حرب ظفار (1965-1975م) ..... بقلم / عماد البحراني
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى المبعوث رحمة للعالمين وهداية للثقلين فأدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة فأنار قلوبا بالإيمان وأحيا نفوسا بالإسلام والصلاة والسلام على أصحابه الكرام ،أما بعد ,,,
تعد ثورة ظفار التي انطلقت منذ عام 1965م واحدة من أطول الثورات العربية ، حيث امتدت زهاء ما يقارب عشرة أعوام، وقد واكبت حقبة الثورات التحررية من الاستعمار العالمي والتي شهدتها المنطقة العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين .
ونظرا لأهمية ثورة ظفار في التاريخ العماني المعاصر والنتائج التي ترتبت على قيامها على المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في عمان ، فقد توجهت الى اختيار ثورة ظفار (1965-1975م) كموضوع لبحثي .
وسيتضمن البحث النقاط التالية :-
1- أسباب الثورة وقيامها (1965م).
2- الثورة في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1965-1970م).
3- الثورة في عهد السلطان قابوس بن سعيد (1970-1975م).
4- دور الدول الاقليمية في الحرب .
5- نهاية الحرب (1975م).
1- أسباب الثورة وقيامها:-
تتعد الأسباب التي أدت الى قيام الثورة في ظفار على حكم السلطان سعيد بن تيمور ، وكان أهمها حالة التخلف التي سادت سلطنة مسقط وعمان بشكل عام واقليم ظفار بشكل خاص ، وكثرة الممنوعات والمعاناة من ضرائب السلطان الباهظة التي أثقلت كاهل العمانيين.
" وكانت عمان معزولة عن العالم الخارجي والمحيط الاقليمي وحتى العزلة الداخلية بين مناطق السلطنة ذاتها ، وبعدما تعرف المهاجرون الظفاريون على أنماط المعيشة المختلفة في دول الخليج التي يعملون بها والراقية قياسا بالوضع في عمان خلقت لديهم الرغبة الجامحة في التغيير ".
كما ان الأوضاع التي عاشتها المنطقة آنذاك وانتشار المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر أدى الى تأثر أبناء الأمة العربية ومن ضمنهم الظفاريين بأفكار القومية العربية المنادية بالوحدة والتحرر من الاستعمار ومقاومته بشتى الوسائل ، مما ولد لدى الظفاريين النزعة نحو الثورة ضد الوجود البريطاني في عمان.
كل هذه العوامل ساعدت على قيام الثورة في ظفار ، والتي عمل الظفاريون على تنفيذها من خلال تشكيل تنظيمات سرية متعددة كان لها دوافع وانتمائات مختلفة ، فبعضها كان قوميا عربيا هدفه مقاومة الامبريالية البريطانية وتمثل في التنظيم المحلي لحركة القوميين العرب.
والآخر كانهدفه تحسين الأوضاع الاجتماعية في عمان وتمثل في الجمعية الخيرية الظفارية .
أما المجموعة الثالثة فقد كان هدفها غير واضح وكانت تدعى " منظمة جنود ظفار" وكانت تتكون من عناصر الجنود العمانيين السابقين وعناصر من الشرطة كانوا يعملون في الامارات الساحلية .
* اعلان الثورة (1965م):
تنسب الرصاصة الأولى في ثورة إلى مسلم بن نفل الذي كان يعمل في مزرعة قصر السلطان سعيد بن تيمور والذي كان لاقصاءه من عمله في القصر السلطاني في عام 1963 أثر في شعوره المناهض للسلطان سعيد، و عمق ذلك الشعور وجود فريق أجنبي للتنقيب عن النفط في المناطق التي تقطن فيها قبيلته.مع وجود تقارير بأعتداءات بسيطه على قاعدة السلاح الجوي البريطاني في عام 1962 إلا إن أول طلقة مسجلة إيذانا ببدء حرب ظفار كانت في أبريل 1963 من خلال هجوم مسلح على حافلات شركة نفط، خطط له و قام بقيادته مسلم بن نفل.(3)بعدها لجأ مسلم بن نفل مع 30 رجلا من جماعته إلى المملكة العربية السعودية و قام بالأتصال بالأمام غالب بن علي الهنائي، مدعوما بالمال السعودي، أنضم نفل إلى مجموعة أخرى من المناهضين الظفاريين، و رحلوا إلى العراق التي كانت تحكم من قبل النظام البعثي حيث تلقوا تدريبا على حرب العصابات.وفي صيف 1964 رجعت المجموعة بقيادة نفل إلى ظفار مع وعود من الحكومة السعودية بزيادة الدعم المالي و العسكري. و لم يقتصر الدعم على السعودية، بل كان أيضا من الكويت و جمهورية مصر العربية، و دعت تلك الدول المجموعات الظفارية المناهضة إلى توحيد جهودهم في جبهة واحدة.ولم يلبث عام 1965م أن شهد اعلان قيام الجبهة الشعبية لتحرير ظفار حيث عقد مؤتمر شعبي في 9 يونيو من نفس العام وانتهت جلساته باعلان قيام الثورة الظفارية .
حيث دعا البيان الظفاريين إلى الأنضمام إلى الجبهة من أجل تحرير الوطن من حكم السلطان سعيد بن تيمور وتحرير البلاد من البطالة والفقر والجهل واقامة حكم وطني ديمقراطي (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)د. جمال زكريا قاسم، تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر ، المجلد الخامس،دار الفكر العربي، ط1 ، مدينة نصر ، 1996م ، ص145.
وهكذا بدأت حرب ظفار بين عمليات الكر و الفر التي أستخدمتها الجبهة ضد أهداف السلطان سعيد بن تيمور بين عامي 1965 و 1967.
2-الحرب في عهد السلطان سعيد بن تيمور:
في 28 ابريل 1966 وقعت محاولة لاغتيال السلطان سعيد حين كان يستعرض حرسه الخاص والذي كان يوجد به بعض الظفاريين المنتمين للجبهة ، وبعد هذه الحادثة احتجب السلطان سعيد عن الظهور الأمر الذي جعل العمانيين يعتقدون انه قتل وان السلطات البريطانية هي التي اصبحت تدير شؤون السلطنة(1).
إلا أنهم تلقوا هزائم متكررة و ضغوط شديدة من قبل قوات السلطان حتى ربيع 1967.إلى جانب ذلك تلقت الجبهة ضربة أخرى بسبب توقف الملك فيصل بن عبدالعزيز عن دعم الجبهة لتخوفه من الأهداف الثورية للجبهة على أنظمة الحكم الوراثية المحافظة في الخليج العربي.وقد أعطت تلك الأحداث السلطان سعيد تفوقا تكتيكيا و مساحة أكبر لتنفس الصعداء.
ومع أنحسار الأمبراطورية البريطانية و تصاعد الثورات في مستعمرات بريطانيا السابقة و خصوصا عدن مع ظهور الجبهة الوطنية للتحرير في اليمن الجنوبي التي كانت تتخذ مبادئها من ثورة أكتوبر للينين Lenin ، و تسلمها السلطة فيما سمي حينها بالجمهورية الشعبية لجنوب اليمن، زادت عزلة السلطان سعيد تيمور و توجسه من أن تنقل الجبهة الوطنية للتحرير في عدن مبادئها الماركسية و تمنح مساعداتها العسكرية إلى جبهة تحرير ظفار.وشاءت الأقدار أن يحدث ذلك، فقد قامت جبهة تحرير ظفار، وقد ظهرت تلك الاتجاهات واضحة عند انعقاد المؤتمر الثاني الذي عقدته الجبهة في حمرين في سبتمبر 1968م حيث تبنت برنامجا ماركسيا لينينيا . (2)
وكذلك اتخذ المؤتمر قرارا بعدم اقتصار الثورة على ظفار وانا امتدادها الى رحاب الخليج ومن ثم عمدت الى تغيير أسمها من الجبهة الشعبية لتحرير ظفار إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل (3)" PFLOAG
وهكذا أصبحت الجبهة مسيسه كاملا على عقائد الجناح اليساري.
عند نهاية 1969 عاد قادة العصابات و السياسيين من مدرسة " أعداء الأمبريالة" في بكين، و دخلوا ظفار مع 15 مجموعة من المسلحين و المؤهلين عسكريا. قامت المجموعات بشن هجمات منظمة على قوات السلطان و التي بدورها كانت تنصب مجموعات مسلحة من مسقط على الحدود لمنع خروقات جديدة.ومع تغير نوع الحرب و دخول أطراف غريبة على جبهة تحرير ظفار، تقلص الدعم الشعبي للجبهة بسبب تقارير عن وحشيتهم في معاملة أهالي بعض القرى.مع ذلك رفض السلطان سعيد إرسال المزيد من الدعم المادي او العسكري للقضاء على الجبهه ظنا منه أن القتال هو تمرد قبلي مشابه لما حصل في الجبل الأخضر و المسألة هي مجرد وقت و ستنتهي الثورة. لكن الأحداث القادمة أثبتت سوء تقدير السلطان سعيد في حكمه على الجبهه.ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): رياض نجيب الريس ، ظفار ، قصة الصراع السياسي والعسكري في الخليج العربي 1970-1976، لندن ، ص73.
(2): د. جمال زكريا قاسم، مرجع سبق ذكره، ص 147
(3):رياض نجيب الريس، مرجع سبق ذكره، ص80
وفي 23 سبتمبر 1969، تمكن المتمردون من دخول المدينة الساحلية رخيوت مع مقاومة ضئيلة. و تم أعدام واليها حامد بن سعيد بعد محاكمة عسكرية وذلك بعد أدانته بأنه بالخيانة للوطن والعمالة لبريطانيا.(1)وقتل معه معظم الرجال في المدينة.ومع تواصل هطول الأمطار الموسمية، و غياب القوات الحكومية، تمكنت الجبهة من التوغل داخل ظفار و زرع الألغام في الطريق المؤدي إلى ثمريت و عاصمة المحافظة صلالة، و قامت الجبهة بشن هجمات بالأسلحة الآلية و مدافع الهاون على قوافل جيش السلطان.و قامت الجبهة في صيف العام القادم بأحتلال حبروت و تدمير القلعة اتي كان السلطان قد أمر ببنائها منذ ما يقارب العامين. وهكذا تتابعت هجمات الجبهة على نحو الكر و الفر و الأنسحاب إلى حدود اليمن الجنوبي.عند ذلك قام الطيران البريطاني بشن غارة جوية على مدينة حنوف (هنوف) داخل حدود اليمن، وجهت فيها ضربات موجعة للجبهة و قامت بتدمير "المدرسة الثورية للتدريب" التي تخرج منها العديد من أعضاء الجبهة.برغم الأنتصار المحدود لقوات السلطان إلا أن قوات السلطان بدأت تواجه موقفا صعبا جدا، مع وجود ما يقارب 5000 مقاتل للجبهة مقارنة بما لا يزيد عن 1000 مقاتل من جيش السلطان و ذلك في عام 1969. لهذا و في أكتوبر 1969 أصدر السلطان سعيد أوامره بشراء طائرات عمودية وزيادة صفوف الفصيل الرابع في الجيش.وتزامنت التحديثات العسكرية لجيش السلطان مع أكتشاف عناصر جديده في حرب ظفار وهو اتحاد الجمهوريات الأشتراكية السوفيتية.وجاءت تقارير المخابرات الحكومية أن الأتحاد السوفييتي و عن طريق سفارته في عدن قد قرر دخول الحرب بسبب الوجود الصيني مع الجبهة و لمنع أستحواذ الصين على مجريات الأحداث في منطقة مهمة من العالم كالخليج العربي. وبهذا التدخل فقد حصلت الجبهة على دعم عسكري عظيم و أسلحة في غاية التقدم.
وفي ذلك الوقت أنتقلت حرب العصابات إلى شمال عمان في 12 يونيو 1970، عندما قامت مجموعة جديدة بأسم "الجبهة الوطنية الديموقراطية لتحرير الخليج العربي المحتل" التي أسسها عمانيون كانوا في بغداد. هاجمت الجبهة معسكرا للجيش في إزكي و من ثم ردع الهجوم من قبل قوات السلطان، ألا أن الهجوم كان له أثرا معنويا كبيرا في الحركات الثورية المناهضة و قدرتها على شن هجوم جرئ و مباغت.وبعد ألقاء القبض على بعض أعضاء الجبهة الجديدة ، تمت الأغارة على بيت في مطرح و العثور على أسلحة متطورة. بعد ذلك قرر أعضاء لجبهة الأنضمام إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل" PFLOAG.
ورغم الامدادت البريطانية فقد كانت قوة السلطنة في وضع دفاعي أكثر من كونه وضعا هجوميا اذ لم يكن السلطان يسيطر على أكثر من مدينة صلالة والتي أحاطها بأسوار من الأسلاك الشائكة وكان سلاح الجو الملكي البريطاني يقوم بحماية مطارها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): محمد سعيد العمري ، مرجع سبق ذكره، ص123
3-الحرب في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم :
بعد تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في 23 يوليو 1970م ، اثر حركة سلمية أدت الى ازاحة والده السلطان سعيد بن تيمور عن الحكم و كبادرة من جلالتة لأنهاء حرب ظفار، قام جلالته في اول سبتمبر 1970 بأعلان العفو العام عن جميع المتمردين ووعده اي ظفاري مشترك في حركة التمرد بعاملة حسنة ، ووعد كذلك بتحقيق مطالب المتمردين الرئيسية وفق برنامج اصلاحي اجتماعي(1).
وقد تزامنت مبادرة العفو التي طرحها جلالة السلطان مع أختلافات قبلية في الجبهة. حيث أعلنت بعض القبائل أن هدفها الأصلي كان من أجل تغيير أجتماعي في البلاد و لم يكن سياسيا. هذا الأختلاف نتج عنه حملة أعدامات جماعية في حق عدد من أعضاء الجبهة قدر عددهم ب 300 عضوا في عام 1970. و قدمت في نفس الفترة أكبر هدية للجيش السلطاني و ذلك بقيام مسلم بن نفل بتسليم نفسه الى قوات السلطان.تزايدت الأغتيالات في صفوف الجبهة حيث تم تنفيذ أحكام العدام على مجموعة كبيرة من الظفاريين وصلت الى مايقرب من 40 شخصاورغم ذلك فقد تزايد عدد الأعضاء الذين قرروا الأستفادة من عرض العفو المقدم من جلالة السلطان قابوس.كان الأعضاء الذي يستسلمون للجيش السلطاني يجلبون معهم أسلحتهم، ومن ثم أنضم هؤلاء إلى ما يسمى بالفرق الوطنية لمحاربة قادتهم السياسيين في الجبهة وبلغ عددهم إلى ما يقارب 2000 مقاتلا .
ومن اهم الثوار الذين سلموا أنفسهم وسلاحهم مسلم بن نفل الذي كان واحد من مؤسسي الجبهة ولم يلبث هؤلاء ان انخرطوا في القوات السلطانية ضد قيادات الجبهة (2) لم تكن الوسائل السلمية التي لجأ اليها السلطان قابوس كافية وحدها لقمع حركة التمرد ولذلك اتجه السلطان الى استخدام الاسلوب العسكري والذي كان اكثر حسما في قمع الحركة من أساسها.
وقد استغل السلطان قابوس خبراته القتالية من توليه عرش السلطنة لاعادة تنظيم قواته الدفاعيه التي زاد من عددها وأصلح معداتها واستخدم رجال القبائل الموالية له بدلا من المرتزقة من عناصر البلوش والزديجلوس ، كما وجه اهتماما خاصا بسلاحه الجوي واستقدم ضباطا انجليزيين وباكستانيين من اجل لك.
وكان الدافع من وراء الاهتمام أولاه السلطان قابوس لقواته الدفاعيه كان يرجع الى تصاعد العمليات العسكرية التي قام بها الثوار ، حيث لم تكد تمضي بضعة أشهر على تقلده الحكم حتى أحرزوا انتصارات حاسمة على قوات السلطنة التي اضطرت الى التراجع وراء الأسلاك الشائكة التي كانت تحيط بمدينة صلالة عاصمة الاقليم تاركة الجبال والسهول في أيدي الثوار ، غير أن الفترة الموسمية بما يكتنفها من ضباب وأمطار ساعدت قوات السلطنة مع بداية عام 1972م على تعزيز امداداتها ومراكز اتصالاتها اللاسلكية الى جانب تخلي بعض العناصر عن الجبهة استجابة للعفو الذي أعلنه السلطان قابوس عند تسلمه الحكم .(3 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د. جمال زكريا قاسم، مرجع سبق ذكره، ص 156
(2): المرجع نفسه ، ص157
(3): المرجع نفسه ، ص159
* محاولة الانقلاب واغتيال السلطان قابوس 1972م:بعد الهزائم التي منيت بها الجبهة توجهت الى التخطيط لانقلاب في نظام الحكم في السلطنة ، وقد تم التخطيط للانقلاب في العر اق في اكتوبر 1972م عن طريق بعض العناصر التي أوفدتها الجبهة الى هناك بالاضافة الى بعض أعضاء المكتب السياسي في اليمن الجنوبي ، وقد تم تحديد موعد الانقلاب في 31 ديسمبر 1972م.
غير أن هذه المحاولة انتهت بالفشل الذريع وتم القبض على العديد من عنصر الجبهة ، وكشفت التحقيقات التي أجريت بشأنها أن المؤامرة كانت تستهدف القيام بحملة اغتيالات تستهدف السلطان ومستشاريه وضباط الجيش والولاة وكبار التجار .
وكشفت التحقيقات كذلك عن امتداد التنظيمات السرية الى دولة الامارات حيث تم اكتشاف عناصر معارضة داخل القوات الدفاعية للدولة . (1)
وقد قامت السلطنة آثر هذه المحاولة الانقلابية بحركة اعتقالات شملت عشرات المنتمين للجبهة بلغ عددهم 77 متهما قدموا للمحاكمة في يناير 1973م ، حيث صدرت أحكام الاعدام على 10 منهم بينما صدرت أحكام بالسجن المؤبد أو لمدد مختلفة بالنسبة لبقية المتهمين.
وبعد هذه الأحداث وفي أغسطس 1974م قامت الجبهة بعقد مؤتمر طارىء لها تم فيه تغيير اسم الجبهة من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي الى الجبهة الشعبية لتحرير عمان فقط ، وكان الهدف من ذلك مهادنة دول الخليج العربي وخاصة الكويت . (2)
4- دور الدول الاقليمية في الحرب :
أ- ايران ( دعم قوات السلطان عسكريا):
قام السلطان قابوس في شهر اكتوبر عام 1971م بزيارة رسمية الى ايران للمشاركة في الاحتفالا ت البتي اقامها البشاه بمناسبة مرور 2500 سنة على عرش الطاؤوس في بلاد فارس ، فالتقى بشاه ايران محمد رضا بهلوي ، وقد طلب السلطان قابوس مساعدة الشاه له لمواجهة الثوار ، وقد أبدى الشاه لستعداده للمساهمة بما لدى ايران من امكانات عسكرية والوقوف الى جانب قوات السلطان في حربها ضد الثوار .
وكان من أهم الدوافع التي دفعت الشاه لالى التدخل في الحرب هو طموحه في أن يحل محل بريطانيا كحام للمنطقة بعد انسحابها منها عاد 1971م ، وخشيته من تعرض مضيق هرمز للخطر في حالة نجاح الثورة في اقامة نظام راديكالي في عمان وما قد يؤدي اليه ذلك من تهديد لأمن الخليج وتجارة النفط .
وفي يوليو 1972م أرسل السلطان قابوس وفدا رسميا الى ايران برئاسة السيد ثويني بن شهاب وتم التوصل الى وضع اتفاقية التدخل العسكري الايراني في السلطنة مستقبلا عند الطلب للقضاء على الثورة المسلحة.
وفي 30 نوفمبر 1973م وصلت الى السلطنة أولى طلائع القوات الايرانية التي بلغت ما يقدر بثلاثة الآلآف عسكري ايراني . (3)ورغم عدم رضا الدول العربية عن التدخل الايراني الا أن السلطان قابوس كان مضطرا لقبول المساعدة الايرانية نظرا لضعف تسليح الجيش العماني وتخاذل الدول العربية عن دعم السلطنة ودعم بعضها لجبهة تحرير ظفار ، بالاضافة الى امتلاك ايران ترسانة ضخمة من الأسلحة الحديثة ، وبالفعل كانت المساعدة الايرانية مؤثرة في قمع الثورة في ظفار .
a. اليمن الجنوبي ( الداعم الأول للثوار):
أخذت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عاتقها مهمة دعم الثوار في ظفار وذلك منذ استقلالها سنة 1967م عن بريطانيا ، ويعد الانتماء المشترك للجبهة القومية في اليمن الجنوبي والجبهة الشعبية لتحرير ظفار الى الجناح اليساري في حركة القوميين العرب عاملا مهما في دعم علاقاتها وتوطيدها .
وقد ساهمت اليمن الجنوبي في دعم الثوار سياسيا فأعلنت استعدادها لتقديم كل الدعم للمعارضة العمانية باعتبار أن ذلك جزء من أهدافها الوطنية . (4)
وعسكريا وفرت اليمن الجنوبي قواعد للجبهة في كل من حوف والغيظة والمكلا وعدن اضافة الى وسائل التدريب العسكري ، بالاضافة الى تحمل حكومة اليمن الجنوبي جزءا كبيرا من ميزانية الجبهة ، كما كانت أغلب الوسائل الاعلامية للجبهة تقع على الأراضي اليمنية فمحطة الاذاعة في المكلا وصحيفة صوت الشعب في عدن هذا بالاضافة الى ما تقدمه وسائل الاعلام اليمنية من دعم واعلام .(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): جمال زكريا قاسم ، مرجع سبق ذكره ، ص161
(2): المرجع نفسه ، الصفحة نفسها.
(3):محمد سعيد العمري ، مرجع سبق ذكره، ص217
(4): المرجع نفسه،ص222
(5): رياض نجيب الريس ، مرجع سبق ذكره، ص 114
5-نهاية الحرب (1975م):
بدا ببداية عام 1975م أن الثوار باتوا غير قادرين على مواجهة قوات السلطان المدعومة بالقوات الايرانية على جميع جبهات القتال " فالأول مرة منذ اندلاع الثورة في ظفار عام 1965 سيطرت القوات الحكومية على سلسلة الجبال في فترة الأمطار الموسمية فقد استطاعت قوات السلطان والقوات الصديقة لها انشاء مزيد من المواقع الى الغرب من خط " داما فاند " الذي أقامه الايرانيون بعد سيطرتهم على مدينة رخيوت .(1)
وبنهاية فصل الخريف بدأت قوات السلطان بمحاولة ثالثة لاستعادة كهوف شرشيتي ونجحت العملية بعد مقاومة مستميتة من جيوب الثوار المنتشرة في المنطقة واستولت القوات الحكومية على كميات كبيرة من المؤن والأسلحة والذخيرة كانت بداخل تلك الغارات الجبلية
وفي نوفمبر 1975م زحفت قوات السلطان الموجودة في صرفيت شرقا للالتقاء بالقوات القادمة من شرشيتي غربا ، وفي اول ديسمبر استعادت قوات السلطان بلدة ضلكوت الساحلية دون مقاومة تذكر ـ ولأول مرة منذ 10 أعوام أصبح كل أقليم ظفار تحت سيطرة الحكومة . (2)
هذا على جبهة القتال ،أما على الجانب السياسي فقد توصلت السلطنة واليمن الجنوبي برعاية سعودية الى اتفاق ينهي الخلافات القائمة فيما بينهما وكان ذلك في 11 مارس 1976م " وليس من شك أن التوصل الى تلك الاتفاقية كان يعني انهاء اليمن الجنوبي دعمها للثوار، وقد ترتب على ذلك انهيار واضح في موقفها وأدى الى استسلام العديد من قياداتها للسلطنة كان من أبرزهم عمر بن سليم العمري المكنى بأرض الخير ،وكان من القادة المتنفذين في الجبهة منذ عام 1970م وكان نفوذه قويا بين الثوار ، وحين سئل عن سبب استسلامه أجاب بأنه لم يكن أمام الجبهة أي هدف تناضل من آجله وأنه ورفاقه تبين لهم أخيرا بأنهم لم يكونول أكثر من مخالب سياسية في أيدي اليمن الجنوبي".(3)
وهكذا لم يمض عام 1976م حتى تمت تمت التصفية النهائية للثورة في ظفار، " وكان من الطبيعي بعد القضاء على الحركة أن يعلن السلطان قابوس في العيد الوطني السادس للسلطنة في نوفمبر 1976م دمج اقليم ظفار في سلطنة عمان ، حيث قال : "
التي أصبحت تتمتع منذ ذلك الوقت بالوحدة والاستقرار" . (4)
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) : رياض نجيب الريس ، مرجع سابق، ص 146
(2) : محمد سعيد العمري،مرجع سابق ، ص234-235
(3) : جمال زكريا قاسم ، مرجع سابق ، ص168-169
(4) : المرجع نفسه ، الصفحة نفسها.
الخاتمة
تناولنا في بحثنا هذا ثورة ظفار ابتداء من قيامها عام 1965م حتى انتهائها في 1975م ، وقد تعرفنا من خلال هذا البحث الى العديد من الحقائق والمعلومات الهامة عن تاريخ عمان المعاصر من خلال الثورة والحقبة الزمنية التي واكبتها ، وقد تبين لنا أن الأسباب التي ولدت الثورة الظفارية تتمثل في الرغبة من التخلص من ثالوث التخلف (الفقر ، المرض ، الجهل) والذي كان يسود عمان ابان حكم السلطان سعيد بن تيمور .
وقد استطاعت الجبهة في بداياتها أن تحقق العديد من النجاحات ، حيث استقطبت الى صفها السكان في ظفار والعديد من الدول المتعاطفة معها ، وتمكنت من السيطرة على العديد من المدن والقرى في ظفار ، ولكن بعد تبني الجبهة للماركسية كعقيدة لها
عقب مؤتمر حمرين عام 1968م حصل انشقاق في صفوفها وخاصة من قادة الجبهة الرافضين للشيوعية والذين أصبحوا من معارضيها، وكذلك واجه الأهالي اتجاه الجبهة لنشر الماركسية في المجتمع الظفاري وذلك نتيجة طبيعية لـتأصل الفكر الاسلامي الحنيف في قلوب العمانيين وبذلك فقدت الجبهة الدعم الشعبي لها
وقد استطاع السلطان قابوس- بعد توليه الحكم في عمان في 23 يوليو 1970م – أن يستثمر هفوات الجبهة هذه لصالح موقفه فواجه الشيوعية بالاسلام وقابل قوانين الجبهة الصارمة والاعدامات بالعفو والتسامح مع الجميع مما جعل العديد من قادة الجبهة وأعضائها ينضمون الى صفوف السلطان ويقاتلون رفقاء الأمس .
ومن الأسباب التي أدت الى انتصار السلطان قابوس على الثوار سياسته الحكيمة في استقطاب عطف الدول الخليجية وايران الى جانبه في مواجهة الثوار والذين أعلنوا العداء لهذه الأنظمة ، وكذلك اتجاهه الى عزل اليمن الجنوبي – الداعم الأول للثوار- وبالتالي اضعاف الجبهة حتى انهارت تماما عام 1975م ، وتم بذلك تطهير عمان ومنطقة الخليج العربي من الشيوعية ، وتحقق للسطان قابوس مالم يتحقق لغيره من سلاطين عمان حيث لم يسبق أن توحدت عمان من أقصى مسندم شمالا الى ضلحوت جنوبا بنفس الوحدة التي أصبحت عليها بعد نهاية الحرب في ظفار .
وفي ختام بحثي هذا أسأل المولى القدير التوفيق والصلاح ،،،،،
http://qal3ataltareekh.blogspot.com/2008/12/1965-1975.html
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى المبعوث رحمة للعالمين وهداية للثقلين فأدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة فأنار قلوبا بالإيمان وأحيا نفوسا بالإسلام والصلاة والسلام على أصحابه الكرام ،أما بعد ,,,
تعد ثورة ظفار التي انطلقت منذ عام 1965م واحدة من أطول الثورات العربية ، حيث امتدت زهاء ما يقارب عشرة أعوام، وقد واكبت حقبة الثورات التحررية من الاستعمار العالمي والتي شهدتها المنطقة العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين .
ونظرا لأهمية ثورة ظفار في التاريخ العماني المعاصر والنتائج التي ترتبت على قيامها على المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في عمان ، فقد توجهت الى اختيار ثورة ظفار (1965-1975م) كموضوع لبحثي .
وسيتضمن البحث النقاط التالية :-
1- أسباب الثورة وقيامها (1965م).
2- الثورة في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1965-1970م).
3- الثورة في عهد السلطان قابوس بن سعيد (1970-1975م).
4- دور الدول الاقليمية في الحرب .
5- نهاية الحرب (1975م).
1- أسباب الثورة وقيامها:-
تتعد الأسباب التي أدت الى قيام الثورة في ظفار على حكم السلطان سعيد بن تيمور ، وكان أهمها حالة التخلف التي سادت سلطنة مسقط وعمان بشكل عام واقليم ظفار بشكل خاص ، وكثرة الممنوعات والمعاناة من ضرائب السلطان الباهظة التي أثقلت كاهل العمانيين.
" وكانت عمان معزولة عن العالم الخارجي والمحيط الاقليمي وحتى العزلة الداخلية بين مناطق السلطنة ذاتها ، وبعدما تعرف المهاجرون الظفاريون على أنماط المعيشة المختلفة في دول الخليج التي يعملون بها والراقية قياسا بالوضع في عمان خلقت لديهم الرغبة الجامحة في التغيير ".
كما ان الأوضاع التي عاشتها المنطقة آنذاك وانتشار المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر أدى الى تأثر أبناء الأمة العربية ومن ضمنهم الظفاريين بأفكار القومية العربية المنادية بالوحدة والتحرر من الاستعمار ومقاومته بشتى الوسائل ، مما ولد لدى الظفاريين النزعة نحو الثورة ضد الوجود البريطاني في عمان.
كل هذه العوامل ساعدت على قيام الثورة في ظفار ، والتي عمل الظفاريون على تنفيذها من خلال تشكيل تنظيمات سرية متعددة كان لها دوافع وانتمائات مختلفة ، فبعضها كان قوميا عربيا هدفه مقاومة الامبريالية البريطانية وتمثل في التنظيم المحلي لحركة القوميين العرب.
والآخر كانهدفه تحسين الأوضاع الاجتماعية في عمان وتمثل في الجمعية الخيرية الظفارية .
أما المجموعة الثالثة فقد كان هدفها غير واضح وكانت تدعى " منظمة جنود ظفار" وكانت تتكون من عناصر الجنود العمانيين السابقين وعناصر من الشرطة كانوا يعملون في الامارات الساحلية .
* اعلان الثورة (1965م):
تنسب الرصاصة الأولى في ثورة إلى مسلم بن نفل الذي كان يعمل في مزرعة قصر السلطان سعيد بن تيمور والذي كان لاقصاءه من عمله في القصر السلطاني في عام 1963 أثر في شعوره المناهض للسلطان سعيد، و عمق ذلك الشعور وجود فريق أجنبي للتنقيب عن النفط في المناطق التي تقطن فيها قبيلته.مع وجود تقارير بأعتداءات بسيطه على قاعدة السلاح الجوي البريطاني في عام 1962 إلا إن أول طلقة مسجلة إيذانا ببدء حرب ظفار كانت في أبريل 1963 من خلال هجوم مسلح على حافلات شركة نفط، خطط له و قام بقيادته مسلم بن نفل.(3)بعدها لجأ مسلم بن نفل مع 30 رجلا من جماعته إلى المملكة العربية السعودية و قام بالأتصال بالأمام غالب بن علي الهنائي، مدعوما بالمال السعودي، أنضم نفل إلى مجموعة أخرى من المناهضين الظفاريين، و رحلوا إلى العراق التي كانت تحكم من قبل النظام البعثي حيث تلقوا تدريبا على حرب العصابات.وفي صيف 1964 رجعت المجموعة بقيادة نفل إلى ظفار مع وعود من الحكومة السعودية بزيادة الدعم المالي و العسكري. و لم يقتصر الدعم على السعودية، بل كان أيضا من الكويت و جمهورية مصر العربية، و دعت تلك الدول المجموعات الظفارية المناهضة إلى توحيد جهودهم في جبهة واحدة.ولم يلبث عام 1965م أن شهد اعلان قيام الجبهة الشعبية لتحرير ظفار حيث عقد مؤتمر شعبي في 9 يونيو من نفس العام وانتهت جلساته باعلان قيام الثورة الظفارية .
حيث دعا البيان الظفاريين إلى الأنضمام إلى الجبهة من أجل تحرير الوطن من حكم السلطان سعيد بن تيمور وتحرير البلاد من البطالة والفقر والجهل واقامة حكم وطني ديمقراطي (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)د. جمال زكريا قاسم، تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر ، المجلد الخامس،دار الفكر العربي، ط1 ، مدينة نصر ، 1996م ، ص145.
وهكذا بدأت حرب ظفار بين عمليات الكر و الفر التي أستخدمتها الجبهة ضد أهداف السلطان سعيد بن تيمور بين عامي 1965 و 1967.
2-الحرب في عهد السلطان سعيد بن تيمور:
في 28 ابريل 1966 وقعت محاولة لاغتيال السلطان سعيد حين كان يستعرض حرسه الخاص والذي كان يوجد به بعض الظفاريين المنتمين للجبهة ، وبعد هذه الحادثة احتجب السلطان سعيد عن الظهور الأمر الذي جعل العمانيين يعتقدون انه قتل وان السلطات البريطانية هي التي اصبحت تدير شؤون السلطنة(1).
إلا أنهم تلقوا هزائم متكررة و ضغوط شديدة من قبل قوات السلطان حتى ربيع 1967.إلى جانب ذلك تلقت الجبهة ضربة أخرى بسبب توقف الملك فيصل بن عبدالعزيز عن دعم الجبهة لتخوفه من الأهداف الثورية للجبهة على أنظمة الحكم الوراثية المحافظة في الخليج العربي.وقد أعطت تلك الأحداث السلطان سعيد تفوقا تكتيكيا و مساحة أكبر لتنفس الصعداء.
ومع أنحسار الأمبراطورية البريطانية و تصاعد الثورات في مستعمرات بريطانيا السابقة و خصوصا عدن مع ظهور الجبهة الوطنية للتحرير في اليمن الجنوبي التي كانت تتخذ مبادئها من ثورة أكتوبر للينين Lenin ، و تسلمها السلطة فيما سمي حينها بالجمهورية الشعبية لجنوب اليمن، زادت عزلة السلطان سعيد تيمور و توجسه من أن تنقل الجبهة الوطنية للتحرير في عدن مبادئها الماركسية و تمنح مساعداتها العسكرية إلى جبهة تحرير ظفار.وشاءت الأقدار أن يحدث ذلك، فقد قامت جبهة تحرير ظفار، وقد ظهرت تلك الاتجاهات واضحة عند انعقاد المؤتمر الثاني الذي عقدته الجبهة في حمرين في سبتمبر 1968م حيث تبنت برنامجا ماركسيا لينينيا . (2)
وكذلك اتخذ المؤتمر قرارا بعدم اقتصار الثورة على ظفار وانا امتدادها الى رحاب الخليج ومن ثم عمدت الى تغيير أسمها من الجبهة الشعبية لتحرير ظفار إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل (3)" PFLOAG
وهكذا أصبحت الجبهة مسيسه كاملا على عقائد الجناح اليساري.
عند نهاية 1969 عاد قادة العصابات و السياسيين من مدرسة " أعداء الأمبريالة" في بكين، و دخلوا ظفار مع 15 مجموعة من المسلحين و المؤهلين عسكريا. قامت المجموعات بشن هجمات منظمة على قوات السلطان و التي بدورها كانت تنصب مجموعات مسلحة من مسقط على الحدود لمنع خروقات جديدة.ومع تغير نوع الحرب و دخول أطراف غريبة على جبهة تحرير ظفار، تقلص الدعم الشعبي للجبهة بسبب تقارير عن وحشيتهم في معاملة أهالي بعض القرى.مع ذلك رفض السلطان سعيد إرسال المزيد من الدعم المادي او العسكري للقضاء على الجبهه ظنا منه أن القتال هو تمرد قبلي مشابه لما حصل في الجبل الأخضر و المسألة هي مجرد وقت و ستنتهي الثورة. لكن الأحداث القادمة أثبتت سوء تقدير السلطان سعيد في حكمه على الجبهه.ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): رياض نجيب الريس ، ظفار ، قصة الصراع السياسي والعسكري في الخليج العربي 1970-1976، لندن ، ص73.
(2): د. جمال زكريا قاسم، مرجع سبق ذكره، ص 147
(3):رياض نجيب الريس، مرجع سبق ذكره، ص80
وفي 23 سبتمبر 1969، تمكن المتمردون من دخول المدينة الساحلية رخيوت مع مقاومة ضئيلة. و تم أعدام واليها حامد بن سعيد بعد محاكمة عسكرية وذلك بعد أدانته بأنه بالخيانة للوطن والعمالة لبريطانيا.(1)وقتل معه معظم الرجال في المدينة.ومع تواصل هطول الأمطار الموسمية، و غياب القوات الحكومية، تمكنت الجبهة من التوغل داخل ظفار و زرع الألغام في الطريق المؤدي إلى ثمريت و عاصمة المحافظة صلالة، و قامت الجبهة بشن هجمات بالأسلحة الآلية و مدافع الهاون على قوافل جيش السلطان.و قامت الجبهة في صيف العام القادم بأحتلال حبروت و تدمير القلعة اتي كان السلطان قد أمر ببنائها منذ ما يقارب العامين. وهكذا تتابعت هجمات الجبهة على نحو الكر و الفر و الأنسحاب إلى حدود اليمن الجنوبي.عند ذلك قام الطيران البريطاني بشن غارة جوية على مدينة حنوف (هنوف) داخل حدود اليمن، وجهت فيها ضربات موجعة للجبهة و قامت بتدمير "المدرسة الثورية للتدريب" التي تخرج منها العديد من أعضاء الجبهة.برغم الأنتصار المحدود لقوات السلطان إلا أن قوات السلطان بدأت تواجه موقفا صعبا جدا، مع وجود ما يقارب 5000 مقاتل للجبهة مقارنة بما لا يزيد عن 1000 مقاتل من جيش السلطان و ذلك في عام 1969. لهذا و في أكتوبر 1969 أصدر السلطان سعيد أوامره بشراء طائرات عمودية وزيادة صفوف الفصيل الرابع في الجيش.وتزامنت التحديثات العسكرية لجيش السلطان مع أكتشاف عناصر جديده في حرب ظفار وهو اتحاد الجمهوريات الأشتراكية السوفيتية.وجاءت تقارير المخابرات الحكومية أن الأتحاد السوفييتي و عن طريق سفارته في عدن قد قرر دخول الحرب بسبب الوجود الصيني مع الجبهة و لمنع أستحواذ الصين على مجريات الأحداث في منطقة مهمة من العالم كالخليج العربي. وبهذا التدخل فقد حصلت الجبهة على دعم عسكري عظيم و أسلحة في غاية التقدم.
وفي ذلك الوقت أنتقلت حرب العصابات إلى شمال عمان في 12 يونيو 1970، عندما قامت مجموعة جديدة بأسم "الجبهة الوطنية الديموقراطية لتحرير الخليج العربي المحتل" التي أسسها عمانيون كانوا في بغداد. هاجمت الجبهة معسكرا للجيش في إزكي و من ثم ردع الهجوم من قبل قوات السلطان، ألا أن الهجوم كان له أثرا معنويا كبيرا في الحركات الثورية المناهضة و قدرتها على شن هجوم جرئ و مباغت.وبعد ألقاء القبض على بعض أعضاء الجبهة الجديدة ، تمت الأغارة على بيت في مطرح و العثور على أسلحة متطورة. بعد ذلك قرر أعضاء لجبهة الأنضمام إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل" PFLOAG.
ورغم الامدادت البريطانية فقد كانت قوة السلطنة في وضع دفاعي أكثر من كونه وضعا هجوميا اذ لم يكن السلطان يسيطر على أكثر من مدينة صلالة والتي أحاطها بأسوار من الأسلاك الشائكة وكان سلاح الجو الملكي البريطاني يقوم بحماية مطارها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): محمد سعيد العمري ، مرجع سبق ذكره، ص123
3-الحرب في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم :
بعد تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في 23 يوليو 1970م ، اثر حركة سلمية أدت الى ازاحة والده السلطان سعيد بن تيمور عن الحكم و كبادرة من جلالتة لأنهاء حرب ظفار، قام جلالته في اول سبتمبر 1970 بأعلان العفو العام عن جميع المتمردين ووعده اي ظفاري مشترك في حركة التمرد بعاملة حسنة ، ووعد كذلك بتحقيق مطالب المتمردين الرئيسية وفق برنامج اصلاحي اجتماعي(1).
وقد تزامنت مبادرة العفو التي طرحها جلالة السلطان مع أختلافات قبلية في الجبهة. حيث أعلنت بعض القبائل أن هدفها الأصلي كان من أجل تغيير أجتماعي في البلاد و لم يكن سياسيا. هذا الأختلاف نتج عنه حملة أعدامات جماعية في حق عدد من أعضاء الجبهة قدر عددهم ب 300 عضوا في عام 1970. و قدمت في نفس الفترة أكبر هدية للجيش السلطاني و ذلك بقيام مسلم بن نفل بتسليم نفسه الى قوات السلطان.تزايدت الأغتيالات في صفوف الجبهة حيث تم تنفيذ أحكام العدام على مجموعة كبيرة من الظفاريين وصلت الى مايقرب من 40 شخصاورغم ذلك فقد تزايد عدد الأعضاء الذين قرروا الأستفادة من عرض العفو المقدم من جلالة السلطان قابوس.كان الأعضاء الذي يستسلمون للجيش السلطاني يجلبون معهم أسلحتهم، ومن ثم أنضم هؤلاء إلى ما يسمى بالفرق الوطنية لمحاربة قادتهم السياسيين في الجبهة وبلغ عددهم إلى ما يقارب 2000 مقاتلا .
ومن اهم الثوار الذين سلموا أنفسهم وسلاحهم مسلم بن نفل الذي كان واحد من مؤسسي الجبهة ولم يلبث هؤلاء ان انخرطوا في القوات السلطانية ضد قيادات الجبهة (2) لم تكن الوسائل السلمية التي لجأ اليها السلطان قابوس كافية وحدها لقمع حركة التمرد ولذلك اتجه السلطان الى استخدام الاسلوب العسكري والذي كان اكثر حسما في قمع الحركة من أساسها.
وقد استغل السلطان قابوس خبراته القتالية من توليه عرش السلطنة لاعادة تنظيم قواته الدفاعيه التي زاد من عددها وأصلح معداتها واستخدم رجال القبائل الموالية له بدلا من المرتزقة من عناصر البلوش والزديجلوس ، كما وجه اهتماما خاصا بسلاحه الجوي واستقدم ضباطا انجليزيين وباكستانيين من اجل لك.
وكان الدافع من وراء الاهتمام أولاه السلطان قابوس لقواته الدفاعيه كان يرجع الى تصاعد العمليات العسكرية التي قام بها الثوار ، حيث لم تكد تمضي بضعة أشهر على تقلده الحكم حتى أحرزوا انتصارات حاسمة على قوات السلطنة التي اضطرت الى التراجع وراء الأسلاك الشائكة التي كانت تحيط بمدينة صلالة عاصمة الاقليم تاركة الجبال والسهول في أيدي الثوار ، غير أن الفترة الموسمية بما يكتنفها من ضباب وأمطار ساعدت قوات السلطنة مع بداية عام 1972م على تعزيز امداداتها ومراكز اتصالاتها اللاسلكية الى جانب تخلي بعض العناصر عن الجبهة استجابة للعفو الذي أعلنه السلطان قابوس عند تسلمه الحكم .(3 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):د. جمال زكريا قاسم، مرجع سبق ذكره، ص 156
(2): المرجع نفسه ، ص157
(3): المرجع نفسه ، ص159
* محاولة الانقلاب واغتيال السلطان قابوس 1972م:بعد الهزائم التي منيت بها الجبهة توجهت الى التخطيط لانقلاب في نظام الحكم في السلطنة ، وقد تم التخطيط للانقلاب في العر اق في اكتوبر 1972م عن طريق بعض العناصر التي أوفدتها الجبهة الى هناك بالاضافة الى بعض أعضاء المكتب السياسي في اليمن الجنوبي ، وقد تم تحديد موعد الانقلاب في 31 ديسمبر 1972م.
غير أن هذه المحاولة انتهت بالفشل الذريع وتم القبض على العديد من عنصر الجبهة ، وكشفت التحقيقات التي أجريت بشأنها أن المؤامرة كانت تستهدف القيام بحملة اغتيالات تستهدف السلطان ومستشاريه وضباط الجيش والولاة وكبار التجار .
وكشفت التحقيقات كذلك عن امتداد التنظيمات السرية الى دولة الامارات حيث تم اكتشاف عناصر معارضة داخل القوات الدفاعية للدولة . (1)
وقد قامت السلطنة آثر هذه المحاولة الانقلابية بحركة اعتقالات شملت عشرات المنتمين للجبهة بلغ عددهم 77 متهما قدموا للمحاكمة في يناير 1973م ، حيث صدرت أحكام الاعدام على 10 منهم بينما صدرت أحكام بالسجن المؤبد أو لمدد مختلفة بالنسبة لبقية المتهمين.
وبعد هذه الأحداث وفي أغسطس 1974م قامت الجبهة بعقد مؤتمر طارىء لها تم فيه تغيير اسم الجبهة من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي الى الجبهة الشعبية لتحرير عمان فقط ، وكان الهدف من ذلك مهادنة دول الخليج العربي وخاصة الكويت . (2)
4- دور الدول الاقليمية في الحرب :
أ- ايران ( دعم قوات السلطان عسكريا):
قام السلطان قابوس في شهر اكتوبر عام 1971م بزيارة رسمية الى ايران للمشاركة في الاحتفالا ت البتي اقامها البشاه بمناسبة مرور 2500 سنة على عرش الطاؤوس في بلاد فارس ، فالتقى بشاه ايران محمد رضا بهلوي ، وقد طلب السلطان قابوس مساعدة الشاه له لمواجهة الثوار ، وقد أبدى الشاه لستعداده للمساهمة بما لدى ايران من امكانات عسكرية والوقوف الى جانب قوات السلطان في حربها ضد الثوار .
وكان من أهم الدوافع التي دفعت الشاه لالى التدخل في الحرب هو طموحه في أن يحل محل بريطانيا كحام للمنطقة بعد انسحابها منها عاد 1971م ، وخشيته من تعرض مضيق هرمز للخطر في حالة نجاح الثورة في اقامة نظام راديكالي في عمان وما قد يؤدي اليه ذلك من تهديد لأمن الخليج وتجارة النفط .
وفي يوليو 1972م أرسل السلطان قابوس وفدا رسميا الى ايران برئاسة السيد ثويني بن شهاب وتم التوصل الى وضع اتفاقية التدخل العسكري الايراني في السلطنة مستقبلا عند الطلب للقضاء على الثورة المسلحة.
وفي 30 نوفمبر 1973م وصلت الى السلطنة أولى طلائع القوات الايرانية التي بلغت ما يقدر بثلاثة الآلآف عسكري ايراني . (3)ورغم عدم رضا الدول العربية عن التدخل الايراني الا أن السلطان قابوس كان مضطرا لقبول المساعدة الايرانية نظرا لضعف تسليح الجيش العماني وتخاذل الدول العربية عن دعم السلطنة ودعم بعضها لجبهة تحرير ظفار ، بالاضافة الى امتلاك ايران ترسانة ضخمة من الأسلحة الحديثة ، وبالفعل كانت المساعدة الايرانية مؤثرة في قمع الثورة في ظفار .
a. اليمن الجنوبي ( الداعم الأول للثوار):
أخذت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عاتقها مهمة دعم الثوار في ظفار وذلك منذ استقلالها سنة 1967م عن بريطانيا ، ويعد الانتماء المشترك للجبهة القومية في اليمن الجنوبي والجبهة الشعبية لتحرير ظفار الى الجناح اليساري في حركة القوميين العرب عاملا مهما في دعم علاقاتها وتوطيدها .
وقد ساهمت اليمن الجنوبي في دعم الثوار سياسيا فأعلنت استعدادها لتقديم كل الدعم للمعارضة العمانية باعتبار أن ذلك جزء من أهدافها الوطنية . (4)
وعسكريا وفرت اليمن الجنوبي قواعد للجبهة في كل من حوف والغيظة والمكلا وعدن اضافة الى وسائل التدريب العسكري ، بالاضافة الى تحمل حكومة اليمن الجنوبي جزءا كبيرا من ميزانية الجبهة ، كما كانت أغلب الوسائل الاعلامية للجبهة تقع على الأراضي اليمنية فمحطة الاذاعة في المكلا وصحيفة صوت الشعب في عدن هذا بالاضافة الى ما تقدمه وسائل الاعلام اليمنية من دعم واعلام .(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): جمال زكريا قاسم ، مرجع سبق ذكره ، ص161
(2): المرجع نفسه ، الصفحة نفسها.
(3):محمد سعيد العمري ، مرجع سبق ذكره، ص217
(4): المرجع نفسه،ص222
(5): رياض نجيب الريس ، مرجع سبق ذكره، ص 114
5-نهاية الحرب (1975م):
بدا ببداية عام 1975م أن الثوار باتوا غير قادرين على مواجهة قوات السلطان المدعومة بالقوات الايرانية على جميع جبهات القتال " فالأول مرة منذ اندلاع الثورة في ظفار عام 1965 سيطرت القوات الحكومية على سلسلة الجبال في فترة الأمطار الموسمية فقد استطاعت قوات السلطان والقوات الصديقة لها انشاء مزيد من المواقع الى الغرب من خط " داما فاند " الذي أقامه الايرانيون بعد سيطرتهم على مدينة رخيوت .(1)
وبنهاية فصل الخريف بدأت قوات السلطان بمحاولة ثالثة لاستعادة كهوف شرشيتي ونجحت العملية بعد مقاومة مستميتة من جيوب الثوار المنتشرة في المنطقة واستولت القوات الحكومية على كميات كبيرة من المؤن والأسلحة والذخيرة كانت بداخل تلك الغارات الجبلية
وفي نوفمبر 1975م زحفت قوات السلطان الموجودة في صرفيت شرقا للالتقاء بالقوات القادمة من شرشيتي غربا ، وفي اول ديسمبر استعادت قوات السلطان بلدة ضلكوت الساحلية دون مقاومة تذكر ـ ولأول مرة منذ 10 أعوام أصبح كل أقليم ظفار تحت سيطرة الحكومة . (2)
هذا على جبهة القتال ،أما على الجانب السياسي فقد توصلت السلطنة واليمن الجنوبي برعاية سعودية الى اتفاق ينهي الخلافات القائمة فيما بينهما وكان ذلك في 11 مارس 1976م " وليس من شك أن التوصل الى تلك الاتفاقية كان يعني انهاء اليمن الجنوبي دعمها للثوار، وقد ترتب على ذلك انهيار واضح في موقفها وأدى الى استسلام العديد من قياداتها للسلطنة كان من أبرزهم عمر بن سليم العمري المكنى بأرض الخير ،وكان من القادة المتنفذين في الجبهة منذ عام 1970م وكان نفوذه قويا بين الثوار ، وحين سئل عن سبب استسلامه أجاب بأنه لم يكن أمام الجبهة أي هدف تناضل من آجله وأنه ورفاقه تبين لهم أخيرا بأنهم لم يكونول أكثر من مخالب سياسية في أيدي اليمن الجنوبي".(3)
وهكذا لم يمض عام 1976م حتى تمت تمت التصفية النهائية للثورة في ظفار، " وكان من الطبيعي بعد القضاء على الحركة أن يعلن السلطان قابوس في العيد الوطني السادس للسلطنة في نوفمبر 1976م دمج اقليم ظفار في سلطنة عمان ، حيث قال : "
التي أصبحت تتمتع منذ ذلك الوقت بالوحدة والاستقرار" . (4)
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) : رياض نجيب الريس ، مرجع سابق، ص 146
(2) : محمد سعيد العمري،مرجع سابق ، ص234-235
(3) : جمال زكريا قاسم ، مرجع سابق ، ص168-169
(4) : المرجع نفسه ، الصفحة نفسها.
الخاتمة
تناولنا في بحثنا هذا ثورة ظفار ابتداء من قيامها عام 1965م حتى انتهائها في 1975م ، وقد تعرفنا من خلال هذا البحث الى العديد من الحقائق والمعلومات الهامة عن تاريخ عمان المعاصر من خلال الثورة والحقبة الزمنية التي واكبتها ، وقد تبين لنا أن الأسباب التي ولدت الثورة الظفارية تتمثل في الرغبة من التخلص من ثالوث التخلف (الفقر ، المرض ، الجهل) والذي كان يسود عمان ابان حكم السلطان سعيد بن تيمور .
وقد استطاعت الجبهة في بداياتها أن تحقق العديد من النجاحات ، حيث استقطبت الى صفها السكان في ظفار والعديد من الدول المتعاطفة معها ، وتمكنت من السيطرة على العديد من المدن والقرى في ظفار ، ولكن بعد تبني الجبهة للماركسية كعقيدة لها
عقب مؤتمر حمرين عام 1968م حصل انشقاق في صفوفها وخاصة من قادة الجبهة الرافضين للشيوعية والذين أصبحوا من معارضيها، وكذلك واجه الأهالي اتجاه الجبهة لنشر الماركسية في المجتمع الظفاري وذلك نتيجة طبيعية لـتأصل الفكر الاسلامي الحنيف في قلوب العمانيين وبذلك فقدت الجبهة الدعم الشعبي لها
وقد استطاع السلطان قابوس- بعد توليه الحكم في عمان في 23 يوليو 1970م – أن يستثمر هفوات الجبهة هذه لصالح موقفه فواجه الشيوعية بالاسلام وقابل قوانين الجبهة الصارمة والاعدامات بالعفو والتسامح مع الجميع مما جعل العديد من قادة الجبهة وأعضائها ينضمون الى صفوف السلطان ويقاتلون رفقاء الأمس .
ومن الأسباب التي أدت الى انتصار السلطان قابوس على الثوار سياسته الحكيمة في استقطاب عطف الدول الخليجية وايران الى جانبه في مواجهة الثوار والذين أعلنوا العداء لهذه الأنظمة ، وكذلك اتجاهه الى عزل اليمن الجنوبي – الداعم الأول للثوار- وبالتالي اضعاف الجبهة حتى انهارت تماما عام 1975م ، وتم بذلك تطهير عمان ومنطقة الخليج العربي من الشيوعية ، وتحقق للسطان قابوس مالم يتحقق لغيره من سلاطين عمان حيث لم يسبق أن توحدت عمان من أقصى مسندم شمالا الى ضلحوت جنوبا بنفس الوحدة التي أصبحت عليها بعد نهاية الحرب في ظفار .
وفي ختام بحثي هذا أسأل المولى القدير التوفيق والصلاح ،،،،،
http://qal3ataltareekh.blogspot.com/2008/12/1965-1975.html