كواليس سقوط الجولان 1967 : شهادة وزير الاعلام السوري وكواليس ما جرى

syrian wolf

عضو
إنضم
26 أكتوبر 2015
المشاركات
4,023
التفاعل
4,639 0 0

هذه شهادة الدكتور محمد أحمد الزعبي وزير الاعلام السوري في حكومة البعث 1967 عن سقوط الجولان والقنيطرة وماجرى من كواليس لاجتماعات القيادة السورية



قصة البلاغ 66 المتعلق بسقوط مدينة القنيطرة في حرب حزيران 1967
-----------​


تنبع أهمية التوقف الطويل والعميق عند هذا الموضوع والذي كنت الشاهد الرئيسي فيه، بحكم وضعي الحزبي ( الأمين العام المساعد لحزب البعث ) والحكومي ( وزير الإعلام ) إبان صدور هذا البيان ،

بسبب كونه يلقي ضوءاً على كثير من الممارسات اللاحقة لحافظ الأسد ، ولا سيما انقلابه العسكري عام 1970 ( الحركة التصحيحية !! ) على قيادة حركة 23 شباط 1966 ، وزج كافة أعضاء هذه القيادة قرابة ربع قرن من الزمن في سجن المزة العسكري دون سؤال أوجواب ، الأمر الذي أدى الى وفاة كل من الدكتور نور الدين الأتاسي ( الأمين العام لحزب البعث ، ورئيس الجمهورية العربية السورية )واللواء صلاح جديد ( الأمين العام المساعد لشؤون القطر السوري ) .

إن قصة هذا البلاغ هي كالتالي :

1. كانت البلاغات العسكرية المتعلقة بحرب حزيران عام 1967 تأتي إلى مديرية الإذاعة والتلفزيون التي كان يراسها المرحوم عبد الله الحوراني (( مسيحي -درعا)) من غرفة العمليات العسكرية التي كان يتواجد فيها وزير الدفاع (المرحوم حافظ الأسد ) . شكا إلي السيد عبد الله الحوراني ، أن البلاغات العسكرية التي تصله من غرفة العمليات تنطوي على أغلاط لغوية وبالتالي فإنه لايمكننا إذاعتها دون تصحيح هذه الأخطاء . اتصلت على الفور بوزير الدفاع، واقترحت عليه أن أرسل لهم إلى غرفة العمليات إعلامياً متمكنا من الناحية اللغوية هو السيد أحمد اسكندر الأحمد (( علوي - اللاذقية - وزير الاعلام في السبعينات والثمانينات))، يقوم بالتصحيح اللغوي للبلاغات العسكرية قبل أن ترسل إلى الإذاعة والتلفزيون ، فوافق حافظ الأسد على ذلك الاقتراح ، حيث تم وضعه موضع التنفيذ فوراً ،

2. استمرت البلاغات العسكرية تتوالى بصورة طبيعية وروتينية من غرفة العمليات العسكرية إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون إلى أن وصلنا البلاغ رقم 66 موضوع هذه الخاطرة . جاءني السيد عبد الله الحوراني مدير الإذاعة والتلفزيون ليخبرني عن انه قد وصلهم بلاغ من غرفة العمليات يشير إلى سقوط مدينة القنيطرة ( عاصمة هضبة الجولان ) بيد الجيش الإسرائيلي ، وأن إذاعته ستحدث بلبلة وفوضى وحالة من الإحباط بين موظفي الإذاعة والتلفزيون . اخذت منه البلاغ ( رقم 66 ) ووضعته في مغلف خاص ، وسلمته إلى مدير مكتبي السيد عزيز درويش ، وطلبت منه أن يذهب به إلى مبنى القصر الجمهوري حيث يجتمع كبار قياديي الحزب ، ويسلمهم الرسالة ـ البلاغ . سلمهم عزيز درويش الرسالة ، وبعد أن قراوها ، اتصل بي أحد هؤلاء الكبار ليبلغني أن ” الرفيق حافظ ” قد أبلغهم بسقوط القنيطرة ، وأن علي أن أذيع هذا البلاغ . عاد عزيز درويش بالبلاغ ، وتمت إذاعته .

3. أحدثت إذاعة البلاغ 66 حالة من الفوضى بين موظفي هيئة الإذاعة والتلفزيون ، اضطرتني ان أتدخل معهم شخصيا لكي يهدؤوا ويتابعوا عملهم ، ولا سيما أن المعركة مع إسرائيل ماتزال مستمرة ،حيث استجابوا لتدخلي وتابعوا عملهم .

4. بعد مرور حوالي نصف ساعة من إذاعة البلاغ ، اتصل بي هاتفيا وزير الدفاع ( حافظ الأسد ) ليبلغني بوجود إشكالية تتعلق بالبلاغ المذكور ، وعندما استوضحته عن هذه الإشكالية قال : يبدو رفيق محمد ان القنيطرة لم تسقط بيد الجيش الإسرائيلي ، فسألته : ولماذا بعثتم إلينا إذن ببلاغ سقوطها ( البلاغ 66 ) فقال : لقد اتصل بي ضابط من الجبهة ( لم يذكر إسمه ولا رتبته )وأبلغني أن القنيطرة قد سقطت وانا صدقته ، وارسلنا إليكم البلاغ على هذا الأساس (!!) ،

ردف حافظ موضحاً : واقع الحال رفيق محمد أن المدينة مطوقة من الإسرائيليين ، وهي من الناحية العسكرية بحكم الساقطة ، وكل ماهنالك أنهم لم يدخلوها بعد .

قلت له : سوف نقوم هنا بإعداد بلاغ جديد لتسوية هذا الخطأ ، وسأقرأ عليك نص البلاغ حالما ننجزه لخذ موافقتك عليه وإذاعته كبلاغ عسكري .

5. قمت بالاشتراك مع السيد عبد الله الحوراني ، بصياغة البلاغ الذي أخذ بعد وافقة حافظ الأسد عليه الرقم 67 . ولقد كان مضمون هذا البلاغ الترقيعي ، ان قتالاً داميا وشرساً يدور داخل مدينة القنيطرة بين الجيشين السوري والاسرائيلي . وكان هدفنا من هذا البلاغ ، إشعار الناس ( كذباً) أنه إذا مادخلت إسرائيل القنيطرة ( كما نص البلاغ 66 )، فقد دخلتها بعد مقاومة الجيش السوري لها ، وإن لم تدخلها ( كما كان واقع الحال عند إذاعة البلاغ 66 ) فإن مقاومة الجيش السوري هي من أخرجها بعد أن دخلتها .

يعرف الكاتب أنه بصياغته للبلاغ 67 كان يخرج ( بضم الياء )حافظ الأسد من ورطة البلاغ 66،ولكنه ـ أي الكاتب ـ لم يكن يشك في ذلك التاريخ بوطنية هذا الرجل ، بل ولم يكن يخطر على باله يومئذٍ ذلك الدور المشبوه الذي لعبه لاحقا في حياة جمهوريتنا العربية السورية ، والذي ورثه لولده بشار بعد موته عام 2000 م ) .


6. قال لي المرحوم اللواء أحمد سويداني (( سني - درعا)) ، رئيس الأركان في الجيش السوري إبّان حرب حزيران 1967 والمشرف الميداني على العمليات القتالية في ” الجبهة ” ( الجولان ) ، أن الضباط الذين كانوا يعملون معه في إدارة العمليات ، قد تركوا واجباتهم العسكرية وعادوا بسياراتهم إلى دمشق بعد سماعهم للبلاغ 66 .

قد بقي اللواء أحمد سويداني ــ كما أبلغني ــ فترة ( لاأذكر طولها ) في غرفة عمليات الجبهة وحيداً ، ثم قرر العودة إلى دمشق ، حيث كانت الدبابات الآسرائيلية ماتزال على بعد أربعة كيلومترات من مدينة القنيطرة . ( قال لي هذه المعلومات حين كنت وإياه نتجول بسيارته ليلاً في شوارع دمشق، وقد كان يفتح راديو السيارة وبصوت عال خوفا من وجود تسجيل في سيارته ، وهو مازال رئيساً للأركان)

7. إن كل ماذكرناه أعلاه بصدد البلاغ 66 ، وما لم يحن ذكره بعد بخصوص نفس الموضوع ، ولا سيما مايتعلق بملابسات الموقف من قرار مجلس الأمن 242 إنما يلقي الضوء ، بصورة لالبس فيها ، على أكاذيب ” الممانعة ” ، وبالتالي مايحلو للبعض أن يطلقه على ” سورية الأسد !! ” في أنها ” دولة الممانعة الوحيدة !!” في المنطقة العربية ، فيالها ممانعة ، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب

 
التعديل الأخير:


( حول استقالة أحمد سويداني من رئاسة الأركان ) :
==


أذكر أنه في أحد اجتماعات القيادتين ، بعيد حرب / هزيمة / نكسة حزيران عام 1967 ، وكان ذلك في مقر القيادة القطرية السورية ، عرض اللواء أحمد سويداني استقالته من منصبه كرئيس للأركان ، وذلك في ضوء النتائج السلبية لحرب حزيران . وقام حافظ الأسد مباشرة ، بعد أن سمع ما قاله أحمد سويداني ، بعرض استقالته بدوره من وزارة الدفاع . ولما كان البديل المطروح لكل من حافظ الأسد وأحمد سويداني هو : مصطفى طلاس لوزارة الدفاع ، وعزت جديد لرئاسة الأركان ، أي أن الأمر سيظل في إطار التوزيع الطائفي في الجيش ، ذكرت لهم أن استقالة الرفيقين حافظ وأحمد لا تعتبر حلاًّ للموضوع . إن الأمر لا يتعلق باستبدال شخص بآخر ، ولكن بإصلاحات جوهرية في الجيش . وهنا سألني أحدهم ( وكان يريد دفعي إلى الكلام في المسألة الطائفية ) ماذا تقصد بكلامك يا رفيق محمد ، فأجبته : لقد قلت ما أردت قوله ، ولا أرغب في أن أزيد على ما قلت . وهنا تدخل الرفيق صلاح جديد ( أو ربما حافظ الأسد لا أذكر ) قائلاً : لقد قال الرفيق محمد رأيه الخاص ، ولا يجوز أن نطلب منه أن يقول أكثر مما يريد قوله .

واقع الحال أن القيادة المشتركة ، رفضت استقالة الإثنين ( حافظ الأسد وأحمد سويداني ) وطالبتهما بالاستمرار في منصبيهما . في اليوم التالي ، أعاد أحمد سويداني تقديم استقالته مجدداً ، بينما لم يفعل حافظ مثل ذلك .

قبلت استقالة أحمد سويداني ، وهكذا خرج أحمد سويداني من الجيش وبقي حافظ الأسد .




)حول الاستعانة في حرب حزيران
1967 بالضباط السوريين القدامى المسرحين من قبل البعث في 1963) :
======



كنت في أحد أيام الحرب في القصر الجمهوري ، حيث يتواجد معظم أعضاء القيادتين ، وحيث كانت القوات الإسرائيلية تجتاح هضبة الجولان ( وكان هذا قبل صدور البلاغ العسكري 66 المتعلق بإعلان سقوط القنيطرة قبل سقوطها الفعلي ) . لقد تقدم كل من عبد الكريم الجندي ، ومحد عيد عشاوي ، ومحمد رباح الطويل ، باقتراح مشترك لاستدعاء عدد من الضباط الكبار القدامى ، ممن يعرفون هضبة الجولان معرفة دقيقة وتامة ( على سبيل المثال لا الحصر : أحمد العبد الكريم ، أمين نفوري ، فهد الشاعر ، السجين أمين الحافظ ... ) . لقد كان هذا الاقتراح مفاجئاً للواء صلاح جديد ( لم يكن حافظ الأسد موجودا بين الحاضرين ) ، الذي سكت قليلاً ، ثم أجاب بلغة حازمة ، إن أي ضابط صغير في الجيش السوري يفهم من الناحية العسكرية أكثر من هؤلاء المقترحين ، وذلك بسبب انقطاعهم الطويل عن الجيش ، وبسبب تطور العلوم العسكرية ، ولقد كان هذا الجواب من ابي أسامة كافياً لطي هذا الموضوع .

3. ( حافظ الأسد والجبهة الوطنية ) :

بعد أن توقفت الحرب ( حرب الأيام الستة ) ، التي انتهت بهزيمة جيوش مصر وسورية والأردن أمام الجيش الإسرائيلي ( المدعوم أمريكياً وأوربياً ) في الحادي عشر من حزيران 1967، ذهبت إلى قبو العمليات الذي يتواجد فيه وزير الدفاع ( حافظ الأسد ) ، واقترحت عليه أن يبدأ الحزب بالتفكير الجدي بإشراك الآخرين معه في الحكم ، وذلك بتشكيل " جبهة وطنية عريضة " من كافة القوى السياسية والحزبية الوطنية . وكان جواب حافظ الأسد على اقتراحي هو التالي : إن تشكيل مثل هذه الجبهة ــ يا رفيق محمد ــ يجب أن يتم بعد تحرير الجولان ، وذلك كي لا يقال مستقبلاً أن حزب البعث قد أضاع الجولان ، وأن الجبهة الوطنية هي التي استعادته " !! .

إن الدلالة التي تنطوي عليها هذه الواقعة، تشير إلى أن حافظ الأسد، كان يخطط منذ ذلك الحين ( 1967 ) للانفراد بالسلطة، وأنه يريد أن يقوم هو بنفسه بتشكيل هذه الجبهة الوطنية، وألاّ يتركها ليوسف زعين ونور الدين الأتاسي، ولا لعدد كبير من أعضاء القيادتين، الذين بات تشكيل هذه الجبهة الوطنية العريضة يمثل هاجساً وطنياً بالنسبة إليهم. وعندما قام حافظ الأسد بانقلابه العسكري على رفاقه في حركة 23 شباط 1966 ( الحركة التصحيحية !! )، وزجهم جميعاً في سجن المزة العسكري، لم ينتظر تحرير الجولان حتى يعلن عن تشكيل هذه الجبهة، كما سبق أن ذكر لي، وإنما أعلن على الفور تشكيله لهذه الجبهة " المسخ " التي لا علاقة لها بما كان يفكر به كل من نور الدين الأتاسي ويوسف زعين وصلاح جديد ورفاقهم الآخرين، موحياً بذلك للشعب السوري أن ما بات معروفاً بـ " مجموعة صلاح جديد " هي التي كانت تحول دون تشكيل هذه الجبهة !! .



4. ( حول الإفراج عن الرئيس السوري الفريق أمين الحافظ وزملائه وإبعادهم إلى لبنان ) :
=======


تقدم كل من محمد عيد عشاوي ، ومحمد رباح الطويل ، وعبد الكريم الجندي ( وربما معهم آخرون لا أذكرهم ) إلى القيادة السياسية الميدانية المتواجدة في القصر الجمهوري ، اقتراحاً بضرورة الإفراج عن المساجين السياسيين ( الفريق أمين الحافظ ، اللواء محمد عمران ، منصور الأطرش ...الخ ) في سجن المزة ، وذلك لأن قوانين الحرب تفترض مثل هذا الإجراء ، إذ أن يمكن أن يدمر السجن على من فيه خلال العمليات الحربية ، ويموت هؤلاء داخل السجن . لم يكن بإمكان أحد أن يرفض مثل هذا الاقتراح ، نظراً لطابعه القانوني والانساني والمنطقي ولكن أولي الأمر والنهي في القيادتين ، اقترحوا إبعادهم إلى لبنان ، فور خروجهم من السجن ، وهذا ما كان .
 


من أسباب هزيمة 67 كان انقلاب 23 شباط 1966 :
======

أي انقلاب القيادة القطرية لحزب البعث(( يساريي قريبين من الشيوعية)) على القيادة القومية للحزب

عندما قامت القيادة القومية ( ق/ ق ) بحل القيادة القطرية السورية ( ق / قط ) في أواخر سنة 1965 ، وتبعها مباشرة استقالة وزارة الدكتور يوسف زعين ، اعتبرت القيادة القطرية أن هذا الحل إنما يمثل هجوماً يمينياً من الجناح العفلقي | ( جناح ميشيل عفلق ومنيف الرزاز ) على يسار الحزب، ولذلك وبعد عدد من اللقاءات الجانبية ، شبه السرية قررت القيادة القطرية المنحلّة ، رفض قرار القيادة القومية ، واعتبار نفسها القيادة الشرعية للحزب في سورية واستمرت تتابع اجتماعاتها السرية في بيوت بعض أعضاء القيادة .

واقع الحال ، فإن هذه القيادة بدأت عملياً ، منذ حلّها في ديسمبر 1965 ، بالإعداد لانقلاب 23 شباط 1966 العسكري على القيادة القومية . كانت هناك ــ حسب معرفتي الخاصة ــ ثلاث مجموعات قيادية تقوم بالإعداد لهذا الانقلاب ( حركة 23 شباط ) هي :

ــ القيادة القطرية بكامل أعضائها ، وقد كنت واحداً منهم ،

ــ قيادة ميدانية مصغّرة ( صلاح جديد، حافظ الأسد، إبراهيم ماخوس، نور الدين الأتاسي، يوسف زعين،

عبد الكريم الجندي، مصلح سالم، وربما آخرون لا أتذكرهم ) ،

ــ القيادة الفعلية ، والتي هي قيادة علوية صرفة ، مكونة من مدنيين وعسكريين .

هذا مع العلم أن حافظ الأسد كان عضواً في القيادة القومية، وكان ينقل للقيادة القطرية المنحلة والسرية، كل ما كان يدور في اجتماعات القيادة القومية، وكان يحول دون اتخاذ القيادة القومية ــ التي كانت على علم بأن القيادة القطرية تعد لانقلاب عسكري عليها ــ إجراءات عقابية احترازية، ولا سيما في صفوف العسكريين المحسوبين على القيادة القطرية لمنع هذا الانقلاب، الذي كان يتم الإعداد له بصورة شبه علنية.

في ليل 22/23 شباط 1966، اجتمعت القيادة القطرية الموسّعة في بيت جميل الشيّا (( الدرزي))، وبدأت تناقش الإجراءات العملية لتنفيذ الانقلاب العسكري، واستمر النقاش حتى منتصف الليل. ولقد كان كل من يوسف زعين ومحمد الزعبي مترددين في الموافقة على هذا الانقلاب، وفي هذه الأثناء اتصل مصطفى طلاس من حمص، وطلب بضرورة أن تستعجل القيادة باتخاذ قرار الانقلاب، وذلك حتى يتمكن العسكريون ( الرفاق !!) أخذ مواقعهم، وهنا قال اللواء صلاح جديد: دعونا نوقع على محضر الاجتماع ( قرار الانقلاب العسكري ) ونترك للرفيقين محمد الزعبي ويوسف زعين حرية عدم التوقيع . وفعلاً فإنه قد تم تحرير قرار القيادة القطرية ، وقام جميع أعضاء القيادة بتوقيعه ، بمن فيهم محمد الزعبي ويوسف زعين اللذين قررا أخيراً البقاء مع الآخرين . وكلف حافظ الأسد وصلاح جديد بإعطاء الأوامر للعسكريين الموالين للقيادة القطرية للبدء بالتنفيذ . وكانت حركة 23 شباط 1966 .

......
 
ويختتم الدكتور محمد الزعبي شهادته وتأييده للثورة السورية :

إنني بعد الذي جرى عام 1967، وبعد قصة البلاغ 66 ( انظر الفقرة السادسة أعلاه )، وبعد موقف حافظ الأسد من أحداث أيلول الأسود عام 1970، وبعد ما سمي بالحركة التصحيحية ( نوفمبر 1970 )، وبعد دخول الجيش السوري إلى لبنان بموافقة إسرائيلية أمريكية 1976، وبعد تصفية الأسد للحركة الوطنية اللبنانية وقتل قائدها كمال جنبلاط ( مارس 1977 )، وبعد تخلي الأب والابن عن القضية الفلسطينية بعد عام 1967، وسكوتهما المخجل والمشبوه عن احتلال إسرائيل لهضبة الجولان منذ 1967 وحتى هذه الساعة ( كانت حرب 1973 حرب تحريك لا حرب تحرير )، وبعد اشتراك حافظ الأسد في العدوان الثلاثيني على العراق الشقيق عام 1991، أقول بعد كل هذا الذي جرى ويجري في السر والعلن، لابد من أن أعلن عن قناعتي الكبيرة، في أن حركة 23 شباط 1966، كانت الجسر الذي عبر عليه حافظ الأسد إلى الحركة التصحيحية (!! )عام 1970، والتي كانت حركة طائفية بامتياز، وأن كلاًّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والرجعية العربية هم من دفعوا بحافظ الأسد إلى واجهة الأحداث، لكي يقوم بهذا الدور المشبوه، ( حماية إسرائيل والتطبيع معها ) الذي ورّثه لولده بشار، الذي نراه اليوم يستقتل في الحفاظ على هذا الموروث السرطاني الخبيث، ولو على حساب تدمير المدن والقرى السورية، وقتل عشرات الألوف من رجالها ونسائها وأطفالها .

أكثر من هذا، إنني أعتقد أن انقلاب 1961 الانفصالي في سورية، وتصفية مئات الضباط الناصريين من الجيش السوري إثر أحداث 18 تموز 1963، وموقف روسيا وإيران والصين، من ثورة 15 آذار / مارس 2011 في السورية، إنما تصب جميعها في طاحونة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي في طاحونة إسرائيل .

والله أعلم .

ـــــ انتهى ـــــ
 


الزعبي يكشف كيف واجه حافظ الأسد قيادة البعث بعد هزيمة 67
==========



كان "البعث". ما قبل انقلاب الأسد الأب. يغص بالشخصيات، المثيرة للجدل، والتي لا تنقصها "الكاريزما". والطموح. خصوصاَ في اللجنة العسكرية الثانية، التي أعاد تشكيلها محمد عمران في القاهرة، وضمت إليه.

صلاح جديد، عثمان كنعان، عبد الكريم الجندي، أحمد المير، منير الجيرودي، حافظ الأسد. ما يجمع معظم الرفاق "العسكرتاريا"، أنهم. تحولوا فيما بعد، إلى ضحايا وأهداف مباشرة" للرفيق" حافظ. قضى غالبيتهم، إما اغتيالاً، أو سجناَ، أو قهراً.

عبد الكريم الجندي المثير للجدل لم يكن العقيد البعثي "عبد الكريم الجندي"، أقل إثارة للجدل، من عمران، وجديد، والأسد. بل ربما، يفوقهم في ذلك. ليس لإقدامه على الانتحار فقط. إنما لتخوف الكثيرون حتى من رفاقه، الخوض بالحديث عنه، تجنباً "لاحراج" الدفاع عن شخصية "أمنية لا ترحم". ذهبت بعيداً في استخدام القوة، حفاظاً على سلطة سياسية لحزب آمنت به حتى الموت.

ا يتردد عضو قيادة البعث القطرية، الدكتور محمد أحمد الزعبي، في الكشف عن اعتقاده، بأن رفيقه الراحل عبد الكريم. كان الأكثر صدقاً، ونقاءً ثورياً، وتفانياً لأفكار البعث. دون أن يعني هذا بأنه يوافق على أداء الجندي (كعضو قيادة قطرية – رئيس مكتب الأمن القومي، حينذاك). من حمى الأسد من الإقالة؟ للجندي مع الأسد، حكاية جديرة من أن تروى. نبدأها بدور، وموقف الأول "الضحية"، في حماية الثاني "الجاني"، خلال التصويت على عزل الأخير من منصب وزير الدفاع. يستذكر، د. الزعبي، أن قيادة الحزب. عقدت منتصف شهر حزيران، إثر هزيمة 67 اجتماعاً، في مبنى القصر الجمهوري (القديم)، لتقييم نتائج الحرب التي انتهت بخسارة سورية للجولان وسقوطه بيد الاحتلال الإسرائيلي. وكان "حافظ" يومها بأسوأ حالاته.

كانت النقاشات حادة، وعاصفة، ووصلت إلى حد التلاسن، ما بين بعض الأعضاء من جهة، وبين وزير الدفاع حافظ الأسد، ورئيس هيئة الأركان اللواء أحمد سويداني آنذاك، من جهة ثانية. أدت المناقشات، إلى طرح تغيير قيادة الجيش، في جلسة خاصة. شارك فيها جميع أعضاء القيادة، وبرز خلالها ثلاثة اتجاهات، اثنان منها، يؤيدان استبدال القيادة، بينما دافع الاتجاه الثالث، وأحد أبرز رموزه عبد الكريم الجندي، عن بقاء قيادة الجيش، من مبدأ عدم جواز تحميل مسؤولية الهزيمة "للرفيقين الأسد – سويداني" وحدهما. اخُتتمت الجلسة بالتصويت. الذي حُسمت نتيجته لصالح بقاء قيادة الجيش، بفارق صوت واحد. الزعبي نفسه، كان ممن صوتوا لصالح احتفاظ الأسد بمنصبه. وتبريره، أن البدائل التي كانت مطروحة. اعتمدت مبدأ المحاصصة الطائفية المتبع ذاته "علوي بعلوي – سني بسني" عزت جديد للدفاع، ومصطفى طلاس لرئاسة الأركان. في حين أن المطلوب من وجهة نظره، يتعدى الأشخاص، إلى الغاء المُحاصصة نهائياً. حافظ يغدر بحُماته لا نعرف، ما إذا أثبتت التطورات، أن عنصر "الشخص" جاء حاسماً في المعادلة هذه المرة، إذ يبدو أن سوريا بالكامل. دفعت، ولا تزال ثمناً كارثياً، لنتائج تصويت اجتماع حزيران 1967. وصولاً إلى تدميرها بالكامل على يد "الوريث".

هّد بقاء حافظ في منصب وزير الدفاع، الطريق إلى استيلائه على السلطة، بالتآمر، وشراء الزمام لتغيير مراكز القوى، مع التركيز على مفاصلها العسكرية، وإزاحة خصومه، ومنافسيه، وكل صاحب شخصية مستقلة. في سعيه للسلطة، لم يستثنِ، أويرحم حافظ أحداً. ولم يفرق، بين من دعوا إلى اقصائه عن وزارة الدفاع، مثل صلاح جديد. وبين من صوتوا لبقائه، وبالتالي حموه من السقوط السياسي المُبكر. وأبرزهم الدكتور نور الدين الأتاسي، يوسف زعين، عبد الكريم الجندي. رفعت الأسد يضيق الخناق على الجندي المعروف، أن الجندي، كان مؤمناً بالبعث وسلطته. لذا اصطف إلى جانب "جديد" في النزاع الذي نشب مع الأسد، بشأن القضايا التي نوقشت، في المؤتمر القومي العاشر للبعث أواخر عام 1968، حيث اعترض الأسد، على اعتماد مبدأ التغيير الشامل في المسؤوليات الحزبية والحكومية، لاسيما لمن أمضى عامين، بمنصب واحد. الأمر الذي يعني مغادرة حافظ لمكتبه في وزارة الدفاع.

لغت الأزمة ذروتها خلال شهر شباط 1969، وخمدت إلى حد كبير، بانتحار عبد الكريم الجندي في الأول من آذار، بطلقة من مسدسه، في مكتبه بالقيادة القطرية. ما بين اندلاع الأزمة، ووقوع مأساة الجندي. تعمد حافظ الأسد المُنتشي بقوته. تضييق الخناق على الجندي، موكلاً المهمة إلى شقيقه الملازم أول رفعت الأسد، الذي حرص على ملاحقة ضحيته ليلاً نهاراً، في كل مكان. إضافة إلى اعتقال عناصره، ومصادرة السيارات التابعة له. دون أن تستطيع المؤسسة الحزبية، حماية أحد قياديها من تشبيح قيادي آخر. الجندي يتهم الأسد بالعمالة في وصيته واضح، أن الجندي. أيقن بحتمية انقلاب الأسد على رفاقه. ولعل الكبرياء الشخصي. جعله يفضل الموت بالرصاص، على "التموت" قهراً، في سجن أو منفى. ويبدو أن الرجل، أصر على تسديد السهم الأخير إلى خصمه "نيرون"، قبل رفضه الاستسلام أو الوقوع أسيراً، مستلهماً العقيدة القتالية للساموراي على ما يبدو، حين كتب في وصيته: (إن التحرك الأخير لرفيقنا وزير الدفاع، وزمرته. يُهدد كيان الشعب، ويهدم منجزاته، وينسف أسسه. فهو "كنيرون" سيدمر القضية، ويدمر نفسه. لأنه مغرور ومرتبط مشبوه. يُنفذ بدقة مخططات الأعداء، من كل الأصناف، وبشكل خاص في الظروف الراهنة التي تهدد كيان الأمة. وبعد تصاعد العمل الفدائي، وتصميم الشعب العربي على استرداد كرامته).

انت الوصية آخر ما تركه عبد الكريم الجندي، لكنها لم تكن آخر ما فعله. رسالة هاتفية من الجندي للأسد في "مخطوط كتابه" عن تاريخ البعث، والصراع بين أجنحته المختلفة.

يروي عضو القيادة القطرية مروان حبش، أن الجندي مرَ ظهر يوم السبت 1 آذار على مكتب حبش. حيث تبادلا حديثاً مقتضباً حول أزمة الحزب والحكم، ثم اتفقا على تناول الغداء معاَ، بعد خروج الجندي، من مكتب اللواء صلاح جديد. اعتذر الجندي، الذي طال حديثه مع جديد، عن موعد الغداء، بحسب حبش. وتوجه بدلاً من ذلك إلى منزله، ليجتمع إلى زوجته، التي لحقت به منتحرة بعد أشهر. عاد الجندي من منزله إلى مكتبه. أدار قرص "هاتفه الأخير". على الطرف الآخر. استمع رئيس شعبة المخابرات العسكرية العقيد علي ظاظا:(بلغ الفريق حافظ الأسد بأنني سأترك له البلد) وقع الجندي رسالته برصاصة.
"لرغبة ما قبل الرحيل الأبدي"

تلقى العميد ظاظا صداها عبر سماعة الهاتف. اختار حافظ احتواء الضربة، لاستحالة الرد عليها. لم يجد لحفظ ماء الوجه، أفضل من القيام شخصياً، وباسم قيادة الجيش، وجميع الضباط بنعي (العقيد الركن المناضل الصلب عبد الكريم الجندي).


تقرؤون غداً في سلسلة (قيادي بعثي يكشف): - الزعبي يروي حكايته الشخصية مع حافظ الأسد وهوس الأخير بالسلطة - من هو العراقي أحمد العزاوي.. ولماذا اغتاله رفيقه حافظ الأسد وكيف ألصق التهمة بصدام حسين!
 

الزعبي : هذا ما قاله الجاسوس كوهين عن لقائه بحافظ الأسد
=============



جاسوس المستحيل"، هذا ما اطلقته البروباغندا "الإسرائيلية" على عميلها ايلي كوهين " 1942 – 1965". لكوهين، أو الياهو بن شاؤول كوهين، أو كامل أمين ثابت، وهو اسمه التجسسي الحركي. حكاية تختلط فيها، الحقائق بالمبالغات، والواقع بالخيال. لا تزال "إسرائيل". تحاول تقديمه على انه واحدة من "معجزاتها. ويُعتقد أنها تقف خلف انتاج الفيلم الأمريكي الشهير "جاسوس المستحيل" عام 1987، الذي تم تصويره في "إسرائيل". كما أنشات موقعاً الكترونياً رسمياً خاصاً به، في شبكة التواصل الاجتماعي، باللغة العبرية. كوهين بين الأسطورة والحقيقة!

ي بدو، أن ثمة إصرار "صهيوني"، على الصاق مقدرات خارقة بجاسوسها كوهين، وكأنه حمل "خفايا وأسرار" سوريا العسكرية، والسياسية، والأمنية إلى الموساد، على طبق من فضة، واخترق قياداتها من رأس الهرم حتى قاعدته. في حين تؤكد الروايات الرسمية، وغير الرسمية السورية، أن ما أرسله "كوهين" إلى "إسرائيل".

ان في معظمه معلومات عامة. كما انه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية. حسبما يُشاع، واقتصرت علاقاته المُفيدة لنشاطه تقريباً، على الضابط معزة زهر الدين، الذي حُكم بالسجن خمس سنوات، إضافة إلى مدني يُدعى جورج سالم سيف. لا يمكن الوثوق بالرواية "الإسرائيلية" عن "اسطورتها الاستخباراتية، التي تُعزز أكذوبة "الجيش الذي لا يُقهر". لكن أيضاً، لا يجوز تبني منطق الاستخفاف، بما حققه كوهين من اختراقات. اختراق في القيادات البعثية في "دهاليز" الروايتين. تختبئ حادثة. تعرفها قلة قليلة. دون أن يعيرها أحد اهتماماً كافياً، رغم أهميتها في إعادة كتابة حكاية كوهين، وتحديد مستوى اختراقاته في صفوف البعث، وأجهزة الدولة. الواقعة.

يكشفها لنا د . محمد الزعبي عضو قيادة البعث من 1963 الى 1974 ووزير الاعلام في 67:

الحكاية مفادها، أن مؤتمراً توافقياً، عُقد عام 1964، بين جماعة رئيس الجمهورية أنذاك أمين الحافظ الموالي لمؤسس الحزب " ميشيل عفلق"، وبين جماعة لقيادة القطرية لحزب البعث بقيادة اللواء العلوي صلاح جديد. تم الاجتماع في قصر الضيافة القديم، وجرى خلاله. اختيار أعضاء القيادة الحزبية، واستمر الاجتماع طيلة الليل، وحتى ساعات الصباح الأولى، واتفق المجتمعون على إذاعة أسماء أعضاء القيادة، في نشرة الساعة السابعة والربع الصباحية.

يما كانت المفاجأة أن الإذاعة "الإسرائيلية"، قامت ببث الخبر بتفاصيل الأسماء، وعدد الأصوات التي حصل عليها كل أسم، وذلك قبل ساعة من بث إذاعة دمشق للخبر، ما أثار الشكوك باختراق المؤتمر، عبر أحد أعضاء القيادة المجتمعين حينها، الذين تفرقوا بعد نهاية الاجتماع. إذ توجه بعضهم إلى منزله، وآخرون لتناول طعام الافطار في مطعم "أبو كمال"، أو مطعم "غزال"، فيما يبدو أن مجموعة أو واحد من أعضاء القيادة، لم يًعرف حتى الآن. توجه إلى منزل كوهين، القريب من قصر الضيافة، وسط منطقة تمركز السفارات الأجنبية، في حينه. الكذبة المصرية الزعبي، ينفي اي دور للمخابرات المصرية، في الكشف عن شخصية كوهين الحقيقية، كما هو متداول، ويؤكد أن المخابرات السورية، هي من كشفه.

عندما وردت معلومات من السفارة الهندية في دمشق، حول وجود تشويش على بثها اللاسلكي، الأمر الذي دفع، مدير المخابرات حينذاك اللواء أحمد سويداني، إلى الاستعانة "بالسوفييت"، الذين زودوه براشدات حساسة. تمكنت من تتبع، وتحديد إشارات البث اللاسلكي المجهولة. حيث تولى اللواء سويداني ، قيادة عملية المُداهمة المنزل، وقيامه بشل حركة كوهين بنفسه تماماً خوفاَ من احتمال اقدامه على تناول السم. انتهت حياة "كوهين" بإعدامه يوم 18 أيار 1965، غير أن المعجزات، التي تُنسب إليه، لا تزال حية، ومنها وصوله إلى مراتب قيادية في البعث، وترشيحه لمناصب حساسة في الدولة مثل وزير الدفاع، وهو ما ينفيه الدكتور الزعبي. علاقة أمين الحافظ بكوهين الأكثر إثارة، هو ما تشيعه "البروباغندا الإسرائيلية"، بشأن علاقات شخصية حميمة. أقامها كوهين مع رئيس الجمهورية الأسبق الفريق أمين الحافظ شخصياً، وتمتد إلى فترة وجودهما في الأرجنتين، و تصل إلى أن الحافظ هو من أحضره إلى دمشق، وهي رواية دحضها مدير مكتب الفريق الحافظ منذر موصلي، في كتابه المخصص عن كوهين، كون الراحل الموصلي. كان مُكلفاً بمتابعة ملف الجاسوس بعد القبض عليه، وصولاً إلى إعدامه. يوضح الموصلي، أن علاقة الحافظ بكوهين. لا تتعدى معرفة الأول بأن الثاني مغترب سوري التقاه في بوينس آيرس، بل يذهب إلى أن الرئيس الحافظ. شك منذ البداية بيهودية كوهين، من ملامحه.

ثم يناقض الموصلي نفسه، بالإدعاء أن الحافظ. أخضع كوهين لاختبارات في الإسلام، كقراءة الفاتحة، وأركان الدين، وانتهت بفشل كوهين، ما دعا الرئيس إلى الطلب من أحد الضباط بالتحقيق معه على أساس يهودي. ولا شك أن الحادثة في حال حدوثها. تشير إلى أن العلاقة بين الحافظ وكوهين. تتجاوز لقاء بالمصادفة. رأفت الهجان يستثمر بحكاية كوهين على خط " كوهين _ البعث". تداخلت الروايات، وتراكمت أسماء مشاهير. أحدهم الجاسوس المصري "رفعت الجمال" الشهير برأفت الهجان، الذي أدعى انه كان وراء الكشف عن حقيقة "كوهين"، وإلقاء القبض عليه، وانه تعرف عليه كرجل أعمال، خلال سهرة حضرها ضباط في جهاز "الموساد"، قبل أن يكتشف حقيقته، لما شاهد صورته مع زوجته وطفليه، بحوزة صديقته المغربية اليهودية، التي كانت شقيقة زوجة كوهين، وهي من أعلمه أن زوج أختها. يعمل "كباحث" في وزارة الدفاع، وموفد للعمل في بعض السفارات "الإسرائيلية" بالخارج، و ما لبثت أن اتضحت شخصية كوهين الحقيقية في قناعنه، لما شاهد في روما، صحيفة لبنانية "لم يسميها"، تحتوي صورة للفريق أول المصري علي عامر والوفد المرافق له، بصحبة العسكريين السوريين على الجبهة، يرافقهم "القيادي البعثي" كامل أمين ثابت "كوهين".

حمل "الجمال"، على ذمته طبعاً نسخة من الصحيقة، واطلع ضابط المخابرات المصرية محمد نسيم "قلب الأسد" في مسلسل الهجان، واطلعه على معلوماته بشان "كوهين"، وبعد تدقيقها. التقى مدير المخابرات المصرية صلاح نصر بالرئيس عبد الناصر، ليطير بعدها أحد ضباط المخابرات إلى دمشق حاملاً معه "ملف الجاسوس" كاملاً إلى الرئيس أمين الحافظ شخصياً.

كوهين يصف الأسد بالدناءة والانتهازية إذاً، ما من رواية واحدة، تجزم بحقيقة عمل كوهين، ومدى النجاحات والاختراقات التي حققها، ومستوى العلاقات الشخصية التي وصل إليها، كما يصعب الجزم، بوجود علاقة ربطته باللواء حافظ الأسد آنذاك فعلاً، وبالتالي التحقق من مدى مصداقية تقييم "مُفترض"، أرسله كوهين إلى قيادته في "تل أبيب". يتناول فيه شخصية حافظ الأسد، وجاء فيه: ( لاحظت، من خلال علاقاتي الواسعة مع كبار القادة العسكريين، أنهم عندما يكون حافظ الأسد موجوداً في الدعوات التي أقيمها عندي ، كان أكثرهم يتذمر من وجوده ، وبعد استفساري من بعض الضباط عن سبب تذمرهم ،كانوا يقولون لي بأنه انتهازي ودنيء ، فانشد انتباهي إليه وربطت إنتهازيته ، حين كان يطلب مني الهدايا، وكنت ألبيه وأشتري له الهدايا ،. وأيضا عرفت أنه دنيء لأنه كان يأخذ من الطعام، الذي كنت أقدمه للمدعوين، ويرسله بعد انتهاء العشاء، مع الخدم إلى سيارته. وتكرر هذا بكل دعوة. يرجى الإطلاع، والتوجيه).

كاية جاسوس كوهين، يهودي من أصول حلبية. ولد ونشأ في الاسكنرية. عمل في شبكة تجسس "إسرائيلية" على مصر، تحت قيادة "ابراهام دار"، المعروف "جون دارلينغ". نفذت الشبكة سلسلة من التفجيرات ضد مصالح أمريكية في الاسكندرية، بهدف إفساد العلاقة بين القاهرة، وواشنطن، التي عرفت لاحقاً بفضيحة "لافون". ألقي القبض عليه في مصر، أكثر من مرة، قبل أن يهاجر إلى "إسرائيل" عام 1957. هناك، رتبت له المخابرات الإسرائيلية "الموساد"، قصة ملفقة يبدو فيها سورياً مسلماً. يحمل اسم كامل أمين ثابت. هاجر مع عائلته إلى الإسكندرية ، ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 ليلحق به كامل وعائلته عام 1947.

رص "الموساد"، على اتقان "كوهين" اللهجة السورية، وفرض عليه متابعة أدق أخبار سوريا، وحفظ أسماء رجالات السياسة، والاقتصاد، والتجارة. إضافة إلى تدريبه على استخدام اللاسلكي، والكتابة بالحبر السري. بنى كوهين، على مدار عامين تقريباً، وجوده كرجل أعمال سوري ناجح‏. وكون لشخصيته الجديدة، هوية لا يرقى إليها الشك،‏ واكتسب وضعا متميزاً لدي الجالية العربية في الأرجنتين‏،‏ باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده وأصبح شخصية مرموقة في "بوينس آيريس". دخل دمشق عام 1961.

وأعلن منها تصفية نشاطه الاقتصادي في الأرجنتين، والاستقرار النهائي في سوريا "لدواع وطنية". أين جثة كوهين؟ بالفعل، كانت دمشق محطته الأخيرة، دُفن فيها، إثر نبش سره، بعد أربع سنوات من العمل التجسسي. المفارقة أن مكان دفن الجثة، أصبح مجهولاً، بعد تحريكها من مكانها ثلاث مرات، تفادياً لإمكانية سرقتها من قبل "الموساد". كان الراحل منذر موصلي، أول من كشف حقيقة ضياع قبر كوهين، في تصريحات لقناة "العربية". أعلن فيها أن كوهين، دفن في منطقة المزة بدمشق، داخل بئر خُصص للغرض، لكن مكان دفنه تحول حالياً إلى مبانِ، وشوارع، وحدائق، ولا يستطيع أحد تحديد مكانه أو الوصول إليه. المصيبة، أن لاستعادة جثة "كوهين" قيمة لدى "إسرائيل"، يمكن جنيها إما بمبادلته بأسرى أحياء، أو جثث لشهداء، يحتفظ بهم العدو، بل إن "إسرائيل"، وضعت استعادة جثته كشرط لإجراء محادثات مع سوريا في التسعينيات، ويبدو أن الرفض السوري للشرط، فرضته حقيقة جهل سلطاتها بمكان الجثة، وهذا ليس مستغرباً في "نظام كل مين ايدو الو".
 
في سورية فقد أستولى البعثيون على السلطة ونادوا بالقومية العربية و حاربوا الغرب(متمثلاً بالإمبريالية) الذي يدعم الدولة اليهودية ونسقوا مع سياسة عبد الناصر , وفي عام 1964 تكثفت الإشتباكات بين سورية وإسرائيل بسبب النزاع على مياه نهر الأردن والحولة,وفي تشرين الثاني نوفمبر 1966 قتل ثلاثة جنود اسرائيلين على خط وقف إطلاق النار بين الأردن واسرائيل وشن الجيش الإسرائيلي هجوماً على بلدة الساموعي وقتل نحو 50 أردنياً وفي 20 نوفمبر1966 أعلن الملك حسين التعبئة العامة.

وفي يوم 7نيسان ابريل 1967 دارت معركة جوية بين الطيران السوري و الإسرائيلي أسقطت خلالها إسرائيل ست طائرات سورية من نوع ميغ 21 السوفيتية الحديثة. في 13مايو آيار1967 أبلغت المخابرات السوفيتية مصر بأستعداد إسرائيل للهجوم على سورية ,غير أن اسرائيل نفت هذا الخبر وفي 15مايو1967 تأهبت القوات المصرية في سيناء وطلبت من قوات الأمم المتحدة الرحيل من أراضيها ,

وفي 22مايوأعلنت مصر إغلاق ممر تيران أمام السفن الإسرائيلية وهو ماأعتبرته اسرائيل إعلان حرب. وفي (الساعة 7,45 من صباح الخامس من يونيو حزيران )1967 شنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً على القوات المصرية حيث قامت القوة الجوية الإسرائيلية صباح ذلك اليوم بتدمير الطيران المصري وضرب المطارات وشلّ القوة المصرية مما أفقد القوات المصرية من أي غطاء جوي ليس فقط أثناء العمليات العسكرية بل حتى في الإنسحاب من الجبهة واستعملت إسرائيل كل الأسلحة المحرمة مثل النابالم وقذائف البازوكا ,وأصدر المشير عامر قائد جبهة مصر أمراً بالأنسحاب الكيفي من الجبهة
ا
جبهة الجولان : في 20آيار 1967يقول اللواء حافظ الأسد : أنّ الوقت قد حان لخوض معركة تحريرفلسطين , وإنّ القوات السورية المسلحة أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط لرد العدوان الاسرائيلي, وإنما للمبادرة لعملية التحرير بالذات ونسف الوجود الصهيوني من الوطن العربي.. إننا نأخذ بعين الأعتبار تدخل الأسطول الأمريكي السادس ...).

يقول البعثي مروان حبش : ((تشكلت على الفور بعد سماع نبأ القتال , قيادة ميدانية مكونة من رئيس الأركان أحمد سويداني ونائبه اللواء عواد باغ ومديري إدارات العمليات العميد عبد الرزاق الدرديري والمدفعية العميد عبد الله حبيشي والمدرعات العميد عبد العزيز جركس والامداد والتموين اللواء محمد مهنا والتنظيم والأدارة العميد علي حماد وقائد الجبهة العقيد أحمد الميرمحمود ورئيس المخابرات العسكرية العقيد علي ظاظا وانتقلت فوراً إلى غرفة العمليات في القنيطرة , بينما بقي اللواء حافظ الأسد يساعده بعض المعاونين في دمشق لقيادة القوات وإدارة المعارك .))

هذه هي الحرب في الجبهة السورية كلام فارغ بلا معنى , والذين يتصورون أنّ قتالاً أو معركة قد جرت في الجولان قد خاب أملهم أنما درسٌ تلقته العساكر السورية لأنّ شئ ما قد حدث وانتهى !!!!.وهذا مختصر حرب النكسة :
 
عودة
أعلى