على ايران هي لصقور القوة الجوية والدفاع الجوي .

Kowaa.J.Iraq.gif


عاش العراق وعاش ابطال سلاحه الجوي الميامين وسحقاً لكل اعادء الوطن الغالي.


عن موقع الكاردينيا (توجد مشاركات حول الموضوع)
 
-* جميع القواعد الجوية العراقية مجهزة بملاجئ للطائرات من الخرسانة المسلحة تستطيع الملاجئ تحمل ضربات مباشرة بالقنبلة السوفيتية فاب-500.
-تم بناء قاعدة جديدة سميت بقاعدة صدام لاستقبال طائرات الميراج أف-1 الفرنسية حيث اشترط الفرنسيون الا تعمل طائراتهم في أي قاعدة مجهزة بتجهيزات سوفيتية.




في اخطاء بالجملة ...

1- المناوشات العراقية الايرانية بدائت في خريف 1979 تحديدا في شهر اب

2- اول قتال تلاحمي بين سرب مكون من 8 طائرات ميغ 21 انطلقت من قاعدة ابو عبيدة والتحمت في قتال مع طائرات من طراز اف 5 قرب سيف سعد داخل العراق يوم 19-6-1980 اسقطت 3 طائرات اف 5 و 2 ميغ 21 .. لم يستشهد اي طيار عراقي وقتل 3 طيارين ايرانيين احدهم برتبة رائد.. السرب كان بقيادة خالد مهدي التميمي امر قاعدة تكريت بعدها بسنوات ومسوؤل برنامج تدريب الطيارين الاردنيين سنة 1988 - 1989 ولة موقف دعابة مع الملك حسين.. وهذا الرجل خدم في وزارة الداخلية بعد 2003 واحيل على التقاعد 2008

3- اول موجة قصف باتجاة الاراضي الايرانية بواقع 255 طائرة على دفعتين الاولى 145 والثانية 110 .. وكانت الساعة 1.15 ظهرا بتوقيت بغداد والثانية 2.45 ظهرا وبداء الحشد والاعداد الساعة 8 صباحا واول سرب ميغ 23 انطلق من قاعدة الشعيبة بقيادة المرحوم الشهيد المقدم ركن نوفل عبد الجبار العبيدي (استشهد فيما بعد في معركة سيد المرسلين) .. يمكنك مراجعة كتب قبل ان يغادرنا التاريخ للفريق رعد الحمداني وهو وثيقة مهمة لمن ارد ان يقراء من المتابعين الغير مصابين بعدوى العتة الطائفي.. والثاني لمحمد حسنين هيكل حرب الخليج.. والثالث لموسوعة القوات الجوية (كتب قديم صدر في سنة 1986 في العراق).. والرابع عن القوات الجوية طبعة الاولى سنة 1988 بتحدث في صفحاتة الاخيرة عن فعاليات القوة الجوية خلال 1980 الى 1988 .. والخامس كتاب وبرنامج ملاحم صقور القادسية 1989 عن دور القوات الجوية خلال حرب الثمان سنوات .. والسادس دراسة رئاسة الاركان العراقية لعام 1989 (كصادر النيران والافواة النارية) هذا التقرير اصبح يباع للاسف في سوق السراي بعد 2003 لعامة الناس.

4- قاعدة صدام هي قاعدة تكريت اما مقر الميراج F1 هو القيارة غرب ثم انتقلت بعض الوحدات الى قاعدة الحرية والقسم الاخر او الاعظم الى قاعدة الامام علىي وجليبة الجوية لضرب جزيرة خرج

5- استهدفت 8 قواعد جوية واستخدمت ال TU 16 و ال TU 22 لضرب القواعد البعيدة مع مرافقة من طائرات Su 20

6- القواعد العراقية لم تجهز بملاجيء طائرات بشكل واسع الا بعض القواعد وبشكل محدود وبعد غارة اسرائيل على العراق عام 1981 تم التعاقد مع شركات يوغسلافية على بناء 1427 ملجيئ مخصص للطائرات وعدد اخر بعد عام 1984 الى شركات هنغارية والت اعطت المخطط التفصيلي للامريكان عام 1990 وهي اول ملاجئ ضربت عام 1991

7- الخطة العراقية كانت حشد اغلب القوة الجوية في 7 مطارات مؤمنة ومحمية بشكل كثيف من قبل الدفاع الجوي وترك بقية المطارات بحماية اعتيادية (مدافع م ط + سام 7 + بعض وحدات السام 3) لتغطي 9 قواعد ومطارات اخرى استخدكت لحلات الهبوط الاظطراري

8- الميراج اف 1 دخلت الحرب سنة 1980 نوفمبر وكان واجبها الاول اعتراض الاف 14 وتوجد صورة في النت لطائرة ايرانية اف 14 تطاردها طائرة ميراج اف 1 فوق كركوك (قاعدة الحرية) عام 1981 اما عن الميغ 25 فدخلت العمليات سنة 1981 في يوم 22-4 ذكرى مولد القوة الدوية العراقية في عملية اعتراضية رائعة فوق ديالى اسقطت فيها طائرة اف 4 بقيادة الرائد الشيهد مزهر عامر الدوري

9- عندما قامت ايران بهجوم جوي معادي يوم 23-9 اسقطت الدفاع الجوي 24 طائرة وحدث استجواب لقائد سلاج الجو الايراني و وزير الدفاع عن هذة الخسارة

10- اتخذت العمليات الجوية وضع استطلاع عميق و يومي ابتدائا من يوم 17-9-1980 وهو قبل اربعة ايام من بدء الضربة الجوية العراقية يوم 22-9-1980 قبل هذا التاريخ فقط 3 محاولات بعمق من 10 الى 15 كم من نفس السنة

11- عدد الانتهاكات الجوية الايرانية بين 3-2-1979 الى يوم 22-9-1980 بلغ 1016 انتهاك جوي ( في احداها الاختراق بواسطة هليكوبترات واختطاف مقاول عراقي وابنة الصغير 4 سنوات م يعودوا للعراق الا سنة 1991 في صفقة تبادل الاسرى)

12- عدد الانتهاكات العراقية التي بدائت يوم 1-7- 1979 الى يوم العملية 22-9-1980 بلغ 1692 (لاحظ العمليات العسكرية العراقية بدائت بعد مرور 4 اشهر)

13- خسائر العراق في الفترة بين 1980 الى 1984 هو 84 مقاتلة لكافة الاسباب تم تحديد 73 قتال جوي والباقي دفاعات ارضية يضاف لها 9 اعطال و 5 بنيران دفاعانتا الجوية و2 بدفاعات السورية وواحدة من قبل سلاح الجو التركي وطائرة هبطت بالخطاء في ايران (اصيب الطيار بحالة ارتباك لاصابته وحبط في مطار حدودي وكان في مهمة قصف انطلق من العمارة ..اكمل القصف واصيب بطريق العودة وسجل حديتة مع برح المراقبة العراقي وحالة ارتباكة استشهد في الاسر يقال سنة 1895 واعيد جثمانة الطاهر للعراق عام 1989.. نوع الطائرة Su17

14- نفذت القوات الجوية في الفترة بين 22-9-ى 1980 الى 22-4-1984 عدد 81013 طلعة جوية قتالية ضد اهداف ايرانية

15- اوب اعرض ايراني جوي على القطعات العراقية قرب مندلي (محافظة ديالى) يوم 6-7-1980 قصفت 3 مخافر حدودية + مقر كتيبة الاستطلاع التابعة للواء العاشر حرس حدود وهو يفرق عن اللواء المدرع العشار في الحبانية ثم الرشيد لاحقا
 
لا يا اخي
مصر ارسلت الي العراق طائرات ميراج 5 مزود ببودات تشويش متقدمة طراز Selenia ALQ-234 ECM pod
وكانت تابعة للسرب 69 المصري "مكان تمركزه في مصر قاعدة طنطا الجوية في محافظة الغربية "




وقد اشتركت في القتال بالفعل
واسقطت طائرة منها واصيبت واحدة اخري علي يد الطائرات الايرانية في 14 مارس سنة 1986


1395841885871.jpg



عذرا اخي الكريم العراق لم يستلم اي طائرة ميراج 5 من مصر او اي دولة عربية واكد كلامي 100% والموقع غير صحيح.. العراق اشترى من مصر واكرر كلمة اشترى طائرات توكانو للتدريب وقطع غيار لطائرات ميغ 21 وسيخوي 7 وتي يو 16 من مصر اثناء قطع الاتحاد السوفيتي السلاح عن العراق عام 1982 وسببت مشاكل للطائرات العراقية لان قطع الغيار كانت صينية المنشاء.. واشترى العراق من مصر صواريخ جو ارض وجو جو الى ان استطاع العراق حل القضية قطع الغيار مع رومانيا ويوغسلافيا وتشيكسلوفاكيا في نهاية عام 1982.. بالاضافة مكتبة سلاح الجو العراقي تؤكد كل التفاصيل للباحثين العسكريين والطيارين
ولم تتحدث عن طائرات ميراج 5 ولم اصادف اي طيار مقاتل تحدث عن هذة الحالة ولو كانت لدينا ميراج 5 لكان لدينا فنيين وطيارين مبتعثين الى فرنسا تدربوا عليها وتسهيلات ارضية وعلى الاقل قطع غيار بالاضافة اي طائرة وصلت للعراق قام قسم الاعلام في مديرية التوجية السياسي والمعنوي بتوثيقها في ارشيف القوة الجوية وعمل برامج عليها وهذا كلىه غير موجود ... برامج التدريت المشترك بين العراق ومصر قطعت بعد 1977 ولم يستانف التعاون الا في ايام السادات الاخيرة وبشكل محدود ثم بشكل اكبر في عهد مبارك لكن ظلت بمستوى منخفض قياسا بالدول الاشتراكية والغربية ومنها التعاون الفعال كان في ذخائر المدفعية
(عام 1981 في صفقة شراء ذخائر المدفعية عيار 155 ملم و 122 ملم) وعربات قيادة وبرامج الصواريخ اض ارض (لفترة محدودة ابتداء من عام 1987 الى عام 1989) وتدريب القوات الخاصة لدورتين فقط عام 1983 في معسكر خالد في محافظة كركوك وسميت بدورة الصاعقة المصرية ولها اسم اخر اطلقة عليها منتسبين القوات الخاصة (دورة الوساخة لان المدربين كانوا يامرون الجنود في الزحف في البرك الاسنة والمستنقعات الراكدة ومطاردة الكلاب لتحسين لفرص البقاء خلف خطوط العدو بالاضافة الى صنوف الاسلحة الاخرى) اما عن القوة الجوية فجميع مدربين ومستشارين القوات الجوية العراقية هم هنود وروس ودول حلف وارشو وبعض الخبراء الصينيين وفرنسيين والمان وطليان .
 
صورة اخرى من بطولات فرسان طيران الجيش

يرويها احد فرسانه .... الجزء الثاني


بعد انتهاء عملية (تحدي) الاسم الرمزي لملحمة كردمند وهي أجرأ واصعب عملية انزال بواسطة السمتيات حيث تم الانزال الرأسي المباشر على قطعات العدو في قمة جبل كردمند يوم 28 – 7 - 1983 بعد فشل القطعات الارضية في استعادة القمة المشرفة على محور (جومان-كلالة- حاج عمران ) بسبب وعورة المنطقة (وسيأتي الحديث عن العملية في وقت لاحق انشاء الله ).
عُدت الى مقر السرب 106(BO105 )في التاجي يوم 30/7/1983 مع ابقاء مفرزة من طائرتين في مطار كي – 1 بكركوك للقيام بالواجبات التي قد تكلف بها في قاطع الفيلق الاول شمال العراق .
قام العدوالايراني بالتعرض على قطعاتنا في قاطع اللواء417 في بدرة وجصان حيث تمكن من محاصرة الفوج الاول لهذا اللواء في منطقة مخفر الجبل وصمد الفوج ببطولة وشهامة في مواضعه ورفض التسليم للعدو رغم انقطاع جميع المسالك مع قطعاتنا .

Mai.25.1.JPG


شاركت مفرزة من السرب/106 المتواجدة في معسكرالمنصورية (الفيلق الثاني ) مع بقية مفارز الاسراب للطائرات السمتية الغزال ومي/ 25 ومي/8 في تقديم الاسناد لقطعات هذا الفيلق ولحين احتواء الهجوم لتنصب اهتمامات القيادة بفك الحصار عن الفوج البطل الصامد في مواضعه رافضا نداءات العدو بالتسليم ، حيث قامت قواتنا بالتعرض على قطعات العدو لفك الحصار دون جدوى لوعورة المنطقة .
صدرت الاوامر لادامة تموين الفوج المحاصر بالعتاد والمواد الغذائية لتعزيز صموده لحين التمكن من تأمين المسالك للوصول اليه بغية سحبه الى المناطق الامنة ..

T.Adnan.1.JPG

قامت وحدة الادامة الجوية للقوات الخاصة بالتعاون مع القوة الجوية بتنفيذ طلعة بطائرة (اليوشن/76 ) لالقاء مواد الادامة الى الفوج المحاصر بواسطة المظلات ليلا حسب السياقات المتبعة وبعد تنفيذ الواجب اخبر الفوج المحاصر بان الرياح ابعدت المظلة وسقطت مواد التموين خارج موقع الفوج .
اصرت القيادة العامة للقوات المسلحة على ادامة تامين الفوج المحاصر وقد اقترح مدير حركات طيران الجيش العميد الطيار محمد عبدالله الشهواني بان ينفذ الواجب بواسطة طائرة مي/ 8 لنقل الحمولة ترافقها طائرة / BO-105 من السرب 106 تكون في المقدمة كونها مجهزة باجهزة ملاحية متطورة حينها تتمكن من الوصول الى الهدف بدقة وينفذ الواجب ليلا بعد اخبار الفوج المحاصر ببدأ التنفيذ كي يكون على استعداد لاستلام الحمولة وفعلا نفذ الواجب من قبل الطيارين (أ) و(ر) بطائرة بي او 105 والطيار(ع) والطيار (؟) بطائرة مي/8 على ان تلقى الحمولة بدون مظلة لتفادي انحرافها بتاثير الريح وتم الوصول الى المنطقة المطلوبة رغم المقاومة الكثيفة من اسلحة مقاومة الطائرات المعادية التي كانت ترمي عشوائيا باتجاه صوت الطائرات كون مصابيحها الملاحية غير مناره وهذا ايضا يشكل خطورة على التشكيل....وفعلا عندما اشر مؤشر (الدوبلر )لجهاز الملاحة بالوصول الى النقطة (صفر ) فوق مقر الفوج اوعز لطيار طائرة المي/8 بحساب الوقت الملائم حسب الايجاز المسبق لالقاء الحمولة وتم التنفيذ والقيت الحمولة وعادت الطائرتين الى بدرة بسلام....الا ان الفوج ايضاً نفى وصول الحمولة !!

في اليوم التالي صدرت اوامر رئيس الجمهورية بحجز الطيارين المنفذين لواجب إيصال الحمولة مع بعض ضباط القطعات الارضية احدهم امر لواء من الالوية التي حاولت فك الحصار عن الفوج المحاصر وفشلت محاولته بالاضافة الى عدد من ضباط اللواء المكلف بالدفاع عن المنطقة الذي كان الفوج المحاصر ضمن قطعاته .

BO.105.JPG


في صباح هذا اليوم فقدنا الشهيد النقيب الطيار سحاب سيد وادي الذي اصيب اصابة مباشرة وسقطت طائرته (BO-105) لكونه كان يقوم بالواجب منفردا دون طيار ثاني وصلني الخبر صباح يوم 4 – 8 -1983 فقررت الذهاب الى بدرة مستصحبا طائرة اخرى لتعويض طائرة الشهيد سحاب ، وبعد التعرف على المشاكل التي حدثت وتقوية معنويات الطيارين المحتجزين عُدت الى التاجي بعد ترك الطائرة الثانية لتعويض الطائرة المفقودة علما بان المفرزة كانت بطائرتين وبذلك لا داعي لتواجدي في بدرة فلدي عدد من المفارز في كركوك والعمارة والبصرة تستدعي ادامتها.
يوم 6– 8 تقرر القيام بالتعرض لفك الحصار وتم تعزيز الطائرات السمتية الساندة باربع طائرات من سربنا( السرب106 المجهزبطائراتBO-105 ) فذهبت الى بدرة مع التعزيز ووصلتها مع الضياء الاول ليوم 6 – 8 وبعد معركة شرسة لم تتمكن قطعاتنا المهاجمة من الوصول الى الفوج المحاصر ، لتصدر الاوامر بوجوب ايصال الادامة الى الفوج المحاصر باي ثمن تعزيزا لصموده ، فتقرر ان يكون التموين نهارا وبطائرة مي /8 والقبول بالخسائر المحتملة والتي هي شبه اكيدة....تم تحميل الطائرة بقيادة الملازم الاول الطيار البطل مصطفى عيسى الحديثي وتوجه الى الهدف بارتفاع عالي لتفادي الاسلحة الارضية الخفيفة والمتوسطة وبكل اقدام وبطولة استمر برحلته ونحن نراقب النار الكثيفة التي فتحت عليه والانفلاقات حوله حيث ان المنطقة ليست بعيدة جدا وعند وصوله فوق الهدف دخل في الدوران الذاتي كي يتمكن من الهبوط راسيا وسريعاعلى الهدف مباشرة ثم القى الحمولة وعاد للتسلق الراسي فوق الهدف كونه منطقة امنة بسيطرة الفوج المحاصر ولحين الوصول الى الارتفاع المقرر ليبدأ رحلة العودة التي لم يكملها فقد اصيب اصابة مباشره واشتعلت النيران بطائرته مما ادى الى استشهاده مع الطاقم المرافق له واخبرنا شاهد عيان من القطعات الارضية الامامية بان احد افراد الطاقم القى بنفسه من الطائرة ليسقط على الارض شهيدا رحم الله تعالى ابطال هذه الطلعة الاستشهادية (اذكر ان الواجب كان بطائرتين مي / 8 ولكن بعض التاكيدات تقول طائرة واحدة وكما اذكر ان الطائرة الثانية عادت بسلام ) المهم هنا ان الواجب نفذ وخسرنا طائرة واحدة مع طاقمها ،استمرينا في عملية مشاغلة العدو بالطائرات وبقية الاسلحة لذلك اليوم واليوم التالي لاجل الضغط على العدو وعدم تعرضه على الفوج المحاصر.
يوم 8 – 8 -1983 مع الضياء الاول قمت بتنفيذ الطلعة الاولى حسب السياقات اليومية المتبعة بتشكيل من طائرتين( BO- 105) من السرب 106 ومعي في الطائرة الثانية الطيار (ح) مع تشكيل اخر بطائرتي غزال بقيادة الطيار (م) كل في منطقة غير بعيدة عن الاخر للاستطلاع ومعالجة اية اهداف قد تصادفنا...
وعند المراقبة وبسرعة قليلة وارتفاع واطيء فتحت علينا النيران من مسافة قريبة مع سقوط رشقة من المدفعية قريبة جدا من طائرتي مما ادى الى سقوطها وارتطامها بالارض بشدة دون ان افقد السيطرة عليها ونجحت بالارتفاع بها عن الارض مع فقدان عمل منظومة الهيدروليك ومحور السيطرة على المروحة الخلفية وامتلاء المقصورة بالدخان وكنت اقود الطائرة منفردا واسمع صوت قائد الطائرة الثانية (ح) المضطرب مستفسرا عن حالتي وبعد ان اطمأنيت على حالة الطائرة وسيطرتي عليها بشكل جيد اجبته بان الامور تحت السيطرة و قررت التخلص من الصواريخ التي احملها والعودة الى بدرة مع الحذر الشديد من تطور الحالة واما حالة فقدان السيطرة على المروحة الخلفية وعطل منظومتي الهيدروليك حيث حاولت تشغيل المنظومة الاحتياطية وكانت ايضا مصابة فهذه الحالة الاضطرارية قد تدربت ودربت عليها الطيارين بعشرات المرات فلا خطورة منها....

خلال العودة طلبت من تشكيل الغزال مرافقتي ومراقبة طائرتي من الجهة المخالفة لموقع طائرة التشكيل الثانية وهنا اخبرني (م) بان زلاقات النزول للطائرة (سكدات ) من جهة هابطة والاخرى مرتفعة نتيجة الارتطام الشديد بالارض وهنا مكمن الخطورة فلا يمكن النزول وملامسة الارض بها في الحالات الاعتيادية بسبب الميلان الشديد وحتمية انقلابها فما بالك وعطل المروحة الخلفية والتي توجب الهبوط بسرعة امامية وعدم امكانية التعلق واستخدام قوة عالية لكون استخدامها يجعل الطائرة تدور بسرعة حول محورها العمودي وفقدان السيطرة عليها وسقوطها وحتمية تحطمها ، طلبت من المسيطرالجوي الطيار (ر) في شقة نزول بدرة ان يهيء لي صنايق عتاد فارغة يرصفها بطبقتين في الجهة اليسرى جهة ارتفاع الزلاقة (السكد)الايسر مع مراعاة اتجاه النزول واتجاه الريح وبطول كافي للمناورة على مدرج النزول كي استطيع الهبوط بالطائرة على الزلاقتين ومعالجة ارتفاع الزلاقة اليمنى بالاستناد على الصناديق للجهة اليسرى وهي مهمة صعبة جدا ولكن لا حل سوى هذه المجازفة بعد ان اعلمته بالاضرار التي اصابت الطائرة (كونه احد الطيارين ويستطيع تفهم الحالة التي انا بها وكان ممنوع من الطيران لاسباب صحية فساهم كمسيطر جوي في المعركة).
خلال رحلة العودة استذكرت هيكل الطائرة وطريقة ربط زلاقات النزول ( سكدات) للطائرة بجسم الطائرة فاستذكرت بانهما مربوطتين بمحور واحد اي انهما يرتفعان وينخفضان سوية ... لذا قررت المجازفة بالهبوط القاسي على الارض املا في ان يؤدي ارتطام الزلاقة العالية بعد ملامستها الارض اولا اعادة الزلاقة الواطئة الى حالتها الطبيعية او قريب منها وهذا الحل هو اسلم من الحل الاول (صناديق العتاد الفارغة) وفعلا وبعد تهيئة عجلة الاسعاف والحريق والرافعة التي امنها مشكورا رفيق السلاح (ر) قمت بهذه العملية وملامسة الارض بشدة وبسرعة امامية قليلة لتامين قوة رفع تغنيني عن تغيير قوة الرفع ودوران الطائرة(علما بان هناك فرصة واحدة فقط للنزول ولا يمكن اعادة محاولة النزول مرة اخرى ) وحدث ما توقعته فحال ارتطام زلاقة النزول اليمنى بالارض بشدة عادت الزلاقة اليسرى الى حالتها الطبيعية وتم تعديل زلاقات النزول وملامسة الارض بسلام وسارعت الى اطفاء المحركات.....

وهنا توضح لي الفرق بين الطيار وسائق الطائرة(حيث ان الطيران علم متكامل )وكذلك التاكيد على الدرجة الكاملة لاجتياز اختبار الحالات الاضطرارية واهمية فسحة الوقت للتفكير.
في اليوم التالي وفي منطقة مخفر الدراجي اصيبت طائرة معاون امر السرب 106 (أ) وسقطت قرب المخفر وتم انقاذه من قبل الطائرة الثانية بقيادة الطيار( ع ف )وتم سحب الطائرة بواسطة ناقلة الدبابات وتم بعدها شحن الطائرتين الى الشركة المصنعة في اسبانيا ....وبعدها بسنتين ذهبت الى اسبانيا لفحص الطائرتين واستلامهما بعد تصليحها واوجزت مع الشريط الفديو الذي عرض علي بما حصل للطائرتين وخطورة الاصابات التي اصابتهما (ولهذا الايجاز والشريط حكاية اخرى سياتي ذكرها لاحقاً ).
وبعد ذلك بدات اشعر بالم شديد في ظهري نتيجة الحادث ولكني فظلت البقاء في بدرة لحين انتهاء المعركة دون ان انفذ اي واجب لحين عودتي الى السرب يوم 10 -8 ...


بعد انتفاء الحاجة من التعزيز وخلال خط الرحلة و قبل الغروب فوق جزيرة بغداد السياحيةالتي كانت مكتضة بالعوائل سالني الطيار الثاني النقيب الطيار ياسين جاسم العبود السامرائي الذي وصل بعدها الى عميد ركن ومعلم طيران وهو من الابطال المرموقين في السرب (هل يعلم هؤلاء الناس بما نحن فيه وهل يشعرون بالمخاطر التي مرينا بها خلال الايام السابقة؟ )اجبته نعم فمن الممكن بعد وصولي الى البيت بعد ساعة من الان ان يطلب مني اولادي الذهاب الى مدينة الالعاب في هذه الجزيرة فاكون هناك وقبلها بساعات كنت في ميدان المعركة وهكذا هي الحياة!! توفي هذا الطيار البطل الشهم في عام 1995 نتيجة مرض عظال رحمه الله تعالى .
ونتيجة الفحص الطبي والاشعة ظهر وجود كسور في الفقرات القطنية للعمود الفقري مما استدعى رقودي في المستشفى للعلاج ومنحي اجازة مرضية ثم منع طيران لغاية منتصف شهر تشرين الثاني وعدت الى مزاولة الطيران بعد اصراري على العودة للطيران بسبب وصول مدفع 20 ملم بلجيكي للتركيب على الطائرة وعلي فحصه واستلامه فقد سمح لي بالطيران (وللمدفع وفحوصة رواية اخرى سياتي ذكرها في وقتها) .

Mai.8.1.JPG


نعود الى مصير الفوج المحاصر والطيارين المحتجزين فخلال احتجازالطيارين مع ضباط القطعات الارضية في غرفة واحدة استدعي ضباط القطعات الارضية المحجوزين ونفذ بهم قرار الاعدام امامهم مما ادى الى اصابتهم بالرعب عانى احد الطيارين منه لسنوات طويلة بعدها ، ونتيجة لوساطة ورجاء مدير الحركات العميد محمد عبدالله الشهواني وقربه من وزير الدفاع الفريق الاول الركن عدنان خير الله طلفاح حينها تم ارسالهم الى مقر السرب ومعهم طياري المي/8 واحتجزوا هناك بانتظار القرار حول مصيرهم وتحملت مسؤليتهم وساعدتهم بالنزول الى عوائلهم منفردين بحجة مراجعة مستشفى القوة الجوية والمبيت عند عوائلهم وكانو ومنتسبي السرب على قدر عالي من المسؤولية من حيث الكتمان ..من جانبهم كان الطيارون المحتجزون يلتزمون بالتوقيتات وغالبا ما كنت ارسلهم بالعجلة العسكرية المخصصة لي لتكون بخدمتهم واستعمل عجلتي المدنية بدلا عنها...بقي الطيارون المحتجزون لحين صدور قرار باحالتهم على التقاعد لنتنفس الصعداء فقد كنا نخشى ان ينفذ بهم الاعدام ، وبعد اقل من سنة اعيدوا الى الخدمة في اسرابهم بعد جهود العميد محمد عبدالله ووزير الدفاع كون مدير الحركات محمد عبدالله شعر بانه هو من كلفهم بهذا الواجب وكان على يقين بتنفيذهم الواجب بشكل صحيح وشجاعة نادرة وكذلك كان يقدر فعاليات السرب وله علاقة جيدة معنا.

اما مصير الفوج المحاصر فبعد فشل جميع محاولات الوصول اليه وفك الحصار عنه تقرر ان يقوم بالانسحاب من خلال المعركة وتم له ذلك بعد ان قدم خسائر جسيمة خلال الانسحاب ورفض التسليم للعدو وعاد عدد قليل من منتسبي هذا الفوج البطل واستشهد اكثرهم بموقف بطولي يفوق الخيال ، وخلال التحقيق مع الناجين من ضباط الفوج ظهر ان جميع الحمولات المرسلة اليهم جوا كانت تصلهم وكانوا ينكرون استلامها املا في المزيد!!!!! وهذا ما دعى الى عدم اعدام الطيارين واحالتهم الى التقاعد ثم اعادتهم للخدمة وبذلك انتهت معركة ومواقف متميزة لابطال الفوج و من قدم لهم الاسناد وعاش ايام صعبة جدا قلقا عليهم وتقديرا لصمودهم والتضحيات التي قدمت من اجلهم لتعزيز صمودهم وليكونوا عبرة لغيرهم بان القيادة لن تألو جهدا في انقاذهم وهذا ما حصل مع اللوء المكلف بقاطع الفاو في معركة الفاو عام 1986 الذي صمد ورفض التسليم رغم محاصرته وتجاوز قطعات العدو للمدينة ... وكلفت بعد تطوعي لارشاد طائرة نقل المؤونة مي8 والنزول قبلها في ملعب الفاو الذي يتواجد به مقر اللواء باستخدام جهاز الملاحة (الدوبلر )لايصال المؤن للواء المحاصر ليلا يوم 11- 2- 1986 (وهذه رواية اخرى سياتي دورها ان شاء الله تعالى).

في عام 2000 وفي لقاء لرئيس الجمهورية مع عدد من المقاتلين تم استذكار صمود هذا الفوج البطل الفوج الاول لواء 417 فاوعز الى تكريم الفوج واعادة تشكيله اعتزازا بصمود ابطاله الاحياء والشهداء..

عن موقع الكاردينيا (توجد تعليقات ومشاركات تخص الموضوع)

هذا مو فوج هذا ابطال اللواء 403 الي تحاصروا واستشهد اغلب منتسبية الله يرحمهم الا 50 عنصر .. تم اعادة تشكيل هذا اللواء من جديد عام 2001 من قبل قيادة الحرس الجمهوري وقاتل بشكل باسل في معركة جرف الصخر 2003
 

H.Lashkri.1.JPG


حدثت هذه الواقعة قبل 5 أيام من الرد العراقي على إيران (22 أيلول 1980) ، فما الذي جاء بطائرة إيرانية مقاتلة فوق العاصمة بغداد ، ليتم إسقاطها؟؟ ، فيما بقي طيارها ( حسين علي رضا لشكري ) أسيراً لدى العراق ، معززاً مكرماً حتى إطلاق سراحه في العام 1998م ، انه أكبر دليل وأوضح شاهد عيان على بدأ العدوان الإيراني على العراق ، رغم ان العراق أطلق جميع أسرى الحرب الإيرانيين ، بينما تحتجز طهران الشر آلافاً من أسرانا..

H.Lashkri.2.JPG


*الصوره لـ حسن لشكري اثناء تسليمة للجانب الإيراني ,,
توفي لشكري المولود في قزوين ، في العام 2009م ، بعد منحه رتبة لواء طيار .


عن موقع الكاردينيا
 
قاعدة الحرية( كركوك) الجوية في الضربة الجوية الشاملة في 22 ايلول 1980

مذكرات طيار مقاتل


تمرعلينا في يوم 22/9/2014 الذكرى الرابعة والثلاثون لدور قوتنا الجوية في الرد الشامل لاستعادة الاراضي التي اغتصبتها ايران وتنديدها باسقاط النظام السياسي العراقي بعد الثورة الايرانية واستلام الخميني في شباط 1979 ..بودي ان استذكر في هذه المناسبة وبدون مقدمات دور احدى قواعدنا الجوية في الضربة الجوية الشاملة التي ساهمت بها كل قوتنا الجوية بمختلف طائراتها

في الساعة 1800 يوم 20 آيلول 1980 حضر الى قاعدتنا العميد الطيار الركن أحمد خيري مدير الحركات الجوية وسلم على عجل آمر القاعدة مظروفاً كبيراً أبيض مغلف بورق الفابلون الشفاف ومحكم الغلق ولم يفصح لنا ما موجود فيه،وغادر القاعدة مسرعاً الى قواعد أخرى،لقد تبين لنا أن هذا الظرف يحوي خطة عمليات قاعدتنا تجاه بعض الأهداف العسكرية الحيوية الايرانية

jasam.Jb.1.JPG


موقعة من قبل السيد قائد القوة الجوية الفريق الطيار الركن محمد جسام الجبوري،اتخذت كافة الاستحضارات اللازمة لتنفيذ الخطة المذكورة وملخصها تجهيز سربي طائرات سوخوي22 وسرب طائرات ميك21 بالقنابر شديدة الانفجار المخصصة لتدمير مدارج وملاجئ الطائرات المحصنة،لقد كان الشعور السائد لدى الجميع أن ذلك بمثابة تمرين واسع على مستوى القوة الجوية ( ذلك لكثرة التمارين لهذه الفترة ) والتي في حقيقتها كانت استعداداً للضربة الجوية الشاملة تجاه ايران وقد ساهم هذا الشعور في الحفاظ على سرية العمل بشكل رائع وبالتالي ساهم في تحقيق المباغتة السوقية وتحجيم دور القوة الجوية الايرانية في عملياتها اللاحقة.

الضربة الجوية الشاملة الأولى
اثناء دراسة المهام المكلفة بها قاعدتنا مع آمر القاعدة والتي جاءت في خطة عمليات قيادة القوة الجوية لاحظنا وجود خطأ في حسابات الوقود لكافة طائرات السوخوي22،ولغرض ادراك الموضوع قبل التنفيذ اقترحت عليه ان يطير فوراً الى بغداد باحدى طائرات السوخوي ويشرح ذلك الى قيادة القوة الجوية ويشعرهم بهذا الخطأ وتصحيحه،وفعلاً كان ذلك صباح يوم 21ايلول 1980 وتم تصحيح الخطأ وعلى ضوء ذلك بُدلت حمولة كافة طائرات السوخوي22 من ( 2 ) طن قنابر إلى ( 1 ) طن واستعيض عنها بزيادة كمية الوقود لكون الأهداف بعيدة نسبياً. وأصبح بهذه الحمولة ( 4 خزان وقود احتياطي + 2قنبرة 500كلغم) ضمان الذهاب الى الهدف والعودة الى القاعدة بشكل أمين مع أخذ بنظر الاعتبار امكانية التحويل الى قاعدة اخرى في حالة تعرض قاعدتنا للشل من قبل العدو الايراني وهذا احتمال وارد جداً ((يدل ذلك ان قيادة القوة الجوية لم تستفيد من التجارب الكثيرة التي اجريناها بالمدى الاقصى لهذه الطائرة عليه كانت نتائج التاثير اقل مما محسوب لها )) .
في الساعة 1800 يوم 21ايلول 1980 التقيت مع آمر القاعدة في مقره وابلغني بالتفاصيل النهائية للضربات الجوية المنطلقة من قاعدتنا تجاه أهدافها في ايران وهي ( قاعدة شاروخي الجوية ، قاعدة همدان الجوية ، قاعدة سنندج الجوية ، قاعدة كرمنشاه ومطار سقز) وثبتنا أسماء قادة التشكيلات وبدلائهم وتم القرار على قيادتي للعملية بالكامل ، ولو ان آمر القاعدة كان لديه تحفظ في ذلك الا اني اقنعته بوجهة نظري وملخصها ان العملية واسعة وتحتاج مني كآمر جناح طيران ان اقودها شخصياً وذلك لاعتبارات كثيرة اهمها ان يكون الآمر على رأس قواته مما يرفع من اقتدارهم ويزيد من ثقتهم بأنفسهم وبآمرهم ويرفع من معنوياتهم ويجعلهم يشعرون ان روح آمرهم ليست اغلى واعز من روحهم فهو مثلهم مع اختلاف في الخبرة والمنصب ، في الحقيقة كان هذا املي ان اقود مثل هذه العملية منذ مدة طويلة لاسباب كثيرة اهمها تطبيق المبادئ والدروس المستنبطة من حرب تشرين 73 واساليب التعاون مع القوات البرية والبحرية اضافة الى ذلك اثبات مصداقية كلامي امام الطيارين لكوني كنت اقول لهم دائماً ستجدوني امامكم في الواجبات القتالية ، انه شرف ليس بعده شرف ، انه حصيلة ايام التدريب الطويلة والخبرة النابعة من المهام السابقة، انه فحص للذات البشرية تجاه الاحداث الجسام وتجاه الاخرين وتثبت لهم صدق الاقوال بالافعال وبالتالي نحصل على نتائج جيدة تساعدنا في التنفيذ كثيراً وتقلل من الاخطاء والمشاكل والخسائر وهذا قد لمسناه في قاعدتنا طيلة فترة تواجدنا فيها ، انها دروس من نوع خاص عملي يتعلمها الطيار الحديث ويستفيد منها ويكون اكثر دراية وادق تنفيذاً.
في هذا المجال من المفيد ان اذكر انه تم نقل السرب الخامس سوخوي 22هجوم ارض (آمره الرائد الطيار م ، ح ، ط ) من قاعدتنا الى قاعدة الموصل الجوية للمساهمة من هناك تجاه الاهداف الايرانية الشمالية (قاعدة تبريز وقاعدة الرضائية… الخ ) اضافة الى ذلك تم اضافة طائرات السرب44 سوخوي 22 هجوم ارضي ( آمره الرائد الطيار الشهيد نوبار عبد الحميد الذي اسقطت طائرته اثناء تنفيذ واجب استطلاع مسلح في المناطق الحدودية مع ايران في القاطع الاوسط ) مع طياريه الى السرب الاول الموجود في قاعدتنا.
التقيت مع قادة التشكيلات مساء يوم 21 ايلول 1980 ( رائد م ورائد ركن م ، ورائد محمود رشيد ، نقيب ن ، نقيب طلال جميل العبيدي ، نقيب م ، وغيرهم ) واطلعتهم على خطط عمليات قيادة القوة الجوية لقاعدتنا واوجزتهم بصورة عامة بأسلوب الضربات الجوية الذي اتفقت عليه مع آمر القاعدة والتوقيتات العامة للطيران على ان يتم ايجاز تشكيلاتهم بالتفصيل غداً صباحاً وبسرية تامة لضمان عدم تسرب اية معلومات قد تُفشل مبدأ المباغتة وتم التأكيد على اعتبار الواجب بمثابة استكمال لسلسلة التمارين التي كنا نقوم بها في هذا الشهر .
توقيتات الاقلاع في الساعة 1140 يوم 22 ايلول 1980 على ان يكون عبور الحدود العراقية الايرانية في الساعة 1200 في اليوم نفسه ،حيث تشرع قطعاتنا البرية بتنفيذ مهامها المرسومة في الخطة ، ثم اتفقنا ان نلتقي غداً 22 ايلول 1980 في غرفة ايجاز السرب الاول،ولهذه الغرفة خصوصية متفردة في الذاكرة كونها شهدت العديد من الايجازات المهمة اذكر منها الايجاز الشامل قبل الاقلاع الى سوريا يوم 8 تشرين الاول 1973 ، ثم ايجاز تنفيذ الضربات الجوية المهمة في الدفاع عن العراق ضمن مهام الامن الوطني ، ناهيك عن الايجازات الصباحية اليومية قبل الطيران التدريبي هذه الغرفة عودتنا على احترام المواعيد ممن يتأخر دقيقة واحدة فقط لا يدخلها ويحاسب من اجل ذلك انه الطيران، والدقيقة في الطيران المقاتل تعني الكثير وعلى الطيار المقاتل ان يحترم الوقت و الا يفقد الكثير من التزامه والوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك.
الاستحضارات والتنفيذ 22ايلول 1980
الاستحضارات
استيقظت القاعدة صباح يوم 22 ايلول 1980 يوم الرد العراقي انه يوم مشهود في تاريخ سفر العراق العظيم ، ولكن نحن لا نعلم ما سيكون ، هل ستستمر الحرب مع ايران طويلاً ام انها ستنتهي بأذن الله بعد ايام قليلة والله اعلم هذه افكار كانت تدور في مخيلتنا جميعاً اذن يجب ان ننجح اولاً في ضرباتنا الجوية لكون ذلك ثمنه غال جداً وسلامة قطعاتنا وتمكينها من احتلال اهدافها المرسومة من دون تدخل من قبل القوة الجوية المعادية هو اسمى هدف لقوتنا الجوية ، الطائرات جاهزة بحمولتها المقررة للضربة الجوية الشاملة الاولى، عدد من الطائرات المتصدية تمارس واجباتها الدورية الاعتيادية منذ الضياء الاول والحالة تبدو طبيعية ،الجو جميل وهادئ مدى الرؤيا اكثر من 10 كلم الا ان حالة الطوارئ واضحة والطائرات موزعة في الملاجئ المنتشرة في ارجاء القاعدة اعمال حفر الملاجئ الشقية للاشخاص لا تزال مستمرة قرب الوحدات من اجل أستخدامها أثناء الغارات الجوية المعاديه ، من طبيعة عملي قبل ان ابدأ بالعمل اليومي اقوم بجولة في القاعدة اتفقد من خلالها كل ما يتعلق بجناح الطيران مثل ، المدرج الرئيسي، الطائرات، اجهزة ، معدات سلامة الطيران ، الانواء الجوية حيث القي التحية على العاملين عليها واتأكد من قيامهم بواجباتهم ثم اذهب الى غرفة الايجاز لالتقي بآمري الاسراب والطيارين بوقت مبكر عادةً في الساعة السادسة صباحاً او قبل ذلك وفقاً لنوع الواجب القتالي ولكن هذا اليوم يختلف عن باقي الايام سنلتقي في الموعد الذي حددته البارحة ، المعنويات عالية والكل يعمل بنشاط وهمة مقتدرة، العجلات الخاصة بالطيران ( الاختصاصية ) وعجلات الاركاب مموهة بشبكات الغش او بواسطة الطين الكل ينظر الى الطيار وكأنه امل الجميع في تحقيق الاماني بأعتباره العنصر المقاتل الرئيسي في القوة الجوية انه القوة الخارقة اذا احسن استخدامها اعداداً وتنظيماً وتخطيطاً ،و لم يحدث مرة ان خذل شعبه و اصدقاؤه واحباءه وقيادته طيلة سفره الخالد منذ تأسيس القوة الجوية ، فلا تزال احداث مايس 41 ، 48 ، 67 ، 73 عالقة في اذهان الجميع فالتضحية والشهادة وتحقيق الاهداف هما شعار الطيار المقاتل العراقي في بناء المستقبل لوطنه وامته العربية المجيدة.
الساعة قاربت 1030 يوم 22 ايلول 1980 وأمر قيادة القوة الجوية نافذ والطيارون متوجهون اللى غرفة الايجاز وساعة الصفر تقترب اذن يجب ان نسرع في ايجاز الطيارين بما مطلوب منهم القيام به وتوزيع الادوار على وفق خطة الطيران التي وضعتها مع آمر القاعدة وامراء الاسراب في التوقيت المحدد الكل متواجد في غرفة الايجاز والابتسامة مرتسمة على الوجوه، في الحقيقة هنا ملاحظة بسيطة يمكن ان تذكر وهي ان معظم الطيارين الاحداث لم يسبق لهم ان شاركوا في معارك حقيقية وعلى هذا الاساس قد يظهر البعض منهم حالة من الارتباك في المواقف الصعبة و يكون تصرفهم بها غير دقيق وهي حالة طبيعية وعلى هذا الاساس تعمدنا ان يكون قادة التشكيلات وبدلائهم ممن سبق لهم ان شاركوا في معارك حقيقية سابقة وذلك لثقتهم العالية بأنفسهم ثم منحهم هذه الثقة لاعضاء التشكيل الاحداث من خلال حسن تصرفهم وهدوئهم مبددين أي ارباك قد ينتج من بعض الطيارين الاحداث لمثل هذه الاحتمالات حيث نضعها بأعتبارنا دائماً وعلى هذا الاساس نحن في التدريب وبدون مبالغة نكون اقسى على طياري الهجوم الارضي من غيرهم لغرض زيادة الثقة في نفوسهم ولكن بدون غرور في المواقف الصعبة ( نمّوت قلبه) ونجعله يتصرف بهدوء وبدون انفعال وندرس حالة الطيار المنفعل ونتركه يهدأ ومن دون ان يشعر ( الطيار عدواني داخل طائرته اما في الارض فهو ذو خلق عالي ) اليوم على الطيار المقاتل ان يتحمل مسؤولية عالية جداً بحيث يحول القرارات السياسية الى حمم من النيران تهز كيان العدو وتلقنه درساً قاسياً طالما لم تنفع معه كل الطرق سواء الدبلوماسية او السياسية ،

Meg.21.IQ.JPG


ابتسمت ضاحكاً وانا ادخل غرفة الايجاز وقد صادفني في مدخل الغرفة امر السرب المتصدي ميج 21 الرائد الركن م ، فوضعت يدي على كتفه وقلت له انشاء الله يكون تنفيذكم للواجب افضل من جماعة الهجوم الارضي ( طائرات الميك21 مخصصة لاغراض التصدي كواجب رئيسي والهجوم الارضي كواجب ثانوي تم تكليفهم بقصف قاعدة سنندج بقوة 8 طائرات ومطار سقز بقوة 4 طائرات لعدم كفاية جهد طائرات الهجوم الارضي ) اجابني بكل ادب ان شاء الله سيدي تسمع اخبارنا وترى افعالنا وتفتخر بنا باذن الله ثم وضعت يدي مرة ثانية على كتفه وقلت له انا واثق من ذلك وبارك الله فيككم ، كان هذا امام الجميع كنوع من المجاملة المفيدة التي اعتدنا عليها دائماً والتي من خلالها نبدأ الايجاز، وقف الجميع لتحية آمر جناح الطيران وكان بداية كلامي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رد الجميع التحية ثم بدأنا الايجاز العام للضربات الجوية على القواعد الجوية المذكورة آنفاً وتم التركيز على تشكيلات الطيران واسلوب الملاحة اثناء الرحلة وطبيعة الطيران في المناطق الجبلية والصحراوية واسلوب التقرب الى الهدف وتدميره واسلوب الطيران في طريق العودة وحتى النزول في القاعدة ،من الامور التي جرى التأكيد عليها ضرورة التقييد بالصمت اللاسلكي حتى الوصول الى الهدف ( لكون ذلك يمكن ان يكشف العملية ونخسر المباغتة وبذلك قد تتعرض تشكيلاتنا الى الدفاعات الجوية المعادية ) ،انهينا الايجاز في الساعة 1100 وغادرنا الغرفة باتجاه غرفة الملابس وتجهيزات الطيران لارتدائها ثم التوجه الى الطائرات في الوقت المناسب حتى لا نتأخر ( كل خطوة محسوبة بالثواني ولا يمكن ان نشتغل في امور جانبية غير محسوبة ولكن نتركها لوقت آخر لان القوة الجوية بكامل جهدها محددة بوقت واحد ).

الملازم الطيار س ر
اثناء تواجدي في غرفة الملابس ارتدى بدلة الضغط وقلنسوة الطيران والمسدس ، وكنت قد اوعزت الطيارين كافة ارتداء ملابس مدنية اسفل ملابس الطيران ( قميص وبنطرون للتخفي اثناء القذف لتغطية الاحتمالات كافة التي قد تواجهنا اثناء الواجب بعضهم كان يلتزم والبعض الاخر لايلتزم كحالة نفسية وفي الحقيقة لم اضغط عليهم بهذا الجانب ) ، اثناء ارتدائي ملابس الطيران لا يجول في خاطري سوى الواجب وكيف سيكون ويجب ان ينجح 100 % قطع تفكيري صوت نحيب صادر من ذات الغرفة تقربت من مصدر الصوت واذا بالملازمس ر وقد اخفى رأسه في خزان الملابس وقد اغرورقت عيناه بالدمع وهو يحاول ان يخفي ذلك تقربت منه اكثر وفجأة احتضنني ليخفي دموعه قائلاً سيدي اريد ان اطير معكم ارجوك لماذا لم تضعني احتياط‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!؟!‍‍‍

في الحقيقة كان المبدأ ان يطير الضباط القدامى في البداية ثم الضباط الاحداث والاحدث وهكذا حتى يتمكن الجميع من الطيران وبهذا تزداد ثقتهم بالواجبات وتصبح الحالة طبيعية اما اذا سمحنا للاحداث بالطيران في البداية قد تسقط طائراتهم بسبب قلة الخبرة ينتج عنه رد فعل بالنسبة لبعض الضباط الاحداث مما يضعف معنوياتهم وبالتالي تزداد خسائرنا من دون مبرر ( الخسائر التي اعنيها قد تكون بسب سوء تصرف بقيادة الطائرة في ظروف الطيران الصعبة وليس بواسطة اسلحة الدفاع الجوي فقط ) ، وقد اشرت إلى ذلك آنفاً ، لم تكن حالة الملازم سعد غريبة ابداً فقد تكررت امامي في حرب تشرين 1973 وغيرها حيث يتسابق الطيارون للواجبات القتالية كدافع نفسي تربى عليه الطيار يريد تحقيق شئ لوطنه ولذاته لذلك يريد ان يشار اليه بالقوة والكبرياء في عمل لم يستطيع احد غيره تحقيقه وهاهي الفرصة تأتي ولم يريد ان يضيعها ولكن الامر ليس بيده ولكل آن اوان ، ما كان مني في هذا الوقت الضيق إلا ان اربت على كتفه واشكره على شعوره هذا المليئ بالوطنية ووعدته بالطيران في الطلعات القادمة انشاء الله ، ودار بيننا الحوار البسيط الاتي:
- ملازم س ر: هل هذا وعد سيدي.
- مقدم ع : نعم وعد وبارك الله فيك على هذه الروح الوثابة.
- ملازم س ر: سيدي الله معكم يحرسكم ويرعاكم.
- مقدم ع: اشكرك.
من الطريف عندما كنت التقي اللواء الطيار الركن س ر في اثناء زيارتي للقاعدة التي كان يقودها وبعد مرور 20سنة من هذا الموقف اذكره به فيحمر وجهه تواضعاً فهو لايزال ذلك الصقر العراقي ذو الخلق العالي والمعنوية العالية واهلاً للمسؤولية.

التنفيذ
الساعة 1115 يجب ان نسرع قليلاً والا تأخرنا عن الوقت المحدد لخرق الحدود مع ايران والمحدد في الساعة 1200 لاسيما ان الطائرات متفرقة ومتباعدة عن بعضها وهناك احتمال الاعطال التي تحدث قبل الاقلاع مما يتطلب من الطيار تغيير طائرته بأخرى صالحة وهكذا امور كثيرة قد تحدث ينبغي معالجتها والا كان الجهد الجوي المخصص للضربة قليل و لايؤدي الغرض منها ونكون نحن مقصرون تجاه الواجب الذي كلفنا به ، على اية حال الساعة 1125 والطيارين داخل طائراتهم والطائرات جاهزة للتشغيل
( حوالي 24 طائرة سوخوي 22 و12 طائرة ميج 21 ) ، عادةً نطلق تسميات على تشكيلات الطيران للتمييز بينها في الجو وكانت تسميات تشكيلاتنا تأخذ حرف ( الحاء ) نسبةً لقاعدة ( الحرية ) وتم الاتفاق على اسم حميد و ان يكون الحوار باللغة العربية مع السيطرة الجوية وقواطع الدفاع الجوي وباقل مايمكن من الكلام وكما يلي:-
•سيطرة الحرية من قائد تشكيل حميد كيف تسمعني.
•قائد تشكيل حميد من سيطرة الحرية تفضل اسمعك واضح.
•سيطرة الحرية من قائد تشكيل حميد ؟ اطلب التشغيل.
•قائد تشكيل حميد من سيطرة الحرية التشغيل مسموح مع اطلاقة خضراء ( جرت العادة عندما تكون التشكيلات كبيرة ومنتشرة بمساحات واسعة على ارض المطار تبلغ السيطرة الجوية باطلاق طلقة تنوير خضراء لتكون واضحة للجميع وتعني التشغيل).
وكما توقعت اثناء التشغيل نادى اثنان من التشكيل بعطل في منظومة وقود طائراتهم ، اوعزت لهم بتبديل طائراتهم فوراً وفعلاً بدلت احداهما وصلحت الاخرى من قبل الفنيين المتواجدين قرب الطائرات ( اعتدنا اثناء التشكيلات الجوية الكبيرة تشغيل طائرتين اضافية وبنفس حمولة التشكيل مع التشكيل الرئيسي لغرض استبدالها مع الطائرات العاطلة تجنباً للتأخير في التوقيتات ).

الساعة الان 1130والطائرات كافة جاهزة للدرج والاقلاع.
•سيطرة الحرية من قائد تشكيل حميد اطلب السماح بالدرج ؟
•تشكيل حميد الدرج مسموح المدرج المستخدم 330 الريح هادئ مدى الرؤيا 10 كلم الضغط الجوي 730 ملم.
انتظمت الطائرات في طريق الدرج استعداداً لدخول المدرج الرئيسي للاقلاع على شكل تشكيلات رباعية بفواصل زمنية لا تزيد عن دقيقة ( والدقيقة في الجو تعني 15 كلم مسافة ).
•سيطرة الحرية من قائد تشكيل حميد واحد اطلب دخول المدرج للاقلاع.
•تشكيل حميد واحد الاقلاع مسموح تأكد من جهاز التعريف الريح هادئ.
•سيطرة الحرية جهاز التعريف (ON) ( يتم الاتفاق مع السيطرة تنبه الطيارين على فتح جهاز تعريف الصديق من العدو IFF للأهمية ).
اتخذ تشكيل حميد واحد وضع الاقلاع وبدأ فحص المحركات قبل الاقلاع وكل شيء على ما يرام اذن هي الحرب تبدأ من لحظة حركة عجلات الطائرات على المدرج للإقلاع.
تشكيل حميد واحد اضغط الساعة يضغط اعضاء التشكيل الساعة وتنطلق الطائرات الواحدة تلو الأخرى على مدرج المطار، هذا التوقيت يجب أن نحافظ على دقته بحيث نصل الى الحدود في الساعة 1200 وعلى الهدف في الساعة 1230 حسب خطة الطيران.
اقلعت الطائرات وتجمعت التشكيلات على شكل تشكيلات قتال جبلية رباعية تبعاً للمنطقة التي نطير فوقعها (على اعتبارها جبلية ) واتخذت التشكيلات الاتجاه الأول الى نقطة تقع على خط الحدود ( عند قريتي بياره وطويلة ) إلى الشرق من محافظة السليمانية وبفواصل زمنية دقيقة واحدة بين تشكيل رباعي وآخر وبعد هذه النقطة يأخذ التشكيل نقطة اخرى واخرى حتى الوصول الى الهدف هذا الأسلوب في الحقيقة يستخدم في الطائرات التي لا تحوي منظومات ملاحية متطورة مما يسهل على الطيار الوصول الى هدفه بشرط أن يكون دقيق في قراءة الخريطة وحساب الوقت ومتابعة خط الطيران دقيقة بدقيقة حتى لايخطئ وبالتالي يصعب عليه التصحيح.
صمت لاسلكي تام حسب ما اتفقنا عليه وأن أي اتصال غير مبرر قد يجلب انتباه العدو وتضيع فرصة المباغته ، دورياتنا الجوية من طائرات الميك21 المتصدية من السرب47 في مواقعها الاعتيادية كما هو في كل يوم وهي جزء من الخطة للتمويه على العدو ، الطيران طبيعي وكأننا في طلعة تدريبية لا فرق لدينا فقد مارسنا هذا النوع من التدريب كثيراً،يسألنا الكثير من الأخوة والأصدقاء ما هو شعور الطيار وهو يتجه بطائرته الى هدفه هل يفكر بعائلته بأصدقائه بحبيبته.... الخ ،أنا أجيب على هذا السؤال بالشكل التالي:

نحن دائماً في التدريب آمر السرب يلتقي بضباطه يومياً قبل الطيران في أثناء الايجاز الصباحي ويتأكد من الجميع بأنهم في صحة جيدة وقد أخذو كفايتهم من النوم وتناولوا طعام الفطور وحالتهم النفسية جيدة وجرى فحصهم من قبل طبيب الطيران ومع ذلك نحن نسمح لأي طيار اذا لم يرغب بالطيران لذلك اليوم أن يصرح ذلك لآمره وفي حالات معينة قد تكون نفسيه أو معنوية لأن الطيار يجب أن يكون بكامل قواه الصحية المعنوية والفسيولوجية ،اذن الطيار عندما يجلس في طائرته المقاتلة ذات المقصورة الصغيرة التي لاتسمح له سوى تحريك رأسه يميناً ويساراً ويديه وقدميه حركات محدودة لا تتجاوز بضع سنتمترات يكون قطعة واحدة من الطائرة يترك كل شئ خارج هذه المقصورة عائلته أبوية اصدقائه كل شئ ولا يبقى معه في المقصورة سوى شيئين أولهما الله سبحانه وتعالى الذي يلهمه الصبر والتفكير السديد لكي يصل الى هدفه مع زملائه ويدمره وثانيهما الوطن الذي أعده واحتضنه ورعاه لهذا اليوم وعليه أن يقوم برد الجميل وان يجمع قواه كلها وينفذ واجبه بدقة انها حقاً مسؤولية كبيرة وعليه أن يكون اهلاً لها ومنه يجب أن لا ينشغل بأي شئ سوى واجبه واذا اردت ان اتكلم عن نفسي كطيار هجوم أرضي أقول ان الطيار بطائرته يكون مثل الرمح لا يهدأ له بال الا بعد أن يغرس في قلب العدو ويقتله ، على اية حال هاهو حوض محافظة السليمانية أمامنا ولم يبق سوى دقائق لخرق الحدود العراقية الايرانية.
الساعة 1200 ونحن في الموقع الصحيح وها نحن نخرق الحدود العراقية الايرانية عند قرية ( بيارة وطويلة ) هذا التوقيت في حقيقة الأمر الاشارة الى قطعاتنا البرية بأن تبدأ تقدمها لاحتلال أهدافها المحددة لها اذن هذه البداية وهذه هي ساعة الصفر التي طالما العراق حذر منها كثيراً.
وفق الايجاز وعند هذه النقطة تتجه التشكيلات الى أهدافها ( القواعد الجوية ، شاروخي ، همدان ، سنندج ، سقز) كان معي في التشكيل الأول النقيب سلام النعيمي والملازم الأول الشهيد عادل دعدوش والملازم الأول س أما التشكيل الثاني فكان بقيادة الرائد الطيار م والتشكيل الثالث بقيادة الرائد الطيار الشهيد محمود رشيد والهدف كان قاعدة شاروخي الجوية.

Sinaa.1.JPG


هاهي جبال زاجروس العمودية على خط الطيران والتي تسبب لنا صعوبة في التخطي من الرادارات المعادية بعيدة المدى ومع ذلك كلما نجد فرصة للتخفي من كشف العدو نستثمرها بسرعة لصالح التشكيل ، لاحت لنا مدينة سنندج الايرانية الى يسار التشكيل ، الوقت يمر بطيئاً وسرعتنا الحقيقية 800 كلم/ساعة وارتفاعنا المؤشر حوالي 3000 متر عن مستوى سطح البحر والحقيقي امتار معدودة فوق قمم الجبال وبين حين وحين أشعر بذبذبات الرادارات الايرانية وهي ترتطم بطائرتنا وقبل أن تعود لمحطاتهم الارضية نكون قد أخفينا التشكيل أسفل كشف راداراتهم وبهذا تضيع فرصة تسقيط مسار تشكيلاتنا وبالتالي ضياع فرص مقاطعتها ، كان الحل الأمثل هو الاستمرار بتشكيل قتال جبلي والانحدار دون قمم السلاسل الجبلية العمودية حتى يتهيأ للبعض بأننا سنرتطم بالسطوح الجبلية العمودية وفجأة نسحب الطائرة وننحدر مرة ثانية لاستقبال السلسلة الثانية وهكذا حتى نهاية هذه السلاسل اللعينة التي يذكرنا التاريخ أن أقواماً من الكوتيين قدموا منها في 02120 ق م) وسيطروا على وادي الرافدين حيث طردهم الزعيم السومري ( اوتوحيكال ) شر طردة ومن دون رجعه وهذه هي حرب التحرير الأولى للعراقيين القدامى .

لاحت لنا عن بعد صحراء لوط وقد استبشرت بها كثيراً ويفترض على العكس أن اتشائم لأن الصحراء تكشف التشكيل تجاه متصديات العدو ولكن بالمقابل يمكننا في الصحراء أن ننحدر دون الكشف الراداري ويستقر طيراننا على الأقل ثم بالامكان فتح التشكيل على شكل تشكيل قتال صحراوي مما يسهل المناورة ويحقق أفضل سبل التعاون بين أعضائه أما عن الطيران الواطئ فقد عملنا على تدريب طيارينا على أقل طيران ممكن ( 15-50 متر ) وبتركيز عال وعلى هذا الأساس كان طيراننا على ارتفاع أقل من ( 50 ) متر فوق سطح الأرض وسرعتنا 800كلم/ساعة أما ارتفاعنا عن مستوى سطح البحر فكان حوالي 1200 متر مما يدل على أن هذه الصحراء هي بمثابة هضبة تمثل معظم مساحة ايران.

الطيران لا يزال مستقراً ولحد الأن لا توجد أيه مشاكل فنية أو تعبوية – لم يبق سوى(5) دقائق عن الهدف وكان ندائي الوحيد بعد صمت طويل ( تشكيل حميد واحد تأكد من مفاتيح الرمي مفتوحة ، زد السرعة) كنا قد اتفقنا على هذه التفاصيل وأن تكون السرعة 900 كلم/ساعة حتى الوصول الى الهدف. لاحت في الأفق ملاجئ الطائرات أولاً ثم برج السيطرة الجوية الذي كان يرتفع عن الأرض حوالي 15-20 متر حسب تقديري له ، كنا قد اتفقنا بأن يكون نداء القصف ( الله أكبر) وبصوت عال في الحقيقة عند ذكر لفظ الجلالة خلال الطيران كان ذلك يعطي دفعاً ومعنوية عالية للطيار وتنسيه كل شئ ويصبح كتلة من النار وقطعة واحدة من الطائرة يخر كالشهاب الساقط يضئ عيون الأعداء بضوئه الساطع ويطفئ نار الغضب في قلوب الخيرين من المجاهدين في سبيل الله والوطن بعد تدمير الهدف ومنع المعتدين من التفكير في التعرض لقواتنا وأرضنا الخيرة الطيبة أرض الرسالات و النبوة ،التشكيل يقترب من قاعدة شاروخي ولم يبق سوى أقل من دقيقة لنكون في موضع الرمي الصحيح بدأت تلوح أمامنا اطلاقات مدفعية مقاومة الطائرات المذنبه الكثيفة المنتشرة حول القاعدة وصواريخ رابير ضد الجو حيث بدأت هذه الاسلحة تطلق حممها باتجاه طائراتنا ولكن بشكل عشوائي لأن التشكيل لا يزال بعيداً عن مدى الرمي وهذا احد مبادئ الدفاع الجوي التي من خلالها يهدف الى منع تنفيذ الضربة الجوية.
لاحت لنا قاعدة شاروخي بمدارجها الثلاثة المتقاطعة وطرق الدرج وملاجئ الطائرات وقد بدت لنا تختلف عما كنا قد خططنا لها ( انها أوسع بكثير من المخططات التي ارسلت لنا ضمن خطة العمليات وقد تبين لنا أن العدو قام بتوسيع القاعدة تحسباً للضربات الجوية المعادية حيث الانتشار يحقق حماية سلبية جيدة للقاعدة وطائراتها ومعداتها ) في الحقيقة لم الاحظ أية حركة في القاعدة على الاطلاق وهذا يعني أن هناك نوايا مبيتة للعدو بشن ضرباته الجوية ضد قواعدنا ومواقعنا الحيوية ولولا حفظ الباري والهامه لقيادتنا بشن الضربة قبل العدو لكان من المحتمل ان يقوم العدو بها ويدمر طائراتنا على الأرض خاصة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الكفاءة النوعية لقوته الجوية أكثر من ضعف قوتنا الجويه ( هذا كان في بداية المعركة وقد تعادلت النسبة خلال الحرب و تفوقت على القوة الجوية الايرانية بكثير في نهاية الحرب ) .

على أية حال بدأنا بمهاجمة المدارج وطرق الدرج على شكل زوج من الطائرات كل زوج عليه معالجة المدرج الرئيسي وطريق الدرج وتشكيل بعد اخر.. كان كل تشكيل يهاجم الهدف ينادي باعلى صوتهالله أكبر الله أكبر ويدخل داخل كرة النار التي تغلف القاعدة ويلقي بحممه على الهدف فيحيله ركاماً وحفراً واسعة وفي حقيقة الأمر شاهدت قنابر طائرتي وهي تسقط في الثلث الأول ووسط المدرج الرئيس وكذلك قنابر رقم ( 2 ) من تشكيل الملازم س وقد شكرني على الضربة النقيب سلام النعيمي قائد الزوج الثاني بكلامه (عاشت ايدك سيدي) وهكذا كلاً ينادي الآخر، وهكذا بالنسبة لتشكيل حميد رقم ( 2 ) و( 3 ) على التوالي ،غادرت تشكيلاتنا الهدف بسلام وشعرت بالارتياح التام وأنا في طريق العودة وارتفاعنا 20-30 متر وسرعتنا 1000 كلم/ساعة لحين مغادرتنا منطقة القاعدة والمحددة بحوالي 50كلم.

بعد الابتعاد عن القاعدة عاد التشكيل الى هدوئه واوعزت لهم بتقليل السرعة الى 800 كلم/ساعة حتى الحدود الدولية حيث استقبلنا من قبل متصدياتنا المتواجدة قرب السليمانية وناداني أحد الطيارين من السرب 47 نقيب طيار ع والذي كان في واجب الدورية ( حمداً لله على السلامة سيدي) وأجبته الله يسلمك ، ثم لاحت لنا قاعدة كركوك عن بعد وعند التحويل على الذبذبة المحلية للقاعدة ناداني الاخ آمر القاعدة من برج السيطرة الجوية.. ( بارك الله فيكم والحمد لله على السلامة) اجبته شكراً سيدي.
كانت طائرات السرب المتصدي على الأرض قبلنا لكون الواجب كان قريب نسبياً وصادف أن فقدت احدى طائرات السرب المذكور بسبب الدفاعات الجوية المكثفة في منطقة الهدف( قاعدة سنندج ) وأسرالطيار الملازم ر وعاد من الأسر في عام 1990 ، لقد استقبلنا من قبل الأخ آمر القاعدة والضباط والمهندسين بالاحضان وهم يرددون بارك الله فيكم ، أن هذه اللحظات لااستطيع وصفها بالدقة الوصفية فهي تعبر عن الاصالة والمحبة والطيبة التي يتمتع بها العراقيين في لحظات الانتصار ضد الاعداء ، اذن هذه هي الضربة الجوية الشاملة الأولى اردت أن أذكر بعض تفاصيلها لكونها تحوي على العديد من الدروس والعبر هي ذكرى اعتز بها ولا انساها أبداً ما حييت ، لقد استطعنا من خلال التعاون المشترك ما بين القاعدة والجناح والأسراب أن تقوم بتنفيذها على افضل وجه بدون مشاكل وكأننا في ضربة جوية تدريبية بالرغم من صعوبتها ، كررنا الضربة في اليوم نفسه ثلاث مرات ولكن بعدد طائرات أقل ( 4-6 ) وفي الطلعة الثالثة كان للملازم الطيار س ر ، دور في التفيذ وكله ثقة بنفسه ولما عاد مع قائد تشكيله النقيب الطيار م جاءني مهرولاً سيدي أشكرك كانت الضربة موفقة سألت النقيب م عليه قال نعم سيدي كان غاية في الدقة والامانة في التنفيذ ، بارك الله بطياري الهجوم الأرضي والمتصديات الذين اثبتوا اصالتهم أنهم أبناء بررة يذودون عن حياض الوطن غير مبالين بمنفعة شخصية سوى الدقة في التنفيذ .

Adnan.TR.0.JPG


الفريق الأول الركن الطيارالشهيد عدنان خير الله وزير الدفاع يهنئ ويستفسر عن الضربات الجوية للقاعدة لهذا اليوم ( 22 ايلول 1980)

في الساعة 2030 أتصل هاتفياً الفريق الأول الركن الطيارالشهيد عدنان خير الله بالأخ آمر القاعدة مهنئاً بسلامة تشكيلاتنا كافة ومستفسراً عن الضربات الجوية لهذا اليوم فما كان لأمر القاعدة الا أن قال لسيادته: ( سيدي لو تسمح تتكلم مع مقدم ع ، ليوضح لسيادتك ماهية هذه الضربات... )
وبعد أن حييت سيادته ، قال الحمد لله على سلامتكم والله يحفظكم ، وضحك معي بلطف مجاملاً ( يعني شلون احنا مع كلية الأركان؟ ) قلت لسيادته أولاً أنا أشكر سيادتك على الموافقة وثانياً الأركان تأتي بوجودك سيدي ونحن الأن في وضع أهم بكثير من دخولي كلية الأركان ، لو تعلم سيادتك كم أنا سعيد ومسرور وأنا أطير مع ضباطي أعلمهم سياقات الطيران في مثل هذه الظروف الدقيقة للواجبات الحقيقية التي معظمهم لم يعتاد عليها وان شاء الله تسمع دائماً اخبارنا الطيبة اجابني بارك الله فيكم وهذا ليس بغريب عليكم فأنتم الطيارون تتسمون بالدقة والحرص والانضباط العالي والتضحية في سبيل المبادئ ، سألني عن التنفيذ لهذا اليوم شرحت له التفاصيل الدقيقة كافة للواجبات وما هو دور كل طيار في الواجب واندفاعهم والتزامهم العالي في التنفيذ ، شكرني مرة أخرى وأثنى على الجهود المبذولة وكلفني بايصال تحياته الى الطيارين كافة ،
كان آمري الوحدات يسمعون هذا الحوار الذي يدور بيني وبين السيد وزير الدفاع وهم في غاية السرور والامتنان لسيادته وفي الحقيقة كان لوقع المكالمة هذه أثر بالغ في شحذ هممنا خاصة ونحن نعلم ان السيد الوزير يتابع سير عمل القوة الجوية أول بأول واستطاع بفترة قصيرة أن يقف على متطلباتها كافة بعد أن شاركنا في التدريب والواجبات القتالية وتفهم تفاصيل الاداء الدقيقة ودور وأهمية هذا السلاح الخطير اذا ما أحسن استخدامه...

ملاحظة 1 عن حوار السيد وزير الدفاع معي
كنت قد التحقت بكلية الاركان بعد حصولي على موافقة السيد وزير الدفاع ولم يمضي اسبوع وقامت الحرب مع ايران مما عدت الى قاعدتي واجلت دورة كلية الاركان لحين تحسن موقف الطيارين وقد التحقت بها ثانيتاً عام 1982 .
ملاحظة 2
في ذات الوقت ساهمت كافة قواعدنا الجوية في الضربة الجوية الشاملة الاولى وبلغ عدد الطائرات المساهمة حوالي 200 طائرة شملت اهدافها كافة القواعد الجوية الايرانية بهدف منع ايران من اشراك طائراتها ضد اهدافنا الحيوية .

عن موقع الكاردينيا
 
يوم السمتيات...

بقلم: فارس من طيران الجيش



درجت صنوف قواتنا المسلحة السابقة الاحتفال بيوم تاسيسها استذكاراً للجهود المبذولة من اجل تطوير جيشنا الباسل وهو يتقدم الى الامام يضيف حقبة جديدة لسفر تاريخه النضالي ...

ففي 27 تشرين الاول (اكتوبر) من كل عام يحتفل فرسان السمتيات ومعهم باقي صنوف قواتنا المسلحة بعيد صنف طيران الجيش الذي اطلق عليه (يوم السمتيات)،عندما كان العراق حرا مستقلا وتوقف الاحتفال بهذه المناسبة بعد الاحتلال وما بعده ، ولكن سنعيدها انشاء الله بعد اعادة السيادة الوطنية للعراق ولامجاد جيشنا الباسل ومعها كل مناسباتنا الوطنية .
من ذكرياتي بهذه المناسبة ساقدم نبذة عن التداعيات التي قادت الى ولادة صنف طيران الجيش والظروف التي قادت ان يكون صنف من صنوف الجيش العراقي الباسل مستقل عن قوتنا الجوية البطلة له كيانه وفعالياته الخاصة التي لم تكن تذكر قبل ذلك اليوم.

Shah.IR.AS.JPG


تمهيد
شهدت المرحلة بعد سقوط شاه ايران وقيام الجمهورية فيها وحتى ايلول (سبتمبر) سلسلة من الاعتداءات ضد العراق ، زادت هذه الاعتداءات يوم 4 أيلول 1980 وما رافقها من قصف مستمر للمخافر الحدودية والمدن العراقية وعلى طول الحدود العراقية الايرانية،كان العراق يحاول بالطرق الدبلوماسية والقوانين الدولية ومذكرات الاحتجاج التي بعثها الى ايران يناشدها بالكف عن هذه الاعتداءات والتدخل بالامور الداخلية للعراق ، ولكن ايران لم تمتثل لكل ذلك بل زادت تدخلاتها والمماطلة في تنفيذ بنود اتفاقية عام 1975 بترسيم الحدود بل قيامها باستخدام الاراضي العراقية التي لم تنسحب منها تنفيذا للاتفاقية المذكورة في قصف المخافر والمدن العراقية الحدودية بدلا من تسليمها الى اصحابها الشرعيين حسب الاتفاقية المذكورة .

Madfaeyaa.MD1.JPG


نتيجة لذلك فقد قررت القيادة العراقية استعادة هذه الاراضي وابعاد المدفعية الايرانية التي تقوم بقصف المدن والمخافر الحدودية العراقية منها،وبدأت القوات الوطنية العراقية بتنفيذ واجبات ازاحة المدفعية الايرانية من مواضعها داخل الاراضي العراقية وتحرير هذه المناطق من الاحتلال اعتبارا من 7 أيلول (سبتمبر) 1980وحسب الاولويات الموضوعة للتنفيذ ، وقد سبق هذه الواجبات في 4 ايلول ( سبتمبر) 1980 مباشرت طائراتنا السمتية بعمليات الاستطلاع ( وكانت لا تزال من نظام معركة القوة الجوية العراقية ) وتقديم الاسناد المباشر للقطعات المكلفة بتنفيذ واجبات الازاحة والتحرير من خلال الاسناد الناري القريب والاستطلاع ونقل القادة واخلاء الجرحى ونقل القطعات المحمولة وبقية واجبات الاسناد المختلفة.

نبذة عن تدريب وعمل سلاح السمتيات قبل الحرب
دخلت الطائرات السمتية ألخدمة في القوة الجوية العراقية منذ خمسينيات القرن الماضي ولم تشهد تطور في النوع والاستخدام الا خلال السبعينيات بعد تنوع مصادر التسليح ودخول الطائرات الفرنسية الخفيفة المقاتلة للدروع ( الويت 3 و الغزال) والشرقية مي4 ومي 6 العملاقة و(مي 8 المخصصة لنقل القطعات ومزودة بصواريخ حرة .) ،شاركت طائرة الالويت 3 المسلحة بالمدفع الجانبي 20 ملم وطائرات مي8 في حركات الشمال وبشكل مؤثر منذ عام 1974 وصاعدا ..
لم يجري التدريب على استخدام الصواريخ المضادة للدروع والمنعات المجهزة بها طائرة الالويت 3 لاستمرار مشاركة منتسبي السرب باحداث الشمال ولكن جرى تدريب عدد قليل من الطيارين على استخدام منظومة اطلاق الصواريخ قبل الحرب بمدة قليلة ، اما طائرات الغزال التي تسلحت بها القوة الجوية في الثلث الاخير من عام 1976 فقد استمر اعداد الطيارين لقيادتها وتم تشكيل سربين هما السرب 31 و88 و جرى تدريب الطيارين على استخدام منظومة الرمي للصواريخ الموجهة ضد الدروع الثابتة ثم الاهداف المتحركة( وخلال التدريب على الاهداف المتحركة اصطدمت طائرتين مما ادى الى تحطمهما واستشهاد الطيارين والمدربين ومن ضمنهم آمر السرب 31 الشهيد الرائد الطيار ثامر صالح درويش وكل من الشهداء الطيارين الملازم الاول الطيار خلف العيثاوي والملازم الاول الطيار نجم عبدالله والملازم الاول الطيار عدنان دعدوش والملازم الطيار خلف قبل الحرب بشهرين )..

MI.25.JPG


وفي نهاية السبعينيات تم تسليح القوة الجوية بطائرات مي 25 الشرقية وهي طائرات متقدمة تملك تدريع ضد الاسلحة المعادية وتحمل صواريخ مضادة للدروع ومدفع امامي (عيار12,7 ملم...) وباربعة سبطانات ومنظومة صوارخ حرة مضادة للاشخاص وذات مناورة جيدة (وبذلك تكون طائرة قتال رئيسة وذات فعالية كبيرة ) تم تهيئة كوادرها للعمل القتالي من طيارين وفنيين قبل بداية الحرب بمدة قصيرة داخل وخارج القطر,جرى التركيز على تدريب الطيارين لقيادة الطائرات واستخدام الاسلحة المتنوعة فيها وتم الوصول الى مهارة جيدة في هذا المجال وبشكل عملي من خلال التدريب وتنفيذ الواجبات (وكانت بحق السلاح الرئيسي للسمتيات طيلة مدة القتال ) . وتم تشكيل سربين تم تسليحهما بطائرات مي25 هما سرب 61 وسرب 66.
اما طائرات النقل فواجباتها كانت طبيعية من خلال عملهم بنقل القطعات والانزالات بانواعها.
اما اساليب القتال واالتعاون مع القطعات الارضية واسلوب استخدام التشكيلات القتالية في تقديم الاسناد ( التعبئة ) فلم يجري التدريب عليها او القيام بالتدريبات المشتركة قبل بداية الحرب لعدم وجودها اصلا في مناهج التدريب للقوات البرية او القوة الجوية وهذا تقصير كبير من مسؤولي التدريب دفعنا ثمنه باهضا في بداية الحرب ،وقد يعني هذا اننا دخلنا الحرب دون اية لغة او تدريب مشترك مع القطعات الارضية ( يستثنى من ذلك العمل مع القوات الخاصة والمغاوير في عمليات الانزالات والاسناد ) تم التعاون معهم خلال العمل المشترك في الشمال وادت الى لغة تفاهم وصداقات شخصية بين منتسبي هذه القطعات والطيارين ، فلا تمييز لقواتنا المدرعة او الالية ولا كيفية تقديم الاسناد ، وكذلك الحال للقطعات الارضية من حيث كيفية الاستخدام الامثل لسلاح السمتيات والتمييز ، مما ادى الى حدوث مشاكل عديدة وعدم فهم القطعات الارضية لامكانيات السمتيات وطبيعة عملها وادى ذلك لاسقاط واصابة عدد من طائراتنا من قبل القطعات الارضية .

Alout.3.JPG


اعتادت الفرق العاملة في الشمال وقبل بدأ الحرب مع ايران بان تعتمد على الطائرات المسلحة ( الالويت 3 ) السرب 30 بحسم المعارك نتيجة لاندفاع واخلاص الطيارين في تنفيذ الواجبات المكلفين بها وتجاوزهم احياناً على التعليمات او المناطق المخصصة لتنفيذ الواجب بقدر عالي من الشعور بالمسؤلية وبذلك كانت الفرق العاملة تحصل على النتائج النهائية ويتم تجييرها لفعاليات فرقهم وتكون ضمن مواقفهم اليومية لانجازاتهم،وقد تعرض طياروا السرب 30 للمحاسبة والتعنيف بسبب كثرة اصابة الطائرات بالاسلحة المعادية وشكوى الهندسة الجوية من ادامة المواد الاحتياطية لتعويض الاصابات وكلفتها العالية , مما ادى الى اصدار الاوامر للطيارين بعدم الطيران الواطيء والتحليق خارج مديات الاسلحة الخفيفة المعادية .. نفذنا هذه الاوامر رغم عدم قناعتنا بها, وخلال تنفيذنا لهذا الامر لم تحدث اية فعاليات ايجابية نتيجة عدم تمييزنا للاهاداف وكذلك اصيبت عدد من طائرات الانزال ( مي 8 ) بالاسلحة المعادية بسبب عدم الاسناد خلال الهبوط في مناطق الواجبات مما اجبر القيادة على الغاء الامر السابق ومنحنا حرية العمل .. وهذا الحال لم يكن يشمل الفرق المدرعة او الالية لعدم مشاركتها في تلك الفعاليات.

Alqadesyaa.2.JPG


بدأ الحرب وفعاليات السمتيات
مع بدآ القتال منذ يوم 4 أيلول شاركت طائراتنا السمتية في تقديم الاسناد للقطعات من خلال تقديم الاسناد الناري المباشروالاستطلاع من قبل طائرات الغزال ومي25 وبشكل مكثف وكذلك عمليات نقل القطعات بواسطة طائرات مي8 ومي 6 الضخمة ، وكان اول واجب قتالي تكلف بها السمتيات يوم 7/9/1980 حيث تم تكليفهم بواجب البحث عن المدفعية المعادية التي تقصف مدننا الحدودية في العمق الايراني دون اية احداثيات او دلالة وهذه من الواجبات الغير معقولة ، ونتيجة مثل هذه الواجبات تم اصابة عدد من طائراتنا من قبل القوات المعادية وقطعاتنا الارضية وخصوصا عند عودتها من عمق الاراضي المعادية لاعتقادهم بانها طائرات ايرانية ( بسبب عدم التمييز وعدم التدريب المشترك المسبق ) ،اول الشهداء من طياري السمتيات النقيب الطيار محمد عبيد من السرب 31 غزال بتاريخ 11 ايلول 1980 اثناء تنفيذ واجب الاسناد في منطقة سيف سعد حيث اصيب اصابة مباشرة اسفل البطن وتمكن الطيار الثاني من الهبوط بالطائرة وتحطمها اثناء الهبوط نتيجة الاصابة المباشرة وتم نقلهما بواسطة عجلة مدرعة لعدم تمكن الطائرة الثانية وطائرة الانقاذ من النزول لشدة الرمي واستشهد النقيب محمد عبيد خلال نقله بعد ان نزف بشدة ،كذلك طائرة مي8 بقيادة الملازم الاول الطيارصباح جسام والملازم الطيار محمود شكر ونائب ضابط براد جوي اسقطت بتاريخ 23 أيلول 1980 ،استشهد فيها معهم الشهيد العميد الركن عدنان شريف رئيس اركان الفرقة الثانية وضباط ركنه وطائرة مي 25 بقيادة الشهيد النقيب الطيار جميل عبد دروبش والملازم الاول الطيار فائز عزاوي بتاريخ 12 تشرين اول 1980 في قاطع سربيل زهاب وطائرات أخرى جميعها اصيبت بنيران قطعاتنا الارضية للسبب الذي ذكرته آنفاً .
وبعد استقرار المواضع الدفاعية بعمق الاراضي الايرانية كان يتم تكليف الطائرات السمتية من قبل فرق المشاة وبنفس الاساليب القتالية في معارك شمال العراق ،بمهاجمة المواضع المعادية ويأملون بحصد النتائج كما كان يحدث في معارك الشمال مما ادى الى وقوع حوادث للطائرات وتحطمها واستشهاد عدد من الطيارين لواجبات غير ضرورية ويمكن الحصول عليها يواسطة اسلحة ومدفعية القطعات الارضية،وكذلك حصول عدد من المشاكل مع القادة بسبب سوء الاستخدام،فعند تحطم الطائرة او استشهاد طاقمها لا تكون الخسائر نتيجةً الاستخدام الغير مقبول من الفرقة التي طلبت تنفيذ الواجب ،وعلى العكس من ذلك عندما تأتي الطائرات بنتائج جيدة يكون عمل تعرضي جيد للفرقة والخسائر تتحملها القوة الجوية،وكذلك الحال في تقارير المهمة التي تقوم بها السمتيات اذا كتبت في مقر الفرقة او الفيلق فتحسب للفرقة او الفيلق واذا كتبت في القاعدة الجوية فتحسب لفعاليات القوة الجوية ، ولا يتم ذكر اية فعالية لسلاح السمتيات ، وعليه فلا توجد اية فعاليات تذكر لها.

AB.uday.EJMM.JPG


اجتماع السيد رئيس الجمهورية مع مقاتلي السمتيات
خلال هذه العمليات حصلت حادثتين مهمتين اولهما في قاطع الفيلق الثاني وكما ياتي ، بتاريخ 19 /10/1980 كلفت طائرتي غزال بواجب التعرض على اهداف معادية في منطقة (كوهينة )،ولعدم الدقة في تمييز المواضع المعادية تم اصابة مراصد عائدة للفرقة الرابعة ادى الى استشهاد ضابط واصابة اثنين من المراتب ثم تم تبديل المفرزة وعادت الى السرب دون تنفيذ واجب آخر ، علما بان الهدف كان ضمن مدى اسلحة الاسناد الارضية ولا داعي لاستخام الطائرات السمية لمعالجتها.
والحادثة الثانية حصلت في قاطع الفيلق الثالث وايضا يوم 19/10/1980 حيث كلفت طائرتي غزال بواجب مهاجمة وتدمير القطار المتجه من الاحواز الى عبادان بقيادة الرائد الطيار (هـ ا ت ) والنقيب الطيار الشهيد نجيب يوسف منصور (استشهد عام 1982في الشوش الفرقة 3 ،وبعد توغلهم بالعمق الايراني وعبورهم نهر الكارون تتبعوا سكة القطار لم يعثروا على القطار وعادوا دون تنفيذ الواجب وعند الايجاز في حركات الفيلق انبرى احد ملاحي القوة الجوية ( المستشار الجوي للفيلق )لتحميل الطيارين مسؤولية فشل المهمة وذلك لسوء الملاحة والتوقيت وكان حاضرا الايجاز العقيد الطيار قوات خاصة محمد عبدالله الشهواني (مستشار وزير الدفاع ) الذي قال للملاح انت ملاح وكان عليك مرافقتهم بهذا الواجب الذي هو بالاساس خطأ في تكليف الطائرات السمتية بهذا الواجب وانما هو من واجبات طائرات الاسناد الارضي لطائرات القوة الجوية التي انت ممثلها في الفيلق ، والغي الواجب وعادت الطائرتين الى السرب،وتم عرض الحادثتين على القائد العام للقوات المسلحة رئيس الجمهورية مع بعض التقارير بخصوص عمل السمتيات ودورها خلال المعارك .وحينها لم يكون هناك مستشار او ضابط ركن يمثل السمتيات في مقرات الفيالق وكان مستشار القوة الجوية هو من يقرر تنفيذ الواجبات التي تكلف بها السمتيات مع العلم بان المستشار لا يستطيع مناقشة الواجب لعدم المامه بواجبات السمتيات لعدم وجود سياقات لعملها .
والحق يقال كان لمستشاري وزير الدفاع الشهيد العقيد الطيار الركن دروع سمير احمد ايوب والعقيد الطيار قوات خاصة محمد عبدالله منذ يوم 4 ايلول ( سبتمبر) دورا فعالا ومميزاً في اسناد طياري السمتيات معنوياً وقتالياُ من خلال المشاركة الفعالة معهم في عمليات الاستطلاع والتعرض على الاهداف المعادية ،بالاضافة الى حمايتهم من المشاكل التي جابهتهم في بداية الحرب نتيجة لعدم الالمام بمهام هذا السلاح الجديد وتحديداته وطبيعة عمله.
يوم 22 تشرين الاول ( اكتوبر) 1980 استدعى رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة نخبة من امري اسراب ومقاتلي سلاح السمتيات لاجتماع يبحث امور مهمة لسير فعاليات السمتيات في المعركة .استهل الاجتماع رئيس الجمهورية بالترحيب بالمقاتلين قبل ان يبدأ بتعنيفهم غاضبا من ادائهم في المعارك قائلا لهم اين انتم من الدفاع عن العراق؟؟وما هو دوركم وماذا ستقولون لاولادكم مستقبلا عن دوركم في هذه الحرب المصيرية ؟، وكان واضحاً من طرحه ان الصورة التي قدمت له لا تنصف فعاليات السمتيات والدور الكبير والتضحيات التي قدمت لحد ذلك اليوم ! ،عندها انبرى الشهيد البطل المقدم الطيار قاسم عاتي عذار آمر السرب 61 مي25 ((استشهد بتاريخ تشرين الثاني( نوفمبر) 1980 في قاطع الكارون (السليمانية ) ، وقدم شرح مفصل عن دور السمتيات والصعوبات التي تجابه الطيارين وان سبب عدم ذكر فعاليات السمتيات هو ان نتائج فعالياتهم تكون اما ضمن فعاليات الفيالق اذا تم تدوين تقارير المهمات في مقر الفيلق او تكون ضمن فعاليات القواعد الجوية اذا دونت تقارير المهمات في القواعد الجوية ، واما التضحيات فلا احد يذكرها في الخسائر لكون الفيالق لا تذكرها لكون الطائرات ساندة وعائديتها للقوة الجوية وكذلك القوة الجوية لا تذكرها لكون اوامر التنفيذ تكون من الفيالق وبذلك تكون ضمن خسائر الفيلق ، وبذلك فقد تم اغفال دور سلاحنا وفعالياتنا تحسب للاخرين دون ذكر لدور السمتيات ، وبعد نقاش وسماع القائد العام للتفاصيل تفهم الحالة وانتهى الاجتماع وعاد الطيارين الى اسرابهم...

Helekopter.T.J.JPG


يوم 23 تشرين الاول (اكتوبر) 01980 صدرت توجيهات من القيادة العامة للقوات المسلحة وعلى ضوء اجتماع القائد العام مع مقاتلي السمتيات و كما يلي:
1- تمييز دور طيران الجيش في بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة.
2- تمثيل طيران الجيش في المقرات البرية من خلال المستشارين الجويين ( ضابط ركن من طيران الجيش ).
3- تعيين يوم خاص لطيران الجيش اسوة بيوم القوة الجوية والقوة البحرية .والقيام بفعالية مميزة لطيران الجيش في هذا اليوم.
4- التخطيط لاستخدام الجهد السمتي المخصص بصورة مشتركة (طيران الجيش والقطعات الارضية ) وتكون السيطرة عليه بصورة مركزية من اعلى مستوى بمقر الفيلق وبالتشاور مع امر جناح الطيران ذو العلاقة بمنطقة المسؤولية.

Alouweet.2.JPG


الاعداد والتنفيذ ليوم السمتيات
تم وضع خطة مشتركة من قبل هيئات الركن للعمليات البرية وطيران الجيش لاستثمار الجهد السمتي المسلح وبشكل مركزي ضد اهداف معادية تم انتخابها بعمق مناسب لعمل السمتيات وحسب اهميتها وعلى امتداد الجبهة من سربيل زهاب والى عبادان ، تم تهيئة الطائرات وتنويع حمولاتها وحسب الاهداف المطلوب تدميرها وقواطع عملها الذي يشمل قاطعي الفيلقين الثاني والثالث وكما يلي :
1- تقسيم منطقة العمليات الى خمسة قواطع لاجل تغطية الجبهة باكملها بالفعالية والقواطع هي :
اولا . القاطع رقم /1 سربيل زهاب – سومار.
ثانيا . القاطع رقم /2 سيف سعد - مهران .
ثالثا . القاطع رقم /3 ديزفول.
رابعا . القاطع رقم /4 الخفاجية -الاحواز .
خامسا . القاطع رقم /5 المحمرة - عبادان
2- تم اختيار يوم 27 تشرين اول( اكتوبر) 1980 لتنفيذ العملية وانيط بمقر مديرية طيران الجيش تعيين توقيتات الضربة واتخاذ الاجراءات التالية:
اولا . تعيين المستشارين وهيئات الركن الجوية في قواطع العمليات للاشراف والمتابعة والتنسيق وتقديم المعلومات وايجاز الطوائف الجوية المنفذة .
ثانيا . تهيئة مهابط وشقق النزول في (المنصورية , خانقين , بدرة , مندلي , الميمونة ) ومطاري البصرة والشعيبة لاستقبال الطائرات وادامتها وتسليحها والامور الفنية الاخرى .
ثالثا . القرار على تخصيص الجهد السمتي كل حسب قاطعه بالتنسيق مع المقرات البرية المعنية.
رابعا. تم اتخاذ تدابير الحماية للعمليات والتنسيق مع القوة الجوية لتأمين المظلات الجوية اللازمة وعلى القاطعين لمنع تدخل القوة الجوية المعادية. وتهيئة طائرات الانقاذ ( مي8 ) ترافق الطائرات المنفذة للحالات الاضطرارية.
خامسا . تم تعيين الساعة 1200 من يوم 27 تشرين اول 1980 لتكون ساعة (س) (1) في فتح النار على الاهداف المعادية وعلى طول الجبهة , وتراعى توقيتات الاقلاع للتشكيلات وحسب المسافة بين نقطة الاقلاع والهدف بغية تنسيق الوصول الى الاهداف في توقيت واحد.
سادساً . تم تأمين المواصلات السلكية واللاسلكية وفتح المجسات الجوية لتأمين الاتصال مع القطعات الارضية في قواطع العمليات.

Samtiaa.09.JPG


ساخص بالذكر فعاليات سربنا سرب 30 الويت 3 في هذا اليوم ومن خلال الفعاليات لجميع الاسراب:

بعد ان تمتعت باول اجازة منذ بدأ الاحداث ولمدة 4 ايام التحقت بالسرب يوم 24/10/1980 في كركوك ، كلفت يوم 26 منه بواجب من طائرتين واحدة مسلحة بصواريخ (AS12 ) المضادة للدروع والمنعات بقيادة قائد التشكيل الرائد الطيار الشهيد وليد عبد المجيد((استشهد في تشرين ثاني( نوفمبر) 1983 في قاطع بنجوين )) وطائرتي المسلحة بمدفع رشاش 20 ملم لتعزيز مفرزة السرب المكونة من طائرتين مسلحة بالصواريخ متواجدة في المنصورية مع بقية مفارز الاسراب هناك. وكذلك تكليف 4طائرات بتشكيلين والتوجه الى قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية مسلحة بالصواريخ ، وبعد الموافقات الاصولية اقلعنا باتجاه الواجب في طريقنا الى مقر الفيلق الثاني في المنصورية. وكذلك اقلعت الطائرات الاربع في طريقها الى قاعدة الوحدة الجوية .وفي خلال الرحلة وبعد تجاوزنا سلسلة حمرين حصلت غارة جوية معادية وابلغنا قاطع الدفاع الجوي بالهبوط فورا تفاديا للطائرات المعادية ولكون اسلحة ضد الجو تكون حرة في حالة وجود خرق معادي ، هبطنا على الارض وواصلنا الرحلة بعد انتهاء الغارة واثناء الطيران كان امامنا ابراج لنقل الطاقة الكهربائية (الضغط العالي ) وكان طيراننا واطيء وطريقة اجتياز خطوط الضغط العالي تكون باجتيازها من فوق البرج لوجود سلك معدني لا يرى ويكون غير منحني يربط بين الابراج ولكني وبخطأ كبير حاولت اجتيازها من بين البرجين لاتفاجأ وبمسافة قريبة جدا باني امام هذا السلك وبمناورة حادة وبتجاوز جميع المحدوديات ارتفعت ونجوت من الاصطدام بالسلك وباعجوبة كون اصطدامي به يؤدي الى سقوط الطائرة ، وكان هذا خطأ رغم اني انبه التلاميذ على الاسلوب الصحيح في اجتياز خطوط الضغط العالي ، وصلنا الى المنصورية والتحقنا بمفارز السمتيات المتواجدة اصلا والتعزيزات التي وصلت الى مقر الفيلق الثاني ، استقبلنا في المطار المرحوم العقيد الطيار المرحوم (كاكة )فريدون عارف مرحبا بنا وبطريقته المميزة بالمحبة والابوة والخلق العالي ممثلا لطيران الجيش المكلف بالتنسيق للضربة الجوية ، وبعد تكامل الطائرات اجتمع بنا وابلغنا بان واجبنا هو القيام بضربة جوية بجميع الطائرات المتواجدة ظهر يوم غد وستكون الضربة متزامنة مع غارات في جميع القواطع وبنفس التوقيت ومفاجأة العدو بهذه الضربة الكبيرة والعملية بأمر القيادة العامة للقوات المسلحة. وستوزع الواجبات على التشكيلات يوم غد قبل التنفيذ. وكان لتواجد المقدم الطيار البطل الشهيد قاسم عاتي عذار آمر السرب 61 مي25 معنا عاملا كبيرا في رفع المعنويات لجميع الطيارين فقد كان قدوة لنا ومن خلال تنفيذه للواجبات وضع اللبنة الاولى (لتعبئة السمتيات ).وبشكل عملي لعدم وجود تعبئة لعمل السمتيات قبل الحرب.

قبل ظهر يوم 27 /10/1980 تم توزيع الواجبات على التشكيلات لتشمل الجبهة من سربيل زهاب الى سومار وبتشكيلات من طائرات مي 25 وغزال والويت 3 و طائرتي مي8 مسلحة بالصواريخ الحرة مخصصة للانقاذ وكانت طائرتي مسلحة بمدفع رشاش 20 ملم وبذلك كنت في حالة الحماية والمراقبة, ومعالجة مشاة العدو في حالة وجود متسللين يمكن ان يكونوا مؤثرين على طائراتنا ، وبعد حساب التوقيتات للوصول الى الاهداف في نفس الوقت المحدد وبالتزامن مع بقية القواطع لتنسيق الضربات بتوقيت واحد تم اقلاع التشكيلات وبالتسلسل وحسب المسافة الابعد ثم الاقرب ، اقلعت وبتشكيلين من طائرتي مي25 وطائرتين الويت3 باتجاه قطعات العدو في منطقة كيلان غرب ، وبصمت لاسلكي تم التوجه والوصول الى الاهداف المحددة وفتحت النيران من جميع الطائرات اولا الصواريخ الحرة ثم معالجة الاهداف المدرعة والالية بواسطة الصواريخ الموجهة ، وفي ذات التوقيت فتحت نيران السمتيات على امتداد الجبهة وبضربة واحدة من سربيل زهاب الى عبادان وكانت مفاجأة كبيرة اذهلت العدو وكبدته خسائر فادحة جعلته يفقد توازنه بانتظار ما بعد هذه الضربة ، خلال التعرض للعدو اصيب النقيب الطيار (س ف ج ) من السرب 30 الويت 3باطلاقة معادية في منطقة البطن رغم ارتدائه للدرع الواقي وقاد الطائرة الطيار الثاني الى منطقة آمنه حيث هبط بالطائرة لينقله الى طائرة الانقاذ مي8 لتوفر معدات الاسعاف والعناية خلال نقله الى المستشفى وقام قائد طائرة ال مي8 الطيار الشهم الرائد الطيار (ح ميك ) بنقله مباشرة الى مستشفى الرشيد العسكري ونادى قاطع الدفاع الجوي بانه يحمل شخصية مهمة جدا جريح واخبار المستشفى باتخاذ الاجراءات في منطقة نزول الطائرات في المستشفى وعند اقترابه من بغداد أمن الاتصال مع المستشفى وطلب منهم الاسراع باتخاذ الاجراءات اللازمة لاسعاف الجريح وان حالته خطرة جدا ونزف الكثير من الدم خلال عملية نقله الى المستشفى ، وفعلا تمت الاجراءات اللازمة وتم انقاذ الطيار ، ليتشافى من اصابته ويواصل القتال وشاركني في واجب معركة البسيتين التي عرضتها في مقال سابق ، وهكذا كانت شهامة وتفاني طيار المي8 سببا في انقاذ رفيق سلاحه وهو نفس الطيار الذي تحدى الاحوال الجوية السيئة واوصل مواد مهمة من مطار البصرة الى ام قصر والذي جاء ذكره في معركة الفاو ، وعادت التشكيلات الى المنصورية ليستقبلنا كاكة فريدون بالاحضان مهنئا بالسلامة وفي ذات اليوم عادت الطائرات الى قواعدها وبقيت المفارز الاصلية في المنصورية ووصلنا كركوك قبل حلول الظلام.

Alsamtia.M8.JPG



اما طائرات سربنا في قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية فقد كلفت مع بقية الطائرات بواجب مهاجمة اهداف العدو في عبادان بتشكيلين من 4 طائرات وخلال الطيران الواطيء لتفادي رادارات العدو للوصول الى شط العرب صادفتهم خطوط الضغط العالي فقام قائد التشكيل الاول بالمرور من تحت اسلاك الضغط العالي وعند تقرب الطائرة الثانية تردد بين المرور من تحت الاسلاك او من فوقها وفي اخر لحظة قرر المرور من فوق الاسلاك ولم تسعفه المسافة المتبقية للتسلق مما ادى الى اصطدامه بالسلك الرفيع الذي يربط بين الاعمدة ولا يرى الا من مسافة قريبة مما ادى الى سقوط الطائرة وتحطمها ونجاة طاقمها باعجوبة وتم اخلائهم بطائرة مي8 المرافقة للتشكيلات ، واستمرت بقية الطائرات بطريق الرحلة والوصول الى اهدافها في عبادان وتم التعرض للعدو وبذات الاسلوب والتوقيت في بقية القواطع وبشكل دقيق وعادت بقية الطائرات الى قاعدة الوحدة بسلام بعد تنفيذها للواجب وتكبيد العدو خسائر فادحة ، وفي اليوم التالي عادت التعزيزات الى قواعدها.

صدر البيان رقم 107 الخاص بهذه العملية مساء يوم 27 تشرين اول 1980 اجمل خسائر العدو نتيجة هذه الغارات بما يلي:
تدمير 27 دبابة
تدمير 7 ناقلات اشخاص مدرعة
تدمير 6 مدافع مختلفة العيار
تدمير محطة رادار
تدمير 4 خزانات نفط
تدمير مقر قيادة واحد

وبعد ذلك اليوم تم الاهتمام بهذا الصنف الفتي ودعمه من قبل القيادة وتعزيزه بانواع جديدة من الطائرات مختلفة المهام من عدة مناشيء شرقية وغربية واستمرار رفد الاسراب بالطيارين والاهتمام بتدريب الطيارين الاقدمين من خلال دخولهم للدورات المختلفة داخل وخارج القطر لحين وصول الصنف الى مستوى متقدم بالطيران وتنفيذ المهمات القتالية ليلا ونهارا،وقد استخدم هذا السلاح بشكل مكثف في اول حرب يستخدم بها سلاح السمتيات في اسناد القطعات الارضية وبادوار مختلفة, وبرز دوره وشجاعة وكفاءة الاداء في عمليات بطولية مثل الانزال الرأسي على العدو مباشرة في ملحمتي جبلي كردمند وميمك والانزالات خلف خطوط العدو والاسناد المباشر واستخدام النواظير الليلية والطائرات المسيرة (الدرونز ) ومنظومات توجيه المدفعية وغيرها مما سيرد ذكرهافي مقالات لاحقة ان شاء الله تعالى...وهذه بداية تشكيل صنف فتي تطور تطورا كبيرا خلال المعارك ووصل الى درجة جيدة من الخبرة .

(1 ) تعني ساعة س بداية التعرض الجوي


عن موقع الكاردينيا
 
ذكريات من معارك الشرف...


بقلم: فارس من طيران الجيش



تمهيد

حاولت الكتابة بالاسلوب العسكري الذي نصحني به اللواء فوزي البرزنجي في تعليقه على مقالي السابق (يوم السمتيات)،ورغم محاولتي التدوين بهذا الاسلوب لكني فشلت وفكرت بالاستعانة باحد الاخوة ضباط الركن من القوات البرية كي يظهر المقال بالاسلوب المهني العسكري لكني لم اتقبله كونه بدى لي وكانه لم يكتب بشكل عفوي كما هي طريقتي في ما ادلو به دون الدخول في المصطلحات واساليب الكتابات العسكرية ،اسلوبي في التدوين نابع من احساسي وذكرياتي بدون تزويق ورتوش،لذلك ارجو المعذرة من اخي اللواء فوزي البرزنجي وساكمل ما بدأت به وبنفس الاسلوب وحسب تسلسله التاريخي

Hele.KOP.3.JPG


نتائج فعاليات يوم السمتيات
انتهت فعاليات يوم السمتيات وبكل ما رافقها من تداعيات وفخر بما تم انجازه وعادت الطائرات الى اماكن تواجد اسرابها مساء يوم 27/10/1980 ، وبقيت المفارز المخصصة الى الفيالق في اماكن تواجدها وتم ارسال مستشاري السمتيات من الضباط الاقدمين في مديرية طيران الجيش الى مقرات الفيالق وبشكل دوري ولفترة محدودة (حدث هذا قبل ان يتم اضافة ضابط ركن حركات لطيران الجيش الى نظام معركة الفيلق) رغم قلة فعالياتهم لعدم وجود تعبئة واضحة لاستخدم السمتيات لدى قواتنا البرية وعدم تعايش الطيارين بشكل جيد مع مقرات الفيالق بسبب التبدلات المستمرة للمستشارين الجويين دورياً وقبل تمكنهم معايشة ضباط ركن الفيلق وادامة المعلومات فيما بينهم .
ولكن رغم ذلك كان هناك تغيير ملموس في اساليب مناقشة الواجبات قبل الموافقة على تنفيذها لكنه لم يصل الى المستوى المطلوب الذي نطمح ان يكون سببه عدم المام الجميع بطبيعة استخدام هذا السلاح الجديد ( السمتيات ) كما اشرت،ولكن كان لنا سندين مهمين كما اسلفت في المقال السابق وهما مستشاري وزير الدفاع الشهيد العميد الركن سمير احمد ايوب الذي تسلم منصب (مدير طيران الجيش ) لفترة قصيرة قبل ان يستشهد في حادثة طيران في مطار التاجي والعميد الطيار قوات خاصة محمد عبدالله الذي تسلم منصب مدير حركات طيران الجيش وبعض من ضباط ركن الفيالق وقادة الفرق الذين عملنا وتعايشنا معهم أثناء حركات الشمال 1974- 1975 ونمت صداقات شخصية بيننا،ومع ذلك فقد كنا نرجو قادة الفيالق لتكليفنا بالواجبات القتالية عندما تمر ايام دون القيام بمهمات تعرضية على العدو .
استمريت بتنفيذ الواجبات التي كلفت بها في قاطع الفيلق الاول انطلاقا من مقر جناح طيران الجيش الاول في كركوك من مطار K1 ، في مناطق ميدان وسر قلعة وقلعة دزة وغيرها على الحدود مع ايران.

العودة الى معسكر المنصورية وواجب على سربيل زهاب
في 7 تشرين ثاني( نوفمبر) 1980 تم تكليفي بتبديل المفرزة المتواجدة في الفيلق الثاني (معسكر المنصورية ) ووصلتها مساء نفس اليوم مع الطيار الثاني وتم تبديل طاقم طائرة واحدة (المفرزة مكونة من طائرتين ب4طيارين مسلحة بصواريخ AS12 )،ويكون تبديل طاقم طائرة واحدة وتتداخل مع الطاقم الثاني لكون الطاقم السابق قد نفذ عدد من الواجبات وعليه يكون على اطلاع ومعرفة في قواطع العمليات مما يسهل مهمة التشكيلات عند تنفيذ الواجبات ,وهكذا يتم تبديل المفارز.

Hele.K.ISS.JPG



صباح يوم 10 منه تم تكليفنا بالتوجه الى مقر الفرقة الثامنة ومقرها في (مخفر مجيد قادر اغا ) شمال خانقين،اقلعنا طائرتي الويت 3 بصواريخها الى المخفر لتلقي الايجاز بالواجب ، كان الواجب التعرض على تجمع لدبابات العدو مقابل حجابات احد افواج الفرقة في منطقة (سربيل زهاب )،بعد الايجاز وتاشير الخريطة وتثبيت الاهداف عليها ودراستها جيداً (وهي عبارة عن منطقة قريبة جدا من اول واجب كلفت به واصابت مقاوماتنا الارضية طائرة قائد التشكيل الشهيد النقيب جميل عبد درويش مما ادى الى تحطم الطائرة واستشهاد طاقمها كما جاء في مقال سابق ) .
وصلنا الى منطقة الواجب وتم رصد الدبابات المعادية وهي مكشوفة خارج الملاجيء وبذلك تكون هدف سهل جدا لنا ، تقربت الى المدى المناسب وكما اخبرني الطيار الثاني (وهو الذي يطلق الصاروخ ويسيطر عليه بواسطة المسددة وعصى السيطرة على سلك الصاروخ الرابط بين حمالة الصاروخ والصاروخ نفسه لحين اصابته الهدف ) فكان جاهزللرمي واخبرني بانه سيطلق الصاروخ ، وفجأة اهتزت الطائرة بشدة ترافق مع سماع صوت انفجار شديد في الطائرة لحظة انطلاق الصاروخ مما جعلني استدير بالطائرة بشدة لكون ارتفاعي كان قليلا فوق سطح الارض ولا يمكنني المناورة بالارتفاع ليسقط الصاروخ امام الطائرة بمسافة قريبة دون ان يجتاز مسافة الامان لينفجر لذلك سقط على الارض دون ان ينفجر،وهنا صرخ الطيار الثاني ( الرامي ) وهو النقيب الطيار (ي ن ع ) بعد ان قطع السلك المسيطر على الصاروخ ماذا فعلت ؟ اجبته لقد اصيبت الطائرة ولكنه ، قال هذا صوت انطلاق الصاروخ والاهتزاز هو بسبب التغيير في مركز الثقل بعد انطلاق الصاروخ واختلال الوزن بين جانبي الطائرة ولم تصاب الطائرة،وبذلك فقدنا الصاروخ ، وهو الصاروخ الاول الذي اطلقه ولم يسبق لي ان اطلقت صاروخ سابقا بالتدريب او خلال معركة،وهذا ما اخبرت به الطيار الثاني (وكان عليه ان ينبهني على ذلك ،وكان علي السؤال حول رد فعل انطلاق الصاروخ قبل تنفيذ الواجب)
هنا تنبه العدو لوجودنا فتحركت دباباته الى الملاجيء قبل تمكن الطائرة الثانية من الدخول الى منطقة الرمي وابتدأت المضادات المعادية تتوجه نحو طائراتنا باطلاق قنابر الانفلاق الجوي وبقية الاسلحة رافقها القصف بالهاونات على المنطقة وبشكل كثيف مما اثر على قطعاتنا الارضية المتواجدة،الطائرة الثانية لم تستطع معالجة الاهداف بسبب كثافة الرمي المعادي كما لم استطيع الدخول بطائرتي منطقة الرمي لاطلاق الصاروخ الثاني .
كاجراء احترازي قمنا بالمناورة وتغيير منطقة التقرب للاهداف وحاولنا الدخول لها من زوايا اخرى رغم الحاح عامل اللاسلكي (المجس الجوي) بان نغادر المنطقة لانهم يتعرضون الى قصف شديد بسببنا ولكننا اصرينا على رمي الاهداف رغم شدة القصف ، وبعد عدة محاولات اخبرنا المجس الجوي بان نغادر المنطقة وبامر قائد الفرقة والتوجه الى مخفر مجيد قادر اغا (مقر الفرقة ) ، وكان موقفاً محرجاً جدا لي فهذا اول صاروخ اطلقه ويفشل بسبب الجهل باستخدامه ادى ذلك الى فشل اصابة اهداف (دبابات ) مكشوفة وسهلة المنال وكاننا في ميدان الرمي.
هبطنا في مهبط مخفر مجيد آغا وتوجهنا الى غرفة الحركات لنجد قائد الفرقة المرحوم العميد الركن عبد الرحيم طه الاحمد التكريتي ، وهو يعرفني شخصيا من خلال عملي باسناد قطعات فرقته في حركات الشمال، ورحب بنا وقال لي ما بالك على غير طبيعتك وزعلان ، فشرحت له الموقف ، وبَسّط لنا الحادث وقال لاتهتم فغيرها كثير، تعالوا معي الى غرفتي لنجده قد اوعز بعمل انواع المشويات وقدمها لنا وشاركنا في الفطور وهو يهون علينا الامر ، وبعدها ودعنا قائد الفرقة لنعود الى مقر الفيلق ، كان هذا اول واجب اطلق فيه الصواريخ وكان درس جيد تعلمت به طريقة انطلاق الصواريخ وكان من المفروض ان نعلم كيفية عمل هذه المنظومات قبل دخول الحرب.

Helekopter.T.J.JPG


بعد العودة الى مقر السرب القيت علينا عدد من المحاضرات عن اساليب الاستخدام التعبوي للصواريخ للطيارين الذين لم يجتازوا دورات استخدامها بعد الطلب من مديرية طيران الجيش تنسيب المعلم الاقدم في وحدة الصواريخ الملازم الاول اسلحة (كاظم ...) بالالتحاق بالسرب حيث فتح لنا الدورات اللازمة ونفذ معنا بعض الواجبات القتالية كما سيأتي الحديث عنها لاحقا.

تحقيق حول الواجب واستخدام الصواريخ
بعد العودة الى مقر الفيلق كتبت تقرير المهمة شرحت بايجاز تفاصيل الواجب وفي فقرة التوصيات والاقتراحات دونت ملاحظات حول استخدام الصواريخ المسلحة بها طائرة الالويت3 ذكرت بها ان الصواريخ المسلحة بها طائرة الالويت3 هي نوعان الاول (AS11) المضاد للدروع وهو من جيل قديم تم تحويره من صاروخ يطلق من قاعدة ارضية ضد الدروع الى ان يحمل على الطائرة الويت3 بعد تحوير قاعدة الاطلاق وتثبيتها على الطائرة ، (مدى الصاروخ 3 كلم يطلق من مسددة من الجيل القديم ويكون مساره منذ الاطلاق ولحين وصوله الهدف غير مستقر ، اما الصاروخ الثاني (AS12) فهو مضاد للمنعات والبنايات وتجمعات الاشخاص ويطلق بنفس الطريقة ولكن من مسافة 4كلم ويكون مساره مستقر وافضل من الصاروخ (AS11) ووزنه وكتلته التدميرية اكبر من الصاروخ الاول ونحن نستخدم الصاروخ الثاني ضد الدروع وهذا غير صحيح.
مساء ذلك اليوم استدعيت الى بهو ضباط الفيلق وهناك وجدت عدد من الضباط بامرة العقيد الركن علي حسين العويد(الذي اصبح قائد فرقة وتم اسره في معركة حلبجة) ، وهو يسألني عن المعلومات التي اوردتها في تقرير المهمة وبشكل يوحي بانه تحقيق وهذا ما فهمته لاحقا بانه فعلا مجلس تحقيقي بحقي كوني اشكك في السلاح كي لا نكلف بواجبات في الجبهة (علما بان العقيد علي حسين يقرب لي بعلاقة مصاهرة )،فاجبته بما احمله من معلومات بشأن منظومة اطلاق هذا النوع من الصواريخ ، وكذلك تم استجواب بقية طياري السرب المتواجدين في المفرزة حول الموضوع ، وكما علمت لاحقا بان قائد الفرقة الثامنة العميد الركن عبد الرحيم طه الاحمد قد ادلى بافادة تضمنت بان الذين نفذوا الواجب هذا اليوم هما فلان وفلان(المقصود انا ومن معي في الواجب الجاري التحقيق بشانه) واكد بانه يعرفنا شخصيا منذ سنوات ولا يوجد شك في اخلاصهما واندفاعهما في الواجبات.(وللعلم انني قد اوفدت الى فرنسا لتجربة هذين الصاروخين لتسليح القطعات الارضية بهما وكانت نتيجة الفحص فاشلة لصعوبة السيطرة عليهما من القواعد الارضية فما بالكم من ان تطلق من الطائرات) ،بعد الحصول على رأي مديرية طيران الجيش الذي ايد ما جاء في افادتي ضمن المجلس التحقيقي ثم اغلق التحقيق .
عند سؤالي للطيارين الذين اجتازوا دورة الرمي لماذا لم تدونوا هذه الملاحظات في تقارير المهمة سابقا كانت الاجابة بان ما نقوله يعرضنا للمسائلة وان القطعات الارضية تريد منا ان نقول بان صواريخنا قد دمرت كذا وكذا اهداف لتسجل لصالحهم!

Hale.K.Aleot.111.JPG


اسلوب عمل واطلاق صواريخ طائرة الالويت3
لاجل اطلاع القاريء الكريم على اسلوب معالجة الاهداف بهذه الصواريخ والتي هي من الجيل القديم مع جهاز التسديد والرمي سأوجز عملها وبشكل موجز وكما يلي :
بعد تعيين الهدف المطلوب معالجته نقوم بتقدير المسافة بالعين المجردة وحسب تراكم الخبرة نقوم باختيار الاتجاه الاسلم للدخول الى الهدف وقبل الوصول الى نقطة اطلاق الصاروخ يجري تقليل سرعة الطائرة الى الحد الذي يكون اهتزاز الطائرة اقل ما يمكن (كلما كانت السرعة الامامية للطائرة عالية يقل الاهتزاز وفي حالة تعلق الطائرة (السرعة صفر ) يكون الاهتزاز شديد ايضاً) لذلك يجري الرمي بسرعة امامية مقبولة كما اشرت،يكون واجب الطيار الاول السيطرة على مسير الطائرة باقل اهتزاز وتثبيت الاتجاه وعدم المناورة ويقوم الطيار الثاني ( الرامي ) برصد الهدف بواسطة المسددة ( وهذا يعني عدم ادراكه لما يحدث خارج الطائرة ) ، يضع علامة المسددة ( + ) على الهدف وعند بلوغ المسافة المطلوبة يطلق الصاروخ باتجاه الهدف ويقوم بالسيطرة عليه بواسطة عصا صغيرة علماً ان الصاروخ يرتبط بسلك الى قاعدة الاطلاق وبواسطة هذه العصا يجلب الصاروخ الى علامة (+ ) ويسيطر عليهما ويضعهما على الهدف (وكما في لعبة الاتاري) ولحين اصابة الهدف فيقوم بقطع السلك ويترك المسددة ، الخطورة والصعوبه في هذه العملية يشعر بها الطيار الاول حيث يجب عليه الحفاظ على وضع الطائرة رغم المقاومات التي تطلق عليه مع التقرب نحو هذه المقاومات ومدة طيرن الصاروخ تستغرق من 20 الى 30 ثانية وهذا زمن طويل في هذا الظرف وتحتاج الى اعصاب قوية واما الطيار الثاني ( فلا يرى اي شيء سوى الهدف) ، وللقاريء الكريم تقدير صعوبة هذه العملية.
اما ما يستخدم الان في الطائرات الحديثة ومعداتها من الجيل الحديث فيجري التسديد على الهدف ضمن المدى الصحيح ويطلق الصاروخ وهويمسك الهدف ويلاحقه لحين اصابته دون الحاجة لاستمرار التوجيه من الرامي،اما الصواريخ الحرة فاستخدامها اسهل حيث يسدد على الهدف ثم تطلق الصواريخ ضمن المدى الصحيح ودون التوجيه بعد اطلاقها وبذلك لا تقترب من العدو ولا تكون عرضة لاسلحته لمدة طويلة .

واجب اخر على گيلان غرب
يوم 13 تشرين ثاني(نوفمبر)1980 كلفت بواجب التوجه الى مخفر ( الغافقي ) لتلقي الايجاز بالواجب،وبنفس التشكيل السابق وصلنا المخفر وتم ايجازنا بمعالجة مواضع وتحصينات للعدو في منطقة گيلان غرب ، تم الايجاز ودراسة الخريطة بشكل جيد والقرار على خط الرحلة الى الهدف وتوكلنا على الله وكان خط الرحلة ضمن منطقة خالية من قطعات العدو وبعد عبور سلسلة جبلية غير ممسوكة من دفاعات العدو وصلنا مدينة گيلان غرب( سيطر اللواء الخامس من فرقة المشاة الرابعة بقيادة العقيد الركن سلطان هاشم على مدينة گيلان يوم 28 ايلول 1980 وانسحب منها في نفس الليلة تنفيذا للامر الصادر اليه ) , وتم التنفيذ بالتعرض على المعسكر المعادي هناك بالدخول عليه ومباغتته باول صاروخ من طائرتي وبوقت واحد مع صاروخ من الطائرة الثانية ورمي المعسكر بصاروخ ثالث من الطائرة الثانية وخلال اطلاق الصاروخ الثاني من طائرتي لم ينطلق رغم المحاولة لاكثر من مرة .

اجتيازنا السلسلة الجبلية استفسرت من الطيار الثاني (الرامي ) ما العمل مع الصاروخ الذي لم ينطلق؟ خشية من انفجاره داخل المنصة او انطلاقه عند الهبوط ,فلم يجد الجواب الاكيد لذلك قررت التخلص منه واسقاطه في منطقة خالية والعودة الى مقر الفيلق مباشرة وتقديم تقرير المهمة الذي تم تأييد نتيجة الضربة من قبل المراصد الارضية.
يوم 19 منه تم تكرار الضربة على الهدف ولكن بشكل مباشر من مقر الفيلق وتم الوصول الى الهدف بسلوك خط رحلة مختلف بالدخول من منطقة امام حسن وسلوك المحور الى مدينة گيلان فوق قطعاتنا المتواجدة في الوادي المؤدي الى المدينه , وخلال مرورنا فوق المواضع كان الجنود يلوحون لنا بايديهم وهم يحملون (كروصات السكائر وبعض الاغذية وكأنهم يدعون لاستضافتنا ) وتم رمي تواجد العدو في المدينه الخالية من السكان ويتخذها العدو معسكر لقياداته الميدانية باربعة صواريخ (AS12 )وبنتيجة ناجحة بتأكيد المراصد والعودة مباشرة الى مقر الفيلق في المنصورية ،ولا اعلم لحد الان لماذا كلفنا بهذين الواجبين ( غير الأساسيين ) فهل هو لاختبار مصداقيتنا ام لغاية اخرى بعد انتهاء التحقيق ؟!
ونتيجة للتحقيق لم يكلف السرب باي واجب ضد الدروع المعادية باستخدام النوعين من الصواريخ المشار اليها آنفاً وانما تم تنفيذ واجبات ضد الاشخاص والمنعات المعادية فقط.
انتهاء وقت المفرزة والعودة الى الجناح الاول
انتهى وقت مفرزتنا وتم احلال طاقم اخر يحل مكاننا وتمتعت بالاجازة الثانية خلال الحرب مباشرة من المنصورية والتحقت الى كركوك اوائل شهر كانون اول ( ديسمبر ) 1980 ، لاجد تنسيب آمر سرب جديد لسربنا بعد التحاق امر سربنا السابق في كلية الاركان مع اثنين من طياري السرب ، آمر السرب الجديد المنسب الرائد الطيار ( ج ع م )هو زميلي في دورة المعلمين وفي السرب/ 22 التدريبي ( الويت3) في مطار الصينية (K2) وكان آمره الشهيد الرائد الطيار فاروق عبد المحسن الكرم( استشهد عام 1988 بصاروخ معادي على الطريق السريع في منطقة بغداد الجديدة ) وهو من طياري اسراب طائرات/ مي8 وبذلك يكون غريب عن السرب مما جعله يبقيني في مقر السرب كمساعد له لحين التأقلم مع طبيعة علاقة طياري السرب المتميزة عن بقية الاسراب.

Hele.K.NR.JPG


واجب واصابة الطائرة
ظهر يوم 8 كانون اول( ديسمبر) 1980 استدعاني امر الجناح الى غرفته و ابلغني بواجب ، حيث يوجد عدد من المتسللين الى حوض قرة داغ ومشتبكين مع قوة في المنطقة والمطلوب اسناد هذه القوة ومنع تأثير المتسللين عليها ويكون التنفيذ بطائرتي الويت3 مسلحة بمدفع رشاش جانبي عيار 20 ملم ،اخرج خارطة المنطقة بدأ يضع الاحداثيات على الخريطة لايجاد المنطقة كي اتوجه اليها ، وبعد ان اسقط الاحداثيات وجدت بانها قرب قرية ( خيوة) فقلت له كنت تخبرني باسم القرية من البداية فانا اعرفها جيدا وسبق وان اصيبت طائرتي فيها اصابة شديدة واصيبت طائرتي البديلة ايضاً مرة اخرى في اليوم ذاته قبل بداية الحرب بشهر في عملية تحريرخبراء اجانب ، توجهت بعد الايجاز بتشكيل من طائرتين الى منطقة الواجب ومن خلال مدينة ( قرة هنجير) وجمجمال والوصول الى مضيق (باسرة) حيث امنت الاتصال مع المجس الجوي لمقر الفوج في المضيق( وهذا يعني قطع الاتصال مع قاطع الدفاع الجوي بسبب استخدام ذبذبة مختلفة على جهاز الاتصال اللاسلكي) وتوجهت الى الهدف مباشرة وبدأت برمي المنطقة حسب دلالة القطعات المشتبكة على السفح القريب من قمة السلسلة الجبلية الفاصلة بين حوض قرة داغ وحوض سنكاو المطلة على قرية (خيوة )، والمنطقة وعرة وكثيفة الاشجار مما تحجب الرؤيا وتؤمن امكانية اختفاء جيد للاهداف وهنا اتصل المجس الجوي يحذرني بوجود طائرات معادية دخلت القاطع مما دعانى الى الانحدار السريع نحو الوادي لحين انتهاء الغارة المعادية وبعد انتهاء الغارة ابلغني المجس بخلو المنطقة من التهديد المعادي عاودت التسلق نحو الهدف الذي تركته وخلال التسلق والتقرب اخبرني قائد الطائرة الثانية باني قد اقتربت جدا من الموقع المعادي وطلب مني الابتعاد وتغيير الاتجاه لكوننا في منطقة خطرة جدا (لم اكن اسمح لقائد الطائرة الثانية سابقا بالتدخل) ولكن قائد الطائرة الثانية النقيب الطيار ( ح و ع )اخبرني بعد انتهاء الواجب بانه تحمل وصبر كثيرا وهو يراني وقد اصبحت قريبا جدا من العدو وساكون هدفا سهلا لهم وسكت ولكنه قرر الكلام ومهما كان ردي قاسيا استجبت لطلبه ( على غير عادتي ! ) فقد كنت اتقدم واقترب من الهدف مباشرة (مما يعني بان المدفع الجانبي غير موجه نحو الهدف) وكان المتسللين ينتظرون اقترابي اكثر لحين ان اكون هدفا سهلا لهم ، استدرت نحو اليمين مما جعل المدفع بمواجهتهم،فتهيأ لهم باني كشفتهم وسابدا بمعالجتهم فاسرعو باطلاق النار على طائرتي،اصيبت طائرتي بقذيفة (فاز) انفجرت قرب الطائرة مما ادى الى اهتزاز الطائرة وانتشار الدخان في المقصورة وتكسر زجاج المقصورة وشعرت بانها تحترق والتفت الى الخلف حيث مقعد الرامي لاجده فاقد الوعي , وفور الاصابة ادخلت الطائرة بالدوران الذاتي ( الهبوط السريع بدون قوة رفع ) وهو العمل الصحيح في مثل هذه الحالة واتجهت نحو الوادي وبدأت خلالها اتفحص المؤشرات فوجدتها طبيعية ثم بدأت اتفحص قوة المحرك بزيادة قوة الرفع ببطىء مع مراقبة المؤشرات وتأثير كل عمل على الطائرة فوجدتها طبيعية ، كل هذا وقائد الطائرة الثانية يصرخ ويناديني ( سيدي سيدي كيف انت الطائرة تحترق وتهوي اجبني ) وانا اسمعه ولكني كنت افحص الطائرة وعندما انتهيت اجبته بان الطائرة تحت السيطرة وساهبط بها في مضيق ( باسرة ) مقر القوة ولا يوجد حريق داخل الطائرة وانما دخان نتيجة الاصابة وهنا بدأ المقاتل ( الرامي ) بالاستفاقة من غيبوبته ويتسائل ماذا حدث فطمأنته ، وصلت الى المضيق وهبطت في منطقة النزول بسلام وتفحصت الطائرة لاجدها مصابة اصابات بالغة في الجسم ومقصورة الطيار وتحطم الزجاج واصابة البدن والريش الرئيسية والذنبية مما يستدعي اصلاحها بشكل اولي لاجل نقلها الى السرب واكمال تصليحها واعادتها الى الخدمة .

عدت مع الطائرة الثانية الى الجناح وتم تكليف طائرة اخرى لاكمال الواجب بدلالة قائد الطائرة الثانية واقلع التشكيل الثاني بقيادة الشهيد الرائد الطيار وليد عبد المجيد راضي ( استشهد في منطقة بنجوين عام 1983 ) لاكمال الواجب .
توجهت الى مكان هبوط الطائرة المصابة بطائرة مي8 مع مهندس السرب ومفرزة فنية ومواد احتياطية حيث تم تصليح الطائرة وتبديل الاجزاء المتضررة بما يؤمن امكانية نقلها الى مقر الجناح في ( K1 ) , وعدت بها الى الجناح في اليوم ذاته مع الغروب كي لا تبقى في المنطقة الخطرة لامكانية التعرض المعادي عليها لاجل تدميرها ، وصلت الى الجناح مساءا لاجد آمر الجناح ينتظرني ويهنئني على السلامة مع التوبيخ لتعدد الاصابة وبواجبات كثيرة قبلها وبكل محبة يكرر قولته ( ما راح اتجوز..ماذا اقول لاهلك لو حصل لك مكروه ؟! )
استمريت بتنفيذ الواجبات المختلفة في قاطع الفيلق الاول الى نهاية الشهر لتختتم سنة 1980 بواجبات استطلاع وقتالية في مناطق جوارتة واغجلر وعسكر وديانة وغيرها. على الحدود مع ايران...

عن موقع الكاردينيا
 
Hele.K.GR.JPG


هكذا ندافع عن العراق...

فارس من طيران الجيش

تمهيد

قبل ان نطوي ملف عام 1980 هناك حادثة تمثلت بخرق الاستخدام الامثل لسلاح السمتيات حدثت في شهر تشرين ثاني( نوفمبر) 1980 في القاطع الجنوبي حيث كلف تشكيل من طائرتي غزال من السرب 30 بالتغلغل الى العمق الايراني وتدمير ما تصادفه من دروع معادية وكان التشكيل بقيادة الرائد الطيار ( ر ع ) والطائرة الثانية بقيادةالرائد الطيار الشهيد (غضبان احمد معيوف ) ..

Cobra.1.JPG


وخلال بحثهم عن الاهداف تصدت لهم طائرتين معاديتين من نوع (كوبرا )المتفوقة تسليحا وسرعة على طائرات الغزال،حيث تتسلح طائرة الكوبرا بمدفع رشاش امامي علاوة على الصواريخ الموجهة بينما تتسلح طائرة الغزال بالصواريخ الموجهة فقط ، حاولت طائرتي الغزال التملص من المعركة الغير متكافئة بالتوجه نحو قطعاتنا البعيدة عن منطقة الحادثة ، لاحقتهما طائرتي الكوبرا بالرمي بواسطة المدافع الرشاشة الامامية بغية اسقاطهما وخلال المناورة اصيبت الطائرة الثانية وسقطت في ارض المعركة واستشهد قائدها الشهيد غضبان احمد واصيب الطيار الثاني اصابة بالغة لم يستفيق من الاصابة الا وهو في المستشفى ، وعاد بعد انتهاء الحرب وتبادل الاسرى،استمرت الطائرات المعادية بملاحقة الطائرة الاولى مع الرمي لحين نفاذ العتاد ، حاولت استغلال التفوق بالسرعة واحاطتا بطائرة الغزال بغية اسرها ،

KL.F1.JPG


روى الطيار( ر ع ) بانه استخدم الكلاشنكوف بالرمي على الطائرتين حينما تكونان في الجانب ولحين نفاذ العتاد ، وهنا قرر ان يصطدم اية طائرة وينهي هذه المطاردة وحاول الاصطدام وهم يتهربون وخلالها (خلع حذائه ورماه على الطائرة التي تحاول تغيير اتجاهه ) لحين الوصول الى الحافات الامامية لقطعاتنا ، اجبرت الطائرتين المعاديتين على الانسحاب ، وبعد الهبوط بسلام وفحص الطائرة وجدت مصابة بعشرات الاطلاقات ونجت الطائرة من التحطم بقدرة قادر .
بعد هذا الحادث توقف طيران طائرات الغزال لمدة 20 يوم تقرر بعدها ان يكون طيرانها مصاحبا لطائرات/ مي 25 التي تحمل مدفع رشاش رباعي السبطانة سريع الرمي .

الواجبات الاولى لعام 1981
يوم 2 كانون الثاني( يناير) 1981 كُلفت باول واجب استطلاع مسلح بطائرتين الوت /3 مسلحتين برشاش جانبي الى منطقة قادر كرم ، غادرنا القاعدة بعد شروق الشمس وتوجهنا الى المنطقة المطلوب استطلاعها ولم نستطيع الوصول الى الهدف بسبب سوء الاحوال الجوية وتم الغاء الواجب بعد طيران لمدة 30 دقيقة ..


قاعدة الكوت الجوية ثم الشعيبة
يوم 8 من ذات الشهر كُلفت بواجب طائرتين الوت 3 مسلحتين برشاشة جانبية الى قاعدة الكوت ( ابي عبيدة ) الجوية واستلام التعليمات من حركات القاعدة ، وبعد وصولها لم يكونوا على علم بالواجب الذي سننفذه فانتظرنا الامر لنبلغ بان واجبنا هو الى قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية ، فغادرنا صباح اليوم التالي الى قاعدة الوحدة ووصلناها ضحى يوم 9 /1وبسبب المعارك التي كانت تدور في القاطع الاوسط حيث المعارك محتدمة في قواطع الخفاجية وسيف سعد وكيلان غرب فقد تم تفريق الطائرات في منطقة الاثل تجنبا لاحتمال استهدافها في غارة جوية معادية تستهدف القاعدة ، ( شهدت معارك كيلان وسيف سعد اول حالات الاعدام الميدانية للضباط الامرين والاعوان ) .
كانت المعركة الكبرى في قاطع الخفاجية حيث دارت معركة كبيرة تفوق فيها الدرع العراقي ممثلا باللواء المدرع العاشر من الفرقة المدرعة التاسعة وتم تدمير الفرقة المدرعة السادسة عشر المعادية واخراجها من المعركة وقام سلاح السمتيات ممثلا بطائرات مي 25 والغزال باسناد قطعاتنا الارضية بشكل مثالي ودمر العديد من دروع العدو وتعتبر هذه المعركة اول معركة تم فيها تعاون سلاح السمتيات وبشكل جيد مع القطعات المدرعة والمشاة وتحققت بها نتائج رائعة ابدى بها طيارو السمتيات مهارة وشجاعة في استخدام سلاحهم بعد ان اكتسبوا خبرة مقبولة واضعين الاسس الاولية لتعبئة السمتيات ، وكان لتواجد القائد العام للقوات المسلحة في ساحة المعركة دور مهم في عدم زج السمتيات في واجبات خارج امكانياتها مما قلل الخسائر وزاد من النتائج الجيدة ، ونتيجة لهذا الجهد قلد القائد العام اربعة من ابطال السمتيات سربي 61 و66 ( طائرات مي25 ) رتباً اعلى وضعها على اكتافهم في ساحة المعركة واحدهم هو المرحوم اللواء الطيار الركن ( سعدي عبد الرزاق السامرائي ) الذي شوهدت طائرته تصاب وتسقط في ارض المعركة وانقاذ طياريها من قبل القطعات الارضية في اول بث تلفزيوني من ( صور من المعركة ) تُظهر اصابة احدى طائراتنا السمتية ، و ثلاثة آخرين اثبتوا جدارتهم من هذا التكريم من خلال مواقعهم التي كلفوا بها لاحقا، ارفق مع المقال خارطة بصورتين لملحمة الخفاجية كما اصدرتها مديرية المساحة تؤشر للقطعات العراقية في المنطقة.
استمربقائي في قاعدة الوحدة الجوية دون ان اكلف باي واجب لغاية 22 منه ثم استلمت الامر بالعودةالى كركوك

Kr.J.1.JPG

واجبات متفرقة وتدريب الطيارين الاحداث
استمرينا بالواجبات في قاطع الفيلق الاول وكانت لدينا مفارز في الفيلق الثاني بطائرات الوت 3 مسلحة صواريخ AS12 وطائرة واحدة للانقاذ البحري في قاعدة الوحدة الجوية في البصرة وهي مجهزة بطوافات بدلا من عجلات النزول تمكنها من الهبوط بها على المسطحات المائية ( لم يسبق لنا التدريب عليها سابقا ولم نمارس الطيران فوق البحر ) وهذه من الدروس التي ظهرت لنا في بداية الحرب وتم تلافيها مع مرور الوقت وتدريب الطيارين الاحداث على كل الاسلحة التي تسلح بها هذه الطائرات بها .
استغلينا فترة قلة الواجبات في قاطعنا ( الفيلق الاول ) لتدريب الطيارين الاحداث وتطوير مستوياتهم .ونظرا لتعرض كركوك لغارات معادية مستمرة فقد اخترنا مطار الرياض الثانوي(في منطقة الحويجة ) لاجراء التدريب هناك حيث ننتقل اليه صباحا ونعود عصرا بعد تنفيذ المنهج المقرر ، شاركني بها النقيب الطيار ( ع ر ) الذي التحق بالسرب مع بداية الحرب بعد ان انهى دورة معلمي الطيران قبل بداية الحرب باسبوعين .

واجب في منطقة ( رايات ) قرب حاج عمران
يوم 13نيسان( ابريل)1981 استدعيت من قبل آمر جناح طيران K1 لتكليفي بواجب معالجة المتسللين في حوض شمال ( رايات ) بطائرتي الويت3 مسلحة برشاشات 20 ملم و6 طائرات مي 8 مسلحة بصواريخ حرة ، ويمكن وصف منطقة الواجب وكما يلي :
عبارة عن حوض يقع الى الشمال من قصبة رايات يبعد عن قصبة حاج عمران الحدودية بمسافة6كم وعن الحدود الايرانية 9 كم يتحدد الحوض من الشمال جبل برزين الحدودي ومن الغرب جبل كردكو ومن الشرق جبل بزركان ومن الجنوب قصبة رايات وتقع على الطريق العام الى حاج عمران تقابله جبلي كردمند وسرسول ويتم الدخول اليه من شرق قصبة ( رايات ) ، والحوض عبارة عن وادي فسيح كثير الاشجار تؤمن الغش والاختباء الطبيعي من الرصد الجوي ، كذلك توجد مناطق لينابيع الماء يمكن ان تكون مأوى للمتسللين .
ومن خلال عملي في المنطقة اعرف مناطق الينابيع والاماكن التي يمكن ان تكون مقرات لمن يريد ان يتخذ المنطقة قاعدة له ، تم تحديدها وتوزيع التشكيلات لاجل قصفها وبدون رؤية الاهداف وعدم البقاء في المنطقة لمدة طويلة للبحث والتفتيش كي لا نكون هدف للاسلحة المعادية وتحقيق مبدأ المباغتة بالاعتماد على معرفتنا للحوض سابقا لاختيار المناطق المحتمل تواجد المتسللين فيه وقصف هذه المناطق المنتخبة بالاسلحة المتوفرة لدينا .
تم تنسيب الطيارين من الذين هم على معرفة وذوي الخبرة في هذه المنطقة وايجازهم على خريطة المنطقة المفصلة مقياس ( 1/100000 ) التي توضح تفاصيل واضحة للمنطقة ثم تحديد ثلاثة مناطق لقصفها من قبل التشكيلات ( كل تشكيل من طائرتين ) ، تم تحديد مناطق القصف وحسب تسلسل الدخول الى الحوض واشرت النقاط الدالة لكل هدف لاجل تمييزه حسب معرفتي المسبقة للمنطقة واكون انا في المقدمة لقيادة التشكيلات ولم احدد لتشكيل طائرات الالويت منطقة محددة لاكون حرا في اختيار الهدف وحسب ردود فعل العدو لكون تسليح طائرتي رشاشة واتمكن من معالجة الاهداف في مختلف الاماكن واكون اول من يدخل منطقة الهدف وآخر من يغادرها والتنفيذ بصمت لاسلكي تام لايخرق الا عند الضرورة القصوى لقرب الهدف من ايران وعدم وجود مظلة جوية تؤمن الحماية الجوية من متصديات العدو.
تم تأشير الخرائط مع تثبيت الهدف لكل تشكيل ببيان تفاصيله الدقيقة وتثبيت النقاط الدالة له مبنية على معرفتي المسبقة لتفاصيل الحوض ( اكدت على الطيارين استيعاب كل طيار لهدفه ولن اسمح باي استفسار بعد الدخول الى المنطقة الا عند الضرورة القصوى ) ، وبعد ان يكمل كل تشكيل لواجبه يغادر المنطقة ويتوجه الى معسكر ديانة للتزود بالوقود وانتظار التشكيلات الاخرى للعودة الى الى كركوك مجتمعا على ان يكون التشكيل الثالث بانتظاري لحين ترك منطقة الهدف . بعد التأكد من الاستحضارات كاملة تم الاقلاع باربع تشكيلات اكون في التشكيل الاول واقدم طيار من طائرات مي8 في التشكيل الاخير للسيطرة على الرحلة وتم التوجه الى الهدف عن طريق اطراف اربيل – شقلاوة- سبيلك- خليفان- كلي علي بيك- ديانة-جومان – ويكون جبل سكران وكردمند وسرسول الى يمين الرحلة ثم الدخول الى الحوض بعد اجتياز قصبة رايات ، ( تم تحويل الذبذبة من قاطع الدفاع الجوي الى ذبذبة المجسات الارضية حسب الايجاز المسبق باشارة معينة بالضغط مرتين على جهاز الارسال دون كلام ثم الفحص بعد التحويل بنفس الاشارة) ، فور الدخول الى الحوض اتصل قائد التشكيل الثاني يطلب دلالة الهدف ( طياري طائرات مي8 لهم عادة بالكلام الكثير بواسطة اللاسلكي ولم يتحمل هذا الطيار الصمت لمدة اكثر من 50 دقيقة زمن الرحلة فعاد الى طبيعته وخرق الصمت اللاسلكي ) عنفته باختصار (اصمت والهدف مؤشر) توجهت التشكيلات وقصفت اهدافها كل حسب الخطة الموضوعة وبدقة ، واندفعت الى نهاية الحوض الشمالية وراقبت القصف وباشرت بقصف المناطق المحتمل وجود المتسللين فيها وابقيت بعض الاطلاقات للاحتياط وبعد تأكدي من خروج جميع التشكيلات بسلامة من الحوض التحقت بالتشكيل الاخير فوق قصبة جومان ثم بباقي التشكيلات في ديانة للتزود بالوقود و العودة الى كركوك بعد تنفيذ الواجب ، اشتكى الطيار الذي خرق الصمت اللاسلكي من تعنيفي له خلال الواجب فكررت تعنيفه واوضحت له بان هذه حرب نظامية وليست واجبات انزال داخل الحدود كما كان يحصل قبل الحرب. لم يخبرنا احد عن نتيجة هذه الضربة الجوية . وارفق خارطة تبين تفاصيال منطقة الواجب .

Kr.J.2.JPG


البحث عن طيار عراقي في الخليج العربي
في 20نيسان (ابريل)1981 كلفت بواجب تبديل مفرزة في قاعدة الوحدة( الشعيبة) الجوية بمحافظة البصرة حيث تتواجد ثلاثة طائرات اثنتان مسلحة بصواريخ AS12 وواحدة للانقاذ البحري كما نوهت الى ذلك آنفاً ، بعد ظهر يوم 23 نيسان كلفت بواجب البحث عن طيار عراقي اسقطت طائرته وقذف بواسطة المظلة في الخليج العربي وحصر المنطقة بين مينائي البكر والعميق والفاو ، كان معي في المفرزة الرائد الطيار ( ع. م ) وهو من اهالي البصرة وسبق له تنفيذ واجبات في الخليج فكان ضمن طاقم الطائرة كطيار ثاني، لم يسبق لي قيادة الطائرة المزودة بالطوافات ( وهذا خطئي الشخصي فقد كانت هناك فرصة لممارسة الطيران التدريبي عليها قبل التكليف بالواجب ، لم اكن اعلم بان الفارق كبير ومؤثر في قيادة الطائرة ، فوجئت بان ارتفاع مقصورة الطيار كانت عالية وتختلف عن الطائرة المزودة بالعجلات مما يؤدي الى ارتفاع مركز الثقل وكذلك الاحساس ببعدي عن الارض، ( ويمكن تشبيه الحالة بالفرق المحسوس بين عجلات الدفع الرباعي والعجلات الاعتيادية ) ابتدأت بتشغيل محرك الطائرة ثم تزويد المحرك بالطاقة لبدأ المروحة الرئيسة بالدوران ، ومع تزايد سرعة الدوران اخذت الطائرة بالتمايل اكثر مما اعتدنا عليها في الطائرات الاعتيادية ( وهذه حالة خطرة اذا لم يتمكن الطيار من التعامل معها بصورة صحيحة يمكن ان يزداد التموج مع تزايد سرعة دوران المروحة لتصل الى حالة الرنين الارضي وتخرج الطائرة عن السيطرة وقد يؤدي ذلك الى انقلابها وتحطمها ) لكون الطوافات اكثر مرونه من العجلات اعانني الطيار الثاني لحين بلوغ السرعة النهائية للمروحة ، توجهنا الى جزيرة بوبيان ثم الى اقصى جنوبها منطقة ( رأس الكايد ) وابتدأنا التفتيش بارتفاع لا يتجاوز ثلاثون متراً عن سطح البحر لتلافي الكشف الراداري المعادي، استمرينا بالتفتيش بعد ان تم تقسيم المنطقة من جنوب المينائين والى ساحل الفاو الى مربعات كي نؤمن مسح المنطقة بشكل شامل ، وبعد التفتيش لمدة تتجاوز الساعة والنصف لم نعثر على اي اثر للطيار او الحطام او بقايا المظلة وبسبب قرب نفاذ الوقود وتغطية المنطقة بالبحث والتفتيش عدنا الى القاعدة ، قدمت تقرير المهمة الى غرفة الحركات .
يوم 7 ايار(مايو)1981 وصلت طائرة الوت 3من السرب وتم تبديل المفرزة واعادة طائرة من الطائرات استحقت تفتيشها دورياً واعادتها الى السرب وقد حلقت بها عائدا الى قاعدة الرشيد حيث تمتعت باجازة دورية واكمل الرحلة الى قاعدة K1 طيار آخرانتهت اجازته الدورية.
بعد انتهاء اجازتي الدورية التحقت الى مقر السرب في كركوك وكان النقيب ( س ف ج ) والذي سبق وان اصيب في يوم السمتيات تماثل للشفاء وقد التحق بالسرب ليكمل المسيرة معنا ، وكسياق عام عندما يترك الطيار الطيران لمدة طويلة يجب ان يتم فحصه من قبل معلم طيران و منحه الصلاحية بالطيران وهذا ما فعلته معه ومن خلال طلعتين منحته صلاحية الطيران .

Rafsanjani.1.JPG


واجب اعتقال هاشمي رفسنجاني
صباح يوم 13ايار(مايو)1981 استدعاني آمر الجناح عن طريق امر السرب الى مكتبه وهناك اوجزني بواجب سري للغاية وطلب مني عدم الافصاح عنه لاي شخص بضمنهم من سيكلفون بتنفيذ هذا الواجب وحتى عند الشروع بالتنفيذ .

وخلاصة الواجب بان هناك عملية استخباراتية لاعتقال ( رفسنجاني ) احد كبار المسؤلين في القيادة الايرانية ورئيس مجلس النواب الايراني وذلك بتغيير اتجاه طائرته السمتية التي ستقله الى منطقة في شمال العراق .

Alout.3.JPG


المجموعة المكلفة بتنفيذ الواجب تتكون من طائرتين الويت3 مسلحتين بالرشاشة وطائرتي مي8 تحمل مجموعة من القوات الخاصة وطائرتي PC7 مقاتلة للسمتيات وطائرتي ميك 21 لتأمين المظلة الجوية.
يكون تواجد الجميع في مطار اربيل ( عينكاوة ) وتم تخصيص ملجأ في المطار نتواجد فيه مزود بجهاز لاسلكي على ذبذبة قاطع الدفاع الجوي نستلم منه الامر بالاقلاع الى المنطقة التي يحددها الطيار الذي يحلق منذ الضياء الاول الى الضياء الاخير والذي واجبه تأمين الاتصال مع الطائرة التي تنقل ( رفسنجاني ) والطيار هو العقيد الطيار قوات خاصة ( محمد عبدالله ) الذي يعطينا الامر بالاقلاع الى المنطقة التي يحددها،

Meg.21.IQ.JPG


اقلعنا بتشكيلين الويت3 ومي8 الى مطار اربيل لنجتمع مع طياري الPC7 وطياري الميك21 المتصدية ، و بعد التعارف تم الاختلاء في الملجأ مع جهاز اللاسلكي وعدم السماح لمغادرة اي منا وحتى عند الذهاب الى الحمام يكون بشكل فردي ، كان قائد تشكيل ميك21 اعتقد بان اسمه (ملازم اول .م ) كان عائدا منذ مدة قريبة من دورة في الاتحاد السوفييتي على طائرات ميك25 والتحق بسربه لحين استلام طائرات ميك 25 ، وهو على علم بطبيعة الواجب، وكانت وجبتي الفطور والغداء تصلنا الى الملجأ ، وبطبيعة الحال كان الضجر بائن على الطيارين يريدون معرفة الواجب وما علاقة هذا الجهاز اللاسلكي الذي نتحلق حوله ؟؟؟

قائد الطائرة الثانية الويت 3 هو النقيب الطيار الشهيد (علي خضير)يعرف طبيعتي فكان قانعا لا يسأل اما الباقين يتساءلون عن طبيعة الواجب وصعوبة اقناعهم بالبقاء متهيئين ومتواجدين في غرفة صغيرة لا علم لاحد ماهية الواجب ووقت التنفيذ ومكانه؟؟؟

استمر بنا الحال عدة ايام ، بعد غروب الشمس نذهب الى النادي العسكري للعشاء والنوم وفجر اليوم التالي نعود الى المطار ونفتش الطائرات ونوقع على سجلات الطائرات ،بعدها لا يسمح لاي شخص من الاقتراب من الطائرات كي تكون مهيأة للاقلاع الفوري،بدون اجراءات الفحص الروتيني قبل الاقلاع ، استمرينا على هذا المنوال الى يوم 18/ايار عصرا حيث تم تبليغنا بالغاء الواجب والعودة الى اسرابنا التي وصلناها عند غروب ذالك اليوم. ولم نفصح عن الواجب لاي احد ولحين انتهاء الحرب.

Burj.00.JPG


تدمير برج معادي وتكريم قدم ممتاز ستة شهور
يوم 30 ايار(مايو) 1981 كلفت بواجب من طائرتين مسلحة بصواريخ AS12 الى منطقة (طويلة ) لتدمير برج اتصالات مشرف على سهل شهرزور في السليمانية وابلغت بان آمر اللواء المتواجد في منطقة ( طويلة ) سيكون على اتصال مباشر معي على الجهاز اللاسلكي ( المجس الجوي ) للتنسيق معه في تنفيذ الواجب ، اصطحبت معي الملازم الاول ( كاظم ...) وهو ضابط اسلحة معلم ( مدرب ) رمي الصواريخ الموجهة التحق بسربنا من وحدة الصواريخ وكانت لديه امكانية بسيطة لقيادة الطائرة في حالة اصابة او عجز الطيار الاول عن قيادتها ،كانت الطائرة الثانية بقيادة النقيب الطيار الشهيد ( محمود راضي ) استشهد في معركة الفاو 1986، وبصمت لاسلكي سلكنا محور كركوك –بازيان- سيد صادق- وهنا تم تحويل الذبذبة اللاسلكية من قاطع الدفاع الجوي الى ذبذبة المجس الجوي للواء المراد اسناده ، تم تأمين الاتصال مع المجس الجوي في منطقة ( طويلة ) وكان آمر اللواء موجود على المجس وبعد الترحيب السريع(لمعرفة آمري الوحدات في المنطقة بطائراتنا وبنا كاشخاص لكثرة العمل سوية في هذا القاطع )وجهنا الى برج للاتصالات كبير قرب بلدة ( نوسود ) الايرانية يقع على قمة جبل يشرف على سهل شهرزور ودربند خان والمنطقة بكاملها والمطلوب معالجته واسقاطه ، كان البرج واضح امامنا ولكن الصعوبة والخطورة في معالجته تتمثل في انه يجب التسلق الى مستوى القمة او أعلى منها لاجل امكانية اصابته والمنطقة داخل الحدود الايرانية وامكانية وجود مظلة جوية معادية تتمكن من اصابتنا بكل يسر لكوننا نمثل هدف مثالي من حيث الارتفاع والسرعة وكذلك نكون هدف سهل للصوارخ المعادية المضادة للطائرات في حالة تواجدها..

طلبت من الطائرة الثانية الاستمرار بالطيران الواطيء ومراقبتي كي يكون في منطقة آمنة ويمكنه معالجة الامور التي قد تحدث، تسلقت الى المستوى المطلوب واصبح الهدف امامي ونتقرب من المسافة الصحيحة للرمي ابطأت سرعة الطائرة الى السرعة التي تؤمن اقل اهتزاز لها لتأمين السيطرة الجيدة لمسار الصاروخ عند اطلاقه ، واتجهت نحو الهدف،هنا اخبرني الرامي ( ملازم كاظم ) سيدي المسددة لا تعمل !

غيرت الاتجاه وطلبت منه محاولة معالجة المسددة وبعد المناورة بدأت بعملية التقرب من الهدف بالسرعة والارتفاع والاتجاه المناسب واخبرت الرامي باني جاهز عندما نصل الى المدى الصحيح اطلق الصاروخ ، اخبرني بان المسددة لا زالت عاطلة ! ما العمل اجبته ها لنترك المكان والايعاز الى الطائرة الثانية بمعالجة الهدف ، اجابني وبهدوء كلا سيدي هذا الهدف هو حصتنا ولن اتنازل عنه ! كيف؟ اجابني بان الهدف واضح واستطيع السيطرة على الصاروخ بالنظر المباشر ولدي الخبرة برمي عشرات الصواريخ الموجهة ( هل نسيت سيدي باني معلم رمي الصواريخ ؟ ) توكل على الله تعالى اذن ، بلغنا المدى المناسب واخبرني بانه سيطلق الصاروخ باتجاه غرفة السيطرة اسفل البرج للصاروخ الاول ، تم اطلاق الصاروخ مع معالجة اختلال الوزن وتبدل مركز الثقل والسيطرة على مسار الطائرة والصاروخ نشاهده يتجه نحو الهدف يسيطر الرامي عليه بواسطة عصى صغيرة تقع على يمينه (كما في لعبة الاتاري ) وسلك يحمل الاشارة من العصى الى الصاروخ يستمر طيران الصاروخ لمدة 20 الى 25 ثانية لحين الوصول الى الهدف ( وهو زمن طويل يحتاج الى صبر وضبط للاعصاب خلال طيران الصاروخ وتوجه الطائرة باتجاه الهدف وعدم المناورة بها مهما كانت الظروف و لا نستطيع رؤية الرمي المعادي باتجاهنا الا اذا كانت انفلاق جوي ) استمر طيران الصاروخ لحين وصوله اى غرفة السيطرة لتصاب اصابة مباشرة تم تدميرها بشكل كامل ، وهنا هلل آمر اللواء الذي كان يراقب الاداء وبارك عملنا قطع الرامي سلك السيطرة على الصاروخ واستدرنا مع المناورة بالارتفاع لنبتعد عن الهدف ، تسلقنا مرة اخرى ومن اتجاه اخر وبنفس الطريقة تقربنا من الهدف واطلق الصاروخ الثاني باتجاه قاعدة البرج واصيب اصابة مباشرة وسط تهليل وترحيب آمر اللواء ، قطع السلك وتمت المناورة السريعة والانحدار الى مستوى الطيران الواطيء وسألنا آمر اللواء عن هدف آخر لمعالجته ، شكرنا وتمنى لنا سلامة العودة هبطنا في مطار( شيخ وصال) قرب السليمانية للتزود بالوقود والعودة الى مطارk1 في كركوك والى غرفة الحركات لكتابة تقرير المهمة واثناء كتابة التقرير اطل علينا آمر الجناح ليخبرني بوصول برقية بمنح التشكيل قدما ممتازا لمدة ستة اشهر تقديرا لعملنا الناجح.
كان هذا التكريم الاول الذي اناله في الحرب والتكريم الثاني في السرب حيث تم تكريم تشكيل اخر قبل اقل من شهر بقدم لمدة ستة اشهر ايضا لواجب في ( نوسود ) ايضا حيث تم تدمير قوة للعدو واصابة اكداس عتاد استمر تفجرها ليوم كامل حيث تم التكريم بشكل مباشر مع الطلب باعادة الضربة لليوم التالي وبنفس الطيارين وهما ( النقيب الطيار اب.ق ) و ( النقيب الطيار جب ا) والثاني له واجبات سيأتي ذكرها لاحقا .

يوم 1حزيران تمت الاغارة على مواضع العدو في منطقة ( نوسود ) ايضا وعلى هدف اخر لم يستوجب التحليق العالي . وارفق مع الواجب خارطة لمنطقة التنفيذ .
انزال العلم الايراني من على الميناء العميق وتحقيق مع احد الطيارين
في ربيع عام 1981 قام العدو باحتلال الميناء العميق ورفع العلم الايراني عليه ، قامت قوتنا البحرية بالتعرض على قطعاته في الميناء واجبرته على الانسحاب وترك الميناء ، اشتركت في العملية طائرة الانقاذ البحري المتواجدة في قاعدة الوحدة( الشعيبة) الجوية وكانت بقيادة كل من النقيبين الطيارين ( ا م ل .).و(ج ا ) وهو المذكور في الفقرة السابقة الذين اندفعا امام زوارق البحرية وتم لهم الهبوط على الميناء في المنطقة الصغيرة المخصصة لهبوط الطائرات السمتية (وهذا عمل غير صحيح ) لاحتمال تواجد العدو في الميناء او تلغيمه ولكن اندفاع الطيارين والحماسة الغير محسوبة جعلتهم يسبقون الزوارق ودون اطفاء محرك الطائرة ترجل احد الطيارين وتسلق سارية العلم وانزل العلم الايراني وتم رفع العلم العراقي على السارية فور وصول القوات البحرية الى الميناء ، وعند عودة الطيارين الى السرب اصطحبوا معهم العلم الايراني كذكرى لهذا العمل.
بعد هذا الواجب بحوالي اسبوعين تم استدعاء النقيب الطيار (ا م ل)المشارك في الواجب السابق الى مديرية الاستخبارات العسكرية ، طلب مني آمر السرب كتابة تقرير امني للطيار المذكور ، نفذت ما طلبه مني آمر السرب ودونت سيرته الجيدة كاملة مع ذكر واجب انزال العلم الايراني من الميناء وسلمت التقييم الى آمر السرب والذي ارسله الى المرجع الذي طلب التقييم ، بعد يومين عاد الطيار المذكور الى السرب وبحكم الصداقة الطويلة التي تربطنا استفسرت منه ومعي آمر السرب عن سبب استدعائه ، اجابنا بان ابن شقيقته القي القبض عليه متهما او متهم بالانتماء الى حزب الدعوة وكان كل من له قرابة مع اي منتمي للحزب المذكور من الضباط يحال الى التقاعد فورا ، وعندما فاتحوه بامر ابن اخته استنكر انتمائه الى الحزب المذكور وقال لهم بان له خدمة جيدة في الجيش وغير مستعد لان يتحمل مسؤلية صبي اختار ان ينتمي الى حزب محظور وبانه مستعد لتنفيذ الحكم الذي يدان به ابن اخته ، ارتاح المحققون لهذا الجواب واخبروه بانهم يعرفون سيرته واخبروه بانه قام قبل ايام بانزال العلم الايراني من سارية الميناء العميق وان له ماض مشرف في خدمته وطلبوا منه العودة الى السرب وممارسة مهامه دون التأثر بما حصل ، اخبرني بانه يعجب كيف يعلمون بواجب انزال العلم ( الاستخبارات تعلم بكل شيء ! ) دون ان يعلم او نخبره بمصدر هذه المعلومة وعاد الى السرب لاورطه لاحقا في قضية اخرى اشتركت بها معه سيأتي الحديث عنها في المقال القادم ان شاء الله تعالى .
استمريت في تنفيذ الواجبات في اسناد الفيلق الاول في عدة مناطق بواجبات روتينية للاستطلاع والقتال مع المتسللين ، وتدريب واعداد الطيارين الاحداث للواجبات اللاحقة
وبعد منتصف شهر حزيران (يونيو) 1981 تم الحاقي الى مطار الاسكندرية لتدريب مجموعة من الطيارين الاحداث العائدين من دورة اساسية في فرنسا على طائرات الغزال .


عن موقع الكاردينيا (توجد مشاركات وتعليقات حول الموضوع)
 
قتل عملاق البحر على مشارف مضيق هرمز/ عمليات القصف الجوي الاستراتيجي


قصف منظومة تصدير النفط الإيراني " الميناء العائم " في مدخل مضيق هرمز


1.كانت خطط سلاح الجو العراقي في عمليات القصف الجوي الاستراتيجي للأهداف الحيوية الإيرانية ابان الحرب العراقية / الإيرانية واسعة جداً؛ كونها شملت كل المفاصل الحيوية الإيرانية التي ترفد الجهد العسكري الإيراني بعوامل ديمومة الحرب. ولقد ارتكزت خطة القصف الجوي الاستراتيجي بأسبقية عالية على استهداف المفاصل الرئيسية في منظومات النفط والغاز الإيرانية وخاصة منظومة تصدير النفط، كمنصات التحميل في جزيرة خرج ومحطات ضخ النفط إلى موانئ التصدير وحقول أنتاج النفط الأخرى، وتطبيقا لخطط القصف الجوي الاستراتيجي المشار إليها ونتيجة لتصاعد عمليات القوة الجوية العراقية خاصة في السنوات الاخيرة من الحرب سيما بعد تنفيذ ضربتان جويتان ناجحتان على أرصفة التصدير في جزيرة خرج) قلب منظومة تصدير النفط الإيرانية (أولهما بتاريخ 18-9-1987 التي استهدفت الرصيف الشرقي لميناء تصدير النفط، والضربة الثانية بتاريخ7-2-1988 استهدفت الرصيفين الشرقي والغربي للميناء مما أدى إلى قصم ظهر الجزيرة بعد تعطيل معظم أرصفة الميناء عن العمل؛ ولذلك باشر الإيرانيون بالسعي إلى دفع بعض مفاصل التصدير جنوباً وإلى أعماق الخليج العربي من خلال نقل النفط المقرر تصديره بسفن أو ناقلات صغيرة مكوكية إلى موانئ تصدير بديلة مهيأة على عجل كجزيرة (لافان) التي تبعد عن أقرب قاعدة جوية عراقية بمسافة (700) كيلومتر تقريباً، ولكن جزيرة (لافان) هي الأخرى باتت مستهدفة ضمن خطط قصف القوة الجوية العراقية مع استمرار استهداف ميناء تصدير النفط الرئيسي في جزيرة (خرج) قلب منظومة تصدير النفط الاستراتيجية الإيرانية التي لم يتم التهاون أبداً معها من قبل الطيران العراقي بقصفها جوا بين آونة واخرى استنادا إلى نشاط التصدير الذي يظهر فيها، لذلك بدأ الإيرانيون يفكرون بالفرار مرة أخرى إلى مناطق أكثر بعداً عن ضربات الطائرات العراقية؛ لذلك استعانوا بجزيرة (سري) التي تبعد هي الأخرى بحوالي(850) كم من قواعد انطلاق الطائرات العراقية، إلا أن الطيران العراقي استمر في تعقب أثرهم خطوة بخطوة للإجهاز على معقل آخر من معاقل تصدير النفط الإيراني، ففي الخامس من الشهر العاشر من عام 1987 تم تنفيذ ضربة جوية بأربعة طائرات (Mirage F-1) على جزيرة سري ومنشآت تحميل النفط المصدر فيها، وكانت الضربة مؤثرة فقد الإيرانيون صوابهم على إثرها واجبرتهم على التفكير ببديل غير اعتيادي لتصدير نفطهم…
رصيف تصدير النفط الإيراني العائم
2.مما يجدر ذكره أن العامل الحاسم في زيادة مدى عمل طائرات وقدراتها في نقل الحمولة الحربية المطلوبة من القنابل هو تجهيزها بإمكانية الارضاع الجوي الذي كان يتم خلال الرحلة من طائرات (Mirage F-1) مرضعة إلى طائرات الضربة الرئيسية، وهو الأمر الذي اجبر الإيرانيون على الذهاب بعيدا جدا عن تأثير ذراع القوة الجوية العراقية الضارب بذهابهم إلى منطقة مدخل (مضيق هرمز) الذي يبعد بحدود مسافة 1200كم عن أقرب قاعدة جوية جنوب العراق كخيار أخير وملجأ أمين لتصدير النفط (باعتقادهم!) وذلك من خلال نصب دكات نفط عائمة للتصدير باستخدام ناقلات نفط عملاقة تتجاوز حمولتها أربعمائة الف طن لكل واحدة منها واستخدامها كمستودعات نفط عائمة؛ كانت ناقلات النفط المكوكية تقوم بنقل النفط من الساحل الإيراني في (أمام حسن قبالة جزيرة خرج) إلى هذه المستودعات، ويجري منها مليء ناقلتين بالنفط المصدر في آن واحد، لذلك اعتبر هذا الميناء العائم من أكبر موانئ التصدير الوقتية المستجدة والتي كانت بديلاً لميناء تصدير النفط في جزيرة (خرج) والذي استوجب أن تحسب له الحسابات الاستثنائية وتعد له العدة لتدميره واخراجه من الخدمة نهائيا مع أخذ عامل المجازفة المحسوبة بدقة فائقة بعين الاعتبار، أما ناقلات النفط المكوكية فلقد استوجب الامر من سلاح الجو العراقي تسيير دوريات من خلال عمليات استطلاع مسلح مدبرة مستمرة لاصطيادها بطائرات (Mirage F-1) المجهزة بصاروخ موجه جو/سطح نوع Exocet والطائرات القاصفة الاستراتيجية نوع "B6D" باستخدام الصواريخ الموجهة جو/سطح نوع ( C-601 C-611) ومع ذلك كان الإيرانيون لا يترددون في المجازفة من أجل ايصال قسماً من هذه ناقلات إلى منطقة التحميل المشار اليها في مضيق هرمز وللحقيقة فأن بعضاً من هذه الناقلات كانت تتستر بوسيلة او أخرى للوصول إلى تلك المنطقة، ولقد كان تصميمنا أن ندمر موقع تصدير النفط النائي هذا مهما كلف الأمر وبهذا نكون قد انهينا اخر معقل من معاقل تصدير النفط الإيراني ونكون قد اقتربنا بخطوه كبيرة نحو ارضاخ النظام الإيراني على إنهاء الحرب العبثية التي كانت مستعرة بيننا لأكثر من سبعة سنوات ونصف عند ذلك التاريخ.
(مخطط يبين مهاجمة الطائرات للجزر الإيرانية الخاصة بتصدير النفط)
10426855_277192759151455_5808068827601527819_n.jpg

حل معضلة الوصول إلى الهدف الحيوي المنتخب والاستطلاع الجوي لمنظومة الهدف: -
3.كان القرار أن تنفذ القوة الجوية العراقية ضربة قاتلة للإجهاز على هذا الميناء العائم، بالرغم من المعضلات الجدية التي تتعلق ببعد المسافة اليه، ولكن المسافة ليست عذراً فهناك وسيلة لتجاوزها، حيث أنه قد سبق أن تم مهاجمة منشآت نفطية وغير نفطية بعيدة داخل الاراضي الإيرانية والخليج، إذا كان لابد من التفكير المبدع لوضع حل لمشكلة امكانية وصول طائرات الضربة إلى منطقة الهدف النائية والمعضلات الأخرى التي من المحتمل مواجهتها اثناء سير الرحلة، وأن هذا لا يمكن أن يحل الا بأسلوب مبتكر يفاجئ العدو من خلال:
الإرضاع الجوي المتتالي(تشكيل من الطائرات المرضعة تزود تشكيلا اخر من المرضعات بالوقود، وتشكيل من طائرات مرضعة يقوم بتزويد طائرات الضربة في نفس الوقت بمعدل تدفق 500 لتر/دقيقة الذي تزود به الطائرات المرضعة التي سترافق تشكيل الضربة إلى نقطة النهاية والمرضعات الاخيرة تتولى مهمة تزويد طائرات الضربة بالوقود تمهيدا لانطلاقها النهائي للهدف)، فطائرات الضربة الثلاثة كان يجب أن ترافقها طائرات أخرى للتمويه وتشكيلات تقوم بالإرضاع، ولذلك كان التخطيط يتطلب الإرضاع الجوي لمرتين في وقت واحد وبالطيران الواطئ جداً 20 الى 50 متر كحد اقصى مع الحرص الشديد على المباغتة التامة.
ومن أجل أن تكون المهمة الجوية تجاه دكات التحميل في مضيق هرمز ناجحة كان لابد أن يسبقه عملية استطلاع جوي تصويري للمنطقة للوقوف عن كثب على هذه الدكات، ولإعطاء فكرة واضحة لا لبس فيها لطياري المهمة، بحيث يكون لديهم تصوراً كاملاً وفكرة جيدة عن المنطقة، وهنا ظهرت الحاجة إلى طائرة سريعة تحلق بارتفاع شاهق لا تحتاج للتزود بالوقود لقطع كل هذه المسافة مع امكانية الحصول على صورة بأدق التفاصيل كي لا نصيب الهدف الخطأ.
وبالفعل وقبل تنفيذ المهمة تم تكليف طيار استطلاع تخصصي على طائرة (MIG-25R) والذي نجح بإتقان التصوير وبإرادة فريدة في اداء مهمته، وأعطت نتائج الاستطلاع تصوراً كاملاً للموقع من ناحية توزيع السفن التي كانت تشكل البنية الاساسية للميناء العائم وموقعه بالإحداثيات، وعلى ضوء ذلك تم وضع الخطوط النهائية لخطة الضربة الجوية التي استهدفت تدمير ميناء تصدير النفط العائم الإيراني الكائن في مدخل مضيق هرمز من ناحية الغرب.
تبلور الخطة حول الميناء العائم والاستعدادات للتنفيذ
أفادت التقارير الواردة أن هذا الميناء العائم والذي لديه القدرة على تحميل سفينتين في آن واحد هو عباره عن باخرة عملاقة بل أنها أطول سفينة بنيت على الإطلاق وتدعى (Seawise Giant) تصل حمولتها من النفط إلى اكثر من (600) ستمائة ألف طن، أما أبعادها كانت بطول (1500 قدم) وعرض (226 قدم)، وذات برج يتكون من 6 طوابق ظاهر إلى الاعلى، ولذلك كانت الأبعاد مثالية للقصف وكانت الناقلات المجاورة لها تبدو كأسماك صغيرة إزاء دولفين كبير فكانت بالفعل تمثل جزيرة،
صورة توضح حجم الناقلة مقارنة بأطول الابراج عالمياً
1606873_277188672485197_3176728996146604936_n.jpg

صورة الناقلة Seawise Giant
10612782_277188759151855_7118066259469864180_n.jpg


وهكذا وبعد وضع اللمسات الاخيرة لخطة الضربة الجوية تم الايعاز بالمباشرة بممارسة التدريب العملي على الخطة بعد أن تم اختيار الطيارين الاكفاء والملائمين لهذه المهمة الفائقة الحساسية، وهم كل من:
قائد التشكيل: الرائد (حذف الاسم للخصوصية) Mirage F1EQ-5
الرقم –2 في التشكيل: النقيب (حذف الاسم للخصوصية) Mirage F1EQ-5
الرقم –3 في التشكيل: النقيب (حذف الاسم للخصوصية) Mirage F1EQ-5
5.على ضوء الحسابات التي اجرتها هيئة ركن التخطيط في مرحلة وضع خطة الضربة الجوية ومن أجل تأمين وصول طائرات الواجب الرئيسي إلى الهدف فان مجمل الجهد الجوي المطلوب وصل إلى أربعة عشرة طائرة، (تسع منها للإرضاع المتتالي) وثلاث طائرات لمعالجة الأهداف المقررة في الخطة وطائرتين من أجل المخادعة، لسحب أي نشاط للطيران الإيراني وجلب انتباهه عن تشكيل الضربة الرئيسي، أما التشكيل الذي يكون من أثني عشرة طائرة فسوف يواصل بأسلوب الطيران الواطئ جداً واجراء عمليات ارضاع متتالي بالوقود بعد القرار على النقاط التي يجري فيها الإرضاع (راجع خريطة خط الطيران).
6.كان الإرضاع الجوي الأول يجري من ست طائرات Mirage F1، إلى الست الأخرى بضمنها طائرات الضربة التي ستستمر بالطيران، على أن تعود الطائرات المرضعة الأولى بعد إنجاز عملية الارضاع إلى قاعدة الشعيبة، ومن ثم تليها عملية الإرضاع الثاني من ثلاث طائرات مرضعة إلى طائرات الضربة الثلاث التي ستستمر نحو هدفها.

التنفيذ للرحلة الأسطورية.
7.بالنظر لأهمية الواجب فلقد تم التركيز على تدريب الطيارين المنفذين وفق ما جاء بالخطة بالضبط، وكانت الممارسات جيدة جداً ومطمئنة، استلمنا الأوامر للتنفيذ، ولأهمية الواجب القصوى تم تكليف أحد ضباط الركن الجويين الاكفاء، وهو من الذين ساهموا في التخطيط للمهمة، بتولي مسؤولية الايجاز النهائي والاشراف الميداني المباشر على التنفيذ. وعند ذلك ووفق الخطة الموضوعة تم اعادة انفتاح قوة تتألف من اربعة عشرة طائرة Mirage F1 في المطار الثانوي في(أرطاوي) الذي يبعد عشرون كيلومتر غرب القاعدة الجوية في الشعيبة القريبة من مدينة البصرة، وبما أن إقلاع أربعة عشرة طائرة في شكل متلاحق يمكن أن سيستغرق زمناً طويلاً ويخلق مشاكل تتعلق بتجمع التشكيلات في الجو وما يتبعه من صرفيات اضافية للوقود لذلك تم الايعاز بأن يتم اقلاع التشكيل الأخير المكون من أربعة طائرات من طريق ال (taxi way) وهكذا انطلقت الطائرات في آن واحد كل منها لواجب خاص بها وذلك صباح يوم 14 من شهر ايار عام 1988 بحمولة عدد/2 قنبرة لطائرات الضربة عيار 1000 باوند حرة السقوط براس خارق وخزان عدد/2 سعة 1200 لتر لكل طائرة
(مخطط لرحلة طائرات الميراج لتدمير منصات الرصيف العائم)
10552447_277192812484783_1072060823135165894_n.jpg


8.كانت الخطة تبدو كقصيدة ذات مفردات كثيرة ولكنها رائعة، تحمل إلى النفوس البهجة الممزوجة بالقلق المشروع، فيها حلم، فيها أمل، صلاة، ترقب...
كانت مهمه بالغة الصعوبة لكنها ليست مستحيلة، وقد جاء موعد الاختبار، ومهما كان الإنسان واثقاً يبقى لديه هاجس من الحذر والترقب لا سيما أن هذا الهدف سيجبر الإيرانيين على وقف الحرب برمتها، وبعد أن أعطى كل طيار في هذا الواجب عصارة أفكاره في كل الاحتماليات المتوقعة وحتمية تدمير الهدف دون اي خيار اخر حتى لو اقتضى الامر التضحية بالنفس من أجل تدميره. كان الجميع في مركز عمليات قيادة القوة الجوية يترقبون بالثواني والدقائق رحلة مسير الطائرات فالرحلة طويلة جدا، وأي خلل أو انكشاف للطائرات يعني ضياع جهد كبير جداً، ومع ذلك قد تم حساب كل الاحتمالات بأدق التفاصيل، حتى تلك التفاصيل الخاصة بالبوارج الأمريكية العسكرية التي كانت ترابط في الخليج العربي لذلك كان خط الرحلة مرسوم بحيث يكون بمحاذاة الجانب الغربي من الخليج العربي وأقرب إليه منه إلى الجانب الشرقي ومع كل ذلك فأن الإرضاع هنا يأتي من الأهمية في مكان معين وخاصة في الارتفاع الواطئ ومع مرور الوقت كانت كل الادلة تشير إلى النجاح، والطائرات العراقية تتفادى انتباه البوارج الامريكية وخط الرحلة يبعد عن اقرب واحدة منها ما يزيد عن خمسين كيلو متر، ومع ذلك وعند توغل التشكيل في عمق الخليج نودي عليه عبر الشبكة اللاسلكية العالمية من قبل وحدات الاسطول الامريكي كما هي العادة لتجنب مناطق تواجدهم !، وكان يكفي الرد من قبل قائد تشكيل الضربة: أن جميع الازرار مغلقة وأنهم مشاهدون وهذا كفيل بعدم التعرض للتشكيل لأن الاسطول الامريكي لدية منظومات تؤكد ذلك ايضا، وهكذا استمر تشكيل طائرات الميراج العراقية في توجهه نحو هدفة المنشود مستمراً بالاقتراب منه شيئا فشيئا، وبعيداً عن القطع البحرية الامريكية تم الارضاع الثاني بنجاح، كانت الرحلة طويلة لا يرافقك فيها سوى دوي المحركات و انعكاس ضوء الشمس المتلألئ على مياه الخليج الزرقاء على امتداد الافق و خلال التقرب إلى الهدف كانت هناك فرقاطة إيرانية على خط الرحلة تقبع غرب مضيق هرمز ولم تقم تلك الفرقاطة بأية فعالية تجاه التشكيل ظناً منها أن هذا التشكيل هو احد التشكيلات الجوية التي تنفذ مهام روتينية من دولة الامارات العربية، كما لم يكن يدر بخلدهم أن الطائرات العراقية يمكن أن تصل إلى هذه المسافة الطويلة، ولكن خاب ظنهم بعد ذلك حيث كانت الطائرات تنطلق كالبرق بسرعة تفوق التسعمائة كيلو متر في الساعة وكانت النقطة الدالة الأخيرة هي الجبال المطلة على مضيق هرمز من جهة سلطنة عمان التي منها يتجه التشكيل إلى الشمال لمعالجة الهدف باتجاه جزيرة (لاراك)الإيرانية القابعة في مدخل مضيق هرمز وهي نقطة دالة جيدة لتمييز منطقة الهدف..
بدأت معالم الهدف تتضح تهيئ الطيارون العراقيون استعداداً لمواجهة العملاق الذي قطعت مئات الكيلو مترات لمواجهته، وأخذت ضربات القلوب تتسارع، والنظرات تثقب الأفق استعداداً للقائه، بدأت الناقلات الماكثة في للميناء العائم تظهر في الافق و تبدو صغيرة لكن معالمها أخذت تتضح شيئاً فشيئاً، باشر الطيارون استعداداتهم الأخيرة قبل الهجوم على الاهداف المخصصة لكل منهم، وضعت جميع الأزرار في حالة الاستعداد " للرمي " ، كانت هناك غابة من الناقلات الصغيرة تجوب المضيق تتوسطها ناقلة عملاقة، عند ذلك علت اصوات المحركات النفاثة وتوهجت الحوارق الخلفية للطائرات لكسب الارتفاع و السرعة في آن واحد، و بدائنا بالتسلق لينفتح التشكيل استعدادا للانقضاض على الهدف...

قتل عملاق البحر: -
كانت تلك الناقلة العملاقة ترقد وبجانبها ناقلتان كبيرتان تشكلان رصيفاً عائماً، وكان الجو يسبح بأبخرة الوقود المتصاعدة من الناقلات بحيث أن أي انفجار عالي المستوى سيؤدي إلى احتراق هذه الأبخرة ومعها ما تحمله من كوارث اللهب المنبعث...
أعطي الامر بفتح النار من قائد التشكيل وتم الانقضاض بزاوية حادة لتقليل مجال خطأ اصابة الناقلات التي شكلت الرصيف العائم... ألقيت القنابل نحو العملاق الرابض على مشارف مضيق هرمز لتشق طريقها إلى قلبة (خزانات الوقود المحملة بالنفط) لتخلف انفجار مهول فغطى وميضها أبدان طائرات الميراج العراقية التي شقت طريقها يساراً لطريق العودة بعد أن أصابته بنجاح، وعند ذلك بدأت نيران المدفعية المضادة للطائرات تظهر في الأفق ولكن بعد أن كان التشكيل قد ابتعد إلى مسافة امينة، وهنا وكما تبين من خلال وسائل الاعلام المرئية والمسموعة ووكالات الإعلام الأخرى: أن الضربة الجوية العراقية قد ولدت براكين هائلة من النيران لا سبيل لإطفائها الا بعد أن يصبح الميناء العائم رمادا تذره رياح من النار و الشرار العاتية... لفظ عملاق البحر أنفاسه النارية الاخيرة التي أرسلته إلى قعر المضيق لتنهيه وتنهي معه حرب عبثية دامت لثمان سنوات رفض فيها الجانب الإيراني اي مبادرة لوقف الحرب.
شق الطيارون العراقيون طريق عودتهم وعيونهم تملأها الفرح لنجاح مهمتهم التي بدورها سترغم الإيرانيين على وقف الحرب.
وهكذا بدا وبكل جلاء مدى نجاح سلاح الجو العراقي بقدراته التخطيطية وخبرته القتالية وكفاءة طياريه على مواجهة المستحيل.
لقد احترقت ثم غرقت ناقلة النفط (سي وايس جيانت).
احترقت وغرقت معها ناقلة النفط الاسبانية برشلونة.
احترقت وغرقت معها ناقلة النفط تركية.
بعد شهرين من هذه العملية أرغم النظام الإيراني على وقف إطلاق النار في 8 أغسطس من عام 1988 لتبدأ بعدها المفاوضات المباشرة بين العراق وإيران في جنيف 25 أغسطس -7 سبتمبر 1988 وكان على المتفاوضين بحث قرار مجلس الأمن المرقم 589
صور لناقلة النفط بعد تدميرها
10469040_277188642485200_5873622669281764676_n.jpg


10599179_277188695818528_5608677906295805098_n.jpg

10516708_277192722484792_5119379585835503727_n.jpg


تمت مقابلة احد ابرز طياري القوة الجوية العراقية المكلف بالواجب
* ولاتمام الموضوع فان الناقلة العملاقة Seawise Giant تم تعويمها وقطرها ... لاسيما انها غرقت في مناطق ضحلة كونها قريبة على جزيرة لارك .. وتم قطرها واعادة بناؤها في سنغافورة وتحت اسم Happy Giant وكذلك سميت باسماء عديدة ورفعت اعلام دول عدة .. وظلت بالخدمة حتى نهاية عام 2009 حيث تم تفكيكها في مقابر السفن في الهند ..
* منقول
 
عودة
أعلى