سفر برلك... تاريخ جريمة ومأساة

لم تسلم الجزاءر من مصاصي الدماء هولاء..... اي خلافه التي تمتص دماء المسلمين هذه !!


940x409-1167355081973612496.jpg


حملات الربيع والخريف.. جنود إسطنبول يجرفون حقول الجزائر

لم تنعم الجزائر في ظل الاحتلال العثماني يوما واحدا، بسبب حملات الربيع والخريف التي شنها الوالي التركي لنهب القرى وتجريف الحقول وسرقة الحصاد وجباية الضرائب والإتاوات من قوت الفلاحين، حتى أجبر الولاة العثمانلية وجباة الضرائب المزارعين على هجرة حقولهم وقراهم والارتحال إلى الصحراء، حيث فضلوا حياة البداوة الشاقة على الذل تحت حكم سلاطين إسطنبول.
ضيفة الباي والدنوش
شكل سكان الريف وقت الاحتلال العثماني غالبية الجزائريين بنسبة 95%، وكان معظمهم من القبائل الرعوية التي لم تحظ بأي امتياز من السلطة التركية، وكانت تدفع الضريبة، بينما يتم تكليفها بالأعمال الشاقة عن طريق السخرة، وكانت عيشتهم بالإجمال أسوأ من قبائل الجنوب غير الخاضعة لسلطة الوالي.
يقول الباحث صالح عباد في كتابه "الجزائر خلال الحكم التركي" إن القبائل الرعوية خضعت للسخرة، وسددت رسوما مالية مثل الضيفة والعلفة، فضلا عن الغرامات الثابتة التي كانت تقدم إلى الباي أو المحافظ التي عرفت بـ "ضيفة الباي" و"ضيفة الدنوش"، وكان المحافظ يدفع منها لهدايا الداي أو الوالي العثماني.
أثقل الاحتلال التركي كواهل الجزائريين بالضرائب الزراعية للإنفاق منها على الجهاز الإداري في جميع المقاطعات، ولم تكن تلك الضرائب محددة ولا موحدة، ما جعلها غير عادلة في تقديرها وطرق تحصيلها التي ميزت بين شيوخ العشائر والمتعاونين مع العثمانيين وبين الفلاحين الأجراء المجبرين على السخرة.
في المقابل، خضعت أراضي الوالي والبايات وكبار رجال الدولة لنظام ضريبي خاص، وكان يفرض عليها كراء سنوي محدد عرف بـ "الحكور"، إضافة إلى بعض المطالب العينية إذا جرى تأجير الأرض، ويوظف عليها العشور ورسوم سنوية زهيدة إذا أعطيت أو منحت كإقطاعيات لأصحاب النفوذ والمكانة.
content-720485012987848096.jpg

زحف همجي
لجأ الجباة العثمانيون إلى أسلوب القوة العسكرية المعروف بنظام المحلة أو المحال، لإرغام أبناء القبائل في الداخل الجزائري البعيد عن الساحل على سداد الضرائب المرهقة، وكانت حملاتهم تستهدف المزارعين في الحقول في مواسم الحصاد خلال فصلي الخريف والربيع.
والمحال مصطلح عسكري ظهر وانتشر في بلاد المغرب العربي منذ العهد الحفصي، واستمر حتى الاحتلال العثماني، ويقصد به التشكيل العسكري إذا تحرك داخل البلاد وليس خارجها، عبر مجال جغرافي واجتماعي ثابتين وخلال مواسم معينة.
تميزت الحملات بنظام تقليدي متبع لم يحد عنه الحكام لفترة طويلة، وكانت تتألف عادة من قرابة 4 آلاف رجل، وتنطلق في فصلي الربيع والخريف من عواصم الولايات ومراكز الأقاليم لتجوب البوادي والقرى لاستهداف المزارعين الأجراء.
خرجت المحال في الجزائر مرتين في السنة تحت إمرة البايات أو حكام الأقاليم، بواقع محلة في الغرب من مازونة إلى سهل غريس إلى تيارت، ومحلة أخرى في المدية قاصدة سهول عريب وبني سليمان و البرواقية، وتتفرع محلة الشرق في قسنطينة إلى مجموعتين: إحداهما تقصد جهات الهضاب العليا، والأخرى تنطلق إلى نواحي التل والساحل.
نهب الأرياف
عاشت القبائل الرعوية في الجزائر في شقاء دائم بعد إلزامهم بالإنفاق على المغتصب التركي الذي لجأ إلى أساليب وحشية في سرقة المحصول والأموال تحت غطاء الضرائب، حتى عجز المزارعون عن الوفاء بتلك الإتاوات الظالمة، واضطروا في النهاية إلى هجر حقولهم والارتحال إلى الصحراء.
عامل المغتصب التركي ريف الجزائر كما لو كان أرض حرب، وشن عليها غاراته بهدف سلب ونهب الممتلكات، ولم يحاول وضع نظام إداري موحد للبلاد، بل عمل على زيادة الانقسامات وتأجيج الصراع القبلي لضمان سيطرته.
شن الحاكم أحمد المملوك هجوما مسلحا على قبيلة أولاد جلاب في تورغوت عام 1816، واقتلع 200 نخلة وخرب مرافق المدينة لإرغام سكانها على تقديم الرشاوى، ولم تتوقف أعمال التخريب حتى دفع السكان 10 آلاف ريال، فيما نهب الباي إبراهيم بن علي 40 ألف رأس من الغنم في حملته على قبيلة النمامشة عام 1822.
يقول الباحث صالح عباد في كتابه "الجزائر خلال الحكم التركي" إن المحال العثمانية كانت دليلا على وحشية الاحتلال وظلمه للجزائريين، وكانت من أبشع أساليب الحكم التي طبقها الأتراك، حتى أن كلمة المحلة تعني الزحف الهمجي حتى اليوم في الجزائر.
content-706726909564281179.jpg

خراب ومجاعات
تراجعت مساحات الحقول أمام الهجمات العثمانية وحملات النهب والسطو المنتظمة وبفضل هجرة المزارعين إلى حياة البدو في الصحراء، ما أدى إلى بوار مساحات شاسعة من الأراضي الخضراء، وتحولها إلى مراعٍ سيطرت عليها النخب الحاكمة والقبائل الموالية.
تحولت ثلاثة أرباع السهول في مدينة وهران إلى مراعٍ لقطعان قبائل المخزن، وتحول الجزء الأكبر من سهول الشلف ومرتفعات التيطري والسهول العليا التابعة لباي قسنطينة إلى مراعٍ قليلة الزراعات، ولم تعد المساحة الخاضعة للنظام الجبائي للدايات تتجاوز سدس الأراضي المقدرة بـ5 ملايين هكتار في الربع الأول من القرن الـ 19.
كتب الرحالة صالح العنتري في كتابه "فريدة منسية في حال دخول الترك بلد قسنطينة واستيلائهم على أوطانها" عن بؤس الفلاحة في عهد الترك، يقول :"لا تجد في ذلك الزمان ولا في الذي قبله وبعده من يهتم بأمر الزرع أبدا، فقد كانت الحراثة زمن الترك ضعيفة، ولم يرغب الناس فيها".
ضيع الاحتلال العثماني جهود المزارعين في الأشغال العمومية بنظام السخرة، وجاء في تقرير أوروبي أن إيالة الجزائر من أقل الإدارات إنفاقا على المشروعات العامة، بسبب اعتمادها على السخرة، مشيرا إلى تعرض السكان للمجاعات وتراجع المساحات المزروعة ونقص المحاصيل.
ثورات الجزائريين
لم يقف بلد المليون شهيد صامتا أمام النهب التركي، فأطلق الشعب الجزائري صرخته أمام البايات والوالي نفسه، وسقط العديد من المسؤولين العثمانيين صرعى وقتلى في ثورات القبائل مثل حادث مقتل الباي عثمان.
انفجرت المقاومة الباسلة، وتساقط الأتراك واحدا تلو الآخر بفضل فرسان القبائل الرعوية التي تعتمد على فرسانها في تشريد المشاة الأتراك، وحققوا انتصارات مدوية على حساب الفرسان الترك.
وقف الشعب الجزائري بجميع أطيافه أمام الوجود العثماني في كل الثورات بدءا من ثورة ابن الأحرش والثورة التيجانية وغيرهما، وشاركت المرأة في الدفاع عن ممتلكاتها وشرفها أمام المغتصب الذي لم يترك الأرض لأصحابها حتى عندما كان يحتضر وسلمها باليد للاحتلال الفرنسي.
المصادر :


1 -
2 -
3 -
4 -
5 - ناصر الدين سعيدوني: الأوضاع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لولايات المغرب العثمانية
6 - بلخير سعد الله: الأرياف الجزائرية في العهد العثماني 1516 م - 1830 م
7 - حجاب أسماء: الإدارة العثمانية وعلاقتها بقبائل الرعية أواخر العهد العثماني
 
الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني يبين ظلال سلاطين الدولة العثمانيه لمحاربتهم دعوة التوحيد في الدولة السعوديه الأولى

 
حتى المغرب لم يسلم من تامرهم وشرهم وغدرهم ال عثمان المجرمين

940x409-2865789338261190240.jpg

فاصل ونقاتل.. أشراف المغرب يذلون خونة إسطنبول


خانوا سلاطين المغرب العربي بكل الطرق: اغتالوا الشريف محمد الشيخ السعدي غدراً بواسطة كتيبة إعدام، تآمروا على أحمد المنصور، بعد نصره الكبير في وادي المخازن على جيوش البرتغال، ليمنعوا إنقاذ بلاد المسلمين من السقوط في قبضة أوروبا الصليبية، إنه غدر حلفاء الشيطان العثمانلية في أجلى صوره.
ظل المغرب شوكةً في حلق العثمانيين منذ احتلوا الجزائر عام 1516، فأبى حكام وشعب المغرب الانضواء تحت حكم السلطنة، ليرد الأتراك بإعلان حرب لا هوادة فيها ضدهم، وكاد طيشهم أن يسقط المغرب في قبضة الإسبان والبرتغاليين بعدما شكلت ضربات آل عثمان طعنة في خاصرة مراكش، التي لم ينقذها من مصير أسود إلا سواعد رجالها.
لحقت بالعثمانيين هزائم متعددة أمام المغاربة، أيقنوا خلالها استحالة ضم بلادهم بالقوة، خصوصاً بعد الهزيمة المذلة في وادي اللبن عام 1558، فعمدوا إلى سلاح الغدر والدسائس.
content-702186073811624400.jpg

أطماع عثمانية
ظن حكام المغرب من الأسرة الوطاسية، بعد احتلال العثمانيين مصر عام 1517، أن بإمكانهم التحالف معهم ضد الخطر الصليبي المتمثل في الإسبان والبرتغاليين، فأرسلوا طلباً للمساعدة باسم أخوة الدين، لكن الأتراك تجاهلوا الطلب.
بعد احتلال الأتراك للجزائر وتونس، طمعوا في المغرب الذي أرادوه لهم أسوةً ببقية الأقطار العربية، وفي عام 1535 دعم العثمانيون الوطاسيين بمعونة عسكرية تحت لافتة الاستجابة لمطلب وقف الزحف البرتغالي الإسباني.
لم يكن استقلال المغرب باعث العثمانيين على المساعدة، بل أرادوا تقوية المغاربة للدفاع عن وطنهم مستقلاً عن نفوذ الأوروبيين، إلى أن تحين ساعة سقوطه في أيديهم، وكانت الأوامر للقوة التركية استطلاع أحوال البلاد تمهيدا لاختراقها وغزوها.
استعمل العثمانيون ورقة الدين من أجل الحصول على تأييد الشعب المغربي، وسعوا إلى الحصول على دعم العلماء ذوي النفوذ في المغرب من أجل تأليبهم على الحكام، لكن وعي الشعب بالخطر العثماني كان عاملاً في إفشال المؤامرات.
ضعفت أسرة الوطاسين وعجزت عن صد خطر الأوروبيين، فهبت أسرة السعديين توحد البلاد وتبني جيشاً يدافع عنها، فيما لم يكن المغرب القوي يصب في مصلحة الأتراك لذلك دعموا حكم الوطاسيين المتداعي للإبقاء عليه ضعيفاً، لكن النصر كان حليف الشعب الذي دعم السعديين منذ البداية، خاصة أنهم ينتمون إلى النسل النبوي الشريف ما أثار هواجس العثمانيين من إعلان السلطان السعدي الخلافة، وهو أهل لها، على عكس التركي فاقد شرط العروبة والقرشية.
رغب السلطان محمد الشيخ السعدي منذ البداية في التعايش السلمي مع العثمانيين على أمل التعاون لمواجهة الخطر البرتغالي - الإسباني المشترك، وقد طلب من الأتراك القيام بعملية مشتركة بهدف تحرير وهران من الإسبان، إلا أنهم فضلوا أن تظل المدينة خاضعة للاحتلال الأوروبي على أن يكون لأهل المغرب فضل في تحريرها.
لم يكتف الأتراك بذلك، بل طلبوا من الشريف محمد الشيخ (1490 - 1557) إعلان تبعيته للدولة العثمانية، وصك العملة والخطبة باسم السلطان سليمان القانوني، لكن سلطان المغرب أبى الخضوع لآل عثمان.
لجأ العثمانيون إلى سلاحهم المفضل في السياسة، وهو الغدر، ودبروا مكيدة لاغتيال الشريف محمد الشيخ، بإرسال جنود أتراك ادعوا أنهم هربوا من الجيش فاستقبلهم السلطان ومنحهم الأمان وصحبهم في حملاته العسكرية، لينتهز الأتراك فرصة ابتعاده عن الجيش ويقتلوه غيلة وهو نائم، ويقطعوا رأسه عن جسده، ثم يفرون به إلى الجزائر ومنها إلى إسطنبول، حيث علقها سلطان العثمانيين على مدخل قصره.
لم يستسلم الشعب المغربي للغدر بسلطانهم، فبايعوا ولده عبدالله الغالب، الذي قاد الشعب للثأر في موقعة وادي اللبن بمنطقة تيسة "إقليم تاونات حاليا" 1558، وأنزل بالعثمانيين هزيمة ساحقة انتقاماً لوالده.
كان الأتراك ينظرون إلى التحالف على أنه تبعية واعتراف بالسيادة العثمانية، ما أدى إلى خلافات وحروب بين الجانبين استمرت نحو 200 عام، لم يستفد منها إلا جيوش أوروبا الاستعمارية المرابضة على الساحل الآخر للمتوسط في انتظار فرصة سانحة.
content-1167355081973612496.jpg

غدر سليم الثالث
حقق السعديون بقيادة السلطان عبد الملك انتصاراً كبيراً على الغزو البرتغالي عام 1578 في واقعة وادي المخازن الشهيرة، التي أدت إلى انهيار الإمبراطورية البرتغالية وسقوط لشبونة تحت الاحتلال الإسباني، بعدما فقدت الأولى ملكها وجيشها في المعركة، عزز النصر من قوة الشعور المغربي الوطني، وأسهم في اتحاد البلاد وراء حكم السعديين.
كره الأتراك ما حققه السعديون من مكانة، وعمدوا إلى الإيقاع بهم، فأمر السلطان مراد الثالث قائد الأسطول قلج علي بالتجهيز لحملة عسكرية ضد المغرب، بهدف ضمه لإسطنبول سنة 1581، ردا على ذلك حشد السلطان أحمد المنصور الجنود على الحدود الشرقية، بينما استعدت القوات المغربية لصد الهجوم العثماني، الذي تراجع في النهاية وقبل بالأمر الواقع.
لا عهد لهم
لم يغفل حكام المغرب من الأسرة العلوية- التي خلفت السعديين- عن العثمانيين، إذ ظلوا أشد خطرا على المغاربة من الأوروبيين، فيما لجأت إسطنبول إلى خطة شيطانية تعتمد على استغلال موارد إيالة (ولاية) الجزائر في شن هجمات متتالية على المغرب.
إزاء التهديد العثماني، اتخذ السلطان محمد بن الشريف وجدة في شرق البلاد عام 1650 مقراً له، وأصبحت نقطة تهديد مغربي للوجود التركي في الجزائر، فاضطربوا خشية التمرد، خاصة من القبائل التي كانت ترفض وجودهم من البداية.
توسل داي الجزائر عثمان باشا إلى ابن الشريف من أجل التراجع عن وجدة إلى العمق المغربي، واستغل العاطفة الدينية في طلب الصلح، ولما كان هدف سلطان المغرب صد الخطر العثماني فقط قبل أن يكون وادي تافنا حداً فاصلاً بين الأتراك والمغاربة.
لم يلبث العثمانيون إلا قليلاً ثم بدأوا في التنكر لمعاهدة تافنا، والتدخل في شؤون المغرب ومحاولة زعزعة الحكم وإثارة خصوم السلطان مولاي إسماعيل (1645 - 1727) من إخوته وأحفاده عليه، بعد أن وصلت الدولة المغربية إلى قمة مجدها وعنفوانها العسكري في عهده.
ساند الأتراك مولاي الحران شقيق مولاي إسماعيل في تافيلالت، وحفيده أحمد بن محرز في بلاد السوس جنوب البلاد، ورد الأول على الموقف العثماني بشن هجوم في المناطق الصحراوية عام 1676، وبدأ في تجميع القوى المضادة للحكم التركي، وقدمت عليه وفود العرب من ذوي منيع ودخيسة وحميان والمهاية والعمور والولاد جرير وستونة وبايعوه بالسلطنة، فكان قاب قوسين أو أدنى من إعلان الخلافة.
اتخذ مولاي إسماعيل موقفا دفاعيا تجاه العثمانيين، وعمل على إنشاء الحصون، وتقوية جبهة الشرق لصد خطرهم في الوقت الذي عمل على تقوية البلاد لمواجهة الخطر الإسباني، إذ لم يغفل حقيقة بقاء الأطماع التركية وكونها ترتكز على رغبة السلطان العثماني في أن يكون أمير المؤمنين الوحيد.
عمل الأتراك على نشر الفتن في المغرب بعد وفاة السلطان مولاي إسماعيل 1727، ودعموا الصراع بين أبنائه وأحفاده وشجعوا الطرق الصوفية على التمرد، وكان الفشل مصير دسائسهم ولم يكفوا عن مؤامراتهم رغم الهجمات الأوروبية الدائمة على سواحل المغرب، ما أضعفه في مواجهتها.
content-1348429742386172208.jpg

وهران تشكو
كانت وهران الجزائرية تحت الاحتلال الإسباني منذ عام 1492، ولم يتمكن الأتراك من تحريرها، فيما تمكن سلطان المغرب مولاي إسماعيل من تحرير شواطئ بلاده من الاحتلال الإسباني، وكانت مدينة أصيلة آخر محطات جهاده عام 1691.
بعد أن أكمل تحرير بلاده، وجه إسماعيل بصره نحو وهران، بهدف طرد الإسبان، وكان المنطلق الديني باعثه، فجهز حملة عسكرية تتألف من 10 آلاف مقاتل من المشاة و3 آلاف فارس لتحريرها، بعد أن عجز العثمانيون عن ذلك.
لم يكن لدى الأتراك باعث ديني في علاقتهم بالعرب، بل كان هدفهم الاحتلال والنهب، لذلك فضلوا أن تظل وهران في يد الإسبان على أن يشارك المغاربة في تحريرها أسوة بموقفهم من السلطان السعدي من قبل.
عندما شنّ السلطان إسماعيل حملة عسكرية على وهران سنة 1692، نظم الأتراك هجوما مباغتا وقصفوا جيشه بالمدفعية في وادي ملوية، لم يكن في خلد المغاربة أن يغدر الأتراك، فقد كان هدفهم طرد الإسبان من ديار المسلمين.
تسبب الهجوم الغادر للأتراك في خسائر جسيمة بجيش المغرب، ورغم ذلك نجحت الحملة في تشتيت الإسبان ما أدى لإضعاف حامية وهران، وسهل سقوطها بيد الأتراك بعد عام، وعلى إثر حملة الجهاد المغربي في وهران حدثت فوضى واضطرابات في المدينة.
استغل داي الجزائر التركي محمد بكداش الأوضاع، ووجه حملة نجحت في طرد الإسبان من وهران، لكن الأتراك تنكروا لدور المغاربة وظلوا يدبرون المكائد ضدهم.
مهادنة تركية
دخلت دولة العثمانيين طور التحلل في القرن الثامن عشر، وضعف مركزها في أوروبا، فلجأت إلى مهادنة سلاطين المغرب، طمعاً في استغلال قوتهم للدفاع عن أملاكها في الجزائر وتونس أمام المد الأوروبي.
يرى مؤرخون أن التحسن في العلاقات المغربية العثمانية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر يعود إلى تعرض الأتراك لهزائم في مناطق نفوذهم في قلب أوروبا، إذ فرضت عليها معاهدات قاسية من قبل النمسا وروسيا، بالجلاء عن المجر وبلغراد بالإضافة إلى ثورات البلقان، كما تركوا جزيرتي المورة وكريت، واسترد الروس القفقاس، ما جعل الأتراك يطمعون في إقامة حلف مع المغرب لمواجهة أوروبا.
رحب سلاطين المغرب بالصلح من أجل تركيز الجهود لصد الخطر الأوروبي، فيما ظل الأتراك أوفياء للغدر، وفي عام 1795 هاجم داي الجزائر محمد عبد الكبير باشا مدينة وجدة المغربية، لكنه انسحب إثر تهديد سلطان المغرب مولاي سليمان لقواته.
content-2918164527278115466.jpg

خيانة تلمسان
كان وجود الأتراك في الجزائر احتلالا، فقد رفضوا مرتين مساعدة المغاربة في طرد المحتل الإسباني، وكرروا نفس الموقف المشين عام 1830 عشية الغزو الفرنسي للجزائر، وفشلوا في صد الهجوم الأوروبي بعد أن استنفذوا قوتهم في قمع الشعب.
كانت ثورات شعب الجزائر ضد المحتل العثماني لا تخمد، وتصاعدت الانتفاضات الشعبية منذ عام 1805 وبلغت ذروتها 1808، فلم يقدم الأتراك على إصلاح الأوضاع المتردية، أو إشراك أهالي البلاد في إدارتها، بل تعنتوا ضد مطالب الإصلاح، ولم يستعدوا لمواجهة الخطر الفرنسي الذي لم يخف على أحد.
عام 1830 احتل الفرنسيون مدينة الجزائر، والتجأ أهالي تلمسان إلى سلطان المغرب، لإنقاذها من السقوط في قبضة المحتل الفرنسي، لكن الأتراك فضلوا أن يسلموها للأوروبيين بدلاً من تنضم إلى المغرب.
تمردت الحامية العثمانية في تلمسان على الحكم المغربي، في وقت محاصرة الفرنسيين للمدينة، ما أضعف دفاعاتها وأدى إلى سقوطها في النهاية، بفعل خيانات عثمانية متكررة، أنهكت المغرب على مدار ثلاثة قرون.
المصادر :

1 - محمد علي داهش: العلاقات المغربية العثمانية في العصر الحديث
2 - نادية محمود مصطفى: خبرة العصر العثماني
3 - بشارف صبرينة : العلاقات المغربية العثمانية في العهد العلوي
 
في نهايات الدوله العثمانية تحركت القبائل
ما نتحدث عنه هو قبل نهاية الدوله العثمانية
لم تستطيع القبائل وقف مد السكة من دمشق الى المدينه
بل افتتح الخط واستمر اكثر من ٨ سنوات الى ان انتهت الدوله
حكم الترك الحجاز ١٠٠ عام لم يكن لدى القبائل القدرة على مواجهتها


اما القول بأن سبب عدم مد سكة الحديد هو قبيلة رفضت ذالك ولديها القدرة على هزيمة الجيش العثماني فلا اعتقد انه صحيح
إذن كيف حكمت ١٠٠ عام وهي لا تقدر على حماية نفسها
انا لم اقل ان قبيلة هزمتهم
وهذا الكلام قبل فترة الثورة العربية
الوضع بإختصار شديد القبائل لم تكن لها القدرة على حرب الدولة العثمانية ولكن كانت تستخدم اسلوب حرب الغارات على القوافل لذلك كان الاتراك يدفعون اتاوة لنقل قوافلهم لحمايتها من الغارات الليلية وتجنب لإشعال حرب
ماحدث بعد مد السكة ان القبائل في طريقها رأت فيها احتلال للارض وبشكل مباشر خاصة بعد بناء قلاع ونقاط الحماية للقطار فاصبحت قبيلة جهينة مثلا تهاجم السكة في الليل وتخربها وقد حاولت الحامية التركية الهجوم على جهينة والتجاء جهينة للجبال ومن غباء القائد التركي تبعهم فقتلوا في الاتراك قتلا كثير ثم بعد ذلك اصطلح معهم حاكم المدينة بدفع مبلغ مقابل ايقاف عمليات التخريب
واما وضع المدينة وجنوبها الذي حدث هو ان النبرة المعاديةللاتراك ارتفعت فبعد ان كانت الاشتباكات مع البدو تدور خارج المدينة وكانت على فترات بعيدة اصبحت قتل الجنود الترك يحصل داخل احياء المدينة ونقاط المراقبة التي كانت في احد وسلع تهاجم بشكل متكرر وشبه يومي ومن كذا قبيلة من احدها اشتباك مع سرية خيالة من عون من مطير نزلت شمال احد وشاهدتهم نقطة المراقبة وتحرك خيالة اتراك لابعادهم عن المدينة وانسحب العونه لوعيرة واشتبكوا مع الترك فيها وقتلوا جميع افراد الاتراك ووضع الاتراك مكافاءة عن من يحضر راس قائدهم وشارك هذا القائد في جيش الاخوان بعد ذلك
يعني ببساطة مع ازمة اقتصادية خانقة وتوتر في انحاء الدولة سوف يكون الاصطلاح مع السكان افضل من تحمل تكلفة تحريك جيوش مع وجود مناطق توتر اخطر على الدولة
 
الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني يبين ظلال سلاطين الدولة العثمانيه لمحاربتهم دعوة التوحيد في الدولة السعوديه الأولى


من أمثال هؤلاء يؤخذ العلم
رحم الله الشيخ الألباني السني السلفي.
 
واخيرا جريمتهم الكبرى في تسليم مصر للاحتلال البريطاني

940x409-2266673736106107510.png


ب 450 ألف جنيه.. السلطان المفلس يبيع جيش عرابي لبريطانيا


"انتهت الحرب، لا ترسلوا مددا إلى مصر"، برقية كتبها الجنرال "ولسلي" إلى القيادة في لندن لحظة دخوله القاهرة في 15 سبتمبر 1882، بعد أن سلمها السلطان العثماني المفلس عبد الحميد الثاني إلى القوات البريطانية، مقابل حفنة من الإسترليني.
"فرمان عصيان عرابي" كان الثمن الذي دفعه السلطان نظير رشوة قدرها 450 ألف جنيه إسترليني، ليخمد ثورة المصريين ووقوفهم في وجه القوات الغازية، ويثير الارتباك في صفوفهم، بعد استقطاب بعض كبار العائلات والأثرياء الخونة، لتسقط مصر في نير الاحتلال، ويسقط عبد الحميد في بئر الخيانة.
أهمل العثمانيون مصر فتحولت من أكبر دولة في العالم في القرن الخامس عشر إلى إقليم يعمه الخراب والجهل والفقر نحو أربعة قرون، حتى أن الرحالة الأجانب رصدوا فجوة المصريين وأجدادهم في عصور العظمة، وعندما هبت المحروسة من سباتها، أطلقت السلطنة في إسطنبول حربا شعواء على مصر لإجهاض مشروع محمد علي باشا للاستقلال عنها، بل وتحالفت مع الدول الأوروبية ضده، حتى سلمت القاهرة على طبق خيانة إلى لندن.
بدأ مخطط عبد الحميد الثاني لبيع مصر حين سعى جاهدا لعزل الخديو إسماعيل وتعيين ابنه توفيق مكانه في 26 يونيو 1879، تنفيذا لأجندة الدول الاستعمارية الكبرى، إذ رفضت بريطانيا وفرنسا مشروع إسماعيل القائم على بناء إمبراطورية مصرية في قلب القارة الإفريقية، تتحدى المشروع الاستعماري الغربي في قلب القارة، مدعوما بقوة عسكرية صاعدة من المصريين، أثبتت نفسها بالوصول إلى أعالي نهر النيل، وكادت تضم الحبشة لولا التدخلات الأوروبية، لذا اتفقت هذه الدول على ضرورة تركيع مصر، خاصة بعد شق قناة السويس الشريان المائي الموصل بين بريطانيا العظمى وجوهرة تاجها في الهند.
content-2238070782138667542.jpg

السلطان الحائر
استجاب السلطان الحائر لأوامر لندن وباريس، فأصدر فرمانا بعزل الخديو إسماعيل العام 1897، وتم تعيين ابنه توفيق المعروف بشخصيته الضعيفة وطموحه المحدود، فاستطاعت بريطانيا ومعها فرنسا توجيه الأحداث السياسية في القاهرة وإسطنبول طوال ثلاث سنوات، بما يتماشى مع هدفها النهائي وهو احتلال مصر بالتعاون مع عبد الحميد الثاني.
وفق ما ذكره عبد العزيز الشناوي في كتابه "الدولة العثمانية"، اتسمت سياسة السلطان العثماني تجاه المسألة المصرية بالاضطراب وقصر النظر والتخبط والضعف، ما سهل لبريطانيا تحقيق هدفها الرئيس وانفرادها باحتلال مصر، بعد مفاوضات كثيرة مع بيت مال روتشيلد الإنجليزي، لتعزيز الموقف المالي للخزانة العثمانية، إثر إعلان الدولة العثمانية إفلاسها في العام 1880.
وأد الحركة العرابية
أمام تردي الأوضاع في مصر، وزيادة التدخل البريطاني الفرنسي في الشؤون الداخلية للبلاد، بدأ الفلاح المصري أحمد عرابي قيادة تذمر داخل الجيش، فتوجه إلى مقر الحكم بقصر عابدين، وفرض إرادة المصريين على الخديو في 9 سبتمبر 1881، فتم تشكيل حكومة وطنية برئاسة محمد شريف باشا، ما مثل انعطافة في تاريخ العمل الوطني المصري عقب التفاف الشعب حول الحكومة الجديدة، التي بدأت في اتخاذ إجراءات تنحاز للفلاحين في مواجهة الإقطاعيين وأعوانهم الأجانب.
بينما كانت بريطانيا تتابع الأحداث بعين صقر ينتظر لحظة الهجوم على الفريسة، أراد السلطان العثماني انتهاز الفرصة لتأكيد سلطته ونفوذه في مصر، فأرسل "الوفد العثماني الأول" إلى القاهرة برئاسة المشير علي نظامي باشا في أكتوبر، بحجة تقصي الحقائق عن "التمرد العسكري" على حد تعبيره، كما طلب من بريطانيا وفرنسا التدخل، والضغط على الخديو توفيق لعزل وزارة محمود سامي البارودي باشا، الذي تولى رئاسة الحكومة بطلب من الثوار، فتم عزله بالفعل في 26 مايو 1881.
سار السلطان عبد الحميد بجد في مشروعه فأرسل "الوفد العثماني الثاني" إلى مصر، بعضوية 58 تركيا وزعامة المشير مصطفى درويش باشا المعروف بميوله للإنجليز، وصل الوفد إلى القاهرة في 7 يونيو، وبعد 4 أيام فقط من وصوله بدأ الأسطول البريطاني في قصف الإسكندرية صباح 11 يونيو 1882، ويرتكب"مذبحة الإسكندرية" بقيادة الجنرال "بوشان سيمور"، حيث قتل الآلاف من أبناء المدينة.
content-2750854092574334670.jpg

البطل المصري
طلب مصطفى درويش باشا من وزير الحربية المصري أحمد عرابي مغادرة مصر لأنها "ستقع في يد بريطانيا"، ونصحه بالسفر إلى إسطنبول، ووعده بتلقي كل رعاية وتقدير من السلطان، وأصدر بالفعل أمرا بمنح عرابي "النيشان المجيدي" من الطبقة الأولى، لاستمالته، لكن الزعيم الوطني أدرك المخطط الحميدي، فرفض كل تلك الامتيازات واعتبرها رشوة سياسية.
بدأت أساطيل لندن التي تحاصر الساحل المصري الشمالي في التحرك، فيما أصر عرابي على المقاومة والدفاع عن تراب بلاده، لذلك أرسل إلى ويلفريد بلنت سكرتير سفير إنجلترا بإسطنبول، في 2 يوليو 1882، قائلا :"لتتأكد إنجلترا من أن أول طلقة بندقية تطلقها على مصر ستعفي المصريين من كل المعاهدات والاتفاقيات، وسيكون معنى ذلك انتهاء المراقبة والديون ومصادرة أملاك الأوروبيين وتدمير القنوات وقطع طرق المواصلات (قناة السويس) واستغلال الحماسة الدينية لدى المسلمين للترويج للجهاد في سورية والجزيرة العربية والهند".
خيانة سلطان
خشي عبد الحميد على امتيازات الدول الأوروبية في الولايات العثمانية أكثر من الأوروبيين أنفسهم، فقرر التضحية بأي شيء في مقابل استمرار تحالفه مع الغرب، في ظل خوفه من روسيا التي كانت تحقق انتصارات ساحقة على جيوشه المنهارة في البلقان، فلم يمنع من سقوط إسطنبول في قبضة قيصر موسكو إلا تدخل بريطانيا العظمى والجمهورية الفرنسية إذ رأت الدولتان أن حماية الدولة المتهالكة أقصر سبيل لسد الطريق أمام التوسع الروسي.
أرسل درويش باشا تلغرافا إلى عبد الحميد في 5 يوليو جاء فيه "إن عرابي يعلن أنه لا يخشى الإنجليز، الذين ستؤدي أول خطوة من جانبهم إلى حركات انتقامية تؤدي إلى دمارهم، ومما لا شك فيه أن مجرد إطلاق أول طلقة بندقية من عرابي سيؤدي إلى قيام المسلمين بالثورة من قلب إفريقيا إلى أقاصي الهند... والمصريون يفضلون أن يحاربوا الأجانب على التسليم".
انفرد الأسطول البريطاني بالإسكندرية، بعد أن تلقى الأسطول الفرنسي أمرا من حكومته بالانسحاب، فأرسل "سيمور" قائد الأسطول البريطاني إنذارا إلى عرابي في 10 يوليو بتسليم المدافع المنصوبة في رأس التين وميناء الإسكندرية، وإلا ضرب الحصون في صباح اليوم التالي، وكان رأي درويش باشا قبول الإنذار البريطاني وإعلان استسلام الجيش المصري، كما اعترض على قرار عرابي ردم قناة السويس، حتى يغلق الباب أمام القوات البرية البريطانية في حالة انتصارها في الإسكندرية، وبعد أن دكت المدافع البريطانية حصون المدينة تزعم درويش باشا والخديو توفيق تيار الاستسلام وأصبحا في رعاية سيمور والأسطول البريطاني.
في يوم 24 يوليو أعلن سعيد باشا الصدر الأعظم لسفير بريطانيا في مؤتمر الآستانة المنعقد لمناقشة المسألة المصرية أن السلطان لن يضحي بمنصب "خليفة المسلمين" بإغضاب أوروبا، وبناء على ذلك "سنضحي بمصالح إسطنبول في مصر لحساب إنجلترا".
ووفق ما ذكره أحمد عبد الرحيم مصطفى في كتابه "مصر والمسألة المصرية"، انزعج عبد الحميد حين تلقى تحذيرات علماء الأزهر وأنصار حركة الجامعة الإسلامية مفادها أن تعاونه مع إنجلترا ضد حماة الإسلام (عرابي) سيثير الاستياء لدى عامة المصريين والسوريين والعرب، وقد يمكن عرابي من الحصول على فتوى تنص على خلعه.
content-2519026085720386720.jpg

فرمان بيع مصر
أرسل عرابي باشا برقية إلى السلطان، شكا فيها من مسلك درويش باشا مستنكرا الموقف العثماني المتخاذل، فقال: "آثر درويش باشا أن يقف إلى جانب الخديو في الإسكندرية، يقدم له التأييد على الرغم من احتلال القوات البريطانية لهذه المدينة".

تلقى عبد الحميد الرسالة بغضب شديد، بعد أن انكشف المخطط الحميدي لبيع مصر. وكان رده على برقية عرابي إصدار "فرمان عصيان عرابي" في 5 سبتمبر 1882، ونشره في الصحف العثمانية، بعدما حصل على ثمن خيانته في صورة قروض من بنوك بريطانية، وافقت على منحه 450 ألف جنيه إسترليني.
أضفى فرمان الخليفة المزعوم الشرعية على الاحتلال، بعدما تمكن الإنجليز من دخول بورسعيد والإسماعيلية، رغم تكبدهم خسائر ضخمة على يد أبطال المقاومة المصرية، لم تمكنهم من السيطرة على السواحل لفترة طويلة، كما ترك أثرا كبيرا في حالة الضباط والجنود المعنوية،وفي صفوف الشعب ذاته الذي وقع ضحية الارتباك.
وش القملة
ادعى فرمان العصيان أن "أعمال عرابي باشا مخالفة لإرادة الدولة العلية، فقد هدد أساطيل دولة حليفة للدولة العلية السلطانية، وبناء على ما تقدم يحسب عرابى باشا وأعوانه عصاة ليسوا على طاعة الدولة العلية السلطانية، وحركة عرابي باشا مخالفة للشريعة الإسلامية الغراء مضادة لها بالكلية".
في أعقاب الفرمان، انطلقت أبواق الدعاية العثمانية تنشر الأخبار المغلوطة بصدور فتوى من شيخ الإسلام بتكفير عرابي، وكل من يحارب في صفه، فيما تروج لقوة الجيش البريطاني، وتفتي بحرمة قتالهم لأنه بمثابة إلقاء المسلم بيده للتهلكة.
في المقابل، انتصر المصريون لعرابي، ورأوا فيه المنقذ، واعتبروه باعثا للأمة قامعا للفساد، وخرجت الحشود تهتف "الله ينصرك يا عرابي" و"يا مولانا يا عزيز أهلك عسكر الإنجليز" و"يا سيمور يا وش القملة.. من قال لك تعمل دي العملة".
لكن الخيانة العثمانية أثرت في وحدة الجبهة الداخلية، وفي 13 سبتمبر أحرز "ولسلي" قائد الغزو نصرا سهلا في معركة لم تستغرق أكثر من 30 دقيقة في التل الكبير، حيث فاجأ الإنجليز القوات المصرية المتمركزة بالقرب من قناة السويس، فحصدوا أرواح الآلاف، وقد تسلحوا بخطط عرابي العسكرية التي سلمها خونة إلى إسطنبول، ولم تكن هزيمة عرابي مرجعها كفاية القوات الإنجليزية، بقدر سوء حالة الجيش المصري المعنوية والعسكرية بسبب فرمان العصيان، لتسقط مصر في قبضة محتل بعد محتل.
المصادر :

1 -
2 -
3 -
4 -
5 -
6 -
7 -
8 -
9 - لورد كرومر: الثورة العرابية
 
هذا الكلام مزور تماما مع اني اختلف مع بعض سياسات النظام العثماني السابق
لكي لا يتم معاملتي على اساس تابع للعثملي
لكن هذا كلام الشريف حسين الذي غدر بالسلطان عبد الحميد
الشريف حسين الذي طمع في حكم البلاد العربية من بعد العثمانيين
كانت الدولة العثمانية في اخر ايامها و هي في عهد السلطان عبد الحميد اي امبراطورية في العالم لابد و ان تاتي عليها ايام ضعف و نكسة و هذا الذي حصل مع الدولة العثمانية في اوائل القرن التاسع عشر
و الاسباب للاسف هي الخيانات الداخلية و التامر الخارجي كما ان في عهد عبد الحميد كانت بقية دول العالم تتطور على المستوى السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و العسكري عبد الحميد قام بعدة اصلاحات لكنها قليلة و متاخرة بعض الشي
يضن البعض انه فعلا تخلت الدولة العثمانية على تونس و ليبيا و مصر و غيرها من الدول العربية دون مقاومة و هذا خطىء شائع لانه في ذلك الوقت خاضت الدولة العثمانية حرب ضروس من اجل الحفاظ على هذه الدول و غيرها لكن للاسف ضعف الدولة و بعض اخطاء السلطان عبد الحميد مع التامر عليه من بعض الاتراك القومجيين و العرب
عراب انهيار ما تبقى في الدولة العثمانية هما اثنان
الاول تركي و هو مصطفى كمال اتاتورك
و الثاني عربي و هو الشريف حسين
و الداعم لهؤلاء هو بريطانيا
دعمت اتاتورك و وعدته بالحكم اذا انتصرت بريطانيا في معركة الجبهة الجنوبية و بالتحديد معركة فلسطين و من حسن حظ البريطانيين انذاك ان اتاتورك كان قائد للجيش العثماني في المنطقة الجنوبية اي في منطقة فلسطين و ما جاورها
عند دخول البريطانيين الى المنطقة الجنوبية خان اتاتورك بلده و ترك ثغرة كبيرة استغلها البريطانيين ( هذا هو الاتفاق المبرم بين البريطانيين و اتاتورك و ان ترك لهم المنطقة الجنوبية ستتم مكافئته بكم تركيا الجديدة التي خطط لها البريطانيين)
اما الشريف حسين فكان ناقم على النظام العثماني بالرغم ان النظام العثماني اعطى مركز مرموق و مكانة عالية لشبه الجزيرة العربية و بالتحديد مكة و المدينة و غيرها باعتبارها مركز قوة المسلميين و شعاع يشع في العالم الاسلامي
نعود الى الشريف حسين فكان هذا الرجل يريد الثورة و اسقاط النظام العثماني باي طريقة كانت علما و انه كان يعتبر شخصية مرموقة و قدم له العثمانيين عدة امتيازات ..
المهم استغلت بريطانيا هذه الفرصة و تقدمت نحو الشريف حسين و دعمته و قدمت له كل انواع الدعم و حرضته على الثورة
الطمع و الشجع في كرسي الحكم هي سمة او امتياز نمتاز به نحن العرب و هي بمثابة نقطة ضعف خطرة
على العموم بريطانيا وعدت هذا المسمى بالشريف حسين بانه في حالة انقلب و اسقط النظام العثماني سيكون له مكافئة بريطانية تتمثل في انه سيحكم كل البلاد العربية ( سوريا . الاردن شبه الجزيرة العربية فلسطين ..)
اغرته بالسلطة و فعلا تم خداعه و قام الشريف حسين بالثورات و زعزعة امن الدولة العثمانية و مع ضعف الدولة انذاك و الخيانات خاصة الخيانات العسكرية من اتراك و عرب و من الحاشية الموجودة في قصر السلطان و كان السلطان عبد الحميد في اسوء حالاته زد عليها اخطاء عبد الحميد لانه و للاسف اخطى الرجل عدة مرات
المهم انهارت الدولة العثمانية و عراب انهيارها هو كمال اتاتورك و الشريف حسين دعمتهما بريطانيا و ووعدتهما بالحكم
الشريف حسين يحكم جميع البلاد العربية و اتاتورك يحكم تركيا العلمانية
لكن و كما اقول دائما من يثق في الغرب فهو احمق بعد الانهيار فرح الشريف حسين و قال للبريطانيين الان ساحكم البلاد العربية قال له البريطانيين انسى هذا الامر فسوريا ستحكمها فرنسا و العراق و الاردن للبريطانيين و بقية شبه الجزيرة العربية ستكون للبريطانيين و انت ستكون لك بعض الصلحيات غضب الشريف حسين كثيرا و ما اغضبه اكثر لما طلب منه البريطانيين ان يترك فلسطين لتصبح وطن للصهاينة و رفض الشريف حسن هذا الطرح و استعد للدخول في معركة ضد البريطانيين لكن فات الاوان لانه في ذلك الوقت تم تفكيك كل الجيوش العربية التي كانت تحت النظام العثماني
و قامت بريطانيا بنفي الشريف حسين الى اوروبا ووضعه في الاقامة الجبرية
تصورو ندم الشريف حسين ندم شديد لما فعله و مات و هو نادم دم شديد
اما اتاتورك ايضا نوعا ما تم خداعه وضعه البريطانيين رئيس تركيا الجديدة لكن لم تكن تركيا التي نراها الان فقد قام البريطانيين بنهشها تم سلخ جزء منها و هو الجزء الشرقي و ضمه لارمينيا و سلخ جزء غربي و ضمه الى اليونان تعمد البريطانيين الى سلخ جزئين لكي لا يستطيع اتاتورك في المستقبل اعادة تاسيس و ضم كل الاراضي التي كانت تابعى للدولة العثمانية زد عليها حرمان تركيا الجديدة من المخارج البحرية الاستراتيجية ( علما و انه عندما انهارت الدولة العثمانية نهائيا تم ابرام معاهدة او اتفاقية لوزان التي حرمت تركيا من عدة امتيازات بحرية و غيرها )
اسف على الاطالة
يتبع ان شاء الله
 
واخيرا جريمتهم الكبرى في تسليم مصر للاحتلال البريطاني

940x409-2266673736106107510.png


ب 450 ألف جنيه.. السلطان المفلس يبيع جيش عرابي لبريطانيا


"انتهت الحرب، لا ترسلوا مددا إلى مصر"، برقية كتبها الجنرال "ولسلي" إلى القيادة في لندن لحظة دخوله القاهرة في 15 سبتمبر 1882، بعد أن سلمها السلطان العثماني المفلس عبد الحميد الثاني إلى القوات البريطانية، مقابل حفنة من الإسترليني.
"فرمان عصيان عرابي" كان الثمن الذي دفعه السلطان نظير رشوة قدرها 450 ألف جنيه إسترليني، ليخمد ثورة المصريين ووقوفهم في وجه القوات الغازية، ويثير الارتباك في صفوفهم، بعد استقطاب بعض كبار العائلات والأثرياء الخونة، لتسقط مصر في نير الاحتلال، ويسقط عبد الحميد في بئر الخيانة.
أهمل العثمانيون مصر فتحولت من أكبر دولة في العالم في القرن الخامس عشر إلى إقليم يعمه الخراب والجهل والفقر نحو أربعة قرون، حتى أن الرحالة الأجانب رصدوا فجوة المصريين وأجدادهم في عصور العظمة، وعندما هبت المحروسة من سباتها، أطلقت السلطنة في إسطنبول حربا شعواء على مصر لإجهاض مشروع محمد علي باشا للاستقلال عنها، بل وتحالفت مع الدول الأوروبية ضده، حتى سلمت القاهرة على طبق خيانة إلى لندن.
بدأ مخطط عبد الحميد الثاني لبيع مصر حين سعى جاهدا لعزل الخديو إسماعيل وتعيين ابنه توفيق مكانه في 26 يونيو 1879، تنفيذا لأجندة الدول الاستعمارية الكبرى، إذ رفضت بريطانيا وفرنسا مشروع إسماعيل القائم على بناء إمبراطورية مصرية في قلب القارة الإفريقية، تتحدى المشروع الاستعماري الغربي في قلب القارة، مدعوما بقوة عسكرية صاعدة من المصريين، أثبتت نفسها بالوصول إلى أعالي نهر النيل، وكادت تضم الحبشة لولا التدخلات الأوروبية، لذا اتفقت هذه الدول على ضرورة تركيع مصر، خاصة بعد شق قناة السويس الشريان المائي الموصل بين بريطانيا العظمى وجوهرة تاجها في الهند.
content-2238070782138667542.jpg

السلطان الحائر
استجاب السلطان الحائر لأوامر لندن وباريس، فأصدر فرمانا بعزل الخديو إسماعيل العام 1897، وتم تعيين ابنه توفيق المعروف بشخصيته الضعيفة وطموحه المحدود، فاستطاعت بريطانيا ومعها فرنسا توجيه الأحداث السياسية في القاهرة وإسطنبول طوال ثلاث سنوات، بما يتماشى مع هدفها النهائي وهو احتلال مصر بالتعاون مع عبد الحميد الثاني.
وفق ما ذكره عبد العزيز الشناوي في كتابه "الدولة العثمانية"، اتسمت سياسة السلطان العثماني تجاه المسألة المصرية بالاضطراب وقصر النظر والتخبط والضعف، ما سهل لبريطانيا تحقيق هدفها الرئيس وانفرادها باحتلال مصر، بعد مفاوضات كثيرة مع بيت مال روتشيلد الإنجليزي، لتعزيز الموقف المالي للخزانة العثمانية، إثر إعلان الدولة العثمانية إفلاسها في العام 1880.
وأد الحركة العرابية
أمام تردي الأوضاع في مصر، وزيادة التدخل البريطاني الفرنسي في الشؤون الداخلية للبلاد، بدأ الفلاح المصري أحمد عرابي قيادة تذمر داخل الجيش، فتوجه إلى مقر الحكم بقصر عابدين، وفرض إرادة المصريين على الخديو في 9 سبتمبر 1881، فتم تشكيل حكومة وطنية برئاسة محمد شريف باشا، ما مثل انعطافة في تاريخ العمل الوطني المصري عقب التفاف الشعب حول الحكومة الجديدة، التي بدأت في اتخاذ إجراءات تنحاز للفلاحين في مواجهة الإقطاعيين وأعوانهم الأجانب.
بينما كانت بريطانيا تتابع الأحداث بعين صقر ينتظر لحظة الهجوم على الفريسة، أراد السلطان العثماني انتهاز الفرصة لتأكيد سلطته ونفوذه في مصر، فأرسل "الوفد العثماني الأول" إلى القاهرة برئاسة المشير علي نظامي باشا في أكتوبر، بحجة تقصي الحقائق عن "التمرد العسكري" على حد تعبيره، كما طلب من بريطانيا وفرنسا التدخل، والضغط على الخديو توفيق لعزل وزارة محمود سامي البارودي باشا، الذي تولى رئاسة الحكومة بطلب من الثوار، فتم عزله بالفعل في 26 مايو 1881.
سار السلطان عبد الحميد بجد في مشروعه فأرسل "الوفد العثماني الثاني" إلى مصر، بعضوية 58 تركيا وزعامة المشير مصطفى درويش باشا المعروف بميوله للإنجليز، وصل الوفد إلى القاهرة في 7 يونيو، وبعد 4 أيام فقط من وصوله بدأ الأسطول البريطاني في قصف الإسكندرية صباح 11 يونيو 1882، ويرتكب"مذبحة الإسكندرية" بقيادة الجنرال "بوشان سيمور"، حيث قتل الآلاف من أبناء المدينة.
content-2750854092574334670.jpg

البطل المصري
طلب مصطفى درويش باشا من وزير الحربية المصري أحمد عرابي مغادرة مصر لأنها "ستقع في يد بريطانيا"، ونصحه بالسفر إلى إسطنبول، ووعده بتلقي كل رعاية وتقدير من السلطان، وأصدر بالفعل أمرا بمنح عرابي "النيشان المجيدي" من الطبقة الأولى، لاستمالته، لكن الزعيم الوطني أدرك المخطط الحميدي، فرفض كل تلك الامتيازات واعتبرها رشوة سياسية.
بدأت أساطيل لندن التي تحاصر الساحل المصري الشمالي في التحرك، فيما أصر عرابي على المقاومة والدفاع عن تراب بلاده، لذلك أرسل إلى ويلفريد بلنت سكرتير سفير إنجلترا بإسطنبول، في 2 يوليو 1882، قائلا :"لتتأكد إنجلترا من أن أول طلقة بندقية تطلقها على مصر ستعفي المصريين من كل المعاهدات والاتفاقيات، وسيكون معنى ذلك انتهاء المراقبة والديون ومصادرة أملاك الأوروبيين وتدمير القنوات وقطع طرق المواصلات (قناة السويس) واستغلال الحماسة الدينية لدى المسلمين للترويج للجهاد في سورية والجزيرة العربية والهند".
خيانة سلطان
خشي عبد الحميد على امتيازات الدول الأوروبية في الولايات العثمانية أكثر من الأوروبيين أنفسهم، فقرر التضحية بأي شيء في مقابل استمرار تحالفه مع الغرب، في ظل خوفه من روسيا التي كانت تحقق انتصارات ساحقة على جيوشه المنهارة في البلقان، فلم يمنع من سقوط إسطنبول في قبضة قيصر موسكو إلا تدخل بريطانيا العظمى والجمهورية الفرنسية إذ رأت الدولتان أن حماية الدولة المتهالكة أقصر سبيل لسد الطريق أمام التوسع الروسي.
أرسل درويش باشا تلغرافا إلى عبد الحميد في 5 يوليو جاء فيه "إن عرابي يعلن أنه لا يخشى الإنجليز، الذين ستؤدي أول خطوة من جانبهم إلى حركات انتقامية تؤدي إلى دمارهم، ومما لا شك فيه أن مجرد إطلاق أول طلقة بندقية من عرابي سيؤدي إلى قيام المسلمين بالثورة من قلب إفريقيا إلى أقاصي الهند... والمصريون يفضلون أن يحاربوا الأجانب على التسليم".
انفرد الأسطول البريطاني بالإسكندرية، بعد أن تلقى الأسطول الفرنسي أمرا من حكومته بالانسحاب، فأرسل "سيمور" قائد الأسطول البريطاني إنذارا إلى عرابي في 10 يوليو بتسليم المدافع المنصوبة في رأس التين وميناء الإسكندرية، وإلا ضرب الحصون في صباح اليوم التالي، وكان رأي درويش باشا قبول الإنذار البريطاني وإعلان استسلام الجيش المصري، كما اعترض على قرار عرابي ردم قناة السويس، حتى يغلق الباب أمام القوات البرية البريطانية في حالة انتصارها في الإسكندرية، وبعد أن دكت المدافع البريطانية حصون المدينة تزعم درويش باشا والخديو توفيق تيار الاستسلام وأصبحا في رعاية سيمور والأسطول البريطاني.
في يوم 24 يوليو أعلن سعيد باشا الصدر الأعظم لسفير بريطانيا في مؤتمر الآستانة المنعقد لمناقشة المسألة المصرية أن السلطان لن يضحي بمنصب "خليفة المسلمين" بإغضاب أوروبا، وبناء على ذلك "سنضحي بمصالح إسطنبول في مصر لحساب إنجلترا".
ووفق ما ذكره أحمد عبد الرحيم مصطفى في كتابه "مصر والمسألة المصرية"، انزعج عبد الحميد حين تلقى تحذيرات علماء الأزهر وأنصار حركة الجامعة الإسلامية مفادها أن تعاونه مع إنجلترا ضد حماة الإسلام (عرابي) سيثير الاستياء لدى عامة المصريين والسوريين والعرب، وقد يمكن عرابي من الحصول على فتوى تنص على خلعه.
content-2519026085720386720.jpg

فرمان بيع مصر
أرسل عرابي باشا برقية إلى السلطان، شكا فيها من مسلك درويش باشا مستنكرا الموقف العثماني المتخاذل، فقال: "آثر درويش باشا أن يقف إلى جانب الخديو في الإسكندرية، يقدم له التأييد على الرغم من احتلال القوات البريطانية لهذه المدينة".


تلقى عبد الحميد الرسالة بغضب شديد، بعد أن انكشف المخطط الحميدي لبيع مصر. وكان رده على برقية عرابي إصدار "فرمان عصيان عرابي" في 5 سبتمبر 1882، ونشره في الصحف العثمانية، بعدما حصل على ثمن خيانته في صورة قروض من بنوك بريطانية، وافقت على منحه 450 ألف جنيه إسترليني.
أضفى فرمان الخليفة المزعوم الشرعية على الاحتلال، بعدما تمكن الإنجليز من دخول بورسعيد والإسماعيلية، رغم تكبدهم خسائر ضخمة على يد أبطال المقاومة المصرية، لم تمكنهم من السيطرة على السواحل لفترة طويلة، كما ترك أثرا كبيرا في حالة الضباط والجنود المعنوية،وفي صفوف الشعب ذاته الذي وقع ضحية الارتباك.
وش القملة
ادعى فرمان العصيان أن "أعمال عرابي باشا مخالفة لإرادة الدولة العلية، فقد هدد أساطيل دولة حليفة للدولة العلية السلطانية، وبناء على ما تقدم يحسب عرابى باشا وأعوانه عصاة ليسوا على طاعة الدولة العلية السلطانية، وحركة عرابي باشا مخالفة للشريعة الإسلامية الغراء مضادة لها بالكلية".
في أعقاب الفرمان، انطلقت أبواق الدعاية العثمانية تنشر الأخبار المغلوطة بصدور فتوى من شيخ الإسلام بتكفير عرابي، وكل من يحارب في صفه، فيما تروج لقوة الجيش البريطاني، وتفتي بحرمة قتالهم لأنه بمثابة إلقاء المسلم بيده للتهلكة.
في المقابل، انتصر المصريون لعرابي، ورأوا فيه المنقذ، واعتبروه باعثا للأمة قامعا للفساد، وخرجت الحشود تهتف "الله ينصرك يا عرابي" و"يا مولانا يا عزيز أهلك عسكر الإنجليز" و"يا سيمور يا وش القملة.. من قال لك تعمل دي العملة".
لكن الخيانة العثمانية أثرت في وحدة الجبهة الداخلية، وفي 13 سبتمبر أحرز "ولسلي" قائد الغزو نصرا سهلا في معركة لم تستغرق أكثر من 30 دقيقة في التل الكبير، حيث فاجأ الإنجليز القوات المصرية المتمركزة بالقرب من قناة السويس، فحصدوا أرواح الآلاف، وقد تسلحوا بخطط عرابي العسكرية التي سلمها خونة إلى إسطنبول، ولم تكن هزيمة عرابي مرجعها كفاية القوات الإنجليزية، بقدر سوء حالة الجيش المصري المعنوية والعسكرية بسبب فرمان العصيان، لتسقط مصر في قبضة محتل بعد محتل.
المصادر :


1 -
2 -
3 -
4 -
5 -
6 -
7 -
8 -
9 - لورد كرومر: الثورة العرابية



عجيب هذا الفيديو من الْيَوْمَ كأنه الذي حمله كان يريد الرد عليك أو ربما مصادفة
 
940x409-323592787331007495.jpg


بلا رصاص.. الاحتلال العثماني يسلم الجزائر إلى "الفرنسي"


العثمانيون خربوا الجزائر، مزقوها إلى إقطاعيات متناحرة، وسخروا شعبها للخدمة فيها، فانتشر الفقر وسادت الأمراض والمجاعات ليتراجع تعداد السكان إلى حدود مرعبة هددت بفناء الأرض ومن عليها، ليسلم السلطان مفاتيحها باليد إلى الاحتلال الفرنسي، ويتواصل مخطط الإبادة بتقديم مليون شهيد لانتزاع الاستقلال.
تفككت الجزائر تحت الاحتلال العثماني، وباتت منذ العام 1827 أرضا هزيلة، لا حقل فيها ولا جيش، بفضل هجمات الوالي وعصاباته التي أطلقها على الفلاحين لجباية المال واقتلاع الزرع من الجذور، وحين هبط الفرنسيون سواحلها عام 1830 تمت عملية الاستلام والتسليم دون أن تطلق بنادق الاحتلالين رصاصة واحدة.
الجزائر.. خرابة العثمانلي
عجز العثمانيون عن بناء مجتمع حديث بسبب سيادة القبلية، ولم يرتقوا إلى مفهوم المواطنة، فتعاملوا مع الشعوب المحتلة خاصة العرب باعتبارهم في "مرتبة أدنى" من الترك، هكذا كان الحال والاحتلال في الجزائر، حرم العرب من الانضمام إلى الجيش أو إدارة شؤون بلادهم.
ولاء الجيش العثماني في الجزائر كان للمال ولمن يسدد رواتب العسكر، سواء كان أجنبيا أو تركيا، فانتشرت الفتن بين الجنود واضطرب الأمن وباتت مشاهد السرقة والنهب يومية في البلاد، رصد المؤرخون أحوال الجزائر قبيل الاحتلال الفرنسي، وتذكر الدراسات التاريخية أن عهد العثمانيين تميز بكثرة الثورات بسبب التهميش وقسوة الضرائب.
أغلب ولاة الجزائر انتهت فتراتهم بالاغتيال أو الإعدام على يد الثوار، فيما تدهورت الحالة الصحية والمعيشية للسكان بشكل ملحوظ، فانعكست على تراجع القوة البشرية بسبب انتشار الأوبئة والأمراض، فضلا عن الأوضاع الاجتماعية المتأزمة بسبب الاضطرابات بين الإنكشارية والیهود وكذلك الثورات الداخلیة.
content-702186073811624400.jpg

إهانة القنصل الفرنسي
عرف الداي أو الوالي الأخير للجزائر حسين باشا بتفضيله لليهود، حيث منحهم امتيازات وتسهيلات مكنتهم من التحكم في تجارة الحبوب وتصديرها، مثل التاجرين اليهوديين بكري وبوجناح اللذين صدرا حبوب الجزائر إلى فرنسا، خاصة في فترة الثورة وما تبعتها من أزمات، وتراكمت الديون على باريس، وزعمت أنها تجاوزت 24 مليون فرنك، فتشكلت لجنة للمراجعة وقدرتها بإجمالي 7 ملايين فرنك فقط.
دفعت الحكومة الفرنسية 4.5 مليون فرنك إلى التاجر بكري، وأبقت 2.5 مليون في صندوق لدفع المستحقات عن المدينين للمرابي اليهودي، فيما ادعى الداي العثماني أن له ديونا عند بكري، فأسكته الأخير ببقية المبلغ المحفوظ في الصندوق الفرنسي، وحاول الداي التواصل مع ملك فرنسا للحصول على أموال الصندوق، لكن الأخير رفض الرد.
زار قنصل فرنسا الداي في قصره في العام 1827، وسأله المضيف عن رد الملك فقال القنصل: "رده ألا تكتب إليه مرة أخرى، وأن تكون مراسلاتك إلى القنصل"، فاغتاظ وكانت بيده منشة لطرد الذباب عن وجهه، فضرب بها القنصل وسب الملك. طلبت فرنسا اعتذارا رسميا من الداي فرفض، فحاصرت الجزائر بحرا، ورد العثمانلي بتدمير المنشآت الفرنسية في البلاد.
تولى الليبرالي جان باتيست مارتيناك رئاسة وزراء فرنسا عام 1828، ولم يجد منفعة من الحصار، فأرسل مبعوثا إلى الداي للتوصل إلى حل سلمي، لكن الأخير تعنت مرة أخرى، بل وقصف سفينة المبعوث الفرنسي، فقررت باريس شن حملة عسكرية على الجزائر للانتقام لشرفها ومحاربة القراصنة الأتراك فضلا عن الأطماع الاقتصادية للحاق بالاستعمار البريطاني، فخرجت الحملة العسكرية عام 1830 وبعد 20 يوما دانت لهم الولاية العثمانية دون مقاومة تركية.
content-571612701664715373.jpg

تواطؤ تركي
سقوط الجزائر السريع كان متوقعا بسبب انفراد الداي حسين بالسلطة وانعزاله عن الناس واعتماده على فئة قليلة من الجنود والأقارب وعدم اهتمامه بتكوين جيش منظم وتفضيله لليهود باحتكار تجارة الحبوب مع الخارج، أما عن أحوال الحكام الترك فكان منهم الباي حسان الذي ترأس بايلك الغرب، وكان شيخا كبيرا لم يطمح إلا للسكينة ولم يكن مؤهلا لمواجهة الفرنسيين.
علم الداي بانطلاق الحملة الفرنسية قبلها بـ 6 أشهر، وكان يعلم مكان إنزال القوات في سيدي فرج، ورغم ذلك لم يحصن المدينة، حيث اقتصرت دفاعاتها على 300 فارس فروا حين نزل الفرنسيون إلى البر، ولم يلق الاحتلال الجديد أية مقاومة من الحامية التركية.
حين تأكد الداي من إنزال الجيش الفرنسي في سيدي فرج شعر بالخوف على نفسه وسلطته، فدعا الأعيان إلى اجتماع لمناقشة الأمر، فأشاروا إليه بالمقاومة والاستشهاد، لكنه فضل الاستسلام، وارتكب الداي خطأ فادحا بإعدام قائد جيشه البارع الأغا يحيى، وعين بدلا منه صهره الأغا إبراهيم، عديم الخبرة في القيادة والقتال، ووصفه الشريف الزهار بأنه "مثل الحمار لا يعرف إلا الأكل والنكاح".
فرار الأتراك
مهد تعيين الأغا إبراهيم على رأس الجيش الطريق للاحتلال الفرنسي لاستلام الجزائر، وادعى القائد العثماني امتلاكه 5 آلاف من المغامرين الذين يذهبون ليلا إلى معسكر العدو ويشيعون فيه الفوضى والاضطراب حتى يقتل الفرنسيون بعضهم بعضا، في المقابل رفض القائد حفر الخنادق حول العاصمة، وقال: "إننا نحن الخنادق الحقيقون، وسنكون تعساء إن عجزنا على حماية جيشنا".
هبت قبائل الجزائر للدفاع عن وطنها وانضمت إلى القوات التركية، ووصل عدد الجيش تحت إمرة الداي إلى 80 ألف مقاتل أغلبهم من فرسان القبائل، ولم يكن الترك حريصين على رد الهجوم الفرنسي، فمنعوا السلاح عن القبائل وكذلك المؤن والذخيرة.
اشتبك الأتراك مع الفرنسيين بعد أن تشجعوا بمساندة القبائل، ولكن القائد التركي الأغا إبراهيم فر من المعركة وترك العتاد والمؤن غنيمة للفرنسيين، وكتب الزعيم الوطني الجزائري حمدان خوجة "جاء الأغا إبراهيم ليحارب فرنسا دون جيش منظم ودون ذخيرة ومؤن، حيث كلل بهزيمة شنعاء في موقعة سطوالي وهرب من المعركة تاركا جيشه ومخيمه، واختفى في دار ريفيه مع بعض خدمه"، لم يعزل الداي حسين الأغا إبراهيم الجبان، ولكنه أرسل إليه من يسترضيه للعودة فرجع، وحين وقع الصدام مع الفرنسيين في سيدي خالد وقلعة الإمبراطور فر مجددا.
content-153001367772522354.jpg

استسلام الداي
أرسل الداي حسين باشا رسله إلى قائد الجيش الفرنسي دوبرمون يعرض عليه الاستسلام مقابل ضمان سلامته الشخصية، وطلب أن تضمن معاهدة الاستسلام حماية أملاكه والإنكشارية، وسلم الشعب الجزائري للفرنسيين على طبق من ذهب، وفر بثروته إلى مصر، وترك خزانة الجزائر للفرنسيين وكانت بها كميات من الذهب والفضة تقدر بـ 25 مليون فرنك.
يقول المؤرخ صالح عباد في كتابه "الجزائر خلال الحكم التركي" إن "الداي لم يترك الخزانة سالمة فحسب للفرنسيين، بل سلم البلاد بكاملها مقابل تأمين حياته وحياة حاشيته وحياة الإنكشارية، فرحل تاركا رعيته تقاوم الاحتلال دون مال أو سلاح"، واستسلم الباشا حسان حاكم وهران مقابل الخروج آمنا بثروته وآثاث قصره ومصوغاته.
تعاون باي تونس التركي حسين باشا مع القوات الفرنسية وقدم لها المساعدة في أثناء غزو الجزائر، ولعب دورا لاحقا في معاونة الاحتلال الجديد على محاربة المقاومة الوطنية، أما فئة الكراغلة التركية فتعاونت مع الفرنسيين ضد المقاومة بزعامة الأمير عبدالقادر حرصا على مصالحها وكرها في العرب، فضلا عن انضمام جنود أتراك إلى الجيش الفرنسي منذ العام 1831.
content-960161591365937697.jpg

مقاومة وخيانة
اجتمعت قبائل بني هاشم وبني عامر والرجية في إقليم وهران، وأسندوا قيادة المقاومة إلى الشيخ محيي الدين والد الأمير عبدالقادر، وشارك الأخير مع والده في الانتفاضة التي حققت انتصارات كبيرة، لكن العثمانيين تسببوا في وأدها بالقبض على الأمير عبدالقادر وتأليب القبائل ضد بعضها البعض.
نسيت الدولة العثمانية مسألة الجزائر، واهتمت أكثر بالحفاظ على صداقة فرنسا على حساب الشعب الجزائري، وبعد سقوط الدولة وقيام الجمهورية ساندت تركيا فرنسا في قمع المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين، وامتنعت عن التصويت على قرار أممي يعترف باستقلال الجزائر عام 1962.
المصادر :

1 -
2 - سهل وليد: حمدان خوجة ونشاطه أواخر العهد العثماني وبداية الاحتلال الفرنسي
3 - بقبق الزهرة: الأمير عبد القادر في الأسر
 
Selim The Osmanli

Dt-spdhXcAUTVam.jpg

مواطنون يقرأون اعلان الجهاد العام "سفر برلك" العام 1914
 
الكثير من الناس الان يسهل استغفال عقولها لعدم اطلاعهم على التاريخ ، وكل مايعرفونه التاريخ الذي يتبنى الروايه الانجليزيه وعملائها

أفهم من كلامك بأنك تؤيد الإحتلال العصملي و نشرهم للجهل و الفقر و البدع و الشرك في بلاد العرب

تاريخ العصملي في بلادنا و دعني أتكلم عن نفسي أخذناه من أجدادنا الذين بذلوا دماؤهم الطاهرة لإخراج المشركين من أرضهم و ديارهم عندما حاولوا السيطرة عليها و تطهيرها من رجسهم

و كم أحس بالفخر عندما أمر على أرض معركة الحفائر
الأرض التي أرتوت رمالها بدماء ما يقارب ال 1000 من رجال القبائل و تحوي رفات ما يقارب ال5000 من الغزاة


نصيحة كن منصفا و دع عنك الأحلام فالخلافة الصوفية ذهبت و لن تعود و التاريخ لن يرحم أحد خصوصا من يدافع عن مغتصب أرضه

تاريخنا أخذناه من أجدادنا مباشرة و لن تنفع حيلة التشكيك
 
التعديل الأخير:
أفهم من كلامك بأنك تؤيد الإحتلال العصملي و نشرهم للجهل و الفقر و البدع و الشرك في بلاد العرب

تاريخ العصملي في بلادنا و دعني أتكلم عن نفسي أخذناه من أجدادنا الذين بذلوا دماؤهم الطاهرة لإخراج المشركين من أرضهم و ديارهم عندما حاولوا السيطرة عليها و تطهيرها من رجسهم

و كم أحس بالفخر عندما أمر على أرض معركة الحفائر
الأرض التي أرتوت رمالها بدماء ما يقارب ال 1000 من رجال القبائل و تحوي رفات ما يقارب ال5000 من الغزاة


نصيحة كن منصفا و دع عنك الأحلام فالخلافة الصوفية ذهبت و لن تعود و التاريخ لن يرحم أحد خصوصا من يدافع عن مغتصب أرضه

تاريخنا أخذناه من أجدادنا مباشرة و لن تنفع حيلة التشكيك


لا مشكله لدي في قتالك لدوله العثمانيه ، المشكله في الاستعانه بالانجليز وانتو اعتقد استعنتو بالايطاليين ولا ؟

والاهم من ذلك حديثي عن الثوره العربيه اللي اقامها الانجليز


قتال العرب مع العثمانين امر طبيعي فهذا صراع القوى مثلا استقلال مصر عن الدوله العثمانيه ولو ان حدث فيه بعض الامور ولكنه مثال جيد لاستقلال العرب

حاربنا العثمانين كثيرا ولكن عندما اتى الانجليز لم نشارك مع الكفار لاسقاطهم
 
لا مشكله لدي في قتالك لدوله العثمانيه ، المشكله في الاستعانه بالانجليز وانتو اعتقد استعنتو بالايطاليين ولا ؟

والاهم من ذلك حديثي عن الثوره العربيه اللي اقامها الانجليز


قتال العرب مع العثمانين امر طبيعي فهذا صراع القوى مثلا استقلال مصر عن الدوله العثمانيه ولو ان حدث فيه بعض الامور ولكنه مثال جيد لاستقلال العرب

حاربنا العثمانين كثيرا ولكن عندما اتى الانجليز لم نشارك مع الكفار لاسقاطهم

يجب عليك ألا تغفل سياسة المصالح
التحالفات التي قامت في المخلاف أساسها المصلحة
و الهدف الأسمى هو طرد المحتل
لماذا لا أستفيد من عدو عدوي و أستخرج منه كل ما أستطيع الحصول عليه


لمعلوماتك السفن التي حملت الحملة العسكرية العثمانية على المخلاف سفن بريطانية نعم بريطانية يعني كفار


تحالفت دولة الخلافة المزعومة مع ألمانيا (الكفار)
لماذا يحرم على العرب التحالف مع البريطانيين أو الإيطاليين


في النهاية تم طرد العصملي و دق مسمار نعشه
و نفتخر بأن معركة الحفائر أو كما تسمى في مخطوطات العصملي كارثة جازان هي المعركة التي أوقدت شرارة الثورة و حركة الروح العربية و كسرت حاجز الرعب
و بينت للعرب في الجزيرة بأن هزيمة العصملي ليست مستحيلة ووخصوصا بأنهم هزموا على يد رجال قبائل فقراء لا يملكون من الأسلحة إلا البنادق البدائية و السيوف و لم يكن هناك أي دور للإيطاليين إلا عندما انتهت المعركة لطرد السفن و قصف مخازن السلاح
 
الدولة العثمانية المفترى عليها

منذر الأسعد

نخطئ خطاً فادحاً، إذا تصورنا أن إنصاف الدولة العثمانية مسألة تاريخية محضة، بل هي قضية تتصل بحاضر المسلمين ومستقبلهم، باعتبار أن تلك الدولة كانت آخر دولة إسلامية تضم أكثر البلدان المسلمة، فمنذ تفكيكها وتمزيقها أصبح للمسلمين 57 دولة!!!

وها هي تركيا-مقر الخلافة العثمانية-تستعيد هويتها السليبة شيئاً فشيئاً، من براثن أعنف تجربة للتغريب القسري في العصر الحديث، وذلك على أيدي نفر من الساسة المحنكين من ذوي الجذور الإسلامية، وبخاصة أن سنوات حكمهم التسع المستمرة حتى اليوم، حققت نتائج مبهرة في ميادين السياسة والاقتصاد والإستراتيجيا.

لقد تعرض التاريخ الإسلامي كله لمحاولات تشويه متعمدة من أعداء الإسلام، لكن الدولة العثمانية حظيت بالنصيب الأكبر من تلك المساعي الخبيثة، فقد التقى على تزوير تاريخها غلاة القوميين من العرب والترك على غرار سادتهم الغربيين الحاقدين على دولة وقفت في وجه الأطماع الصليبية خمسة قرون وقفة عز تستحق التقدير والاحترام.ويضاف إلى ذلك الشانئون من أبناء المذاهب الباطنية المارقة، كالدروز والرافضة والنصيرية والإسماعيلية، الذين يمقتون كل دولة تقوم على أساس الإسلام وتهتدي بمبادئه وقيمه وأحكامه.

وإن كتاب (الدولة العثمانية/ عوامل النهوض وأسباب السقوط) من أفضل الكتب التي تنافح عن التاريخ العثماني المشرق بعامة من دون أن يكون هذا التاريخ فوق النقد، فهو في النهاية جهد بشري فيه الصواب والخطأ، وقد كان في الدولة العثمانية نقاط قوة وصلاح وموطِن ضعف وفساد.

ومؤلف هذا الكتاب القيّم هو الشيخ المؤرخ الليبي المجيد علي بن محمد الصلابي، صاحب المؤلفات الرائعة في التأريخ الإسلامي على امتداد عصوره الزاهية.

ولقد أحسن الرجل في بحثه المتميز الممتد على 992 صفحة، ولعل أصدق تعبير عن ذلك جاء في مقدمة الكتاب، الذي يقدم صورة واضحة عن أصول الأتراك، وتاريخ اعتناقهم الإسلام ثم يعرض نماذج من إنجازاتهم المجيدة في التاريخ، ويستقي من بطون المصادر والمراجع تراجم لشخصيات تركية صهرها القرآن الكريم والسنة الشريفة وأسهمت في بناء الحضارة الإسلامية، ابتداء من السلاجقة وصولاً إلى الأتراك الذين قاموا ببناء الدولة العثمانية، مع تركيز مفهوم على زعماء هذه الدولة كعثمان الأول وأورخان ومراد الأول وبايزيد الأول ومحمد الفاتح،، ويبيّن الكتاب كيف حقق هؤلاء القادة الأوائل شروط التمكين، وكيف أخذوا بأسبابه المادية والمعنوية؟ وما هي المراحل التي مرت بها؟ وكيف كان فتح القسطنطينية نتيجة لجهود تراكمية شارك فيها العلماء والفقهاء والجنود والقادة على مر العصور.

ويوضح الكتاب حقيقة الدولة العثمانية وتألقها الحضاري الشامل، والأسس التي قامت عليها والأعمال الجليلة التي قدمتها للأمة؛ كحماية الأماكن المقدسة الإسلامية من مخططات الصليبية البرتغالية، ومناصرة أهالي الشمال الأفريقي ضد الحملات الصليبية الإسبانية وغيرها، وإيجاد وحدة طبيعية بين الولايات العربية، وإبعاد الزحف الاستعماري عن ديار الشام ومصر، وغيرها من الأراضي الإسلامية، ومنع المذهب الرافضي من التسلل إلى الولايات الإسلامية التابعة للدولة العثمانية ومنع اليهود من استيطان فلسطين، ودوره الخلافة العثمانية في نشر الإسلام في أوربا.

ولا يغفل المؤلف عن رصد سلبيات الخلافة العثمانية، والتي كان لها الأثر في إضعاف الحكم، كإهمالها اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم والحديث الشريف في أخر عهدها، وعدم الوعي الإسلامي الصحيح، وانحرافها عن شرع الله تعالى وأخيراً تأثرها بالدعوات التغريبية.

ويؤرخ الدكتور الصلابي حقيقة الصراع بين الدعوة الإصلاحية التي نهض بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب والدولة العثمانية، ويفضح الدور المشبوه الذي قام به والي مصر محمد علي لصالح بريطانيا وفرنسا في ضرب جهود الإحياء الإسلامي في مصر والحجاز والشام، وعن حركته التغريبية التي كانت خطوة نحو الانسلاخ عن المبادئ الإسلامية الأصيلة وهو يتحدث عن الدعم الماسوني الذي كان يوجه سياسات محمد علي المدمرة للأمة الإسلامية...

ويتكلم الكتاب عن فترة التغريب المؤسفة على يد السلطان محمود الثاني ثم ابنه عبد المجيد الذي كان خاضعاً لتأثير وزيره رشيد باشا الغارق في مستنقع الماسونية، حيث أدار هذا الوزير مع أنصاره عجلة التغريب الغرب في تنظيم الجيش، وعلمنة المجتمع، وتعزيز مركزية السلطة في استانبول والولايات، وصولاً إلى دستور مدحت باشا عام 1876م المنسوخ عن الدستور الفرنسي والبلجيكي والسويسري وهي دساتير وضعية علمانية.

وقد هيمن رجال التغريب على الدولة العثمانية في زمن السلطان عبد العزيز وعندما تعرض لكثير من مخططاتهم عزلوه ثم قتلوه.
ثم يحدثنا الكتاب النفيس عن الجهود العظيمة التي قام بها السلطان عبد الحميد خدمة للإسلام، ودفاعاً عن دولته، وتوحيداً لجهود الأمة تحت رايته، وكيف ظهرت فكرة الجامعة الإسلامية في عهده، ويفصل الكتاب في الوسائل التي اتخذها السلطان عبد الحميد في تنفيذ مخططه للوصول إلى الجامعة الإسلامية، كالاتصال بالدعاة، وتنظيم الطرق الصوفية، والعمل على تعريب الدولة، وإقامة مدرسة العشائر، وإقامة خط سكة حديد الحجاز، وإبطال مخططات الأعداء كالمتمردين الأرمن، والقوميين البلقان، وحركة حزب الاتحاد والترقي، والوقوف مع الحركات الانفصالية عن الدولة العثمانية وهي حركات هدامة حظيت بدعم قوي من اليهودية العالمية.

ثم يجلّي الكتاب كيف استطاع أعداء الإسلام عزل السلطان عبد الحميد، ويحدد الخطوات التي اتخذت للقضاء على الخلافة العثمانية وصناعة البطل المزيف مصطفى كمال الذي عمل على سلخ تركيا من عقيدتها وإسلامها، وحارب التدين، وضيق على الدعاة، ودعا إلى السفور والاختلاط، ولم يترك الكتاب الحديث عن بشائر الإسلام في تركيا ويشير إلى الجهود العظيمة التي قامت بها الحركة الإسلامية في تركيا بفصائلها المختلفة.

وفي نهاية الكتاب يهتم المؤلف بإبراز أسباب سقوط الدولة العثمانية من المنظور الإسلامي، ويتصدر تلك الأسباب: انحراف الأمة عن مفاهيم دينها، كعقيدة الولاء والبراء، ومفهوم العبادة، وانتشار مظاهر الشرك والبدع، وظهور الصوفية المنحرفة كقوة منظمة في المجتمع الإسلامي تحمل عقائد وأفكاراً وعبادات بعيدة عن كتاب الله وسنة رسوله.

ويتحدث الكتاب عن غياب القيادة الربانية كسبب في ضياع الأمة وخصوصاً عندما يصبح علماؤها ألعوبة بيد الحكام الجائرين، ويتسابقون على الوظائف والمراتب وغاب دورهم المطلوب منهم، وكيف أصيبت العلوم الدينية في نهاية الدولة العثمانية بالجمود والتحجر، وكيف اهتم العلماء بالمختصرات والشروح والحواشي والتقريرات، وابتعدوا عن روح الإسلام الحقة، ورفض كثير من العلماء فتح باب الاجتهاد، وأصبحت الدعوة لفتح بابه تهمة كبيرة تصل إلى الرمي بالكبائر، وتصل عند بعض المقلدين والجامدين إلى حد التكفير.، وتعرض الكتاب للظلم الذي انتشر في الدولة وبخاصة في الفترات المتأخرة، وما أصابها من الترف والانغماس في الشهوات وشدة الاختلاف والتفرق وما ترتب على الابتعاد عن شرع الله من آثار خطيرة، كالضعف السياسي والعسكري والاقتصادي والعلمي والأخلاقي والاجتماعي، وكيف فقدت الأمة قدرتها على المقاومة، وكيف استعمرها الأعداء وغزيت فكرياً، نتيجة لفقدها شروط التمكين وابتعادها عن أسبابه المادية والمعنوية، وجهلها بسنن الله في نهوض الأمم وسقوطها، قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} (سورة الأعراف: الآية 196).

ويقول المؤلف في ختام تقديمه بتواضع أهل العلماء: (إن هذا الجهد المتواضع قابل للنقد والتوجيه وهو في حقيقته محاولة جادة للجمع والترتيب والتفسير والتحليل للأحداث التاريخية التي وقعت في زمن الدولة العثمانية والتي تأثرت بحركة الشعوب في صراعها العنيف فيما بينها نتيجة للاختلاف في العقائد والمناهج والأهداف والقيم والمثل؛ فإن كان خيراً فمن الله وحده وإن أخطأت السبيل فأنا عنه راجع إن تبين لي ذلك، والمجال مفتوح للنقد والرد والتوجيه).


 
التاريخ العثماني المفترى عليه

أياد الدليمي

ليس التاريخ مجرد سير وقصص من الماضي، يتم روايتها لجيلي الحاضر والمستقبل. إنه روح، مادة قادرة على أن تصنع الحاضر وحتى المستقبل. إنه دروس وعبر، مادة لها القدرة على أن تصنع أمة أو تطيحها. يقول الكاتب والروائي الإنكليزي، جورج أورويل: من يتحكّم بالماضي يتحكم بالمستقبل، ومن يتحكّم بالحاضر يتحكّم بالماضي. وهو بهذا يشرح، باختصار، أهمية التاريخ في حياة الأمم، وكيف أنه يمكن أن يقودك إلى المستقبل، ولكن فقط عليك أولاً أن تُمسك بهذا التاريخ، وحتى تُمسك به، لا بد لك أن تمسك بالحاضر.
لم يتعرّض تاريخ حقبةٍ زمنيةٍ للتشويه والتزوير، كما تعرّض له التاريخ العثماني. أولا من الأتراك أنفسهم، فبعد انهيار الخلافة العثمانية، ومجيء الدولة التركية الحديثة على يد القوميين الأتراك بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، قام هؤلاء بعملية التبرؤ من تاريخ الدولة العثمانية، فلم يتورّعوا عن نشر تاريخٍ لهذه الخلافة العثمانية، تاريخٍ يشوّه الحقائق ويزوّرها، بهدف قطع العلاقة، حتى الروحية، ما بين الشعب التركي وإرثهم العثماني الممتد ستة قرون، فالقوميون الأتراك، قبل غيرهم، كانوا يخافون من أن يبدأ شعبهم التركي بالحنين إلى هذا الماضي.
"نحتاج اليوم أن نقرأ التاريخ بعيوننا نحن، لا بعيون غيرنا. بفهمنا نحن له، لا بفهم غيرنا، فنحن اليوم أقدر من الآخرين على قراءة تاريخنا"


ثم كان العرب ثاني من أسهموا في تشويه التاريخ العثماني، فمعروف أن الدول العربية التي أنشئت عقب انهيار الدولة العثمانية تبنت القومية شعارا، فكان أن كتبت هذا التاريخ بنظرة قومية بحتة، ولعل المناهج الدراسية، وتحديدا مادة التاريخ، كانت زاخرة بذلك، ولعل من أولى تلك الأكاذيب وصف الخلافة العثمانية بالاستعمار، والكل يعرف أن العثمانيين كانوا خلافة إسلامية، تتبنى المذهب الحنفي في قوانينها، ولم تكن دولة استعمارية. نعم ربما شابت هذه الدولة، والإمبراطورية الكبيرة، من وقت إلى آخر، ممارسات تشبه ممارسات مستعمر، إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون سببا لوصف هذه الدولة بالاستعمار.
أسهم الغربيون إسهاما كبيرا أيضا في تشويه صورة الدولة العثمانية، فقد ذاق الغرب الأوروبي ويلات الدولة العثمانية القوية التي كانت تهدّد كبرى عواصم الغرب، حيث تفيد كتب التاريخ بأن الدول الغربية كانت تدفع الجزية للدولة العثمانية، وآخرهم أميركا، الدولة التي كانت مكتشفة حديثا. أما علاقة الغرب مع السلطان عبد الحميد الثاني، وكيف وقف بوجهه، ورفض استقطاع فلسطين لدولة يهودية، فذلك أشهر بكثير من أن يُفرد له جانب من هذه العجالة.
ليس دفاعا عن التاريخ العثماني، فهو قادر على أن يقف على قدميه، ويدافع عن نفسه بوجه من يريد تشويهه أو يحاول ذلك، ولكن الانتقاص من التاريخ العثماني هو انتقاص من العرب، مادة الإسلام الأولى، فالعرب كانوا جزءا من هذه الخلافة، ولعل الضباط العرب في الجيش العثماني الذين قاتلوا في حروبٍ كثيرة للدولة العثمانية، وحتى الحرب العالمية الأولى، دليل آخر على أن العرب كانوا جزءا فاعلا من هذه الخلافة. نعم قد يأتي سلطان ويستبعدهم وآخر يقرّبهم، تماما كما فعلت خلافات إسلامية "عربية"، منذ الخلافة الأموية.
نحتاج اليوم أن نقرأ التاريخ بعيوننا نحن، لا بعيون غيرنا. بفهمنا نحن له، لا بفهم غيرنا، فنحن اليوم أقدر من الآخرين على قراءة تاريخنا. وعلينا أن نعيد قراءة التاريخ، حتى نعرف الحاضر. لماذا وصلنا إلى هذه الحالة التي نحن عليها، لماذا فقدنا فلسطين وأراضي عربية أخرى؟ لماذا لم تصمد قوميتنا؟ لماذا لم تنجح تلك القومية أصلا؟ وهل نحن قوم يمكن أن نُحكم بالقومية، أم أننا أمة ما كان لها أن تكون لولا الإسلام ؟ كثير من تساؤلاتنا يمكن أن يجيب عليها التاريخ، التاريخ الإسلامي، أمويا كان أو عباسيا أو عثمانيا.

يقول الكاتب الأميركي الساخر، مارك توين، "الحبر الذي كتب به التاريخ ما هو إلا تعصب سائل".
 
الخلافة العثمانية المفترى عليها
أ.د. إبراهيم أبو جابر - مدير مركز الدراسات المعاصرة


1 ـ تعرّضت الخلافة العثمانية لسيل من الافتراءات والإهانات، والذم والقدح، وألصقت بها تهم لا عدّ لها ولا حصر، من عربٍ وعجم، عن علم ودراية ومكيدة أو دون ذلك من مقلّدين وناعقين ومثقفين ممن شرّبوا العلمانية وعداء الإسلام في جامعات وكليات ومحافل الغرب ومن يدور في فلكهم.

من المؤسف أن تدوين التاريخ المعاصر لدول الشرق الأوسط -وعلى رأسها تلك الأقاليم التابعة سابقًا لنفوذ الدولة العثمانية- كتبه ودوّنه مختصون ومثقفون متحاملون عليها، لا بل ويحملون أجندة غير إسلامية، كما أشير أعلاه، إما قوميّة شعوبيّة أو ماديّة علمانية، وبهذا لقـّنت الأجيال تاريخ وسيرة خلافة بطريقة مشوّهة وغير أمينة.

إن أبرز ما حاول هؤلاء إثباته -بل تثبيته ودسّه في المناهج الدراسية وفي مادة التاريخ تحديدًا- وصف الدولة العثمانية -أو قل الخلافة العثمانية- بالدولة الاستعمارية؛ استعمرت الوطن العربي واحتلته وكانت سببًا في تخلّف البلاد العربية الحاصل حاليًا (على حد زعمهم) على جميع المستويات، وعلى رأس ذلك المستوى الحضاري والعلمي والتكنولوجي.

مصطلح الاستعمار التركي أو العثماني المنتشر استعماله على ألسنة الناس وفي بطون المناهج الدراسيّة، ما هو إلا بضاعة غربيّة أو "ماركة غربية" فاسدة بل مسمومة هدفها تشويه تاريخ الخلافة الإسلامية وسلخ الشعوب العربية عن دينها الاسلامي، سرّ الانتصارات والغلبة والتفوّق على الآخرين وفي طليعتهم الغرب. هذه البضاعة وهذه الماركة سوّقها الغرب العلماني لمثقفين وقيادات ليبرالية وعلمانية عربية، إما مستأجرة الأقلام أو الهيئات، أو من حاقدين على الإسلام ومناهجه من العرب أنفسهم الذين أُقنعوا أو اقتنعوا بأن الخلافة العثمانية -وفي التالي الدين الإسلامي- هما سبب التخلف في الوطن العربي.

إن الدولة العثمانية دولة إسلامية، وما الخلافة العثمانية أيضًا إلا امتداد للخلافة الإسلامية العامة منذ صدر الإسلام، مرورًا بالأموية والعباسية؛ فالدولة العثمانية حنفية المذهب، كانت تحكم به وتقضي على أساسه، وتدل سجلات الدولة نفسها على ذلك ومنها "مجلة الأحكام العدلية" وهو تقنين للتشريع الإسلامي وفق قواعد المذهب الحنفي.

وفي التالي فإن مصطلح الاستعمار التركي ما هو إلا محض افتراء مقصود سُوّق للعرب، فلاكته ألسن بعض "المثقفين" العلمانيين منهم، ونصارى الشرق. ولإنجاح هذا المشروع ظهرت النعرة القومية "القومية العربية" وأذرعها المختلفة. وقد وضعت في أعلى سلّم أولوياتها طرد الأتراك وسلطتهم عن الأمصار العربية بكل ثمن، وبدعم مباشر وغير مباشر من أسيادهم في لندن وباريس وغيرهما من عواصم أوروبية استعمارية، مقابل مشروع ووعدٍ وهمي اسمه "الدولة العربية"، لم تر النور حتى يومنا هذا؛ وعليه كانت هناك ضرورة لطرح وتسويق مصطلح الاستعمار التركي للوطن العربي لإثارة النعرة القومية في نفوس العرب ورفع شعار يحاربون من أجله، وهذا ما حصل، فقد ارتكبت مجازر في حق الجيش التركي المسلم، وحوصروا وجُوّعوا وسُلبوا أسلحتهم وأمتعتهم وأموالهم، ومات الكثيرون منهم جوعًا وعطشًا وقلّة في جبال وأودية وصحاري الوطن العربي.

طَرَدَ -لا بل كَسَرَ- العربُ الأتراكَ في المشرق بمساندة شركائهم من الغرب على أمل إعلان "الدولة العربية الحرّة"، لكن هذا لم يحصل؛ وهذا يذكّر بالمثل العربي القائل: "صام صام وأفطر على بصلة"؛ فقد ذهب الشعار أعلاه أدراج الرياح، وكان حبرًا على ورق، فلم يجنِ العرب من قتلهم للأتراك المسلمين وممارساتهم الظالمة في حقهم واتهامهم بالمستعمرين للوطن العربي إلا ضياعًا لفلسطين وتقسيم الوطن المتاجر به إلى دويلات قطرية، وإمارات صغيرة مرتبطة بالغرب، لا بل الاستعمار الغربي، الذي كان ولا يزال رابضًا على صدورنا كجلمود صخرٍ يقوى عوده من يوم إلى آخر وبدعم ومساندة من العرب أنفسهم.

وأخيرًا...
إذا كان همّ العرب ومثقفيهم وقادتهم التخلّص من شيء سموه الاستعمار التركي وقتها، فما هو الأفضل لهم، الاستعمار التركي المزعوم أم الاستعمار الغربي الذي لا يزال يتحكم بالوطن العربي منذ أكثر من 100 عام؛ من أفضل دولة إسلامية تحكم بالشرع رغم ما قد يكون عليها من مآخذ ,أم أنظمة علمانية تناصب الإسلام العداء وتحارب أهله وتسرق مقدرات شعوبه وتمكّن الأعداء منها؟ فعن أي استعمار يتحدثون؟ ألم يحن الوقت للعرب لحذفه وشطبه من كتبهم وعقولهم ونفوسهم بلا رجعة!!

2 ـ حاول اليهود والحركة الصهيونيّة العالمية اقتناص موافقة السلاطين الأتراك -وأهمهم عبد الحميد الثاني- على إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، لكن هذا لم يحصل، فقد أفشل العثمانيون كل محاولاتهم وإغراءاتهم الماديّة ورفضوا هداياهم الثمينة.

موقف الخلافة العثمانية هذا أثار حفيظة اليهود والصهاينة في العواصم الأوروبية تحديدًا، وجعلهم يفكّرون في حيلٍ ومؤامرات وخطط بديلة للتخلص منها وبأي ثمن كان.

ولم يتركوا وسيلة قذرة وغير قذرة إلا واستخدموها لتحقيق أهدافهم وطعن الخلافة العثمانية لإضعافها وتفكيكها، ليسهل تمرير مؤامراتهم وبرامجهم السوداء في المشرق الإسلامي، وللحصول على موضع قدم لهم في فلسطين، فانبروا منذ ذلك الحين يجندون وسائل إعلام غربية وغير غربية لصالح مطالبهم، ووُظّفت الحركة الماسونية العالمية لاحتواء أنظمة وحكومات وشخصيات اعتبارية غربية وشرقية وتجنيدها بأساليبها الخاصة خدمة للمشروع الصهيوني المرهون عدم إقامته ببقاء الخلافة العثمانية؛ فعلى مستوى العالم العربي التفت الحركة الصهيونية على الخلافة العثمانية وبدأت بالتفاوض مع العرب، "الشريف حسين"، وتعرض عليهم عروضًا مغرية، وبالأحرى شرعت في بيعهم سرابًا لا غير، وفعلا تمكنوا بمساعدة الإنجليز من إقناع زعامة العرب بالوقوف في وجه الأتراك وطردهم من الأقاليم العربية بحجة أنهم السبب الرئيس في حالة التخلّف والفقر والأميّة، وهذا ما حصل؛ فقد تأسس ما عُرف بـ"الثورة العربية الكبرى"، وتمكنّت من خلال اصطفاف الأقاليم العربية إلى جانبها من مقارعة الجيش التركي ودحره بعدما ارتكب العرب في حقه المجازر وأعمال السلب والنهب.

الاصطفاف العربي المذكور تم حقيقة بعدما رفضت القيادة العربية مشروعًا تركيًا اقترحه الخليفة عبد الحميد الثاني، دعا من خلاله إلى تشكيل جامعة إسلامية للوقوف في وجه الحملات الغربية الاستعمارية التي بدأت تهدد الدولة من أطرافها، زاحفة نحو المركز لتقويض أركان الخلافة.

لا شك أن الرفض العربي هذا غذّاه الغرب الاستعماري، لا بل والحركة الصهيونية وأذرعها الماسونية الفاعلة في بعض العواصم العربية، فقدمت الإغراءات والوعود العرقوبية للزعامة العربية حينها، وعلى رأسها مشروع "الدولة العربية الحرة" والهبات المالية، الأمر الذي تمثل صداه بما أطلقوا عليه جزافًا "الثورة العربية الكبرى"، أو حركة الاستقلال العربي، وصولا إلى موافقة "الشريف" على منح اليهود، "المساكين" على حد قوله، فلسطين لإقامة وطنهم القومي فيها.

أما على المستوى الأوروبي والغربي فتمكن اليهود والماسونيّة من اقتناص قرار تاريخي؛ هو "وعد بلفور" من بريطانيا، الذي يُعدّ في نظر اليهود "كسر عظم" ومرحلة متقدمة جدًا على طريق إقامة ما سموه بوطنهم القومي في أرض فلسطين، لا بل وتمكّن هؤلاء (اليهود والماسونيون) من كسب ود الدول العظمى، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا ولاحقًا الولايات المتحدة الأمريكية، وتأليب هذه الدول ضد الدولة العثمانية وضرورة التخلص منها.

هذه التغيّرات بالتأكيد وجدت صدى لدى الأنظمة المذكورة، فشجعت الأقليات القومية داخل الخلافة العثمانية، وبالتحديد شبه جزيرة البلقان، ثم بعد ذلك داخل آسيا الوسطى (الأتراك) نفسها؛ فشكّلت حركة تركيا الفتاة، ثم تمكن الماسونيون من صناعة شخصية قيادية مثل مصطفى كمال أتاتورك، الذي يعود نسبه إلى يهود الدونمة، للقضاء على الدولة العثمانية عام 1924م.

وأخيرا..
كان دور اليهود والحركة الصهيونية والماسونيّة العالمية حاضرًا وقويًا في زعزعة الاستقرار الداخلي في الدولة العثمانية، لا بل وانفصال العرب ودول البلقان عنها، والإطاحة بها أخيرًا، في حين لم يَجْنِ العرب من ذلك إلا استعمارًا غربيًا مقيتًا، وتقسيم الوطن العربي لدويلات وإمارات متناحرة وعميلة -إن صح القول- لأسيادهم من إنجليز وفرنسيين ومن ثم أمريكان؛ وها نحن حتى اليوم والغد نتخبط على غير هدى، دونما بوصلة نجاة تخرج العرب من مستنقع الذل والهوان والتبعيّة!!

3ـ أقلام مؤرخين غير أمينة

حمل المؤرخون الأوروبيون واليهود والنصارى والعلمانيون الحاقدون على تاريخ الدولة العثمانية، فاستخدموا أساليب الطعن والتشويه والتشكيك فيما قام به العثمانيون خدمة للإسلام والمسلمين، واتبع نهجهم الباطل كثيرون من المؤرخين العرب بشتى انتماءاتهم واتجاهاتهم القومية والعلمانية، وكذلك المؤرخون الأتراك الذين تأثروا بالطرح العلماني والتعصب القومي الذي تزعمه مصطفى كمال، فطبيعي جدا أن يقوموا بإدانة فترة الخلافة العثمانية، فوجدوا فيما كتبه النصارى واليهود ثروة ضخمة لدعم تحولهم القومي العلماني في تركيا بعد الحرب العالمية الأولى.
موقف المؤرخين الأوروبيين السلبي من التاريخ العثماني نتاج تأثره بالفتوحات العظيمة التي حققها العثمانيون، وخصوصاً بعد أن سقطت عاصمة الدولة البيزنطية (القسطنطينية) وحولها العثمانيون دار إسلام وأطلقوا عليها إسلام بول (أي دار الإسلام) ، فتأثرت نفوس الأوروبيين بنزعة الحقد والمرارة الموروثة ضد الإسلام فانعكست تلك الأحقاد في كلامهم وأفعالهم وكتاباتهم ، بعدما عاشت أوروبا في خوف وفزع وهلع مما سموه الخطر العثماني ولم تهدأ قلوبهم إلا بوفاة السلطان محمد الفاتح وقتها.
زعماء الدين المسيحي من قساوسة ورهبان وملوك غذوا أيضا الشارع الأوروبي بالأحقاد والضغائن ضد الإسلام والمسلمين ، وعمل رجال الدين المسيحي على حشد الأموال والمتطوعين لمهاجمة الكفرة (يقصدون المسلمين) البرابرة، وكلما انتصر العثمانيون على هذه الحشود ازدادت موجة الكره والحقد على الإسلام وأهله، فاتّهمَ زعماء المسيحيين العثمانيين بالقرصنة، والوحشية والهمجية، وعلقت تلك التهم في ذاكرة الأوروبيين.
لقد كانت الهجمات الإعلامية المركزة من زعماء المسيحية بسبب الحفاظ على مكاسبهم السياسية والمادية، وكرههم للإسلام وأهله، وبالفعل استطاعت بعض الأسر الحاكمة في أوروبا أن تتربع على صدور المجتمعات الأوروبية في الحكم فترة زمنية طويلة، وحققت مكاسب ضخمة فجمعت ثروات كبيرة, وصنعت حول نفسها هالة كبيرة اعتمدت في مجملها على الضلال والتضليل .
ومع أن المجتمعات الأوروبية ثارت على هذه الفئات، بعد أن اكتشفت ضلالها وتضليلها، مع بداية عصر النهضة ، وبداية مرحلة جديدة في التاريخ الأوروبي، إلا أنه لم يستطع وجدان المجتمع الأوروبي أن يتخلص من تلك الرواسب الموروثة من هذه الفئات تجاه العالم الاسلامي بشكل عام وتجاه الدولة العثمانية بشكل خاص. ولذلك اندفعت قواتهم العسكرية المدعومة بحضارتهم المادية للانتقام من الإسلام والمسلمين، ونزع خيراتهم بدوافع دينية واقتصادية وسياسية وثقافية ، وساندهم كتابهم ومؤرخوهم، للطعن والتشويه والتشكيك في الإسلام وعقيدته وتاريخه، فكان نصيب الدولة العثمانية من هذه الهجمة الشرسة كبيرا.
أما المؤرخون العرب فقد سار جلهم في ركب القوى المتحاملة والمهاجمة للخلافة العثمانية بدوافع يأتي في مقدمتها إقدام الأتراك بزعامة «مصطفى آتاتورك» على إلغاء الخلافة الإسلامية في عام 1924م، وأعقب ذلك إقدام الحكومة العلمانية التركية على التحول الكامل إلى المنهج العلماني في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على حساب الشريعة الإسلامية التي ظلت سائدة في تركيا منذ قيام الدولة العثمانية .
ويأتي سبب التبعية البحثية لمدرسة التاريخ العربي لتاريخ المنهجية الغربية كعامل هام في الاتجاه نحو مهاجمة الخلافة العثمانية ، خصوصاً بعد التقاء وجهات النظر بين المؤرخين الأوروبيين والمؤرخين العرب حول تشويه الخلافة الإسلامية العثمانية.
ولقد تأثر كثيرون من المؤرخين العرب بالحضارة الأوروبية المادية، ولذلك عزوْا ما حصل من إصلاحات في الوطن العربي إلى بداية الاحتكاك بالحضارة الغربية، واعتبروا بداية تاريخهم الحديث منذ الحملة الفرنسية على مصر والشام وما أنجزته من تحطيم جدار العزلة بين الشرق والغرب، وما ترتب عليه بعد ذلك من قيام الدولة القومية في عهد محمد علي في مصر، وصحب ذلك اتجاههم لإدانة الدولة العثمانية التي قامت بالدفاع عن عقيدة الشعوب الإسلامية ودينها وإسلامها من الهجمات الوحشية التي قام بها الأوروبيون.
احتضنت القوى الأوروبية أيضا الاتجاه المناهض للخلافة الإسلامية وقامت بدعم المؤرخين والمفكرين في مصر والشام على تأصيل الإطار القومي وتعميقه من أمثال البستاني واليازجي وجورجي زيدان وأديب إسحاق وسليم نقاش وفرح أنطون وشبلي شميل وسلامة موسى وهنري كورييل وهليل شفارتز وغيرهم، ويلاحظ أن معظمهم من النصارى واليهود، كما أنهم في أغلبهم إن لم يكونوا جميعاً من المنتمين الى الحركة الماسونية التي تغلغلت في الشرق الاسلامي منذ عصر محمد علي ,والتي كانت بذورها الأولى مع قدوم نابليون في حملته المشؤومة على المشرق.
وأما المؤرخون الأتراك الذين برزوا في فترة الدعوة القومية التركية فقد تحاملوا كثيراً على فترة الخلافة العثمانية سواء لمجاراة الاتجاه السياسي والفكري الذي ساد بلادهم والذي حمّل الفترة السابقة كافة جوانب الضعف والانهيار أو لتأثر الأتراك بالموقف المشين الذي بدت عليه سلطة الخلافة والتي أصبحت شكلية بعد الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909م ، إلى جانب تأثر المفكرين الأتراك بموقف بعض العرب الذين ساندوا الحلفاء الغربيين إبان الحرب الأولى ضد دولة الخلافة وإعلان الثورة عليها سنة 1916م؛ وبرغم تفاوت الأسباب وتباينها إلا أن كثيرا من المؤرخين التقوا على تشويه وتزوير تاريخ الخلافة الإسلامية العثمانية.
اعتمد المؤرخون الذين عملوا على تشويه الدولة العثمانية على تزوير الحقائق، والكذب والبهتان والتشكيك والدس. ولقد غلبت على تلك الكتب والدراسات طابع الحقد الأعمى، والدوافع المنحرفة، بعيدة كل البعد عن الأمانة والموضوعية.

4 - سلاطين آل عثمان.. ينابيع الحب الرباني

حملت الدولة العثمانية منذ أن بزغ فجرها في القرن الثالث عشر للميلاد (1299)، هموم الأمة الإسلامية كاملة وبأمانة، وسَعَت -مُسخـّرة كافة إمكاناتها- لرعاية مصالح هذه الأمة وتأمين أمنها وراحتها وسلامتها في كل نواحي الحياة وبقوة.
الدولة العثمانية من جانبها حرصت أيضا على نصرة الإسلام ونشر مبادئه وقيمه في كل بقعة وصل إليها جيشها، وفي جميع أقاليم وبلدان الدولة...
كان سلاطين آل عثمان دائما في طليعة الجيش عند الحرب والنزال، يقاتلون ببسالة منقطعة النظير، وحين كان يتأخر بعضهم لمشاغل الدولة عن المشاركة في حرب ما؛ عدّوا أنفسهم عديمي الحظ، حيث كانت تفيض عيونهم بالدمع وتعتصر قلوبهم بالحزن والأسى..
نذر سلاطين آل عثمان أنفسهم للإسلام، واعتبروا الدفاع عنه وعن قيمه مسؤولية عظمى لابد أن تؤدى، فساروا قدمًا أمام الأمة بصدق وإخلاص مقتدين بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم متفانين في حبه.
وإنه لحري أن يسوق المرء بعضا من مواقف مشهودة لهؤلاء الخلفاء والسلاطين وثّقها المؤرخون بأمانة وصدق، تدل بلا لبس ولا غموض على قوة عقيدتهم وحبهم لله والرسول، منها:
* السلطان مراد الثاني.. وهو يرقد على فراش الموت يقول لوزيره بصوت خافت: اقرأ يا إسحاق، اقرأ وصيّتنا! فبدأ إسحاق باشا يقرأ الوصيّة بصوت عال: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، توكلت على الله رب العرش العظيم، كل نفس ذائقة الموت، فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغَرور.. أما بعد؛ أوصيكم بأن توزّعوا ثلث أملاكي في ولاية "صاروهان"؛ على أن يكون 3500 قطعة ذهبية منها إلى فقراء مكة المكرمة، و3500 قطعة ذهبية إلى فقراء المدينة المنورة؛ ووزّعوا 500 قطعة أخرى على الذين يكثرون من تلاوة القرآن الكريم من أهالي مكة المكرمة في حرم بيت الله، ثم يرددون كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" 70 ألف مرة ويهدون ثوابها للموصي، وأوصيكم أن توزّعوا 2500 قطعة ذهبية من أملاكي هذه على الذين يكثرون من تلاوة القرآن الكريم ثم يرددون كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" 70 ألف مرة في قبة الصخرة في ساحة المسجد الأقصى".
وإذا ما أمعنا النظر في هذه الوصية نرى بوضوح حب السلطان مراد الثاني لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أراضي الحجاز (مكة المكرمة -المدينة المنورة) والقدس (المسجد الأقصى) في تلك الآونة لم تكن في حوزة الدولة العثمانية بعدُ.
* السلطان محمد الفاتح.. يخرج في إحدى الليالي قبل فتح القسطنطينية (1453م) إلى شيخه "أقْ شمس الدين" ويبدي رغبته في العثور على قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. فيخرج "أقْ شمس الدين" برفقة السلطان من الخيمة، ويصلان إلى ساحل القرن الذهبـي، وهناك يشير الشيخ إلى مكان قريب من الأسوار ويقول: "ها هنا القبر يا جلالة السلطان". فيأمر السلطان محمد الفاتح بإنشاء جامع وضريح في هذا المكان على الفور، وبعد الفتح يبنى الجامع والضريح القائم حتى يومنا هذا في حي الفاتح في المدينة..
*السلطان بايزيد خان؛ ابن السلطان محمد الفاتح... يزور صديقه الذي يحبه في الله "بابا يوسف" لتوديعه قبل ذهابه إلى الحج، ويسلّمه صرّة من الذهب ويقول: "هذا ما رزقني الله به من عرق جبيني، ولقد ادّخرته من أجل صيانة قناديل الروضة المطهرة؛ عندما تقف في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم أريد منك أن تقول: يا رسول الله، خادمك الفقير "بايزيد" يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد أرسل هذه القطع من الذهب لشراء زيت قناديل الروضة، فاقبلها منه..".
* السلطان سليم الأول.. ضُمّت أراضي الحجاز في عهده إلى الدولة العثمانية وتوحّد العالم الإسلامي تحت راية الإسلام في عهده، وقد شرع خطباء المساجد على أثرها في نعته بلقب "حاكم الحرمين"، إلا أن السلطان سليم لم يكن راضيًا عن هذا اللقب أبدًا.
وفي يوم من الأيام وهو يصلي صلاة الجمعة في الجامع الكبير في حلب، سمع هذه اللفظة من خطيب الجامع، فهب مسرعا وهو يقول: "لا، لا، لستُ حاكمًا للحرمين، بل خادمًا لهما"، فيعدّل الخطيب كلامه كما أشار السلطان، وبعد الصلاة يقوم السلطان بتقديم قفطانه هدية إلى الخطيب وشكرًا له.
*السلطان أحمد الأول.. يصعد العرش في وقت حرج، حيث تسود الاضطرابات وتنتشر الفوضى في معظم الأراضي العثمانية... فيخرج في إحدى الليالي خفية إلى جناح الأمانات المقدسة في قصر طوب قابي... يمسك نعل الرسول صلى الله عليه وسلم ويضمه إلى صدره، ثم يقول بحرقة قلب:
ليتني أحمل نعلك الشريف دائمًا على رأسي كالتاج
يا صاحب النعل الكريم، يا وردة حديقة الأنبياء
ليتني أمسح وجهي دائمًا على أثر قدمك يا وردة الورود..
ومنذ ذلك الوقت أخذ السلطان أحمد الأول يحمل صورة لأثر القدم النبوي الشريف داخل قفطانه.
* السلطان عبد العزيز.. وصلت قصره في أحد الأيام رسالة من المدينة المنورة، وكان السلطان في تلك اللحظة مصابًا بمرض شديد ألزمه الفراش؛ فتردد رجال الدولة بادئ الأمر في تقديم الرسالة إليه بسبب مرضه هذا، ولكنهم كانوا يعرفون في الوقت نفسه مدى حساسيته تجاه المدينة المنورة وحبه لها، فاضطروا إلى تقديمها إليه في نهاية الأمر. وعندما اقترب الوزير منه وأخبره أن رسالة وصلت من المدينة المنورة، لمعت عينا السلطان وطلب من الوزير ألا يبدأ بالقراءة حتى يأمره بذلك، ثم قال لمن حوله: "ارفعوني.. فلا يمكن أن أسمع رسالة وصلت من الأراضي المقدسة وأنا نائم".
واستمع السلطان إلى ما في الرسالة واقفا على رجليه رغم وطأة المرض.. ومما يجدر ذكره هنا، أن السلطان عبد العزيز كان لا يتناول أي ملف أو أوراق قادمة من المدينة المنورة دون أن يجدد وضوءه. لأن هذه الأوراق بالنسبة له تحمل غبار بلدة الرسول صلى الله عليه وسلم ورائحته العطرة. لذا كان يقبّلها أولًا ثم يضعها على جبينه ثم يشمها بحرارة ثم يفتحها ليقرأها.
* السلطان عبد الحميد الثاني.. تولى الخلافة في وقت كانت فيه الدولة العثمانية في منتهى السوء والاضطراب، سواء على مستوى الأوضاع الداخلية أو الخارجية.. وفي خضم هذه الأوضاع بدأ العمل بكل ما أوتي من قوة ليوحد المسلمين من جديد تحت راية الإسلام. فقام في عهده بتنفيذ مشاريع في غاية الأهمية، منها إنشاء خط حديد الحجاز، الذي امتد من إسطنبول إلى المدينة المنورة. وكانت الغاية العظيمة من ذلك الدفاع عن الأراضي المقدسة من هجمات العدو، ثم تأمين راحة الحجاج خلال رحلتهم إلى الحرمين الشريفين.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه قد جرى إنشاء الخط الواقع بين مدائن صالح والمدينة المنورة كله بأيدي المهندسين والعمال المسلمين فقط، لأن هذا الجزء كان داخل حدود منطقة الحرم. وعندما وصل الخط إلى المدينة المنورة في 31 آب من عام 1908، أمر السلطان عبد الحميد الثاني بأن يُمَدّ اللباد (الفرش) على الخط في آخر ثلاثين كيلومترًا منه؛ كما أن مقطورة القطار كانت عند وصولها إلى المدينة المنورة تخفض من سرعتها وتقترب من رصيف المحطة ببطء حتى لا تزعج الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم ينـزل الركاب من القطار ماشين على أطراف أقدامهم بأدب واحترام... أما اللباد الممدود على سكة الحديد فكان يتم غسله بماء الورد يوميا في ساعات معينة، وذلك احترامًا لتلك الأراضي المباركة وتقديسًا لها.
وأخيرا...
هذا غيض من فيض من مواقف مشرّفة للسلاطين العثمانيين تصف مدى حبهم لله وللإسلام وللرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ وإن أخطاء بعضهم وزلاته ما كانت لتحصل لولا أنهم بشر يصيبون ويخطئون، فما من معصوم بعد النبي الكريم، فلتكسر كل أقلام المغرضين من عرب وعجم ممن يتطاولون على دولة الخلافة الإسلامية العثمانية، أو يهمّشون دورها في الدفاع عن بيضة الإسلام وقضايا الأمة.
 
الدولة العثمانية المفترى عليها

علي الصاوي


بينما كنت جالسا أقرأ تعليقات بعض الأصدقاء، على منشور قد نشرته على حسابي بالفيس بوك، يبيّن تاريخ الدولة العثمانية، حتى وجدت كثيراً منهم يتهمنى بالعاطفة الزائدة، وآخر يتهمنى بتزيف التاريخ لصالحهم ويصفهم بالاحتلال، وآخر يثنى عليهم قائلاً، إن العثمانيين شيّدوا حضارة لا ننكرها، لكن العرب أيضا لهم مكانة كبيرة في تاريخ الحضارات، ومن هنا تذكرت ما تعلّمناه في مدارسنا ونحن صغاراً، وكيف كانوا يصفون تلك المرحلة التاريخية من حكم العثمانين بالاحتلال للبلاد العربية، حتى ترسخت في ذاكرتنا صورة ذهنية سيئة تجاة دولة الخلافة الإسلامية ! لكن بالنظر إلى حال الأنظمة العربية التى كانت تضع هذه المناهج في تلك الفترة وأنها ما كانت سوى ذيل للاستعمار الغربي، يتأكد لنا أن ما ذُكر في تلك المناهج ما هو إلا ظلم وافتراء لا علاقة له بالحقيقة، فهناك حقائق خلت من صفحات التاريخ بهدف تشويه الدولة الإسلامية التى كانت تحارب تحت راية الإسلام، وتذب عن عرض المسلمين في الشرق والغرب، وما إن سقطت بفعل الخيانة والفساد الداخلي المتعمد، حتى انفرط عقد البلاد العربية وتحولت إلى مناطق استعمارية تحت الوصاية والهيمنة الغربية، ما زلنا نعيش في أسرها ونكتوي بنارها حتى اليوم.

حين سُئل الداعية الإسلامي الكبير عبد الحميد كشك عن تركيا، فقال : " فرجعت بالذاكرة إلى الوراء، فتركيا دولة إسلامية حملت لواء الخلافة ثلاثة قرون من الزمن، كان فيها خليفة المسلمين، ومهما قيل في حقها، فإن الخلافة كانت رباطا مقدسا وكانت عروة وثقى، تجمع شتات الأمة الإسلامية، لقد كانت الأمة أيام الخلافة عقداً فريداً، فلما سقطت انفرط ذلك العقد ولم يبقي منه إلا خيط الذكرى الرفيع، فقد كانت ترسل الجيوش لتفتح البلاد وتهدي العباد، وتحمى ثغور الأمة "

" التاريخ يكتبه المنتصرون" مقولة شهيرة تجعلنا نشك في كثير مما تعلمناه من كتب التاريخ، فالمنُتصر هو من يسطر صفحات التاريخ ويرسم ملامح الصورة التى يريد أن تسود في أذهان الجماهير عن خصمه المهزوم، فيسلّط الضوء على سلبياته ويضخمها ويأولها كما يشاء حتى وإن كانت نقطة في بحر واسع من الإيجابيات والفضائل، ومن المواقف التى تم تسويقها وتحريفها لتصبغ صفة الاحتلال على معركة "مرج دابق" عام1516 التى حدثت بين الدولة العثمانية بقيادة سليم الأول، وبين دولة المماليك بقيادة قنصوه الغوري، فكثير من الجماهير لا تعرف عن أسباب هذه المعركة وكيف حدث الصدام بين الدولتين، خاصةً وأن العلاقة السائدة بين دولتي العثمانيين والمماليك في تلك الفترة كانت مبنيّة على الودّ، الذي نتج عنه العديد من التحالفات، ويظهر الأمر جليّاً على هذا التحالف من خلال تعاون الأسطولين العثماني والمملوكيّ في حربهما ضد البرتغاليين، و بدأت الخلافات بين الدولتين تطفو على السطح مع بدء المشاحنات بين الشاه إسماعيل الصفوي سلطان فارس، والسلطان سليم، حيث سعى كلٌ منهم على حدا لعقد تحالفٍ مع المماليك لمواجهة الطرف الآخر.

أرسل السلطان سليم الأول رسالة يحثّ فيها قنصوه الغوري على التحالف معه ضد أعدائهم المرتدين من الشيعة، وقام بتحذيره من مطامع الصفويين في حلب والشام، وعند عدم تلقي السلطان أي تجاوبٍ من قنصوه، حذّرهُ من مستقبل الصفويين الذي يهدد وجوده بشكلٍ مبطن، ومع ذلك لم يستجب قنصوه لنصائح السلطان العثماني.

سار السلطان سليم الأول باتجاه بلاد فارس، وقام في تلك الأثناء بمراسلة أمير سلالة ذا القدر التركمانيّة (علاء الدولة)، حيث طلب مساعدته في حربه ضد الصفويين، لكن الأمير اعتذر متعللاً بكبر سنه؛ وأن بلاده تقع تحت حماية المماليك، وبعد مضيّ الجيش العثمانيّ في طريقه لمحاربة الصفويين الشيعة، قام جيش علاء الدولة بمهاجمة مؤخرة الجيش العثماني، فقام قنصوه الغوري بإرسال رسالة شكرٍ للأمير علاء الدولة، وطالبه في تلك الرسالة باستمرارية مناوشة الجيش
العثماني.
علم السلطان سليم الأول بتلك الخيانة التى كادت أن تعرّض جيشه للهزيمة لاسيما وأنه كان يصد خطر الصفويين الذي تحالفوا مع الغرب ضد الدولة العثمانية بهدف إسقاطها ومحاصرة مكة ونبش قبر الرسول لمساومة المسلمين به على بيت المقدس، باتفاق برتغالي وقتها، ومن هنا قرر السلطان العثماني قتال قنصوه الغوري وبالفعل هزمه في معركة مرج دابق وقتله، ودخل الشام ومن بعدها مصر ليكونا تحت إدارة الدولة العثمانية.


إن الخلافة الإسلامية كان لا تعرف طريقا للقومية بل كان شعارها منذ أن نشأت هو إعلاء كلمة الله وهو ما جاء على لسان جد العثمانيين "ارطغرل "حين قال :" نحن بالإسلام نحيا وبالإسلام نموت وبالجهاد يعم ديننا كل الآفاق " وقال من بعده حفيده محمد الفاتح " إن نيتى هي الامتثال لقول الله ( وجاهدوا في سبيل الله) ورجائي، هو نصر الله وسمو الدولة على أعداء الله.

 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى