مصادر القوة النيرانية في القوة البرية

إنضم
6 يونيو 2008
المشاركات
15
التفاعل
0 0 0
مصادر القوة النيرانية في القوة البرية
العميد الركن (م) - إبراهيم كاخيا
تُعتبر المدفعية - بصورة عامة - صنف أساسي Main Assort من صنوف القوات البرية، وهي التي تحقق القدرة النارية لتلك القوات عند خوضها الأعمال القتالية، أو العمليات الحربية. وكانت المدفعية تُعتبر - أيضاً - أكبر صانع - أو مسبب - للضحايا في حروب القرن العشرين السابقة، ولم ينحسر دورها مطلقاً بظهور الأسلحة الصاروخية كوسائط نيران أساسية في ميدان المعركة، وإنما أصاب تطور ها بعض الجمود ولم تتغير منذ الحرب العالمية الثانية وحتى منتصف الخمسينيات، حيث اتجهت الدول الكبرى نحو التأكيد على الأسلحة النووية بدلاً من التقليدية، ففي تلك الفترة نسقت كميات كبيرة من المدافع، وبخاصة من قوات الدول الأوروبية الشرقية.
أدى إدخال السلاح الصاروخي النووي - وبخاصة في المستويات التكتيكية - إلى التحسين المستمر لوسائط الصراع المسلح، ووضعت أمام المدفعية متطلبات جديدة لتطويرها اللاحق، تتلخص هذه المتطلبات في: زيادة مدى الرمي، وقدرة المناورة، وإنتاجية النيران، وخفة الوزن، وتأمين الحماية لأفراد الطاقم المدفعي من تأثير الأسلحة التقليدية بشكل عام، والأسلحة النووية بشكل خاص. وباتت الدول - غير النووية - تسعى دائبة للحصول على الأعتدة المدفعية من الطرازات والأجيال الجديدة، وبخاصة المدفعية ذاتية الحركة.
يجدر بنا - بعد هذه المقدمة عن مدفعية الميدان - أن نتعرف على النماذج والطرازات الموجودة في التسليح العالمي، مستعرضين أبرز مواصفاتها الفنية (التكنولوجيه)، وخصوصاً الطرازات أو النماذج المتوفرة حالياً في تسليح القوات البرية العربية، وبعض دول الجوار الجغرافي.


أولاً : عموميات عن مد فعيةالميدان


يتحقق النجاح في المعركة الحديثة بالجهود المشتركة لجميع الصنوف والقوى، ويعتبر التعاون فيما بينها، ومع القوات الخاصة والجوار، الشرط الأساسي لتحقيق النصر في المعركة، وتعتبر مدفعية الميدان القوة النارية الضاربة Strike Fire Power الرئيسة للقوى البرية، وهي تتميز بمدى رميها الكبير (العميق)، وقوتها النارية الهائلة، وقدرتها على المناورة بالنار والعتاد، حيث تفتح نيران المدفعية لقواتنا (الصديقة) الطريق في الهجوم، وتغلق الطريق على العدو في الدفاع.
وتعتبر الرمايات الكثيفة Density of Fire، والمناورة الواسعة بالوحدات (القطعات) والنيران في حقل المعركة، الأساس في الاستخدام القتالي للمدفعية. إن مدفعية الميدان قادرة على تنفيذ المهمات التالية:
- تدمير وإبطال مدفعية وهاونات العدو والوسائط النارية الأخرى والقوى الحية المعادية.
- تدمير الدبابات والقانصات ( المدرعة) المعادية.
- تهديم المنشآت الدفاعية الميدانية والحصينة.
- شل قيادة قوات العدو وعمل مؤخراته (اللوجيستية، والإدارية).
- منع العدو من تحقيق المناورة والقيام بالأعمال الدفاعية وترميم الأهداف المخربة.
وتتحقق النتائج الحاسمة والسريعة لأعمال مدفعية الميدان بما يلي:
- حشد التجميع الرئيس (الأساسي) للمدفعية في الوقت المناسب على اتجاه الضربة الرئيسة في الهجوم، وعلى أهم اتجاهات الجهد الرئيس في الدفاع.
- تكثيف وتركيز نيران المدفعية على أهم أغراض (أهداف) Toirgets وتجمعات العدو.
- الاعتماد على المفاجآت بالنيران الفعالة.
- القيادة المرنة الأكيده لنيران المدفعية في المعركة (والعملية).
- التعاون المستمر مع الصنوف الأخرى، والطيران، والجوار، أثناء سير الأعمال القتالية.
- الحصول على معلومات الاستطلاع في حينه.
- الاستفادة القصوى من نيران (خصائص) العتاد المدفعي، ورفع الكفاءة التدريبية للطواقم المدفعية.
يرى الخبراء الاختصاصيون الأمريكيون، أن المدفعية والقطعات الصاروخية الداخلة في تسليح القوات البرية الأمريكية، هي صنف أساسي من صنوف القوات، التي تؤمِّن الدعم الناري للقوى البرية، والصراع ضد وسائط التدخل الجوي المعادي، وتُقسم القوات البرية في الولايات المتحدة الأمريكية إلي: مدفعية ميدان، ومدفعية مضادة للطائرات، وتصنف حسب العيارات، والوزن، وأسلوب التحرك إلى: مدفيعة خفيفة، ومتوسطة، وثقيلة. لكن الخبراء الروس الاختصاصيين يعطون لمدفعية الميدان استقلالاً ذاتياً، ويفصلون بينها وبين المدفعية المضادة للطائرات، حيث يلحقون هذه الأخيرة بصنف مستقل بذاته هو "قوات الدفاع الجوي". وبعض الدول يلحق هذه الأخيرة بالقوات الجوية.
على كل الأحوال، تنتمي إلى المدفعية الميدانية في جيش الولايات المتحدة مجموعات (منظومات) الأجهزة الصاروخية الموجهة وغير الموجهة من فئه "أرض - أرض"، والهاونات على مختلف عياراتها، والراجمات الصاروخية (مدفعية الجيش)، والقذائف الموجهة المضادة للدروع. ويوجد في تسليح قطعات مدفعية التشكيلات البرية الأمريكية واحتياط القيادة العامة، أجهزة مدفعية ذات سبطانات عيار 105 ملم، و 155ملم و 175 ملم، و 2ر203 ملم قذافات ومدافع، ويوجد في كتائب المشاة المحمولة (المشاة) والدبابات، هاونات عيار 7ر106 ملم، وفي سرايا (وحدات المشاة المحمولة) هاونات عيار 81 ملم، وسوف نقتصر في هذه المقالة على دراسة المدافع ذات الرمي المنحني (القوسي) فقط.
كانت أهم التحسينات التي أجريت على المدفعية - من أجل زيادة قدرتها على المناورات - باتجاه إعطاء المدفع The gun إمكانية الحركة الذاتية، دون الحاجة إلى القطر، وذلك بتركيبها على عربات مدرعة مجنزرة، وهذه الميزة تمكن المدفعية من مرافقة الدبابات في ميدان المعركة، وتمكنها من التمتع بسرعة رد الفعل، حيث تستطيع فتح النيران من الحركة أو بعد حوالي دقيقة من الوقوف. ويستطيع بعضها تنفيذ الرماية الدائرية، والمناورة مباشرةً بعد الرمي (اتباع تكتيك أطلق وانسحب) وقابلية التمويه بسهولة، بينما يحتاج المدفع المتطور إلى حوالي نصف ساعة لتجهيزه بعد الوقوف. وتقدم المدافع الذاتية الحركة الحماية للأطقم من شظايا الأسلحة الخفيفة، وبعضها يقدم الحماية ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
ثانياً : المدفعية المقطورة Tractor-Drawn Artillery
في استعراض الطرازات فى مدفعية الميدان الداخلة حالياً في التسليح العالمي، أمكن حصر حوالي (16) طرازاً فى المدفعية المقطورة، منها (10) قذافات Howitzers، و (3) مدافع- قذافة Howitzer/gun، و (3) مدافع The gun، لكن هذا لا ينفي وجود طرازات أو مدافع من أجيال أقدم منها، وكذلك وجود طرازات (وأجيال) من مدفعي ميدان (مقطورة) من صنع دول أخرى غير الدول الصانعة التي سنذكرها لاحقاً "أنظر الجدول 1".


ثالثاً: المدفعية ذاتية الحركة Self-propelled Artillery


بدأ تطور المدفعية ذاتية الحركة عشية الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، حيث ركبت المدافع على هياكل الدبابات لتسمح للدعم الناري والمحافظة على مرافقة الهجوم السريع، حيث دخل المدفع السوفيتي ذاتي الحركة (سو -14) المركب على الدبابة الروسية (ت -34) في المعركة في عام 1940م، كما دخل المدفع الأمريكي الذاتي الحركة (م -7) المركب على الدبابة الأمريكية (م -2) في الخدمة عام 1942م، ومذ ذلك الحين أخذت المدفعية ذاتية الحركة في التطور بعد الحرب العالمية الثانية بوتائر
عالية، وتم تصنيعها بأعداد كبيرة، ودخلت في تسليح القوات المسلحة في معظم دول العالم، وحلت محل المدفعية المتطورة؛ وبالرغم من ذلك فقد أبقت غالبية الدول على قطع من المدفعية المقطورة حتى الآن.
وقد أمكن حصر حوالي (14) طرازاً من المدفعية ذاتية الحركة الداخلة حالياً في تسليح الدول الصناعية الكبرى، وفي تسليح دول الوطن العربي ودول الجوار الجغرافي، ولعل أشهر تلك الطرازات هما: المدفع الأمريكي نموذج (م-109) عيار 155 ملم، والمدفع الأمريكي الآخر نموذج (م -110) عيار 2ر203 ملم. وهما الأوسع انتشاراً في الدول العربية وإسرائيل وإيران. وفى الوجهة الإجمالية فإن المدفعية ذاتية الحركة يتميز منها - في الوقت الحاضر ستة من فئة (القذاف) وثلاثة من فئة (مدافع-قذاف)، وخمسة من فئة (مدفع)، وسوف نستعرض بعض المواصفات الأساسية لتلك الفئات:-
وتجدر الاشارة إلى أن هناك 18 دولة من الدول العربية (باستثناء العراق والصومال وجيبوتي وجزر القمر) تملك حوالي (10857) فوهة مدفعية ميدان من فئات متنوعة، ويقابلها في ذلك الكيان الصهيوني الذي يملك في الوقت الراهن حوالي (1550) فوهة مدفعية ميدان، منها (400) مدفع مقطور، و (1150) مدفعاً ذاتي الحركة، وتملك إيران في قواتها البرية حوالي (2284) فوهة مدفع، منها (1995) فوهة مدفع مقطور، وزهاء (289) مدفعاً ذاتي الحركة من عيارات مختلفة.
رابعاً : قذائف مدفعية الميدان والنماذج الصاروخية
من الصعوبة بمكان أن نعدد لكل طراز من مدفعية الميدان - السالفة الذكر - أنواع القذائف التي تُرمى بواسطته، ولكن يمكن القول- باستثناء العيارات أقل من 122 ملم - إن جميع هذه الطرازات أو الفئات مصممة لترمي جميع أنواع قذائف المدفعية التقليدية - والتي سنذكرها لاحقاً - ماعدا قذائف المدفعية الصاروخية الموجهة، حيث لا ترمي هذه الأخيرة سوى في العيارين 155 ملم و 2ر203 ملم الأميركية الصنع.
1. أنواع قذائف مدفعية الميدان (التقليدية) العادية:
أمكن حصر زهاء (14) نوعاً من تلك الذخائر التي ترمى بواسطة المدفعية، سواءً كانت مقطورة أو ذاتية الحركة. وحتى أريح القارئ من عناء الترجمة من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، فإني سوف أذكر كل نوع بالرمز الوارد في تقارير وكتب الميزان العسكري التي تصدر عن مراكز الدراسات الاستراتيجية الدولية، وهذه الأنواع هي:-
2. أنواع القذائف الصاروخية الموجهة التي تُرمى بواسطة مدفعية الميدان:
يرى الخبراء العسكريون الغربيون أن الذخائر Munitions والقذائف الموجهة Gvided Missiles التي تطلقها مدفعية الميدان والمدفعية الصاروخية، هي الواسطة الأساسية لزيادة الرمي في مدفعية الميدان، والواسطة الفعالة للصراع ضد الدبابات أو المدرعات على مسافات بعيدة، وبالرمي من مرابض رمي مستورة. ويجب أن تتوفر في هذه الذخائر العالية الدقة المتطلبات (أو الشروط) التالية:-
أ- ألا يقل مدى طيران القذيفة عن 80% من مدى طيران القذيفة العادية.
ب - ألا تزيد عن 9ر0 من الخطأ الدائري المحتمل للقذائف العادية.
ج - المحافظة على الفعالية حتى فى ظروف التشويش (ستائر دخانية، غبار، أهداف كاذبة).
د - مدى عمل نظام التوجيه الذاتي يؤمِّن إمكانية الدلالة على الأهداف حتى على مسافة التقاط الهدف من قبل رأس التوجيه الذاتي من 2 - 5كم.
تدل المعطيات على أنه يوجد لدى الدول الغربية عدة طرازات (نماذج) من القذائف الموجهة التى ترمى بواسطة مدفعية الميدان والهاونات والراجمات الصاروخية، مثل: القذيفة كوبر هيد (م -712)، والقذيفة ساد ارم (م -836)، والقذيفة (م -281.أ) وقذيفة الهاون (بوسارد) الألمانية الصنع، وقذيفة الهاون (ستريك) السويدية الصنع، والقذيفة (جامب) Gamp الأمريكية الصنع. ولابأس أن نذكُر بشيء من الإيضاح بعض المواصفات الأساسية لبعض القذائف الموجهة الأمريكية الصنع، وسوف نأخذ لهذا الغرض القذائف الأكثر شهرةً وتداولاً، وهي:
1. القذيفة الموجهة الصاروخية طراز "كوبر هيد" المجتمع -712:
النوع: قذيفة copper head M-712 صاروخية موجهة، أمريكية الصنع، تاريخ الصنع: 1986م، العيار: 155 ملم، مدى الرمي الأقصى: حتى 40كم، احتمال إصابة الهدف بالطلقة الأولى: 8ر0، وزن القذيفة: 3ر62 كلغ، الطول: 1380 ملم، نوع نظام التوجيه: نصف إيجابي، ليزري، نوع الهدف الذي يمكن التأثير عليه: أهداف مدرعة مختلفة، واسطة إيصال القذيفة "كوبر هيد" إلى الهدف: المدافع الأمريكية عيار 155 ملم، وبخاصة المدفع القذاف طراز (م - 109 أ-6) عيار 155 ملم ذاتي الحركة.
2. القذيفة الصاروخية الموجهة طراز "ساد زرم" المجتمع - 836:
النوع: قذيفة sadarm M-836 صاروخية موجهة، أمريكية الصنع، تاريخ الصنع: 1987م، العيار: 2ر203 ملم، مدى الرمي الأقصى: 22 كم، احتمال إصابة الهدف بالطلقة الأولى: 2ر0 - 5ر0، الوزن: 92 كلغ، طول القذيفة: 1140 ملم، نوع نظام توجيه القذيفة: سلبي- راديو متري، نوع الهدف الذي يمكن التأثير عليه: دبابات وعربات مدرعة، واسطة إيصال القذيفة "ساد زرم" إلى الهدف: القذاف الأمريكي طراز (م -110) عيار 2ر203 ذاتي الحركة.


خامساً : آفاق تطور مدفعية الميدان وذخائرها


إن الاتجاهات الأساسية لتطوير نُظم المدفعية ذات السبطانات في دول حلف الناتو سوف تُتخذ - كما في الماضي - بناءً على مقتضيات نظريات خوض الأعمال القتالية الموضوعة والمزمع وضعها، وهنا لابد أن نذكّر في هذا السياق بتتالي تلك النظريات القتالية في المعركة الحديثة المشتركة التي سادت في العقود الثلاثة من النصف الثاني من القرن العشرين الماضي من المعركة "الجوية - البرية" التي طُبقت في حرب الخليج الثانية عام 1991م عند تحرير الكويت، إلى معركة "الصراع ضد الأنساق الثانية" والاحيتاطات التي سادت قبيل مطلع القرن الحادي والعشرين الحالي، إلى معركة "الحرب غير المتماثلة" التي خاضتها القوات الأمريكيه مع قوات التحالف في أفغانستان عام 2001م، إلى "المعركة للاتماسية" التي خاضتها قوات التحالف الدولي عام 2002م وانتهت باحتلال العراق الشقيق.
لكن أعمال تحديث سلاح المدفعية Artilley Weapon تتجه بشكل عام نحو خمسة إتجاهات متلازمة، هي: القوة النارية، والحركية، والحيوية، والديمومة، والاستقلالية التكتيكية. ويُعطى التركيز أو الأولوية في التحديث إلى مسألة "زيادة القوة النارية"، حيث يرى الخبراء الأطلسيون أن زيادة ملحوظة في القوة النارية Fire Power لسلاح المدفعية ذات السبطانات ستتحقق من خلال: زيادة مدى الرمي، وسرعة الرمي، ودقة الرمي. كما أن إمكانية الرمي لمسافات بعيدة قد تتحقق في المستقبل القريب عن طريق استخدام قذئف ذات أشكال (ايروديناميكية) أي (طيرانية) مُحسَّنة مزودة بمولدات غازية وقذائف صاروخية إيجابية، وتحسين الخصائص المدفعية (الباليسيتة) داخل السبطانات كزيادة طول السبطانة وحجم التلقيم ... إلخ.
لكن الاتجاه المستقبلي الأكثر نجاعةً وجدوى في زيارة مدى الرمي وهي: استخدام طرق القذف غير التقليدية، إذ إن مدى الرمي في عام 2015م من المدافع ذات السبطانات المحدثة سوف يصل إلى 30-40 كلم (وحتى 50 كلم بالنسبة لبعض أنواع المدافع)، وذلك حسب نوع القذيفة. أما الزيادة الملحوظة في سرعة الرمي فإنها سوف تتحقق - بصورة عامة - بنتيجة استخدام تكنولوجيا مواد القذف السائلة ( قد تصل سرعة الرمي القصوى إلى 12-16 قذيفة في الدقيقة)، إضافة إلى بقية الاتجاهات التي ذكرت آنفاً، كالحركية، والحيوية، والاستقلالية التكتيكية، والتي تحتاج إلى بحث مستفيض لا يتسع المجال لايراده في هذه المقالة المختصرة.
وفي كل حالة من هذه الحالات، فإن زيادة (رفع) المستوى التكنولوجي للمدفعية ذات السبطانات سوف تتم - بوجه عام - نتيجة صنع مدافع جديدة وتحديث النماذج الموجودة. ومن المعروف أن المدافع القذافة ذاتية الحركة من عيار 155 ملم طراز (م-109-901-M) الأمريكي الصنع تشكل العمود الفقري لسلاح المدفعية ذات السبطانات في الجيش الأمريكي، وهذه المدافع موجودة في كافة التشكيلات البرية "الثقيلة"، أما المدافع من عيار 105 ملم فإنها موجودة في الفرق "الخفيفة"، والمدافع من عيار 2ر203 ملم موجودة في قوام كتائب المدفعية العائدة للفيالق البرية الأمريكية.
ومن أجل تحسين المستوى التكنولوجي وإطالة مدة الاستثمار في الخدمة، خصصت المدافع ذاتية الحركة من الأنواع المذكورة أعلاة، وفي مراحل مختلفة لمراحل تحديث وتجديد عدة. والمدافع ذاتية الحركة المحدثة من عيار 155 ملم طراز M-109.A3 تدخل في تسليح القوات البرية لأغلب الدول الأعضاء في حلف الناتو منذ عام 1978م.
1. عملية تحديث المدفع طراز (م-109 أ10-2) :
منذ مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، بدأت المرحلة الأخيرة للتحديث الجذري والعميق لهذا الطراز، وأسفرت عن تزويد هذا النوع من المدافع بنظام قيادة النيران الذي يؤمن الربط الطبوغرافي المستقل ذاتياً، والاستقبال الآلي للمعطيات عن الهدف من مركز قيادة النيران أو من وسائط الاستطلاع، والحساب السريع والدقيق لقيم الرمي، وتوجيه المدفع بناءً على القيم المحسوبة.
وهذا الطراز المحدث للمدفع المذكور يتمثل في المدفع عيار 155 ملم ذاتي الحركة طراز CGM-1090A.6 أو يسمى (بابلادين) Baladin، والمدى الأفقى للرمي بهذا المدفع حتى 40كم - بالقذائف الإيجابية الصاروخية وحتى 30 كم - بالقذائف العادية.
أما تلك المدافع الأخرى - مثل المدفع عيار 105 ملم المقطور و 105 ملم ذاتي الحركة و 2ر203 ملم المقطور وذاتي الحركة - فإنها لا تعتبر مدافع واعدة (مستقبلية)، ولا يخطط لصنع الجديد منها حتى الآن، حيث يتوقع ألا يتم التحديث لمدافع الميدان المقطورة إلا عن طريق بعض التحديث للمدافع 105 ملم- قذاف مقطور طراز M-119 و M-102، وللمدافع 155 ملم-قذاف مقطور طراز M-198، باتجاه زيادة المدى وسرعة الرمي.
2. عملية صنع مدفعية ميدان جديدة مستقبلية:
إن مدفع الميدان الواعد (المستقبلي) الذي سيدخل ميدان تسليح القوات البرية لدول حلف الناتو في مطلع هذا القرن الجديد الحالي (في غضون 2005-2010م) هو من طراز AC (كروسادير) Crosadir، وهذا النظام يتألف من المدفع القذاف عيار 155 ملم ذاتي الحركة، وآلية النقل والتلقيم المدرعة. والمدى الأفقي لرمي هذا المدفع الجديد بالقذائف المعدلة طراز XM-982 قد تصل إلى 48 كلم. ووفق اعتقاد قيادة حلف الناتو، فإن هذا المدفع المستقبلي سيكون الواسطة الأساسية للتأثير الناري في قوام مجموعات (منظومات) الاستطلاع النارية العاملة في التشكيلات المشتركة البرية الأمريكية والأطلسية (اللواء- الفرقة).
3. تحديث وتطوير ذخائر مدفعية الميدان:
يعتبر تحديث ذخائر المدفعية أحد الطرق والأساليب الأساسية لتحسين الإمكانات القتالية لمدفعية الميدان، ولذلك فإن الجهود الكبرى لخبراء حلف الناتو سوف تتركز على صنع قذائف للمدافع والهاونات (المورتر)، التي تؤمِّن التأثير على العدو على عمق تراتيبه القتالية وبنسبة استهلاك مقبولة، حيث لاتزال الاتجاهات الأساسية لتطوير ذخائر المدفعية اتجاهات تقليدية في الوقت الحاضر، أي زيادة قوة الفعل (التأثير) ضد الهدف وزيادة مدى الرمي ودقتة.
ومن أجل تحقيق الزيادة الكافية لفعالية رمي المدفعية من مرابص الرمي المستورة على أهداف مدرعة ومصفحة، يجري العمل في الولايات المتحدة ودول حلف الناتو الصناعية على صنع وتحديث ذخائر المدفعية ذات الدقة العالية. وحتى منتصف عقد التسعينيات لم يكن في حوزة القوات البرية الأمريكية سوى القذيفة طراز "كوبر هيد" ذات الدقة العالية.
ويجري العمل في الوقت الحاضر على صنع قذائف ذات دقة عالية من الجيل الثاني والجيل الثالث، لتطبيق مبدأ "اطلق وانس" المعروف، حيث يتوقع أن يصل احتمال نسبة إصابة الأهداف بالقذائف المستقبلية ذات الدقة العالية حتى 7ر0-9ر0، ولبلوغ هذه المعدلات لابد من زيادة كبيرة في ضمانة ودقة اكتشاف الهدف وملاحقته والتسديد عليه في ظروف التشويشات الطبيعية والاصطناعية (المنظمة). وخير اتجاه مستقبلي لحل هذه المشكلة هو استخدام رؤوس التوجيه الذاتي المركبة (المختلفة). ومن أجل تدمير الأهداف المدرعة الخفيفة - بما في ذلك قواعد الإطلاق ذاتية الحركة - يجري تصميم وصنع العناصر القتالية من نوع "سادارم" لتعبئتها في قذائف المواقع من عيار 155 ملم (بمعدل عنصرين قتالين في القذيفة الواحدة). والمقصود بكلمة "عنصر قتالي" هنا، هو الرأس الحربي شديد الانفجار.


خاتمة


تعرفنا من خلال هذه المقالة على عموميات عن المدفعية، والمقصود بها، عبر فكرة موجزة عن الاستخدام القتالي لمدفعية الميدان؛ ثم استعرضنا بعض المواصفات الفنية (التقنية) لبعض طرازات مدفعية الميدان من النوعين: المقطور وذاتي الحركة. وننوه هنا بأن أكثر الدول باتت تميل إلى اقتناء النوع الثاني (ذاتي الحركة)، وهذا ما يلاحظ واضحاً في تسليح القوات البرية الإسرائيلية المعادية. ثم أحصينا أنواع قذائف مدفعية الميدان التقليدية وذات الدقة العالية، كي نصل في النهاية إلى دراسة الاتجاهات المستقبلية لتطوير مدفعية الميدان وذخائرها المتنوعة. ووفق حسابات متعددة، فإن الثقل النيراني (الذي يعبر عن قوة النيران في التشكيلات البرية) لأسلحة الرمي غير المباشر، والتي هي مدفعية الميدان والهاونات، تأتي في المرتبة الثانية وتشكل حوالي الثلث، وهو ما يعني توفر عنصر المعاونة النيرانية المباشرة الفعالة، والمعاونة النيرانية الرئيسة داخل التشكيل الواحد، وهي متنوعة الأمدية، بحيث تتراوح من 3 كلم إلى أكثر من 40 كلم


المراجع:


مجموعة من الباحثين العرب السوريين، كتاب: (الاستراتيجية السياسية العسكرية)، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، عام 1991م، الجمهورية العربية السورية، ص 268-273.
2- مركز الدراسات العسكرية، كتاب: (الميزان العسكري 1995-1996م)، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لندن، ترجمة وطبع: مركز الدراسات العسكرية، دمشق عام 1997م، سورية، ص 1104-1111.
3- سليم حداد، كتاب: (أسلحة الدقة العالية في جيوش الناتو)، مترجم عن الروسية، مركز الدراسات العسكرية، دمشق، سورية، عام 2001م، الجمهورية العربية السورية، ص 300-304.
4- العميد الركن غازي الجابي، كتاب: (الأسلحة العالية الدقة، آفاق تطورها)، مترجم عن الروسية، مركز الدراسات العسكرية، دمشق، عام 1991م، الجمهورية العربية السورية، ص 17-19.
5- اللواء الركن (م) حسام سويلم، كتاب: (إسرائيل ونظرية جديدة للحرب)، مؤسسة دار الأهرام، القاهرة، جمهورية مصر العربية، المدفعية وراجمات الصواريخ، عام 1998م، ص 188-189.
6- العميد الركن (م) إبراهيم كاخيا، دراسة: (القوة العربية الشاملة، ودورها في بناء الردع العربي)، مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد (68)، عام 2004م، المملكة العربية السعودية، ص 78-79.
7- المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كتاب: (الميزان العسكري 2005-2006م)، باللغة الانجليزية The Military Balance 2005-2006. London, 2005. England. Poige 181-215.
8- اللواء الركن الجوي- محمد سمير العطائي، كتاب: (أداء بعض الأنظمة في حرب الخليج الثانية)، مترجم عن الانجليزية، طبع ونشر: مركز الدراسات العسكرية، عام 1992م، دمشق الجمهورية العربية السورية، ص 202 - 204.
 
عودة
أعلى