حدود التفوّق العسكري النوعي لـ"إسرائيل"

alaa777666

عضو
إنضم
19 سبتمبر 2010
المشاركات
799
التفاعل
48 0 0
ترجمة دراسة: حدود التفوّق العسكري النوعي لـ"إسرائيل"


تقديم عن الدراسة:
تقرأ هذه المقالة أثر التفوّق العسكري النوعي للكيان الصهيوني على القدرات الردعية للكيان في وجه الدول العربية والفلسطينيين، وذك في ظل الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما. الكاتب، وهو صهيوني محافظ، يبرر في هذه المقالة تزويد الدولة العبرية بكل طلباتها من المعدات الأمنية والطائرات والتكنولوجيا العسكرية الحديثة من الولايات المتحدة، رافضاً الضوابط التي وضعتها إدارة أوباما والبنتاغون على امتلاك الكيان لبعض تلك التقنيات أو القدرات. وانتقد الكاتب زيارة جيمس جونز الأخيرة كونها لم تلبي الاحتياجات العسكرية الصهيونية مطالباً بتزويد الكيان بما يلزم ليدافع عن نفسه في بيئة تحوّل ميزان القوى فيها لغير مصلحته برغم التوافق المصلحي في العقد الماضي بين الكيان وكل من السعودية ومصر. أما الفلسطينيين، فيرى الكاتب أن تدريب قوات السلطة قد تجعل أجهزتها الأمنية أكثر كفاءة في قتال حماس بأي حرب أهلية فلسطينية، كما جرى في غزة قبل عامين، لكنه يعتبر أن التدريب الأمريكي لتلك القوات سينقلب يوماً ما ويُستخدم ضد القوات الصهيونية، كما جرى بداية انتفاضة الأقصى.

بطاقة التعـريف بالترجمة
العنوان الأصلي: التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل
المؤلف: آساف روميروسكي
جهة الإصدار: تقارير رقم 956، 957 و958 – المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (JINSA)، تل أبيب
تاريخ الإصدار: 21 كانون الثاني 2010
عدد الصفحات : 9 صفحات
جهة إصدار الترجمة : مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية
تاريخ إصدار الترجمة: 29 كانون الثاني 2010



1- حقيقة التفوّق النوعي العسكري "الإسرائيلي" وأين أصبح؟


أثارت صحيفة فوروارد اليهودية اليومية مسألة التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل في كانون الأول الماضي، وناقشت صحيفة هآرتس الموضوع في هذا الشهر وكتبت، "إدارة بوش أخلّت باتفاقاتها المتعلقة بالأمن مع إسرائيل والتي وعدت فيها الولاياتُ المتحدة بالمحافظة على التفوق العسكري النوعي للجيش الإسرائيلي على الجيوش العربية، بحسب مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة أوباما وفي إسرائيل"، مشيرة إلى أن الغرض من زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز لإسرائيل في منتصف كانون الثاني كان مناقشة التفوق العسكري النوعي (كان الهدف من الزيارة في الحقيقة الضغط على إسرائيل للدخول في مباحثات لا جدوى منها مع الفلسطينيين الذين يرفضون التعاون).

يبدو أن الزيارة تأتي في سياق حملة علاقات عامة تقوم بها إدارة أوباما ذات الشعبية المتدنية للغاية في أوساط الإسرائيليين. إن الحط من شأن الإدارة السابقة تكتيك محبَّذ، لكنّ الحقيقة تختلف عما يبدو في الظاهر.

• إن مفهوم التفوق العسكري النوعي مليء بالقضايا التي ينبغي بحثها.
• قامت إدارة بوش بأعمال عديدة قللت من قدرات إسرائيل على الردّ على أعدائها، في ما قوّت إسرائيل من نواحٍ أخرى.
• إن إدارة أوباما ترتكب الأخطاء نفسها، بمضاعفة الرهان عليها وإضافة أخطاء جديدة إليها.
• إسرائيل لا تحتج، في طرق في غاية الأهمية، حيث يمكنها الاحتجاج.

بدأ التفوق العسكري النوعي بوعد إدارة جونسون (وليس بمعاهدة) بالمحافظة على قدرة إسرائيل على التفوق على أية تحالف بالمنطقة من القوى العربية في حرب غير نووية. وتكرر هذا الوعد على لسان الإدارات المتعاقبة، وعد غير محدد ولا يمكن تحديده. يمكن إحصاء كميات الأسلحة، لكنّ تفوق إسرائيل على الجيوش العربية يتطلب دائماً ما هو أكثر من ذلك. كان هذا التفوق وسيبقى توليفة من:

• كمية الأسلحة ونوعيتها: ترسانة كل من إسرائيل والدول العربية.
• التكتيكات وتدريب كل من الجنود الإسرائيليين والعرب.
• نوعية الجنود ونوعية قيادتهم.
وهذا العنصر الأخير هو الوحيد الذي لا تعتمد فيه إسرائيل على أحد.

كانت العملية في البداية سهلة. فعندما زوّد السوفيات العرب بالأسلحة وزودت الولاياتُ المتحدة إسرائيل بالأسلحة، كانت نوعية الأسلحة الغربية متفوقة على كمّية الأسلحة الروسية. كما أن التكتيكات التي اتبعها الجنود الإسرائيليون والتدريب الذي خضعوا له مدعاة للعجب بعد حرب لبنان سنة 1982، عندما أسقطت إسرائيل 82 طائرة ميغ سورية (روسية الصنع) فوق لبنان، وذكر الطيارون الإسرائيليون أنه لو كان السوريون يستعملون طائرات أف-16 والطيارون الإسرائيليون يستعملون طائرات الميغ، ربما كانت نسبة الخسائر ستتغير لكن النتيجة كانت ستبقى على حالها.

على أن تلك الأيام قد ولّت. ذلك أن الولايات المتحدة صدّرت طوال عقد الثمانينيات والتسعينيات، وخلال العقد الأول من الألفية الجديدة، أسلحة إلى الدول العربية (بدءاً بطائرات الأف-16 التي صدرتها إدارة ريغان للمملكة العربية السعودية)، وطلقات مدفعية الدبابات المصنوعة من اليورانيوم المنضَّب، والقنابل الخارقة للتحصينات، وتدريب الطيارين السعوديين وسائقي الدبابات المصريين، ومشغّلي الرادارات الكويتيين. وبما أن إسرائيل أبرمت معاهدة سلام مع مصر، فهي لا تعارض بقوة مبيعات السلاح إلى ذلك البلد، متفهمة الحاجة إلى العمل على التقليل من التركيز على الأدوات النافعة ولكن غير الضرورية، مع المحافظة على التفوق في التكنولوجيا إن لم يكن في أنظمة التشغيل. وهذا من جملة الأسباب التي تدفع إسرائيل إلى إدخال "تعديلات خفيفة" باستمرار على ما تبتاعه من الولايات المتحدة لرفع مستوى تفوقها التكنولوجي باستخدام قدرات محلّية.

وبالمثل، رفضت إسرائيل في مرحلة معيّنة في الثمانينيات من القرن الماضي المشاركة في مناورات جوية أميركية معيّنة لأنها عرفت أن التكتيكات التي قام سلاح الجو الإسرائيلي بتطويرها لتطبيقها باستخدام الطائرات الأميركية الصنع سيتقاسمها مع الطيارين الأميركيين، ومن ثَمّ يتقاسمها هؤلاء مع الطيارين السعوديين (علّق أحد الطيارين الإسرائيليين على المسألة آنذاك بالقول "إن التقاط الصور الفوتوغرافية للحبيب في غرفة النوم شيء، وبيع تلك الصور في الشارع شيء آخر").

تشهد الإدارة الأميركية بأن كل صفقة أسلحة تصدّرها إلى كل دولة عربية على حدة لن تقلب ميزان القوى في المنطقة وبأن إسرائيل تحتفظ على العموم بحق شراء المزيد من أي شيء تحتاج إليه تقريباً (راجع الاستثناءات المتعلقة بالطائرات العامودية من نوع أباشي والجيل الثاني من المقاتلات الأميركية من طراز أف-35 في الجزء الثاني من هذا التقرير). لكنّ إسرائيل لا تملك موارد غير محدودة –إذا كان السعوديون يملكون نحواً من 153 طائرة أف-15 أميركية الصنع من طرز مختلفة، وست طائرات يوروفايتر تايفون، ثم يوقعون على صفقة لشراء 71 طائرة تايفون أخرى، كيف يمكن لإسرائيل المنافسة عندما تعلن إدارة أوباما عن بيع 24 طائرة أف-16 إضافية لمصر، وبيع 24 طائرات أف-16 إضافية للمغرب؟

كما ذكرنا سابقاً، تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على نوعية الجنود الذين يلتحقون بالجيش الإسرائيلي وعلى نوعية قيادتهم. لكن بالكاد يمكن اعتبار ذلك كافياً.


2- مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى العرب ومساعدة "إسرائيل"



فشل مفهوم التفوق العسكري النوعي في متابعة التغيرات في مبيعات الأسلحة وبرامج التدريب الأميركية على مرّ العقود. كما فشل في متابعة التغيرات في الصورة الإقليمية لإسرائيل وصورة خصومها، والمشكلات التي يواجهها خصومها أنفسهم. وأخيراً، يبدو أن موقف إدارة أوباما من إيران – بما في ذلك الاقتراحات الدبلوماسية التي قُدّمت للحكومة الإيرانية والفشل في التوصل إلى اتفاق مجمَع عليه لفرض عقوبات ذات شأن أو القيام بأي عمل آخر - قد تحوّل من منع إيران من حيازة قدرات نووية إلى تحديد كيفية التعامل مع إيران النووية. إن مضامين حاجة إسرائيل إلى "التفوق" الأمني في مواجهة الرفض العربي والإيراني المستمرّ تبدو مرعبة.

تغيرت التحالفات الاستراتيجية في المنطقة خلال "عقد الأمنيات" (كما كان يوصف في السابق)، من "الجميع ضدّ إسرائيل" إلى محور "الموالين لإيران في مقابل المناوئين لإيران". وبناء على ذلك، وجدت إسرائيل نفسها في الجانب نفسه للشطر الاستراتيجي مع مصر والمملكة العربية السعودية والكويت والأردن والبحرين والديمقراطيين اللبنانيين. يوجد في الشطر الآخر حماس وحزب الله وسوريا وإيران، وتركيا على نحو متزايد. ويبدو أن العراق أصبح خارج الصورة، وهذا يعتبر تغيراً هائلاً على الصعيد التاريخي. لكنّ ذلك لا يعني أن المملكة العربية السعودية باتت تحبّ إسرائيل، بل يعني أنه بات هناك تقارب في وجهات النظر حيال من يهدد من وكيف يهدده. إن إدانة المملكة لحزب الله في حرب لبنان سنة 2006 وقرارها بعدم التعبير عن مساندة حماس ولو بالكلام أثناء حرب غزة دليلان على هذا التحوّل، كما السماح بعبور سفينة حربية إسرائيلية قناة السويس في فصل الصيف.

احتاجت إدارةُ بوش إلى مساعدة عرب الخليج في مطلع هذا العقد لخوض الحرب في العراق –لا سيما بعد أن رفضت تركيا السماح للولايات المتحدة بدخول العراق من الشمال- وأرادت تعزيز قدرتها على معالجة المشكلات كما تراها. لم يبدر اعتراض من جانب إسرائيل التي أصرّت دائماً، على الرغم من سرورها من أن العراق لم يعد في دائرة أعدائها، على أن إيران هي التهديد الحقيقي ونظرت بشكل متزايد إلى علاقات إسرائيل المتنامية، وإن لم يكن في العلن، مع مصر ومع المملكة العربية السعودية بأنها إيجابية. تلا ذلك عقد صفقات أسلحة مع دول الخليج، لكن لم تحصل مصر على الكثير بدعوى الاحتجاج الأميركي على انتهاكات مصر لحقوق الإنسان.

على أن إدارة أوباما أعلنت عن إبرام صفقات أسلحة جديدة وهامة مع الدول العربية، ومنها مصر. ستحصل مصر على أربع بطاريات (مزودة بعشرين صاروخاً) من طراز هاربون بلوك 2 المتطور تطلق صواريخ كروز مضادّة للسفن –قادرة على التغلب على أية دفاعات مضادّة وعلى أطقم معدات الحرب الإلكترونية المتاحة للدفاع- إلى جانب أربعة زوارق صغيرة مزودة بصواريخ، و450 صاروخاً مضاداً للدبابات من طراز هيلْفاير يُطلق في العادة من طائرات أباشي العمودية الهجومية –وسبق أن صدّرت إدارة أوباما 12 طائرة من هذا الطراز إلى مصر خلال فصل الصيف (راجع أدناه)، و156 محركاً لطائرات الأف-16 تعقب تصدير 24 طائرة أف-16 من طراز دي/سي في تشرين الأول، وهي طائرات مجهزة بأطقم حرب إلكترونية متطورة.

ستحصل المملكة العربية السعودية على 2742 صاروخاً مضاداً للدبابات من نوع تاو. وتشير تقارير صحيفة هآرت إلى أن الأردن سيحصل على 1808 صواريخ من طراز جافلين مضادّة للدبابات ومزودة بأجهزة رؤية ليلية مع 162 قاذفاً، وهي قادرة على اختراق أغلب دروع الدبابات الحديثة.

يضاف إلى ذلك صفقة أبرمت في أيلول لتصدير أكثر من 80 قاذف صواريخ من الأنواع التي صُدّرت إلى إسرائيل في الماضي. كما ستحصل الإمارات العربية المتحدة على 1600 قنبلة "ذكية" موجَّهة بالليزر وعلى 800 قنبلة زنة 1 طن، وعلى 400 قنبلة خارقة للتحصينات. ونشير أخيراً إلى أن المغرب أبرم صفقة لشراء 24 طائرة أف-16.

وبالتالي، ما هي المشكلة في عدم اعتبار إسرائيل لهذه الدول مصادر تهديد مباشر؟ المشكلة هي أن الزيادة في حجم المبيعات تتزامن مع تحول في السياسة الأميركية من دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس إلى دعم "عملية سلام" جديدة تهدف إلى تسوية الحدود وإقامة الدولة الفلسطينية التي "يستحقها" الفلسطينيون كما ذكرت وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون لأمير قطر. والنتيجة هي أن تغيّر النموذج الأمني المحلي في إسرائيل في وقت تزداد فيه مبيعات السلاح لجيرانها –مع عدم تصدير أسلحة جديدة إسرائيل- يعني أنه هناك مزيداً من الميلان في ميزان القوى.

اعترضت إدارة أوباما على طلب إسرائيل شراء ست طائرات أباشي هجومية من طراز AH-64D Apache Longbow في حزيران- ووافقت في الوقت نفسه على الصفقة المصرية. وذكرت مصادر أميركية أن الطلب يخضع "لمراجعة بين الوكالات لتحديد إن كان تصدير عدد إضافي من طائرات لونغ بو العمودية سيشكل خطراً على المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة". وأفيد بأن مصدراً قريباً من الإدارة ذكر أنه "خلال الحرب الأخيرة، استخدمت إسرائيل طائرات لونغ بو بكثافة، ووقعت إصابات كثيرة في صفوف المدنيين بقطاع غزة". وبالتالي لم تدفع حماس ثمناً أميركياً على هجومها على شعب إسرائيل، لكن دفاع إسرائيل هو الذي خضع "لمراجعة" أميركية.

لم يتم حل المسائل العالقة في ما يختص بطلب إسرائيل شراء طائرات أميركية من الجيل الثاني من طراز أف-35. فإسرائيل تريد تركيب معدات إلكترونية إسرائيلية في الطائرة –"تعديل طفيف" يضمن لإسرائيل تفوقها- وتريد أن تكون قادرة على تقديم خدمات الصيانة لهذه الطائرات بإسرائيل ظناً منها أن إرسال هذه الطائرات إلى الخارج في زمن القتال ربما يكون غير ملائم بعض الشيء. جاء جواب البنتاغون "كلا" في الحالتين. ولكي نكون منصفين، مُنعت بريطانيا من الحصول على الشيفرة البرمجية للحاسوب المركزي أيضاً، لكن ذلك لا يفيد إسرائيل.

أجرت إدارة أوباما أغلب عمليات تركيب الرادار الأميركي إكس باند في إسرائيل، وأجرت مناورة جونيبر كوبرا المشتركة في تشرين الثاني كبرهان على دعمها لإسرائيل. وهذان الأمران مفيدان ومهمان، برغم أن إدارة بوش وافقت على تركيب الرادار إكس باند وعلى إجراء المناورة "جونيبر كوبرا" ضمن سلسلة طويلة من المناورات السنوية المشتركة. والأهم من ذلك أنه يمكن النظر إلى المبادرتين بأنهما من جملة الوسائل الرامية إلى منع إسرائيل من القيام بعمل ضدّ إيران في حال اعتقدت إسرائيل أن القيام بهذا العمل بات أمراً لازماً.

يخدم الرادار إكس باند في اكتشاف الهجوم، وسيساعد إسرائيل على اكتشاف هجوم إيراني قبل اكتشاف الرادار غرين باين الإسرائيلي الصنع للهجوم بزمن طويل، لكنّ الاستعداد لتلقي ضربة إيرانية يعني أن الجهود الرامية لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية قد فشلت. وبالمثل، تقوم مناورات "جونيبر كوبرا" على الدفاع عن إسرائيل في وجه هجوم، لا على منع وقوع الهجوم في المقام الأول.

لا يمكن أن يقتصر التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل على توفير مظلة دفاعية لها في حال هاجمتها جهة ما (إيرانية أو أية توليفة من دول عربية)، بل يتعين أن يشمل هذا الالتزامُ أمنَ إسرائيل، بما في ذلك اتخاذ التدابير التي تراها إسرائيل ضرورية لحماية مواطنيها قبل وقوع هجوم، واتخاذ قرار بعدم تزويد أعداء إسرائيل بالوسائل التي تمكّنهم من مهاجمتها.


3- امكانية ردع الفلسطينيين



طرأ تغيّر في هذا العقد على الأخطار التي تهدد إسرائيل انطلاقاً من الدائرة الضيقة لأعدائها بطريقة نوعية وذلك بحيازة حماس وحزب الله أسلحة وتلقي عناصر الحزب تدريبات على يد إيران، وتلقي الفلسطينيين (سلطة رام الله) تدريبات على يد الولايات المتحدة.

أطلقت فتح بقيادة عرفات شرارة "الانتفاضة الثانية" في أواخر سنة 2000 من الضفة الغربية أساساً. لم تكن حماس عاملاً حقيقياً فيها وبقيت غزة هادئة نسبياً. ومن ناحية أخرى، شعرت إسرائيل بالارتياح في السنين الأولى من مقاربة إدارة بوش مع السلطة الفلسطينية، والتي تجلت مثلاً في عدم الاجتماع بعرفات، وفي الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي في الرابع والعشرين من حزيران حيث أعرب عن دعمه المستمرّ لحاجة إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها في وجه الإرهاب القادم من وراء الحدود، بما في ذلك عملية الدرع الدفاعية في سنة 2002 وبناء السياج الأمني، وفك الارتباط عن غزة في سنة 2005 وحرب لبنان في سنة 2006 وعملية الرصاص المصبوب التي هدفت إلى وقف الهجمات الصاروخية التي تشنّها حماس.

على أن إسرائيل والولايات المتحدة وافقتا، في ما تبين أنه خلطة تاريخية، على مشاركة حماس في الانتخابات الفلسطينية في سنة 2006، مما أدى إلى تغيير الدينامية الفلسطينية بعد الحرب الأهلية الفلسطينية وطرد فتح من غزة. وإدارة بوش هي التي تولّت –بمباركة ومساعدة إسرائيلية- تدريب "قوات الأمن" الفلسطينية تحت قيادة جنرال في الجيش الأميركي.

على أن هذه الواقعة لم تكن الأولى، إذ أن إدارة كلينتون وإسرائيل اتفقتا خلال سنوات أوسلو على أن يكون لدى الفلسطينيين "قوة شرطة" مسلحة تعمل بالتنسيق مع إسرائيل ضدّ... حسناً، ضدّ من؟ أمِل الإسرائيليون والأميركيون بأن يوفر الفلسطينيون الأمن لإسرائيل عبر "تفكيك البنية التحتية الإرهابية"، وأن يوفروا كذا وكذا. حسناً، ثم ماذا؟ كان أملاً باطلاً الاعتقاد بأنه يمكن إغراء الفلسطينيين بقتل فلسطينيين آخرين من أجل توفير الأمن لدولة إسرائيل ومواطنيها. وقد التقت مجموعة من المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي بقائد شرطة فلسطيني وعناصره في سنة 1997. وأدلى جنرال أميركي متقاعد بملاحظة جاء فيها "هؤلاء جنود وليسوا رجال شرطة. يبدون مثل الجنود، وهم مدرَّبون مثل الجنود وسيقتلون مثل الجنود".

كان كلاماً صحيحاً تماماً، فأثناء "الانتفاضة الثانية"، انقلبت الشرطة الفلسطينية على إسرائيل، متباهية بتدريبها الأميركي وبمعداتها الأميركية. أوقفت الولايات المتحدةُ البرنامج لتستأنفه بعد ذلك في سنة 2005 بالاتفاق مع إسرائيل. وأظهرت الحرب الأهلية الفلسطينية أن قوات فتح (التي تدرّبت على يد الولايات المتحدة) لم تكن نداً لقوات حماس، ولم تحترم حقوق الإنسان. ويبدو أن المقاتلين من كلا الطرفين أعدموا الأعداء الجرحى ورموا بهم من على سطوح المنازل.

أنفقت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين على تدريب الفلسطينيين المنتسبين إلى فتح ليكونوا قوات شرطة، وليكونوا صيادين لأفراد حماس في عهد إدارة أوباما –بناء على نظرية مفادها أن كلما أحكمت فتحُ سيطرتها على حماس، قلّت حاجة إسرائيل إلى السيطرة على حماس. حسناًً، لكن من الذي يسيطر على فتح؟

من يضمن عدم تحول المهارات والتدريبات، ومعدات الاتصال، وبنادق القنص، وناقلات الجنود المدرّعة والدروع الجسدية إلى أسلحة توجَّه صوب إسرائيل؟ ماذا سيحصل إذا شكلت حماس وفتح حكومة وحدة وطنية –وهو الأمر الذي تضغط إدارة أوباما من أجل إتمامه- وقررت الحكومة بأن الأفضل لها توحيد القوات لمواجهة إسرائيل؟ من ستكون له السيطرة النهائية على تلك القوات، ولماذا تدرّب الولاياتُ المتحدة جيشاً لن يكون ولاؤه النهائي مضموناً بدرجة معقولة؟ وكيف يساعد ذلك على توفير الأمن لإسرائيل؟ ولماذا تعتقد الحكومة الإسرائيلية، بين قوسين، أن تلك فكرةً جيدة؟ يملك قراء تقارير المعهد كافة التفاصيل رجوعاً إلى العام 2006.

وبين قوسين أيضاً، يُبرز الدعمُ العسكري الأميركي –الذي ازداد في عهد إدارة أوباما- للجيش اللبناني، علماً بأن الحكومة اللبنانية تضم وزراء من حزب الله- الصعوبات نفسها في وجه إسرائيل. فلا يمكن تصوّر أن يكون الوزراء المنتمون إلى حزب الله منفصلين عن قادة حزب الله في جنوبي لبنان، وبخاصة أن الحزب أصبح الآن ميليشيا "رسمية" تعمل بإذن من الحكومة اللبنانية. ومن ناحية أخرى، ستتعزز بدرجة كبيرة القوةُ التدميرية للأسلحة التي ترسلها إيران إلى حزب الله مباشرة بالطائرات التي تعمل بدون طيار، وبالرادارات ومعدات الاتصال التي في حوزة الحكومة اللبنانية. أين هو التفوق الإسرائيلي إذن؟

قال رئيس حكومة السلطة الوطنية غير المنتخبة سلام فياض لمقربين له منذ وقت قريب أن ما تصفه الولايات المتحدة بحذر بأنه "قوة أمنية" هو في الواقع نواة الجيش الفلسطيني الذي يخطط لامتلاكه في الدولة الفلسطينية المستقلة التي يخطط للإعلان عنها في مرحلة معيّنة من السنة القادمة. وتستدل تقارير الإعلامية الأخرى بالتوتر المتزايد بين السلطة الفلسطينية والجنرال الأميركي المكلف، حيث يتطلع الفلسطينيون إلى مصادر أخرى، ربما أكثر مرونة، لتلقي التدريب والحصول على السلاح. وينبغي للمرء أن يتمعن في الدعم الذي أفيد بأن وكالة الاستخبارات المركزية توفره لجيش السلطة الفلسطينية.

وحتى في الوقت الحالي، تشير المنظمات الفلسطينية المدافعة عن حقوق الإنسان –وهي مصادر لا تقف إلى جانبنا- باستمرار إلى مضايقات التي تسببها قوات الأمن التابعة لفتح، وإلى اعتقال واحتجاز فلسطينيين من غير المنتسبين إلى حماس ولكنهم لا يطيعون فتح بالقدر المطلوب. والحرّية المتاحة للصحافيين في الحديث عن النشاطات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية آخذة في التقلص، كما أن أبو مازن ألغى الانتخابات التي كانت مقررة في كانون الثاني، معلناً أنه لن يترشح لفترة رئاسة جديدة، لكنه لن يتوقف عن ممارسة الحكم. وبجيشه الخاص المدرَّب على أيدي الأميركيين، من سيشتكي؟ لكن هذه ليست المشكلة التي نناقشها هنا.

بقدر ما يوجد شيء اسمه التفوق العسكري النوعي، وهو أمر مشكوك فيه، يتعين أن يتوافر على أقرب مستوى من مواطني إسرائيل بالإضافة إلى ضمان توازنه مع الدول البعيدة. لقد ضاعفت إدارةُ أوباما حجم الأموال التي أنفقتها إدارة بوش على الجيش الفلسطيني وأضافت عشرات الملايين إليها، مما يجعل الفلسطينيين أقل تقبلاً للقيود التي يمكن أن تُفرض على قدراتهم العسكرية المستقبلية.

نحن نفضل تزويد المغرب ببضع عشرات من الطائرات المقاتلة الإضافية على تشكيل عشرات الكتائب التي تتلقى تدريباً أميركياً، ويسيطر عليها فلسطينيون من فتح/حماس وعلى مقربة من المراكز السكانية بإسرائيل.




رابط الموضوع :

 
رد: حدود التفوّق العسكري النوعي لـ"إسرائيل"

شكرا جزيلا لك على الموضوع .... اتمنى ان تواصل اخي الكريم ولك مني كل التقدير والاحترام ... وبالطبع اجمل تقييم
 
رد: حدود التفوّق العسكري النوعي لـ"إسرائيل"

شكرا لكم أخوانى على المرور الكريم .

وشكرا أخى المغوار الأزرق على التقييم .

 
رد: حدود التفوّق العسكري النوعي لـ"إسرائيل"

مشكور أخى الكريم على الموضوع الرائع
 
عودة
أعلى