الطالبة الجاسوسة سيدني!!

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
الطالبة الجاسوسة سيدني!!


منقول من جريدة الوسط



د يحي الشاعر




spacer.gif
spacer.gif
20 مارس 2008 - 12:41 مساء
28627bg.jpg
الحلقة الثانية عشر من كتاب " حرب الجواسيس في القرن الـ21"
بقلم الكاتب الصحفي الكبير/ مجدي كامل.

ساد الهدوء مكتبة الكلية بعد أن انصرف الزملاء والزميلات، وجلست هي وحيدة لتضع الحروف الأولى للأطروحة التي تعدها حول تخصصها، فجأة سمعت من يخاطبها بقوله: معذرة آنسة، برستو، هل أنت سيدني برستو؟ ونظرت إلى أعلى لتتبين المتحدث فإذا برجل في بزة سوداء يتجسم أمامها، ويبدو في الخمسين من عمره، ويميزه شعر خفيف وأشقر تشوبه حمرة مائلة إلى الرمادي، مفتول العضلات، عريض الكتفين، يوحي قوامه بخلفية رياضية، أو لعله لاعب كرة قدم سابق، وأجابت هي: نعم أنا سيدني برستو، وفي صوتها نبرة خوف ودهشة، فهي لم تعتد مقابلة الرجال داخل حرم الجامعة، وخاصة هذا النوع الممتلىء فخراً وثقة بنفسه ويرتدي بزة رسمية، ولم يتردد الرجل كثيراً وخاطبها بقوله: اسمي ويلسون، ثم فاجأها بقوله: أنا مجند بوكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه).
كان وجه الرجل خالياً من أي تعبير وهو يمد لها بطاقة رمادية اللون، وقرأت سيدني عبارة بنك التسليف والائتمان، وتحت العبارة الاسم: رونالد ويلسون مع عنوان ورقم هاتف، وليست هناك أية عبارة تشير إلى المخابرات، ونظرت سيدني ملياً في وجه الرجل ثم قالت له: أوليست هذه من الحيل التي يلعبونها في (الكاميرا الخفية)؟ ورد الرجل: أؤكد لك أنني لا أمزح، وأدخل يده في جيبه وأخرج لها بطاقة تحمل اسمه وشارة وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) وبدأت تصدق الرجل وتتساءل: ماذا تريد المخابرات مني؟ وأحس ويلسون بحيرتها وخاطبها قائلاً: لا داعي للخوف، فنحن نبحث عن الطلاب المتميزين لتدريبهم للعمل معنا ونشعر أنك ستكونين من خيرة المرشحين، وإذا رغبت اتصلي بي هاتفياً، وإن لم تفعلي سنعتبر الأمر كأنه لم يكن ، وأضاف بصوت فيه حسم وجدية: في حال الرفض مزقي البطاقة ولا تتحدثي مع أحد في هذا الشأن، أكرر لا تتحدثي مع أحد في هذا الشأن للأبد، وانصرف.

لم تنم سيدني تلك الليلة ولم تهمس لصديقتها فرنسيس التي تشاطرها السكن بكلمة، وراحت تستعيد شريط الذكريات، وتذكرت والدتها التي كانت مكمن سرها، ووالدها الذي لا يتحدث إليها إلا حين تلتقيه لأخذ مصرفوها ، وقد ظل منذ سنوات يشغل نفسه في تصدير وبيع قطع غيار الطائرات، وتذكرت عزلتها، ةكيف أنها لا تخاف من الآخر، ولكنها تجعل بينها وبين الآخرين مسافة.
في صباح اليوم التالي ، ولملء هذا الفراغ الذي تشعر به في حياتها حملت البطاقة واتجهت لأقرب هاتف عمومي، وأدارت قرص الهاتف، وإذا بالصوت نفسه الهادئ النبرات يرد عليها من الطرف الآخر: ويلسون يتحدث... وأخطرته برغبتها في الانضمام إليهم، ولم يتردد حيث أمرها بالتوجه إلى البنك المجاور لشقتها للقاء سيدة في الاستقبال، ذكر لها اسمها وبعض ملامحها، وحين دلفت من الباب الدائري للبنك وجدت السيدة المعنية حيث توقعت، ومدت إليها يداً بالبطاقة وهي تردد: السيد ويلسون.. ويبدو أن ارتفاع نغمة صوتها وهي تنطق الاسم أذهل المرأة نوعاً ما، فهمست وهي تنظر حولها: الحقي بي، وهرولت خلفها حتى المصعد، وعلى غير ما توقعت بدأ المصعد يهبط إلى الأسفل حتى إذا جاوز عشرين طابقاً تحت الأرض فتحت السيدة الباب وقادتها لمكتب لا يحمل اسماً، وتركتها وانصرفت.
وطرقت سيدني ثلاثاً ثم دخلت لتجد المكتب خاوياً إلا من منضدة حولها خمسة مقاعد في مواجهة مقعد وثير، وهمت بالجلوس، وإذا بملف على المنضدة، فغلبها حب الاستطلاع، فألقت عليه نظرة وهي تهم بالجلوس، وإذا به يحمل اسمها بخط واضح، لم تتمالك نفسها، فتحت الملف فإذا به صور لها منذ أن كانت طفلة في رياض الأطفال وحتى الجامعة، ووجدت أوراقاً داخل الملف فيه تفاصيل عن حياتها بما في ذلك صورة عن شهادة ميلادها، والمستشفى التي ولدت فيه، ونسخة عن رخصة القيادة، وبعض تقاريرها الطبية، ودرجاتها الدراسية خاصة في مجال اللغات التي تجيدها، وحتى اللغتين الإضافيتين الاختياريتين الصينية والإسبانية، بل والأشعة التي أخذتها لأسنانها، قالت في نفسها لم تبق إلا البصمات، وفتحت صفحة أخرى فإذا ببصمات أصابعها يتوسطها الإبهام وأيقنت وهي تتوجس خيفة أنها في قلب المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) وراحت تهدىء من روعها حين دخل عليها من باب جانبي السيد ويلسون وبصحبته خمسة من كبار موظفي الوكالة، وبدأت مقابلة كان ويلسون هو الوحيد خلالها، وبدأ الموظفون يهزون برؤوسهم وكأنهم يؤيدون ترشيح سيدني، ثم خرجوا فإذا بالسيد ويلسون يضغط على أحد الأزرار التي أمامه ويفتح باباً كان يغطيه الجدار، وتبعته فإذا بساحة كبرى تضج بالعاملين الذين يجلسون خلف الكومبيوترات، وبعد طواف كل المنطقة أخذها ويلسون إلى ملعب التدريب على القتال، وميدان صغير للرماية لا تسمع فيه أصوات الطلقات، وعجبت كيف أن هذا العالم السري كله تحت أرض بنك في قلب الشارع.

دعوها إلى حفل ساهر فقتلت مطربها المفضل .. و كشفت في أول مهمة سرية أخطر شبكة إرهابية .. ثم وجدت في الملف السري صورها منذ أيام رياض الأطفال حتى الجامعة .. اكتشفت أن السوار الذي قدم لها عبارة عن كاميرا سرية
بعد أن قضت سيدني قرابة العام تلقت خلاله التدريب اللازم على القتال وإطلاق النار وتعرضت لاختبارات في قوة الملاحظة، حيث استدعاها ويلسون ذات صباح وأخطرها بأن من هم (فوق) قد اقتنعوا بأنها شخصية نادرة لم تعرف المخابرات مرشحاً مثلها، ومكافأة لها قدم لها مظروفاً فإذا به تذكرة لدخول حفل مطربها المفضل، وفي الصفوف الأمامية، وكانت التذاكر قد نفذت ، وطلب منها ـ خدمة له ـ أن تقوم بتصوير المطرب راؤول ساندوفال عن قرب لأن ابنته معجبة به مثلها، وبأن التصوير ممنوع فقد منحها سواراً عبارة عن كاميرا سرية فيه ثلاث جواهر، والجوهرة الحمراء منها مفتاح للتصوير لمجرد الضغط عليها.
عند المساء بدأ الحفل ودخلت سيدني في زيها الجلدي الأسود، وعند الكم سوار مرصع، وجلست قبالة المطرب الذي كان معروفاً بحبه للحسناوات ، وسرعان ما رآها وألقى إليها بوشاح كان يضعه حول عنقه علامة للإعجاب ، والتقطت له أكثر من صورة ، واقترب منها رجل مفتول العضلات وهمس في أذنها أن المطرب يود رؤيتها في نهاية الحفل ، وأسعدتها الدعوة لأخذ مزيد من الصور لابنة رئيسها عن قرب، والتقت مطربها المفضل بعد الحفل وجهاً لوجه، وأصر أن ترافقه مع بقية حاشيته إلى سهرة في منزله ولم ترقها الفكرة، وحاولت الاعتذار لكنه رفض اعتذارها، ورمقها حارسه الضخم بنظرات لها معنى، ولاحظت أن سترته تحجب مسدساً ، وأنه يومئ لها بما يفيد أن طلبات راؤول أوامر، ورغباته لا يجرؤ أحد على ردها فأحست بالخوف وأحست أن الحلم الذي راودها سنوات لرؤية مطربها المفضل قد بدأ يتحول إلى كابوس، وحين بدأت المجموعة يتقدمها راؤول السير إلى خلف المسرح حيث ينتظر موكب السيارات شعرت برغبة في الهروب، لكن الحارس الضخم اقترب منها وضغط على معصمها، وانطلقا معاً خلف الحاشية وحين أطلق يدها أحست أن شيئاً قد سقط، وافتقدت الجوهرة الخضراء فلم تجدها ضمن السوار، ولم تجد فرصة للبحث عنها، وخشيت أن تحاسب على هذا أو أن يكون في الأمر حرج للسيد ويلسون الذي ائتمنها على جهاز سري للمخابرات، وتبعت المجموعة وهي تبحث عن طريقة للخلاص.
واقترب الجميع من بوابة كانت مغلقة وصاح المطرب ينادي حارسه لفتحها، ووجدت سيدني في ذلك فرصة واتجهت نحو أحد الأروقة المتعرجة خلف المسرح وخلعت الحذاء حتى لا تحدث صوتاً حتى إذا بلغت مخرجاً ظنت فيه الخلاص من محنتها سمعت صوت المطرب راؤول يتحدث لآخرين، ولم يكن من الممكن أن تتعداه دون أن يلحظها، وتوارت عن الأنظار وبدأت تنظر فإذا بالمطرب يتحدث إلى رجل بدا أكبر سناً ظنت أنه ربما يكون من المعجبين وخيل إليها أنها تعرف هذا الشخص، والتفت الرجل وواجه الضوء المقابل، وشعرت سيدني بقشعريرة تسري في جسدها فقد عرفته، الرجل هو جوزيف ليفسكي وهو نفسه زعيم عصابة (السوق السوداء الدامية) وتذكرت أن هناك ملفاً عن هذه المجموعة التي تضم عملاء ينتمون إلى كوبا وبانتهاء الحرب الباردة سطوا على ترسانة المعسكر الشرقي العسكرية، وباعوا ما سرقوا لمن دفع أكثر، وهم حفنة من الإرهابيين وتجار المال، وتساءلت: لماذا يتحدث إليهم مطرب مثل راؤول؟.


وشعرت لأول مرة بأن وكالة المخابرات المركزية لم تكرمها بتذكرة لحضور حفل ساهر وإنما بعثت بها في أول مهمة سرية، وأيقنت أنها لو نجت فسيكون الحدث قد غير مجرى حياتها، وأخذت مزيداً من الصور وهمت بالنزول فأحدثت حركة لا شعورية، وإذا بها تفاجأ بمطربها المفضل يقف في مواجهتها وجهاً لوجه وبيده مسدس وينظر إليها وهو يقول: المعجبة الحسناء.. جاسوسة؟! ولم تمهله وبحركة سريعة أسقطت المسدس من يده وراحت تجري تجاه المسرح وراح يجري خلفها، وهي تحاول تذكر طريق العودة وشعرها يتطاير، وأخيراً رأت مصعد المسرح، واقتربت منه وهمت بفتحه، وإذا بمعبود الجماهير خلفها تماماً وبحثت عن حل وإذا بها ترى كبلاً كهربائياً غليظاً عارياً، واقترب منها وبسرعة أمسكت الكبل المميت من منتصفه وألقت به عليه والشرر يتطاير منه، ومنعه الضوء الشديد المعاكس من الرؤية، وسقط على الأرض وراح يشتعل ناراً، وأيقنت أنها قد قتلت من أحبت، إذ رقد بلا حراك والبخار يتصاعد من جسده مع رائحة الاحتراق. وأحست أنها لتوها قتلت شخصاً لم يكن أمامها خيار، وضغطت على زر المصعد وسمعت الصوت الهيدروليكي وارتفع بها المصعد إلى مطالع الضوء وتنسمت نسمات الحرية، غير أنها ما كادت تسترجع قواها حتى فوجئت برجلين يلوحان لها ببطاقتي المخابرات المركزية (سي.آي.إيه)، وحين سألت عما أعاقهما عن متابعتها رفع أحدهما معصمها وإذا بالسوار ـ الكاميرا ـ تجويف ولا أثر للجوهرة الخضراء، وبسقوطها عجزا عن تتبعها، فقد كان لكل جوهرة هدف، وأخذاها إلى ويلسون الذي كان في انتظارها ليهنئها على كشفها أخطر شبكة للإرهابيين وبالصورة، وأحست أنها لم تعد تلك الطالبة الجامعية الساذجة بل سيدني الجاسوسة في وكالة المخابرات المركزية، وتحولت قصتها إلى فيلم ومسلسل تلفزيوني..
 
عالم الجاسوسية - تجتمع فيه كل خيانة ورذيلة وجعل الغرب منها اساسيات لهذا العمل
واعتبرو كل شي مباح في هذا العالم الخطير
وقد يعتبر الجاسوس ورقة ما ان احترقت يتم تصفيته ويبدا البحث عن ورقة جديدة
 
باعتقادي النساء اكثر الجواسيس شيوعا .
 
عودة
أعلى