«كيف فعلها بوتين؟» رغم الأزمة الاقتصادية.. تصاعد في النفوذ العسكري الروسي

YOOBA

عضو مميز
إنضم
3 أغسطس 2016
المشاركات
1,703
التفاعل
6,053 0 0

علاء الدين السيد
29 يناير,2017

طبقا لتقارير خاصة بـ«مشروع القوات النووية الروسية، فإن السلاح النووي الروسي الأكثر دموية الجديد، وهو قيد التطوير حاليًا، من المحتمل أنه يتعرض لبعض المشاكل. ويُطلق على السلاح الجديد اسم الصواريخ الباليستية العابرة للقارات النووية الثقيلة أو «(ICBM) RS-28 Sarmat».
53e4ceaee6e647b6ee316ac6f6cc891a.jpg

وتكرر تأخر إجراء أول اختبار إطلاق لأحد الصواريخ الخاصة بالسلاح، والذي يختبر آلية ترك الصاروخ لحاويات إطلاقها، وذلك وفقًا نُشرت على موقع المشروع النووي الروسي في 199 يناير (كانون الثاني) الجاري. وأوّل مرة حدث في التأخر، عندما تغيّر موعد الإطلاق من 2015 إلى نهاية 2016، وللآن ونحن في 2017، «لا نعلم ما إذا كان ثمة موعد قريب لعملية الاختبار أم لا»، كما تقول المدونة، التي زعمت أن التأخير سببه مشاكل في الحاويات، وهو ما لم يكن مُقنعًا تمامًا.

في المقابل ثمة مُؤشرات اُخرى على وجود مشاكل حقيقية، تتمثل في عدم رضا وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، عن برنامج المشروع، وبدا ذلك واضحًا عندما أكّد على أنّ وزارة الدفاع تعد بأنها ستطلب تقارير أسبوعية عن تطورات المشروع؛ «للتأكد من أنه يُحقق المعالم التي وضعت في نهاية عام 2016، عندما جرى تعديل هذه المعالم»، على حد تعبيره.

وقد يُؤثر هذا التأخير على التي يعمل عليها الجيش الروسي حاليًا، ولربما كان ذلك أحد المعوقات الرئيسة أمام روسيا لاستعادة نفوذها العسكري الذي كانت عليه زمن الاتحاد السوفييتي، لكن هذا لا يعني أن روسيا استطاعت بشكل أو بآخر استعادة جزء لا بأس به من نفوذها وهيبتها العسكرية من جديد على الساحة العالمية.

الصين وروسيا والمحيط الهادئ
لا يُمكن التغافل عن أن روسيا واحدة من أكبر مُصدّري الأسلحة في العالم؛ فوفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد كانت روسيا ثاني أكبر بائع للسلاح خلال السنوات الأخيرة، لتستولي على 25% من إجمالي السوق العالمية. ويتركز أهم زبائن روسيا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وفي الواقع، فإن نحو ثلثي مبيعات موسكو للأسلحة كانت فقط لآسيا، وفقًا للمعهد، وتعتمد الهند وفيتنام، على سبيل المثال، على روسيا في الجزء الأكبر من واردات السلاح.

واستأنفت الصين شراء أسلحة من روسيا، لملء الثغرات في المجمع الصناعي العسكري الخاص بها. وتتصدر المحركات النفاثة، وأنظمة الصواريخ المتطورة «أرض-جو» وطائرات النقل، قائمة صادرات الأسلحة الروسية إلى الصين مؤخرًا. الأهم من ذلك أنه في عام 2015، وقعت بكين اتفاقية مع روسيا بقيمة ملياري دولار لإجمالي 24 طائرة من طراز «سو 35» المقاتلة النفاثة، والتي تعتبر بمثابة جوهرة تاج عائلة الطائرات المقاتلة الروسية.

وبالرغم من أنّ هذه النجاحات في سوق الدولية للسلاح، إلا إن القوات المسلحة الروسية لا تزال تُعاني ضعفًا نسبيًا، يُمكن رؤية ذلك في الميزانية العسكرية الروسية، التي كانت في 2015 ثلث الميزانية الصينية، وعُشر ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية. وبالرغم من تعهّد بوين عدم خفض نفقات الدفاع في أعقاب الركود المتزايد، فإن الحكومة الروسية في أواخر العام الماضي خفضت الميزانية العسكرية بنسبة 30%.

ونتيجة ذلك، فإن القوات المسلحة الروسية، التي عانت طويلًا من التجويع ونقص التمويل خلال تسعينات القرن الماضي والعشرية الأولى للقرن الحالي، جرى ضربها مرة أخرى كما لو كانت تترنح على حافة الإنعاش، لدرجة أن برامج بحثية عسكرية هامة، قد تتحول إلى قوائم الانتظار.



نفوذٌ ينمو
من القرم إلى سوريا وصولًا لليبيا، يبدو للمراقب أن الدب الروسي بدأ يستعيد عافيته العسكرية، ويفرض نفوذه في مناطق عدة بشكل عسكري مباشر وليس مجرد سياسي أو اقتصادي. وكانت روسيا السبب الرئيسي في بقاء نظام بشار الأسد في الحكم بعدما كان على حافة الانهيار قبل تدخلها العسكري المباشر في سوريا ببضعة أشهر.

ولم الضربات الروسية فقط في تثبيت نظام بشار الأسد، بل أدت إلى قلب المعادلة ميدانيًا لصالحه؛ لتتمكن قوات جيش الأسد وحلفائه من إيران وحزب الله، من تحقيق تقدم ميداني كبير، مقابل تراجع للمعارضة المسلحة المدعومة من تركيا والخليج، ولعل ما حدث في حلب كان مثالًا واضحًا.

وفي أواخر العام الماضي، تمكنت موسكو من نشر حاملة طائرات، الأميرال كوزنيتسوف، في أولى مهامها القتالية. وعبر تمركزها قبالة سواحل سوريا، حلقت طائرات من طرز مختلفة حديثة وتقليدية من على سطح حاملة الطائرات في آلاف الطلعات الجوية لضرب أهداف في سوريا لعدة أسابيع، بالرغم من أن طائرتين حربيتين تحطمتا في البحر بعد عدم تمكنهما من الهبوط على متن السفينة بسبب الأعطال الميكانيكية.

وفي بداية هذا العام، أعلنت موسكو أيضًا عن اتفاق لمدة 50 عامًا مع سوريا من شأنه أن يسمح للبحرية الروسية برسو عدد أكثر من السفن الكبيرة في ميناء طرطوس، وهو ما سوف يعطي موسكو القدرة على إجراء عمليات بعيدًا عن بحر البلطيق والبحر الأسود، وتوسيع نطاق وصول روسيا في الشرق الأوسط.

خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2017 أيضًا، تقريرًا يفيد نية روسيا تسليح اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يخوض حربًا ضد حكومة طرابلس المدعومة من الغرب. وكان حفتر قد أجرى محادثات رفيعة المستوى مع مسؤولين روس على متن حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف، كما التقى خلال الأشهر السبعة الماضية بوزيري الدفاع والخارجية الروسيين من أجل الدعم وتزويده بالسلاح.

وإذا ما أضفنا إلى هذا ما حدث في شبه جزيرة القرم، سنلاحظ أنه بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها روسيا، إلا إنها تمكنت من استعادة عافيتها العسكرية تدريجيًا، وإن لم يكن بشكل كامل بعد، فكيف حدث هذا؟



إعادة البناء والتحديث
على مدى نصف العقد الماضي، أشرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عملية تحديث وإعادة هيكلة القوات المسلحة الروسية، من أجل إعادة القدرات والثقة إلى جيشه، في وقت كان المحللين الغربيين يتعجلون بالقول إن عمليات الإصلاح العسكري الروسي قد أنتجت فقط نمرًا من ورق، أو أن الإصلاحات نفسها قد فشلت تمامًا.

ومع ذلك فإن برنامج تحديث القوة وإعادة الهيكلة الذي أقره بوتين ووزير دفاعه آنذاك، أناتولي سيرديوكوف، بدأت في أعقاب الحرب الجورجية عام 2008، والتي عززت قدرات الجيش الروسي، في وقت واجهت فيه العديد من الدول المنضمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) عمليات تخفيض في الميزانية العسكرية وتقليص الحجم. الجيش الروسي الآن هو أفضل تجهيزًا وأكثر قدرة على القيام بعمليات قتالية حديثة من أي وقت مضى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وهو الأمر الذي فاجأ الكثير في كل من القرم وسوريا بالفعل.

حاليًا فإن نشاط الأسطول الشمالي للبحرية الروسية يُعد في أعلى مستوياته منذ عام 1991، وهو ما دفع الولايات المتحدة لإعادة تطوير مرافقها في مدينة كيفلافيك في أيسلندا كي يمكنها استقبال سفن «P-8A بوسيدون». وكمؤشر على الاستعداد الكامل للقوات المسلحة الروسية، عادت من جديد بعض أنماط التدريبات العسكرية واسعة النطاق التي كانت تشبه تلك التي يقوم بها الجيش السوفييتي، مثل تلك التي جرت في المنطقة العسكرية الجنوبية منتصف عام 2016.

كذالك تطورت دوريات القاذفات الاستراتيجية من حيث وتيرتها ونطاقها، كما أظهرت تصرفات الروس في شبه جزيرة القرم مدى الفعالية المتزايدة لقوات الخاصة الروسية، جنبًا إلى جنب مع عملية قوة مشتركة كبيرة في سوريا، في إطلاق النار والإمدادت في البر والبحر وفي النقل الجوي، وكلها دليل على نضج القدرات الحربية المشتركة لروسيا.

012917_1145_1.jpg

عمليات تحديث مستمرة في صفوف الجيش الروسي
العقوبات الدولية ساعدت
في أعقاب العقوبات التي فرضت على موسكو بعد ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، واجه الكرملين بعض الخيارات الصعبة، فقد وضعت العقوبات الاقتصادية برنامج التحديث العسكري للبلاد في خطر، وهي العقوبات التي قطعت عن روسيا إمكانية الحصول على أجهزة الاستشعار الراقية العسكرية أوروبية الصنع، والبرمجيات ومحركات السفن وغيرها من المعدات التي كانت حاسمة لسحب آلة الحرب الروسية المحتضرة والصدأة في أعقاب انتهاء الحقبة السوفييتية.

ولكن، وفقًا لبعض مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية وخبراء الطريقة الروسية في الحرب، فإنه حتى مع وجود إمكانية لتخفيف العقوبات في ظل الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمكنت موسكو من التوصل إلى بعض الحلول الإبداعية، والتي ربما تكون دائمة أيضًا، التي قد تجعل جيش الكرملين أكثر قدرة على التكيف على المدى الطويل، وصنعت لموسكو بعض المال في هذه العملية.

كانت واحدة من العقوبات الأكثر دراماتيكية التي انهالت على موسكو، قرار فرنسا في عام 2015 بإلغاء بيع حاملتي طائرات الهليكوبتر «ميسترال» لروسيا، وهو القرار الذي أدى إلى إعادة باريس مبلغ مليار دولار إلى موسكو، وهو سعر السفن الذي كانت روسيا قد دفعته بالفعل. وبالرغم من الإحراج العام الذي تسببت فيه عملية الإلغاء هذه، إلا أن موسكو في النهاية استطاعت كسب بعض المال.

لم تكتف روسيا بالحصول على المليار دولار، لكنها تمكنت من اللعب بذكاء عندما باعت 50 طائرة من طائرات الهليكوبتر طراز «KA-52»، والتي بنيت بالفعل لحاملتي الميسترال، جنبًا إلى جنب مع معدات الاتصالات الروسية التصميم، لمصر، التي اشترت السفن من فرنسا بقرض من المملكة العربية السعودية.

وقال مسؤول بارز في وزارة الدفاع الأمريكية ، إن موسكو لم تر التأثير الكامل للعقوبات الصارمة بحقها نظرًا لعدم وجود الإرادة السياسية الأمريكية والغربية، مُضيفًا «لم تكن العقوبات قوية بما فيه الكفاية. فمن أجل الحصول على نوع التأثير الذي تريده، عليك أن تذهب أبعد من ذلك بكثير، أكثر مما فعلت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون في حظر بيع معدات عسكرية للروس».

على وجه التحديد، فإن واشنطن لم تضمن تأمين عمليات الشراء من المجتمع الدولي، وكانت روسيا لا تكل في العثور على تشققات في جهد العقوبات في أماكن خارج قاعدة الإمداد الأوروبية التقليدية. خذ على سبيل المثال، في مرحلة ما بعد القرم، قام الألمان بالانتقال إلى قطع الإمدادات الخاصة بمحركات الديزل للسفن للبحرية الروسية.

عملية الإلغاء هذه كان من المفترض أن تؤدي لإفشال جزء هام من عملية تحديث الأسطول الروسي، في الوقت الذي كانت فيه عدة طرادات بحرية من نوع «Buyan-M» الجديدة تجلس منتظرة المحركات الألمانية الصنع في أحواض بناء السفن الروسية.

لكن موسكو تمكنت من الوصول إلى مورد آخر في وقت قليل بما فيه الكفاية. فقبل عدة سنوات، باعت برلين محركات من نفس النوع إلى الصين، والتي تمكنت بكين من استنساخها في مصانعها سريعًا. حجز المسؤولون الروس الرحلات الجوية إلى بكين، حيث أبرمت صفقة لشراء المحركات الصينية الأرخص، التي وإن لم تكن جيدة مثل أسلافها الألمانية، إلا إنها كانت كانت لائقة بما يكفي لتشغيل السفن الروسية، بدلًا من بقائها على اليابسة. وفي خطوة ذات صلة، باعت موسكو ثلاث فرقاطات أخرى تنتظر ضمن القائمة المحظور بيع محركاتها، للهند، وهو ما عوض الاستثمار الأولي.

وعندما يتعلق الأمر ببعض المكونات الإلكترونية الحساسة التي كانت روسيا اعتادت شراؤها عادة من الغرب من أجل صناعاتها الفضائية والصاروخية، فقد اتجهت موسكو إلى كوريا الجنوبية وغيرها من دول جنوب شرق آسيا التي لم تشارك في جانب العقوبات الغربية.

012917_1145_2.jpg

يبدو أن بوتين استطاع لعبها كما ينبغي
لكن هناك ضعف واضح
نقاط الضعف العسكرية الروسية ربما أكثر وضوحًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولعل أفضل مثال لقياس القوة العسكرية الروسية في الشرق الأقصى، هو وجودها البحري، ونحن نتحدث هنا عن الأسطول الروسي في المحيط الهادئ، ومقره في مدينة فلاديفوستوك.

خلال الحرب الباردة، شهد أسطول المحيط الهادئ الخاص بالاتحاد السوفياتي تراكمات هائلة ونموًا كبيرًا، وجرى نشر ما يقرب من ثلث جميع الأصول البحرية السوفيتية في المحيط الهادئ، والذي شمل حاملتي طائرات، وسفينة مقاتلة تعمل بالطاقة النووية، وأكثر من 100 غواصة. أما اليوم فقد بات الأسطول مُجرد ظل، بترسانة تعاني الشيخوخة، وسفن معظمها صُنّعت في التسعينات، ولا علاقة لها بالقرن الـ21.

ويضم أسطول المحيط الهادئ الروسي اثنين فقط من السفن الحديثة وهما غواصتا الصواريخ البالستية التي تعمل بالطاقة النووية (SSBNs)، والمجهزة بالصواريخ الباليستية الجديد (SLBM)، وربما ستنشر غواصتين إضافيتين من نفس الطراز، فضلًا عن غواصات من طراز «Kilo» التي تعمل بالديزل والكهرباء، لكن الأمر يشوبه شك كبير، بخاصة بعد خفض الميزانية، وإلغاء صفقة حاملتي الطائرات الفرنسية، ميسترال.

مع ذلك لا تزال روسيا لاعبًا قويًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتشهد على ذلك المناورات العسكرية واسعة النطاق وعمليات التعاون المشتركة في مجال الإنترنت بين الجيشين الروسي والصيني، وزيادة تواتر دوريات القاذفات الاستراتيجية من غوام وحتى الساحل الغربي الأمريكي، وعبور السفن الحربية الروسية على طول الساحل الشرقي لأستراليا خلال قمة العشرين.

وعلاوة على ذلك، فإن إعلان أن روسيا شحنها أسلحة، غير محددة، لجيش دولة فيجي في يناير (كانون الثاني) 2016، يظهر أن وجود روسيا الاستراتيجي في جنوب المحيط الهادئ آخذ في الازدياد، وعليه فإن المشهد العسكري الروسي الآن يتلخص في دولة تعاني اقتصاديًا تحاول استعادة قوتها ونفوذها العسكري بشكل ذكي، طبقًا لما بين يديها من خيوط، لكن تطوير بنيتها التحتية العسكرية تواجهه الكثير من العقبات.

 
العقوبات الدولية ساعدت
في أعقاب العقوبات التي فرضت على موسكو بعد ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، واجه الكرملين بعض الخيارات الصعبة، فقد وضعت العقوبات الاقتصادية برنامج التحديث العسكري للبلاد في خطر، وهي العقوبات التي قطعت عن روسيا إمكانية الحصول على أجهزة الاستشعار الراقية العسكرية أوروبية الصنع، والبرمجيات ومحركات السفن وغيرها من المعدات التي كانت حاسمة لسحب آلة الحرب الروسية المحتضرة والصدأة في أعقاب انتهاء الحقبة السوفييتية.
فيما يخص الملون بالأحمر فقد قامت روسيا مؤخرا بفرض قانون على القطاع الحكومي بشراء المنتجات البرمجية المحلية، ووضعت نظام تسجيل البرامج ( ) كنوع من الدعم الحكومي. فالحكومة الروسية تهدف إلى تقليل الاعتمادية على البرمجيات المستوردة، فالإحصائيات تشير إلى أن الحكومة الروسية تنفق ملايين الدولارات على البرامج الأجنبية من بينها نظام التشغيل ويندوز وقاعدة البيانات أوراكل وكذا برنامج ساب لتخطيط موارد المؤسسات والشركات والذي يتربع عرش الإنفاق! كما أن روسيا بدأت تنظر للأمر أيضا من منظور أمن قومي قد يعرض الشركات الروسية للشلل في حال فرضت العقوبات بمنع تصدير البرمجيات!
 
‏الاقتصاد الروسي يسجل أول نمو اقتصادي في الربع الرابع منذ أكثر من عامين. .
 
روسيا لديها الكثير لتكون قوة اقتصادية عظمى

لديها الموارد الطبيعيه والصناعات والتكنلوجيا

لكنها رغم ذلك متخلفه اقتصاديا بالنسبة للدول العظمى
 
روسيا لديها الكثير لتكون قوة اقتصادية عظمى

لديها الموارد الطبيعيه والصناعات والتكنلوجيا

لكنها رغم ذلك متخلفه اقتصاديا بالنسبة للدول العظمى
ماهي الصناعات والتكنولوجيا التي تمتلكها روسيا؟ روسيا حتى تقوم بتصوير أفلامها السينمائية تحتاج إلى كاميرات تصوير وملحقاتها من ألمانيا وأمريكا! لك أن تتخيل لو تم فرض حظر على بيع الكاميرات لروسيا فإن الاعلام الروسي سينتهي إلى الأبد!
 


الاقتصاد الروسي: هل نصف الكوب ممتلئ أم نصفه فارغ؟



17.11.2016

على الرغم من عدم وجود إصلاحات هيكلية من شأنها أن تنهي اعتماد الاقتصاد الروسي على النفط والغاز، إلا أن هناك بعض العلامات المشجعة للنمو الاقتصادي في عام 2017.

فقد كشف الانخفاض الحاد في أسعار النفط في شتاء عام 2014 المشكلات الاقتصادية الهيكلية في روسيا، الأمر الذي أدى إلى ركود اقتصادي لم يتعاف البلد منه في شكل كامل بعد. اضطرت الحكومة الروسية إلى اتخاذ بعض الخطوات الرامية إلى تكييف الاقتصاد مع هذه الظروف المالية الجديدة التي تسبب فيها انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية.
يشير الخبراء إلى تزامن التراجع الاقتصادي في روسيا أيضا مع اتجاه التنمية الاقتصادية العالمية نحو انخفاض في النمو. إذ يشهد العالم عموما ضعفا في النمو الاقتصادي. ووفقا لبيانات البنك الدولي، فقد تباطئ النمو العالمي الى 2.2% في عام 2016 بعد أن كان 2.6 % في عام 2013. وتزامن هذا التباطؤ مع ركود في التجارة العالمية في عام 2016، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2013. وعلاوة على ذلك، بقيت أسعار النفط منخفضة، بمتوسط بلغ 44،7 دولار للبرميل الواحد.
ونتيجة لكل ما سبق، تشهد روسيا حاليا تراجعا مستداما في الدخل الحقيقي، والذي يبقي على انخفاض الطلب المحلي. ففي عام 2016 شهدت روسيا الهبوط الأكبر في الدخل الحقيقي منذ عام 2008، عندما حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية.
ووفقا لأولغا غولوديتس نائب رئيس الوزراء الروسي شهدت روسيا زيادة في عدد من يعيشون في مستوى خط الفقر منذ عام 2014. ويؤيد الأستاذ في جامعة ولاية سان بطرسبرج ستانيسلاف تكاشينكو ذلك، مؤكدا أنه على الرغم من وقف انخفاض مستويات المعيشة بعض الشيء، فإن الروس أكثر فقرا اليوم مما كانوا قبل 7-10 سنوات مضت. ويعتقد تكاشينكو أنه من غير الواضح ما هي التدابير التي يمكن للحكومة أن تعتمدها لتغيير هذا الوضع.
أداء الاقتصاد الروسي
في محاولة لتقييم كيفية تعامل روسيا مع تحدياتها الاقتصادية وفيما إذا كانت تحقق نجاحا في إصلاح اقتصادها، أصدر البنك الدولي تقريرا تحليليا جديدا يوضح استمرار الركود في روسيا عموما ولو بوتيرة أبطأ في ظل الرياح الخارجية المعاكسة.
وحسب الاقتصادي المسؤول في البنك الدولي عن روسيا والمؤلف الرئيسي للتقرير، أبورفا سانجي، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 0.6 % في عام 2016 وينمو بنسبة 1.7 % في عام 2017. ومن المتوقع أيضا أن تواصل أسعار النفط تعافيها لتصل إلى (55.2 دولار للبرميل الواحد في عام 2017 و 59.9 دولار للبرميل الواحد في عام 2018 مما سينعكس إيجابا على الطلب المحلي. في الواقع، يرتبط هذا الى حد كبير بتوقعات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية والتي توقعت تراجع الناتج المحلي الإجمالي في روسيا بنسبة % 0.6 في عام 2016، ونموا بنسبة 0.6 % في عام 2017 ونموا بنسبة 1.7% في عام 2018 .
بشكل عام، واصلت روسيا تكيفها مع انخفاض أسعار النفط في عام 2016 في ظل العقوبات الاقتصادية. ويذكر التقرير أن حزمة استجابة الحكومة الروسية لسياسة سعر صرف مرنة، وخفض النفقات من حيث القيمة الحقيقية، وإعادة رسملة البنوك - جنبا إلى جنب مع الإفادة من صندوق الاحتياطي - ساعد في تسهيل هذا التكيف.
حققت الحكومة الروسية نتائج باهرة جدا في التعامل مع الأزمة: ظلت البطالة عند مستويات منخفضة نسبيا (5.6%)، في حين انخفض التضخم بدرجتين من 5.9 % في أيلول 2015 الى 7.5% فى أيلول 2016. وعلى الرغم من الاتجاهات غير المواتية في التجارة العالمية والعقوبات الدولية، والتي قيدت وصول روسيا إلى أسواق رأس المال الدولية، لا يزال ميزان المدفوعات مستقرا. وفي شهر أيار وللمرة الأولى منذ عام 2013، أصدرت الحكومة بنجاح 1.75 مليار دولار بسندات باليورو لعشرسنوات بمعدل الفعلي 4.75 %.
ويتفق أوليغ بوكليميشيف وهو أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد في جامعة لومونوسوف الحكومية (MGU) ومساعد سابق لوزير المالية، إلى حد كبير مع تحليل البنك الدولي ويقول: "في الواقع، تكيف الاقتصاد الروسي بنجاح مع الصدمات المتعددة التي سببتها الأزمة."
ومع ذلك، وبالنظر إلى هذه التطورات الإيجابية، فإن توطيد الميزانية يهدد النمو الاقتصادي والوضع المالي للمناطق، مع الانخفاض المزمن في الدخل الحقيقي للسكان وركود الاستثمار." ويخلص بوكليميشيف للقول أن المسألة الأهم – وهي الإصلاحات الهيكلية التي تشتد الحاجة إليها - لم تتم معالجتها بعد.
تفاصيل سلبية
بالرغم من ذلك ، وبالنظر الى هذا الاتجاه الإيجابي، فإنه من غير المحتمل التغلب على حالة الانحطاط هذه ببناء اقتصاد أكثر تنوعا، حسب تقرير البنك الدولي. لا تزال هناك مخاطر محتملة قد تأتي من تقلبات أسعار النفط واستمرار وجود العقبات الهيكلية على أرض الواقع، الأمر الذي يضع الشكوك حول الاستدامة الشاملة لنمو الاقتصاد الروسي.

الشيطان يختبىء في التفاصيل وهذا الأمر ينطبق تماما على حالة الاقتصاد الروسي. لا تزال توقعات التضخم مرتفعة ولا يزال القطاع المصرفي، وعلى الرغم من كونه مستقرا في الوقت الحالي، عرضة لمخاطر الاقتصاد الكلي من انخفاض نسبة النمو وضعف الطلب. ومع الإستخدام الفعال لصندوق النقد الاحتياطي، فإنه من المتوقع أن تنفد هذه الأرصدة في عام 2017. وحسب بيانات وزارة المالية الروسية، انكمش صندوق الاحتياطي بنسبة 64% من 88 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني 2015 وصولا الى 31.7 مليار دولار في نوفمبر/ تشرين الثاني2016 .

رغم أن الحكومة لجأت الى تخفيضات في الموازنة في مجالات معينة ومتفرقة بهدف خفض الإنفاق، إلا أن هذه الخطوة لم تساعد على كبح تنامي العجز في الميزانية الاتحادية: وهو الآن هو 2.6%، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 3.7% بحلول نهاية عام 2016. وحسب رؤية تكاشينكو، "فإن عجز الموازنة الاتحادية سيستمر في النمو البطيء، وربما يكون له تأثير سلبي يؤدي الى انخفاض الاستثمار، وضعف النمو الاقتصادي وانخفاض القوة الشرائية للسكان.

غير أن الحكومة طورت مسودة مشروع للموازنة الاتحادية ، والتي تفترض المحافظة على سعر برميل النفط بما يعادل 40 دولار للبرميل الواحد, وربطت هذا السعر مع متوسط الإنفاق الآجل وما يرتبط به في الأعوام 2017-2019. كما افترضت المسودة تعزيز الميزانية بشكل رئيسي من خلال خفض الإنفاق. كما سيتم خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.7% على مدى ثلاث سنوات، مع تخفيضات أكثر في ميزانية الدفاع الوطني (1.8%)، والسياسة الاجتماعية (0.5%)، والأمن الوطني (0.4%). وقد يساعد هذا الإجراء على تحسين الوضع الاقتصادي. ولكن ذلك كله لا يمكن تقييم فاعليته قبل أن نرى تأثيره على أرض الواقع .

وكما ذكر السيد بوكليميشيف، "إن آفاق نجاح سياسة استبدال الواردات وتنويع الاقتصاد هي سياسة غير أكيدة" ويظهر تقرير للبنك الدولي أنه وبينما توسعت الصادرات في القطاعات غير النفطية، مثل المنسوجات، الأخشاب المعالجة والمعادن و البضائع المعدينة، والزراعة، فقد انخفضت القيمة الإجمالية للصادرات غير النفطية بنسبة 13.4 في المئة في عام 2016.

تقييم الآفاق

وهكذا، وبينما قصة الاقتصاد الروسي بمجملها إيجابية، وبينما المؤسسات الروسية تتعامل باقتدار مع التحديات، حيث تتفاعل أساسا مع هذه التحديات حسب مجرياتها ووقائعها. وكما ذكر المدير الإقليمي للبنك الدولي اندراس هورفي إن "هناك تفهما في الحكومة الروسية بأن الواقع الجديد أصبح حقيقة وعلى البلد أن يتكيف معه. ولكن سياسته كانت مبينة على رد الفعل حتى الآن. ولكن من أجل تحقيق نتائج مستدامة على المدى الطويل، ينبغي على روسيا تبني سياسة اقتصادية استباقية."

ولخص بوكليمشيف رؤيته بالقول: "لسوء الحظ، فإن السياسة الاقتصادية الفعالة غائبة اليوم في روسيا، وربما يكون هذا التقييم جيدا ولكنه لا يبعث على البهجة. "
لذلك، فإن خبراء البنك الدولي وخبراء الاقتصاد الروسي يصفون الوضع الاقتصادي الروسي بأنه غير مستقر. ومع ذلك، فإنهم يؤكدون الاتجاهات الإيجابية التي ظهرت في النصف الثاني من عام 2016 كنتيجة للتدابير التي اتخذتها الحكومة والاتجاهات المواتية بشكل عام لأسواق السلع العالمية.
 


الاقتصاد الروسي: هل نصف الكوب ممتلئ أم نصفه فارغ؟



17.11.2016

على الرغم من عدم وجود إصلاحات هيكلية من شأنها أن تنهي اعتماد الاقتصاد الروسي على النفط والغاز، إلا أن هناك بعض العلامات المشجعة للنمو الاقتصادي في عام 2017.

فقد كشف الانخفاض الحاد في أسعار النفط في شتاء عام 2014 المشكلات الاقتصادية الهيكلية في روسيا، الأمر الذي أدى إلى ركود اقتصادي لم يتعاف البلد منه في شكل كامل بعد. اضطرت الحكومة الروسية إلى اتخاذ بعض الخطوات الرامية إلى تكييف الاقتصاد مع هذه الظروف المالية الجديدة التي تسبب فيها انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية.
يشير الخبراء إلى تزامن التراجع الاقتصادي في روسيا أيضا مع اتجاه التنمية الاقتصادية العالمية نحو انخفاض في النمو. إذ يشهد العالم عموما ضعفا في النمو الاقتصادي. ووفقا لبيانات البنك الدولي، فقد تباطئ النمو العالمي الى 2.2% في عام 2016 بعد أن كان 2.6 % في عام 2013. وتزامن هذا التباطؤ مع ركود في التجارة العالمية في عام 2016، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2013. وعلاوة على ذلك، بقيت أسعار النفط منخفضة، بمتوسط بلغ 44،7 دولار للبرميل الواحد.
ونتيجة لكل ما سبق، تشهد روسيا حاليا تراجعا مستداما في الدخل الحقيقي، والذي يبقي على انخفاض الطلب المحلي. ففي عام 2016 شهدت روسيا الهبوط الأكبر في الدخل الحقيقي منذ عام 2008، عندما حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية.
ووفقا لأولغا غولوديتس نائب رئيس الوزراء الروسي شهدت روسيا زيادة في عدد من يعيشون في مستوى خط الفقر منذ عام 2014. ويؤيد الأستاذ في جامعة ولاية سان بطرسبرج ستانيسلاف تكاشينكو ذلك، مؤكدا أنه على الرغم من وقف انخفاض مستويات المعيشة بعض الشيء، فإن الروس أكثر فقرا اليوم مما كانوا قبل 7-10 سنوات مضت. ويعتقد تكاشينكو أنه من غير الواضح ما هي التدابير التي يمكن للحكومة أن تعتمدها لتغيير هذا الوضع.
أداء الاقتصاد الروسي
في محاولة لتقييم كيفية تعامل روسيا مع تحدياتها الاقتصادية وفيما إذا كانت تحقق نجاحا في إصلاح اقتصادها، أصدر البنك الدولي تقريرا تحليليا جديدا يوضح استمرار الركود في روسيا عموما ولو بوتيرة أبطأ في ظل الرياح الخارجية المعاكسة.
وحسب الاقتصادي المسؤول في البنك الدولي عن روسيا والمؤلف الرئيسي للتقرير، أبورفا سانجي، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 0.6 % في عام 2016 وينمو بنسبة 1.7 % في عام 2017. ومن المتوقع أيضا أن تواصل أسعار النفط تعافيها لتصل إلى (55.2 دولار للبرميل الواحد في عام 2017 و 59.9 دولار للبرميل الواحد في عام 2018 مما سينعكس إيجابا على الطلب المحلي. في الواقع، يرتبط هذا الى حد كبير بتوقعات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية والتي توقعت تراجع الناتج المحلي الإجمالي في روسيا بنسبة % 0.6 في عام 2016، ونموا بنسبة 0.6 % في عام 2017 ونموا بنسبة 1.7% في عام 2018 .
بشكل عام، واصلت روسيا تكيفها مع انخفاض أسعار النفط في عام 2016 في ظل العقوبات الاقتصادية. ويذكر التقرير أن حزمة استجابة الحكومة الروسية لسياسة سعر صرف مرنة، وخفض النفقات من حيث القيمة الحقيقية، وإعادة رسملة البنوك - جنبا إلى جنب مع الإفادة من صندوق الاحتياطي - ساعد في تسهيل هذا التكيف.
حققت الحكومة الروسية نتائج باهرة جدا في التعامل مع الأزمة: ظلت البطالة عند مستويات منخفضة نسبيا (5.6%)، في حين انخفض التضخم بدرجتين من 5.9 % في أيلول 2015 الى 7.5% فى أيلول 2016. وعلى الرغم من الاتجاهات غير المواتية في التجارة العالمية والعقوبات الدولية، والتي قيدت وصول روسيا إلى أسواق رأس المال الدولية، لا يزال ميزان المدفوعات مستقرا. وفي شهر أيار وللمرة الأولى منذ عام 2013، أصدرت الحكومة بنجاح 1.75 مليار دولار بسندات باليورو لعشرسنوات بمعدل الفعلي 4.75 %.
ويتفق أوليغ بوكليميشيف وهو أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد في جامعة لومونوسوف الحكومية (MGU) ومساعد سابق لوزير المالية، إلى حد كبير مع تحليل البنك الدولي ويقول: "في الواقع، تكيف الاقتصاد الروسي بنجاح مع الصدمات المتعددة التي سببتها الأزمة."
ومع ذلك، وبالنظر إلى هذه التطورات الإيجابية، فإن توطيد الميزانية يهدد النمو الاقتصادي والوضع المالي للمناطق، مع الانخفاض المزمن في الدخل الحقيقي للسكان وركود الاستثمار." ويخلص بوكليميشيف للقول أن المسألة الأهم – وهي الإصلاحات الهيكلية التي تشتد الحاجة إليها - لم تتم معالجتها بعد.
تفاصيل سلبية
بالرغم من ذلك ، وبالنظر الى هذا الاتجاه الإيجابي، فإنه من غير المحتمل التغلب على حالة الانحطاط هذه ببناء اقتصاد أكثر تنوعا، حسب تقرير البنك الدولي. لا تزال هناك مخاطر محتملة قد تأتي من تقلبات أسعار النفط واستمرار وجود العقبات الهيكلية على أرض الواقع، الأمر الذي يضع الشكوك حول الاستدامة الشاملة لنمو الاقتصاد الروسي.

الشيطان يختبىء في التفاصيل وهذا الأمر ينطبق تماما على حالة الاقتصاد الروسي. لا تزال توقعات التضخم مرتفعة ولا يزال القطاع المصرفي، وعلى الرغم من كونه مستقرا في الوقت الحالي، عرضة لمخاطر الاقتصاد الكلي من انخفاض نسبة النمو وضعف الطلب. ومع الإستخدام الفعال لصندوق النقد الاحتياطي، فإنه من المتوقع أن تنفد هذه الأرصدة في عام 2017. وحسب بيانات وزارة المالية الروسية، انكمش صندوق الاحتياطي بنسبة 64% من 88 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني 2015 وصولا الى 31.7 مليار دولار في نوفمبر/ تشرين الثاني2016 .

رغم أن الحكومة لجأت الى تخفيضات في الموازنة في مجالات معينة ومتفرقة بهدف خفض الإنفاق، إلا أن هذه الخطوة لم تساعد على كبح تنامي العجز في الميزانية الاتحادية: وهو الآن هو 2.6%، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 3.7% بحلول نهاية عام 2016. وحسب رؤية تكاشينكو، "فإن عجز الموازنة الاتحادية سيستمر في النمو البطيء، وربما يكون له تأثير سلبي يؤدي الى انخفاض الاستثمار، وضعف النمو الاقتصادي وانخفاض القوة الشرائية للسكان.

غير أن الحكومة طورت مسودة مشروع للموازنة الاتحادية ، والتي تفترض المحافظة على سعر برميل النفط بما يعادل 40 دولار للبرميل الواحد, وربطت هذا السعر مع متوسط الإنفاق الآجل وما يرتبط به في الأعوام 2017-2019. كما افترضت المسودة تعزيز الميزانية بشكل رئيسي من خلال خفض الإنفاق. كما سيتم خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.7% على مدى ثلاث سنوات، مع تخفيضات أكثر في ميزانية الدفاع الوطني (1.8%)، والسياسة الاجتماعية (0.5%)، والأمن الوطني (0.4%). وقد يساعد هذا الإجراء على تحسين الوضع الاقتصادي. ولكن ذلك كله لا يمكن تقييم فاعليته قبل أن نرى تأثيره على أرض الواقع .

وكما ذكر السيد بوكليميشيف، "إن آفاق نجاح سياسة استبدال الواردات وتنويع الاقتصاد هي سياسة غير أكيدة" ويظهر تقرير للبنك الدولي أنه وبينما توسعت الصادرات في القطاعات غير النفطية، مثل المنسوجات، الأخشاب المعالجة والمعادن و البضائع المعدينة، والزراعة، فقد انخفضت القيمة الإجمالية للصادرات غير النفطية بنسبة 13.4 في المئة في عام 2016.

تقييم الآفاق

وهكذا، وبينما قصة الاقتصاد الروسي بمجملها إيجابية، وبينما المؤسسات الروسية تتعامل باقتدار مع التحديات، حيث تتفاعل أساسا مع هذه التحديات حسب مجرياتها ووقائعها. وكما ذكر المدير الإقليمي للبنك الدولي اندراس هورفي إن "هناك تفهما في الحكومة الروسية بأن الواقع الجديد أصبح حقيقة وعلى البلد أن يتكيف معه. ولكن سياسته كانت مبينة على رد الفعل حتى الآن. ولكن من أجل تحقيق نتائج مستدامة على المدى الطويل، ينبغي على روسيا تبني سياسة اقتصادية استباقية."

ولخص بوكليمشيف رؤيته بالقول: "لسوء الحظ، فإن السياسة الاقتصادية الفعالة غائبة اليوم في روسيا، وربما يكون هذا التقييم جيدا ولكنه لا يبعث على البهجة. "
لذلك، فإن خبراء البنك الدولي وخبراء الاقتصاد الروسي يصفون الوضع الاقتصادي الروسي بأنه غير مستقر. ومع ذلك، فإنهم يؤكدون الاتجاهات الإيجابية التي ظهرت في النصف الثاني من عام 2016 كنتيجة للتدابير التي اتخذتها الحكومة والاتجاهات المواتية بشكل عام لأسواق السلع العالمية.
أولا: ما هي أسباب ضعف الاقتصاد الروسي مع العلم أن روسيا تقيم بشكل دوري العديد من المنتديات الاقتصادية؟
ثانيا: روسيا تضع خطط لتنويع الاقتصاد الروسي والابتعاد عن النفط ومشتقاته، منها مبادرة ميدفيدف في عام 2009 لتحديث الاقتصاد الروسي وفي عام 2014 المبادرة الوطنية في المجال التكنولوجي ( )، فهل تقوم روسيا بعمل دراسة تقييمية لمدى نجاح المشاريع على المدى القصير والمتوسط والبعيد؟
 


424
موسكو الضعيفة: الوجه الآخر لأسطورة الصعود الروسي

250


محرر سياسي




على تخوم مدينة همدان الإيرانية، حيث تقبع قاعدة الشهيد نوجه الجوية، كانت إيران على موعد مع استقبال ضيف غير مُعتاد صبيحة السادس عشر من أغسطس الماضي؛ طائرات عسكرية أجنبية سُمِح لها بالهبوط ثم الانطلاق من إيران، في أول مرة يستخدم فيها جيش أجنبي الأراضي الإيرانية خلال عملياته العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية.

لم تدُم سرية الخبر طويلًا، حيث روسيا سريعًا أنها استخدمت القاعدة بالفعل في نقل مجموعة من طائرات توبوليف-22 وسوخوي-34 إلى الأجواء السورية لاستهداف معاقل "الإرهابيين" هناك، بل وأنها على إذن من حكومة العراق بعبور الطائرات عبر الأجواء العراقية وصولًا لمدينة حلب.

لم يكن جورج كِنان، الدبلوماسي الأمريكي العريق المتوفي عام 2005، ليصدق إن قيل له قبل وفاته بأن الشرق الأوسط سيكون مرتعًا للطيران الروسي بهذا الشكل خلال عقد واحد فقط، وأن الولايات المتحدة لن تجد حليفًا يعينها على الجماعات المسلحة المعادية لها سوى جماعات أخرى مماثلة ولكن محسوبة على القومية الكردية في شمال سوريا، في حين ستتوتّر علاقاتها بحلفائها التقليديين في مصر وتركيا والخليج بينما تفقد هيمنتها على العراق لصالح إيران.

القوات الجوية الروسية (وكالة الأنباء الأوروبية)

كان كِنان أحد رواد سياسة الاحتواء الأمريكية تجاه الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، وضرورة تطوير إستراتيجية لاحتواء الرغبة الروسية في التوسع، لا الاصطدام بها مباشرة، لحماية المناطق الهامة لأمن الولايات المتحدة ومصالحها، وهي رؤية أثرت على صناع القرار الأمريكيين بدرجات مختلفة خلال الحرب الباردة، ويُعزو لها البعض سقوط الاتحاد السوفيتي بالفعل عام 1990.

يبدو غريبًا إذن أن يعود الروس بتلك القوة بعد رُبع قرن، بل وبنجاحات عسكرية ودبلوماسية لم يكن السوفييت أنفسهم ليحلموا بها في أوج قوتهم، في وقت يمرون فيه بأزمة اقتصادية تحت وطأة العقوبات الغربية وهبوط أسعار النفط والغاز، وفي وقت لا يزال فيه التفوق العسكري والتكنولوجي الأمريكي واضحًا وقادرًا على إيقافهم. فهل يشهد العالم صعود قوة الروس من جديد إذن على حساب الأمريكيين في الشرق الأوسط وشرق أوروبا؟

دمشق والدونباس: ملء المساحات الشاغرة

3cc4b8a2-a434-4a00-bf71-f054cbb38320


تبدو الإجابة سهلة لأول وهلة، فالوضع في أوكرانيا وجيورجيا وسوريا، والعلاقات الوطيدة مع إيران والعراق، والآن تركيا ومصر، تقول بأن هنالك صعودًا روسيًا واضحًا مقابل تراجع أمريكي سريع خلال إدارة باراك أوباما، لكن نظرة أعمق على ما جري خلال السنوات الخمس الماضية تكشف لنا مشهدًا أكثر تركيبية من الخطاب الرائج إعلاميًا بخصوص "صعود روسيا على حساب أمريكا."


لنلفت الانتباه أولًا إلى أن تقدّم الروس في شرق أوروبا والشرق الأوسط لم يتأتى بإزاحة النفوذ الأمريكي عبر الاصطدام به، كما هي العادة حين تشهد منطقة ما "صعود" قوة جديدة فيها تجلب اصطدامًا صريحًا مع قادة المنظومة القديمة، وهو ما جرى مع الألمان في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، ويجري مع الصين حاليًا في شرق آسيا.

على النقيض، لم يكن تقدُّم الروس انتصارًا في مواجهة، لكنه في الحقيقة كان ممكنًا فقط بسبب رغبة الأمريكيين أنفسهم بالتراجع عن موقعهم السابق بالخليج والمشرق، وكذا شرق أوروبا، لأسباب عديدة، أولها سقوط أهمية النفط الخليجي من حسابات الأمن الأمريكية، وثانيها حاجة الإدارة الأمريكية للانتباه إلى احتواء الصين في شرق آسيا، ونقل جزء من الثقل الأمريكي الدولي من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الهادي.

لا تنتمي الولايات المتحدة جغرافيًا لأي من أوروبا أو الشرق الأوسط، ومن ثم كان متوقعًا حين تتضاءل مصالحها فيهما أن تسحب ثقلها منهما -ولو جزئيًا- لتوجيهه لمناطق أكثر أهمية وقربًا لها، أما الروس على الناحية الأخرى فيملكون أسبابًا تاريخية وجغرافية لن تتغير أبدًا للبحث عن دور في هاتين المنطقتين، وهو دور تكشفت مساحاته رويدًا بينما بدأ تضاؤل الاهتمام الأمريكي، بل ويمكن القول بأن موسكو حاولت جس النبض في تحركاتها العسكرية المرة تلو الأخرى للتأكد من عدم رغبة -وليس عدم قدرة- الأمريكيين على ردعها كما كانوا ليفعلوا في التسعينيات.

300

تقدم الروس ليستعيدوا مواقع عدة لهم في شرق أوروبا، لكنها مواقع كانت شاغرة فعليًا بتحول اهتمام الأمريكيين عنها، وهو ما جرى بالمثل في سوريا.

وكالة الأنباء الأوروبية

كانت أول تجربة روسية عام 2008، حين استحوذ الجيش الروسي على مقاطعتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية من جيورجيا خلال خمسة أيام، وتلاها عام 2014 استحواذه على شبه جزيرة القرم ذات الموقع المركزي في البحر الأسود، ثم الزج بمجموعات مسلحة موالية لروسيا في منطقة "الدونباس" بشرق أوكرانيا، والتي باتت فعليًا جزءًا من نطاق الهيمنة الروسية، وحاجزًا ضد قدرة أوكرانيا على التحرُّك والانضمام لأي تشكيلات سياسية أو عسكرية أوروبية.

تقدم الروس إذن ليستعيدوا مواقع عدة لهم في شرق أوروبا، لكنها مواقع كانت شاغرة فعليًا بتحول اهتمام الأمريكيين عنها، وهو ما جرى بالمثل في سوريا، حين أبدى الروس مرة أخرى الرغبة في التحرك وقلب موازين الحرب السورية، في نفس الوقت الذي أيقنوا فيه بأن واشنطن لا ترغب بالتحرّك وإن امتلكت القدرة نظريًا على إيقافهم. ولكن لماذا قد لا يرغب الأمريكيون بالتحرُّك لوقف روسيا؟

واشنطن: تراجع الخطر الروسي
حاملة الطائرات الروسية الوحيدة كوزنيتشوف (وكالة الأنباء الأوروبية)

قبل خمسة أعوام، نشر أستاذ العلوم السياسية الأمريكي المرموق، جوزيف ناي، كتابًا بعنوان مستقبل القوة، تحدث عن تراجع دور العوامل "الكلاسيكية" في تحديد موازين القوى، والتي ساعدت على خلق العداء الصفري الواضح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وأبرزها مركزية السلاح النووي أثناء الحرب الباردة، والقوة العسكرية بشكل عام، والقدرات الصناعية التقليدية.

في المقابل، تظهر اليوم عوامل أخرى مثل التقدم التكنولوجي وحروب الإنترنت، أو ما أسماه جوزيف ناي "القوة الذكية"، والأهم من كل ذلك، أولًا، صعود الاقتصادات الآسيوية كمنافس رئيسي للقوى الغربية التقليدية باستخدام تلك الأدوات، وثانيًا، قدرة كيانات أخرى كالميليشيات -بل ومجرد الأفراد- على استخدام تلك الأدوات إلى جانب الدول التقليدية، على عكس الحال أثناء الحرب الباردة والتي قلما شهدت بروز جماعات مسلحة بالشكل الذي نراه اليوم.

باستثناء تفوقها الملحوظ في الحروب الإلكترونية، لا تبدو روسيا اليوم قوة ذكية بأي حال، ومن ثم لا تشكل خطرًا على الأمريكيين إلا بترسانتها النووية من ناحية، والتي تشكل رادعًا عسكريًا لاحتلال روسيا فقط ولا يمكن استخدامها في كافة الصراعات المعاصرة، وقدرتها على التغلغل الإلكتروني من ناحية أخرى، وهو الملف الوحيد الأكثر تهديدًا للولايات المتحدة كما الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

عدا ذلك، ثمة كبيرة ومتزايدة في الواقع بين القوتين العسكريتين، فمعظم الأسلحة الروسية اليوم تنتمي للحقبة السوفيتية، بما في ذلك حاملة الطائرات الروسية الوحيدة " ،" والتي يقابلها لدى الأمريكيين عشر حاملات موزعة حول العالم، وهو ما يُضاف لعجز الميزانية الروسية عن مواكبة نظيرتها الأمريكية البالغة عشرة أضعافها نتيجة للأزمة الاقتصادية في روسيا، ومن ثم فإن ميزانية عسكرية كتلك الموجودة بالصين -وتفوق ثلث نظيرتها الأمريكية- تبدو أكثر تهديدًا للأمريكيين على المدى البعيد في قدرتها على اللحاق بواشنطن.

23ef8211-a0e1-472f-a055-714c7fac719e



تنصب هواجس الولايات المتحدة في القرن الجديد إذن على انتقال الثقل الاقتصادي العالمي لآسيا، والصين على وجه الخصوص، وتشرذم القوى العالمية خارج نطاق الدول التقليدية، في حين تتراجع على الأرض حدة الخطر الروسي، بل وتجعل من الروس أنفسهم حلفاء محتملين لمواجهة هذه الهواجس، والتي تُقلقهم على الأرجح أكثر من الأمريكيين أنفسهم، الأمر الذي تكشفه الحرب في سوريا حيث يجري بالفعل مرشح للتزايد بين الولايات المتحدة وروسيا، بل ولعل السماح لروسيا بلعب ذلك الدور يكون ما تفضّله واشنطن بالفعل على ترك المنطقة للجماعات المسلحة أو لدول مثل إيران.

موسكو: الهشاشة الكامنة

ee8d41d0-730d-425c-9a49-70d697749378


"ليس هناك أي نشاط زراعي على الناحية الروسية. مجرد غابات ليس إلا، وحين تسأل الروس عن سبب عزوفهم عن الزراعة يقولون بأن الجو ليس جيدًا، وأنه يستحيل زراعة أي محصول هنا. بيد أنك تمُر إلى الناحية الصينية لترى الزراعة في كل مكان من حولك رُغم أن ما يفصلهما مائتا متر فقط ولا بد أن يكون الجو مماثلًا،" بتلك الكلمات أحد الصحافيين الإيطاليين ما رآه في مدينة بلاغوفِشتشنسك الحدودية بين روسيا الصين، وهي رواية متكررة من مدن حدودية عديدة تزدهر على الناحية الصينية بينما يقبع النصف الروسي في الظلام.


بعيدًا عن مساحات البحرين الأسود والمتوسط الشاغرة، والتي لا يواجه فيها العملاق الروسي سوى قوى عسكرية غير نظامية ومتشرذمة، ودون استنفار ضخم لقواته البرية، تنكشف لنا مكامن الهشاشة الروسية إذا ما نظرنا للمساحات الشاسعة التي هيمنت عليها روسيا سابقًا في آسيا وتواجه فيها في الحقيقة الاقتصاد الصيني، والذي بات الشريك التجاري الأول لبلدان آسيا الوسطى كلها عدا كازاخستان.

لا تقتصر نقاط الضعف الروسي على التخلف عن منافسة الصين في قلب آسيا، بل وفي حاجتها إلى الاستنفار العسكري المستمر بطول منطقة الشرق الأقصى وسيربيا داخلها (المماثلة في حجمها تقريبًا لحجم الولايات المتحدة أو الصين) نتيجة لقلة النشاط الاقتصادي فيها -كما يكشف لنا الصحافي الإيطالي- والناجم عن تركز تعداد السكان الروسي -أوروبي المنشأ بطبيعة الحال- في أقصى الغرب، في حين يقبع أقصى الشرق بواحدة من أقل الكثافات السكانية بالعالم.

كنتيجة لمساحتها الشاسعة، تشكل الحاجة المستمرة لحمايتها عسكريًا ضغطًا على الاقتصاد الروسي حتى في أفضل حالاته، وهي مسألة تعيقه عن اتخاذ المسار الطبيعي -على غرار الولايات المتحدة والصين- لتنمية بقية القطاعات المدنية والهامة، والتي تنبني عليها في النهاية عوامل "القوة الذكية" المذكورة أنفًا، علاوة على امتلاك تلك المساحة الكبيرة لحدود مفتوحة على أعداء كُثُر في أوروبا وآسيا بشكل يزيد من الحاجة للجاهزية العسكرية المستمرة في بلد ضعيف اقتصاديًا ولا يتجاوز تعداده 150 مليون -وهي واحدة من إشكاليات الكيان الروسي التاريخي، والذين يعود لحملة استيطان وإبادة قام بها الروس في سيبريا وشمالي شرق آسيا- على العكس من الولايات المتحدة التي تمتلك سياسة ديمغرافية ناجحة بضعف التعداد السكاني، وتتمتع بعُزلة جغرافية تحمي شرقها وغربها.

يُضاف لكل ذلك غياب أية كبرى لروسيا تستطيع أن تتبادل فيها الأدوار العسكرية مقابل الاستفادة اقتصاديًا وعلميًا، وهي مسألة حتمية لأية قوة "عالمية" في القرن الجديد، على سبيل المثال، يمتلك الأمريكيون في نهاية المطاف تحالفًا اقتصاديًا وثقافيًا مع أوروبا واليابان وكندا وأستراليا بصورة تعزز تبادل الأدوار بينهم، علاوة على انتشارهم بطول العالم كله، في حين تنكفئ روسيا على تحالفاتها مع دول فقيرة وصغيرة في جوارها المباشر مثل بيلاروسيا وأرمنيا وكازاخستان وكوريا الشمالية.

بشكل عام، لا تبدو هنالك أية دروس مستفادة من الحرب الباردة في موسكو باستثناء الرغبة في محاكاة نموذج التغلغل الأمريكي، وهو نموذج يهيمن على صناع القرار في موسكو ممن يحاولون رد تدخلات الغرب في شرق أوروبا الأمس، بدعم اليمين المتطرف المُعادي لوحدة أوروبا اليوم بالمال، والتلاعب عبر الاستخبارات تارة والحروب الإلكترونية تارة أخرى بما أمكن الوصول له في المنظومتين الأوروبية والأمريكية، وهي إستراتيجية لا تبدو أنها كفيلة باستعادة روسيا لأمجادها بينما تعاني من أزمة ديمغرافية واقتصادية أشد من جوارها الأوروبي.


df9f6ed2-7ec2-416a-ac2c-32e5f27e6816



d1da422f-14d5-41c4-b9a3-1355ea9a5f23



707fd2d5-f1ec-4c0c-af0c-f8147396b42e


***

لم يتغيّر الكثير في موسكو على الأرجح منذ عصر السوفييت بعودة معظم عناصر الاستخبارات السوفيتية السابقة للسُلطة، بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين، وهي عقليات تهيمن عليها محاولة استعادة الهيبة الروسية ومداواة جراح الحرب الباردة، والقيام بتحركات وبث رسائل بهذا المعنى في الجوار الروسي مستوحاة من تحركات الأمريكيين العسكرية والاستخباراتية لإسقاط الاتحاد السوفيتي، دونما النظر لأية أسباب أخرى لنجاح المشروع الأمريكي القرن الماضي.

بيد أنه ثمة فجوة كبيرة بين تلك العقلية وما يتطلبه القرن الجديد دونًا عن غيره، وهي فجوة ستترك روسيا حبيسة "ذهنية إسرائيلية" إن جاز القول منصبة على حماية جغرافيا لا تنتمي لها وديمغرافيا هشة بكل ما في حوزتها من قوة عسكرية ونشاطات استخباراتية، دون النظر في أهمية مواكبة الأمريكيين والصينيين في شتى المجالات المدنية الأخرى، وهي ذهنية لعل الإسرائيليين أنفسهم أقل اتصافًا بها اليوم بالنظر للكثير من معالم القوة الذكية التي حازوها بالفعل على مر العقود.

تتقدم روسيا إذن لملء مساحات إقليمية شاغرة في أوكرانيا وسوريا، وكأنها عملاق جريح يتغنّى باصطياد ذبابة، لكنها على النقيض عاجزة عن المواجهات الكبرى كما فعلت يومًا ما، فهي لا تملك إلا ضجيج التدخل الإلكتروني في الانتخابات الأمريكية، وانتصارات على مجموعات مسلحة ضعيفة ومتشرذمة، في حين تكشف كافة المؤشرات الاقتصادية والعسكرية الثقيلة بأنها في الواقع لا تزال قوة من قوى الأمس على مستوى العالم إن لم يكن تراجعها مرشحًا للاستمرار، أما القرن الجديد فهو إما أمريكي كسابقه، أو صيني، أو ربما كليهما في آن.
 

عدا ذلك، ثمة كبيرة ومتزايدة في الواقع بين القوتين العسكريتين، فمعظم الأسلحة الروسية اليوم تنتمي للحقبة السوفيتية، بما في ذلك حاملة الطائرات الروسية الوحيدة " ،" والتي يقابلها لدى الأمريكيين عشر حاملات موزعة حول العالم، وهو ما يُضاف لعجز الميزانية الروسية عن مواكبة نظيرتها الأمريكية البالغة عشرة أضعافها نتيجة للأزمة الاقتصادية في روسيا، ومن ثم فإن ميزانية عسكرية كتلك الموجودة بالصين -وتفوق ثلث نظيرتها الأمريكية- تبدو أكثر تهديدًا للأمريكيين على المدى البعيد في قدرتها على اللحاق بواشنطن.
23ef8211-a0e1-472f-a055-714c7fac719e
لماذا أهمل المقال سلاح الغواصات الذي تملكه روسيا والتركيز على حاملة الطائرات الروسية الوحيدة؟
title_image_borey_eng.jpg
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى