الناتو: من "النفوذ السوفيتي" الى "التوسع الروسي"

YOOBA

عضو مميز
إنضم
3 أغسطس 2016
المشاركات
1,703
التفاعل
6,053 0 0



_60149524_nato_awacs_g.jpg


شكل حلف شمال الأطلسي، الذي يعد أقوى تحالف دفاعي اقليمي في العالم على الإطلاق، عام 1949 بهدف التصدي لما كان يوصف "بالخطر الشيوعي" ابان الحقبة التي كان الاتحاد السوفييتي يسعى فيها لنشر نفوذه في القارة الأوروبية ومناطق أخرى.

درج الحلف على القول إن هدفه الأساسي يتلخص في "الحفاظ على حريات والارث المشترك وحضارات" الدول الأعضاء فيه عن طريق تعزيز "استقرار وسلامة منطقة شمال المحيط الاطلسي."

وبموجب ميثاق الحلف، تتفق الدول الاعضاء على أن أي هجوم على أي منها يعد هجوما على الجميع وانها ستقف معا لنجدة أي بلد عضو يتعرض لعدوان خارجي.

كان حلف الأطلسي يتألف عند تأسيسه من 12 دولة، وانضمت تركيا واليونان اليه في عام 1952 تبعتهما المانيا الغربية (جمهورية المانيا الاتحادية) في عام 1955. ولكن الولايات المتحدة كانت دائما هي القوة المهيمنة عسكريا على الحلف.

وفي عام 1955، أسس الاتحاد السوفييتي حلفا موازيا اطلق عليه اسم حلف وارسو، ولكن هذا الحلف لم يعد موجودا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991.

واصبحت اثر ذلك جمهورية التشيك والمجر وبولندا اولى الدول الاعضاء في حلف وارسو السابق التي تنضم الى حلف شمال الاطلسي في عام 1999.

وجاءت الخطوة التاريخية التالية في عام 2004، عندما انضمت الجمهوريات السوفيتية السابقة ليتوانيا واستونيا ولاتفيا الى الحلف اضافة الى سلوفينيا وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا.

كما انضمت كل من البوسنة والجبل الأسود وصربيا الى برنامج "الشراكة من أجل السلام" الذي يديره الحلف، وهي الخطوة الاولى باتجاه العضوية الكاملة. وفي قمة عقدت في العاصمة الرومانية بوخارست في نيسان / ابريل 2008، دعت الدول الاعضاء في الحلف البانيا وكرواتيا للانضمام اليه حسب الجدول الموضوع لهما.

تطور الحلف
أسس حلف شمال الأطلسي في فترة سادها الخوف والقلق في الدول الغربية من امكانية "تمدد" الكتلة السوفيتية في اوروبا. ولذا، فقد الحلف مبرر وجوده الاساسي عندما انهار الاتحاد السوفييتي وحلف وارشو في عام 1991.

منذ ذلك الحين والحلف يستغل دوره الدفاعي لتبرير سياسة استباقية للتصدي للاحداث التي تقع خارج منطقة نفوذه التقليدية، بحجة ان أي حالة فوضى تقع في اوروبا قد تشكل تهديدا للدول المنضوية تحت لوائه.

وفي هذا السياق، شكل الحلف في اواخر عام 1995 أول قوة دولية - بموجب تخويل من الأمم المتحدة - لتنفيذ بعض الجوانب العسكرية لاتفاق السلام في البوسنة الذي تم التوصل اليه في دايتون بولاية اوهايو الامريكية.

وفي عام 1999، شن الحلف حملة قصف جوي استمرت 11 اسبوعا على يوغسلافيا كان الغرض منها طرد القوات الصربية من كوسوفو. كانت تلك الحملة الأكبر من نوعها التي يشنها الحلف، واول مرة يستخدم فيها الحلف القوة المسلحة ضد دولة مستقلة ذات سيادة دون تخويل من الأمم المتحدة. وما زالت قوة الحلف لحفظ السلام عاملة في كوسوفو، رغم تخفيض حجمها من 16 الف عسكري الى 6 آلاف في عام 2012.

وفي عام 2003، نقل الحلف وللمرة الاولى في تاريخه، نشاطاته الى خارج القارة الأوروبية عندما تولى القيادة الاستراتيجية لقوة حفظ السلام ذات التخويل الأممي في العاصمة الأفغانية كابول وحولها.

علاقات متغيرة
عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، أقدم الحلف على اتخاذ سلسلة من الخطوات الهادفة الى بناء علاقات جديدة مع دول حلف وارشو السابقة، وعلى الأخص مع روسيا التي كانت تشعر بالريبة ازاء خطط الاطلسي للتمدد نحو الشرق.

وفي عام 1994 عرض الحلف على الدول الاعضاء في حلف وارشو السابق الدخول في شراكات محدودة ضمن برنامج اطلق عليه اسم "المشاركة من أجل السلام"، يتيح لهذه الدول المشاركة في تمارين عسكرية وعمليات حفظ سلام وتداول المعلومات.

ولكن هذا البرنامج أكد مخاوف روسيا بأن حلف الاطلسي يمثل تهديدا متزايدا لأمنها.

أسس المجلس الروسي الاطلسي المشترك الدائم في أيار / مايو 1997 بهدف منح روسيا دورا استشاريا عند مناقشة الأمور ذات الاهتمام المشترك. ولكن موسكو شعرت بأن صوتها لا أثر له في هذا المجلس.

و في عام 1999، عندما اصبحت جمهورية التشيك وبولندا والمجر اول دول المعسكر السوفييتي السابق التي تنضم الى الحلف، مما دفع حدود الحلف الى الشرق بمسافة 400 كيلومتر.

عواقب هجمات سبتمبر 2001
_60150945_nato_summit_2002_g.jpg

مثلت الهجمات التي تعرضت لها اهداف في الولايات المتحدة في الـ 11 من ايلول / سبتمبر 2001 لحظة محورية بالنسبة لحلف الاطلسي. لم تشرك الولايات المتحدة الحلف في الحملات العسكرية التي تلت الهجمات، رغم تفعيل الأمين العام للحلف جورج روبرتسون بسرعة المادة الخامسة من ميثاق الحلف والتي تنص على ان أي هجوم على دولة عضو تعد هجوما على جميع الدول الاعضاء في الحلف.

أدى رد الفعل الروسي الداعم للولايات المتحدة عقب تلك الهجمات الى تحسن العلاقات بين الغرب وموسكو. فقد اتفق الطرفان على تشكيل مجلس روسي اطلسي في عام 2002 منح روسيا دورا مساويا للدور الاطلسي في صياغة سياسات محاربة الارهاب والتهديدات الأمنية الاخرى.

ولكن العلاقات بين الحلف وروسيا لم تتحسن فعليا رغم تلك الخطوات، فلم تكن روسيا راضية عن توسع الحلف في اوائل عام 2004 الذي وضعه (الحلف) على الحدود الروسية مباشرة. كما ساءت العلاقات بين الجانبين بشكل كبير عقب الحرب التي خاضتها روسيا مع جورجيا في آب / اغسطس 2008. أعلن الحلف آنذاك ان التعاون مع موسكو سيعلق حتى تسحب روسيا قواتها من الاراضي الجورجية.

تحسنت العلاقات بين روسيا والحلف بعد تسلم باراك اوباما مقاليد الحكم في الولايات المتحدة في كانون الثاني / يناير 2009، واعلان الحلف في آذار مارس من ذلك العام عزمه على استئناف الاتصالات رفيعة المستوى مع موسكو.

ولكن العلاقات ساءت مرة أخرى بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية (التي كان الاتحاد السوفييتي "اهداها" لاوكرانيا في عام 1954) واتهامها بمساندة الانفصاليين في شرقي أوكرانيا. كان من شأن هذه التطورات منح الحلف - الذي كان يصفه البعض بأنه من مخلفات الحرب الباردة - أهمية كاد يفقدها.

و آنذاك إن الازمة الأوكرانية "تذكرنا بأهمية حلف الاطلسي. ان مبدأ الدفاع الجماعي زاد أهمية نظرا للسعي الروسي لاستخدام القوة لتغيير الحدود في القارة الأوروبية."

قضايا وتحديات
أدت الخلافات التي نشبت بين المانيا وفرنسا والولايات المتحدة حول غزو العراق في عام 2003 الى اندلاع واحدة من أخطر الأزمات في تاريخ الحلف. ورغم ان الحلف لم يشارك بصفته الرسمية في غزو العراق، شاركت فيه معظم الدول الاعضاء فيه. كما قام الحلف بعد ذلك بتدريب قوات الأمن العراقية الجديدة.

منذ ذلك الحين، بلور الحلف دورا جديدا لنفسه، فقد تولى قيادة قوة حفظ السلام الدولية في افغانستان في عام 2003 كجزء من الوعي المتنامي بالتهديد الذي يشكله الارهاب، كما شكّل قوة للتدخل السريع قوامها 9 آلاف عسكري يمكن ارسالها بسرعة الى اماكن الصراعات حول العالم.

ولكن تردد الكثير من الدول الاعضاء في الحلف في توفير التعزيزات للقوات العاملة في افغانستان اثار الكثير من التساؤلات حول قدرة الحلف على مواصلة عمليات كبيرة الحجم على هذه الشاكلة.

وفي قمة مهمة عقدت في العاصمة البرتغالية لشبونة في تشرين الثاني / نوفمبر 2010، اعتمد الحلف "نمطا استراتيجيا" جديدا تعهد بموجبه بخفض الانفاق بالتوازي مع منح اولوية للتصدي للتهديدات الجديدة مثل الهجمات على الشبكات الالكترونية.

كما اتفقت الدول الاعضاء في الحلف على نشر منظومة دفاعية ضد الصواريخ تغطي كل اراضي دوله الاوروبية الاعضاء مما يعد تكميلا للخطط الامريكية الخاصة بتشكيل درع صاروخية.

كما اتفقت الدول الاعضاء على المضي قدما في تسليم القوات الافغانية السيطرة على الامن الداخلي في تلك البلاد على ان تتم هذه العملية بنهاية عام 2014.

_60150949_nato_aircraft_g.jpg

وكانت مسألة فرض منطقة حظر للطيران في الاجواء الليبية في آذار / مارس 2011 قد خلقت مشكلة بالنسبة للحلف. إذ بينما كانت دول كالولايات المتحدة وبريطانيا متحمسة لمنح الاطلسي دورا كبيرا في قيادة عملية فرض منطقة حظر الطيران، عبرت بعض الدول العربية عن عدم ارتياحها من قيادة الحلف للعملية.

ولكن، وبعد فترة اتسمت بالخلاف والغموض، وافق الحلف على تولي مسؤولية فرض منطقة حظر الطيران التي اثبتت اهميتها في دحر قوات في تشرين الأول / اكتوبر من عام 2011

 
عودة
أعلى