تصاعد الأزمة المواجهات السياسية والعسكرية بين العرب وإسرائيل 1967 قبل حرب 1967

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
تصاعد الأزمة
المواجهات السياسية والعسكرية
بين العرب وإسرائيل




في أعقاب جولة خريف عام 1956، فقد حدد مجلس الحرب الإسرائيلي، الهدف السياسي للجولة القادمة، ضد العرب ليكون "تثبيت أركان دولة إسرائيل على الصعيد العالمي والإطار المحلي كخطوة مرحلية في الطريق المرسوم لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى" .


وكان هذا يشكل هدفاً سياسياً مركباً تنبثق منه عدة أهداف سياسية عسكرية تتبلور في الآتي :

إيقاع نكسة عنيفة بالطفرة العربية التقدمية التي توهج نشاطها خلال تلك المرحلة.

إيقاع هزيمة عسكرية ساحقة بكل القوات المسلحة العربية المتاخمة لإسرائيل، تفقدها الثقة في النفس، وثقة الشعوب العربية في فعاليتها. كما توفر لإسرائيل مرحلة هدوء نسبي تالية، تستغلها في تنمية قدرات الدولة بمعدل عال، ودون معوقات.

قلب نظم الحكم التقدمية في الدول المهزومة.

تمييع مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في المجال الدولي والمحلي.

تحقيق مكاسب إقليمية بإقامة عاصمة إسرائيل الكبرى في القدس، وتعديل بعض أجزاء الحدود بما توفر لإسرائيل أمناً قومياً أفضل، وتأمين الملاحة في خليج العقبة وقناة السويس .

فرض الحل السياسي الملائم لمشكلة فلسطين، من وجهة نظر إسرائيل.



الأحداث الرئيسية المؤثرة فيما بين الجولتين الثانية والثالثة "1956 ـ 1967"

كانت الفترة التي أعقبت حملة سيناء 1956 إلى حد ما هادئة على طول الحدود المصرية الإسرائيلية في كل من قطاع غزة والحدود الدولية في سيناء وكان ذلك بسبب تواجد الأمم المتحدة ولم تكن تلك الحالة تعني بالضرورة أن منطقة الشرق الأوسط حققت فترة من الهدوء بل العكس كان صحيحاً.

ففي خلال عام واحد من نهاية العدائيات والانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة عام 1956 بدأت في العالم العربي تصعيدات مستمرة، منها:


ثورة العراق

ففي عام 1958 تم خلع "الملك فيصل" ملك العراق واغتيل بوحشية مع عمه عبدالله وأعضاء عائلته وقد تم التنكيل بجثثهم في شوارع بغداد بواسطة الجماهير السعيدة بالثورة. أما بالنسبة للجنرال نوري السعيد الذي كان رئيساً لوزراء العراق وكان غاية في الذكاء وواحد من أبرز الشخصيات السياسية في الوطن العربي والذي قاد البلاد منذ تأسيسها كدولة مستقلة بعد الحرب العالمية الأولى ـ وقد حاول الاختفاء بارتداء ملابس النساء ولكن تم اكتشافه وتم تمزيقه بواسطة الجماهير الثائرة.

وقادت العراق حكومة ضعيفة برئاسة الجنرال "عبدالكريم قاسم" مكنت الاتحاد السوفيتي من تحقيق أول خطوة له في اتجاه تلك الدول الغنية بالبترول وقامت بأول تحرك في محاولة لخلق وضع ثابت له على الخليج الفارسي.


أحداث لبنان 1958

استمر الرئيس "جمال عبدالناصر" في إثارة أجزاء كثيرة من العالم العربي وخاصة في لبنان والأردن في ذلك الوقت وكانت نتيجة تلك الأنشطة قيام الحرب الأهلية في لبنان. وبناء على الدعوة العاجلة من رئيس لبنان كميل شمعون وصلت قوات الأسطول السادس الأمريكي للعمل على استقرار الموقف وحماية النظام الحاكم وفي نفس الوقت طارت قوات الجيش البريطاني عبر إسرائيل ( بعد تصديق إسرائيل ) إلى عمان لحماية نظام الملك حسين.


الوحدة بين مصر وسورية

وفي فبراير من عام 1958 اعتلى حزب البعث السلطة في سورية واتحد كل من سورية ومصر تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة بقطريها الشمالي في سورية والجنوبي في مصر وعلى ذلك أصبحت سورية المركز الشمالي لتحركات جمال عبدالناصر ضد إسرائيل حيث كانت أنشطته مقيدة على الحدود المصرية والإسرائيلية بسبب وجود قوات الأمم المتحدة.


محاولة إسقاط النظام الأردني

من خلال سورية كثف عبدالناصر جهوده لمحاولة إسقاط النظام في المملكة الأردنية الهاشمية ففي عام 1960 نجح عملاء عبدالناصر في قتل رئيس الوزراء الأردني "المجالي" والذي كان قد أخذ موقفاً مضاداً لـ "جمال عبدالناصر" فقد وضعوا قنبلة في مكتب رئيس الوزراء انفجرت تقريباً في الوقت الذي كان من المفترض فيه قيام "الملك حسين" زيارة مكتب رئيس الوزراء وكانت تلك محاولة من المحاولات السورية ضد "الملك حسين" شخصياً وضد نظامه وبتخطيط من العقيد "عبدالحميد السراج" رئيس الاستخبارات السورية في ذلك الوقت. وقد تأثر الملك حسين بموت رئيس وزرائه الذي كان مقرباً منه والذي كان فرداً من عائلة بدوية معروفة أنجبت كثيراً من القادة العسكريين في الأردن.

وفي إحدى المناسبات عندما كان "الملك حسين" يقود طائرته عبر الأجواء السورية كانت هناك محاولة أخرى لاغتياله وأنقذ نفسه بأعجوبة وذلك طبقاً لوصفه للحادثة في مذكراته بأنه قام بمناورات بهلوانية مكنته من الهروب من طائرة مقاتلة سورية كانت مصممة على إسقاطه.


تفكير الأردن في غزو سورية

بسبب تلك الحادثة وغيرها عبأ "الملك حسين" ثلاثة ألوية تمثل معظم جيشه على الحدود السورية بقصد غزو سورية والانتقام لموت رئيس وزرائه وقد قدمت الأردن عرضاً سرياً لإسرائيل من خلال وساطة الجنرال "أهارون ياريف" الذي كان يومها رئيساً للمخابرات العسكرية الإسرائيلية وكان العرض يتضمن أنه يمكنه غزو سورية على ألا تستغل إسرائيل خلو الجبهة الأردنية من القوات ولكن الملك حسين عدل عن الدخول في تلك المغامرة والتي ستكون عملية مكلفة وذلك بالمقارنة لقوة الجيش السوري وقد تركزت جهود الولايات المتحدة والسفراء البريطانيين الذين أمضوا معه ساعات طويلة لإقناعه بالعدول عن تلك الفكرة.


انفصال سورية عن مصر

وبعد بضع سنوات من تبعية سورية لمصر كان المشير "عبدالحكيم عامر" هو النائب عن جمال عبدالناصر في سورية وقام السوريون بالثورة ضد المصريين في سبتمبر 1961 وعادت سورية مرة أخرى دولة مستقلة.


نشاط الموقف على الجبهة السورية ضد إسرائيل

بينما كانت الحدود المصرية الإسرائيلية مازالت هادئة فقد أصبحت الحدود السورية الإسرائيلية هي مركز النشاط ضد إسرائيل ثم بعد ذلك أصبحت الحدود الأردنية فقد قام السوريون بقصف المستعمرات الإسرائيلية من مواقعهم المتميزة في مرتفعات الجولان كذلك وضع الألغام بمناطق الحدود وكذا تنمية حالة الحرب بانتهاك الحدود هناك.


معركة التوافيق

وفي فبراير 1960 بعد فترة طويلة من الهدوء منذ عام 1956 قامت قوات الدفاع الإسرائيلي بتنفيذ غارة انتقامية ضد نقاط عسكرية في "خربة توافيق" السورية على بحر الجليل ولكن السوريون استمروا في مهاجمة قوارب الصيد بالبحيرة وقصفوا قرى في وادي الحولة وأطلقوا النار على المزارعين في مناطق مدنية على طول الحدود.


قرارات مؤتمرات القمة العربية

وفي عام 1964 قرر مؤتمر القمة العربي في القاهرة وبحضور رؤساء الدول وكإجراء سياسي تحويل مياه نهر الأردن وأيضاً تأسيس حركة فلسطينية والتي عرفت بمنظمة التحرير الفلسطينية وفي هذا المؤتمر ومؤتمر آخر بعده في كزابلانكا تم رصد أربعمائة مليون جنيه والتي كانت توازي1ر1 مليون دولار لتنفيذ هذه القرارات ولتفعيل الحركة الفلسطينية أعطت الدول العربية مكاناً رسمياً "لأحمد الشقيري" رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وطبقاً لقرارات المؤتمر فقد اتخذ الإجراءات لتأسيس جيش فلسطيني.


تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية

وفي عام 1964 تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً في مؤتمر القدس وتم إعلان الميثاق الفلسطيني والذي أصبح القاعدة السياسية للحركة وقد تم تعديل الميثاق في عام 1968 ليشمل في أهدافه ليس فقط دولة إسرائيل ولكن ليتضمن أيضاً أردن الملك حسين وفي هذا الوقت كانت الأردن تسيطر على الضفة الغربية ومصر تسيطر على قطاع غزة ولو كانوا يرغبون في إقامة دولة فلسطينية، لأقاموها في تلك المناطق ولكن لم تكن عندهم أي رغبة في ذلك وأيضاً لم ترغب منظمة التحرير الفلسطينية نفسها، والتي لم تكن توافق على أي حل وسط وقتئذ أو في أي وقت آخر، وذلك بالنظر إلى تلك المواد في ميثاق فلسطين والتي تدعو إلى تدمير إسرائيل.

وفي الواقع كانت سياسة منظمة التحرير تسعى لخلق موقف على الحدود الإسرائيلية بحيث تجر الدول العربية لحرب ضد إسرائيل. وهذه السياسة لم تكن دائماً تروق للسياسات التي كانت تتبعها الدول العربية ولكن سرعان ما عملت الحكومة السورية على تثبيت أوضاع منظمة التحرير وكان هذا تطوراً من شأنه تمكين هذه المنظمة من التعاظم وتصبح عاملاً هاماً في المنطقة.


تنفيذ مشروع تحويل مجرى نهر الأردن

كان العمل في تحويل مياه الأردن يتم بسرعة في كل من لبنان وسورية حيث كان يتم حفر القناة التي ستحول المياه من نهر الحصباني في لبنان ونهر بانياس في سورية في نهر اليرموك في الأردن وبذلك يتم حرمان إسرائيل من ثلثي مياه نهر الأردن وقد أعلنت إسرائيل في مناسبات عديدة أن إغلاق مضايق تيران أو تحويل مياه الأردن يعتبر من أعمال الحرب، وقد ردت إسرائيل على أعمال التحويل بسلسلة من العمليات التي كانت تستخدم فيها المدفعية طويلة المدى ونيران الدبابات ضد أعمال الحفر لإعاقة التقدم في تجهيز القناة. وفي نوفمبر 1964 أرسلت طائرة إسرائيلية مقاتلة للقيام بعمل ضد هذه القطاعات من أعمال الحفر والتي تبعد عن مدى المدفعية.


هل الدول العربية كانت على استعداد لدخول حرب في عام 1964 ؟؟؟

لم تكن الدول العربية ترغب في الدخول في أي حرب تحدث نتيجة لمبادأة سورية وفي الواقع فقد أتت الأنشطة والأعمال الإسرائيلية بالموقف إلى مفترق الطرق بعد أن أصبح واضحاً للقيادة السورية أن تلك المطاردة لأعمال التحويل تعني بشدة الحرب مع إسرائيل والتي كانت القيادة العربية تظهر لها حماساً قليلاً.

وكان للتغييرات الداخلية في سورية نتائج عديدة منها ظهور عناصر متشددة في حزب البعث السوري، واستمرت سورية في إرسال المخربين إلى إسرائيل عبر الأردن ولبنان، أما عن الملك حسين فقد كان في بعض الأوقات غير قادر، أو لا يرغب في السيطرة على حدوده لمنع الغارات على إسرائيل.


أحداث قرية السموع

في نوفمبر 1966 وبعد عدد من تلك الإغارات قصفت قوات الجيش الإسرائيلي قرية "السموع" في جبال الحبرون والتي كانت مركزاً لشن تلك الهجمات وكانت هذه أول غارة انتقامية إسرائيلية تنفذ في ضوء النهار باستخدام العناصر الجوية والمدرعات وفي أعقاب تلك الهجمة انفجر في الأردن شعور بعدم الراحة وبدأ توجيه نقد لاذع ضد قيادة "الملك حسين" وبدأت تهاجمه عناصر عدائية متنوعة. وظهر أن نظامه يتداعى وبناء على ذلك فقد طلب "الملك حسين" مساعدات من الولايات المتحدة، والتي سارعت بتدعيمه بمساعدات عسكرية إضافية.

في نفس الوقت، فقد امتلأت الصحافة والتعليقات الإذاعية بالإشارات الساخرة من "عبدالناصر"، الذي كان قد وعد بالمبادرة إلى نجدة الدول العربية التي تتعرض لهجوم من جانب إسرائيل. واتضح فيما بعد أن وعوده الجوفاء، لم ينفذ منها شيئاً.. وقالت إذاعة الأردن وصحفها، أن الجيش المصري يحتمي بوجود قوات الأمم المتحدة، التي ترابط على الحدود الإسرائيلية / المصرية، وتضمن حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية المتوجهة من وإلى إيلات .


تطور الصراع ونذر الحرب

تدهور الموقف السياسي في نهاية عام 1966 تدهوراً حاداً، ولم يكن هذا الموقف مرضيا قط. وكانت العلامة البارزة في الشهور الأربعة الأخيرة من هذا العام، هي تلك المحاولة المصرية للاستيلاء على اليمن كخطوة أولى نحو السيطرة على المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى الغنية بالبترول . ولم تنجح مغامرة "عبدالناصر" في اليمن. فقد قاومت القبائل المحلية الغزاة وأخذت الخسائر المصرية في الازدياد. واضطر "عبدالناصر" إلى سحب معظم قواته أمام التكاليف الجسيمة اللازمة لإعاشة جيش بعيداً عن أرض الوطن، وهو أمر زاد من تفاقم الصعوبات الاقتصادية الداخلية. فقد ترك قوات قليلة على أمل أن يستطيع السيطرة على شبه جزيرة العرب بعد رحيل البريطانيين من عدن.

في نفس الوقت، لم يدم طويلاً الاتحاد الثلاثي بين مصر وسورية والعراق، الذي كان قد أعلن في 17 إبريل سنة 1963 بهدف "تخليص الوطن العربي من الخطر الصهيوني". ومن ثم فقد حاولوا أن يحققوا بالتخريب المنظم والقتل ما فشلوا في تحقيقه بالتنظيم السياسي. ولقد كان على رأس العصابات المغيرة في بادئ الأمر الشقيري الذي كان يحظى بتأييد كثير من الدول العربية. لكن مؤامراته لم ترق في عين بعض تلك الدول، وعليه فقد ظهرت قوة منافسة له عبارة عن منظمة اتخذت سورية مركزاً لها وأطلقت على نفسها اسم "الفتح". وتعد سورية أكثر الدول العربية عدم استقراراً. فالصراعات بين مختلف الأحزاب، ثم فيما بين زعماء حزب البعث أدت إلى وقوع ثورات متكررة وثورات مضادة منذ جلاء الفرنسيين عنها.

وكانت معظم عمليات القتل والتخريب، حتى وقت حملة سيناء سنة 1956، تأتي من مصر، أما بعد أن أصبح قطاع غزة هادئاً في ظل إشراف قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، فلقد انتقل المركز الرئيسي لتلك العمليات إلى سورية.

ولم تتوقف الهجمات قط من مرتفعات الجولان على المستوطنات اليهودية في وادي الحولة ووادي الأردن من الناحية الفعلية لكنها ازدادت كثافة في الشهور الأخيرة من عام 1966 بوجه خاص. وباتت أعمال التخريب وتلغيم الطرق وقصف المستعمرات المدنية أحداثا يومية تقريباً. كان معظم المخربين يأتون مباشرة من سورية، أما بعضهم الآخر فكانوا يعبرون الحدود من لبنان والأردن. ولقد سمحت الحكومة السورية بصدور جريدة "الفتح" في دمشق وبتدريب وحدات الفتح مع الجيش السوري. وأعلن رئيس وزراء سورية في 11 أكتوبر سنة 1966: "أن سورية لن تعير اهتماماً لضمان أمن إسرائيل أو لكبح جماح ثورة الشعب الفلسطيني. ولن تتراجع حكومتي أبداً عن حرب التحرير الشعبية واستعادة فلسطين" وبعد ذلك بيوم، قال رئيس هيئة أركان حرب الجيش السوري أثناء تفقده لمناورات عسكرية، وفي حضور وفد مصري: "أن الأعمال التي يستنكرونها هي أعمال مشروعة، ومن واجبنا ألا نوقفها بل نشجعها وندعمها". ثم أعلن في 13 أكتوبر أن "حرب تحرير فلسطين قد بدأت" .


مناقشات الكنيست بخصوص تصاعد الأزمة

وفي مناقشات بالكنيست في 18 أكتوبر سنة 1966، أعلن الجنرال "موشي ديان": "أن رد إسرائيل لا يمكن أن يقف عند حد مجلس الأمن". بل إن "ياكوف هازان" ( من المابام ) اعترف قائلاً: "أن الاتحاد السوفيتي هو المسؤول عن الوضع الخطير المتدهور على الحدود السورية. وإنني، بوصفي ممن يؤمنون برسالة الاتحاد السوفيتي في نشر الاشتراكية والسلام، لا بد أن أرفع صوتي محتجاً على خيانته لهذه الرسالة في منطقتنا. وهذه ضربة توجه للأشخاص المحبة للسلام في كل أنحاء العالم" .

وبعد انتهاء المناقشات اتخذ الكنيست قراراً بأغلبية 61 صوتاً ضد صوتين وامتناع صوتين ينص على :

"يستنكر الكنيست أعمال التخريب والقتل التي ترتكبها جماعات منظمة من المخربين الذين يتسللون إلى الأراضي الإسرائيلية عبر الحدود. ويطالب الكنيست مجلس الأمن بتأكيد التزامه بالمحافظة على السلام وبأن يطلب من الحكومة السورية احترام التزاماتها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات الهدنة والكف عن كافة أعمال العدوان ضد إسرائيل. وتحتفظ دولة إسرائيل لنفسها بممارسة حق الدفاع الشرعي عن النفس ـ كأية دولة مستقلة محبة للسلام ـ وهو الحق الذي يقره القانون الدولي العام، وبالمحافظة على سلامة أراضيها ورفاهية مواطنيها".

ومع ازدياد الاعتقاد بانهيار حالة شبه السلام التي سادت المنطقة نحو عشر سنوات، فقد دفع ذلك "إيجال آلون" وزير العمل إلى أن يقترح في 24 من أكتوبر سنة 1966 إصدار قانون عمل للطوارئ يسمح بتحريك الأيدي العاملة للعمل في الصناعات الحيوية حتى أثناء استدعاء الاحتياط وذلك لضمان حد أدنى من الإمدادات والخدمات الحيوية والمساهمة في المجهود الحربي العام للدولة.

وأعلن "ليفي أشكول" رئيس الوزراء ووزير الدفاع، في 8 من نوفمبر سنة 1966، أن الحكومة قد ألغت قرارها الصادر في ديسمبر سنة 1963 والذي كان قد خفض مدة الخدمة العسكرية بمقدار أربعة أشهر. ومن ثم فإن مدة الخدمة العسكرية للرجال ستكون منذ الآن ثلاثين شهراً طبقاً لقانون الخدمة العسكرية الصادر سنة 1959 أما مدة الخدمة العسكرية للنساء فستبقى كما هي أي عشرون شهراً. وقد استمعت لجنة الشؤون الخارجية والأمن لتفسير الحكومة بشأن هذه الخطوة ووافقت على القرار .

وبعد استخدام الاتحاد السوفيتي لحق الفيتو في أكتوبر 1966 لمنع صدور قرار يدين أعمال التخريب السورية، دعا عضو الكنيست "جوزيف سيرلين" ( جحال ) لإجراء مناقشات بالكنيست ليعرف جيراننا أن الدم الإسرائيلي ليس مباحاً، وأن حدودنا ليست مفتوحة من جانب واحد فقط. وقال: لقد أدى الفيتو السوفيتي إلى تشجيع المجرمين، بعد أن طمأنهم بأن جرائمهم ستمر بلا عقاب. والهدف من المناقشات المقترحة هو إقناع جيراننا بأننا لن نسكت على سفك دماء الأبرياء على حدودنا على أيدي العصابات التي تنظمها وتجهزها الحكومة رسمياً. نحن لا نريد الحرب ـ إذ أننا نريد السلام ـ لكن علينا أن ندافع عن السلام بكل قوتنا. وقد اقترح رئيس الوزراء إحالة اقتراح إجراء المناقشة إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن ووافق سيرلين على ذلك .


السياسة السورية من وجهة نظر إسرائيلية

لقد كان من الطبيعي أن تقول الحكومة السورية أموراً مختلفة لأناس مختلفين، فحينما تتحدث إلى شعبها وجيشها وجيرانها العرب كان حديثها يأخذ نبرة عدوانية ويصاحبه أعمال إرهابية على الأراضي الإسرائيلية. أما على الصعيد الدولي فكان الحال يختلف تماماً. فقد بعث الوفد السوري لدى الأمم المتحدة خطاباً في 13 أكتوبر 1966 إلى رئيس مجلس الأمن، ذكر فيه أن اتهامات إسرائيل لسورية بمسؤوليتها عن أعمال التخريب لا أساس لها من الصحة. ولم تنف سورية فقط مسؤوليتها عن المخربين بل تجاسرت وادعت أنها مهددة بهجوم إسرائيلي، وهذه أكذوبة وجدت طريقها إلى الصحف السوفيتية.

وإذا كانت وفود الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ونيوزيلاندا قد أظهرت، في مناقشات مجلس الأمن في 14 أكتوبر، أنها تعرف جيداً المسؤول عن أعمال العنف والتخطيط للعدوان، فإن عصابات التخريب كانت هي الأخرى واثقة من أن دولة واحدة من الدول الكبرى ستستخدم حق الفيتو لإبطال أي قرار يدين سورية.


تصاعد الموقف على الجبهة السورية

استمرت حالة التوتر على الحدود السورية في التردي وبلغ إجمالي الحوادث التي وقعت أربعون حادثة اعتداء وعملية تخريبية منذ الانقلاب العسكري الأخير في سورية في أوائل عام 1966 وأعلن رئيس جمهورية سورية: "أن الحرب الشعبية هي شعارنا. وما نريد هو حرب شاملة غير محدودة، حرب تنهي الكيان الصهيوني". وفي أغسطس سنة 1966 أعلن راديو دمشق: "لن تشكو حكومة الثورة السورية بعد اليوم إلى الأمم المتحدة وستكون إسرائيل هي التي تشكو وتدافع، فاستراتيجية سورية ستقوم من الآن فصاعداً على الهجوم". وفي العاشر من أكتوبر قال رئيس الوزراء السوري: "لن نوقف مسيرة الشعب الفلسطيني، وسنحيل المنطقة كلها إلى نار وأي تحرك من جانب الإسرائيليين سيكون فيه نهاية لهم". وصرح اللواء "سويداني" رئيس هيئة أركان حرب الجيش السوري قائلاً: "إن العمليات التي تقوم بها فتح عمليات مشروعة وعلينا ألا نوقفها بل نشجعها وندعمها" .


أحداث إبريل 1967

أخذت الأعمال العدوانية السورية في التصاعد. إذ قامت خمسون قطعة مدفعية بقصف مستعمرات هاؤن، عين جيف، وجادوت في 7 من إبريل سنة 1967. وكان الهجوم قد بدأ في الساعة 45ر9 صباحاً عندما فتح السوريون النار على جرار إسرائيلي يحرث حقول مستعمرة هاؤن. ولم يسبق تعرض تلك الحقول للهجمات وظل الكيبوتز يزرعها سنوات عديدة بلا تدخل من جانب السوريين. وكانت المرة الأولى التي فتح فيها السوريون النار على عمال اليهود في هذه المنطقة في نوفمبر سنة 1966. وعقدت لجنة الهدنة المشتركة اجتماعاً في ذلك الوقت بناء على طلب الأمم المتحدة، ثم استؤنف العمل في أوائل إبريل وما لبث أن توقف بسبب الأمطار. وفي 7 من إبريل وبعد تحسن الأحوال الجوية قام جرار زراعي مصفح يحرث الأرض من جديد. لكن السوريون فتحوا نيران المدفعية على ذلك الجرار، بعد ربع ساعة من استئنافه للعمل، وذلك من موقع عمرات عز الدين، وردت قوة إسرائيلية على النيران باستخدام المدفعية الثقيلة وأسكتت المواقع السورية.

لكن السوريون عاودوا الهجوم في الساعة 20ر10 صباحاً من حيربت باتين مستخدمين الدبابات. كما قذفوا بعدة طلقات نحو كيبوتز تل كاتسير واستمروا في إطلاق قذائف المورتار على العمال اليهود. واقترح ممثلوا الأمم المتحدة وقف إطلاق النار ووافقت إسرائيل على ذلك في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً. وبعد ذلك بربع ساعة توقف إطلاق النار في منطقة هاؤن. لكن الهدوء لم يستمر طويلاً، فقد استأنف السوريون الضرب من جديد في الساعة 50ر11 مستخدمين مدافع المورتار الثقيلة ( عيار 122 مم ) وأسلحة أخرى. ونجحت القوة الإسرائيلية في إسكات أسلحتهم واستؤنف العمل من جديد في الكيبوتز.ومع ذلك فلقد استمرت عمليات القصف من مرتفعات الجولان وأدت نيران الدبابات إلى تدمير المباني بكيبوتز تل كاتسير .

وبعد عدة ساعات من تبادل إطلاق نيران الدبابات وقذائف المورتار الثقيلة في قطاعي هاؤن وتل كاتسير. استدعيت القوات الجوية الإسرائيلية للتعامل ضد مرابض المدفعية في التوافيق وعمرات عز الدين. وقد فتح السوريون نيران المدفعية المضادة للطائرات ولم تصب أية طائرة إسرائيلية بينما تم إسكات المدفعية السورية وتدمير خمس دبابات. ولم تتدخل القوات الجوية السورية في بادئ الأمر لكنها ظهرت في سماء المعركة بعد إسكات المدفعية السورية وفي الساعة الواحدة والنصف ظهراً بدأ سلاح الطيران الإسرائيلي عمله. أما المقاتلات السورية فقد أقلعت من دمشق في الساعة الثانية صوب الحدود الإسرائيلية. وتوجهت طائرات الميراج الإسرائيلية ـ التي كانت تقصف مرابض المدفعية السورية ـ لملاقاة طائرات الميج.

هاجمت طائرتا ميراج أربع من طائرات الميج، فأسقطت طائرتا ميج. وفي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر حاولت طائرتا الميج الباقيتان الاقتراب من كيبوتز شامير فاشتبكت الطائرات الإسرائيلية بها وأسقطت طائرة ميج ثالثة. استدعى السوريون المزيد من طائرات الميج وعندما حدث الاشتباك أسقطت ثلاث طائرات ميج أخرى. وقد صدرت الأوامر للطائرات الإسرائيلية بأن تهاجم فقط الأهداف العسكرية وتتجنب إصابة المستعمرات المدنية على الجانب الآخر من الحدود. ثم حاولت أربع طائرات سورية من طراز ميج 17 قصف كيبوتز عين جيف إلا أن الطائرات الإسرائيلية أبعدتها. وحاول السوريون، بعد فشل هجومهم الجوي، فتح نيران المدفعية مرة أخرى على مستعمرتي عين جيف وجادوت وتهدمت عدة مباني، وقامت الطائرات الإسرائيلية مرة أخرى بقصف مرابض المدفعية السورية، فأسكتتها تماماً. وبدأ على الفور إعادة بناء ما تهدم في مستعمرات عين جيف، تل كاتسير، جادوت التي تعرضت لدمار شديد.











د. يحى الشاعر

تم تحرير المشاركة بواسطة يحى الشاعر: Dec 19 2006, 03:06 PM
 
رد: تصاعد الأزمة المواجهات السياسية والعسكرية بين العرب وإسرائيل 1967 قبل حرب 1967

شكرا لك ؛ ولكن من خلال قراتي للموضوع احسست ان سوريا هي اسرائيل واسرائيل هي سوريا !!!! فهل موضوعك ماخوذ من صحف او مذكرات اسرائيلية !!!

وتقبل فائق احترامي
 
عودة
أعلى