كيف يُستَخدم نظام تحديد المواقع GPS في رحلات الفضاء؟

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,243 0 0
440af4c6c3d8e157510e3eb95e8d752f.jpg


وصول فريق دونر إلى كاليفورنيا بعد رحلةٍ آمنةٍ في ظروفٍ جويةٍ جيدة

كان من الممكن لما سبق أن يكون عنواناً لمقالٍ صحفيٍّ في خريف عام 1846، لو أنَّ جورج وجياكوب دونر George and Jacob Donner كان بإمكانهما استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (Global Positioning System) والمعروف اختصاراً بـ (GPS)، وهو عبارة عن تقنيةٍ ملاحيةٍ عالية الدقة، تعتمد على إشاراتٍ تصدر عن مجموعةٍ من الأقمار الصناعية تدور فوق سطح الأرض بمسافة 12,500 ميل (20200 كيلومتر) [المصدر: GPS.gov]. لسوء حظ الإخوة دونر وفريقهم غير المُوفق من المستكشفين، كان الـ GPS يتطلب مائة سنةٍ أخرى من البحث والتطوير R&D، تاركة إياهم ليجدوا طريقهم إلى كاليفورنيا باستخدام البوصلات والخرائط والنصائح الرديئة. في النهاية تحولت رحلتهم الطويلة إلى كابوسٍ مضنٍ، حيث أصبحوا محاطين بالثلوج في جبال سييرا نيفادا Sierra Nevada، وتوفي كثيرون من فريقهم قبل أن يتمكن المنقذون من الوصول إليهم في فصل الربيع.

upload_2015-12-9_3-45-59.jpeg

كوكبتنا من الأقمار الصناعية الخاصة بتحديد المواقع رائعة ولكنها محدودة. حقوق الصورة: وزارة الدفاع الامريكية

ربما قد تواجه مستكشفي الفضاء مآسٍ مشابهةٍ إذا لم يتمكنوا من إيجاد طريقةٍ مناسبةٍ لتوجيه أنفسهم عند السفر إلى الكواكب البعيدة، أو حتى النجوم البعيدة. يبدو الـ GPS مرشحاً منطقياً لمثل هذه المساعي، ولكن النظام يعمل فقط إذا كان السفر يقتصر على وجهاتٍ أرضية، وذلك لأن الأربع والعشرين قمراً صناعياً الذين يشكلون كوكبة GPS، يصدرون إشاراتهم باتجاه الأرض، فإن كان موضعك تحت الأقمار الصناعية وتملك جهاز استقبالٍ قادرٍ على التقاط الإشارات، يمكنك تحديد موقعك بشكل موثوق.

وإن كنت تجوب كامل سطح الكوكب فيمكنك فعل ذلك بأمان، أو إن كنت تحلّق في مدارٍ أرضيٍّ منخفض (اختصاراً LEO) فأنت مغطى بالكامل، ولكن جرّب أن تغامر فوق المدار الأرضي المنخفض LEO، عندها سيجد مستقبل GPS اليدوي الخاص بك نفسه بسرعةٍ فوق كوكبة الأقمار الصناعية، ونتيجةً لذلك لن يعود قادراً على تسجيل أية إشارة، وبعبارةٍ أخرى، الأقمار الصناعية الخاصة بـ GPS تُرسل للأسفل فقط، ولا ترسل للأعلى.

هذا لا يعني أن المهمات إلى خارج الأرض يجب أن تحلق بشكل أعمى، فتقنيات الملاحة الحالية تستخدم شبكةً من محطات التتبع، مثبتة إلى الأرض وموجهة نحو الفضاء الخارجي، عندما يترك الصاروخ كوكبنا إلى المريخ والمشتري وما وراءهما، يرسل طاقم من الأرض شعاع موجاتٍ راديويةٍ من محطات التتبع إلى السفينة، ترتد هذه الموجات عن المركبة وتعود إلى الأرض، حيث تقيس المعدات الوقت الذي استغرقته الموجات للقيام بالرحلة، والتحول في التردد الناتج عن تأثير دوبلر (Doppler effect)، وعندها يستطيع الطاقم الأرضي -باستخدام هذه المعلومات- حساب موقع الصاروخ في الفضاء.

تخيل الآن أنك تريد السفر إلى أقصى أنحاء النظام الشمسي، عندما تصل مركبتك إلى بلوتو ستكون بعيداً عن الأرض بمقدار 3,673,500,000 ميل (5.9 مليار كيلومتر)، ستستغرق موجات الراديو التي أرسلتها محطة التتبع 5.5 ساعة للوصول إليك، و 5.5 ساعة للعودة (على اعتبار أنّ الموجات تسافر بسرعة الضوء)، ما يزيد صعوبة تحديد موقعك بالضبط. سافر إلى أبعد من ذلك وستقل دقة نظام التتبع الأرضي أكثر. من الواضح أن أفضل حلٍّ هو وضع أداةٍ ملاحيةٍ على متن سفينة الفضاء، لتستطيع حساب موقعها بشكلٍ مستقل، وهنا يأتي دور ملاحة النجوم النابضة (pulsar navigation)، وهو ابتكار مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا Goddard Space Flight Center.

 
عودة
أعلى