حرب أكتوبر- تشرين الأول 1973 الجزء الثاني ... حديث صحفي هام ... الجزيرة

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
حرب أكتوبر- تشرين الأول 1973 الجزء الثاني
...
حديث صحفي هام
...
الجزيرة
حرب أكتوبر- تشرين الأول 1973 الجزء الثاني ... حديث صحفي هام ... الجزيرة




فيما يلي ، الجزء الثاني من الحديث الصحفي (جزئين) .. متابعة وتكملة ما ننشره أيضا عن هذه الحرب الخالدة

فمن المعروف أن قناة الجزيرة قد أجرت العديد من الأحاديث الصحافية التي تتعلق بحرب أكتوبر ....وأجرت أيضا حلقتين عن حرب أكتوبر ، ودعت لهما عدة أشخاص ... بما في ذلك إسرائيليين .... علاوة علي دعوة
الفريق الأول سعد الدين الشاذلي ... "بطل الحربين .... 1967 ... حيث يعترف الأسرائيليين ، بأنهم فشلوا في تطويق لواء الدبابات الرابع الذي كان يقوده ... ولكن أيضا ... حرب العبور الخالدة أكتوبر 1973)



د. يحي الشاعر


مقدم الحلقة:





يسري فودة
ضيوف الحلقة:




سعد الدين الشاذلي: رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية سابقا
د.عصمت عبد المجيد: مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة سابقاً
جيهان السادات: زوجة الرئيس المصري الراحل أنور السادات
عبد الغني الجمسي: رئيس هيئة العمليات بالجيش المصري سابقا
باتريك سيل: كاتب سيرة الرئيس السوري حافظ الأسد
تاريخ الحلقة:
09/10/2003

1_179317_1_3.jpg
1_179305_1_3.jpg
1_179323_1_3.jpg
1_179320_1_3.jpg
1_179321_1_3.jpg
1_163901_1_3.jpg
السيد الجعبيري (سلاح الصاعقة المصري 1973): الإسرائيلي اللي كنت بأشوفه يعني أنا كنت مستعد له من البداية، إن أنا نفسي أعدي أشوفه، أفسَّخه، فعلاً يعني.

يسري فوده: ليه؟
السيد الجعبيري: أيه اللي جابه عندي؟ أيه اللي خلاه يحتل أرضي؟ أيه علاقته بينا؟ هو طمع، يعني مجيته علشان يحتل أرضي، ويحتل قناة السويس بتاعتي اللي بتدخل لي دخل، وشوية شوية كمان لما ييجي.. يبقى ييجي يزحف بقى على القاهرة كمان بالمرة، في خلال الفترة ديَّن كان بيعملوا حركات استفزازية معانا على الشط.
يسري فوده: زي أيه؟
السيد الجعبيري: على سبيل المثال يعني كنت تبص تلاقي فيه أتوبيس سياحي كبير جاي، الساعة 4، الساعة 5 كده.
يسري فوده: العصر.
السيد الجعبيري: العصر، ما بين العصر والمغرب كده، وينزل منه مجموعة من البنات ومجموعة من الشباب الإسرائيلي كانوا مجندين أو مش مجندين، ويقفوا فوق خط بارليف الساتر الترابي بتاعهم دا ويقوم قاعد جنبها واخدها بالحضن ويشاور لي ياله يا مصري.. يا مصري أختك أهي يا مصري، أبقى قاعد بأغلي، كنت بأتمنى اللحظة اللي أنا هأعدي له فيها، عشان أعلمه إزاي ما يجيش هنا ولا يفكر بالمرة إنه مجرد ما يسمع إنه سيناء دي جات على ودنه يهرش، يجي له أرتيكاريا، ما.. ما.. ما.. يعني يكره حاجة اسمها سيناء.
… في 5 يونيو /حزيران 1967
اعتدت إسرائيل على أراضي ثلاث
دول عربية فيما سمي " حرب الأيام الستة"
أعقب ذلك سنوات طويلة أعادت
فيها الدول العربية بناء قواتها استعداداً
لخوض ما يمكن تسميته …
اليوم السابع.





الروح القتالية للجيشين المصري والسوري يوم 6 أكتوبر
يسري فوده: كان عام ثلاثة وسبعين قد بدأ بعدوان إسرائيلي غاشم على سوريا، فصل تكرر، لكنه هذه المرة كان شديد الوطأة، وهذه المرة أيضاً كانت مصر وسوريا في طريقهما إلى كتابة فصل آخر من التاريخ القديم الحديث المعاصر، فصل تقول أولى صفحاته: إنه فقط حين تجتمع هاتان الجبهتان يستطيع العرب أن يفعلوا الكثير، قالها (نابليون بونابرت) قبل مئات السنين، وذاقها قبله التتار والصليبيون، وكان الإسرائيليون على وشك أن يدركوا معناها على أرض الواقع في غضون أسابيع قليلة.
سهام ترجمان (أرملة شهيد وكاتبة سورية): أنا ما عدت امرأة أرملة شهيد، أنا بنت سورية، أكبر أنا بنت الوطن العربي، يعني في.. في قطعة كتبتها عندي إحساس إنه الوطن العربي فيه عرق من.. من شمال سوريا ومن شمال العراق، وصولاً إلى الأندلس، فيه عرق أخضر تحت التراب عم يمشي، عم ينبض، هو عرق الوحدة العربية، ها الشعور يعني ها.. ها اللغة اللي بتجمعنا، هلا أنا قاعدة قدامك عم بأشوف ملامحك، وشك، لهجتك، عم بتسمعني عيونك، عم تسمعني بعمق، كأنه عم تسمع أختك، هذا أنت.. أنا ما بأعرفك ولا بأعرف أهلك، ولا بتعرف أهلي، وما عايش معي، بس شو ها السر هذا يعني يجمعنا؟ هاي القوة لازم نستعملها المقبلة لحتى نهزم يعني من يحاول يهدم الشخصية العربية.
يسري فوده: بروح كهذه تلوَّنت تلك اللحظات المجيدة من أكتوبر/ تشرين عام 73.
السيد الجعبيري: كنا بنطلع بالليل ونستكشفهم وبنشوفهم ونبقى قريبين منهم وكل حاجة، وكنا بنبقى فخورين، نلاقي اثنين عسكريين إسرائيليين كدا، واثنين جايين ماشين قصادهم، ويعني التقوا عند نقطة معنية، ويرجعوا ثاني كده، طبعاً الضابط اللي كان معانا تقريباً كان بيدوِّن الحاجات ديت في ورقة، يعني ما كانتش بتستغرق بتاع 10 دقايق، ربع ساعة كده، المهمة ونرجع تاني.
يسري فوده: قبل أربع وعشرين ساعة طلب السادات من زوجته، أن تحضِّر له حقيبة الملابس.
جيهان السادات: فمرة واحدة وإحنا ماشيين وأنا عمَّالة أقول له لكن أنت إن شاء الله ربنا هينصرك، بصيت لقيته وقف مرة واحدة في الحتة اللي بأقول له: حتى لو انهزمت فالعالم هيحترمك إنك حاولت، لقيته راح واقف مرة واحدة، وبص لي بثقة غريبة الشكل، وقال لي: أنا واثق بإذن الله أنا منتصر، فأنا.. أنا نفسي مراته اتخضيت.
يسري فوده: قبل سبع عشرة ساعة بعثت وكالة الاستخبارات المركزية تقريراً إلى الرئيس الأميركي جاء فيه:
"…يبدو أن كلا الجانبين يزداد قلقه بشأن أنشطة الجانب الآخر، الإشاعات وتقارير العملاء تغذي إحساساً بعدم الارتياح، غير أن الاستعدادات العسكرية التي تمت حتى الآن لا تشير إلى أن أي جانب ينوي شن الهجوم" انتهى التقرير.
الفريق/ سعد الدين الشاذلي (رئيس هيئة أركان الجيش المصري 71-1973): يوم الجمعة ليلاً على الساعة 9 كده قلت إلحق نام لك شوية ما أنتش عارف أيه أمتى هتنام أمتى؟ طلعت في دماغي فكرة، لماذا لم يعني تصور هذا الفيلم؟ دا بتوع.. في هوليوود بيعملوا أفلام تمثيلية، وبيعملوها كلها بخدع، فما بالك لو أنت تعمل حاجة بحقيقة بتاع، وصلت لـConclusion إني لأ، بشكل قاطع لا يمكن تصوير هذا الفيلم.
يسري فوده: نام الشاذلي قرير العين، وأعداؤه أغشاهم الله فهم لا يبصرون.
موتي أشكنازي (قائد أحد حصون بارليف): عشية عيد الغفران أتى قائد الفرقة لزيارة الحصن، ومعه زوجته وأولاده لم يتحدث إليَّ، وإنما أخذ زوجته إلى برج المراقبة كي يريها بورسعيد وبور فؤاد إلى آخره، وعندما ألححت عليه تأفف وأعطاني من وقته خمس دقائق متثاقلاً، طلبت منه إمدادي بمعدات كي أبني بها خطوطاً دفاعية تستطيع حماية الموقع، ولكنني فجأة اكتشفت إنه يظن في نفسه أنني مجنون.
زئيف شيف (محلل عسكري إسرائيلي): كان (ديان) وزير الدفاع مقتنعاً تماماً بأن أمامنا على الأقل عشر سنوات قبل نشوب حرب أخرى، وبأننا سنكسبها.
نيكولاس فليوتي (القائم بالأعمال الأميركي في تل أبيب 1973): وتجاهل تماماً كل ما يتعلق بهذا الأمر، ووصف الجيوش العربية وأسلحتها بأنها سفن صدئة في مرفأ تغرق شيئاً فشيئاً تحت سطح الماء.
يسري فوده: لكن الجنرال الإسرائيلي الذي كان قد تقاعد ثم عاد إلى الخدمة (أرييل شارون) كان له رأي آخر.
أوري دان (صحفي مرافق لشارون 1973): عندما عاد إلى منزله في بئر سبع وصل ضباط الاستخبارات التابعون لفرقته الاحتياطية مائة وثلاثة وأربعون، وصلوا إلى شقته العسكرية ومعهم صور استطلاعية للوضع حول قناة السويس، وعندما ألقى نظرة عليها، قال لهم: هذه حرب، أين كنتم حتى الآن؟
يسري فوده: صباح يوم جديد على أرض عربية.
السيد الجعبيري: يوم 6 أكتوبر هو كان 10 رمضان كنا صايمين، والساعة 9 الصبح كده لقينا فيه أكل بيتوزع علينا ولازم تاكلوا، أيه يا سيادنا فيه أيه؟ قالوا كل.
يسري فوده: دا في رمضان.
السيد الجعبيري: آه، كنا في رمضان، ففينا اللي كل وفينا اللي صام، أنا واحد من الناس كلت.
سعد الدين الشاذلي: فالرئيس السادات طلع الغليون بتاعه..، وبعدين أنا برضو كلت قدام الناس عشان نشجع الناس على إنه اللي عايز يفطر يفطر، ومع ذلك فيه ناس رفضوا الفطار، مش في المركز 10 بس، لأ في القتال نفسه.
عبد الرازق الدردري (رئيس شعبة العمليات السورية 1973): فضلنا على التليفونات قاعدين، وكل مجموعة من الضباط الكبار على تليفون إحدى الفرق، عشان نأخد موقف الفرقة السادسة، السابعة، الخامسة في سنة اللحظة بالليل بالنهار، هل تواجه هجوم؟ هل.. هل العدو قد كشف خطتنا فبدأ يهاجم هجوم مضاد؟ وكنا نطمئن ساعة فساعة إنه العدو ما كشف خطتنا، وكان الرئيس حافظ الأسد بجانبي قاعد.
شلومو أردينست (قائد أحد حصون بارليف): بحكم منصبي كقائد سرية كنت مسؤولاً عن عشرين كيلو متراً جنوبي القناة، رأيت المصريين يهدمون سواترهم الرملية، التي كانت أعلى من سواترنا، ويتوجهون إلى الشاطئ كي يقيسوا سرعة التيار وعمق المياه، وعندما رفعنا تقريراً بذلك قيل لنا لا تصيبنَّكم هيستيريا، دعوا القادة يرفعون التقارير.
نيكولاس فيلوتي: ما حدث بعد ذلك هو أن اتصلت بنا وزارة الخارجية الإسرائيلية لدعوتي أنا والسفير (كينيث كيتنج) إلى اجتماع مع رئيسة الوزراء ووزير الدفاع
صباح عيد الغفران، الثامنة أو التاسعة صباحاً.
ويليام كوانت (مجلس الأمن القومي الأميركي 1972-1974): وقالت: إذا كان لديهم سوء فهم أن تعبئة قواتنا هي للهجوم عليهم، أرجوكم أن تبلغوهم فوراً، أننا لا ننوي الهجوم.
الرؤية الأميركية للأوضاع على الجبهة صبيحة يوم 6 أكتوبر
يسري فوده: أُوقظ (كيسينجر) في السادسة صباحاً بتوقيت نيويورك، فانقض على سلسلة من الاتصالات حاملاً رسالة إسرائيل.
د. عصمت عبد المجيد (مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة سابقاً): طبعاً كيسينجر في نفس الوقت اتصل بي، وكانت يعني عنده برضو حالة.
يسري فوده: كسينجر اتصل بحضرتك.
د. عصمت عبد المجيد: آه، اتصل بالزيات.
يسري فوده: اتصل بالزيات، الساعة كام؟
د. عصمت عبد المجيد: اتصل به بعد العمليات على طول، يعني رحت لقيته قال لي دا اتصل.
يسري فوده: يعني 7 صباحاً.
د. عصمت عبد المجيد: حاجة زي كده برضو، فطبعاً كان كل دا، يعني الدقائق هنا بتحسب، لأنه شاءت الصدف إنه إحنا نكون قبلها بساعات قاعدين معاه، وقاعد شخص عادي جداً.
يسري فوده: كان أول.. أول رد فعل عليه أيه؟
د. عصمت عبد المجيد: لأ، كان صدمة بالنسبة له ما فيش شك.
جوزيف سيسكو (نائب وزير الخارجية الأميركي 69-1974): كانت تقديراتنا العسكرية إن إسرائيل ستكسب أي حرب دون مجهود، وكانت تلك أيضاً تقديرات الإسرائيليين، وهو ما يفسر فشل إسرائيل الذريع في الاستخبارات.
السيد الجعبيري: لغاية الساعة 11 لقينا فيه عربيات جاية ومعاها قوارب (زودياك) ومنفاخ بالرجل كده، فيه عساكر واقفة تنفخ القوارب، والقوارب دي متدارية ورا ساتر ترابي كده، شكاير رمل مترصصة فوق بعضها كده..
موتي أشكنازي: تحاول أن تتناسى حقيقة أن كل هذا الذي يتكدس على الجانب الآخر سيسقط في النهاية على رأسك.
سعد الدين الشاذلي: جندي المشاه ما يعرفش غير يوم 6 أكتوبر، اطلع بقى الحرب بقى، هنعمل مشروع زي المشروع، بص لقى نفسه بيعمل مشروع زي المشروع الثاني بس فيه مدفعية بقى وطيران وبتاع، بقى ما تعملش في كل مرة يعني..
السيد الجعبيري: لغاية الساعة 12 جت لنا الأوامر للسرية الأولى من 163 صاعقة، تابعة للمجموعة 127، اللي كان بيدينا الإشارة كان نقيب معانا اسمه محمود منصور جمال الدين من بني سويف، الراجل دا كان -الله يمسيه بالخير- دا كان بيحكم ماتش كورة على برج خشب، بس كان فيه إشارة معينة، بالصفارة أما أصفر صفارة طويلة سين واحد تزق الشكاير الرمل دي في المية، وتنزل بالقوارب، وتعدي البر الثاني.
شلومو أردينست: صلينا العيد وقت الظهر، وقبل الصلاة التالية دخلنا إلى الخندق للراحة، كل شيء يسير كما هي العادة، سوى أننا كنا نلاحظ على الجانب الآخر الأنشطة نفسها التي بدأت قبل عشرة أيام.
عبد الغني الجمسي (رئيس هيئة العمليات بالجيش المصري 1973): هل العدو اكتشف نوايانا الهجومية؟ الفريق أول أحمد إسماعيل سألني 3 مرات في هذا اليوم، المرة الأولانية قلت له مافيش، والمرة الثانية ما فيش لأنه كل الملامح اللي موجودة قدامنا بما في ذلك الطيران بتاعه اللي شايفينه على الرادارات و.. وإلى آخره، ما فيش جديد لغاية الساعة قربنا من الساعة واحدة ونص، اللي أنت قريب منها دي، وسألني هل العدو اكتشف نوايانا الهجومية أو لأ؟ عشان يقوم بضربة إحباط، وبالتالي تتعقد الأمور، والخسائر تبقى أكثر بالنسبة لنا، فأنا أذكر تماماً، وما بأنساش قلت له سبق السيف العزل بالنسبة لإسرائيل، وأيش ما تعمل؟ ما لهاش حل.
الاكتساح المصري للجيش الإسرائيلي في سيناء
شلومو أدرينست: في حوالي الواحدة والنصف جاء قائد برج المراقبة (دودو ترجمان) كي يخبرني أنه تلقى أوامر بضرورة الاستعداد للقصف، قلت له يا دودو ما أعلمه أنها مجرد مناورة، أخبرهم أنه اليوم عيد الغفران، وإن كان ممكناً أن نؤجل هذه التدريبات إلى الغد أو بين الصلوات، عاد إليَّ بعد دقائق كي يقول إنها حقيقة ليست مناورة.
موتي أشكنازي: وفي الساعة الواحدة وأربعين دقيقة بعد الظهر وصلتني رسالة من القائد نفسه الذي كان يريد أن يستبدلني في الليلة السابقة، تقول الرسالة: إنه في الساعة السادسة مساءً ستندلع حرب شاملة، سألته: ماذا تعني بحرب شاملة؟ عمَّ تتحدث؟ إنك تناقض ما كنت ترفض أن تصدقه ليلة أمس.
ويليام كوانت: عندئذٍ استيقظت فوراً وتوجَّهت إلى المكتب حوالي الثامنة صباحاً بتوقيت واشنطن، طلبت تقارير الاستخبارات التي وردت طوال الليل، عادوا إليَّ بكومة من الأوراق فتساءلت في نفسي: من أين أبدأ؟
عبد الرزاق الدردري: قال لي على بركة الله فلنبدأ، أنا رفعت سماعة التليفون وعطيت رمز العملية الهجومية كان بدر.. بدر.. بدر.. بدر، وأنا أرفع صوتي على التليفون صوتي ليسمعني قادة الفرق لما أخاطب قادة الفرق وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي، كلهم أعلموني: وصل.. وصل.. وصل.. وبدءوا.. بدت فتحت جهنم.
[فاصل إعلاني]
موتي أشكنازي: ماذا بوسعي أن أفعل، كنت أتابع الأمور من برج المراقبة، الصمت يقلقني كثيراً، وكل ما أستطيع فعله هو المراقبة، في الواحدة وخمسين دقيقة بدأت الهبوط من برج المراقبة كي أطلع جنودي على الموقف، وما كدت أبدأ حتى عبرت أول طائرة مصرية، وبدأ القصف.
نبيل النشار (سلاح الخدمات في الجيش المصري 1973): وفوجئنا بالطائرات بتاعتنا المصرية بتعدي في.. في الاتجاه الثاني.
شلومو أدرينست: عبر أول سرب من أربع طائرات، ثم سرب آخر، هرولت داخل الحصن نحو جهاز المراقبة وضغطت على زر يطلق صفارة الإنذار على جميع موجات اللاسلكي.
أحد المصريين: وكانت مجموعة من الطيارات تخش تضرب وترجع ومجموعة ثانية.
موتي أشكنازي: قُصف البرج وتهاوى وتحوَّل المكان إلى أشلاء فظيعة، أخذنا نلملم أنفسنا استعداداً كي لا تزيد الإصابات، لكننا لم نكن نعلم شيئاً عن ذلك الذي كنا نستعد له.
السيد الجعبيري: أنا طالع من ورا مسطبة وفوجئت بدبابة قدام مني، أنا لقيت والدبابة قدام مني بيني وبينها تقريباً عشرين متر أو أقل وبتضرب فيَّ بالرشاشات أنا تنتني مع الدبابة دي، أنا راقد وحاطط إيدي على آر بي جي، والخوزة فوق مني كده وباصص والله كده يا أستاذ يسري، أنا باصص للعسكري الإسرائيلي وكل شوية أعمل له كده [يحرك حاجباه]، والله هذا حصل.
شلومو أردينست: بعد دقيقة أو دقيقتين بدأت المدفعية المصرية في القصف، ومن أول قذيفة كانت تصيب قلب الحصن.
إنني أقولها الآن ببساطة، قذيفة تسقط، لكنها في الواقع كانت تزلزل الأرض وتملؤها دخاناً، ليست قذيفة واحدة، بل قذيفة بعد قذيفة بعد قذيفة، نيران من المدفعية شديدة الوطأة.
السيد الجعبيري: وهو راجع لورا طلع في المنطقة المفتوحة اللي هي نهاية المسطبة كشف نفسه، لأنه هو كان في البداية أنا وهو مداريين في المسطبة، فهو رجع لورا عشان يضربني، في رجعته لورا كان أحد الزملاء ضاربه ضربة آر بي جي راح فاصل البرج دا من.. من.. من الدبابة.
موتي أشكنازي: تناثرت أشلاء الحصن في الهواء، إنهم يقصفوننا بمعدل ثلاثين قذيفة في الدقيقة، ثلاثون قذيفة في الدقيقة من مدفعية ثقيلة من جميع أنواع الأعيرة 204 ملليمترات، و200 ملليمتر و175 ملليمتر، كل الأشياء الثقيلة تنهال فوق رؤوسنا بما فيها ذخائر أسراب الطائرات.
د. رياض عصمت (مراسل حربي سوري 1973): كان هناك رجل عجوز يحمل بندقية عثمانية قديمة بنسميها (مارتين)، ويرمي نفسه على سيارتي، قلت له: يا عمي بَعِّد يا عم.. خذوني معكم، ولادي استشهدوا وبدي أحارب، وختيار عمره تقريباً 80 سنة، يا عم ما نقدر نأخذك، أنت ريح حالك فيه جنود رايحين يقاتلوا ورايحين.
الرئيس السوري /حافظ الأسد -( 7/10/1973): لسنا هواة قتل وتدمير، وإنما نحن ندفع عن أنفسنا القتل والتدمير، لسنا معتدين ولم نكن قط معتدين، ولكننا كنا وما نزال ندفع عن أنفسنا العدوان، نحن لا نريد الموت لأحد، وإنما ندفع الموت عن شعبنا.
إننا نعشق الحرية ونريدها لنا ولغيرنا، وندافع اليوم كي ينعم شعبنا بحريته.
شلومور أردينست: سمعت عبر اللاسلكي من حصون أخرى أنهم يرون المصريين يعبرون في قواب مطاطية.
الرئيس المصري /أنور السادات -( 16/10/1973): إن هذه القوات أخذت في يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادءة وحققت مفاجأة العدو، وأفقدته توازنه بحركتها السريعة.
سعد الدين الشاذلي: أنا عندي إحساس إن داخل المركز بقى إذاعة بقى داخلية، عبرت قواتنا، واحتلت النقطة كذا والنقطة كذا.. حاجة بقى يعني ما تتخيلش بقى الناس وهي بتسمع كده يعني، الحماس والبتاع دا كله، وهو اطمِّن بقى يعني كده وانسحب بعد كده حوالي الساعة 2.30.. مش 2.30 نقدر نقول حوالي الساعة 3 كده.
موتي أشكنازي: ورأيتهم في مواجهتي يبدءون في العبور بالدبابات من الجانب الآخر إلى هذا الجانب، ثم بدءوا في تكوين تشكيلات على هيئة تشكيلات (الفلانجة)، يعبرون إلى هذا الجانب وينتشرون في تشكيلات منظمة صفاً وراء صف، وبعد ذلك عبرت ناقلات الجنود، وقفز منها عدد من الجنود أخذوا يتقدمون سيراً على الأقدام مستترين بالدبابات، وبهذه الطريقة استمروا في التقدم نحو موقعي.
عبد الرزاق الدردري: ثم تبعها إنزال قوة فوق جبل الشيخ، واستطاعوا الطرفين إنه يأسروا القوات الإسرائيلية بجبل الشيخ استسلمت لهم، ويرفعوا العلم السوري على جبل الشيخ، هاي كان أجمل خبر تلقيناه في الساعة الأولى.
نيكولاس فيلوتي: كانت الدفاعات الإسرائيلية في الجولان ضعيفة، وأعتقد أن ما بين 80 و 90% من القوات الإسرائيلية هناك لقوا مصرعهم، كانت هناك معارك شرسة، ولذلك كان ثمة قلق شديد بشأن ما يمكن أن يحدث في الشمال.
شلومو أردينست: ثم تسمع من جندي اللاسلكي أنه لم يعد يسمع أصوات المواقع الأخرى، وقتها لا تحتاج إلى كثير من الذكاء كي تدرك أنها سقطت، وأن الأمر كله قد انتهى.
د. رياض عصمت: قلت له: صوَّر هنا.. صوَّر.. صوَّر.. صوَّر هاي قريبة، فبدأ التصوير بالفعل، بدأ التصوير قُصفت الطائرة بصاروخ سام، قفز مظليين منها، طبعاً ميزناها الحقيقة من مظليين يعني بشكل أساسي ويعني بدأ بالهبوط بالمظلات، فقلت لمجموعتي: فلنركض، نريد أن نمسكهما أو أن نصورهما لحظة الهروب.
نبيل النشار: الفرحة ونشوة الانتصار فعلاً، وكلمة الله أكبر فعلاً كانت كلمة لها مفعول السحر.
السيد الجعبيري: العسكري اللي كنا بنشوفه، يعني أنا واحد من الناس مسكت عسكري إسرائيلي كان مصاب في رجله ربطت له رجله بالرباط الميداني بتاعي.
يسري فوده: أنت اللي ربط له.
السيد الجعبيري: أنا اللي ربط له رجله.
يسري فوده: للإسرائيلي..
السيد الجعبيري: للإسرائيلي.
د. رياض عصمت: فعندما سألت عن هذه المعلومات ودونتها بإنجليزية سليمة سألني أحدهما: من أين أنت؟ يعني ظنني خبير يمكن أجنبي أو كذا، فقلت له: أنا ضابط في الجيش العربي السوري، هز برأسه إنه لأ، مو معقول، فأكدت له ثانية إني ضابط بالجيش العربي السوري، فهز رأسه بالنفي ثانية، فثار غضب الجنود السوريين، قالوا له: ضابط من عندنا.. قلت لهم: لا تنفعلوا، بكل هدوء سلِّموهم للجهة المختصة فوراً.
نبيل النشار: فيه عربية كبيرة قدامي زل اسمها زل، عربية كبيرة من اللي هي ناقلة جنود وتعطلت، في نفس الوقت فيه في البر الثاني عربية أسرى جاية عايزة تعدي، لك أن تتخيل إن الجنود شالوا العربية الزل اللي.. اللي ثقلها حوالي 2-3 طن شالوها شيل عشان يعدوها عشان ما تعطلش الأيه الممر.
إلياس مراد (نائب رئيس تحرير "البعث" السورية): وكانت أغنية فيروز هي المحرِّض، هذه الأغنية الهامة "خبطة قدمكم على الأرض مسموعة هدارة" كانت تثير مشاعر كل العسكريين، وكان الجنود يعني يتحركون وكأنهم يريدون أكل الحجر، هذه مشاعر أستطيع أن أقولها بكل صدق، وهذا الشيء الذي يفرِّق بين المرتزق وبين من يدافع عن أرضه.
جمال الغيطاني (مراسل حربي 1973): لا تتخيل الثقة اللي جت لي لدرجة بدأت أتمشى على المعبر كأني ماشي على كوبري قصر النيل، يعني شوف أقدر أقول لك لو أنا بأتخيل دايماً بأسأل نفسي: أيه آخر منظر هأشوفه وأنا بأفارق هذا العالم؟ أنا بأعتقد هو.. هو المنظر دا، ليه؟
يسري فوده: منظر..
جمال الغيطاني: منظر العلم المصري مرفوع على خط بارليف، دا علم ما اترفعش في احتفال، دا اترفع بالقتال.
موتي أشكنازي: عندما رأيتهم يصعدون استنجدت بالطيران، هكذا قالوا لنا: إن السلاح الطيران سيدعمنا، فطلبت الدعم الجوي.
إيتان بن إلياهو (طيار إسرائيلي 1973): كانت مهمتي في اليوم الأول الاتصال بالآخرين وإمداد الطيارين بالخطط كي يقوموا بما عليهم.
أمنون شاحاك (سلاح المظلات الإسرائيلي 1973): كانت قاعدتنا ضمن قاعدة جوية، وقد انطلقت صفارات الإنذار وهُرعت أسر الطيارين، بينما أقلعت المقاتلات، وعندئذٍ فهمنا ما يحدث، لكنني اكتشفت لأول مرة أن شيئاً ما خطأ عندما وصلنا إلى قناة السويس.
موتي أشكنازي: عند نقطة بعينها وصلت المقاتلات الإسرائيلية، لكن الوضع كان في غاية السوء، نشاهد ولا نستطيع أن نفعل شيئاً، كل ما استطعت فعله هو أنني طلبت ألا يرسلوا أي طائرة أخرى، لأن التي تذهب لا تعود.
أمنون شاحاك: سمعنا أصوات المعارك، ورأينا حولنا عدداً من جنود الصاعقة المصريين الذين تم إنزالهم في هذه المنطقة من سيناء، وأدركنا عندئذٍ أن عدداً من الحصون الإسرائيلية على قناة السويس قد سقط أو حوصر، وهو أمر لم نعتده.
شلومو أردينست: عبر المصريون إلى سيناء فطلبت من المدفعية أن تقصفهم، قلت لهم: اضربوا في أي اتجاه فإنكم ستصيبونهم، لكنني أدركت فجأة أن المصريين اكتسحوهم وتقدموا عدة كيلو مترات في عمق سيناء.
يسري فوده: في التاسعة إلا عشر دقائق من مساء السادس من أكتوبر/تشرين اتصل الملك حسين بالرئيس السادات.
أنور السادات: أهلاً.. أهلاً جلالة الأخ أهلاً.
الملك الحسين: الحمد لله، كيف أحوالكم؟
أنور السادات: الحمد لله كيف أحوالك؟
الملك حسين: كل حاجة تمام، الحمد لله.
أنور السادات: طيب عال، الحمد لله.
الملك حسين: الله يبارك فيكم يا سيادة الرئيس.
أنور السادات: أنا شاكر قوي.. قوي.. قوي
الملك حسين: الله يبارك فيكم ويسلمك يا أخي.
أنور السادات: الله يحفظك.
الملك حسين: كل التوفيق، وسيادة الأخ لو أمرت الإخوان يحطونا في الصورة باستمرار..
أنور السادات: حاضر.
الملك حسين: عن طريق الواسطة العسكرية.
أنور السادات: حاضر.. حاضر..
الملك حسين: تسلم يا سيدي.
أنور السادات: حاضر.. حاضر..
الملك حسين: كل التوفيق إن شاء الله.
الأخطاء العسكرية المصرية في حرب أكتوبر وحدوث الثغرة
يسري فوده: صباح اليوم التالي السابع من أكتوبر/تشرين بينما كان الإسرائيليون يستعدون للانقضاض على السوريين، وكان المصريون يثبِّتون أقدامهم على الضفة الشرقية حدث شيء عجيب، برقية سرية من السادات إلى الأميركيين.
ويليام كوانت: هذه حرب أخوضها من أجل تسوية دبلوماسية لا من أجل انتصار عسكري، أما كيسينجر فقد بُنيت فلسفته على الجمع بين القوة والدبلوماسية، وها هو تلميذ مجد كالسادات، يقول: إن هذا هو ما أفعله، فالتفت إلي فهذه ليست حرباً لهزيمة إسرائيل، بل حرب لتمهيد الطريق للدبلوماسية.
محمد عوض (مؤلف "اليوم السابع"): من أهم ما في الموضوع إن البرقية دي هو بلغها على طول لإسرائيل ضمن أشياء أخرى في العلاقة اللي بينهم.
يسري فوده: وأثرت على سير المعارك ..
محمد عوض: أثرت طبعاً.. طبعاً.. طبعاً..
مراد غالب (وزير الخارجية المصري 70-72): يقوم يجي كيسينجر يتلاعب معاه تلاعب رهيب جداً ويجي (إدوارد هيس) كان رئيس وزراء بريطانيا يبعث لأنور السادات يوم 8، 6 أكتوبر.. 8 أكتوبر يقول له فيه الآتي: اقبل وقف إطلاق النيران زي ما أنت موجود تماماً، تصوَّر بقى لو كنَّا قبلنا وقف إطلاق النيران، وإحنا في الضفة الشرقية وما حصلتش الثغرة، كنت طبعاً، إنت هتتحادث مع إسرائيل من موقف قوة.
يسري فوده: في نهاية ذلك اليوم لخص كسينجر في اجتماع رسمي سري استراتيجية بلاده: "مصر لا تريد مواجهة معنا في الأمم المتحدة، والسوفيت لا يريدون مواجهة معنا على الإطلاق، سيركز موقفنا العام على استعادة وقف إطلاق النار على حدود ما قبل بدء الحرب، سيصرخ العرب بأنهم يحرمون من حقوقهم الفطرية، ولكن بحلول الخميس، الحادي عشر من أكتوبر/تشرين سيركعون أمامنا متسولين من أجل وقف إطلاق النار".
لتحقيق ذلك كان لابد للإسرائيليين من أن يستعينوا عسكرياً بالأميركيين، خاصة على ضوء ما حدث في اليوم التالي، دحر المصريون الهجوم الإسرائيلي المضاد وثبتوا أقدامهم على رؤوس المعابر إلى حوالي عشرة كيلو مترات تحت مظلة الصواريخ.
جوزيف سيسكو: كانت بكل تأكيد عملية عسكرية في غاية النجاح، خاصة في مراحلها الأولى، وحين تقارن الخسائر المصرية بالخسائر الإسرائيلية، تجد خسائر إسرائيل في غاية الضخامة.
سعد الدين الشاذلي: حاجة عظمة جداً، الأكثر بقى يوم 8.. يوم 8، أنا خدت بعضي ورحت الجبهة، علشان أشوف بقى على الطبيعة، ما هي كل حاجة شايفها أنا، عايز أشوفها على الطبيعة، بصيت لقيت الروح المعنوية في السماء، الولاد العساكر الصغيرين والضباط بصوا لقوا اللي مكتوب لهم في الورق لقوه بيحصل بالضبط، فبقوا يشيلوني على الأكتاف، ومش عارفين يعملوا أيه، فدي حاجة طبعاً ما تقدرش تتخيلها.
يسري فوده: بعد ظهر اليوم نفسه كان الإسرائيليون قد بدءوا يتلمسون طريقاً لعبور قناة السويس في الاتجاه المضاد وقع أولاً هذا الاتصال بين قائد الجبهة الجنوبية (شموئيل جونين) الشهير باسم (جروديش) وقائد الفرقة 162 (إبراهام أدان)، الشهير باسم (برن) .
إبراهام أدان: هذا ما أريد أن أخبرك به.
شموئيل جونين: نعم.
إبراهام أدان: أفكر في هذا الطريق.
شموئيل جونين: نعم.
إبراهام أدان: نحتاج إلى استخدامه بدلاً من طرطور وأكافش.
شموئيل أدان: برن.
إبراهام أدان: نعم.
شموئيل جونين:هذا هو الاتفاق لو انتهيت من هذا سريعاُ.. يا إلهي إننا على موجات الراديو.
يسري فوده: انقطع الاتصال لكن اتصالاً آخر وقع بين جروديش وقائد الفرقة 143 (إربيل شارون) الشهير باسم (إيريك).
شموئيل جونين: اسمع يا إيريك.. أعلم أن هذا يصلح للمرحلة الثانية أما المرحلة الأولى فاستعد للدفاع.
أرييل شارون: لا يوجد ما يحتاج للدفاع أعطني نسقاً فلا داعي للبقاء هنا، أنوي أن أتحرك غداً وأترك ورائي مجموعة واحدة لأن الوضع خطير هنا.
شموئيل أدان: انتظر..انتظر.. سنجلس ونناقش هذا قريباً.
يسري فوده: فجأة دخل رئيس هيئة الأركان (ديفيد أليعازر) الشهير باسم (دادو) على الخط.
ديفيد أليعازر: إيريك هذا دادو، هل تسمعني؟
أرييل شارون: أسمعك.
ديفيد أليعازر: الخطة التي اقترحتها غير مقبولة بالمرة إنها لا توافق المهمة التي أسندتها إليك، أريدك أن تؤمِّن رأس المعبر، أما العبور فسنناقشه فيما بعد.
نيكولاس فليوتي: طلب منَّا الإسرائيليون صباح التاسع من أكتوبر قائمة طويلة جداً جداً من المساعدات، وقد أرسلناها إليهم.
يسري فوده: بينما تدفقت الإمدادات العسكرية الأميركية على إسرائيل كان كسينجر على الهاتف في السابعة وثماني دقائق مساءً مع رئيسه ريتشارد نيكسون.
نيكسون: الإسرائيليون يتحركون الآن، أليس كذلك؟
كسينجر: حسناً سيفعلون ذلك غداً هم الآن في موقف يسمح لهم
نيكسون: إنهم سيقطعون المصريين، يا لهؤلاء المصريين الفقراء الأغبياء يعبرون قناة السويس وتنسف الجسور وراءهم، لابد أن السوريين يهرولون الآن فراراً.
كسينجر: لا السوريون سيتحولون إلى ديك رومي بحلول الأربعاء، العاشر من أكتوبر/تشرين.
عبد الغني الجمسي: أنا من الناس اللي كنت بأقول إن إحنا نطور الهجوم يوم 9، أنا قلت رأيي، واحد ثاني قال رأيه، واحد ثالث قال رأيه.
يسري فوده: كان الشاذلي مقتنعاً بضرورة البقاء تحت مظلة الصواريخ وبعدم التقدُّم لدى تلك المرحلة إلا لأهداف استطلاعية.
السيد الجعبيري: يوم ما كنا وقت ماشيين بالليل وكان فيه فرد عداد ماشي معايا في جيبه عشر زلطات، كل 120 خطوة أو 100 خطوة ينقل زلطة من الجيب دا للجيب دا يبقى مشي 100 متر، العشر حصوات انتقلوا من هنا لهنا يبقى مشينا كيلو، لغاية ما قربت على الموقع الإسرائيلي ده، سمعت صوت كلام، قمت قاعد مكاني، ومطلَّع بقى وسيلة الاتصال اللي هو غطاء علبة الورنيش، وأنا راقد، طك.. طك.. طك بالليل كده، طبعاً قائد السرية كان اسمه -زي ما قلت لسيادتك- محمود منصور، لقيته جاي جري ورايه، جاي جري بالراحة أيه يا سيد فيه أيه؟ قلت له فيه أيه؟ دا إحنا خشينا على الإسرائيليين من غير ما نحس.
سعد الدين الشاذلي: قائد اللواء يعني حبّ يكتسب شيء من الضوء بتاع النهار، فقبل الغروب بساعة تقريباً كده، ابتدى يتقدم اليهود لقطوه بالطيران، سابوه لغاية ما طلع خارج الأيه المظلة بتاعة الدفاع الجوي اللي إحنا عاملينا أيه غرب القناة، وانقضوا عليه شتتوا اللواء.. شتتوا اللوا يوم 10.
ويليام كوانت: ما حدث على أرض الواقع، إنه بحلول العاشر من أكتوبر، خسر السوريون أرضاً فيما استعاد المصريون جانباً من أرضهم في سيناء.
باتريك سيل (كاتب سيرة الرئيس السوري حافظ الأسد): اضطرت سوريا للقتال وحدها ذلك الأسبوع، وعندئذٍ سلط الإسرائيليون الذين علموا بتوقف المصريين قوتهم كاملة ضد السوريين، وكانت تلك نقطة تحول في الحرب.
سعد الدين الشاذلي: يوم 11 أكتوبر جا لي أحمد إسماعيل وقال لي عايزين نطور الهجوم إلى المضايق، قلت له غير ممكن علشان كيت وكيت وكيت وكيت، ولعلنا نأخذ درس مما حصل للواء أول إمبارح، كيت وكيت وكيت، فالراجل اقتنع وسكت.
عبد الرازق الدردري: فكان من الرئيس الأسد يتصل هاتفياً بالرئيس السادات، ويقول له: يا سيادة الرئيس، تقدَّم تقدَّموا القوات المسلحة الإسرائيلية.. الإسرائيلية كلها أمامنا ونحن نتحمل الضرب الجوي الإسرائيلي بكامل القوات الجوية الإسرائيلية، ليس هناك ما يحول دون تقدمكم إلى.. إلى ما.. ما قد اتفقنا عليه ولا جواب.
سعد الدين الشاذلي: جا لي يوم 12 وقال لي يوم عايزين نطور الهجوم علشان نخفف الضغط من سوريا، بقيت أيه.. excuse يعني بدون سبب علشان نخفف الضغط عن سوريا، قلت له لا يمكن تخفيف الضغط عن سوريا، للأسباب الآتية: إنه هو العدو بيتمتع بقوات قوية ويستطيع أن يثبت أي جبهة، والجبهة دي كده، وارجع لاجتماع مجلس الجامعة المشترك بتاع الجامعة العربية في نوفمبر 71، الكلام اتقال، ولا يزال وكان قائماً سنة 73، وسوف يبقى دائماً بين مصر وسوريا طالما بقي القوات الجوية الإسرائيلية متفوقة، تمنع تعاون من الأيه..
يسري فوده: الطرفين ..
سعد الدين الشاذلي: الطرفين، القوات الجوية والدفاع الجوي بتاعنا، فسكت.
باتريك سيل: بعث السوريون برسائل عدة إلى مصر للوقوف على ما يحدث، لماذا لا يهاجم المصريون؟ (بريجينف) أيضاً لم يفهم، لا أحد كان يفهم.
سعد الدين الشاذلي: يوم 12 تاني لثالث مرة شوف.. شوف المصار.. الصراع قال لي: لأ دا قرار سياسي وواجب التنفيذ، وأنا مسؤول عنه كقائد عام للقوات المسلحة وسيادتك مسؤول، اثنين ضباط خذوا هذه الأيه، هذه الأوامر، يوم 12 وطلعوا بيها للجيش الثاني لسعد المأمون، وعبد المنعم المصري يا دوبك وصلوا، بصيت لقيت كل واحد منهم بيكلمني بالتليفون، التعليمات اللي سيادتك بعثتها مش هنقدر ننفذها، الكلام دا سمعته من سعد مأمون ومن عبد المنعم المصري، وسعد مأمون زاد عليها بأنه مستعد إنه هو يقدم الاستقالة بتاعته.
يسري فوده: قائد الجيش الثاني.
سعد الدين الشاذلي: قائد الجيش الثاني.
يسري فوده: فيما لم يستطع القادة الميدانيون المصريون تأجيل الهجوم إلا ليوم واحدٍ، كان قائد حصن (ميزاخ) يعلن استسلامه وجنوده بعد ثمانية أيامٍ من الحصار.
شلومو أردينست: بينما خرجت من الموقع للقاء ممثِّل الصليب الأحمر الدولي، حدث اتصال هاتفي باللاسلكي من رقم مائة، ورقم مائة لدينا هو وزير الدفاع، قال لي: هذا ليس أمراً، والقرار لك، ثم أكد على أنه مهما كان قراري فإنه سيقف ورائي.
يسري فوده: التقطت طائرة تجسس أميركية احتياطي القوات المصرية وهو يعبر من الغرب إلى الشرق تمهيداً لتطوير الهجوم.
بيني موريس (مؤرخ إسرائيلي): وما أن قام المصريون بنقل الفرقتين المدرعتين إلى سيناء تاركين خلفيتهم عارية أدرك القادة الإسرائيليون أن تلك هي اللحظة المناسبة لعبور القناة، كما كان يطالب شارون، وقد كان ذلك هو التوقيت السليم.
يسري فوده: قبله بلحظات أدى التوقيت الخاطئ لتطوير الهجوم المصري إلى تكبُّد خسارةٍ فادحةٍ وتشتيت القوات وتقديم الثغرة على طبق من فضة إلى شارون.
أوري دان: وما حدث كان تماماً ما تنبأ به، التقارير تأتي تباعاً في الساعات التالية، يا أيها العقيد (حاييم أريز) قائد اللواء، هذا رقم 40 يحدثك، ما الذي يحدث لديك؟ لماذا لم أسمع منك؟ فيرد عليه: لأنه لا يوجد شيء يستحق الذكر، فيقول شارون: ماذا تقصد؟ فيرد ثانية: كل شيء على ما يرام.
سعد الدين الشاذلي: راحوا عابرين يوم 15 ليلاً، عابرين يوم 15 ليلاً، يوم 16، السادات لما شوف السياسة تخش مع العسكرية بقى، هيخطب في مجلس الشعب.. مجلس الشعب وأحمد إسماعيل، ورايح في عربية أيه مكشوفة وفوق بره زيطة، وقاعد بيتكلم على المبادرة بتاعته، ولا يعلم إن حصل اختراق بالليل.
يسري فوده: كانت تلك اللحظة أراد كسينجر من خلالها أن يصل إلى ما يوصف الآن بسلام الشرق الأوسط، وكانت المفاوضات على أية حال هدف السادات اقترح عليه الشاذلي خمسة حلول مختلفة، لتصفية الثغرة.
سعد الدين الشاذلي: أنا قلت الكلام دا انفجر فيَّ، انفجر فيَّ، مش.. مش عايز يسمع الأيه..
يسري فوده: ماذا قال؟ .. ماذا قال؟
سعد الدين الشاذلي: هه؟
يسري فوده: ماذا قال؟
سعد الدين الشاذلي: يوه كلام كثير، وقعد يزعق ويعمل ومش عارف أيه، وما تجيبش سيرة الانسحاب دا إطلاقاً، يا سيادة الرئيس، دا مش انسحاب، دا اسمها مناورة بالقوات، ما فيش مناورة بالقوات ولا فيش انسحاب، وما فيش عسكري ينسحب، أنا هأقدمك للمحاكمة إذا جبت سيرة الانسحاب تاني- الله- ففي هذا الوقت يجي لك الشريط بتاع الاستقالة دا بقى، جالي في دماغي شريط أيه هيودو البلد في داهية، أنا أقدم استقالتي دا.. دا في نفسي بقى.. دا في نفسي، الله طب وبعدين دا أنا أحضر عصر الانتصار والفرحة، وبعدين في أول أزمة أسيبهم وأمشي؟ مش ممكن يعني بأكلم نفسي في هذا الموضوع
يسري فوده: في مركز العمليات اضطُّر الشاذلي إلى الانتظار أمام باب أُغلق دونه إلى أن قرر السادات إرسال لواء إلى منبع الثغرة في الشرق.
سعد الدين الشاذلي: اليهود راصدينه، عندهم فرقة اسمها فرقة برين ماندلر أظن..مادلر باين..
يسري فوده: ألبرت ماندلر..
سعد الدين الشاذلي: آه وفيها.. مدرعة، شافوا اللواء بيتحرك، طلع من المظلة بتاعة الدفاع الجوي، كمين مثالي زي اللي بيتكتب في الكتب علشان يصده، لواء واقف قدامه علشان أيه يصده، واللوائين الثانيين جايين من الأيه من الخلف ومن الأجناب وضربوا اللواء دمروا اللواء بالكامل، من المسؤول عن هذا اللواء؟ عن تدمير هذا اللواء؟ هل هو قائد اللواء أم قائد الجيش، أم القائد الذي أمر بخروج هذا اللواء في مثل هذه الظروف السيئة؟ هناك أسرار شديدة لو عرفها الشعب سيعيد كتابة تاريخ مصر وتاريخ حرب أكتوبر 73.
يسري فوده: أصيب قائد الجيش الثاني بأزمة قلبية، وبكى دموعاً قائد الجيش الثالث، ما أغلاها وأجلها دمعة قائد ميداني لم تكتمل فرحته.
عبد الرزاق الدردري: والله كثيرة المواقف اللي أبكتني، منها مثلاً: وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية و..
سعد الدين الشاذلي: العملية التصحيح.. عايز تصحيح تنظيمي أولاً: تنظيمي تصحيح تنظيمي، وبعدين يشوف حتى لا تتكرر هذه الأحداث أنا أخشى ما أخشاه إن لو دخلنا حرب أخرى، وهذه الحقائق لم تعرف للقادة والجنود وللشعب، إن تتكرر هذه الأخطاء.
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى