بسم الله الرحمن الرحيم
معركة غوادالقنال (( Guadalcanal )) :-
معركة غوادالقنال (( Guadalcanal )) :-
في 7/8/1942م باشر الأميركيون قصفاً دام ثلاث ساعات على جزيرة غوادالقنال تحضيراً لأول إنزال بري ضخم ، بين الجزر الواقعة في أيدي اليابانيين .
كان هناك ألفا ياباني على الجزيرة و معظمهم كانوا من عمال البناء المسالمين ، لم يقاوموا هجوماً شنه 11000 جندي من مشاة البحرية الأميركية .
سيطر الأميركيون على جزءٍ من جزيرة غوادالقنال و على مدرجها بسهولة ، مع أن اليابانيون تفاجأوا بذلك الإنزال البحري ، إلا أنهم استجابوا بسرعة فأرسلوا الطائرات لمنع الأميركيين من جلب التعزيزات ، انسحبت كل السفن الأميركية المعرضة للهجوم في هذه المنطقة .
استفاد اليابانيون من قواعدهم القريبة من جزر السالمون ، فقد دعمت بقواعد بحرية و جوية متقدمة في شمالي السالمون ، هذه القواعد كانت مركزاً هاماً من أجل المعارك الجوية و البحرية التي تجري حول غوادالقنال ، و أما في جو الجزيرة فقد كانت هدفاً لمعارك جوية رهيبة . لقد كانت المعركة الجوية في سماء جزيرة غوادالقنال قد جرت من أجل اعتراض النجدات و المؤن أو لتأمين وصولها .
كانت القوة اليابانية تحاول مهاجمة جزيرة سافو إلا أنها باءت بالفشل ، و بعد معركة بحرية رهيبة استطاعوا أن يغرقوا ثلاث مدمرات أميركية و مدمرة استرالية ، بعد ذلك عاد أسطول ميكاوا من حيث أتى . لكن البحرية الأميركية تصدت له بعد أن تكبدت خسائر فادحة .
الخريطة تبين المعارك البحرية التي دارت قرب جزيرة غوادالقنال و الخريطة الصغيرة على اليسار تبين جزر سليمان عن بعد ( السالمون ) .
هنا وجد الرماة البحارة أنفسهم أمام مهمة على مستواهم . لقد سيطروا على شريط ساحلي طوله 11 كلم و عمقه 6 كلم في جزيرة طولها 140 كلم و عرضها 40 كلم .
و خلال أيام انتهى العمل في القطعة الثمينة من الأرض التي أطلق عليها اسم هندرسن نسبة للرائد هندرسن و هو طيار في وحدة بحرية قتل في الهجوم على حاملات الطائرات اليابانية في معركة ميداوي البحرية .
لقد أصبحت هذه الأرض صالحة للعمليات الحربية . يبقى أن نرى أياً من الطرفين يستطيع أن يأتي بكمية أكبر من النجدات و المؤن لجيشه في جزيرة غوادالقنال . أما اليابانيون فقد كانوا يسيطرون في البداية على البحر و الجو . و لكن منذ أن أصبح مطار هندرسن صالحاً للعمل تغير الموقف . إن القاذفات المنقضة و المطاردات التابعة للبحرية الأميركية و القلاع الطائرة التابعة للجيش كانت سيدة الموقف حول جزيرة غوادالقنال أثناء النهار . أما الليل فكان لمصلحة اليابانيين . و أصبح في وسع الأميركيين أن ينزلوا أسلحةً و رجالاً دون أن يتكبدوا خسائر كبيرة خلال النهار كله و بالعكس بالنسبة لليابانيين فقد كانوا يمدون مواقعهم أثناء الليل .
كان هناك قوات يابانية تفوق القوات الأميركية في عددها ، حيث كانت متمركزة خلف مطار هندرسن ، أصبح الرماة البحريين مهددين لأي هجوم من الأمام و من الخلف .
لقد صُدم الأميركيون من ضراوة مقاومة اليابانيين ، ففي 28/8/1942م و بعد أسبوعين على الإنزال الأميركي في جزيرة غوادالقنال ، شن اليابانيون هجوماً انتحارياً بهدف استرجاع مطار هندرسن ، انسحب جنود مشاة البحرية إلى المطار و اختبأوا فيه ، و من هناك شارك ما تبقى من الرماة البحريين في معركة شرسة ، على الرغم من أن عدد اليابانيين كان يفوقهم بأربعة أضعاف ، سقط نحو ألف جندي ياباني ، حيث قللت الإستخبارات البحرية الأميركية من قدرة القوات اليابانية على القتال ، في إحدى المعارك واجه 700 جندي من مشاة البحرية الأميركية ألفي جندي ياباني .
فقد تشبث الرماة البحريون الأميركيون في المطار رغم المدفعية التي كانت تصليهم ناراً حامية ابتداءاً من البوارج حتى المدافع و مروراً بالطائرات و بذلك تقدم اليابانيون بقوة و أصبحوا يشرفون على المرتفعات المحيطة بالمطار .
الخريطة تبين جزيرة غوادالقنال و مراحل العمليات الهجومية القتالية للقوات اليابانية .
عندما غادرت الفرقة الأولى للرماة البحريين للنزول في جزيرة غوادالقنال ، كانت المقاومة ضعيفة ، لم يلبث اليابانيون حتى ضاعفوا مقاومتهم فأصبحت عنيفة شديدة و مع أن أياً من الجانبين لم يحرز نصراً تاماً .
غادرت السفن الأميركية المعرضة للهجوم و التي هزمت في معركة جزيرة سافو البحرية ، تاركةً الرجال الباقين على الجزيرة في موقفٍ صعب ، كما تعرضت الجزيرة لقصفٍ ليلي من السفن اليابانية و هجمات انتحارية على مطار هندرسن .
كان على مشاة البحرية الأميركية أن يدافعوا عن جزيرة غوادالقنال بموارد ضئيلة جداً ، أصيب ثمانية آلاف رجل بداء الملاريا ، و لكن ثلاثة فقط ماتوا بسببها ، حارب اليابانيون المرض أيضاً ، و لكن بسبب نقص الأدوية توفي تسعة آلاف رجل .
في 2/9/1942م بدأ اليابانيون بقصف المواقع الأميركية في جزيرة غوادالقنال عن طريق السفن الحربية اليابانية .
و بعد يومين شن اليابانيون هجوماً انتحارياً واسع النطاق عن طريق القمم الجبلية القريبة من مطار هندرسن حيث كان اليابانيون مهرة جداً في إصابة الهدف ، لم يكن عدد قوات مشاة البحرية كافياً لشن هجومٍ مضاد ، و كان عليهم تحمل عمليات القصف و الاحتلال ، لقد قضى بعض الرماة البحارة الأميركيين 19 يوماً في الغابات .
خاض اليابانيون و الأميركيون أعنف المعارك في قمة إيدسون ، إحدى القمم الجبلية القريبة من مطار هندرسن ، في شهر سبتمبر .
في البر خاض الرماة البحريون مواجهات و معارك قاسية و قد تنافس المراسلون الحربيون في وصف هذه المعارك الرهيبة ، فتحدثوا طويلاً عن كثافة النيران و الأوبئة و أمراض المناخ الإستوائي و التذابح العجيب بين الجنود الأميركيين و اليابانيين و اشتباكات الدبابات و فنون من البطولة و الشجاعة و الخوف و الضجر و الوحدة في الغابات الإستوائية الرهيبة حيث تشيع ظلمة دائمة .
و يؤكد أحد المراسلين الحربيين و هو يتحدث عن تلك الأيام القاسية : (( إن المتعادين من الجنود كانوا في بعض الأوقات يتواجهون عن قرب في الليل و النهار ، أما في الليل فإن أحد الفريقين يسمع همسات الفريق الآخر و وشوشاته و أما في النهار فإن مظاهر القسوة الرهيبة تحول الجنود إلى مجانين أو أنصاف مجانين ، يضاف إلى ذلك البرد و الحرارة و الوحل و القذر و البرغش و أنواع مختلفة من الحشرات و الألوف من الجثث التي تخشبت عبر الوديان و الجبال و السهول ، و قد يصاب الأحياء من الجنود بحالة من الإعياء و الرهق بحيث أنهم كانوا يتمنون أن يكونوا بين الأموات )) .
و يضيف آخر : (( إن الآلام التي تكبدها الأميركيون و المتاعب التي واجهوها هي أشد كثيراً من الخسائر في الأرواح )) .
مئات القتلى اليابانيين قضوا في الهجوم على قمة إيدسون .
و بعد الهجمات التي قام بها اليابانيون خلال شهري أغسطس و سبتمبر توقفوا على مشارف مطار هندرسن بعد معارك رهيبة ، فليس بعيداً عن المنطق و الواقع أن نفسر البطولات الخارقة التي قام بها الرماة البحريون للدفاع عن مطار هندرسن و التي كانت تحدث في بعض الأوقات على أنها الوسيلة الوحيدة التي كان يتخلص بها الجندي الخائف المتعب من حياته البائسة آنذاك .
لكن اليابانيون تابعوا معركتهم للسيطرة على الجزيرة التي لم تسقط كلياً ، إلا بعد أن احتلها الأميركيون بنحو عام .
لقد أطلق الأميرال الياباني ريزو تناكا أسطوله الكبير من الطرادات و ناقلات الجند في الفترة من 12 إلى 15/11/1942م ، وسط جزر السالمون لغرض إرهاق الأميركيين و تموين الجيش الياباني البري في جزيرة غوادالقنال و تدعيمه . لكن القاذفات و المدمرات الأميركية هاجمت سفن تناكا أثناء عودتها فأمطرتها بالقنابل و شنت هجوماً عنيفاً على القوات اليابانية الهابطة فكبدتها بعض الخسائر .
لقد كان عدد السفن المغرقة لدى الطرفين كبيراً بحيث أن الرماة أطلقوا على المياه المجاورة لجزيرة غوادالقنال اسم ( الخليج ذو الأعماق الفولاذية ) .
رسمة إحدى الجنود الأميركيين و هو يصف المعركة في يوم 27/9/1942م و هي إحدى عمليات الكوماندوز الأميركي خلف خطوط العدو التابعة للكتيبة الأولى و تعدادها 500 جندي .