شخصيات كردية في الحياة العربية الإسلامية(احمد عبد العزيز الجار الله كاتب سعودي)

إنضم
5 يوليو 2011
المشاركات
41
التفاعل
9 0 0
شخصيات كردية في الحياة العربية الإسلامية


الأكراد شعب آري من مجموعة الشعوب الهندو أوروبية وأول كتاب في تاريخهم هو "الشرفنامة" للبدليسي. ولم يؤلف بعده في هذه الموضوع حتى جاء محمد أمين زكي بك, الذي تسلم مناصب وزارية عدة في الحكومة العراقية في الثلث الأول من القرن العشرين, والمتوفى سنة 1948 م, فكان أول كردي في العصر الحديث يضع حول هذا الموضوع كتابا ضخما باللغة الكردية هو: "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" سنة 1931 , ما لبث أن ترجم الى العربية سنة 1952 . وقد انتشر الإسلام بين الاكراد على يد خالد بن الوليد, وعايض بن غنيم الصحابيين الشهيرين. وكان الجيش العربي الاسلامي قد وصل بفتوحاته الى حدود كردستان في 18 ه¯/640م, أي بعد سقوط المدائن عاصمة الساسانيين في 637م, وقد وقف الاكراد دائما الى جانب العرب الذين تزاوجوا واختلطوا معهم في روابط وحدت الشعبين تحت ظلال الدين الاسلامي, وقد لعب التراث الفكري والثقافي والأدبي المشترك, وعلاقات القرابة والمصاهرة المستمرة منذ القديم وحتى عصرنا الحاضر, أكبر الدور في اسهام الاكراد في تدعيم اركان الثقافة العربية والشريعة الاسلامية.
فالاكراد من أكثر الجماعات تمسكا بالدين الاسلامي وتفهما له وتفقها فيه . اذ ان الأغلبية العظمى منهم مسلمون على المذهب الشافعي, وربما يرجع سبب ذلك الى أن علماءهم الأكراد درسوا العلوم الشرعية في المدرسة النظامية ببغداد في ايام الخلافة العباسية, وقد اعتمدت هذه المدرسة المذهب الشافعي منذ تأسيسها. وقد استمر توارث العلوم الشرعية بينهم في مدارس فقهية شافعية ضمن بنية عشائرية شبه رسمية وتنظيم مدرسي للمناهج, تدعمه مكتبات عامة غنية.
والذي لا يعرفه الكثيرون ان عددا من افذاذ العلماء والمؤرخين والمفكرين والشعراء العرب هم من أصل كردي في منشأ عربي. ولعل اشهر هؤلاء هو شيخ الاسلام ابن تيمية (وفق ارجح الاقوال حول نسبه), وعثمان بن الصلاح الشهرزوري الشرخاني, الذي رحل في طلب الحديث الى بغداد ودمشق ونيسابور وبلاد خرسان, وألف في علومه كتابا مرجعيا يعرف ب¯"مقدمة ابن الصلاح", وهو مؤسس مدرسة الحديث بدمشق, والعلامة ابن خلكان صاحب "وفيات الأعيان في أنباء ابناء الزمان", وابن الاثير الجزري صاحب "الكامل في التاريخ", والملك الصالح ابو الفداء صاحب "مختصر تاريخ البشر", الذي ولي امارة حماة واليه نسبت هذه المدينة. وكذلك عدد من الشعراء من اصل كردي, الذين الفوا القصائد الشعرية الرقيقة والمنظومات العلمية بالعربية.
وسيرا على خطا هؤلاء نلحظ في العصر الحديث وجود اسماء من مثل أحمد شوقي في مصر (يتحدر أمير الشعراء من أنساب متعددة لجهة أبيه وأمه واجداده وجداته, ولكن اظهرها النسب الكردي بحسب ما روى له والده), وجميل صدقي الزهاوي في العراق, وخير الدين الزركلي في سورية الذي غادر دمشق عقب الاحتلال الفرنسي لها واستقر في الحجاز حيث أصبح من رجال الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله, وتولى مناصب مهمة في الدولة السعودية الناشئة, منها الوزير والسفير, ومنهم رجل النهضة العربية محمد كرد علي وفي الوقت الحالي عالم الشام المعروف د. محمد سعيد رمضان البوطي.
والاكراد محاربون اشداء شاركوا في الفتوحات الاسلامية الاولى ثم برز منهم ابو مسلم الخرساني الذي قامت الدولة العباسية بفضل جهوده العسكرية. ثم جاء الايوبيون في مرحلة تاريخية حساسة. وكان ابرزهم السلطان صلاح الدين الايوبي محرر القدس من الصليبيين. ولم تتميز المملكة الايوبية بالفروسية والحرب واستعادة الارض وحسب, وانما تميزت وتفردت برعايتها للعلم وتشجيعها للمعرفة, وخير دليل على ذلك المدارس التي انشأها صلاح الدين في سورية ومصر, ولم يقتصر أمر انشاء المدارس على ملوك هذه الاسرة, بل إن اميرات ايوبيات اسهمن في هذه النهضة العلمية في بلاد الشام, ولا سيما في دمشق حيث أسس الأيوبيون حي ركن الدين, ومنهن ست الشام بنت ايوب, أخت صلاح الدين, التي يذكر ابن كثير في تاريخه انه كان لها من الملوك المحارم خمسة وثلاثون ملكا. وقد أسست ست الشام المدرستين الشامية البرانية والجوانية, اللتين تعاقب على الدراسة والتدريس فيهما عدد كبير من مشاهير علماء الاسلام. وجعلت لهما من الاوقاف السخية, اذ انها كانت كثير البر والاحسان والصدقات. وقد أسست اختها ربيعة مدرسة "الصاحبة". وأسست ابنة عمهما بابا خاتون المدرسة العادلية الصغرى بدمشق, كما اسست عذراء بنت نور الدولة الايوبي المدرسة العذراوية, التي كان أول من درس فيها من الشافعية مؤرخ دمشق الشهير فخر الدين بن عساكر. أما في العصر الحديث فقد اشتهر من رجال الجيوش من اصل كردي بكر صدقي في العراق, الذي قاد اول انقلاب عسكري في الشرق الأوسط العام .1936 وفي سورية عرف كل من حسني الزعيم , وأديب الشيشكلي, وفوزي سلو , وقد تولى كل منهم منصب قائد الجيش ثم رئيس الدولة في اربعينيات وخمسينيات القرن العشرين. ويذكر المؤرخون أن عددا من مؤسسي الجيش والدرك في الأردن ضباط من أصل كردي, مثل الرئيس خليل بكر ظاظا, والرئيسي نظمي خليل بدرخان. اما في المملكة العربية السعودية فقد عرف اسم اللواء سعيد الكردي, الذي قاد - بأمر من المغفور له الملك عبدالعزيز - الفرقةالسعودية التي شاركت اخوانها العرب في القتال على أرض فلسطين العام 1948 . وقد طبعت مذكراته في كتاب مستقل منذ سنوات, وفيما ترسم صورة البطولات التي خاضها المقاتلون السعوديون في هذه الحرب وأسماء من لقي منهم وجه ربه شهيدا على روابي تلك الرقعة الطاهرة والغالية على قلوب كل المسلمين.
 
رد: شخصيات كردية في الحياة العربية الإسلامية(احمد عبد العزيز الجار الله كاتب سعودي)

س/لماذا محاربين من قبل تركيا ...!
 
عودة
أعلى