المعانى والاستنتاجات وراء عملية ام الرشراش (ايلات)

sword1988

عضو
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
821
التفاعل
729 0 0
18082011_005_1-thumb2.jpg

العملية العسكرية الثلاثية التي وقعت في أم الرشراش المحتلة التي أسماها الكيان الصهيوني إيلات انطوت على أكثر من معنى، منها:

أن القتلى والجرحى معظمهم من العسكريين "الإسرائيليين"، وهذا أمر يكتسي أهمية خاصة داخل الكيان الصهيوني، وردة الفعل الرسمية على الأقل توحي بأن العدد كبير من القتلى والجرحى، وعادة ما تخفي أو تقلل تل أبيب أعداد خسائرها العسكريين بخلاف من يسمون بالمدنيين لأسباب تتعلق بالحالتين المعنويين للجيش الصهيوني والمهاجمين، علاوة على أن الأهم من ذلك أن من بين القتلى ـ بحسب مصادر فلسطينية ـ 5 ضباط من الوحدات الخاصة "الكومنادوز" التابعة لوحدة "اليمام"، الخاصة التي تعد من أشهر الوحدات الصهيونية المقاتلة بالجيش الصهيوني.

ومنها أن المدينة التي وقع فيها الهجوم لها طبيعة خاصة تختلف عن سائر المدن الفلسطينية المحتلة في العام 48؛ فهي مدينة في الحقيقة ليست فلسطينية بل مصرية، وقد تؤدي هذه العمليات فيها إلى تسخين الجبهة المصرية/الصهيونية سياسياً على الأقل، لاسيما في تلك المرحلة الدقيقة، وثمة أكثر من سيناريو قد يدفع المهاجمين إلى تنفيذ عمليات داخل العمق في المدينة المحتلة، وهو ذو صلة مع الجهة التي خرج منها الكوماندوز العربي، إما أنهم قادمون من غزة أو سيناء بالأساس، فقد يكون الهجوم عملاً منبتاً عما يحصل في سيناء من ملاحقة مجموعات عربية (فلسطينية ومصرية)، وله صلة بتكتيكات مجموعات مسلحة في غزة لها جذور سلفية، أو هو نوع من الهروب إلى الأمام بالعبور إلى أم الرشراش المحتلة، وخلط أوراق متعمد لتخفيف الضغط في الداخل السيناوي.

ومهما يكن؛ فإن المدينة قفزت بمسماها الأصلي إلى الواجهة (أم الرشراش) في كثير من الصفحات على الفيس بوك، والمواقع الإخبارية، وبدت آخذة في الصعود إلى بؤرة الاهتمام الشعبي المصري شيئاً فشيئاً مخترقة التعتيم الرسمي السابق لنظام مبارك على كونها جزءاً من التراب الوطني الذي يستأهل مجرد السؤال عنه في أدنى درجات الدبلوماسية، والإنعاش الإعلامي كأقل "الواجبات الوطنية".

وكمدينة مصرية محتلة سيتجدد الحديث عنها هذه المرة بعيداً عن المتاجرة الطائفية التي سعت إليها بعض الجهات المصرية المرتبطة أيديولوجياً بإيران.
كما أنها ستعطي القوات المسلحة المصرية مبرراً أقوى للتواجد على أرض سيناء وتعزيز قواتها المتواجدة الآن بهدف ملاحقة مسلحي سيناء والعريش تحديداً وفرض السيادة المصرية عليها والتي تكبلها اتفاقية كامب ديفيد.

غير أن هذه الإيجابيات الظاهرة تقابلها سلبيات كثيرة فجرتها تلك العمليات، منها أن مصر ليست بحاجة اليوم لما يفتح عليها ملفات هي في غنى عنها، لاسيما أن قسماً كبيراً من التيار السياسي القريب من الغرب سيسوق لفزاعة "الإمارة الإسلامية" في سيناء للتحذير من الخصوم السياسيين الإسلاميين في مصر، وسيعزز من مطالبات البعض بتأخير الانتخابات ريثما تهدأ الحالة الأمنية في مصر، وهنا قد يتفاقم الوضع أكثر بالنظر إلى ما قد يقال "إسرائيليا" عن "عجز مصر عن فرض سيادتها الأمنية على سيناء" و"نصائح" موقع ديبكا الصهيوني باستخدام سلاح الجو لملاحقة المسلحين في سيناء الذين لا يمكن استهدافهم إلا بهذه الطريقة، حيث يرى الموقع أن مهمة الجيش المصري سهلة في شمال سيناء بينما تبدو متعذرة في وسطها وجنوبها، حيث جبال "أصعب من وزيرستان".

وتكمن أبرز السلبيات في هذا الرد العنيف المتوقع والذي حصل بالفعل وحصد أرواح قادة من المقاومة الفلسطينية في لجان المقاومة الشعبية وذراعها العسكري، ألوية الناصر صلاح الدين، التي دفعت ثمن عمليات أم الرشراش من دون أن يركز الساسة الصهاينة أصلاً على مسؤوليتها عن العملية الثلاثية بالقرب من خليج العقبة.

وهذا الرد العنيف الذي ربما لا يقتصر فقط على ما حصل يفسره رغبة نتنياهو وحكومته في إيجاد مخرج ما يلفت أنظار الشباب الصهيوني بعيداً عن المطالب الاجتماعية، ويظهر مدى الحاجة لتكاتف "الإسرائيليين" لصد العدوان الخارجي كأولوية باعتبار أن "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" مثلما كان يقول الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، هذا إضافة إلى أن حاجة "إسرائيل" للردع لا يحده ظرف اجتماعي ولا ينتظر ساعة مناسبة وإنما يرتبط بـ"الأمن القومي الصهيوني" بالأساس.

"إسرائيل" تحاول إثر تلك العمليات تصدير إخفاقها في صدها لمصر وحماس اللتين توجه إليهما اللوم بعدم استطاعتهما فرملة الجماعات الدينية المسلحة في مناطق نفوذهما، لكن من الخلل اعتبار الطرفين مسؤولان عن أمن "إسرائيل"، وأن جهودهما لفرض الأمن ينبغي أن تشمل الكيان الغاصب داخل حدوده الافتراضية!

لكن هذا لا ينفي أن كلا الطرفين سيجد نفسه مضطراً إلى الانخراط في المشكلة بشكل أو بآخر، لاسيما أن حماس التي حاولت استغلال حاجة حكومة نتنياهو لتقديم جائزة للشباب المحتجين في تل أبيب، تتمثل ـ ربما ـ في "تحرير" شاليط في الفوز بصفقة تبادلية متميزة للأسرى الفلسطينيين (يحاول الوصول إليها زعيم حماس خالد مشعل عبر زيارته لمصر، وهو واقع أصلاً في حرج مقابل يتمثل في صمت حماس على مجزرة تل الزعتر في سوريا في مقابل إدانة فتحاوية بينة)، قد تواجه باباً مغلقاً بعد تلك العملية، لاسيما أنها لن تستطيع كبح رغبة اللجان الشعبية في الثأر لقادتها، وقد كانت ستجد نفسها في حرج أكبر لو كان المهاجمون قد نجحوا في أسر جندي صهيوني وتهريبه إلى مصر عبر الأنفاق وهو ما لم يحصل بسبب نيران الجيش الصهيوني الكثيفة، وتوقعته مصادر صهيونية كهدف كان مرسوماً لتلك العمليات.

تشعبات سياسية وأمنية كثيرة تحوط بهذه العملية الثلاثية، وهي أربكت كثيراً حسابات الأطراف حول هذه المنطقة الاستراتيجية الحساسة التي تقترب من حدود أربع دول عربية إضافة إلى الكيان الصهيوني، وتفتح الباب على كل التوقعات والحسابات.
استنتاجات من أجواء عملية أم الرشراش ( إيلات )



img1313779610-thumb2.jpg

تعد عملية أم الرشراش البطولية هي عملية نوعية ومميزة حققت فيها المقاومة انتصارات أمنية وميدانية، استطاعت من خلالها تسجيل عنصر المفاجأة بصورة كبيرة للعدو مما جعلته يتخبط في التقديرات الأولية للعملية، ولعل أبرز هذه الإنجازات للمقاومة كانت العدد الكبير الذي نفذ العملية وهو عدد مرتفع جداً مقارنة بالعمليات السابقة للمقاومة بدخول سبعة استشهاديين للمنطقة، بالإضافة إلى المنطقة المستهدفة وهي مدينة أم الرشراش (إيلات)، وهي تعتبر أكثر مناطق العدو هدوءً واستقراراً مقارنة بالمدن الأخرى داخل دولة الكيان , مدة العملية والتنفيذ كان من أهم المفاجآت والإنجازات التي حققها المهاجمون ؛ من خلال نصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة للعدو داخل مدنه واستمرار العملية لساعات طويلة، وهي حادثة فريدة من نوعها وتعد خيبة أمل للعدو وإخفاق كبير .


الإعلام "الإسرائيلي" الموجه

لقد كانت دائماً تتباهى المكينة الإعلامية الصهيونية بأنها الوحيدة في المنطقة العربية التي تمتلك مساحة العمل الحر، وأن تتحدث فيما تشاء دون تتدخل من أحد، وأنها ذات اليد الطويلة في علاج القضايا الصهيونية الداخلية، ولكن عملية أمس ودور الإعلام أثبت بأن هذه الوسائل ليست حرة فيما يختص بالشأن الأمني الصهيوني، وأن مقص الرقيب العسكري هو الفيصل في مثل هذه الحالات، وأن جميع المعلومات تصدر بإذن الجيش الإسرائيلي، وأن لا مكان لحرية الصحافة في هذه الميادين، وهذه ليست المرة الأولى ؛ ولعل حرب غزة 2008 كانت خير دليل على ذلك , الأمر لم يتوقف على مقص الرقيب العسكري في النشر، بل تلعب وسائل الإعلام هناك دور التوجيه الأمني والتضليل ومحاولة إخراج أن الفشل في تقدير العملية كان خللاً من قبل الجيش وليس مفاجأة، حيث نشرت صحيفة هآرتس يوم الجمعة فيما قالت أنه إنذار من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي " أن عملية كبيرة ومتدحرجة سينفذها قريباً عدد كبير من المسلحين في ذات المنطقة التي وقعت فيها العملية، مشيرةً إلى أن المسلحين سيطلقون النار من عدة نقاط باتجاه سيارات وحافلات اسرائيلية كما سيستخدمون صواريخ مضادة للدروع" , هذه الأخبار تنشر من أجل تخفيف روع المجتمع الداخلي للكيان، وأن الأمر مسيطر عليه تماماً وأن المشكلة فقط في الأداء وليس في العملية بحد ذاتها .


نتنياهو ينجو من السقوط

لاشك بأن العملية شكلت صدمة للحكومة "الإسرائيلية"، ولكنها حققت المخرج الذي تبحث الحكومة الإسرائيلية عنه، فقد كانت تحاول إنجاز الصفقة أو أن تصعد على حدود غزة، إلا أن العملية وفرت لها المخرج المناسب، فقامت بقصف مجموعة من القيادات العسكرية البارزة في قطاع غزة، فتخلصت من مجموعة كانت تلاحقها سابقاً، وظهر رئيس الحكومة بموقف البطل وأن مدبرين العملية قتلوا، وهذه قوة ردع مما أخمد حرائق التظاهرات الداخلية التي كانت تشتعل يوماً بعد يوم داخل المجتمع "الإسرائيلي"، منهياً الجدل معهم على الميزانية العسكرية رافعاً لهم شعار بأن لا أحد يقترب من الميزانية العسكرية للجيش ؛ لأن الخطر قائم ومستمر وبذلك أرسل رسالة ارتياح للجيش , وبذلك يمكن أن يحافظ نتنياهو على الائتلاف الحكومي ويفتح خط مواجهة مع الإدارة المصرية الجديدة .

مصر في موقف حرج
يشكل مقتل الجنود المصريين الخمس مصدر إزعاج للقيادة المصرية الحالية التي ستقع تحت الضغط الشعبي بأنه يجب أن يكون هناك رد، ويسجل فشل للجيش المصري الذي كان ينفذ عملية ملاحقة للعناصر المسلحة في منطقة سيناء للسيطرة عليها، بالإضافة إلى تحميلها المسؤولية من قبل الحكومة الصهيونية، هذه الظروف تشكل اختباراً حقيقياً للقيادة المصرية الحالية وكيفية التعامل معها، لأنها مطالبة بمواقف مختلفة عن القيادة السابقة، ولكن إذا أحسنت القيادة المصرية التصرف فإنها تستطيع استثمار هذه العملية وتحقيق عدة نقاط لصالحها، وذلك من خلال الضغط لانتشار أوسع للجيش في سيناء، أو المطالبة بتغيير اتفاقية سيناء، بالإضافة للاستفادة من ذلك في قضية رفع الحصار على غزة وتقديم تسهيلات أوسع على المعبر، لا سيما أن الحصار سيبقى يولد الانفجار وأن إغلاق الأنفاق يكون بتوفير البدائل لقطاع غزة، وهذا مخرج مشرف لها أمام الجماهير المصرية.
حماس تكسب
حركة حماس ستخرج من بعد هذه العملية بأفضل النتائج له على الصعيد الخارجي، بحيث تستغل هذه الظروف للضغط على الجانب المصري لتحقيق مكاسب على صعيد رفع الحصار والعمل بشكل أفضل على المعبر، ويمكنها تقديم مبادرة لإغلاق الأنفاق في مقابل توفير البديل، هذا من جانب أما من جانب آخر فإنها توصل رسالة للعدو بأن عمل المقاومة مستمر في القطاع، ويمكن أن يتحول إلى خارجه وأن الكيان عليه أن يتحمل نتائج عبثه مع المقاومة الفلسطينية في الساحات الخارجية، مثل عمليات الاغتيال وقصف القوافل في السودان، وإن كانت هي ليس لها علاقة بالعملية ولكن في نهاية المطاف هي راعية المقاومة في فلسطين، أما على صعيد الجبهة الداخلية فإنها تحقق شعاراتها بأن المقاومة ليست شعاراً، وأن ما كان يجري من ضبط لعمليات إطلاق الصواريخ كانت من أجل التكتيك والاستعداد، وأن الرد على العدوان قائم، وهذا ما يجري على الأرض من فصائل المقاومة .

الخلاصة
حالة التصعيد الحالية لن تستمر طويلاً، لأن الاحتلال قد يكتفي بعملية اغتيال قيادة ألوية الناصر صلاح الدين وعمليات قصف متفرقة ضد أماكن خالية لا تسيل فيها الدماء أمام الإعلام، فالاحتلال مقتنع بأن رشقات الصواريخ الحالية هي عبارة عن ردة فعل، طالما لم تدخل حركة حماس المعركة، فهو لا يريد التصعيد فالأمور تسير نحو الهدوء واعتبار أن ما جرى هو عبارة عن جولة من الصراع المستمر بين الطرفين، لعلمهم بأن استراتيجية حركة حماس تركز على العمل العسكري من الداخل فقط، ولكن الأمور قد تنزع إلى التصعيد بشكل عنيف إذا أقدمت المقاومة على تنفيذ عملية نوعية أوقعت عدد كبير من القتلى في صفوف الجنود .

من جانب آخر قد يكون "حزب الله" يقف خلف هذه العملية بمساعدة مجموعات مسلحة من سيناء وعرب الداخل، لأن العملية كانت نوعية تحتاج إلى دعم لوجستي من الداخل، ومثل هذه العمليات يصعب على الجماعات الصغيرة تنفيذها لوحدهم بدون مساعدة من جهة كبيرة مثل حماس أو "حزب الله"، مما يجعلنا نرقب من يريد أن يحرف البوصلة عن الأوضاع في سوريا باتجاه القضية الأساسية، بالرغم من ذلك تبقى هذه العملية نوعية وفريدة.
 
رد: المعانى والاستنتاجات وراء عملية ام الرشراش (ايلات)

لم تشهد العلاقات المصرية "الإسرائيلية" منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل 33 عاما مثل هذه الحالة من التوتر التي تشهدها الآن بعد استشهاد جنود مصريين في سيناء على يد القوات "الإسرائيلية" قبل أيام وهو ما جعل البعض يطالب بإلغاء أو تعديل "اتفاقية الذل والهوان" -بحسب وصف البعض- والتي ظلت منذ توقيعها وحتى الآن مثار جدل شديد.

فبعد تجرؤ "إسرائيل" على قتل 5 جنود وضباط مصريين على الحدود خلال هجوم" إسرائيلي" لملاحقة مهاجمين قتلوا ثمانية صهاينة -والذي تبين بعد ذلك أنه كان متعمدا حيث إن نوع المقذوف المستخدم في قتل المصريين من النوع الذي ينفجر داخل الجسم-، أجمع خبراء عسكريون واستراتيجيون على أنه لدى مصر الآن فرصة ذهبية لتعديل معاهدة السلام التي حدت من الوجود العسكري المصري في سيناء وخاصة المنطقة (ج) الممتدة من شرم الشيخ جنوبا وغرب رفح شمالا أو منطقة "الكونتيلا" كما يسميها الصهاينة، ما يسمح بوجود أمني فاعل لحفظ الأمن.

كما لم تعد مراجعة اتفاقية كامب ديفيد مطلبا شعبياً فقط، بل انضم له نخب وقوى سياسية مصرية، وهو ما قد يلقى استجابة لدي الحكومة المصرية الذي بدا موقفها مغايرا بشكل كبير للموقف السابق خلال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك في التعامل مع مثل تلك الأحداث.

فقد أصدرت القاهرة بياناً حمل إشارات لموقف أكثر فعالية، وهمت بسحب السفير المصري من تل أبيب لحين موافاتها بنتائج التحقيقات، لكنها تراجعت بعد ذلك، وأعلنت عن استدعاء السفير "الإسرائيلي" لديها، وإن كان شاب ذلك غموض أيضاً، وطلبت اعتذارا رسميا عن الحادث، كما تم إغلاق منفذ العوجة البري بوسط سيناء وهو المخصص لعبور البضائع والتبادل التجاري بين مصر و"إسرائيل" طبقا لاتفاقية الكويز الموقعة بين مصر و"إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية.

وفي بيان يعد الأكثر حدة في مواجهة "إسرائيل" منذ عشرات السنين، أكدت القيادة السياسية المصرية أن مصر ستستخدم كافة الإجراءات الواقية لتعزيز منطقة الحدود من جانبها مع "إسرائيل" ودعمها بما يلزم من قوات قادرة على ردع إدعاءات لتسلل أي نشاط أو عناصر خارجة عن القانون، وكذلك الرد على أي نشاط عسكري "إسرائيلي" باتجاه الحدود المصرية.

الخبراء العسكريون المصريون طالبوا بضرورة تعديل اتفاقية كامب ديفيد التى تسمح بإعادة النظر فيها كل 5 سنوات وفقا لبنودها من أجل زيادة أعداد القوات المسلحة في سيناء، مؤكدين في الوقت ذاته أن الاعتداء على قوات حرس الحدود المصرية من الممكن أن يكون محاولة من "إسرائيل" لاحتلال سيناء بحجة وجود خطر يهدد حدودها نتيجة الانفلات الأمنى الذي تشهده مصر حاليا.
وتقضي الاتفاقية بعدم السماح لأكثر من 750 جندي مصري فقط بالانتشار على طول الخط الحدودي بين "إسرائيل" ومصر، والذي يبلغ طوله حوالي 220 كيلومتراً.
يذكر أن اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها كل من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ومناحم بيجن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" عام 1979، أدت إلى موجة استياء عربي واسعة، وصلت لمقاطعة الدول العربية لمصر، ونقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس.
وأثارت الاتفاقية، انتقادات واسعة، ليس فقط لفكرة السلام المنفرد، بعد حرب 6 أكتوبر عام 1973 ، لكن أيضا بسبب نصوص الاتفاقية نفسها، وهي النصوص التي كتبت "دستور سيناء" طيلة 33 عاما.


تقسيم سيناء
وتنقسم سيناء إلى مناطق أمنية ثلاث بحكم اتفاقية السلام التي تلزم مصر بتسليح محدد ومعروف مسبقا في تلك المناطق ولا يجوز رفعه إلا باتفاق الطرفين.

المنطقة الأولى، وتعرف بـ«المنطقة أ»، تبدأ من قناة السويس، وحتى أقل من ثلث مساحة سيناء، وفيها تلتزم مصر بعدم زيادة التسليح عن فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية وتحصينات ميدانية، كذلك لا يجوز لمصر أن تزيد عدد الدبابات في تلك المنطقة المفتوحة حتى 230 دبابة، ولا عدد ناقلات الأفراد المدرعة إلى ما فوق 480 مركبة من كل الأنواع. وحسب الاتفاقية تلتزم مصر بسقف 22 ألف جندي في تلك المنطقة لا يزيدون.
أما في المنطقة «ب»، فتضم منطقة شاسعة، حيث تبدأ جنوبا من حدود شرم الشيخ، وتتسع على شكل مثلث مقلوب لتصل إلى العريش، وفي تلك المنطقة وسط سيناء بالكامل أو أغلبه، وتضم أيضا الممرات الإستراتيجية التي تتحكم في شبه الجزيرة.
وتنص الاتفاقية أن تلتزم مصر بحد أقصى من التسليح يتمثل في 4 كتائب بأسلحة خفيفة وبمركبات على عجل (وليس المجنزرات التي تسير بشكل أفضل على الرمال)، تعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام في المنطقة، وتتكون العناصر الرئيسية لكتائب الحدود الأربع بحد أقصى 4000 فرد.

أما المنطقة الثالثة، المعروفة بالمنطقة «ج»، فتضم الشريط الحدودي كله، بالإضافة لهضاب منطقة وسط سيناء الشهيرة، ومدينتي طابا وشرم الشيخ الإستراتيجيتين، ومدينة رفح المصرية التي تعتبر بوابة قطاع غزة.
وحسب الاتفاقية، من غير المسموح لمصر نشر قوات عسكرية في تلك المنطقة، حيث تتركز قوات شرطة، وقوات أمم متحدة فقط، على أن تكون الشرطة المدنية المصرية مسلحة بأسلحة خفيفة أداء المهام العادية للشرطة داخل هذه المنطقة التي تعتبر أبرز مناطق الفراغ العسكري في سيناء، رغم أنها تضم أقل من ربع مساحة شبه الجزيرة بقليل، وكامل خط الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة.
ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير فى مصر والتي أطاحت بمبارك، وافقت "إسرائيل" مرتين على نشر مصر لمزيد من القوات فى سيناء لحماية بنية تحتية أساسية مثل خط أنابيب الغاز ل"إسرائيل"، كما وافقت على الانتشار المؤقت لأسلحة ثقيلة الى سيناء لأول مرة منذ عام 1979.

وعلى الجانب الآخر يدرك "الإسرائيليون" أن اتفاقية السلام مع القاهرة لم تعد العامود الفقري لأمن "إسرائيل" مع مصر، حيث دعا معلقون "إسرائيليون" بارزون الحكومة والمؤسسة الأمنية إلى تكثيف الاستعدادات المطلوبة لمواجهة التطورات في مصر بعد سقوط الرئيس مبارك.
وتساءل البعض عما إذا كانت هذه التطورات تستوجب من "إسرائيل" إعادة الوضع على الحدود مع مصر إلى ما كان عليه قبل ثلاثة عقود، أي قبل اتفاق السلام (انتشار الجيش على طول الحدود).
ومما يعكس مخاوف تل أبيب حيال مستقبل اتفاقية السلام بين البلدين ما قاله إيلي شاكيد، السفير "الإسرائيلي" الأسبق لدى القاهرة بأن الأوضاع الحالية في مصر لا تبدو جيدة بالنسبة ل"إسرائيل"، معتبراً أن السلام مع مصر على وشك دخول نفق الخطر وسوف يكون ثمنه تدهور العلاقات بين الجانبين.

بينما صدرت دعوات من عسكريين إسرائيليين أنفسهم تتحدث عن ضرورة تعديل اتفاقيتها للسلام مع مصر لكى تسمح للجيش المصرى بزيادة تواجده فى سيناء بشكل ملحوظ فى ضوء الوضع الأمنى المتدهور هناك.
وعن مدى قابلية اتفاقية كامب ديفيد للتعديل، يشير الخبراء المصريون إلى أن "تعديل الاتفاقية ليس أمراً سهلاً، ولا بد من تدخل الولايات المتحدة باعتبارها الضامن للاتفاقية وأن تضغط على إسرائيل لتعديلها"، مؤكدين على ضرورة تسيير مشروعات التنمية في سيناء، جنباً إلى جنب مع خطوات تعديل الاتفاقية، وأن تكون عمليات التنمية في سيناء قوية إلى الحد الذي يضمن انتقال تكتلات بشرية إلى سيناء على اعتبار أن ذلك يمثل حماية للأمن القومي المصري.
بينما يرى السفير محمد بسيوني، سفير مصر الأسبق في "إسرائيل" أن "معاهدة السلام، التي تلت توقيع اتفاقية كامب ديفيد، تنص في البند الرابع من فقرتها الرابعة على أنه يجوز لأحد الطرفين طلب تعديل الترتيبات الأمنية في سيناء بشرط موافقة البلدين" ، معربا عن تخوفه من إلغائها بشكل كامل لأن ذلك سوف "ينقل مصر من مرحلة السلام مع "إسرائيل" إلى مرحلة عداء مستمر" بحد قوله.

وتبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 60.088 كيلو مترا مربعا، ويسكنها 380.000 نسمة، وبخلاف أهميتها العسكرية، فإن سيناء تضم أكبر مخزون على أرض مصر من الثروات المعدنية، مثل المنجنيز والنحاس، خاصة نوع "الملاكيت" الذي يتركز في منطقة سرابيط الخادم وفيران وسمرة. وبالنسبة للبترول، والذي كانت أول عملية تنقيب عنه في عام 1910، فإن سيناء تعتبر منجم البترول والغاز المصري، ففيها حقول أبو رديس، وحقل بلاعيم بحري، وسدر وعسل مطارما وفيران، وتوجد بمحاذاة خليج السويس.
وبين المطالب بإلغاء المعاهدة من جهة والمطالب بتعديلها فقط من جهة أخرى، أصبح المجلس العسكري الحاكم يتوجب عليه اتخاذ القرار الصائب بما فيه مصلحة البلاد والذي يرجح المراقبون أن يتمثل في تعديل البنود الأمنية فقط فيها وليس إلغاء المعاهدة بشكل كامل.
 
عودة
أعلى