الموساد في كردستان

لواء طبيب

صقور الدفاع
إنضم
3 أبريل 2010
المشاركات
2,870
التفاعل
227 0 0
p01_20100709_pic1_full.jpg


مقاتلتان من البشمركة على الحدود العراقيّة ــ الإيرانيّة (أرشيف ــ أ ف ب)

هي «الأسطوانة نفسها». حكاية جديدة عن تغلغل الموساد في كردستان. بل تجسيد لهذه «العلاقة الغرامية المتواصلة» عبر بعثة دائمة تعمل هناك منذ عقد من الزمن. قادة الأكراد، كعادتهم، ينفون أيّ ارتباط لهم بإسرائيل، هم الذين باتوا «بيضة القبّان»، التي تحسم عند كل مفترق مصيري في بلاد الرافدين
الاسم: إليعيزر تسفرير. الصفة: الرئيس المنتهية ولايته لبعثة الموساد إلى كردستان العراق. المناسبة: مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي. الموضوع: «علاقة الغرام» التي تجمع إسرائيل بالأكراد، الذين لا تزال قيادتهم تنفي أيّ علاقة لها مع الدولة العبرية، رغم التقارير والوثائق والصور والتصريحات الرسمية الإسرائيلية، التي تؤكد أنّ هذه الحكاية بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا.
ويمكن تقسيم علاقة إسرائيل بالقيادة الكردية إلى مراحل أربع: 1ـــــ التأسيس (1931 ـــــ 1965) وكان بطلب كردي وجد فيه الإسرائيليون مصلحة، أقلّها تأمين هجرة اليهود العراقيين. الاستجابة الإسرائيلية كانت جزءاً من تطبيق «استراتيجية الأطراف»، التي تفترض ضرورة إقامة علاقات وتحالفات مع الدول والقوميات الطرفية غير العربية. 2ـــــ تدفّق الدعم (1965 ـــــ 1975)، أي فترة انطلاق المعارضة الكردية ضد الحكومة العراقية. وقتها، كانت الغاية الإسرائيلية تتلخص في الضغط على حكومة بغداد وإشغالها عن الصراع العربي الإسرائيلي، فضلاً عن مساعدة إيران الشاهنشاهية التي كانت لها مصلحة في إضعاف العراق. 3 ـــــ العودة (1991 ـــــ 1999) أي بعد حرب الخليج الثانية، بهدف إقامة كيان كردي مستقل يمثّل قاعدة متقدمة في وجه إيران الإسلامية، وبغداد الصدامية لمنعها من توجيه ضربة لإسرائيل. وقد انتهت هذه المرحلة مع اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، مع ما رافقه من موجة غضب كردية حمّلت الموساد مسؤولية هذا الاعتقال. 4 ـــــ المأسسة (2003 ـــــ ....)، والغاية إقامة دولة كردية مستقلة تسيطر على نفط كردستان ومعها كركوك، بما يؤمّن للدولة العبرية حاجتها من هذه المادة الحيوية، فضلاً عن الحفاظ على «حياد» العراق وإبقائه ضعيفاً مجزّأً خارج معادلة القوة العربية.
أهمية مقابلة تسفرير أنها تتحدث عن هذه المرحلة الأخيرة، وعلى لسان شخص عايشها، وكان مسؤولاً ميدانياً عن تطبيقها، بل يمثّل تجسيداً بشرياً لها. أمّا اللافت فيها، فالحديث عن نوع من الأسلحة التي زوّد الإسرائيليون الأكراد بها، والتي يُفترض بأنها مخصصة لقتال القوات التركية (مضادات الطائرات)، وبدء الحديث عن ضرورة إشهار هذه العلاقة التي كان يحرص الإسرائيليون على إبقائها سرية خشية غضب تركيا، يوم كانت هذه الأخيرة حليفاً استراتيجياً للدولة العبرية.
في المقابلة المذكورة، التي بُثّت الخميس الماضي، يقول تسفرير إنّ «الأكراد العراقيين يتميّزون بالاعتدال الديني، وأيضاً بصورة عامة باعتدال هو نوع من الاندماج، فكل الإسرائيليين الذين كانوا هناك، على مدى عشر سنوات، أي المدة التي ساعدناهم فيها ولم يكن عددنا قليلاً، حيث إنّنا نتحدث عن بعثة للموساد طوال عشر سنوات في كردستان، كلّهم عادوا محبّين للأكراد، وببساطة إنه شعب خاص من نوع مدهش، لكن مع كل الأسف فإنّ الحدود الإمبريالية عزلتهم عن إخوانهم في تركيا وفي إيران، كما أن هناك مليوناً أو مليونين في سوريا وفي مناطق أخرى».
ويضيف تسفرير، رداً على سؤال عن «العلاقة الغرامية المتواصلة التي نقيمها مع الأكراد»، «منذ سبع سنوات، عندما ألّفنا وفداً دائماً إلى كردستان العراق، لغايات مصلحية واضحة ومهمّة لنا، غضب الأتراك كثيراً، وعبّروا عن احتجاجهم وعن غضبهم وعن معارضتهم»، مشيراً إلى «أننا أرسلنا وفداً ضمّ، في بعض الأحيان، مستشاراً عسكرياً، وزوّدنا الأكراد بالسلاح، وبصورة أساسية، بمدافع ميدانية وبمدافع مضادة للطائرات، ودرّبناهم هناك في كردستان وهنا في إسرائيل، كما درّبناهم في قواعد إيرانية (مجاهدي خلق)، ولدينا هناك مشروع إنساني مميز، وهو مستشفى ميداني تابع للجيش الإسرائيلي في كردستان».
ويشدد تسفرير، رداً على سؤال عما إذا كان الوقت قد حان «للقيام بما وجب علينا القيام به منذ زمن، أي الاعتراف بالأكراد، والاعتراف بحقوقهم، والاعتراف باستقلالهم، وإقامة علاقات دبلوماسية معهم» وذلك بعد توتر العلاقات الإسرائيلية ـــــ التركية، «يبدو لي أننا نخلط قليلاً بين هذا، وبين الاعتراف بالموضوع الأرميني، يجب التفريق بين هذين الأمرين. لقد قلت إنّ لتركيا حساباً طويلاً يجب عليها أيضاً تسويته مع أكرادها. نحن لا نتدخل في هذه الأمور، لقد قدمنا كل مساعدتنا إلى الأكراد في العراق، ويبدو لي أنّ التعاطف الإسرائيلي معروف وممنوح للأكراد حيث هم هناك. وبالمناسبة، هناك معطيات جينية تقول إنه ربما لدينا رابط حمض نووي وصلة دم قديمة مع الأكراد عموماً. بالنسبة إلى الأكراد في تركيا، لا أعلم بما أجيب».
ويتابع تسفرير «هناك نحو 10 ملايين كردي في غرب إيران، ولم نتعاطَ معهم في عهد الشاه بسبب حساسيات تجاه نظام الشاه، ولا في عهد النظام الإسلامي المتطرف. وعموماً هناك مأساة كردية تاريخية، لدينا نحو 30 مليون كردي وربما أكثر، أي أكثر من اليهود والفلسطينيين الذين يحدثون كلّ هذه الضجّة في العالم، وحتى الآن لم يصلوا إلى حل لمشكلتهم القومية».
«أسطوانة تعبنا منها»
رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان الدكتور فؤاد حسين يقول، رداً على استفسار عمّا جاء في المقابلة، «لا أعرف هذا الشخص ولا أعرف هذا الخبر. يتكلمون كثيراً عن هذا الموضوع. لا اعتقد أنّ هذه الأخبار صحيحة. هي تُنشر من حين إلى آخر. الجواب معلوم. لا وجود للموساد في كردستان. إنها مجرد أسطوانة قديمة تجدّد نفسها. حكايات مفبركة». وأضاف، رداً على سؤال عن السبب الذي يدفع الإسرائيليين إلى «فبركة حكايات» كهذه، «لا أدري. المعلومات المطروحة عجيبة غريبة. هناك على سبيل المثال عشرات المستشفيات في كردستان، فلماذا نحتاج إلى مستشفى إسرائيلي؟ وإذا كان هناك
❞ذروة أهداف إسرائيل هو دعم الأكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الأمنية من أجل تأسيس دولة كردية مستقلة
علاقة بدأت في 1931 وقد وضع أسسها الزعيم الراحل مصطفى البرزاني الذي زار إسرائيل مرتين
لا علاقة لإسرائيل بكردستان. الأطراف المناوئة للقضية الكردية تفبرك هذه الأخبار للإضرار بعدالة هذه القضية❝

مستشفى، فهذا يعني أنّ هناك أطباء وممرضين ومرضى، وهم بالتأكيد بالعشرات. أين كل هؤلاء. وتعرف أنّ كردستان مفتوحة أمام الجميع، سيّاح وصحافيين وبعثات دبلوماسية وشركات».
أما رئيس دائرة العلاقات الخارجية في مجلس وزراء الإقليم، فلاح مصطفى، فيؤكد بنبرة المستاء أنّ «إقليم كردستان جزء من العراق، ولا علاقة له مع إسرائيل لا سرية ولا علنية. ليس لدينا شيء لنخفيه أو لنخاف منه، لكن تعبنا من هذه الأسطوانة».
القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، سعدي أحمد بيرة، يقول إنّ «هذا لا يحتاج إلى تحقيق. الخبر عارٍ من الصحة. لا علاقة لإسرائيل بكردستان. الرأي الرسمي منذ فترة طويلة يؤكد أنّ الأطراف المناوئة للقضية الكردية تفبرك هذه الأخبار للإضرار بعدالة هذه القضية». ويضيف إنّ «العلاقة بإسرائيل غير موجودة ولن تكون موجودة إلا عبر بغداد بعد تبادل السفارات بينها وبين تل أبيب»، مشدداً على أن «لا رغبة في فتح علاقة مع النظام الإسرائيلي، ولا نشغل بالنا أصلاً في هذه القضية. هذه مواضيع تافهة».
أما القيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني، عبد السلام برواري، فيقول، بعد أن يستفسر عن اسم رئيس البعثة الدائمة لـ «الموساد»، «أنا بعيد عن الملف العسكري. لا أتصور وجود شيء من هذا القبيل. إنه أمر خطير ولا يمكن إخفاؤه. لا أصدّق أن مثل هذا الشيء يمكن أن يكون موجوداً في كردستان».
في المقابل، تؤكد مصادر من مركز القرار في بغداد أن «الأكراد لا يخفون علاقتهم بالإسرائيليين. لهم منطقهم الخاص في هذا الشأن. يحاججون بأنّ دولاً عربية كثيرة، بينها مصر والأردن، فتحت سفارات وأقامت علاقات مع الدولة العبرية، فلماذا تعطى هذه الدول هذا الحق ويحرمون هم إيّاه؟». وتضيف «في أقصى الحالات، إذا كان السؤال محرجاً جداً، يكون الجواب: كانت لدينا علاقات مع إسرائيل، أمّا اليوم، فلا».
هكذا بدأت الحكاية
في المقابل، فإنّ المؤرخين والوثائق التي كُشف النقاب عنها خلال السنوات الماضية، يؤكّدون أنّ العلاقة الإسرائيلية مع قادة الأكراد تعود إلى عام 1931، إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل. وقتها، كان للوكالة اليهودية مندوب اسمه روفين شيلو، يقيم في جبال كردستان، ويتحرك تحت غطاء عمله الصحافي.
ولعلّ المرجع الأهم في هذا الإطار هو الكتاب التوثيقي «الموساد في العراق ودول الجوار، انهيار الآمال الإسرائيلية الكردية»، للكاتب اليهودي الأميركي شلومو نكديمون، الذي يؤكد أنّ «علاقة الأكراد بالإسرائيليين بدأت منذ عام 1943 وتعمقت بعد قيام الدولة العبرية، وساعدت إسرائيل الأكراد في معاركهم مع الأنظمة العراقية منذ أيام الملكية وما بعدها، وقد أمدّتهم أكثر من مرّة بالسلاح والأغذية والمعونات الصحية، والأموال، وأنّ ممثلين من الموساد الإسرائيلي زاروا المواقع الكردية في شمال العراق في فترة الستينيات، وكانت الاتصالات بينهم تجري عبر طهران في ظل حكم الشاه، وعبر العواصم الأوروبية، وخاصةً في باريس ولندن»، مشدداً على أن الزعيم الكردي الراحل مصطفى البرزاني زار إسرائيل مرتين، والتقى هناك القادة الإسرائيليّين وقادة الموساد في أواخر الستينيات.
ويضيف نكديمون إنه «في فترة الخمسينيات، بدأت العلاقات مع إسرائيل تأخذ شكلاً عملياً»، مشيراً إلى أنها كانت تجري «عن طريق ثلاث قنوات، أولاها الاستخبارات الإيرانية، وثانيتها نشاط الأكراد في أوروبا مع السفارات الإسرائيلية، وثالثتها علاقة (مصطفى) البرزاني بصديقه القديم موريس فيتشر، سفير إسرائيل في روما». ويتابع أنّ «البرزاني رأى ضرورة الاتصال بإسرائيل بطريقة مباشرة منذ عام 1963 لتساعده على تحقيق حلم الأكراد في بناء حكم ذاتي، بعدما فشل مع الحكومات العراقية... ولذلك استعان بشخص يدعى بدير خان من الاستخبارات الإيرلندية».
«هنّئوا إسرائيل لاحتلالها بيت المقدس»
وعلى مدى 12 عاماً (1963 ـــــ 1975) «عمل إلى جانب مصطفى البرزاني وفد استشاري إسرائيلي كان يُغيَّر كل ثلاثة أشهر، وعلى رأس هذا الوفد كان مندوب الموساد، وإلى جانبه ضابط عسكري من الجيش الإسرائيلي، إضافةً إلى مستشار فني خاص. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة إلى البرزاني لتعلّم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم. وكان الإسرائيليون في كردستان يجهدون للظهور بمظهر الأكراد، على الأقل في لباسهم»، بحسب المصدر نفسه.
وذكر نكديمون أنّ «البرزاني احتفل مع الإسرائيليين فوق جبل كردستان بدخولهم القدس عام 1967 بذبح كبش علّق فى رقبته شريطاً من اللونين الأزرق والأبيض، رمزاً للعلم الإسرائيلي، وكتب عليه: هنئوا إسرائيل لاحتلالها بيت المقدس».
هذه العلاقة يؤكّدها أيضاً الباحث الأميركي أدوموند غاريب في كتابه «القضية الكردية في العراق»، الذي يكشف أنه «في عام 1972، كان الأكراد ينقلون معلومات شاملة عن الجيش العراقي إلى كل من الاستخبارات الإيرانية والإسرائيلية». فضلاً عن عملية تهريب اليهود العراقيين التي جرى القسم الأكبر منها في أوائل السبعينيات عبر كردستان العراق إلى إيران فإسرائيل.
وقائع كشف جزءاً منها محمد حسنين هيكل، الذي نقل عن عقراوي وعبيد الله البرزاني (وكانا على خلاف مع مصطفى) قولهما إن «الإسرائيليين يرافقون الملا مصطفى باستمرار، ويتصلون مباشرةً باللاسلكي مع إسرائيل، ويقومون بأعمال تجسس في العراق».
بدوره، كتب الصحافي الأميركي جاك اندرسون أنّ «ممثلاً سرياً لإسرائيل كان يتغلغل عبر الجبال في شمال العراق شهرياً خلال هذه الفترة لتسليم مصطفى البرزاني مبلغ 50 ألف دولار من إسرائيل».
وكان أول اعتراف إسرائيلي رسمي بالتعاون الإسرائيلي مع قادة أكراد العراق في 29/9/1981 عندما انهارت حركة البرزاني. وقتها أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن أن «إسرائيل قدمت الدعم إلى البرزاني طوال عشر سنوات من عام 1965 إلى عام 1975»، عندما اتفقت بغداد الصدامية وطهران الشاهنشاهية على الأكراد.
الأولوية لـ ... تركيا
غابت إسرائيل عن كردستان، من دون أن تنقطع علاقتها مع القيادة الكردية، حتى حرب الخليج وإقامة منطقة كردية شمالية تخضع لحماية قوات التحالف. وقتها عاد الدعم والوجود الإسرائيلي إلى كردستان، حيث بقي سرياً مخافة إثارة غضب تركيا.
حجة العودة كانت حملة القمع التي شنها نظام صدام ضد الأكراد عقاباً لهم على مساعدتهم قوات التحالف في الحرب. وقتها، أطلقت المنظمات اليهودية حملة في كل أنحاء العالم لجلب مساعدات إلى الأكراد. ومع ذلك، فإن الأولوية الإسرائيلية في هذه المرحلة كانت للعلاقات مع تركيا «التي يجمعنا معها خطر واحد هو الإرهاب» بحسب تعبير بنيامين نتنياهو في 1997. أبرز دليل على هذا الترتيب للأولويات كان سلسلة الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية على مخيمات حزب العمال الكردستاني في البقاع اللبناني خلال عدوان عناقيد الغضب، فضلاً عن المساهمة الكبرى للموساد في اعتقال أوجلان، وذلك بحسب دراسة مطوّلة لسيرغي مينازيان عن العلاقات الإسرائيلية الكردية.
الموقع Z
التغلغل الإسرائيلي في كردستان تكثّف قبيل غزو العراق في 2003. وما كاد عام 2004 يطلّ برأسه حتى تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن لقاء عُقد بين مسعود البرزاني وجلال الطالباني مع رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون، الذي أكد علناً على العلاقات الممتازة مع الأكراد.
وكشفت صحيفة «ميلييت» التركية، في 11/12/2003، أنّ شخصيات إسرائيلية قدمت قروضاً ميسّرة للقيادة الكردية بقيمة 300 مليون دولار، وذلك لشراء أراضي العرب والتركمان في شمال العراق.
وأكدت مصادر الجبهة التركمانية، حسبما نقلت «الجزيرة» يوم 27/6/2004، أنّ مئات اليهود الأكراد أخذوا يشترون أراضي واسعة في مدينة كركوك وضواحيها بخمسة أضعاف أسعارها الحقيقية. وتضيف «رافقت شراء الأراضي هجرة كردية واسعة إلى مدينة كركوك، حيث يقدّم الحزبان الكرديان مخصصات مالية قدرها 200 دولار شهرياً لكل عائلة كردية تنزح إلى كركوك. وهذه الأموال إنما هي دعم يقدمه الموساد الإسرائيلي للأكراد العراقيين في مقابل تسهيلهم عملية نقل اليهود الأكراد إلى شمال العراق».
وتحدث تقرير لموقع «الجزيرة» عن أنّ «طواقم استخبارية أمنية إسرائيلية تقيم منذ احتلال القوات الأميركية للعراق في مناطق الشمال بالتنسيق مع سلطات الاحتلال التي تحضر لإقامة محطات استخبارية متطورة تغطي منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط وإيران»، مشيراً إلى أن «الإسرائيليين سجّلوا هناك حضوراً لافتاً للانتباه عام 2005».
ويفيد تقرير «الجزيرة» أن «حلقة الضغط من أجل علاقات طبيعية ومتميزة بين بغداد وتل أبيب تتكوّن من ست شخصيات تدير الاتصالات السرية مع إسرائيل. وتتردّد هذه الشخصيات على انفراد على تل أبيب عبر مطارات أوروبية ومن تركيا، ومنهم مسعود البرزاني وجلال الطالباني ورئيس ميليشيات البشمركة، الذي اعتاد زيارة إسرائيل عندما أقام في مستشفياتها في آب 2004». ويضيف إنّ «إياد علاوي وافق، عندما كان رئيساً لوزراء العراق، على فتح سفارة لإسرائيل قرب السفارة الأميركية في منطقة القصر الجمهوري»، مشيراً إلى أن «الطالباني دعا في مقابلة له مع قناة إسرائيل الثانية رجال أعمال إسرائيليّين إلى الاستثمار في العراق».
ولعل أشمل التقارير الحديثة ما نشرته «يديعوت أحرونوت» في 1 و2 كانون الأول 2005، إذ قالت إن «الشركات الإسرائيلية بنت في منطقة صحراوية نائية في شمال العراق موقعاً سرياً يتخذ الرمز (Z)، يستخدم لأغراض تدريبية». وأضافت إنّ وحدات من قوات النخبة الإسرائيلية بدأت عملياً التدفق إلى شمال العراق عام 2004 عبر الحدود التركية، حيث كانوا يتظاهرون بأنهم مهندسو طرقات وخبراء زراعيون. بقي الأمر يجري على هذا النحو إلى أن أدرك الأكراد أنّ الاستخبارات الإيرانية كشفت الموقع Z، وخشوا من أن تختطف بعض الإسرائيليين، ويتحول الأمر إلى فضيحة، فأغلقوه.
هناك أيضا التقرير الشهير لسيمور هيرش في «نيويوركر» في حزيران 2004، الذي أكد أنّ الإسرائيليين «يدرّبون وحدات الكوماندوس الكردية، ويقومون بعمليات سرية في المناطق الكردية في سوريا وإيران».
ومن المؤشرات على العلاقات الحميمة التي تربط الأكراد بالإسرائيليين صدور مجلة «ئيسرايل ـــــ كورد» (إسرائيل ـــــ كرد) في كردستان في تموز 2009.
ويقول وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، آفي ديختر، في محاضرة عن الدور الإسرائيلي في العراق بعد احتلاله عام 2003، «لقد حقّقنا في العراق أكثر مما خطّطنا وتوقعنا»، مشيراً إلى أنّ «ذروة أهداف إسرائيل هي دعم الأكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الأمنية لتأسيس دولة كردية مستقلة في شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان». ويضيف إنّ «هناك التزاماً من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط النفط من كركوك إلى خط IBC سابقاً عبر الأردن، وقد جرت مفاوضات أولية مع الأردن، وجرى التوصل إلى اتفاق مع القيادة الكردية، وإذا ما تراجع الأردن، فهناك البديل التركي، أي مدّ خط كركوك ومناطق الإنتاج الأخرى في كردستان إلى تركيا وإسرائيل، أجرينا دراسات لمخطط أنابيب للمياه والنفط مع تركيا، ومن تركيا إلى إسرائيل».




 
رد: الموساد في كردستان

هذا الموضوع قديم جديد بنفس الوقت وعند استعادة العراق لزمام الامور سيتغير الكثير من الامور المشابهه
 
رد: الموساد في كردستان

الموساد موجد من القديم وهذه بعض البراهين والصور خسا الخونة
brzani4.jpg

كتاب يفضح العلاقة الصهيونية مع مصطفى البارزاني:
عرض لكتاب ( الموساد في العراق ودول الجوار) تأليف: شلومو نكديمون
(أوليات العلاقة الإسرائيلية-الأيرانية -الكردية)
· الأيرانيون والصهاينة إستخدموا الأكراد من أجل تحقيق رغبتهم في إنهاك العراق!
· الملا مصطفى البارزاني ذبح (كبشا كبيرا) فرحا بإنتصار إسرائيل على العرب في 67!
· زيارات عديدة للملا الى إسرائيل ولقاءه بالمسؤولين ودعم متواصل للتمرد الكردي.
· إسرائيل تمنح البارزاني رتبة (لواء) تقديرا لجهوده في تسفير اليهود العراقيين الى فلسطين المحتلة!!
brzani7.gif
خاص بشبكة البصرة
عرض: الدكتور أيمن الهاشمي
أكاديمي عراقي - بغداد
المؤلف: شلومو نكديمون (صحفي صهيوني متخصص في مجال مسارات القرار الصهيوني خاصة السياسي، سبق أن أصدر كتاب تموز في اللهب عن قصف مفاعل تموز العراقي 1981)
المترجم: بدر عقيلي
brzani4.gif
يتحدث المؤلف عن التعاون بين الكيان الصهيوني (وتحديداً الموساد) وبين المرحوم الملا مصطفى البارزاني للفترة 1963 1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق، ليس لنوازع إنسانية كما يدعي الصهاينة بل لاستخدام الأكراد جسراًً للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافاً للعراق الذي كانت تنظر إليه إسرائيل دوماً على أنه الخطر المزعج. ويستند المؤلف في معلوماته إلى مقابلات مع رجال الموساد الصهيوني الذين كلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، وعلى وثائق سرية، وتقارير إعلامية، وأراشيف خاصة وعامة، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون إسرائيليون أبان تواجدهم في كردستان.
يضم الكتاب 31 فصلاً تشمل جميعها تغطية لوقائع وأحداث ومعلومات سابقة عن الحركة الكردية (حركة مصطفى البارزاني تحديداً) وعلاقاتها مع الموساد الصهيوني. ويصف المؤلف إتفاقية الجزائر في آذار 1975 بأنها ملك الموت الذي قبض على روح العلاقة الكردية الإسرائيلية التي دامت 12 عاماً واتسمت بالتعاون المكثف، كان خلالها الملا مصطفى البارزاني يقود التمرد ضد الحكومات العراقية مستعيناً بالمستشارين الإسرائيليين الذين لم يفارقوه، أو يفارقوا معسكره، طيلة تلك السنوات. (ص8)، وكانت طواقم المستشارين العسكريين الإسرائيليين تستبدل بصورة دورية، كل ثلاثة أشهر، ويترأسها بصورة دائمة أحد عناصر الموساد، وإلى جانبه ضابط في الجيش الإسرائيلي، ومستشار فني. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة للبارزاني لتعلم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم..
الكتاب يتطرق بأسهاب إلى المساعدات الإسرائيلية للتمرد البارزاني في العراق، نظراً لعدم وجود ثغر بحري لكردستان، ووقوع جميع المطارات الموجودة في أراضيها تحت السيطرة العراقية، لذا فإن الدخول إليها يصبح مستحيلاً، إلا إذا تم عبر تركيا أو إيران أو أرمينيا، مما جعل تقديم المساعدات الصهيونية رهناً برضا ورغبة إيران.

محاولة فاشلة لإغتيال الملا مصطفى البارزاني: الكتاب المقدس لم ينفجر
يتطرق الكاتب إلى محاولات قتل مصطفى البارزاني ومنها حادثة يوم 29 أيلول (سبتمبر) 1971 في حاج عمران، عن طريق متفجرات حملتها سيارة تقل تسعة من رجال الدين أرسلوا من بغداد الى مقر الملا مصطفى على أساس أنهم يحملون رسالة من القيادة العراقية بشأن اتفاق 11 آذار(مارس) 1970، وكان مع الملا مصطفى في ذلك الوقت اثنين من الموساد الإسرائيلي هما (تسفيز مير) و (ناحوم أدموني). ويشرح الكتاب كيف أوكلت مهمة إلى المدعو (صادق) وهو خبير متفجرات كردي ليستخدم مغارة مخصصة كمصنع للمواد المتفجرة، لتصنيع (قنبلة) لاغتيال النائب صدام حسين ردا على محاولة الأغتيال الفاشلة.
في 13 تشرين الأول (أكتوبر)1971 أوفدت الحكومة العراقية وزير التربية المرحوم الدكتوراحمد عبد الستارالجواري وأخبر الملا مصطفى بأن النائب (صدام حسين) يعمل بلا كلل أو ملل من أجل كشف النقاب عن المخططين، وعن الجهة التي أمرت بالتنفيذ، وإن محاولة الاغتيال كانت مؤامرة دبرتها عناصر خارجة عن النظام من أجل تخريب العلاقات الطيبة الآخذة بالتطور بين العرب والأكراد، وقال البارزاني إنه سيرسل مبعوثاً إلى بغداد لكي يعرب عن مشاعر الود، وطلب من الدكتور احمد عبد الستار أن يحمل معه هدية (مصحف أثري قديم) هدية إلى السيد النائب (صدام حسين) وإن الوزير العراقي عاد من حاج عمران إلى بغداد يوم 14/10 وقابل السيد النائب، وأخبره إن الملا مصطفى يقدر هذه الالتفاتة وبعث شخصياً بهدية ثمينة (قرآن أثري قديم).. وثارت شكوك النائب حول محتوى الهدية وأمر بفحصها من قبل خبراء المتفجرات وتبين فيما بعد إن الهدية عبارة عن (متفجرات). ويروي المؤلف حادثة يوم 15 تموز(يوليو) 1972 حين قابل البارزاني مراسل وكالة الأنباء العراقية، والذي اعترف له أنه مرسل من أجل اغتياله.

الحرية الوحيدة هي أن نتنسم الهواء :
ركز المؤلف فصلا للحديث عن تاريخ الكرد، ثم أنتقل للحديث في عدة مواضع من الكتاب عن دور المدعو (الأمير بدير خان) في عملية التنسيق الكردي الصهيوني، ويتحدث عن لقاءه بالمقدم يهودا بن ديفيد نائب الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في باريس ومسؤول الاتصالات مع الجهات الاستخبارية المحلية والأجنبية، وكان الأساس والمنطلق في التنسيق هو التماثل بين التأريخين اليهودي والكردي وتعرض الشعبين للاضطهاد.
وكان بدير خان يتنبأ بشرق أوسط ممزق ومفتت إلى كيانات صغيرة، تحظى فيه كل مجموعة أو طائفة عرقية بحق تقرير المصير في إطار حدود معقولة، تمكنها من تجذير استقلالها الحضاري.
ويتحدث المؤلف عن كيف أن أي محاولة لبلورة دولة كردية مستقلة، كانت تلقى معارضة فورية مستميتة من لدن تركيا وإيران والعراق، كل على حدة، وجميعها مجتمعة. ولم تأت هذه المعارضة مصادفة (والكلام للمؤلف) فقد كانت هذه الدول تدرك إن إقامة كيان كردي مستقل سيلزمها بالتخلي عن مناطق واسعة من أراضيها خصوصاً أنها غنية بالكنوز الطبيعية وخاصة النفط. وهذا ما دفع الغرب إلى معارضة الاستقلال الكردي ولم يبقى من التعاطف مع الأكراد سوى قيام بعض أجهزة المخابرات الغربية بإنشاء علاقات وصلات مع جهات كردية كبديل محتمل قد يحتاجون إليه في مرحلة ما.
يذكر المؤلف إن (بدير خان) وعائلته توثقت علاقتهم باليهود الذين استوطنوا كردستان منذ قرون كثيرة، فقد تحدث النبي (يوشع) عن اليهود المفقودين في أرض آشور، كما إن اليهود الأكراد هم من بقايا الأسباط اليهودية العشرة الذين نقلهم إلى هناك ملوك آشور أسرى خلال القرن 8 ق.م، وقد برز من بينهم حاخامات ويقال إن عدد الطوائف اليهودية الكردية وصل إلى (146) طائفة، وإن هجرة اليهود الأكراد إلى فلسطين بدأت في القرن (16) وسكنوا منطقة (صفد) ومن بينهم (يهودا البارزاني) الذي هاجر إلى إسرائيل سيراً على الأقدام. وإن وزير الدفاع الإسرائيلي (إسحاق مردخاي) سنة 1996 هو من أحفاد العراقيين المهاجرين، وقد هاجر إلى إسرائيل وعمره (6) سنوات بعد أن اكتشف العراقيون هوية والده كأحد نشطاء الحركة الصهيونية.
ويتحدث المؤلف عن التقرير الذي قدمته الوكالة اليهودية مطلع 1946 عن الطائفة الآشورية (الكشدية) وهم بقايا شعوب قديمة، وكيف أنهم طالبوا بنظام آمن لنصف مليون آشوري في ظل حكومة كردية مستقلة على أرض كردستان. وإنهم يكنون الكراهية للعرب ويتعاطفون مع الأكراد.
ويصف المؤلف، الأمير بدير خان، بأنه عميل إسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء، وإنما كان يقوم بتكليف من إسرائيل بأعمال سياسية حساسة على افتراض أنه سينال مقابلها مساعدات إسرائيلية للنضال الكردي، وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق والقاهرة وبيروت بتكليف من إسرائيل، وإن هذه المهام لا زالت طي الكتمان لسبب ما (ص22).

انقلاب كردي في دمشق :
ابتدأ المؤلف بالحديث عن (حسني البرزاني) أو (البرازي) وهو زعيم من أصل كردي، تمكن من جمع رأس مال كبير جداً، أوصله في نهاية المطاف إلى منصب رئيس الحكومة في سوريا عام 1942 وكان ذا صلة وثيقة بـالأمير (بدير خان) وكبار رجال الدبلوماسية الإسرائيلية وكان واثقاً من أن الإسرائيليين يحفظون له أفضالاً عديدة في الماضي القريب، حيث قدم تسهيلات لهجرة يهود بولنده إلى فلسطين عن طريق دمشق.
وفي أوج حرب 1948 فكر حسني البرازي الإطاحة بالرئيس السوري القوتلي ورئيس حكومته جميل مردم، وإنه بالتنسيق مع بدير خان، طلب أن يقوم الإسرائيليون بدورهم في هذه العملية، بأن يقوم الجيش الإسرائيلي بإثارة التوتر على الحدود لجذب قوات الجيش السوري نحو الحدود بعيداً عن العاصمة دمشق، وبالتالي إتاحة الفرصة له بدخول المدينة بكتيبة دبابات والاستيلاء على السلطة بسهولة. ووعده إذا ما نجحت الفكرة، سيعمل على التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، وترسيم الحدود الدولية وإن هناك شركاء في الانقلاب من بين الأقليات، الأكراد، الدروز، الشركس. وحين عرض بدير خان الموضوع على ساسون في وزارة الخارجية الإسرائيلية لم توافق إسرائيل على التدخل في إحداث انقلاب في سوريا. وتحدث الكاتب عن دور حسني الزعيم و محسن برازي، وكلاهما كرديان، وكانا يسعيان للتصالح مع إسرائيل، وإسقاط القوتلي، ولو أنه يعرج فيقول إن إسرائيل لم توافق على انقلاب حسني الزعيم في كانون الأول 1948(ديسمبر)، واستلام الزعيم السلطة في 30 آذار (مارس) 1949، وينقل الكاتب على لسان شمعون وبن غوريون بأنهما أقرا بأن إسرائيل قد ارتكبت خطأ بعدم استجابتها لطلب حسني الزعيم، رغم إن الزعيم أعلن صراحة رغبته التفاوض مع الصهاينة. وفي 14 آب 1949 أطاح انقلاب عسكري بالزعيم والبرازي وتم إعدامهما.
وينتقل الكاتب للحديث عن مصطفى البارزاني واتصالاته بإسرائيل حيث أن البارزاني زارها سرا في نيسان (أبريل) 1968 بترتيب من بدير خان، وتم استقباله هناك استقبالاً رسمياً فخماً وأنزل في بيت الضيافة الحكومي، وقام رئيس الموساد اللواء مائير عميت بتعريف البارزاني على يوفال نثمان رئيس شعبة الاستخبارات الأسرائيلية.

لست سوى كردي بسيط :
يتحدث الكاتب عن مصطفى البارزاني والبارزانيين ومنطقة بارزان (التي تعني أرض الهجرة) وعن الشيخ سعيد، جد البارزاني الذي كان من المناوئين للسلطة العثمانية، ثم إبنه الشيخ محمد الذي ثار ضد الإنكليز سنة 1926 وتوفي بعدها ثم تنصيب شقيقه احمد شيخاً للقبيلة، وفي عام 1943 تسلم الإبن الخامس (مصطفى) عصا القيادة، وهو كان تلقى تدريسه الإبتدائية في برزان، وواصل الدراسة في تركيا، واستكمل علومه الدينية في السليمانية، وفي عام 1931 بدأ نشاطه في التمرد الكردي.
وبدأ مصطفى البارزاني في السليمانية بلورة أهدافه السياسية، وطالب باستقلال كردي إلا أن نوري السعيد رفض المطالب الكردية، وحين بدأ البارزاني يحشد قواته، اقترحت عليه الحكومة العراقية في آب (أغسطس) 1945 أن ينتقل إلى أي منطقة عراقية خارج كردستان إلا أنه رفض العرض وفي 10 آب (إغسطس) 1945 نشبت معارك طاحنة بين الجيش العراقي والمتمردين الأكراد، وقامت القبائل المعادية لعشيرة البارزاني بتشكيل قوات مناوءة للتمرد البارزاني سميت (فرسان صلاح الدين) الذين أطلق عليهم البارزاني لقب (الجحوش). ويذكر مؤلف الكتاب أن جريدة (الثورة العربية) وهي الجريدة الناطقة باسم حزب البعث أوضحت أن (الجحوش) كانوا مرتزقة يقاتلون من أجل شيوخهم نظير مقابل نقدي، ولم يكن العراقيون قادرين دائماً على الثقة بهم، أو الاعتماد عليهم.
وفي 30 أيلول (سبتمبر) 1945 قرر البارزاني اجتياز الحدود والسكن في شمال غرب إيران إلى جوار الأكراد هناك، تحت حماية الجيش الأحمر أبان الحرب العالمية الثانية. وكان السوفييت في حينها يشجعون التطلعات القومية الكردية وساعدوا على إقامة كيان كردي بإسم جمهورية مهاباد عام 1946 في منطقة (ماهاباد) على قطاع ضيق إلى الشرق من الحدود العراقية التركية، بيد أن هذه (الجمهورية) لم تدم سوى سنة واحدة فقد سحب السوفييت حمايتهم لها، وسارع الإيرانيون إلى السيطرة على أراضيها والإعلان عن إلغائها، وقد فرّ مصطفى البارزاني الذي قاد جيش جمهورية ماهاباد بجلده ومعه 500 من أتباعه وقضى 46 يوماً في طهران، وفشلت محاولاته للحصول على مأوى مؤقت له ولرجاله في الولايات المتحدة، وهرب البارزاني إلى روسيا بعد مسيرة 52 يومياً عبر الأراضي التركية، ووصل 18/6/1947 وعاش على أراضي الاتحاد السوفياتي وهناك دخل دورات وتدريبات عسكرية مع مقاتليه، وتعلموا اللغة الروسية، وقد تزوج معظم مؤيديه معه من نسوة تركمانيات ومسيحيات روسيات، ولتدبير معيشته اشتغل مصطفى البارزاني (قصاباً) في احدى المدن الروسية، وكانت معاملة القادة السوفيت له سيئة لغاية وفاة ستالين 1953 حيث تحسنت معاملته وخصص خروتشوف له شقة خاصة، وأرسله لاستكمال تعليمه وثقافته في معهد إعداد الكوادر التابع للحزب الشيوعي، وكان البارزاني يأتي بين فترة وأخرى إلى سوريا، وقابل جمال عبد الناصر، وحصل من خلال مؤتمر الدول الآسيوية والأفريقية عامي 55 و 1957 على تاييد حق الأكراد في مطالبهم الوطنية. وبعد ثورة 14 تموز (يوليو) 1958، كان البارزاني في براغ، حين اصدرعبدالكريم قاسم عفواً خاصاعن مصطفى البارزاني وجماعته، ووجه الدعوة له للعودة إلى العراق، واصدر قراراً بأن العرب والأكراد شركاء في الوطن. وعاد البارزاني واستقبل استقبال الأبطال في العراق.
أدت عودة البارزاني إلى العراق إلى إشعال العديد من الأضواء الحمراء في الغرب، وخاصة بعد ورود معلومات عن أن البارزاني مستمر في إجراء لقاءات مع دبلوماسيين سوفييت في سوريا ممن يعملون في بغداد، مما زاد الشكوك الغربية، في أنه يعمل بتكليف من الاتحاد السوفياتي، وشرع الغرب في البحث عن زعيم كردي بديل. واعتقدت أميركا ومعها الغرب أن (بدير خان) قادر على القيام بهذا الدور.
عرض جهاز السافاك الإيراني (الاستخبارات الإيرانية) على بدير خان أن يسكن في إيران ويعمل داخلها، وكان يدير السافاك الجنرال تيمور بختيار وهو من أصل كردي وكانت مطالب بدير خان أن يتم تعيين موظفين أكراد رفيعي المستوى في المقاطعات الكردية وإصدار جريدة كردية وفتح مدارس كردية.
وفي هذا الأثناء كان بدير خان قد تزوج من فتاة بولندية أصغر منه بكثير، من عائلة ثرية للغاية، بيد أنها فقدت كل ثروتها في أعقاب تسلم الشيوعيين حكم بولنده، وهاجرت إلى باريس ودرست في السوربون، وحين تزوجت من بدير خان تعلمت الكردية، ونقلت لعريسها مزرعة واسعة على بعد 80 كم من باريس ورثتها من والدها، وحين حاول الإيرانيون إقناعه بالذهاب والعيش في إيران عرضوا عليه شراء الأرض بمليون دولار أي عشرة أضعاف ثمنها الحقيقي، لكنه رفض، ومع ذلك استمرت اتصالات بدير خان مع السافاك.
ووجد بدير خان شريكاً له في أفكاره وآراءه وهو (سامي الصلح) رئيس وزراء لبنان الذي أطيح به في حزيران (يونيو) 1958، وأخذ يفتش عن وسائل تعيده إلى الحكم، وكان يسعى إلى تشكيل اتحاد فيدرالي يضم لبنان، سوريا، العراق، ومن ثم تضم كردستان، والحجاز، واليمن، وتركيا، وإيران، ومن ثم تضم إسرائيل. وكان بدير خان يسعى إلى إلغاء الجامعة العربية واستبدالها بالجامعة الشرق أوسطية التي تنمي التفاعل المشترك بين مختلف الأديان في المنطقة، من أجل الاندماج بين دول الشرق الأوسط، واندماج الأكراد في هذا الكيان الجديد.
في 25 تموز 1959 أرسل البارزاني رسالة إلى عبد الكريم قاسم وصف نفسه في نهايتها بـ (الجندي المخلص لعبد الكريم قاسم) الذي يناضل، بالتعاون معه من أجل إنشاء جمهورية عربية كردية.
وفي أيلول 1961 بدأ تمرد البارزاني حين التحق بمدينة بارزان كي يركز نشاطه وعمله المكثف لقيادة التمرد. وعاد بدير خان لممارسة دوره التنسيقي مع الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية لدعم البارزاني، وإزداد اهتمام إسرائيل بما يدور في كردستان العراق، وحمل بدير خان إلى إسرائيل معلومات حول النقص الخطير الذي يعانيه المقاتلون الأكراد، طالباً مساعدة جدية في إنشاء محطة بث جديدة، وخصصت إسرائيل لنشاطات بدير خان مبلغ 20 ألف دينار وقام بشراء أجهزة راديو للاتصال بين قيادة تمرد كردستان العراق مع مركز النشاطات الكردية في أوربا الغربية وتحدث عن دور كل من رشيد عارف (ص67) وإبراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي في التنسيق مع جهات إسرائيلية في أوربا لتقديم العون إلى البارزاني.
في 17/12/19861 أرسل عبد الكريم قاسم مبعوثاً عنه هو (الضابط حسن عبود) مقترحاً منح عفو عام عن الأكراد، لكن البارزاني اكتشف جهاز اتصال مباشر داخل سيارة حسن عبود مخصصاً للدلالة على مكان وجود البارزاني وبالتالي مهاجمته...
ويذكر بدير خان إنه مخول من البارزاني بطلب المساعدات من إسرائيل.. وطلب تدريب 6 من قادة الأكراد في إسرائيل وبدأت محاولات كردية لكسب دعم الولايات المتحدة، عارضاً لهم إن الأكراد قادرون على تطويق أي تقدم سوفياتي في الشرق الأوسط، خاصة وأنهم قادمون عبر جبال القوقاز.

قدموا للتفاوض في بغداد وألقوا في السجن :
يتحدث المؤلف ايضا عن العلاقات والاتصالات بين المخابرات الإيرانية والإسرائيلية منذ أيلول عام 1957، ودور الجنرال بختيار (إبن مطلقة شاه إيران ثريا) في التنسيق، حيث ألمح بختيار عن ارتياح إيران للضربة التي نالت الجيش المصري في حرب 1956، ويتحدث عن ثورة تموز، ثم ثورة رمضان في العراق ومجيء الحزب إلى السلطة وبداية التعاون بين حكومة الثورة والأكراد، بل سبقت وقوع الثورة حين اتصل طاهر يحيى في شباط 1962 بإبراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردستاني عارضاً على الأكراد التعاون مع رجال الثورة ضد السلطة القاسمية. وبعد قيام ثورة 8 شباط (فبراير)، استقبلت حكومة الثورة مبعوثين عن الأكراد، بوفد يرأسه (الطالباني) الذي قابل البكر وعماش، وفي 20 شباط 1963 توجه الطالباني على رأس وفد رسمي إلى القاهرة لتهنئة الزعامة المصرية بمناسبة ذكرى إقامة الجمهورية العربية المتحدة، وإلتقوا بعبد الناصر الذي أيّد مطالبهم، كما التقوا بابن بيلا في الجزائر. ولما سمع البارزاني بجولات الطالباني غضب منه غضباً شديدا.
وحدد يوم 1 آذار 1963 آخر موعد لإقامة الحكم الذاتي، وإلا سوف تعلن الحرب، وإعلان استقلال كردستان والانفصال عن العراق، وفي 9 آذار 1963 نشرت الحكومة العراقية بياناً اعترفت فيه بالحقوق الكردية واستبدلت مصطلح الحكم الذاتي بمصطلح إقامة مركز فرعي يخضع كلياً للسلطة المركزية، وفي 30 آذار أرسل البارزاني وفداً إلى بغداد برئاسة الطالباني، وفي 24 نيسان بعد إعلان ميثاق الوحدة الثلاثية بين العراق ومصر وسوريا، أعلن البارزاني أنه لا يوافق على إنضمام العراق إلى أي اتحاد عربي شامل، وأرسل وفداً إلى بغداد برئاسة الطالباني للتفاوض وطلب السماح له للسفر إلى مصر لمقابلة عبد الناصر، وفعلاً سافر للقاهرة إلا أنه بقي ثلاثة أسابيع في القاهرة أي في 25/5/1963 حتى سمح له بمقابلة عبد الناصر، الذي أعلن تفهمه لمطالب الأكراد، وحين سمع الطالباني إن بقية أعضاء الوفد معه الذين بقوا ببغداد تم اعتقالهم من قبل السلطة، أضطر للسفر إلى أوربا. وفي 5/6/1963 قام الجيش العراقي بهجوم على الأكراد كان موضع استنكار الاتحاد السوفياتي.

راديو بغداد يكشف سراً :
حمل بدير خان مبادرة من البارزاني في 1 نيسان 1963 إلى إسرائيل، واجتمع مع بن غوريون، ومع غولدا مائير، ورئيس الأركان تسفي زامير، ورئيس الاستخبارات، وينقل عن شاه إيران حول الوضع الكردي في العراق (نحن نرغب في استمرار لهيب التمرد الكردي في العراق شريطة أن لا يتحول هذا اللهيب إلى حريق كبير). ومن ناحية أخرى، اعتبرت إسرائيل القضية الكردية بمثابة فرصة لا تثمن بالذهب، لإضعاف مخالب الجيش العراقي يذكّرها بالأيام الخوالي البعيدة، ولاعتبارات أخرى.

عملية أثينا بدأت في باريس :
يتحدث الكتاب عن لقاء تم بين موظف إسرائيلي رفيع وآخر إيراني يوم 30/6/1963 في باريس حيث قال الإيراني إن الأكراد يطلبون مساعدتنا ومصلحتنا تقتضي تقديمها لهم، بيد أننا لا نعتزم عمل ذلك دون موافقتكم، وسميت (عملية أثينا) وتعني اتفاقية دعم الأكراد بالمال ومحطة للإرسال، وإن المواد المرسلة من إسرائيل إلى الأكراد تمر عبر إيران بواسطة السافاك. وبنفس هذا الموضوع يذكر أن الباحث (آدموند غاريب) في كتابه (القضية الكردية في العراق) ذكر بإن الموساد والسافاك شكّلا جهاز مخابرات كردي متطور، لجمع المعلومات عن الحكومة العراقية، وأوضاع العراق وتنقل إلى السافاك والموساد. وكانت الدعاية الكردية تعتمد المبالغة والتهويل فمثلا حين تقتل حظيرة من الجنود العراقيين كانت تعلن عن مقتل مائتي جندي عراقي.
في تشرين2 (نوفمبر) 1963 وصل إبراهيم احمد وصهره الطالباني إلى السفارة الإسرائيلية في باريس وطلب الاجتماع مع ممثلي الموساد، وقالا بالحرف الواحد (نحن جائعون) وطلبا ذخائر حربية وأموال ومساعدات، وكان الإيرانيون قد بدأوا الغضب من تصرفات الأكراد لأنهم يباشرون مفاوضات سرية مع العراقيين لوقف النار.
وقد طرأ تغير جديد على المصالح الإيرانية في منتصف كانون الثاني (يناير)1964 وطلبت إيران من ممثل الموساد أن يستأنف عمليات إرسال السلاح إلى الأكراد، واستجاب لهم، لكن الإيرانيين لم يوصلوا الأسلحة بدعوى إن الأكراد توصلوا في شباط 1964 إلى اتفاق هدنة مع الحكومة العراقية.
وعاد التوتر في العلاقة بين الشاه والبارزاني. وفي تلك السنة بدأت القطيعة بين الطالباني والبارزاني حيث يصف الأول الثاني بأنه دكتاتور، ووصلت الخلافات إلى حد القطيعة وبدأ كل منهما يهاجم الآخر، واندلعت بينهما حرب دموية في تموز 1964 انتصر فيها البارزاني، والتزمت إيران جانب إبراهيم احمد والطالباني ضد البارزاني وقامت بتسليحهم.

جونسون يرفض رسالة من البارزاني :
في عام 1965 بدأ البارزاني يتوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية يطلب المساعدة، بعد أن صرّح بأن أي أمة أو دولة لا تستطيع التواجد والعيش إلا إذا حظيت بتأييد إحدى الكتلتين الكبيرتين، وبعد الموقف السوفياتي السلبي، طلب البارزاني من إسرائيل أن تساعده في طلب المساعدة من أمريكا، وحاولت السفارة العراقية في واشنطن أن تفشل جولة المبعوث الإسرائيلي ومارست ضغوطاً على الخارجية الأمريكية وحققت بعض النجاح حيث رفضت جميع الجهات الرفيعة عدا بعض أعضاء مجلس الشيوخ من استقبال فانلي مبعوث إسرائيل والتحاور معه، وكان رأي الخارجية الأمريكية (إن الوضع في العراق معقد بما فيه الكفاية، وإن الولايات المتحدة لا تريد أن توجه لها أصابع الاتهام بمعاونة الأكراد)، وحاول المبعوث الإسرائيلي لاحقاً أن يقنع أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالحملة التي تشنها الحكومة العراقية آنذاك ضد الأكراد وبمساعدة تسليحية من الاتحاد السوفياتي والجمهورية العربية المتحدة التي بعثت طائرات وأسلحة وجنود وإن هناك 12 طائرة تابعة لسلاح الجو المصري في مطار الموصل إضافة إلى 24 طائرة مصرية في كركوك كلها مستعدة لقتال الأكراد. وقد قامت إسرائيل بتزويد الأكراد بالسلاح من بنادق بازوكا والغام ومتفجرات زنتها تسعة أطنان هبطت الطائرة التي تحملها في طهران ونقلت إلى شمال العراق بواسطة السافاك.

طائرات ميغ تهاجم البارزاني وديفيد قمحي :
وقع اختيار إسرائيل على ديفيد قمحي لإجراء أول اتصال مباشر مع البارزاني، وقمحي هو من كبار رجال الموساد في بريطانيا ودخل قمحي من إيران إلى شمال العراق والتقى بالبارزاني، وأوضح له إن إسرائيل شديدة التعاطف مع القضية الكردية، وإن إسرائيل تدرك إن النضال سيكون طويلاً، وإن إسرائيل مستعدة لتدريب المقاتلين الأكراد على حرب العصابات وأعمال التخريب، وأكد له ان مجموعة قليلة من الأكراد يمكن أن تنفذ عمليات مؤثرة وفعالة داخل العراق.
وقال البارزاني : أنا معني بالتحالف مع إسرائيل، لقد يئست من العرب ولست مهتماً فيما إذا تم إعلان علاقتي معكم، ووعد البارزاني برد الجميل إلى إسرائيل حال نيله استقلاله، وكتب رسالة بنفسه إلى ليفي اشكول رئيس حكومة إسرائيل يهنئه بذكرى إنشاء إسرائيل وبقي قمحي فترة من الزمن في شمال العراق وارتدى الملابس الكردية، وخالط (البيش مركة) وحين عودته إلى إسرائيل كان تقرير قمحي مشجعاً وزاد الرغبة لدى غسرائيل بدعم الأكراد، وتم اختيار الضابط (ب) لازال أسمه غير مصرح بنشره على راس وفد للتنسيق بين الموساد والأكراد، ووصل شمال العراق عن طريق السافاك الإيراني، وقد حرص الإسرائيليون على الظهور مظهر الأكراد، ولبسوا أزيائهم.
وشجع الإسرائيليون البارزاني على فكرة تدمير آبار النفط العراقية في الشمال، وتم إلحاق ثلاثة من الأكراد بدورة فنية في إسرائيل للتدريب على عمليات تفكيك حقول الألغام، وحصل الأكراد من إسرائيل على راجمات ذات قطر 120 ملم يصل مداها ستة كليو مترات. وقد اكتشف الجيش العراقي خلال عمليات التطهير نهاية 1965 عن الأكراد استلموا راجمات من إسرائيل وذكرت ذلك صحيفة بغداد نيوز يوم 1/11/1965 ز
كما إن عدداً من الأكراد البارزانيين المختلفين مع مصطفى البارزاني فضحوا وجود الإسرائيليين في كردستان حيث صرح كل من عقراوي وعبيد الله البارزاني إلى محمد حسنين هيكل إن الإسرائيليين يرافقون الملا مصطفى باستمرار ويتصلون مباشرة باللاسلكي مع إسرائيل ويقومون بأعمال تجسس في العراق.

لن يكونوا أبداً كالجيش الإسرائيلي :
في تشرين الثاني (نوفمبر) 1965 تم تنظيم دورة قوات خاصة في طهران لمقاتلين من الأكراد العراقيين، بينهم 3 ضباط برتبة نقيب، واتضح إن الإيرانيين يرغبون بأن تكون هناك حروب مستمرة بين العرب وإسرائيل بحيث تشغل الجيوش العربية – بما فيها الجيش العراقي - ولا تدع مجالاً للالتفات إليها. وكان يشرف على التدريب ضابط صهيوني أسمه (تسوري) والذي لم يبخل بإعطاء إرشاداته ونصائحه للجيش الإيراني في كيفية مواجهة القطعات الحربية البحرية العراقية في شط العرب. وفي آذار 1966 عاد المتدربون الأكراد من إسرائيل إلى بلدهم وتوجهوا إلى ساحات القتال لمقاتلة الجيش العراقي.

يوميات الحرب 1966 من اليأس إلى النصر :
توجه أربعة إسرائيليين في آذار (مارس) 1966 نحو كردستان، عن طريق إيران بمساعدة السافاك. وفي عام 1966 تسلل الطالباني الخصم اللدود للبارزاني مع 300 من مؤيديه إلى كردستان العراق، وكان البارزاني يعتقد إن دخول الطالباني هو مؤامرة إيرانية تسعى للسيطرة على التمرّد الكردي، وإدارته حسب رغبات الشاه.
في 8 نيسان (أبريل) 1966 بدأ هجوم الربيع العراقي من محور راوندوز- حاج عمران، مثلما توقّع تسوري مسبقاً، حيث كان الإسرائيليون قد خرجوا في جولة استطلاعية في هذا المحور وراقبوا مواقع العراقيين وكان معهم كل من إدريس والبارزاني ومسعود. اقترح الإسرائيليون على الأكراد أن يقوموا بإعداد عبوات جانبية ضخمة تتمثل في براميل كبيرة ملئى بالحجارة الكبيرة والمتفجرات، ويؤدي انفجارها إلى سد طرق الوصول إلى المواقع، وقد قبل البارزاني الاقتراح بسرعة، وكلف الملازم أول طهار أحد الذين خاضوا الدورة التي عقدها (تسوري) مسؤولاً عن هذه البراميل، وكلف المدعو يوسف جميل بالإشراف على عملية تصنيع قنابل يدوية محلية، بعد أن علم إن احتياطي القنابل اليدوية قد استنفذ بالكامل، وكان تسوري مستشاراً بضيق الموقف العسكري خاف من الوقوع في اسر القوات العراقية فقاموا بخطة للخروج عن طريق إيران.

إسرائيل تمنح رتبة لواء لزعيم التمرد الكردي الملا مصطفى البارزاني :
(أثارت الإنجازات الكردية اهتمام المسؤولين الإسرائيليين الثلاثة الذين يشرفون على عمليات المساعدات المقدمة للأكراد، كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ليفي اشكول ورئيس الأركان عزرا وايزمان ورئيس الموساد عميت، وبدا أن هناك سبباً رئيسياً يدعوهم لزيادة حجم المساعدات إلى الأكراد لمواجهة العراقيين).
في 24/5/1966 طار وايزمان إلى طهران للاجتماع بالشاه في طائرة نقل عسكرية كانت تحمل على متنها 5 أطنان من التجهيزات العسكرية للأكراد، ثم ايصالها يوم 10/6/1966 من قبل السافاك الإيراني. يقول زئيفي إنه عند اجتياز الحدود من إيران إلى العراق وصل ليلاً بسيارة جيب كانت هدية من إسرائيل إلى الملا مصطفى، تفاجأ بمشاهدة الملا مصطفى متواجدا في نقطة الحدود تبين أنه قطع مسافة 3 ساعات مشياً هو وأبناؤه وكبار حاشيته من أجل استقبال المبعوث الصهيوني. وقد أثنى مصطفى البارزاني على إسرائيل ودورها في استمرارية التمرد الكردي والمساعدات المتواصلة التي تقدمها من تسليح وتدريب ودعم مادي ومعنوي واستشاري، لأن عدونا مشترك وكوننا شعب مضطهد، وقد قام زئيفي الموفد الإسرائيلي بخلع رتبته وإهدائها إلى البارزاني وقد تقبلها الأخير بسرور وتأثر. يقول زئيفي (لقد بدأت أشعر بالضيق الشديد من الإيمان الشديد الذي يكنه البارزاني لنا ومن اعتقاده أننا قادرون على فعل كل شيء دون أن يعرف طبيعة الصعوبات التي تواجهها (إسرائيل)).

من المجدي الإعلان عن الاستقلال الكردي :
عاد (م) مع مائير عميت إلى إسرائيل بانتهاء مهمته، وكان تسوري على وشك المغادرة لاستكمال دراسته في كلية القيادة والأركان الأمريكية، وتم تحديد شخصين آخرين لشغل مناصبهما في كردستان، هما حاييم لفكوف، واليشع روئي، إضافة إلى المقدم آربيه يجوف، وطولب الثلاثة بالاستعداد للسفر في حزيران 1966، وقيل لهم إن الأمور تتجه اتجاهاً خطيراً، وإن تقارير تسوري تفيد بأن البارزاني على استعداد لإعلان استقلال كردستان العراق تحت رعاية إسرائيل. وقد سافر الثلاثة في طائرة عن طريق إيران ووصلوا حاج عمران وطلبا من تسوري تفسيراً لمسألة إعلان الاستقلال، وقال البارزاني لهم إن سيارات جيب تحمل ضباطاً عراقيين قدمت إلى المنطقة وهي تحمل أعلاماً بيضاء، وطلبت التحدث معهم وقال أقدمهم أنهم مخولون بالتفاوض مع البارزاني بصورة تؤدي إلى الحفاظ على الحقوق الكردية وفقاً لما يطالب به الأكراد.
إلا أن البارزاني تردد، وسأل المسؤول الصهيوني عن رأيه في إعلان استقلال كردستان، فرد عليه (لا أستطيع أن أعطيك الرد الآن سوف أرجع إلى المسؤولين في إسرائيل وأسألهم.) وحين عاد تسوري اجتمع به رئيس الأركان الصهيوني اسحاق رابين وشجعه على الاستمرار بتقديم العون للأكراد، وفي حزيران 1966 بدأت مفاوضات مع حكومة عبدالرحمن البزاز في بغداد للصلح مع الأكراد والاعتراف بالحقوق القومية للأكراد ومنحهم حكماً ذاتياً موسعاً. وأرسل مصطفى البارزاني مندوباً عنه هو (محمد حبيب كريم) وكان تلميذاً سابقاً لدى عبدالرحمن البزاز في كلية الحقوق، وقد أثارت المفاوضات العراقية الكردية ثائرة الإيرانيين على البارزاني، وحين قال ممثل السافاك أنه لا حاجة بعد الآن لبقاء الصهاينة، إلا أن مصطفى البارزاني قال : لن اسمح بمغادرة الإسرائيليين فانتم السلاح الحقيقي الموجود في حوزتي، وأضاف له إن حلم الإيرانيين يتمثل في استمرار إقتتال العراقيين والأكراد، بحيث يقتل كلاهما الآخر.

الإسرائيليون يخشون من الاختطاف :
في آب (أغسطس) 1966 بعد تسنم عبدالرحمن عارف رئاسة العراق بعد مقتل شقيقه عبدالسلام في حادث تحطم طائرته فوق البصرة، تحسنت علاقات العراق مع إيران، وبدأت اتصالات، وكشف رئيس السافاك ذلك للبارزاني، واحتمالات قطع الإمدادات عنهم. وجاء في رسالة بعثتها إسرائيل (إن إيران تعتبر البارزاني مجرد وسيلة سياسية وبمجرد توقف هذه الوسيلة عن العمل، يجب التخلص منها، كما شعر المستشارون الإسرائيليون إن العراق يعلم بوجودهم، لذلك وضع البارزاني حرساً من البيش مركة لحراستهم، والموساد أيضاً كان على علم بأن مسؤولاً كردياً رفيعاً سرب لجهة أجنبية نبأ قال فيه : إن هناك ثلاثة ضباط إسرائيليين موجودين في كردستان، وإن إسرائيل ترسل إلى الأكراد مساعدات عن طريق إيران، وإن إسرائيل تعقد دورات ضباط للأكراد لديها، ويكشف زيد حيدر رئيس شعبة العلاقات الخارجية في حزب البعث الحاكم في العراق النقاب عام 1976 إن المخابرات العراقي تلقت تقريراً حول قدوم ثلاثة ضباط إسرائيليين إلى المناطق الكردية وتم نقل أسلحة سوفيتية وإسرائيلية إلى الأكراد من إسرائيل.
وفي 16 آب (أغسطس) 1966 فر طيار عراقي مسيحي إسمه(منير روفا) بطائرته الحربية (ميغ 21) إلى إسرائيل وهبط في مطار عسكري هناك، واعترف أنه قام بعدة عمليات قصف في كردستان، وتوقع الإسرائيليون في شمال العراق أن يقوم العراقيون بإنزال وحدات كوماندوز لأخذهم كرهائن حتى إعادة الطائرة والطيار، لذلك وردت برقية من تل أبيب تطالب بأقصى الحيطة والحذر.

البارزاني يذبح كبشا لمناسبة هزيمة العرب أمام إسرائيل! :
قامت إسرائيل بإنشاء مستشفى ميداني بمنطقة حاج عمران يضم 40 سريراً ويستقبل المرضى والجرحى، وفي 26/9/1966 بدا عقد دورات للمضمدين وفق نفس سياقات الجيش الإسرائيلي، يقول (اشماريه جوتمان) من الموساد الصهيوني ومسؤول هجرة اليهود العراقيين (لقد جلبت لنا مساعدتنا للأكراد الكثير من الجدوى، فقد كنا نساعدهم في حربهم ضد العراق، كي نمنع العراق من شن حربٍ علينا، أو المشاركة في مثل هذه الحرب).
وفي شباط (فبراير) 1967 عاد جوتمان إلى إسرائيل، وتم إرسال رئيس وفد إسرائيلي جديد إلى كردستان هو (بن تسيون) وحال وصوله كردستان وضع خطة للفرار من كردستان عند الضرورة مثلما نصت أوامر الموساد، ويقول (ميتييف) إنه في كردستان عرف أنه لا جدوى من إدارته، في أي اتجاه لأنه سيعود إلى سيرته الأولى، فقد وجد في الأكراد قدرة خاصة على التفكير بأسلوبهم هم : كما وجد في إدريس ومسعود (إبني مصطفى البارزاني) اهتماماً خاصاً بدراسة تأريخ وأيديولوجية الحركة الصهيونية، ورغبة بمعرفة تطورها كما شعرا إن نفسيهما ممتلئة بالمرارة جراء عدم اهتمام العالم بقضيتيهما واعتبر هذا الإهمال بمثابة خيانة، وكانا يدركان جيداً أن الإيرانيين سوف يخونون القضية الكردية، وإن تأييدهم لها هو تأييد مؤقت.
في 2/6/1967 قدم إلى مقر البارزاني نائب رئيس الأركان العراقي، وعدد من كبار ضباطه، وطلب من البارزاني أن يتعاون مع العراق، ضد إسرائيل التي تخطط لشن عدوان على الدول العربية، وقال البارزاني لمراسل جريدة لوموند الفرنسية إنه قال للعراقيين : أنتم تطلبون مني أن أعلن تضامني مع العرب، ولكن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون نشوب الحرب هي مطالبة عبد الناصر بسحب قواته عن الحدود وأن يفتح خليج العقبة من جديد في وجه الملاحة الإسرائيلية، وإلا فإن الهزيمة سوف تلحق جميع الجيوش العربية وقلت لهم : أنتم ومنذ 6 سنوات تشنون حرباً ضدنا، وتسعون لتدميرنا، فكيف تطلبون منا أن نعاونكم؟. ورفض البارزاني حتى مجرد فكرة إرسال قوة رمزية كردية إلى بغداد للمشاركة مع الجيش العراقي في الحرب ضد إسرائيل.
ويقول المؤلف: إن البارزاني كان يرى في الحرب بشرى وأيضاً انتقام، وكان يحث المندوب الإسرائيلي على تدمير أسلحة العراق.
وفي 5 حزيران (يونيو) 1967 قال لبكوب للبارزاني (إن أكبر سلاح جو عربي باق هو سلاح الجو اللبناني!!، وإن إسرائيل دمرت جميع أسلحة الجو العربية، وقام لبكوب برسم خارطة لتوضيح سير المعارك، وقد احتفل البارزاني بهذا الانتصار على طريقته الخاصة إذ أحضر أحد خدمه كبشاً ضخماً علق عليه في رقبته شريطاً أزرق وأبيض دلالة على العلم الإسرائيلي وكتب عليها (هنئوا إسرائيل لاحتلالها جبل البيت)، الليلة سنذبح خروفاً قرباناً لاحتلالكم القدس، وقد عمت الفرحة جميع أنحاء كردستان لتدمير إسرائيل لسلاح الجو العراقي الذي كان يقصف القرى الكردية بصورة متواصلة. وأستمر البارزاني في مساعيه وطموحاته في أن يقوم الأسرائيليون بإقناع الولايات المتحدة الأميركية في مساعدة الأكراد لنيل أستقلالهم.

البارزاني يزور إسرائيل سراً ويرفض التخلي عن مسدسه لحرس الرئيس! :
في نيسان (أبريل) 1968 قام الملا مصطفى البارزاني بزيارة إلى إسرائيل حيث هبطت طائرة أقلته من إيران، في مطار اللد وكان بصحبته الدكتور احمد والمفتي وخمسة حراس شخصيين مسلحين، واجتمع مع رئيس الدولة، زيلمان شوفال وحضرهذا الاجتماع ولبكوب، وقد رفض البارزاني كل التوسلات بأن يتخلى عن مسدسه الشخصي المحشو بالعتاد، وقال لبكوب لتبرير الموقف : هل شاهدتم كلباً يتخلى عن ذنبه؟ وقد نصح الرئيس الإسرائيلي، مصطفى البارزاني أن يتخلى عن فكرة الحكم الذاتي، وأن يعمل من أجل إقامة دولة كردية مستقلة وقد قابل أيضاً وزير الدفاع موشيه دايان، كان من المفروض أن تبقى الزيارة سراً لكن أمر الزيارة تسرب وانتشر خاصة بعد مقابلة جرت بين البارزاني ومحرري الصحف الإسرائيلية.

قائد سلاح المظلات في سلاح الحرب :
في عام 1968 زار شمال العراق (أهارون ديفيدي) قائد إسرائيلي ستراتيجي، وزار راوندوز وراقب خلالها اللواء العراقي المتمركز هناك، وكان الإسرائيليون يخططون لعملية ضخمة تدعى (عملية أناناس) ترمي لتوجيه ضربة قاصمة للجيش العراقي في كردستان. وكان موشيه دايان وزير الدفاع الصهيوني هو الذي اتخذ القرار في 10/5/1968 على أن تكون القوة المهاجمة المنفذة من الأكراد، غير أن دراسة الموضوع معمقاً من قبل خبراء عسكريين صهاينة أظهرت استحالة تنفيذه لأنه يحتاج إلى أساليب قتال وتدريبات وهجوم وأسلحة وذخائر لا يتمكن منها الأكراد. وكان من المؤمل أن يشرف على العملية رئيس الموساد.
وفي 17/7/1968 وقع انقلاب بعثي جديد في العراق وقامت حكومة الأنقلاب برئاسة البكر بمنح فترة هدنة للأكراد، بيد أن آمال البارزاني سرعان ما انهارت عندما قام البكر بتعيين أحد مقربي الطالباني (مكرم الطالباني) وزيراً في حكومته، وما أن مرت بضعة اشهر حتى كان البيش مركة يتجمعون من جديد تحت إشراف إيراني إسرائيلي في منطقة محمد الواقعة في الأراضي الإيرانية. وبعد اشهر عاد العراقيون يلمحون إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق مع الأكراد.
وفي أيلول (سبتمبر) 1968 ماتت خطة الأناناس إلى الأبد، وحين سئل ديفيدي عن السبب في ذلك، قال : لا يوجد لدي رد شاف وربما يرجع السبب إلى عقلية البارزاني نفسه وشعبه غير المتجانس، وتحاربهم فيما بينهم، ولم ينجح البارزاني في توحيد شعبه.
وفي شباط (فبراير) 1969 توفي ليفي اشكول رئيس وزراء إسرائيل وخلفته غولدا مائير، وبعث البارزاني تعازيه الحارة إلى إسرائيل، وواصلت غودا مائيرجهود من سبقوها في تقديم المساعدات للأكراد.

الأكراد ينفذون عملية الكسندرا ضد منشئات النفط في كركوك:
في آذار(مارس) 1969 اندلعت النيران في مصافي النفط الكبرى في مدينة كركوك بعد أن نفذ الأكراد عملية تعرضية ضخمة، وبمنتهى الدقة والتخطيط، وذكرت جريدة الديلي تلغراف البريطانية في 11 آذار(مارس) 1969 إن العراقيين يعتقدون إن الإسرائيليين هم الذين نفذوا العملية. وفعلا كان الإسرائيلي المتورط في تخطيط هذه العملية موجوداً في إسرائيل وسميت تلك العملية (بعملية الكسندرا) وكان قد وصل إلى كردستان كإعارة من الموساد في 1/12/1968، وإن قيادة التمرد قررت توجيه الضربة إلى شركات النفط في كركوك من أجل 3 أسباب :
- خلق تهديد لأصحاب أسهم شركة نفط العراق من أجل إرغامهم على إرسال أموال إلى الأكراد لاتقاء شرهم مستقبلاً للحيلولة دون تدمير منشئاتهم البترولية في كركوك.
- إضعاف الاقتصاد العراقي وأنهاكه.
- خلق أصداء واسعة لدى الرأي العالمي حول القضية الكردية وإعادة القضية الى الواجهة.
يقول المؤلف : إن الهجمة التي شنها الأكراد على كركوك، أدت إلى إرغام نظام الحكم إلى استئناف المفاوضات مع الأكراد، ومنح البارزاني وعداً بتنفيذ اقتراح الحكم الذاتي.

عملية دوكان فوز وهزيمة :
يتحدث الكاتب عن عملية سد دوكان، حيث وضعت خطة بمساعدة الإسرائيليين بتدمير السد إلا أن العملية لن تنجح ويتحدث المؤلف في هذا الفصل عن دور صدام حسين في تركيز السير باتجاه حل شامل للقضية الكردية وسماه بـ (عّراب القضية الكردية) حيث بدأت المفاوضات في أيلول 1969 وتواصلت على 3 مراحل وشارك البارزاني نفسه في المفاوضات.. وأحياناً يشترك معه الدكتور محمود وولدي الملا مصطفى كل من إدريس ومسعود وكانت مفاوضات مضنية وفي 21/1/1970 تم اكتشاف مؤامرة إسرائيلية إيرانية أمريكية ضد نظام الحكم العراقي وتم إعدام مرتكبيها ممن قبض عليهم وفر الآخرون الى إيران.
وفي 8/3/1970 وصل النائب (صدام حسين) إلى قرية (ناو فردان) الكردية في أربيل وشرع بالتفاوض مع الملا مصطفى البارزاني وتوصلا بعد مفاوضات مضنية إلى اتفاق من خمسة عشر بنداً ومنح الأكراد حكم ذاتي. ويذكر المؤلف إن البارزاني كان قد أرسل تقريراً إلى إسرائيل حول سير المفاوضات وتطرق إلى اتفاق السلام.

إنقاذ آخر اليهود العراقيين وتسفيرهم الى إسرائيل :
في أعقاب حرب حزيران (يونيو) 1967 كان عدد اليهود في العراق حوالي ثلاثة آلاف نسمة، وكان وضعهم بائساً، والمصارف أمرت بعدم دفع أكثر من مائة دينار لكل يهودي، وعدم جواز ملكية أي يهودي، وقد أدى بيان السلام مع الأكراد في 11 آذار (مارس) 1970 إلى تخفيف القيود في الوصول إلى المناطق الكردية، ووضعت خطة لتهريب اليهود عن طريق المنطقة الكردية. وفي 27/3/1970 بدأت عمليات تهريب اليهود عن طريق شمال العراق باتجاه إيران، واستمرت ووصلت ذروتها في شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين أول (أكتوبر) 1970 إلى أن انكشفت محاولة فرار 250 يهودي وقبضت الشرطة العراقية السرية عليهم وأعيدوا إلى بغداد وتم اعتقالهم في محراب البهائيين الذي كان يستخدم مقر للمخابرات العراقية في حينها، وقد نجحت عمليات الفرار في إخلاء العراق تقريباً من اليهود ولم يبقى منهم سوى 500 1500 يهودي ثم انخفض عددهم بحيث لم يبقى منهم سوى أقل من (خمسين) يهوديا. وفي 3/1/1973 كتبت جريدة الثورة الناطقة باسم الحكومة العراقية قائلة أنه مقابل المساعدات التي تقدمها إسرائيل للأكراد، فإن الأكراد يساعدون اليهود العراقيين على الفرار إلى إسرائيل. ويقول المؤلف: رغم اتفاقية 11 آذار(مارس) واصلت الحكومة العراقية تعرضها ومحاولاتها اغتيال الأكراد ويعرض في هذا الفصل عدداً منها.
في 30 أيار(مايو) 1972 وبعد حوالي شهر من توقيع اتفاقية الصداقة العراقية- الروسية اجتمع شاه إيران مع الرئيس الأمريكي نكسون، حيث كانت إيران ترى في المعاهدة خطة لتطويق إيران. وكانت إيران زمن الشاه من أفضل أصدقاء أمريكا وأشدهم إخلاصاً. وخلال حوار الشاه مع الرئيس الأمريكي طرح عليه فكرة تقديم السلاح إلى الأكراد لمعاونتهم في التمرد ضد الحكومة العراقية، ولم يعط نكسون قراره حول الطلب، وبعد شهرين وافق نكسون بعد نصيحة كيسنجر.

بعد حرب تشرين (أكتوبر)1973 :
بعد قيام حرب تشرين، شارك العراق بقواته الحربية في القتال الى جانب المصريين والسوريين، مما دعا القيادة العراقية الى إعلان رغبتها في إنهاء النزاع طويل الأمد، مع إيران تجاه شط العرب واعلم العراق إيران استعداده للحوار. ويعترف كيسنجر في كتابه : إن القرار الخاص بمنع الأكراد من شن حرب على العراقيين أبان حرب تشرين كان قراراً صحيحاً.

مناورة أمريكية هزيلة، وإنهيار عارم للآمال الكردية :
بدأ العراق يتخذ خطوات باتجاه إقرار منح الأكراد الحكم الذاتي وتم إشراك 3 وزراء أكراد وبعد اتفاق العراق مع إيران الموقع في الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران في آذار (مارس) 1975 انهار التمرد الكردي، ومنذ إنجاز الاتفاق الإيراني الأمريكي تحول (كيسنجر) إلى فارس أحلام البارزاني، في وقت كانت فيه التصرفات والتفكير الأمريكي تجاه الأكراد بمثابة مناورة هزيلة. وبعد فترة صرح صدام حسين لوكالة الأنباء : (إن الحد الأدنى الذي يمكن أن نقبله هو أن يرفع البارزاني العلم الأبيض)، لكن البارزاني لم يكن يعتزم عمل ذلك. خلال عام 1974 كانت تدور معركة كبيرة المبادرة فيها بيد البارزاني إذ تمكن الأكراد من السيطرة على منطقة عالية وعرة يبلغ طولها 725 كم على طول الحدود مع تركيا وإيران، وبدأ العراقيون يعدون العدة لهجوم الربيع حال ذوبان الثلوج، وحددوا يوم15 نيسان (أبريل) 1974 موعدا لبدء الهجوم، وفي 25/4 تم فرض حصار اقتصادي محكم على المنطقة الكردية. لقد أدى الاتفاق بين العراق وإيران إلى انهيار آمال ملا مصطفى البارزاني، في تحقيق آماله وطموحاته، وحتى إن الشاه رفض أن يستقبله، وأعترف البارزاني أخيرا (إن الأيرانيين لا يحبوننا، إنهم يريدون إستخدامنا كجسر لتحقيق مصالحهم). وتناسى أن الأميركان واليهود هم أيضا لايحبون الأكراد وإنما يريدون إستخدامهم جسرا لتحقيق المصالح الصهيونية والأميركية في المنطقة.

صور تؤكد علاقة مصطفى البرزاني مع الموساد الاسرائيلي منذ الستينات على الرابط التالي:
كتاب يفضح العلاقة الصهيونية مع مصطفى البارزاني:
عرض لكتاب ( الموساد في العراق ودول الجوار) تأليف: شلومو نكديمون
(أوليات العلاقة الإسرائيلية-الأيرانية -الكردية)
· الأيرانيون والصهاينة إستخدموا الأكراد من أجل تحقيق رغبتهم في إنهاك العراق!
· الملا مصطفى البارزاني ذبح (كبشا كبيرا) فرحا بإنتصار إسرائيل على العرب في 67!
· زيارات عديدة للملا الى إسرائيل ولقاءه بالمسؤولين ودعم متواصل للتمرد الكردي.
· إسرائيل تمنح البارزاني رتبة (لواء) تقديرا لجهوده في تسفير اليهود العراقيين الى فلسطين المحتلة!!
brzani7.gif
خاص بشبكة البصرة
عرض: الدكتور أيمن الهاشمي
أكاديمي عراقي - بغداد
المؤلف: شلومو نكديمون (صحفي صهيوني متخصص في مجال مسارات القرار الصهيوني خاصة السياسي، سبق أن أصدر كتاب تموز في اللهب عن قصف مفاعل تموز العراقي 1981)
المترجم: بدر عقيلي
brzani4.gif
يتحدث المؤلف عن التعاون بين الكيان الصهيوني (وتحديداً الموساد) وبين المرحوم الملا مصطفى البارزاني للفترة 1963 1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق، ليس لنوازع إنسانية كما يدعي الصهاينة بل لاستخدام الأكراد جسراًً للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافاً للعراق الذي كانت تنظر إليه إسرائيل دوماً على أنه الخطر المزعج. ويستند المؤلف في معلوماته إلى مقابلات مع رجال الموساد الصهيوني الذين كلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، وعلى وثائق سرية، وتقارير إعلامية، وأراشيف خاصة وعامة، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون إسرائيليون أبان تواجدهم في كردستان.
يضم الكتاب 31 فصلاً تشمل جميعها تغطية لوقائع وأحداث ومعلومات سابقة عن الحركة الكردية (حركة مصطفى البارزاني تحديداً) وعلاقاتها مع الموساد الصهيوني. ويصف المؤلف إتفاقية الجزائر في آذار 1975 بأنها ملك الموت الذي قبض على روح العلاقة الكردية الإسرائيلية التي دامت 12 عاماً واتسمت بالتعاون المكثف، كان خلالها الملا مصطفى البارزاني يقود التمرد ضد الحكومات العراقية مستعيناً بالمستشارين الإسرائيليين الذين لم يفارقوه، أو يفارقوا معسكره، طيلة تلك السنوات. (ص8)، وكانت طواقم المستشارين العسكريين الإسرائيليين تستبدل بصورة دورية، كل ثلاثة أشهر، ويترأسها بصورة دائمة أحد عناصر الموساد، وإلى جانبه ضابط في الجيش الإسرائيلي، ومستشار فني. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة للبارزاني لتعلم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم..
الكتاب يتطرق بأسهاب إلى المساعدات الإسرائيلية للتمرد البارزاني في العراق، نظراً لعدم وجود ثغر بحري لكردستان، ووقوع جميع المطارات الموجودة في أراضيها تحت السيطرة العراقية، لذا فإن الدخول إليها يصبح مستحيلاً، إلا إذا تم عبر تركيا أو إيران أو أرمينيا، مما جعل تقديم المساعدات الصهيونية رهناً برضا ورغبة إيران.

محاولة فاشلة لإغتيال الملا مصطفى البارزاني: الكتاب المقدس لم ينفجر
يتطرق الكاتب إلى محاولات قتل مصطفى البارزاني ومنها حادثة يوم 29 أيلول (سبتمبر) 1971 في حاج عمران، عن طريق متفجرات حملتها سيارة تقل تسعة من رجال الدين أرسلوا من بغداد الى مقر الملا مصطفى على أساس أنهم يحملون رسالة من القيادة العراقية بشأن اتفاق 11 آذار(مارس) 1970، وكان مع الملا مصطفى في ذلك الوقت اثنين من الموساد الإسرائيلي هما (تسفيز مير) و (ناحوم أدموني). ويشرح الكتاب كيف أوكلت مهمة إلى المدعو (صادق) وهو خبير متفجرات كردي ليستخدم مغارة مخصصة كمصنع للمواد المتفجرة، لتصنيع (قنبلة) لاغتيال النائب صدام حسين ردا على محاولة الأغتيال الفاشلة.
في 13 تشرين الأول (أكتوبر)1971 أوفدت الحكومة العراقية وزير التربية المرحوم الدكتوراحمد عبد الستارالجواري وأخبر الملا مصطفى بأن النائب (صدام حسين) يعمل بلا كلل أو ملل من أجل كشف النقاب عن المخططين، وعن الجهة التي أمرت بالتنفيذ، وإن محاولة الاغتيال كانت مؤامرة دبرتها عناصر خارجة عن النظام من أجل تخريب العلاقات الطيبة الآخذة بالتطور بين العرب والأكراد، وقال البارزاني إنه سيرسل مبعوثاً إلى بغداد لكي يعرب عن مشاعر الود، وطلب من الدكتور احمد عبد الستار أن يحمل معه هدية (مصحف أثري قديم) هدية إلى السيد النائب (صدام حسين) وإن الوزير العراقي عاد من حاج عمران إلى بغداد يوم 14/10 وقابل السيد النائب، وأخبره إن الملا مصطفى يقدر هذه الالتفاتة وبعث شخصياً بهدية ثمينة (قرآن أثري قديم).. وثارت شكوك النائب حول محتوى الهدية وأمر بفحصها من قبل خبراء المتفجرات وتبين فيما بعد إن الهدية عبارة عن (متفجرات). ويروي المؤلف حادثة يوم 15 تموز(يوليو) 1972 حين قابل البارزاني مراسل وكالة الأنباء العراقية، والذي اعترف له أنه مرسل من أجل اغتياله.

الحرية الوحيدة هي أن نتنسم الهواء :
ركز المؤلف فصلا للحديث عن تاريخ الكرد، ثم أنتقل للحديث في عدة مواضع من الكتاب عن دور المدعو (الأمير بدير خان) في عملية التنسيق الكردي الصهيوني، ويتحدث عن لقاءه بالمقدم يهودا بن ديفيد نائب الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في باريس ومسؤول الاتصالات مع الجهات الاستخبارية المحلية والأجنبية، وكان الأساس والمنطلق في التنسيق هو التماثل بين التأريخين اليهودي والكردي وتعرض الشعبين للاضطهاد.
وكان بدير خان يتنبأ بشرق أوسط ممزق ومفتت إلى كيانات صغيرة، تحظى فيه كل مجموعة أو طائفة عرقية بحق تقرير المصير في إطار حدود معقولة، تمكنها من تجذير استقلالها الحضاري.
ويتحدث المؤلف عن كيف أن أي محاولة لبلورة دولة كردية مستقلة، كانت تلقى معارضة فورية مستميتة من لدن تركيا وإيران والعراق، كل على حدة، وجميعها مجتمعة. ولم تأت هذه المعارضة مصادفة (والكلام للمؤلف) فقد كانت هذه الدول تدرك إن إقامة كيان كردي مستقل سيلزمها بالتخلي عن مناطق واسعة من أراضيها خصوصاً أنها غنية بالكنوز الطبيعية وخاصة النفط. وهذا ما دفع الغرب إلى معارضة الاستقلال الكردي ولم يبقى من التعاطف مع الأكراد سوى قيام بعض أجهزة المخابرات الغربية بإنشاء علاقات وصلات مع جهات كردية كبديل محتمل قد يحتاجون إليه في مرحلة ما.
يذكر المؤلف إن (بدير خان) وعائلته توثقت علاقتهم باليهود الذين استوطنوا كردستان منذ قرون كثيرة، فقد تحدث النبي (يوشع) عن اليهود المفقودين في أرض آشور، كما إن اليهود الأكراد هم من بقايا الأسباط اليهودية العشرة الذين نقلهم إلى هناك ملوك آشور أسرى خلال القرن 8 ق.م، وقد برز من بينهم حاخامات ويقال إن عدد الطوائف اليهودية الكردية وصل إلى (146) طائفة، وإن هجرة اليهود الأكراد إلى فلسطين بدأت في القرن (16) وسكنوا منطقة (صفد) ومن بينهم (يهودا البارزاني) الذي هاجر إلى إسرائيل سيراً على الأقدام. وإن وزير الدفاع الإسرائيلي (إسحاق مردخاي) سنة 1996 هو من أحفاد العراقيين المهاجرين، وقد هاجر إلى إسرائيل وعمره (6) سنوات بعد أن اكتشف العراقيون هوية والده كأحد نشطاء الحركة الصهيونية.
ويتحدث المؤلف عن التقرير الذي قدمته الوكالة اليهودية مطلع 1946 عن الطائفة الآشورية (الكشدية) وهم بقايا شعوب قديمة، وكيف أنهم طالبوا بنظام آمن لنصف مليون آشوري في ظل حكومة كردية مستقلة على أرض كردستان. وإنهم يكنون الكراهية للعرب ويتعاطفون مع الأكراد.
ويصف المؤلف، الأمير بدير خان، بأنه عميل إسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء، وإنما كان يقوم بتكليف من إسرائيل بأعمال سياسية حساسة على افتراض أنه سينال مقابلها مساعدات إسرائيلية للنضال الكردي، وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق والقاهرة وبيروت بتكليف من إسرائيل، وإن هذه المهام لا زالت طي الكتمان لسبب ما (ص22).

انقلاب كردي في دمشق :
ابتدأ المؤلف بالحديث عن (حسني البرزاني) أو (البرازي) وهو زعيم من أصل كردي، تمكن من جمع رأس مال كبير جداً، أوصله في نهاية المطاف إلى منصب رئيس الحكومة في سوريا عام 1942 وكان ذا صلة وثيقة بـالأمير (بدير خان) وكبار رجال الدبلوماسية الإسرائيلية وكان واثقاً من أن الإسرائيليين يحفظون له أفضالاً عديدة في الماضي القريب، حيث قدم تسهيلات لهجرة يهود بولنده إلى فلسطين عن طريق دمشق.
وفي أوج حرب 1948 فكر حسني البرازي الإطاحة بالرئيس السوري القوتلي ورئيس حكومته جميل مردم، وإنه بالتنسيق مع بدير خان، طلب أن يقوم الإسرائيليون بدورهم في هذه العملية، بأن يقوم الجيش الإسرائيلي بإثارة التوتر على الحدود لجذب قوات الجيش السوري نحو الحدود بعيداً عن العاصمة دمشق، وبالتالي إتاحة الفرصة له بدخول المدينة بكتيبة دبابات والاستيلاء على السلطة بسهولة. ووعده إذا ما نجحت الفكرة، سيعمل على التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، وترسيم الحدود الدولية وإن هناك شركاء في الانقلاب من بين الأقليات، الأكراد، الدروز، الشركس. وحين عرض بدير خان الموضوع على ساسون في وزارة الخارجية الإسرائيلية لم توافق إسرائيل على التدخل في إحداث انقلاب في سوريا. وتحدث الكاتب عن دور حسني الزعيم و محسن برازي، وكلاهما كرديان، وكانا يسعيان للتصالح مع إسرائيل، وإسقاط القوتلي، ولو أنه يعرج فيقول إن إسرائيل لم توافق على انقلاب حسني الزعيم في كانون الأول 1948(ديسمبر)، واستلام الزعيم السلطة في 30 آذار (مارس) 1949، وينقل الكاتب على لسان شمعون وبن غوريون بأنهما أقرا بأن إسرائيل قد ارتكبت خطأ بعدم استجابتها لطلب حسني الزعيم، رغم إن الزعيم أعلن صراحة رغبته التفاوض مع الصهاينة. وفي 14 آب 1949 أطاح انقلاب عسكري بالزعيم والبرازي وتم إعدامهما.
وينتقل الكاتب للحديث عن مصطفى البارزاني واتصالاته بإسرائيل حيث أن البارزاني زارها سرا في نيسان (أبريل) 1968 بترتيب من بدير خان، وتم استقباله هناك استقبالاً رسمياً فخماً وأنزل في بيت الضيافة الحكومي، وقام رئيس الموساد اللواء مائير عميت بتعريف البارزاني على يوفال نثمان رئيس شعبة الاستخبارات الأسرائيلية.

لست سوى كردي بسيط :
يتحدث الكاتب عن مصطفى البارزاني والبارزانيين ومنطقة بارزان (التي تعني أرض الهجرة) وعن الشيخ سعيد، جد البارزاني الذي كان من المناوئين للسلطة العثمانية، ثم إبنه الشيخ محمد الذي ثار ضد الإنكليز سنة 1926 وتوفي بعدها ثم تنصيب شقيقه احمد شيخاً للقبيلة، وفي عام 1943 تسلم الإبن الخامس (مصطفى) عصا القيادة، وهو كان تلقى تدريسه الإبتدائية في برزان، وواصل الدراسة في تركيا، واستكمل علومه الدينية في السليمانية، وفي عام 1931 بدأ نشاطه في التمرد الكردي.
وبدأ مصطفى البارزاني في السليمانية بلورة أهدافه السياسية، وطالب باستقلال كردي إلا أن نوري السعيد رفض المطالب الكردية، وحين بدأ البارزاني يحشد قواته، اقترحت عليه الحكومة العراقية في آب (أغسطس) 1945 أن ينتقل إلى أي منطقة عراقية خارج كردستان إلا أنه رفض العرض وفي 10 آب (إغسطس) 1945 نشبت معارك طاحنة بين الجيش العراقي والمتمردين الأكراد، وقامت القبائل المعادية لعشيرة البارزاني بتشكيل قوات مناوءة للتمرد البارزاني سميت (فرسان صلاح الدين) الذين أطلق عليهم البارزاني لقب (الجحوش). ويذكر مؤلف الكتاب أن جريدة (الثورة العربية) وهي الجريدة الناطقة باسم حزب البعث أوضحت أن (الجحوش) كانوا مرتزقة يقاتلون من أجل شيوخهم نظير مقابل نقدي، ولم يكن العراقيون قادرين دائماً على الثقة بهم، أو الاعتماد عليهم.
وفي 30 أيلول (سبتمبر) 1945 قرر البارزاني اجتياز الحدود والسكن في شمال غرب إيران إلى جوار الأكراد هناك، تحت حماية الجيش الأحمر أبان الحرب العالمية الثانية. وكان السوفييت في حينها يشجعون التطلعات القومية الكردية وساعدوا على إقامة كيان كردي بإسم جمهورية مهاباد عام 1946 في منطقة (ماهاباد) على قطاع ضيق إلى الشرق من الحدود العراقية التركية، بيد أن هذه (الجمهورية) لم تدم سوى سنة واحدة فقد سحب السوفييت حمايتهم لها، وسارع الإيرانيون إلى السيطرة على أراضيها والإعلان عن إلغائها، وقد فرّ مصطفى البارزاني الذي قاد جيش جمهورية ماهاباد بجلده ومعه 500 من أتباعه وقضى 46 يوماً في طهران، وفشلت محاولاته للحصول على مأوى مؤقت له ولرجاله في الولايات المتحدة، وهرب البارزاني إلى روسيا بعد مسيرة 52 يومياً عبر الأراضي التركية، ووصل 18/6/1947 وعاش على أراضي الاتحاد السوفياتي وهناك دخل دورات وتدريبات عسكرية مع مقاتليه، وتعلموا اللغة الروسية، وقد تزوج معظم مؤيديه معه من نسوة تركمانيات ومسيحيات روسيات، ولتدبير معيشته اشتغل مصطفى البارزاني (قصاباً) في احدى المدن الروسية، وكانت معاملة القادة السوفيت له سيئة لغاية وفاة ستالين 1953 حيث تحسنت معاملته وخصص خروتشوف له شقة خاصة، وأرسله لاستكمال تعليمه وثقافته في معهد إعداد الكوادر التابع للحزب الشيوعي، وكان البارزاني يأتي بين فترة وأخرى إلى سوريا، وقابل جمال عبد الناصر، وحصل من خلال مؤتمر الدول الآسيوية والأفريقية عامي 55 و 1957 على تاييد حق الأكراد في مطالبهم الوطنية. وبعد ثورة 14 تموز (يوليو) 1958، كان البارزاني في براغ، حين اصدرعبدالكريم قاسم عفواً خاصاعن مصطفى البارزاني وجماعته، ووجه الدعوة له للعودة إلى العراق، واصدر قراراً بأن العرب والأكراد شركاء في الوطن. وعاد البارزاني واستقبل استقبال الأبطال في العراق.
أدت عودة البارزاني إلى العراق إلى إشعال العديد من الأضواء الحمراء في الغرب، وخاصة بعد ورود معلومات عن أن البارزاني مستمر في إجراء لقاءات مع دبلوماسيين سوفييت في سوريا ممن يعملون في بغداد، مما زاد الشكوك الغربية، في أنه يعمل بتكليف من الاتحاد السوفياتي، وشرع الغرب في البحث عن زعيم كردي بديل. واعتقدت أميركا ومعها الغرب أن (بدير خان) قادر على القيام بهذا الدور.
عرض جهاز السافاك الإيراني (الاستخبارات الإيرانية) على بدير خان أن يسكن في إيران ويعمل داخلها، وكان يدير السافاك الجنرال تيمور بختيار وهو من أصل كردي وكانت مطالب بدير خان أن يتم تعيين موظفين أكراد رفيعي المستوى في المقاطعات الكردية وإصدار جريدة كردية وفتح مدارس كردية.
وفي هذا الأثناء كان بدير خان قد تزوج من فتاة بولندية أصغر منه بكثير، من عائلة ثرية للغاية، بيد أنها فقدت كل ثروتها في أعقاب تسلم الشيوعيين حكم بولنده، وهاجرت إلى باريس ودرست في السوربون، وحين تزوجت من بدير خان تعلمت الكردية، ونقلت لعريسها مزرعة واسعة على بعد 80 كم من باريس ورثتها من والدها، وحين حاول الإيرانيون إقناعه بالذهاب والعيش في إيران عرضوا عليه شراء الأرض بمليون دولار أي عشرة أضعاف ثمنها الحقيقي، لكنه رفض، ومع ذلك استمرت اتصالات بدير خان مع السافاك.
ووجد بدير خان شريكاً له في أفكاره وآراءه وهو (سامي الصلح) رئيس وزراء لبنان الذي أطيح به في حزيران (يونيو) 1958، وأخذ يفتش عن وسائل تعيده إلى الحكم، وكان يسعى إلى تشكيل اتحاد فيدرالي يضم لبنان، سوريا، العراق، ومن ثم تضم كردستان، والحجاز، واليمن، وتركيا، وإيران، ومن ثم تضم إسرائيل. وكان بدير خان يسعى إلى إلغاء الجامعة العربية واستبدالها بالجامعة الشرق أوسطية التي تنمي التفاعل المشترك بين مختلف الأديان في المنطقة، من أجل الاندماج بين دول الشرق الأوسط، واندماج الأكراد في هذا الكيان الجديد.
في 25 تموز 1959 أرسل البارزاني رسالة إلى عبد الكريم قاسم وصف نفسه في نهايتها بـ (الجندي المخلص لعبد الكريم قاسم) الذي يناضل، بالتعاون معه من أجل إنشاء جمهورية عربية كردية.
وفي أيلول 1961 بدأ تمرد البارزاني حين التحق بمدينة بارزان كي يركز نشاطه وعمله المكثف لقيادة التمرد. وعاد بدير خان لممارسة دوره التنسيقي مع الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية لدعم البارزاني، وإزداد اهتمام إسرائيل بما يدور في كردستان العراق، وحمل بدير خان إلى إسرائيل معلومات حول النقص الخطير الذي يعانيه المقاتلون الأكراد، طالباً مساعدة جدية في إنشاء محطة بث جديدة، وخصصت إسرائيل لنشاطات بدير خان مبلغ 20 ألف دينار وقام بشراء أجهزة راديو للاتصال بين قيادة تمرد كردستان العراق مع مركز النشاطات الكردية في أوربا الغربية وتحدث عن دور كل من رشيد عارف (ص67) وإبراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي في التنسيق مع جهات إسرائيلية في أوربا لتقديم العون إلى البارزاني.
في 17/12/19861 أرسل عبد الكريم قاسم مبعوثاً عنه هو (الضابط حسن عبود) مقترحاً منح عفو عام عن الأكراد، لكن البارزاني اكتشف جهاز اتصال مباشر داخل سيارة حسن عبود مخصصاً للدلالة على مكان وجود البارزاني وبالتالي مهاجمته...
ويذكر بدير خان إنه مخول من البارزاني بطلب المساعدات من إسرائيل.. وطلب تدريب 6 من قادة الأكراد في إسرائيل وبدأت محاولات كردية لكسب دعم الولايات المتحدة، عارضاً لهم إن الأكراد قادرون على تطويق أي تقدم سوفياتي في الشرق الأوسط، خاصة وأنهم قادمون عبر جبال القوقاز.

قدموا للتفاوض في بغداد وألقوا في السجن :
يتحدث المؤلف ايضا عن العلاقات والاتصالات بين المخابرات الإيرانية والإسرائيلية منذ أيلول عام 1957، ودور الجنرال بختيار (إبن مطلقة شاه إيران ثريا) في التنسيق، حيث ألمح بختيار عن ارتياح إيران للضربة التي نالت الجيش المصري في حرب 1956، ويتحدث عن ثورة تموز، ثم ثورة رمضان في العراق ومجيء الحزب إلى السلطة وبداية التعاون بين حكومة الثورة والأكراد، بل سبقت وقوع الثورة حين اتصل طاهر يحيى في شباط 1962 بإبراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردستاني عارضاً على الأكراد التعاون مع رجال الثورة ضد السلطة القاسمية. وبعد قيام ثورة 8 شباط (فبراير)، استقبلت حكومة الثورة مبعوثين عن الأكراد، بوفد يرأسه (الطالباني) الذي قابل البكر وعماش، وفي 20 شباط 1963 توجه الطالباني على رأس وفد رسمي إلى القاهرة لتهنئة الزعامة المصرية بمناسبة ذكرى إقامة الجمهورية العربية المتحدة، وإلتقوا بعبد الناصر الذي أيّد مطالبهم، كما التقوا بابن بيلا في الجزائر. ولما سمع البارزاني بجولات الطالباني غضب منه غضباً شديدا.
وحدد يوم 1 آذار 1963 آخر موعد لإقامة الحكم الذاتي، وإلا سوف تعلن الحرب، وإعلان استقلال كردستان والانفصال عن العراق، وفي 9 آذار 1963 نشرت الحكومة العراقية بياناً اعترفت فيه بالحقوق الكردية واستبدلت مصطلح الحكم الذاتي بمصطلح إقامة مركز فرعي يخضع كلياً للسلطة المركزية، وفي 30 آذار أرسل البارزاني وفداً إلى بغداد برئاسة الطالباني، وفي 24 نيسان بعد إعلان ميثاق الوحدة الثلاثية بين العراق ومصر وسوريا، أعلن البارزاني أنه لا يوافق على إنضمام العراق إلى أي اتحاد عربي شامل، وأرسل وفداً إلى بغداد برئاسة الطالباني للتفاوض وطلب السماح له للسفر إلى مصر لمقابلة عبد الناصر، وفعلاً سافر للقاهرة إلا أنه بقي ثلاثة أسابيع في القاهرة أي في 25/5/1963 حتى سمح له بمقابلة عبد الناصر، الذي أعلن تفهمه لمطالب الأكراد، وحين سمع الطالباني إن بقية أعضاء الوفد معه الذين بقوا ببغداد تم اعتقالهم من قبل السلطة، أضطر للسفر إلى أوربا. وفي 5/6/1963 قام الجيش العراقي بهجوم على الأكراد كان موضع استنكار الاتحاد السوفياتي.

راديو بغداد يكشف سراً :
حمل بدير خان مبادرة من البارزاني في 1 نيسان 1963 إلى إسرائيل، واجتمع مع بن غوريون، ومع غولدا مائير، ورئيس الأركان تسفي زامير، ورئيس الاستخبارات، وينقل عن شاه إيران حول الوضع الكردي في العراق (نحن نرغب في استمرار لهيب التمرد الكردي في العراق شريطة أن لا يتحول هذا اللهيب إلى حريق كبير). ومن ناحية أخرى، اعتبرت إسرائيل القضية الكردية بمثابة فرصة لا تثمن بالذهب، لإضعاف مخالب الجيش العراقي يذكّرها بالأيام الخوالي البعيدة، ولاعتبارات أخرى.

عملية أثينا بدأت في باريس :
يتحدث الكتاب عن لقاء تم بين موظف إسرائيلي رفيع وآخر إيراني يوم 30/6/1963 في باريس حيث قال الإيراني إن الأكراد يطلبون مساعدتنا ومصلحتنا تقتضي تقديمها لهم، بيد أننا لا نعتزم عمل ذلك دون موافقتكم، وسميت (عملية أثينا) وتعني اتفاقية دعم الأكراد بالمال ومحطة للإرسال، وإن المواد المرسلة من إسرائيل إلى الأكراد تمر عبر إيران بواسطة السافاك. وبنفس هذا الموضوع يذكر أن الباحث (آدموند غاريب) في كتابه (القضية الكردية في العراق) ذكر بإن الموساد والسافاك شكّلا جهاز مخابرات كردي متطور، لجمع المعلومات عن الحكومة العراقية، وأوضاع العراق وتنقل إلى السافاك والموساد. وكانت الدعاية الكردية تعتمد المبالغة والتهويل فمثلا حين تقتل حظيرة من الجنود العراقيين كانت تعلن عن مقتل مائتي جندي عراقي.
في تشرين2 (نوفمبر) 1963 وصل إبراهيم احمد وصهره الطالباني إلى السفارة الإسرائيلية في باريس وطلب الاجتماع مع ممثلي الموساد، وقالا بالحرف الواحد (نحن جائعون) وطلبا ذخائر حربية وأموال ومساعدات، وكان الإيرانيون قد بدأوا الغضب من تصرفات الأكراد لأنهم يباشرون مفاوضات سرية مع العراقيين لوقف النار.
وقد طرأ تغير جديد على المصالح الإيرانية في منتصف كانون الثاني (يناير)1964 وطلبت إيران من ممثل الموساد أن يستأنف عمليات إرسال السلاح إلى الأكراد، واستجاب لهم، لكن الإيرانيين لم يوصلوا الأسلحة بدعوى إن الأكراد توصلوا في شباط 1964 إلى اتفاق هدنة مع الحكومة العراقية.
وعاد التوتر في العلاقة بين الشاه والبارزاني. وفي تلك السنة بدأت القطيعة بين الطالباني والبارزاني حيث يصف الأول الثاني بأنه دكتاتور، ووصلت الخلافات إلى حد القطيعة وبدأ كل منهما يهاجم الآخر، واندلعت بينهما حرب دموية في تموز 1964 انتصر فيها البارزاني، والتزمت إيران جانب إبراهيم احمد والطالباني ضد البارزاني وقامت بتسليحهم.

جونسون يرفض رسالة من البارزاني :
في عام 1965 بدأ البارزاني يتوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية يطلب المساعدة، بعد أن صرّح بأن أي أمة أو دولة لا تستطيع التواجد والعيش إلا إذا حظيت بتأييد إحدى الكتلتين الكبيرتين، وبعد الموقف السوفياتي السلبي، طلب البارزاني من إسرائيل أن تساعده في طلب المساعدة من أمريكا، وحاولت السفارة العراقية في واشنطن أن تفشل جولة المبعوث الإسرائيلي ومارست ضغوطاً على الخارجية الأمريكية وحققت بعض النجاح حيث رفضت جميع الجهات الرفيعة عدا بعض أعضاء مجلس الشيوخ من استقبال فانلي مبعوث إسرائيل والتحاور معه، وكان رأي الخارجية الأمريكية (إن الوضع في العراق معقد بما فيه الكفاية، وإن الولايات المتحدة لا تريد أن توجه لها أصابع الاتهام بمعاونة الأكراد)، وحاول المبعوث الإسرائيلي لاحقاً أن يقنع أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالحملة التي تشنها الحكومة العراقية آنذاك ضد الأكراد وبمساعدة تسليحية من الاتحاد السوفياتي والجمهورية العربية المتحدة التي بعثت طائرات وأسلحة وجنود وإن هناك 12 طائرة تابعة لسلاح الجو المصري في مطار الموصل إضافة إلى 24 طائرة مصرية في كركوك كلها مستعدة لقتال الأكراد. وقد قامت إسرائيل بتزويد الأكراد بالسلاح من بنادق بازوكا والغام ومتفجرات زنتها تسعة أطنان هبطت الطائرة التي تحملها في طهران ونقلت إلى شمال العراق بواسطة السافاك.

طائرات ميغ تهاجم البارزاني وديفيد قمحي :
وقع اختيار إسرائيل على ديفيد قمحي لإجراء أول اتصال مباشر مع البارزاني، وقمحي هو من كبار رجال الموساد في بريطانيا ودخل قمحي من إيران إلى شمال العراق والتقى بالبارزاني، وأوضح له إن إسرائيل شديدة التعاطف مع القضية الكردية، وإن إسرائيل تدرك إن النضال سيكون طويلاً، وإن إسرائيل مستعدة لتدريب المقاتلين الأكراد على حرب العصابات وأعمال التخريب، وأكد له ان مجموعة قليلة من الأكراد يمكن أن تنفذ عمليات مؤثرة وفعالة داخل العراق.
وقال البارزاني : أنا معني بالتحالف مع إسرائيل، لقد يئست من العرب ولست مهتماً فيما إذا تم إعلان علاقتي معكم، ووعد البارزاني برد الجميل إلى إسرائيل حال نيله استقلاله، وكتب رسالة بنفسه إلى ليفي اشكول رئيس حكومة إسرائيل يهنئه بذكرى إنشاء إسرائيل وبقي قمحي فترة من الزمن في شمال العراق وارتدى الملابس الكردية، وخالط (البيش مركة) وحين عودته إلى إسرائيل كان تقرير قمحي مشجعاً وزاد الرغبة لدى غسرائيل بدعم الأكراد، وتم اختيار الضابط (ب) لازال أسمه غير مصرح بنشره على راس وفد للتنسيق بين الموساد والأكراد، ووصل شمال العراق عن طريق السافاك الإيراني، وقد حرص الإسرائيليون على الظهور مظهر الأكراد، ولبسوا أزيائهم.
وشجع الإسرائيليون البارزاني على فكرة تدمير آبار النفط العراقية في الشمال، وتم إلحاق ثلاثة من الأكراد بدورة فنية في إسرائيل للتدريب على عمليات تفكيك حقول الألغام، وحصل الأكراد من إسرائيل على راجمات ذات قطر 120 ملم يصل مداها ستة كليو مترات. وقد اكتشف الجيش العراقي خلال عمليات التطهير نهاية 1965 عن الأكراد استلموا راجمات من إسرائيل وذكرت ذلك صحيفة بغداد نيوز يوم 1/11/1965 ز
كما إن عدداً من الأكراد البارزانيين المختلفين مع مصطفى البارزاني فضحوا وجود الإسرائيليين في كردستان حيث صرح كل من عقراوي وعبيد الله البارزاني إلى محمد حسنين هيكل إن الإسرائيليين يرافقون الملا مصطفى باستمرار ويتصلون مباشرة باللاسلكي مع إسرائيل ويقومون بأعمال تجسس في العراق.

لن يكونوا أبداً كالجيش الإسرائيلي :
في تشرين الثاني (نوفمبر) 1965 تم تنظيم دورة قوات خاصة في طهران لمقاتلين من الأكراد العراقيين، بينهم 3 ضباط برتبة نقيب، واتضح إن الإيرانيين يرغبون بأن تكون هناك حروب مستمرة بين العرب وإسرائيل بحيث تشغل الجيوش العربية – بما فيها الجيش العراقي - ولا تدع مجالاً للالتفات إليها. وكان يشرف على التدريب ضابط صهيوني أسمه (تسوري) والذي لم يبخل بإعطاء إرشاداته ونصائحه للجيش الإيراني في كيفية مواجهة القطعات الحربية البحرية العراقية في شط العرب. وفي آذار 1966 عاد المتدربون الأكراد من إسرائيل إلى بلدهم وتوجهوا إلى ساحات القتال لمقاتلة الجيش العراقي.

يوميات الحرب 1966 من اليأس إلى النصر :
توجه أربعة إسرائيليين في آذار (مارس) 1966 نحو كردستان، عن طريق إيران بمساعدة السافاك. وفي عام 1966 تسلل الطالباني الخصم اللدود للبارزاني مع 300 من مؤيديه إلى كردستان العراق، وكان البارزاني يعتقد إن دخول الطالباني هو مؤامرة إيرانية تسعى للسيطرة على التمرّد الكردي، وإدارته حسب رغبات الشاه.
في 8 نيسان (أبريل) 1966 بدأ هجوم الربيع العراقي من محور راوندوز- حاج عمران، مثلما توقّع تسوري مسبقاً، حيث كان الإسرائيليون قد خرجوا في جولة استطلاعية في هذا المحور وراقبوا مواقع العراقيين وكان معهم كل من إدريس والبارزاني ومسعود. اقترح الإسرائيليون على الأكراد أن يقوموا بإعداد عبوات جانبية ضخمة تتمثل في براميل كبيرة ملئى بالحجارة الكبيرة والمتفجرات، ويؤدي انفجارها إلى سد طرق الوصول إلى المواقع، وقد قبل البارزاني الاقتراح بسرعة، وكلف الملازم أول طهار أحد الذين خاضوا الدورة التي عقدها (تسوري) مسؤولاً عن هذه البراميل، وكلف المدعو يوسف جميل بالإشراف على عملية تصنيع قنابل يدوية محلية، بعد أن علم إن احتياطي القنابل اليدوية قد استنفذ بالكامل، وكان تسوري مستشاراً بضيق الموقف العسكري خاف من الوقوع في اسر القوات العراقية فقاموا بخطة للخروج عن طريق إيران.

إسرائيل تمنح رتبة لواء لزعيم التمرد الكردي الملا مصطفى البارزاني :
(أثارت الإنجازات الكردية اهتمام المسؤولين الإسرائيليين الثلاثة الذين يشرفون على عمليات المساعدات المقدمة للأكراد، كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ليفي اشكول ورئيس الأركان عزرا وايزمان ورئيس الموساد عميت، وبدا أن هناك سبباً رئيسياً يدعوهم لزيادة حجم المساعدات إلى الأكراد لمواجهة العراقيين).
في 24/5/1966 طار وايزمان إلى طهران للاجتماع بالشاه في طائرة نقل عسكرية كانت تحمل على متنها 5 أطنان من التجهيزات العسكرية للأكراد، ثم ايصالها يوم 10/6/1966 من قبل السافاك الإيراني. يقول زئيفي إنه عند اجتياز الحدود من إيران إلى العراق وصل ليلاً بسيارة جيب كانت هدية من إسرائيل إلى الملا مصطفى، تفاجأ بمشاهدة الملا مصطفى متواجدا في نقطة الحدود تبين أنه قطع مسافة 3 ساعات مشياً هو وأبناؤه وكبار حاشيته من أجل استقبال المبعوث الصهيوني. وقد أثنى مصطفى البارزاني على إسرائيل ودورها في استمرارية التمرد الكردي والمساعدات المتواصلة التي تقدمها من تسليح وتدريب ودعم مادي ومعنوي واستشاري، لأن عدونا مشترك وكوننا شعب مضطهد، وقد قام زئيفي الموفد الإسرائيلي بخلع رتبته وإهدائها إلى البارزاني وقد تقبلها الأخير بسرور وتأثر. يقول زئيفي (لقد بدأت أشعر بالضيق الشديد من الإيمان الشديد الذي يكنه البارزاني لنا ومن اعتقاده أننا قادرون على فعل كل شيء دون أن يعرف طبيعة الصعوبات التي تواجهها (إسرائيل)).

من المجدي الإعلان عن الاستقلال الكردي :
عاد (م) مع مائير عميت إلى إسرائيل بانتهاء مهمته، وكان تسوري على وشك المغادرة لاستكمال دراسته في كلية القيادة والأركان الأمريكية، وتم تحديد شخصين آخرين لشغل مناصبهما في كردستان، هما حاييم لفكوف، واليشع روئي، إضافة إلى المقدم آربيه يجوف، وطولب الثلاثة بالاستعداد للسفر في حزيران 1966، وقيل لهم إن الأمور تتجه اتجاهاً خطيراً، وإن تقارير تسوري تفيد بأن البارزاني على استعداد لإعلان استقلال كردستان العراق تحت رعاية إسرائيل. وقد سافر الثلاثة في طائرة عن طريق إيران ووصلوا حاج عمران وطلبا من تسوري تفسيراً لمسألة إعلان الاستقلال، وقال البارزاني لهم إن سيارات جيب تحمل ضباطاً عراقيين قدمت إلى المنطقة وهي تحمل أعلاماً بيضاء، وطلبت التحدث معهم وقال أقدمهم أنهم مخولون بالتفاوض مع البارزاني بصورة تؤدي إلى الحفاظ على الحقوق الكردية وفقاً لما يطالب به الأكراد.
إلا أن البارزاني تردد، وسأل المسؤول الصهيوني عن رأيه في إعلان استقلال كردستان، فرد عليه (لا أستطيع أن أعطيك الرد الآن سوف أرجع إلى المسؤولين في إسرائيل وأسألهم.) وحين عاد تسوري اجتمع به رئيس الأركان الصهيوني اسحاق رابين وشجعه على الاستمرار بتقديم العون للأكراد، وفي حزيران 1966 بدأت مفاوضات مع حكومة عبدالرحمن البزاز في بغداد للصلح مع الأكراد والاعتراف بالحقوق القومية للأكراد ومنحهم حكماً ذاتياً موسعاً. وأرسل مصطفى البارزاني مندوباً عنه هو (محمد حبيب كريم) وكان تلميذاً سابقاً لدى عبدالرحمن البزاز في كلية الحقوق، وقد أثارت المفاوضات العراقية الكردية ثائرة الإيرانيين على البارزاني، وحين قال ممثل السافاك أنه لا حاجة بعد الآن لبقاء الصهاينة، إلا أن مصطفى البارزاني قال : لن اسمح بمغادرة الإسرائيليين فانتم السلاح الحقيقي الموجود في حوزتي، وأضاف له إن حلم الإيرانيين يتمثل في استمرار إقتتال العراقيين والأكراد، بحيث يقتل كلاهما الآخر.

الإسرائيليون يخشون من الاختطاف :
في آب (أغسطس) 1966 بعد تسنم عبدالرحمن عارف رئاسة العراق بعد مقتل شقيقه عبدالسلام في حادث تحطم طائرته فوق البصرة، تحسنت علاقات العراق مع إيران، وبدأت اتصالات، وكشف رئيس السافاك ذلك للبارزاني، واحتمالات قطع الإمدادات عنهم. وجاء في رسالة بعثتها إسرائيل (إن إيران تعتبر البارزاني مجرد وسيلة سياسية وبمجرد توقف هذه الوسيلة عن العمل، يجب التخلص منها، كما شعر المستشارون الإسرائيليون إن العراق يعلم بوجودهم، لذلك وضع البارزاني حرساً من البيش مركة لحراستهم، والموساد أيضاً كان على علم بأن مسؤولاً كردياً رفيعاً سرب لجهة أجنبية نبأ قال فيه : إن هناك ثلاثة ضباط إسرائيليين موجودين في كردستان، وإن إسرائيل ترسل إلى الأكراد مساعدات عن طريق إيران، وإن إسرائيل تعقد دورات ضباط للأكراد لديها، ويكشف زيد حيدر رئيس شعبة العلاقات الخارجية في حزب البعث الحاكم في العراق النقاب عام 1976 إن المخابرات العراقي تلقت تقريراً حول قدوم ثلاثة ضباط إسرائيليين إلى المناطق الكردية وتم نقل أسلحة سوفيتية وإسرائيلية إلى الأكراد من إسرائيل.
وفي 16 آب (أغسطس) 1966 فر طيار عراقي مسيحي إسمه(منير روفا) بطائرته الحربية (ميغ 21) إلى إسرائيل وهبط في مطار عسكري هناك، واعترف أنه قام بعدة عمليات قصف في كردستان، وتوقع الإسرائيليون في شمال العراق أن يقوم العراقيون بإنزال وحدات كوماندوز لأخذهم كرهائن حتى إعادة الطائرة والطيار، لذلك وردت برقية من تل أبيب تطالب بأقصى الحيطة والحذر.

البارزاني يذبح كبشا لمناسبة هزيمة العرب أمام إسرائيل! :
قامت إسرائيل بإنشاء مستشفى ميداني بمنطقة حاج عمران يضم 40 سريراً ويستقبل المرضى والجرحى، وفي 26/9/1966 بدا عقد دورات للمضمدين وفق نفس سياقات الجيش الإسرائيلي، يقول (اشماريه جوتمان) من الموساد الصهيوني ومسؤول هجرة اليهود العراقيين (لقد جلبت لنا مساعدتنا للأكراد الكثير من الجدوى، فقد كنا نساعدهم في حربهم ضد العراق، كي نمنع العراق من شن حربٍ علينا، أو المشاركة في مثل هذه الحرب).
وفي شباط (فبراير) 1967 عاد جوتمان إلى إسرائيل، وتم إرسال رئيس وفد إسرائيلي جديد إلى كردستان هو (بن تسيون) وحال وصوله كردستان وضع خطة للفرار من كردستان عند الضرورة مثلما نصت أوامر الموساد، ويقول (ميتييف) إنه في كردستان عرف أنه لا جدوى من إدارته، في أي اتجاه لأنه سيعود إلى سيرته الأولى، فقد وجد في الأكراد قدرة خاصة على التفكير بأسلوبهم هم : كما وجد في إدريس ومسعود (إبني مصطفى البارزاني) اهتماماً خاصاً بدراسة تأريخ وأيديولوجية الحركة الصهيونية، ورغبة بمعرفة تطورها كما شعرا إن نفسيهما ممتلئة بالمرارة جراء عدم اهتمام العالم بقضيتيهما واعتبر هذا الإهمال بمثابة خيانة، وكانا يدركان جيداً أن الإيرانيين سوف يخونون القضية الكردية، وإن تأييدهم لها هو تأييد مؤقت.
في 2/6/1967 قدم إلى مقر البارزاني نائب رئيس الأركان العراقي، وعدد من كبار ضباطه، وطلب من البارزاني أن يتعاون مع العراق، ضد إسرائيل التي تخطط لشن عدوان على الدول العربية، وقال البارزاني لمراسل جريدة لوموند الفرنسية إنه قال للعراقيين : أنتم تطلبون مني أن أعلن تضامني مع العرب، ولكن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون نشوب الحرب هي مطالبة عبد الناصر بسحب قواته عن الحدود وأن يفتح خليج العقبة من جديد في وجه الملاحة الإسرائيلية، وإلا فإن الهزيمة سوف تلحق جميع الجيوش العربية وقلت لهم : أنتم ومنذ 6 سنوات تشنون حرباً ضدنا، وتسعون لتدميرنا، فكيف تطلبون منا أن نعاونكم؟. ورفض البارزاني حتى مجرد فكرة إرسال قوة رمزية كردية إلى بغداد للمشاركة مع الجيش العراقي في الحرب ضد إسرائيل.
ويقول المؤلف: إن البارزاني كان يرى في الحرب بشرى وأيضاً انتقام، وكان يحث المندوب الإسرائيلي على تدمير أسلحة العراق.
وفي 5 حزيران (يونيو) 1967 قال لبكوب للبارزاني (إن أكبر سلاح جو عربي باق هو سلاح الجو اللبناني!!، وإن إسرائيل دمرت جميع أسلحة الجو العربية، وقام لبكوب برسم خارطة لتوضيح سير المعارك، وقد احتفل البارزاني بهذا الانتصار على طريقته الخاصة إذ أحضر أحد خدمه كبشاً ضخماً علق عليه في رقبته شريطاً أزرق وأبيض دلالة على العلم الإسرائيلي وكتب عليها (هنئوا إسرائيل لاحتلالها جبل البيت)، الليلة سنذبح خروفاً قرباناً لاحتلالكم القدس، وقد عمت الفرحة جميع أنحاء كردستان لتدمير إسرائيل لسلاح الجو العراقي الذي كان يقصف القرى الكردية بصورة متواصلة. وأستمر البارزاني في مساعيه وطموحاته في أن يقوم الأسرائيليون بإقناع الولايات المتحدة الأميركية في مساعدة الأكراد لنيل أستقلالهم.

البارزاني يزور إسرائيل سراً ويرفض التخلي عن مسدسه لحرس الرئيس! :
في نيسان (أبريل) 1968 قام الملا مصطفى البارزاني بزيارة إلى إسرائيل حيث هبطت طائرة أقلته من إيران، في مطار اللد وكان بصحبته الدكتور احمد والمفتي وخمسة حراس شخصيين مسلحين، واجتمع مع رئيس الدولة، زيلمان شوفال وحضرهذا الاجتماع ولبكوب، وقد رفض البارزاني كل التوسلات بأن يتخلى عن مسدسه الشخصي المحشو بالعتاد، وقال لبكوب لتبرير الموقف : هل شاهدتم كلباً يتخلى عن ذنبه؟ وقد نصح الرئيس الإسرائيلي، مصطفى البارزاني أن يتخلى عن فكرة الحكم الذاتي، وأن يعمل من أجل إقامة دولة كردية مستقلة وقد قابل أيضاً وزير الدفاع موشيه دايان، كان من المفروض أن تبقى الزيارة سراً لكن أمر الزيارة تسرب وانتشر خاصة بعد مقابلة جرت بين البارزاني ومحرري الصحف الإسرائيلية.

قائد سلاح المظلات في سلاح الحرب :
في عام 1968 زار شمال العراق (أهارون ديفيدي) قائد إسرائيلي ستراتيجي، وزار راوندوز وراقب خلالها اللواء العراقي المتمركز هناك، وكان الإسرائيليون يخططون لعملية ضخمة تدعى (عملية أناناس) ترمي لتوجيه ضربة قاصمة للجيش العراقي في كردستان. وكان موشيه دايان وزير الدفاع الصهيوني هو الذي اتخذ القرار في 10/5/1968 على أن تكون القوة المهاجمة المنفذة من الأكراد، غير أن دراسة الموضوع معمقاً من قبل خبراء عسكريين صهاينة أظهرت استحالة تنفيذه لأنه يحتاج إلى أساليب قتال وتدريبات وهجوم وأسلحة وذخائر لا يتمكن منها الأكراد. وكان من المؤمل أن يشرف على العملية رئيس الموساد.
وفي 17/7/1968 وقع انقلاب بعثي جديد في العراق وقامت حكومة الأنقلاب برئاسة البكر بمنح فترة هدنة للأكراد، بيد أن آمال البارزاني سرعان ما انهارت عندما قام البكر بتعيين أحد مقربي الطالباني (مكرم الطالباني) وزيراً في حكومته، وما أن مرت بضعة اشهر حتى كان البيش مركة يتجمعون من جديد تحت إشراف إيراني إسرائيلي في منطقة محمد الواقعة في الأراضي الإيرانية. وبعد اشهر عاد العراقيون يلمحون إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق مع الأكراد.
وفي أيلول (سبتمبر) 1968 ماتت خطة الأناناس إلى الأبد، وحين سئل ديفيدي عن السبب في ذلك، قال : لا يوجد لدي رد شاف وربما يرجع السبب إلى عقلية البارزاني نفسه وشعبه غير المتجانس، وتحاربهم فيما بينهم، ولم ينجح البارزاني في توحيد شعبه.
وفي شباط (فبراير) 1969 توفي ليفي اشكول رئيس وزراء إسرائيل وخلفته غولدا مائير، وبعث البارزاني تعازيه الحارة إلى إسرائيل، وواصلت غودا مائيرجهود من سبقوها في تقديم المساعدات للأكراد.

الأكراد ينفذون عملية الكسندرا ضد منشئات النفط في كركوك:
في آذار(مارس) 1969 اندلعت النيران في مصافي النفط الكبرى في مدينة كركوك بعد أن نفذ الأكراد عملية تعرضية ضخمة، وبمنتهى الدقة والتخطيط، وذكرت جريدة الديلي تلغراف البريطانية في 11 آذار(مارس) 1969 إن العراقيين يعتقدون إن الإسرائيليين هم الذين نفذوا العملية. وفعلا كان الإسرائيلي المتورط في تخطيط هذه العملية موجوداً في إسرائيل وسميت تلك العملية (بعملية الكسندرا) وكان قد وصل إلى كردستان كإعارة من الموساد في 1/12/1968، وإن قيادة التمرد قررت توجيه الضربة إلى شركات النفط في كركوك من أجل 3 أسباب :
- خلق تهديد لأصحاب أسهم شركة نفط العراق من أجل إرغامهم على إرسال أموال إلى الأكراد لاتقاء شرهم مستقبلاً للحيلولة دون تدمير منشئاتهم البترولية في كركوك.
- إضعاف الاقتصاد العراقي وأنهاكه.
- خلق أصداء واسعة لدى الرأي العالمي حول القضية الكردية وإعادة القضية الى الواجهة.
يقول المؤلف : إن الهجمة التي شنها الأكراد على كركوك، أدت إلى إرغام نظام الحكم إلى استئناف المفاوضات مع الأكراد، ومنح البارزاني وعداً بتنفيذ اقتراح الحكم الذاتي.

عملية دوكان فوز وهزيمة :
يتحدث الكاتب عن عملية سد دوكان، حيث وضعت خطة بمساعدة الإسرائيليين بتدمير السد إلا أن العملية لن تنجح ويتحدث المؤلف في هذا الفصل عن دور صدام حسين في تركيز السير باتجاه حل شامل للقضية الكردية وسماه بـ (عّراب القضية الكردية) حيث بدأت المفاوضات في أيلول 1969 وتواصلت على 3 مراحل وشارك البارزاني نفسه في المفاوضات.. وأحياناً يشترك معه الدكتور محمود وولدي الملا مصطفى كل من إدريس ومسعود وكانت مفاوضات مضنية وفي 21/1/1970 تم اكتشاف مؤامرة إسرائيلية إيرانية أمريكية ضد نظام الحكم العراقي وتم إعدام مرتكبيها ممن قبض عليهم وفر الآخرون الى إيران.
وفي 8/3/1970 وصل النائب (صدام حسين) إلى قرية (ناو فردان) الكردية في أربيل وشرع بالتفاوض مع الملا مصطفى البارزاني وتوصلا بعد مفاوضات مضنية إلى اتفاق من خمسة عشر بنداً ومنح الأكراد حكم ذاتي. ويذكر المؤلف إن البارزاني كان قد أرسل تقريراً إلى إسرائيل حول سير المفاوضات وتطرق إلى اتفاق السلام.

إنقاذ آخر اليهود العراقيين وتسفيرهم الى إسرائيل :
في أعقاب حرب حزيران (يونيو) 1967 كان عدد اليهود في العراق حوالي ثلاثة آلاف نسمة، وكان وضعهم بائساً، والمصارف أمرت بعدم دفع أكثر من مائة دينار لكل يهودي، وعدم جواز ملكية أي يهودي، وقد أدى بيان السلام مع الأكراد في 11 آذار (مارس) 1970 إلى تخفيف القيود في الوصول إلى المناطق الكردية، ووضعت خطة لتهريب اليهود عن طريق المنطقة الكردية. وفي 27/3/1970 بدأت عمليات تهريب اليهود عن طريق شمال العراق باتجاه إيران، واستمرت ووصلت ذروتها في شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين أول (أكتوبر) 1970 إلى أن انكشفت محاولة فرار 250 يهودي وقبضت الشرطة العراقية السرية عليهم وأعيدوا إلى بغداد وتم اعتقالهم في محراب البهائيين الذي كان يستخدم مقر للمخابرات العراقية في حينها، وقد نجحت عمليات الفرار في إخلاء العراق تقريباً من اليهود ولم يبقى منهم سوى 500 1500 يهودي ثم انخفض عددهم بحيث لم يبقى منهم سوى أقل من (خمسين) يهوديا. وفي 3/1/1973 كتبت جريدة الثورة الناطقة باسم الحكومة العراقية قائلة أنه مقابل المساعدات التي تقدمها إسرائيل للأكراد، فإن الأكراد يساعدون اليهود العراقيين على الفرار إلى إسرائيل. ويقول المؤلف: رغم اتفاقية 11 آذار(مارس) واصلت الحكومة العراقية تعرضها ومحاولاتها اغتيال الأكراد ويعرض في هذا الفصل عدداً منها.
في 30 أيار(مايو) 1972 وبعد حوالي شهر من توقيع اتفاقية الصداقة العراقية- الروسية اجتمع شاه إيران مع الرئيس الأمريكي نكسون، حيث كانت إيران ترى في المعاهدة خطة لتطويق إيران. وكانت إيران زمن الشاه من أفضل أصدقاء أمريكا وأشدهم إخلاصاً. وخلال حوار الشاه مع الرئيس الأمريكي طرح عليه فكرة تقديم السلاح إلى الأكراد لمعاونتهم في التمرد ضد الحكومة العراقية، ولم يعط نكسون قراره حول الطلب، وبعد شهرين وافق نكسون بعد نصيحة كيسنجر.

بعد حرب تشرين (أكتوبر)1973 :
بعد قيام حرب تشرين، شارك العراق بقواته الحربية في القتال الى جانب المصريين والسوريين، مما دعا القيادة العراقية الى إعلان رغبتها في إنهاء النزاع طويل الأمد، مع إيران تجاه شط العرب واعلم العراق إيران استعداده للحوار. ويعترف كيسنجر في كتابه : إن القرار الخاص بمنع الأكراد من شن حرب على العراقيين أبان حرب تشرين كان قراراً صحيحاً.

مناورة أمريكية هزيلة، وإنهيار عارم للآمال الكردية :
بدأ العراق يتخذ خطوات باتجاه إقرار منح الأكراد الحكم الذاتي وتم إشراك 3 وزراء أكراد وبعد اتفاق العراق مع إيران الموقع في الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران في آذار (مارس) 1975 انهار التمرد الكردي، ومنذ إنجاز الاتفاق الإيراني الأمريكي تحول (كيسنجر) إلى فارس أحلام البارزاني، في وقت كانت فيه التصرفات والتفكير الأمريكي تجاه الأكراد بمثابة مناورة هزيلة. وبعد فترة صرح صدام حسين لوكالة الأنباء : (إن الحد الأدنى الذي يمكن أن نقبله هو أن يرفع البارزاني العلم الأبيض)، لكن البارزاني لم يكن يعتزم عمل ذلك. خلال عام 1974 كانت تدور معركة كبيرة المبادرة فيها بيد البارزاني إذ تمكن الأكراد من السيطرة على منطقة عالية وعرة يبلغ طولها 725 كم على طول الحدود مع تركيا وإيران، وبدأ العراقيون يعدون العدة لهجوم الربيع حال ذوبان الثلوج، وحددوا يوم15 نيسان (أبريل) 1974 موعدا لبدء الهجوم، وفي 25/4 تم فرض حصار اقتصادي محكم على المنطقة الكردية. لقد أدى الاتفاق بين العراق وإيران إلى انهيار آمال ملا مصطفى البارزاني، في تحقيق آماله وطموحاته، وحتى إن الشاه رفض أن يستقبله، وأعترف البارزاني أخيرا (إن الأيرانيين لا يحبوننا، إنهم يريدون إستخدامنا كجسر لتحقيق مصالحهم). وتناسى أن الأميركان واليهود هم أيضا لايحبون الأكراد وإنما يريدون إستخدامهم جسرا لتحقيق المصالح الصهيونية والأميركية في المنطقة.

صور تؤكد علاقة مصطفى البرزاني مع الموساد الاسرائيلي منذ الستينات على الرابط التالي:
 
رد: الموساد في كردستان

المفتاح السري بيد العراق و العراق بحاجة الى صدام اخر ليستعيد زمام الامور
 
رد: الموساد في كردستان

وجود الموساد في المنطقة قبل غزو العراق بمدة طويلة للتمهيد لعمال ومخططات إجرامية واسعة منها إغتيال العلماء واللأدمغة وسرقة الكنوز والثروات إوإنشاء قواعد هناك لى آخره
 
عودة
أعلى