نفاثات ثاندربولت والأباتشي في حرب العراق 2003
كانت نقطة الاعتماد لدى القيادة العراقية في حربها الأخيرة مع أمريكا هي تشكيلات الحرس الجمهوري العراقي قوة الدعم و الحركة الإستراتيجية الاحتياطية في القوات المسلحة العراقية المقتبسة في هيكلها وتكتيكها من قوات النخبة المدرعة الألمانية "البانزر اليت" Panzer Elite و التي اقتبست قبلاً من فكرة الحرس المتحرك التي أسسها الصحابي الجليل سيف الله المسلول "خالد بن الوليد" رضي الله عنه وأرضاه ، والذي عجزت النساء أن تلد مثله وفق شهادة صديق الأمة الخليفة الراشدي سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه وكان لقوة الحرس المتحرك دور فعال في كسب معركة اليرموك .
لذلك كان يجب المحافظة على هذه التشكيلات المنتخبة من الجيش العراقي آمنة حتى يبدأ دورها ، وكانت أول الخطوات هي إخلاء كافة قوات الحرس من السكنات و المعسكرات قبل بدء الحرب وإعادة نشر القوات مع بدء الحرب بعد عملية "الصيد الثمين" التي استهدفت رموز القيادة العراقية .
وكانت إستراتيجية قيادة الحرس الجمهوري هي نشر فرق الحرس الجمهوري العام في مساحات كبيرة ، مع قابلية إعادة الانتشار ووجود خنادق ومخابئ احتياطية وتعمد نشر قوات الحرس في أماكن غير مكشوفة ما أمكن ذات كثافة شجرية قرب الأنهار و السدود .
وكانت مهمتها الرئيسية قبل الاشتباك هي الإسناد المدفعي الكثيف الدقيق و المركز والبعيد لتشكيلات الجيش و المليشيات المنتشرة داخل وحول المدن وللوحدات الحرة المتمثلة بمغاوير واجبات خاصة وفدائيو صدام .
إذا أن مدى مدافع الهوتزر عيار 155 ملم يصل إلى 40 كم ومدى قذائف الراجمات الثقيلة يصل إلى 70 كم .
إضافة إلى المؤزرة بالإسناد المدفعي كان هناك إسناد بقوات راجلة للقوى النظامية والشبه نظامية في المدن المدافعة إذا دعت الضرورة .
وكان نظام الدفاع لدى الحرس الجمهوري ضد الخطر الجوي والمدفعي المعادي في الدرجة الأولى سلبي من خلال التحصن و التخفي و الخداع و التضليل من خلال فن التقنيع الروسي "ماسكورفكا" .
وكانت المدفعية العراقية الميدانية و الصاروخية تتبع تكتيك اضرب و اهرب من خلال تفريغ راجمات الصواريخ كافة أنابيبها القاذفة بالسرعة القصوى ثم الاختفاء و التحصن ، وكذلك الأمر بمدافع الهوتزر المنقولة و المتنقلة التي كانت تطلق عشرة أطلاقات دون تغير ميل السبطانة ثم التحصن وذلك تفادياً لرصد الطائرات المسيرة و رادارات التحديد الأرضية المعادية .
وقد اعتمدت قطع الحرس أيضاً على دفاع شبه إيجابي بالدرجة الثانية تمثل بالحرب الالكترونية من خلال عربات كانت تصدر موجات خاصة من الميكروويف ذو الموجات المستمرة مهمتها تخدير أو تعسير عمل المعالجة الالكترونية لدارات التحكم والسيطرة والتوجيه داخل قنابل الذكية وخصوصاً ذات التوجيه الثنائي إما بالموجات الفوق صوتية "الرنين المغناطيسي" GPS وبرمجة القصور الذاتي INS أو التوجيه بالليزر LGS والقصور الذاتي أو بالموجات الرادارية الميليمترية و الرنين المغناطيسي التي لا يمكن تضليلها بواسطة الدخان الحراري الأبيض وهذه المنظومة كانت تضلل هذه الذخائر بزيادة خطئها الدائري إلى أكثر من عشرة أضعاف الخطأ الأساسي .
وقد اتهمت أمريكا الروس بتزويدها بمنظومة التشويش هذه ، و الحقيقة أن هذه الآلية الإلكترونية المعقدة أنتجت وطورت بمساعدة روسية ولكن بمجهود عراقي محلي وأجنبي مستقطب في أرض العراق .
كما اعتمد العراقيين دفاع جوي صاروخي محدود ومدفعي موسع متحرك كان فعال نسبياً ، فقد قام قسم البحوث العلمية العراقية بتطوير قذائف عربات "نورينكا" ZSU-57-2 Norinca المتحركة Type 80 والمنقولة Type 59 عيار 57 ملم المضادة للجو من خلال زيادة المدى لتشكل تهدد أكبر للطائرات النفاثة الضاربة الفوق صوتية الأمريكية حتى ارتفاع 25 ألف قدم في النموذج المتحرك وحتى 18 ألف قدم في النموذج المنقول بدل 12 ألف قدم في النماذج العامة ، وتم تطويرها لتأخذ وضع تسارعي بعد الإطلاق وليس تناقصي كما في الأجيال الكلاسيكية وتنفجر هذه القذائف بتأثير مجسات صوتية تفعلها الأصوات الناتجة عن الطائرات كمساعد أكثر جدوى مع مؤقت التفجير الحسابي وقد طور من هذه القذائف صواريخ "السديد" المضادة للجو التي يطلقها أفراد "جيش رجال الطريقة النقشبندية" أحد أكبر وأنشط فصائل المقاومة العراقية اليوم ، كما تم تخفيض الطاقم إلى أربعة عناصر بدل ستة وتم زيادة معدل الرماية الأقصى لكل ماسورة في Type 80 إلى 90 قذيفة بالدقيقة بدل 70 سابقاً ليصبح معدل ما تطلقه عربة "نورينكا" الثنائية السبطانات 180 قذيفة بالدقيقة وهو معدل يشكل تهديد خطير على الطائرات الأمريكية التي تدخل في نطاق فاعلية هذه المضادات خاصة إذا ما علمنا أن سرعة هذه القذائف تبدأ بشرعة 1000 م/ث أي أكثر من ثلاثة أضعاف سرعة الصوت ثم تتزايد سرعتها في وقت قياسي حتى 3.94 ماك هذا في ما يخص منظومات الحرس الجمهوري .
والسبب في هذا التطوير النوعي لهذه القذائف هو النقص الحاد في منظومات الصواريخ المضادة للجو وبطئ تطويرها نتيجة الحصار الذكي الذي فرض على العراق لحوالي 12 عام ولتدمير عدد كبير منها في منطقتي الحظر الجوي الأمريكي بعد حرب 1991 .
ومع ذلك لم تشكل عربات "نورينكا" تهديد خطير على المقاتلات الضاربة الفوق صوتية الأمريكية لأن هذه الأخيرة كانت تقذف وتلقي ذخائرها الذكية العالية الدقة المنزلقة على الليزر أو الأقل دقة الموجهة بالأقمار الصناعية أثناء ضربتها الجراحية من ارتفاع 40 ألف قدم هذا إذا ما أهملنا عامل البعد عن الهدف الأمر الذي جعل فاعلية القتل اللين لعربات الميكروويف بالتعامل مع المقذوف أجدى من القتل القاسي بالتعامل مع القاذف.
http://www.jadar.com.pl/armo/35008/imagepages/ZSU-57-2_01.html
ZSU-57-2 Type 80 SPAAG "Norinca"
ولكن كان وجه الفاعلية في المدفعية المضادة للجو يكمن في تشكيل سواتر دخانية حرارية وأخرى معدنية مضللة لوسائط الاستطلاع و الرصد الجوية و الفضائية الأمريكية والتي سهلت عملية إعادة انتشار آليات و أفراد الحرس الجمهوري أكثر من ثلاثة مرات وسهلت عملية استبدال الأهداف الحقيقية بدمى هيكلية متقنه وإخفاء كثير من دبابات ومدرعات الحرس الجمهوري ضمن مخابئ كرونكيتية قوية ومعزولة عن وسائط الكشف المعادي ، كما كانت مجدية في إسقاط وتدمير صواريخ كروز "توماهوك" الجوالة و الطائرات المسيرة بدون طيار وساهمت في إرباك وتعطيل وإعطاب طائرات الإسناد القريب المروحية و النفاثة التحت صوتية وإسقاطها في حالات نادرة بسبب تدعيمها بصفائح معدنية متينة من التيتانيوم وكربيد البور و الكيفلار و فولاذ الألمنيوم المرن الشديد المتانة إضافة للدعم الهندسية المتمثل بشكل الهيكل الانسيابي القليل القوائم و استخدم الضلوع الطولانية بدل العرضية في تصميم لهيكل .
وهو ما يفسر التحول المبكر عند الأمريكان من الضربات الجراحية إلى القصف المساحي الذي حيد المدفعية المضادة للجو ، وكان العامود الفقري في عملية القصف الجوي البساطي Carpet Bombing القلاع الإستراتيجية B-52H&G Stratofortress التي ألقت من ارتفاع 30 ألف قدم ألاف القنابل الصماء من زنة 500 رطل الشديدة الانفجار ذات الحشوات المطورة التي كانت تحدث حفر عمقها حوالي 3 أمتار وقطرها حوالي تسعة أمتار في التراب و التي كانت قادرة على تدمير أي نوع من أنواع الدروع الخاصة بقوات الحرس الجمهوري العراقي في حالة الإصابة المباشرة أو شبه المباشرة .
وقد قدر العدو أن هذه الحملة ذات القصف المساحي قد أتت على أكثر مقدرات الترسانة العراقية وخاصة فرقة "المدنية المنورة" المدرعة التي كانت منتشرة في منطقة الصويرة والهندية فأرسلت فوج من حوامات الأباتشي الهجومية التي كانت مدعمة بالإضافة إلى الصواريخ الذكية و القذائف الصاروخية المباشرة والموجهة ، بمجسات حركية ابترونية مرتبطة بشكل آلي بمدفعها الرئيسي M-230 Cannon عيار 30 ملم المعزز بطلقات من نوع M-789 HEDP الشديدة الانفجار المزدوجة الأغراض وطلقات M-799 HEI الاختراقية الشديدة الانفجار وذلك بغرض تمشيط منطقة انتشار هذه الفرقة وتقدير حجم الدمار الذي ألحق بالفرقة إلا أن المفاجئة كانت صاعقة عندما قوبلت حوامات الأباتشي بسيل عارم من النيران المضادة كان أخطرها فوهات مدافع عربات "شيلكا" ZSU-23-4 Shilka الرباعية عيار 23 ملم حيث كانت العربة الواحدة تطلق 4000 طلقة بالدقيقة بدل 2400 بالنسخ الغير معدلة وبسرعة ومدى أكبر أيضاً لطلقات ارتطامية شديدة الانفجار كانت فعالة.
ZSU-23-4 Shilka
فقد عطلت وأعطبت معظم فوج الأباتشي وأسقطت 7 حوامات ثلاثة منها من النوع القيادي الأحدث المعروف باسم "لونغ بو" AH-64D Long Bow .
http://www.modelplanet.gr/images/04046.JPG
AH-64D Long Bow
وهو ما دفع قيادة العدو إلى تحديث 60 طائرة من نوع "قاذفات الصواعق" A-10B Thunderbolt II حيث تم تحديث المدفع الرئيسي GAU-8/A Avenger إلى النموذج B من مع مراعاة زيادة معدل الرماية إلى 4700 دورة أو طلقة بالدقيقة بدل 4200 ، واستخدام طلقات اختراق عيار 30 ملم من اليورانيوم المنضب DU من نوع PGU-14/B API بدل النموذج A الذي كان يطلق في عام 1991 ضمن خليط يضم خمسة طلقات فيهن طلقتين من نوع PGU-13 HEI الاختراقي الشديدة الانفجار وثلاثة طلقات من نوع PGU-14 API الاختراقي الثقاب للدروع .
http://home.hiroshima-u.ac.jp/heiwa/Pub/29.files/image003.jpg
أما النوع الجديد من PGU-14 فسرعة انطلاقه تقدر بحوالي 3000 م/ث بدل 2700 وهو اختراقي فائق التفجير بسبب حشوته التفاعلية من بودرة الألمنيوم و البلوتونيوم المفخخ أو ما يسمى خبز البلوتونيوم الذي ينتج حرارة تفتتيه أثناء تفاعله تصل إلى 5000 درجة مئوية كافية لإفناء الطاقم داخل الدبابة أو المدرعة وحرق الوقود أو تفجير الذخائر.
وقد كانت مدمرات الدبابات Tankbuster هذه فعالة جداً بسبب تحديد الأهداف لها بالطائرات المسيرة بدون طيار أو من خلال مجموعات استكشاف خاصة تعرف بالمراقبة الجوية الأمامية التي كانت هي و الطائرات المسيرة تنقل الإحداثيات الرقمية لصائدات الدبابات A-10 أو تضيء هذه الأهداف بالليزر المشفر لتنزلق هذه الأخيرة على المخروط الليزري من خلال جهاز Penny Pave أو تقوم بتحديد الهدف بدوائر التمييز الحرارية المدعمة بمسدد وقائس مسافة ليزري من خلال جهاز Sniper XR لتفتح بالحالتين نيران مدفعها الرئيس المدمر ، وقد أطلقت هذه الطائرات بهذا الشكل أكثر من 370 ألف طلقة يورانيوم عام 2003 علماً أن عدد الطلقات من النوعين المذكورين أعلاه لم يتجاوز 149 ألف طلقة عام 1991 رغم الاستخدام الكبير لقناصات الدبابات أثناء عاصفة الصحراء وهو يعني أن طائرات "ثاندربولت" لم تحمل ذخائر أخرى في هذه الحرب الأخيرة بسبب فرط فاعلية طلقات اليورانيوم المنضب و لزيادة قدرتها على المناورة عندما كانت تندفع بشكل أفقي أو شبه انقضاضي نحو الهدف بسرعة تقارب 185 م/ث لذلك سماها ضباط الحرس الجمهوري بغربان الموت الصامت بسبب سرعة عبورها وتأخر ظهور صوتها ومفاجئة ظهورها، إضافة لتحملها لمعدل كبير من الإصابات بسبب تصفيح التيتانيوم بها ووجود المحرك في منأى عن النيران المضادة رغم تدريعه.
وقد كانت الطائرة الواحدة من قاذفة الصواعق تقوم بعشرات الجولات العابرة من القنص الجراحي في الطلعة الجوية الواحدة لأنها كانت تحمل في كل طلعة 1350 طلقة ترمي منها في كل جولة 150 طلقة كحد أقصى ، وقد ساهمت في تدمير الكثير من عربات م/ط وعربات الجنود و الحرب الالكترونية إضافة للدبابات و الجنود المتحصنين أو المتخندقين وربما تكون هي المحفز الرئيسي لدفع قيادة الحرس الجمهوري لزج مدرعاته في قتال تلاحمي مع تشكيلات العدو مع انعدام الغطاء الجوي لأنه لم يكن من الآمن أيضاً بقاء هذه الآليات مختبئة أو متحصنة .
المصادر :
مصدر : http://www.worldlingo.com/ma/enwiki/en/ZSU-57-2
مصدر : http://en.wikipedia.org/wiki/ZSU-57-2
مصدر : http://www.fas.org/programs/ssp/man/uswpns/air/attack/a10.html
مصدر : http://www.airforce-technology.com/projects/a-10/
مصدر : http://www.bandepleteduranium.org/en/a/309.html
مصدر : http://en.wikipedia.org/wiki/ZSU-23-4